الحاتمي محمد بن الحسن بن المظفر الحاتمي، ابو علي: اديب نقاد، من أهل بغداد. نسبته إلى جد له اسمه حاتم. له ’’ الرسالة الحاتمية-ط ’’ مقتطفات منها، واسمها ’’ الموضحة’’ في نقد شعر المتنبي او كما يقول الذهبي: فيما جرى بينه وبين المتنبي من اظهار سرقاته وعيوب شعره وحمقه وتيهه ! و’’ حلية المحاضرة’’ في الادب والاخبار، مجلدان، و’’ سر الصناعة’’ في الشعر، و’’ الحالي والعاطل ’’ ادب و’’ مختصر العربية ’’ وغير ذلك.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 82

الحاتمي محمد بن الحسن بن المظفر الكاتب اللغوي أبو علي البغداذي المعروف بالحاتمي أحد الأعلام المشاهير المطبقين المكثرين، أخذ الأدب عن أبي عمر الزاهد غلام ثعلب وروى عنه أخبارا وأملاها في مجالس الأدب وأخذ عنه جماعة من النبلاء منهم القاضي أبو القسم التنوخي وغيره، وله الرسالة الحاتمية التي شرح فيها ما دار بينه وبين المتنبي لما قدم إلى بغداذ وهي مجلد دل فيها على وفور فضله وإطلاعه وأظهر فيها سرقات المتنبي، وله رسالة الأدهم أتى فيها بأدب جم، وله الحاتمية التي طابق فيها كلام أرسطو وكلام المتنبي، وله رسالة سماها تقريع الهلباجة في معرفة الشعر والشعراء أتى فيها بعلم جم في الأدب ومعرفة الشعر والنقد، وله حلية المحاضرة يدخل في مجلدين، تأخر عن مجلس أبي عمر الزاهد شيخه فسأل عنه فقيل له مريض فجاءه يعوده فوجده قد خرج إلى الحمام فكتب على بابه باسفيذاج

ونسب بالحاتمي إلى بعض أجداده، وتوفي سنة ثمان وثمانين وثلث ماية.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 2- ص: 0

الحاتمي اسمه: محمد بن الحسن وقد تقدم ذكره في المحمدين، فليطلب هناك.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 11- ص: 0

محمد بن الحسن بن المظفر الحاتمي، أبو علي: ذكره الخطيب في «تاريخه» فقال: روى عن أبي عمر وغيره أخبارا في مجالس الأدب، قلت أنا: وأدرك ابن دريد وأخذ عنه، وهو من حذاق أهل اللغة والأدب شديد العارضة، وكان مبغضا إلى أهل العلم، فهجاه ابن الحجاج وغيره بأهاج مرة. ومات سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.
وذكره الثعالبي في كتاب «يتيمة الدهر» فقال: محمد بن الحسن الحاتمي حسن التصرف في الشعر موف على كثير من شعراء العصر، وأبوه أيضا شاعر، وأبو علي شاعر كاتب يجمع بين البلاغة في النثر والبراعة في النظم، وله الرسالة المعروفة في وقعة الأدهم، قال: وليس يحضرني من شعره إلا بيتان:

قال: ومما اخترته لأبيه قوله من قصيدة في القادر بالله أمير المؤمنين رحمه الله، أولها:
وذكر قصيدة.
وذكره أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الحصري في «كتاب النورين» وذكر أشعارا في قصر الليل وطوله فقال: وقال بعض أهل العصر وهو أبو علي محمد بن الحسن الحاتمي:
قال: وقد ملح الحاتمي في وصف الثريا:
وللحاتمي تصانيف عدة منها: كتاب حلية المحاضرة في صناعة الشعر .
كتاب الموضحة في مساوي المتنبئ. كتاب الهلباجة في صنعة الشعر. كتاب سر الصناعة في الشعر أيضا. كتاب الحالي والعاطل في الشعر أيضا. كتاب المجاز في الشعر أيضا. كتاب الرسالة الناجية. كتاب مختصر العربية. كتاب في اللغة لم يتم.
كتاب عيون الكاتب. كتاب الشراب رسالة. كتاب منتزع الأخبار ومطبوع الأشعار.
كتاب البراعة. كتاب المعيار والموازنة لم يتم. كتاب المغسل وهي الرسالة الباهرة في خصال أبي الحسن البتي.
