العباسة علية بن المهدي بن المنصور، من بني العباس: أخت هارون الرشيد. أديبة شاعرة، تحسن صناعة الغناء. من أجمل النساء وأظرفهن وأكملهن فضلا وعقلا وصيانة. كان أخوها إبراهيم ابن المهدي يأخذ الغناء عنها. وكان في جبهتها اتساع يشين وجهها فاتخذت عصابة مكللة بالجوهر، لتستر جبينها، وهي أول من اتخذها. قال الصولي: لاأعرف لخلفاء بني العباس بنتا مثلها. كانت أكثر أيام طهرها مشغولة بالصلاة ودرس القرآن ولزوم المحراب، فاذا لم تصل اشتغلت بلهوها. وكان أخوها الرشيد يبالغ في إكرامها ويجلسها معه على سريره وهي تأبى ذلك وتوفيه حقه. وتزوجها موسى بن عيسى العباسي. وليس من التاريخ مايقال عن صلتها بجعفر بن يحيى البرمكي. لها (ديوان شعر) وفي شعرها إبداع وصنعة. مولدها ووفاتها ببغداد.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 35
أخت الرشيد علية بنت المهدي أمير المؤمنين محمد بن أمير المؤمنين عبد الله المنصور، العباسية، أخت أمير المؤمنين الرشيد. أمها مكنونة، اشتريت للمهدي بمائة ألف درهم. وكانت علية من أحسن النساء وأظرفهن وأعقلهن، ذات صيانة وأدب بارع. تزوجها موسى بن عيسى بن موسى بن محمد العباسي. وكان الرشيد يبالغ في إكرامها واحترامها. ولها ديوان شعر معروف بين الأدباء. عاشت خمسين سنة، وتوفيت سنة عشر ومائتين. وكان سبب وفاتها أن المأمون سلم عليها، فضمها إليه، وجعل يقبل رأسها ووجهها مغطى، فشرقت من ذلك، ثم حمت، وماتت لأيام يسيرة. وكانت تتغزل في خادمين، اسم الواحد رشأ، والآخر طل. فمن قولها في طل الخادم:
أيا سرحة البستان طال تشمسي | فهل لي إلى ظل إليك سبيل |
متى يشتفي من ليس يرجى خروجه | وليس لمن يهوى إليه دخول |
ومغترب بالمرج يبكي لشجوه | وقد غاب عنه المسعدون على الحب |
إذا ما أتاه الركب من نحو أرضه | تنشق يستشفي برائحة الركب |
أهلي سلوا ربكم العافيه | فقد دهتني بعدكم داهيه |
ما لي أرى الأبصار بي خافيه | لم تلتفت مني إلى ناحيه |
ما ينظر الناس إلى المبتلى | وإنما الناس مع العافيه |
إني كثرت عليه في زيارته | فمل والشيء مملول إذا كثرا |
ورابني منه أني لا أزال أرى | في طرفه قصرا عني إذا نظرا |
كتمت اسم الحبيب عن العباد | ورددت الصبابة في فؤادي |
فواشوقي إلى ناد خلي | لعلي باسم من أهوى أنادي |
أضحى الفؤاد بزينبا | صبا كئيبا متعبا |
فجعلت زينب سترة | وكتمت أمرا معجبا |
سلطان ما ذا الغضب | تظلمني وتعتب |
ما لي ذنب فإذا | شئت فإني مذنب |
تعالوا ثم نصطبح | ونلهو ثم نقترح |
ونجمع في لذاذتنا | فإن القوم قد جمحوا |
ليت شعري متى يكون التلاقي | قد براني وسل جسمي اشتياقي |
غاب عني من لا أسميه خوفا | ففؤادي معلق بالتراقي |
خلوت بالراح أناجيها | أخذت منها وأعاطيها |
نادمتها إذ لم أجد صاحبا | أرضاه أن يشركني فيها |
على مثلها مثلي يكون منادمي | وإن لم يكن مثلي خلوت بها وحدي |
سلم على ذاك الغزا | ل الأغيد الحلو الدلال |
سلم عليه وقل له: | يا غل ألباب الرجال |
خليت جسمي ضاحيا | وسكنت في ظل الحجال |
وبلغت مني غاية | لم أدر فيها ما احتيالي |
بين الإزارين من المحرم | توليه عقل الرجل المسلم |
مر إلى الركن فزاحمته | فاستلم الركن ولم يلثم |
وفات بالسبق إلى زمزم | وكانت اللذات في زمزم |
شربت في الظلماء من بعده | فلست أنسى طعمه في فمي |
قم يا نديمي إلى الشمول | قد نمت في ليلك الطويل |
أما ترى النجم قد تبدى | وهم بهرام بالأفول |
قد كنت عضب اللسان عهدي | فرحت ذا منطق كليل |
من عاقر الراح أخرسته | ولم يجب منطق السؤول |
أتاني عنك سبك لي فسبي | أليس جرة بفيك اسمي فحسبي |
وقولي ما بدا لك أن تقولي | فما ذا كله إلا لحبي |
قصاراك الرجوع إلى مرادي | فما تهوين من تعذيب قلبي |
قل لذي الطرة والأصـ | ـداغ والوجه المليح |
ولمن أشعل نار الـ | ـحب في قلب قريح |
ما صحيح فتكت عيـ | ـناك فيه بصحيح |
ألبس الماء المداما | واسقني حتى أناما |
وأفض جودك في النا | س تكن فيهم إماما |
لعن الله أخا البخـ | ـل وإن صلى وصاما |
إذا كنت لا يسليك عمن تحبه | تناء ولا يشفيك طول تلاقي |
فهل أنت إلا مستعير حشاشة | لمهجة نفس آذنت بفراق |
صحائفنا إشارتنا | وأكثر رسلنا الحدق |
لأن الكتب قد تقرا | وليس برسلنا نثق |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 22- ص: 0
علية بنت المهدي وأخت الرشيد الهاشمية العباسية أدبية شاعرة عارفة بالغناء، والموسيقى رخيمة الصوت ذات عفة، وتقوى ومناقب.
