أبو محمد الواسطي القاسم بن القاسم بن عمر بن منصور أبو محمد الواسطي: مولده بواسط العراق سنة خمسين وخمسمائة، وتوفي بحلب سنة ست وعشرين وستمائة. وكان أديبا نحويا لغويا فاضلا أديبا مصنفا، قرأ النحو بواسط وبغداد على الشيخ مصدق بن شبيب، واللغة على عميد الرؤساء هبة الله بن أيوب، والقرآن على الشيخ أبي بكر الباقلاني وعلى الشيخ علي بن هياب الجماجمي، وسمع كثيرا من كتب النحو واللغة على جماعة يطول ذكرهم.
ومن تصانيفه: كتاب شرح اللمع لابن جني، وشرح التصريف الملوكي له. كتاب فعلت وأفعلت بمعنى، على حروف المعجم. كتاب في اللغة لم يتم، كتاب شرح المقامات على حروف المعجم ترتيب العزيزي. شرح آخر على ترتيب المقامات. شرح آخر للمقامات على تريب آخر. كتاب خطب قليلة. كتاب رسالة في مأخذ علي بن النابلسي الشاعر، في قصيدة نظمها في الإمام الناصر.
ومن شعره:
ديباج وجهك بالعذار مطرز | برزت محاسنه وأنت مبرز |
وبدت على غصن الصبا لك روضة | والغصن ينبت في الرياض ويغرز |
وجنت على وجنات خدك حمرة | خجل الشقيق بها وحار القرمز |
لو كنت مدعيا بنوة يوسف | لقضى القياس بأن حسنك معجز |
زهر الحسن فوق زهر الرياض | منه للغصن حمرة في بياض |
قد حمى ورده ونرجسه الغـ | ـض سيوف من الجفون مواضي |
فإذا ما اجتنيت باللحظ فاحذر | ما جنت صحة العيون المراض |
فتكها في القلوب فتكة باغ | رويت عنه فتكة البراض |
وإذا فوقت سهاما من الهد | ب رمين السهام بالأغراض |
واجل من جوهر الدنان عروسا | نطقت عن جواهر الأعراض |
كلما أبرزت أرتك لها وجـ | ـه انبساط يعطيك وجه انقباض |
فعلى الأفق للثمام ملاء | طرزتها البروق بالإيماض |
وكأن الوعود أرزاح نوق | فصلت دونها بنات المخاض |
أو صهيل الجياد للملك الظا | هر تسري بالجحفل النهاض |
لا تعجبن لمدلويـ | ـه إذا بدا شبه المريض |
قد ذاب من بخر بفيـ | ـه بدا من الخلق البغيض |
وتكسرت أسنانه | بالعض في جعس القريض |
وتقتطعت أنفاسه | عرضا بتقطيع العروض |
يا من تأمل مدلويـ | ـه وشد في ما يسقمه |
انظر إلى بخر بفيـ | ـه وما أظنك تفهمه |
لا تحسبن بأنه | نفس يغيره فمه |
لكنما أنفاسه نتنـ | ـت بشعر ينظمه |
ويبدون الطلاقة من وجوه | كما يدو لك الحجر الصقيل |
إذا قاموا لمجد أقعدتهم | مسالك ما لهم فيها سبيل |
وإن طلبوا الصعود فمستحيل | وإن لزموا النزول فما يزول |
كذاك السجل في الدولاب يعلو | صعودا والصعود له نزول |
لنا صديق فيه انقباض | ونحن بالبسط نستلذ |
لا يعرف الفتح في يديه | إلا إذا ما أتاه أخذ |
فكفه أين حين يعطي | شيئا وبعد العطاء منذ |
لا ترد من خيار دهرك خيرا | فبعيد من السراب والشراب |
رونق كالحباب يعلو على الكا | س ولكن تحت الحباب الحباب |
عذبت في النفاق ألسنة القو | م وفي الألسن العذاب العذاب |
أفي البان أن بان الخليط مخبر | عسى ما انطوى من عهد لمياء ينشر |
نعم حركات في اعتدال سكونها | أحاديث يرويها النسيم المعطر |
يود ظلام الليل وهو ممسك | لذاذتها والصبح وهو مزعفر |
أحاديث لو أن النجوم تمتعت | بأسرارها لم تدر كيف تغور |
يموت بها داء الهوى وهو قاتل | ويحيا بها ميت الجوى وهو مقبر |
فيا لنسيم صحتي في اعتلاله | وصحوي إذا ما مر بي وهو مسكر |
كأن به مشمولة بابلية | صفت وهي من غصن الشمائل تعصر |
إذا نشأت مالت بلبك نشوة | كما مال مهزوز يماج ويمطر |
ما روضة الربيع | في حلة الكمال |
تزهى على ربيع | مرت به الشمال |
في الحسن كالبديع | بالحسن والجمال |
كم بت والكؤوس | تجلى من الدنان |
كأنها عروس | زفت من الجنان |
تبدو لنا الشموس | منها على البنان |
خيل الصبا بركض | تجري مع الغواه |
في سنتي وفرضي | لا أبتغي سواه |
وحجتي لعرضي | ما تنقل الرواه |
جادها الغمام | فانثنى بها الزهر |
وابتدا الكمام | أعينا بها سهر |
وشدا الحمام | حين صفق النهر |
فاملأ الكؤوسا | فضة على الذهب |
واجلها عروسا | توجت من الشهب |
تطلع الشموسا | في سنا من اللهب |
بحلى شهيه | كمحاسن اللعس |
يخبر سناها | عن تطاير الشرر |
فاز من جناها | من قلائد الدرر |
فإذا تناهى | في الخلائق الغرر |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 24- ص: 0