قرأت في «كتاب الهلباجة» من تصنيفه، وهو كتاب صنفه للوزير أبي عبد الله ابن سعدان في رجل سبعه عنده وسمى الرجل الهلباجة من غير أن يصرح باسمه قال فيه: وقد خدمت سيف الدولة، تجاوز الله عن فرطاته، وأنا ابن تسع عشرة سنة، تميل بي سنة الصبا وتنقاد بي أريحية الشباب، بهذا العلم، وكان كلفا به علقا علاقة المغرم بأهله، منقبا عن أسراره، ووزنت في مجلسه، تكرمة وإدناء وتسوية في الرتبة ولم تسفر خداي عن عذاريهما، بأبي علي الفارسي، وهو فارس العربية وحائز قصب السبق فيها منذ أربعين سنة، وبأبي عبد الله ابن خالويه وكان له السهم الفائز في علم العربية تصرفا في أنواعه، وتوسعا في معرفة قواعده وأوضاعه، وبأبي الطيب اللغوي وكان كما قيل: حتف الكلمة الشرود حفظا وتيقظا، ونازعت العلماء ومدحت في مصنفاتهم، وعددت في الأفراد الذين منهم أبو سعيد السيرافي وعلي بن عيسى الرماني، وأبو سعيد المعلى وقدحه الأعلى، واتخذت بعضا ممن كان يقع الايماء إليه سخرة وأنا إذ ذاك غزير الغرارة تميد بي أسرار السرور، ويسري علي رخاء الاقبال، وأختال في ملاءة العز، في بلهنية من العيش وخفض من النعيم، وخطوب الدهر راقدة وأيامه مساعدة.
وأنشد لنفسه في هذا الكتاب يمدح سيف الدولة:
وأنشد لنفسه في هذا الكتاب أبياتا ضمنها أعجاز أبيات للنابغة وهي في «الحماسة»:
فقال الحاتمي:
وفي هذا الكتاب لنفسه في الهلباجة الذي صنف الكتاب لأجله:
وهذه مخاطبة جرت بين أبي الطيب المتنبي وبين أبي علي الحاتمي حكيتها كما وجدتها: قال أبو علي الحاتمي: كان أبو الطيب المتنبي عند وروده مدينة السلام التحف رداء الكبر، وأذال ذيول التيه، وصعر خده، ونأى بجانبه، وكان لا يلقى أحدا إلا نافضا مذرويه، رافلا في التيه في برديه، يخيل إليه أن العلم مقصور عليه، وأن الشعر بحر لم يغترف نمير مائه غيره، وروض لم يرع نواره سواه، فأدل بذلك مديدة أجرته رسن الجهل فيها، فظل يمرح في ثنييه، حتى إذا تخيل أنه القريع الذي لا يقارع، والنزيع الذي لا يجارى ولا ينازع، وأنه رب الغلب ومالك القصب، وثقلت وطأته على أهل الأدب بمدينة السلام، فطأطأ كل منهم رأسه وخفض جناحه وطامن
على التسليم له جأشه، تخيل أبو محمد المهلبي أن أحدا لا يقدر على مساجلته ومجاراته، ولا يقوم لتتبعه بشيء من مطاعنه، وساء معز الدولة أن يرد عن حضرة عدوه رجل فلا يكون في مملكته أحد يماثله في صناعته ويساويه في منزلته، نهدت حينئذ متتبعا عواره، ومتعقبا آثاره، ومطفيا ناره، ومهتكا أستاره، ومقلما أظفاره، وناشرا مطاويه، وممزقا جلباب مساويه، متحينا أن نجتمع، وأجري وهو في مضمار يعرف فيه السابق من المسبوق، حتى إذا لم أجد ذلك قصدت موضعه الذي كان يحله في ربض حميد، فوافق مصيري إليه حضور جماعة تقرأ شيئا من شعره عليه، فحين أوذن بحضوري واستؤذن عليه لدخولي نهض عن مجلسه مسرعا، ووارى شخصه عني مستخفيا، فنزلت عن بغلة كانت تحتي ناجية وهو يراني نازلا عنها لانتهائي بها إلى أن حاذيته، فجلست في موضعه، وإذا تحته قطعة من زيلوبة مخلقة قد أكلتها الأيام وتعاورتها السنون فهي رسوم خافية وسلوك بادية، حتى إذا خرج إلي نهضت إليه فوفيته حق السلام غير مشاح له في القيام، لأنه إنما اعتمد بنهوضه ألا ينهض لي عند