وأمها أم ولد اسمها: مكنونة كانت جميلة بارعة الغناء اشتريت بمائة ألف.
وكانت علية من ملاح زمانها وأظرف بنات الخلفاء.
روى إبراهيم بن إسماعيل الكاتب: أنها كانت لا تغني إلا زمن حيضها فإذا طهرت أقبلت على التلاوة والعلم، إلا أن يدعوها الخليفة ولا تقدر تخالفه.
وكانت تقول: لا غفر لي فاحشة ارتكبتها قط، وما أقول في شعري إلا عبثا.
وجاء عنها قالت: ما كذبت قط.
وكان أخوها لا يصبر عن غيابها وأخذها معه إلى الري.
قيل: ماتت سنة عشر ومائتين ولها خمسون سنة.
وسبب موتها: أن المأمون ضمها إليه فقبلها وهي عمته، وكان وجهها مغطى فشرقت وسعلت ثم حمت أياما وماتت.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 8- ص: 239
علية بنت المهدي ترجمتها
هي علية بنت المهدي بن المنصور, أخت هارون الرشيد. شاعرة تحسن صناعة الغناء وكان أخوها إبراهيم بن المهدي يأخذ الغناء عنها. قسمت وقتها بين عبادة وسماع الغناء. لقبها العباسة وأشيع أنها كانت على علاقة مع جعفر بن يحيى البرمكي وزير أخيها مما لم يثبت قطعا. لها ديوان شعر, وكانت وفاتها ببغداد عام 210 هجرية. وذكر كتابنا (شاعرات العرب) أن مولدها كان 160 هجرية ووفاتها كانت 216 هجرية.
متفرقات من شعرها (مشفوعة بالمناسبات أحيانا)
قالت في الهوى: (من الخفيف)
ليس خطب الهوى بخطب يسير | ليس ينبيك عنه مثل خبير |
ليس أمر الهوى يدبر بالرأي | ولا بالقياس والتفكير |
إني كثرت عليه في زيارته | فمل, والشيء ممول إذا كثرا |
ورابني منه أني لا أزال أرى | في طرفه قصرا عني إذا نظرا |
كتمت اسم الحبيب عن العباد | ورددت الصبابة في فؤادي |
فوا شوقي إلى أيام خلي | لعلي باسم من أهوى أنادي |
خلوت بالراح أناجيها | آخذ منها وأعاطيها |
نادمتها إذا لم أجد صاحبا | أرضاه أن يشركني فيها |
لم ينسينك سرور, لا, ولا حزن | وكيف لا؟ كيف ينسى وجهك الحسن؟ |
ولا خلا منك لا قلبي ولا جسدي | كلي بكلك مشغول ومرتهن |
وحيدة الحسن ما لي عنك مذ كلفت | نفسي بحبك إلا الهم والحزن |
نور تولد من شمس ومن قمر | حتى تكامل فيه الروح والبدن |
أليست سليمى تحت سقف يكنها | وإياي هذا في الهوى لي نافع |
ويلبس الليل البهيم إذ دجا | وتبصر ضوء الصبح والفجر ساطع |
تدوس بساطا قد أراه وأنثني | أطاه برجلي كل ذا لي نافع |
اشرب وغن على صوت النواعير | ما كنت أعرفها لولا ابن منصور |
لولا الرجاء لمن أملت رؤيته | ما جزت بغداد في خوف وتغريد |
ومغترب بالمرج يبكي لشجوه | وقد غاب عنه المسعدون على الحب |
إذا ما أتاه الركب من نحو أرضهم | تنشق يستشفي برائحة الركب |
ألا أيهذا الراكب العيس بلغن | سباعا وقل إن ضم داركم السفر |
أتسلبني مالي وإن جاء سائل | رققت له إن حطه نحوك الفقير |
كشافية المريض بعائدة الزنى | تؤمل أجرا حيث ليس لها أجر |
أطلت عاذلتي لومي وتفنيدي | وأنت جاهلة شوقي وتسهيدي |
لا تشرب الراح بين المسمعات وزر | ظبيا غريرا نقي الخد والجيد |
