أبو عمر النحوي الثقفي عيسى بن عمر الثقفي، أبو عمر، النحوي، مولى خالد بن الوليد. من أهل البصرة، نزل في ثقيف فنسب إليهم، وهو في طبقة أبي عمرو بن العلاء، ومات قبل أبي عمرو بخمس سنين، سنة خمسين ومائة.
وقيل: سنة تسع وأربعين. وله مصنفان: أحدهما ’’الجامع’’ والآخر: ’’المكمل’’.
وفي ذلك يقول الخليل بن أحمد.
بطل النحو جميعا كله | غير ما أحدث عيسى بن عمر |
ذاك إكمال وهذا جامع | فهما للناس شمس وقمر |
وقال أبو سعيد السيرافي: لم يقعا إلينا، ولا رأينا أحدا ذكر أنه رآهما.
وقال شبيب بن شيبة: جمعت بين أبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر، وكان عيسى أشدهما قياسا، وكان أبو عمرو أكثرهما سماعا.
وكان يقول: أنا أفصح من معد بن عدنان.
ويقال إنه صنف نيفا وسبعين مصنفا، ذهبت كلها.
روى عن عطاء بن أبي الأسود، والحسن البصري، والعجاج بن رؤبة، وحبيب بن شوذب، وجبر بن حبيب، والحكم بن الأعرج القاري.
وروى عنه الأصمعي، وعلي بن نصر الأكبر، وهارون بن موسى النحوي، وأحمد بن موسى اللؤلؤي. وكان علامة في القراءات، والنحو، وكلام العرب.
أخذ عن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي. وغيره.
وعنه أخذ الخليل بن أحمد، ودخل بغداد، وناظر النحاة بها، وسأل الكسائي هذه المسألة: همك ما أهمك.
فقال الكسائي: يجوز كذا ويجوز كذا.
فقال عيسى: عافاك الله، إنما أريد كلام العرب، وليس هذا الذي تأتي به كلام العرب.
قال أبو العباس: وليس يقدر أحد أن يخطئ في هذه المسألة، لأنه كيف أعرب هذه الكلمة مصيب، وإنما أراد عيسى بن عمر من الكسائي أن يأتيه باللفظ الذي وقع إليه.
وقال المبرد أول من وضع العربية، ونقط المصاحف أبو الأسود الدؤلي، ثم أخذ عنه عنبسة الفيل، ثم أخذ عنه ميمون الأقرن، ثم أخذ عنه عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، ثم أخذ عنه عيسى بن عمر، ثم أخذ عنه الخليل بن أحمد، ثم أخذ عنه سيبويه، ثم أخذ عنه الأخفش سعيد بن مسعدة.
وكان عيسى بن عمر صاحب تقعير في كلامه، اتهمه عمر بن هبيرة بوديعة لبعض العمال، فضربه مقطعا نحوا من ألف سوط، فجعل يقول: والله ما كانت إلا أثياب في أسيفاط فقبضها عشاروك. فيقول له: إنك لخبيث.
وكان دقيق الصوت، وكان طول دهره يحمل في كمه خرقة فيها سكر العشر، والإجاص اليابس.
قال الأصمعي: وربما رأيته واقفا، أو سائرا، أو عند بعض ولاة البصرة، فتصيبه نهكة في فؤاده، فيخفق عليه حتى يكاد يغلب، فيستغيث بإجاصة وسكرة يلقيها في فمه، ثم يتمصصها، فإذا فعل ذلك سكن عليه.
فسئل عن ذلك فقال: أصابني هذا من الضرب الذي ضربني عمر بن هبيرة، فعالجته بكل شيء فما رأيت أصلح من هذا.
وقال الأصمعي حدثني عيسى بن عمر قال: لقد كنت أكتب بالليل حتى ينقطع سوأي أي وسطي.
وقال يوما وقد سقط عن دابته ما لكم تكأكأتم علي تكأكؤكم على ذي جنة افرنقعوا عني، أي اجتمعتم علي، تنحوا عني.
وقال أتيت الحسن البصري مجرمز حتى اقعنبيت بين يديه.
فقلت له: يا أبا سعيد، أرأيت قول الله تعالى في النخل:
{باسقات لها طلع نضيد} فقال: هو الطبيع في كفراه -قلت هو بكسر الطاء المهملة مشددة، وتشديد الباء الموحدة، وكسرها، وسكون الياء آخر الحروف، وبعده عين مهملة-على وزن البطيخ، وهو: الطلع بعينه.
والكفرى -بضم الكاف، والفاء بعدهما، راء مشددة مفتوحة، وبعدها ألف مقصورة- وهو: أكمام النخل، أي: الغشاء الذي يكون فيه الطلع.
والمجرمز -بميمين، وجيم وراء ساكنة، وزاي - هو: المسرع.
واقعنبيت - أي جلست جلسة مستوفز، وهو بالقاف، والعين، والنون، والباء الموحدة، والياء آخر الحروف، وبعدها تاء المتكلم.