موافاتي، وإذا هو قد لبس سبعة أقبية: كل قباء منها لون، وكان الوقت أحر أيام الصيف وأخلقها بتخفيف اللبس، فجلست وجلس، وأعرض عني ساعة لا يعيرني فيها طرفه ولا يسألني ما قصدت له، وقد كدت أتميز غيظا، وأقبلت أسخف رأيي في قصده، وأفند نفسي في التوجه نحو مثله، ولوى عذاره عني مقبلا على تلك الزعنفة التي بين يديه: كل واحد يومئ إليه ويوحي بطرفه ويشير إلى مكاني بيده ويوقظه من سنة جهله، ويأبى إلا ازورارا ونفارا وجريا على شاكلة خلقه المشكلة، ثم رأى أن يثني رأسه إلي، فوالله ما زادني على أن قال: أيش خبرك؟ قلت: أنا بخير لولا ما جنيت على نفسي من قصدك، وكلفت قدمي في المصير إلى مثلك. ثم تحدرت عليه تحدر السيل إلى القرار وقلت له: أبن لي عافاك الله مم تيهك وخيلاؤك وعجبك؟ وما الذي يوجب ما أنت عليه من التجبر والتنمر؟ هل هاهنا نسب في الأبطح تبحبحت في بحبوحة الشرف وفرعت سماء المجد به؟ أم علم أصبحت علما يقع الايماء إليك فيه؟
هل أنت إلا وتد بقاع في شر البقاع وجفاء سيل بدفاع؟ يا لله، استنت الفصال حتى القرعى، وإني لأسمع جعجعة ولا أرى طحنا. فامتقع لونه عند سماع كلامي وعصب ريقه وجحظت عيناه وسقط في يده، وجعل يلين في الاعتذار لينا كاد يعطف عليه
عطف صفحي عنه، ثم قلت: يا هذا إن جاءك رجل شريف في نسبه تجاهلت نسبه، أو عظيم في أدبه صغرت أدبه، أو متقدم عند سلطانه لم تعرف موضعه، فهل العز تراث لك دون غيرك؟ كلا والله، لكنك مددت الكبر سترا على نقصك، وضربته رواقا دون جهلك. فعاد إلى الاعتذار، وأخذت الجماعة في تليين جانبي والرغبة إلي في قبول عذره واعتماد مياسرته، وأنا آبى إلا استشراء واجتراء، وهو يؤكد الأقسام ويواصلها أنه لم يعرفني، فأقول: يا هذا ألم يستأذن لي عليك باسمي ونسبي؟ أما في هذه العصابة من يعرفك بي لو كنت جهلتني؟ وهب أن ذلك كذلك، ألم ترني ممتطيا بغلة رائعة يعلوها مركب ثقيل، وبين يدي عدة من الغلمان؟ أما شاهدت لباسي؟ أما شممت نشر عطري؟ أما راعك شيء من أمري أتميز به في نفسك من غيري؟ وهو في أثناء ما أكلمه يقول: خفض عليك، ارفق، استأن، فأصحب جانبي بعض الإصحاب، ولان شماسي بعض الليان، وأقبل علي وأقبلت عليه ساعة ثم قلت:
أشياء تختلج في صدري من شعرك احب أن أراجعك فيها. قال: وما هي؟ قلت:
خبرني عن قولك:
أهكذا تمدح الملوك؟ وعن قولك:
أهكذا تؤبن أخوات الملوك والله لو كان هذا في أدنى عبيدها لكان قبيحا وأخبرني عن قولك:
أهكذا تنسب بالمحبوبين؟ وعن قولك في هجاء ابن كيغلغ:
أما كان لك في أفانين الهجاء التي تصرفت فيها الشعراء مندوحة عن هذا الكلام الرذل الذي ينفر عنه كل طبع ويمجه كل سمع؟ وعن قولك:
أفتعلم مرئيا يتناوله النظر لا يقع عليه اسم شيء؟ وما أراك نظرت إلا إلى قول جرير:
فأحلت المعنى عن جهته وعبرت عنه بغير عبارته، وعن قولك:
فاستعرت الظلع لظنونك، وهي استعارة قبيحة، وتعجبت من غير متعجب لأن من أعجز وصفه لم يستنكر قصور الظنون وتحيرها في معاليه، وإنما نقلته- وأفسدته- من قول أبي تمام:
وعن قولك تمدح كافورا:
إنها مدح أو ذم؟ قال: مدح، قلت: انك جعلته بخيلا لا يوصلك إلى خيره من جهته، وشبهت نفسك في وصولك إلى ما وصلت إليه منه بشربك من ماء يعجز الطير ورده لبعده وترامي موضعه.