قد رنحته شمول فهو منجدل | يحكي بوجنته ماء العناقيد |
قام الأمين فأغنى الناس كلهم | فما فقير على حال بموجود |
وحدثني عن مجلس كنت زينه | رسول أمين والنساء شهود |
فقلت له كر الحديث الذي مضى | وذكرك من بين الحديث أريد |
لطغيان خف مذ ثلاثين حجة | جديد فلا يبلى ولا يتخرق |
وكيف بلا خف هو الدهر كله | على قدميها في الهواء معلق |
فما أخرقت ولم تبل جوربا | وأما سراويلاتها فتمزق |
تفديك أختك قد حبوت بنعمة | لسنا نعدلها الزمان عديلا |
إلا الخلود وذاك قربك سيدي | لا زال قربك والبقاء طويلا |
وحمدت ربي في إجابة دعوتي | فرأيت حمدي عند ذاك قليلا |
ما لي نسيب وقد نودي بأصحابي | وكنت والذكر عندي رائح غاد |
أنا التي لا أطيق الدهر فرقتكم | فرق لي يا أخي من طول إبعاد |
أي ذنب أتيته أي ذنب | أي ذنب لولا رجائي بربي؟ |
بمقامي بطيرناباذ يوما | بعده ليلة على غير شرب |
ثم باكرتها عقارا شمولا | تفتن الناسك الحليم وتصبي |
قهوة قرقفا تراها جهولا | ذات حلم فراجة كل كرب |
أيا سروة البستان طال تشوقي | فهل لي إلى (طل) لديك سبيل |
متى يلتقي من ليس يقضى خروجه | وليس لمن يهوى إليه دخول |
عسى الله أن نرتاح من كربة لنا | فيلقى اغتباطا خلة وخليل |
تحبب فإن الحب داعية الحب | وكم من بعيد الدار مستوجب القرب |
تبصر فإن حدثت أن أخا هوى | نجا سالما فارج النجاة من الحب |
وأطيب أيام الفتى يومه الذي | يروع بالهجران فيه وبالعتب |
إذا لم في الحب سخط ولا | رضى فأين حلاوات الرسائل والكتب؟ |
يا موري الزند قد أعيت قوادحه | اقبس إذا شئت من قلبي بمقباس |
ما أقبح الناس في عيني وأسمجهم | إذا نظرت فلم أبصرك في الناس! |
أضحى الفؤاد بزينبا | صبا كئيبا متعبا |
أصبحت من كلفي بها | أدعي سقيما منصبا |
ولقد كنيت عن اسمها | عمدا لكي لا تغضبا |
فجعلت زينب سترة | وكتمت أمرا معجبا |
قالت لقد عز الوصا | ل ولم أجد لي مذهبا |
والله لا نلت المو | دة أو تنال الكوكبا |
يا عاذلي قد كنت عاذلا | ابتليت فصرت صبا ذاهلا |
الحب أول ما يكون مجانة | فإذا تحكم صار شغلا شاغلا |
أرضى فيغضب قاتلي فتعجبوا | يرضى القتيل ولا يرضي القاتلا |
وضع الحب على الجور فلو | أنصف المعشوق فيه لسمج |
ليس يستحسن في نعت الهوى | عاشق يحسن تأليف الحجج |
وقليل الحب صرفا خالصا | لك خير من كثير قد مزج |
لا تعيبن من محب ذلة | ذلة العاشق مفتاح الفرج |
ما لي أرى الأبصار بي جافية | لم تلتف مني إلى ناحية |
لا ينظر الناس إلى المبتلى | وإنما الناس مع العافية |
صحبي سلوا ربكم العافية | فقد دهتني بعدكم داهية |
صار مني بعدكم سيدي | فالعين من هجرانه باكية |
وقد جافني سيدي ظالما | فأدمعي منهلة واهية |
قد كان كلفته زمنا | يا طل من وجد بكم يكفي |
حتى أتيتك زائرا عجلا | أمشي على حتف إلى حتفي |
القلب مشتاق إلى (ريب) | يا ربما هذا من العيب |
قد تيمت قلبي فلم أستطع | إلا البكا يا عالم الغيب |
خبأت في شعري اسم الذي | أردته كالخبء في الجيب |