وأخبرني أيضا عن قولك في صفة كلب وظبي:
فأي شيء أعجبك من هذا الوصف: أعذوبة عبارته أم لطف معناه؟ أما قرأت رجز ابن هانئ وطرد ابن المعتز؟ أما كان هناك من المعاني التي ابتدعها هذان الشاعران وغرر المعاني التي اقتضباها ما تتشاغل به عن بنيات صدرك هذه؟ وألا اقتصرت على ما في أرجوزتك هذه من الكلام السليم ولم تسف إلى هذه الألفاظ القلقة والأوصاف المختلقة.
فأقبل علي ثم قال: أين أنت من قولي:
وأين أنت من قولي في صفة جيش:
وأين أنت من قولي:
وأين أنت من قولي:
وفيها أصف كتيبة:
وأين أنت عن قولي:
أما يلهيك إحساني في هذه عن إساءتي في تلك؟ قلت: ما أعرف لك إحسانا في جميع ما ذكرته، إنما أنت سارق متبع وآخذ مقصر، وفي ما تقدم من هذه المعاني التي ابتكرها أصحابها مندوحة عن التشاغل بقولك. فأما قولك:
#كأن الهام في الهيجا عيون.... (البيت) فهو منقول من بيت منصور النمري:
#وأما قولك «في فيلق».... (البيت) فنقلته نقلا لم تحسن فيه، من قول الناجم:
والناجم إنما نظمه من قول ارسطاطاليس «قد تكلمت بكلام لو مدحت به الدهر لما دارت علي صروفه». وأما قولك
#لو تعقل الشجر التي قابلتها .... (البيت) فهذا معنى متداول تساجلته الشعراء وأكثرت فيه، فمن ذلك قول الفرزدق:
ثم تكرر في أفواه الشعراء إلى أن قال أبو تمام:
وأخذه البحتري فقال:
وأما قولك «وما اعتمد الله تقويضها» فقد نظرت فيه إلى قول رجل مدح بعض الأمراء بالموصل، وقد كان عزم على السير فاندق لواؤه فقال:
وأما قولك «وملمومة زرد ثوبها» فمن قول أبي نواس:
وأما قولك «الناس ما لم يروك أشباه» فمن قول علي بن نصر بن بسام في عبيد الله بن سليمان يرثيه:
فقوله «قد استوى الناس ومات الكمال» هو قولك «الناس ما لم يروك أشباه»، فقال بعض من حضر: ما أحسن قوله «قوموا انظروا كيف تزول الجبال» فقال أبو الطيب: اسكت ما فيه من حسن، ألم يسرقه من قول النابغة الذبياني:
فقال الحاتمي: فقلت قد سرقه النابغة من أوس حين قال:
قلت: والله لئن كان أخذه فقد أحسن وأخفى الأخذ. فقال الرجل: أجل، فقال المتنبي: يا محسد، خذ بيده وأخرجه- يريد بمحسد ابنه- فوقفت إلى ان تركه.
ثم قلت له: وأما قولك «والدهر لفط وأنت معناه» فمنقول من قول الأخطل إن كان البيت له في عبد الملك بن مروان:
وقد قال جرير حين قال له الفرزدق:
وقال جرير:
ثم قلت له: أترى أن جريرا أخذ قوله «يفني الموت» من أحد وان أحدا شركه في إفناء الموت؟ ففكر طويلا ثم قال: لا، قلت: بلى عمران بن حطان حيث يقول:
فأمات الموت وأحياه وما سبقه إلى ذلك أحد.
ثم قلت له: أترى أن البيت المتقدم الذي يقول فيه «لكالدهر لا عار بما فعل الدهر» مأخوذ من أحد؟ فأطرق هنيهة ثم قال: وما تصنع بهذا؟ قلت: يستدل على موضعك ومواضع أمثالك من سرقة الشعر. فقال: الله المستعان «أساء سمعا فأساء جابة» ما أردت ما ذهبت إليه، قلت: فانه أخذه من قول النابغة وهو أول من ابتكره:
ثم أخذه أبو تمام فأحسن بقوله:
قال: ومن أبو تمام؟ قلت: الذي سرقت شعره فأنشدته، قال: هذه خلائق السفهاء لا خلائق العلماء، قلت: أجل أنت سفهت رأيي ولم يكن سفيها، ألست القائل:
قال: بلى، قلت: فإنك أخذت البيت الأول من بيت بكر بن النطاح:
وأخذت البيت الثاني فأفسدته من قول أبي تمام:
قال: وبأي شيء أفسدته؟ قلت: بأن جعلت للشرف قرنا، قال: وأنى لك بذلك؟ قلت: ألم تقل «ينطح السماء بروقيه» والروقان القرنان. قال: أجل إنما هي استعارة، قلت: نعم هي استعارة خبيثة. قال: أقسمت غير محرج في قسمي أنني لم أقرأ شعرا قط لأبي تمامكم هذا، فقلت: هذه سوءة لو سترتها كان أولى، قال:
السوءة قراءة شعر مثله، أليس هو الذي يقول:
والذي يقول:
والذي يقول:
والذي يقول:
والذي يقول:
والذي يقول:
والذي يقول:
والذي يقول:
ما «قرحان البين» أخرس الله لسانه؟ فأحفظني ذلك وقلت: يا هذا من أدل الدليل على أنك قرأت شعر هذا الرجل تتبعك مساويه، فهل في الدلالة على اختلاقك إنكاره أوضح مما ذكرته؟ وهل يصم أبا تمام أو يسمه بميسم النقيصة ما عددته من سقطاته وتخونته من أبياته؟ وهو الذي يقول في النونية:
فهلا اغتفرت الأول لهذا البيت الذي لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله، وأما قوله:
فلهذا البيت خبر لو استقريت صحفه لأقصرت عمن تناولته بالطعن فيه. ثم قصصت الخبر وقلت: في هذه القصيدة ما لا يستطيع أحد من متقدمي الشعراء وأمراء الكلام وأرباب الصناعة أن يأتي بمثله. قال: وما هو؟ قلت: لو قال قائل إن أحدا لم يبتدئ بأوجز ولا أحسن ولا أخصر من قوله:
لما عنف في ذلك. وفيها يقول:
وفيها يقول:
وفيها يقول:
وفيها يقول:
وفيها يقول:
وفيها يقول:
وأما قوله «أقول لقرحان من البين» فانه يريد رجلا لم يقطعه أحبابه ولم يبينوا عنه قبل ذلك، وإذ كانت حاله كذلك كان موقع البين أشد عليه وأفت في عضده، والأصل في هذا أن القرحان الذي لم يجدر قط، وقد قال جرير:
وكنت من زفرات البين قرحانا
وفي هذه القصيدة من المعاني الرائعة والتشبيهات الواقعة والاستعارات البارعة ما يغتفر معه هذا البيت وأمثاله، على أنا أبنا عن صحة معناه وعن أمثاله، فمن ذلك:
فبهره مما أوردته ما قصر عنان عبارته، وحبس بنيات صدره، وعقل عن الإجابة لسانه، وكاد يشغب لولا ما تخوفه من عاقبة شغبه، وعرفه من مكاني في تلك الأيام، وأن ذلك لا يتم له، فما زاد على أن قال: قد أكثرت من أبي تمام لا قدس الله أبا تمام وذويه. قلت: ولا قدس السارق منه والواقع فيه.
ثم قلت له: ما الفرق في كلام العرب بين التقديس والقداس والقداس والقادس، فقال: وأيش غرضك في هذا؟ فقلت: المذاكرة، فقال: بل المهاترة ثم قال: التقديس التطهير في كلام العرب، ولذلك سمي القدس قدسا لأنه يشتمل على الذي به الطهور، وكل هذه الأحرف تؤول إليه، فقلت له: ما أحسبك أنعمت النظر في شيء من علوم العرب، ولو تقدمت منك مطالعة لها لما استجزت أن تجمع بين معاني هذه الكلمات مع تباينها، وذلك لأن القداس بتشديد الدال حجر يلقى في البئر ليعلم به غزارة مائها من قلته، حكى ذلك ابن الأعرابي، والقداس الجمان، حكى ذلك الخليل واستشهد بقوله كنظم جمان سلكه متقطع. والقادس السفينة، قال الشاعر بصف ناقة:
فلما علوته بالكلام قال: يا هذا مسلمة إليك اللغة. قلت: وكيف تسلمها وأنت أبو عذرتها، ومن نصابها وسرها، وأولى الناس بالتحقق بها والتوسع في اشتقاقها والكلام على أفانينها، وما أحد أولى بأن يسأل عن لغته منك. فشرعت الجماعة الحاضرة في إعفائه وقبول عذره والتوطيء له، وقال كل منهم: أنت أولى بالمراجعة والمياسرة لمثل هذا الرجل من كل أحد. وكنت قد بلغت شفاء نفسي، وعلمت أن الزيادة على الحد الذي انتهيت إليه ضرب من البغي لا أراه في مذهبي، ورأيت له حق القدمة في صناعته، فطأطأت له كتفي، واستأنفت جميلا من وصفه، ونهضت فنهض لي مشيعا الى الباب حتى ركبت، وأقسمت عليه أن يعود إلى مكانه، وتشاغلت بقية يومي بشغل عن لي تأخرت معه عن حضرة المهلبي، وانتهى إليه الخبر وأتتني رسله ليلا فأتيته فأخبرته بالقصة على الحال، فكان من سروره وابتهاجه بما جرى ما بعثه على مباكرة معز الدولة، قال له: أعلمت ما كان من فلان والمتنبي؟ قال: نعم قد شفا منه صدورنا.

  • دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 6- ص: 2505

الحاتمي إمام اللغة والأدب، أبو علي، محمد بن الحسين بن المظفر البغدادي الكاتب.
أخذ عن أبي عمر الزاهد، وجماعة.
وله ’’الرسالة الحاتمية’’ فيها ما جرى بينه وبين المتنبي من إظهار سرقاته، وعيوب شعره
وحمقه وتيهه، فذكر أنه ذهب إليه وتحامق عليه، ثم قال: ما خبرك؟ فقلت: بخير لولا ما جنيته على نفسي من قصدك، ووسمت به قدري من ميسم الذل بزيارتك، يا هذا، أبن لي مم تيهك وخيلاؤك؟ وما أوجب ذلك؟ أههنا نسب علقت بأذياله؟ أو سلطان تسلطت بعزه؟ أو علم يشار إليك به؟ فلو قدرت نفسك بقدرها لما عدوت أن تكون شاعرا مكتسبا، فامتقع لونه، ولان في الاعتذار، وكرر الأيمان أنه لم يثبتني، ولا اعتمد التقصير بي، وذكر فصلا طويلا في المعنى، وناظره في الشعر.
مات في ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة.
وحاتم كان بعض جدوده.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 12- ص: 445

محمد بن الحسن بن المظفّر الحاتميّ، أبو عليّ.
ذكره الخطيب في تاريخه، وذكره أبو منصور الثعالبيّ في يتيمة الدهر، وأورد له أشعارا.
وله تصانيف، فمن ذلك: كتاب حلية المحاضرة في صناعة الشّعر، وكتاب الموضّحة في مساوئ المتنبي، وكتاب وقعة الأدهم، وكتاب الرسالة الحاتمية في مدح المتنبّي، وكتاب الهلباجة في صنعة الشّعر، وكتاب سرّ الصّناعة: في الشعر أيضا، وكتاب المجاز، وكتاب الرسالة الناجية، وكتاب مختصر العربية، وكتاب في اللّغة لم يتمّه، وكتاب عنوان المكاتب، وكتاب الشّراب: رسالة، وكتاب مشرع الأخبار ومطبوع الأشعار، وكتاب البراعة، وكتاب العيار والموازنة: لم يتمّه، وكتاب المعتلّ، وهي الرسالة الباهرة في خصال أبي الحسن البتي.
كانت وفاة الحاتميّ في سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة.

  • دار الغرب الإسلامي - تونس-ط 1( 2009) , ج: 1- ص: 205