ابن الداعي محمد بن الحسن بن القاسم الحسني العلوي الطالبي، ابو عبد الله، المتلقب بالمهدي، والمعروف بأبن الداعي: من كبار الطالبيين ولد في بلاد الديلم وامه منهم ونشأ بطبرستان وتفقه وبرع وافتى. ثم كان مع معز الدولة ابن بوية في معركة بينه وبين توزون (سنة 332هـ) في قباب حميد (لعلها بقرب الموصل) واسر ابن الداعي، ثم انطلق. وكان معز الدولة يبالغ في تعظيمه حتى انه قبل يده مرة، مستشفيا بها وهو مريض. والزمه النظر في نقابة الطالبيين ببغداد سنة 349 فأقام إلى ان غاب معز الدولة عن بغداد في رحلة إلى نصيبين وناب عنه ابنه عز الدولة فدخل عليه ابن الداعي فأسمعه بعض اصحاب عز الدولة شيئا عن العلوية امتعض له فخرج مغضبا فبايعه جماعة على الخروج فأظهر انه مريض ورحل مختفيا عن طريق شهرزور فوصل إلى هوسم (من بلاد الديلم) وكان يتكلم لغتهم فأطاعوه واجتمع عليه عشرة الاف منهم وتلقب بالمهدي لدين الله سنة 353 وكانت اعلامه من حرير ابيض، منقوش عليه ’’ لا اله الا الله، محمد رسول الله ’’ وذيولها خضر وتقشف وقال لقواده: انا على ما ترون فمتى غيرت او ادخرت درهما فانتم في حل من بيعتي ! وكان يعلمهم ويحثهم على الجهاد. ولم يتلقب بأمرة المؤمنين، بل بالامام. وورد الخبر على بغداد سنة 355 بانه ’’ لبس الصوف واظهر النسك والصوم وتقلد المصحف ’’ وانه ’’ حارب ابن وشمكير وهزمه واسر جماعة من رجاله وقواده ’’ عمل على المسير إلى طبرستان وكتب إلى الاطراف والى العراق يدعو إلى الجهاد واجابه ركن الدولة سنة 356 بعد وفاة اخيه معز الدولة بالامامة واعتذر من ترك نصرته وقاتله نصر بن محمد الاستندار موفدا من جرجان فكانت الوقعة بينهما بشالوس (في جبال طبرستان) واضطرب جيش ابن الداعي بخيانة بعض اقاربه وبسوء تدبي رثقاته فلم يتمكن من الامتداد إلى طبرستان وعاد إلى ’’هوسم’’ فسمه علوي هناك، قام بعده. وقيل: مات سنة 360.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 81

ابن الداعي الكبير، الرئيس المعظم الشريف، أبو عبد الله محمد بن الحسن بن القاسم بن الحسن العلوي الديلمي المولد.
ولد سنة أربع وثلاث مائة، وحج في سنة بضع وثلاثين.
برع في الرأي على الإمام أبي الحسن الكرخي، وأخذ علم الكلام عن حسين بن علي البصري، وأفتى ودرس، وولي نقابة الطالبين في دولة بني بويه، فعدل وحمد، وكان معز الدولة يبالغ في تعظيمه وتقبيل يده؛ لعبادته وهيبته، وكان فيه تشيع بلا غلو.
قال أبو علي التنوخي: حدثنا أبو الحسن بن الأزرق قال: كنت بحضرة الإمام أبي عبد الله بن الداعي، فسأله أبو الحسن المعتزلي عما يقوله في طلحة والزبير، فقال: أعتقد أنهما من أهل الجنة، قال: ما الحجة؟ قال: قد رويت توبتهما، والذي هو عمدتي أن الله بشرهما بالجنة، قال: فما تنكر على من زعم أنه -عليه السلام- قال: إنهما من أهل الجنة، ومقالته: ’’فلو ماتا لكانا في الجنة’’ فلما أحدثا زال ذلك، قال: هذا لا يلزم، وذلك أن نقل المسلمين أن بشارة النبي -صلى الله عليه وسلم- سبقت لهما، فوجب أن تكون موافاتهما القيامة على عمل يوجب لهما الجنة، وإلا لم يكن ذلك بشارة، فدعا له المعتزلي واستحسن ذلك، ثم قال: ومحال أن يعتقد هذا فيهما، ولا يعتقد مثله في أبي بكر وعمر؛ إذ البشارة للعشرة.
قال أبو علي التنوخي: رأيت في مجلس أبي عبد الله وقد جاءه رجل بفتوى فيمن حلف فطلق امرأته ثلاثا معا، فقال له: تريد أن أفتيك بما عندي، وعند أهل البيت، أو بما يحكيه غيرنا عن أهل البيت، فقال: أريد الجميع، قال: أما عندي وعندهم فقد بانت، ولا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك.
قال التنوخي: ولم يزل أبو عبد الله ببغداد، وبايعه جماعة على الإمامة، فلم يقدر على الخروج، فلما كان في سنة 35 سار معز الدولة إلى الموصل لحرب ابن حمدان، فوجد أبو عبد الله فرصة، فركب يوما إلى عز الدولة، فخوطب في مجلسه بسبب خلاف بين شريفين خطابا ظاهرا استقصاء لفعله، فتألم وخرج مغضبا، ثم أصلح أمره، ورتب قوما بخيل خارج بغداد، وأظهر أنه عليل، وحجب عنه الناس، ثم تسحب خفية بابنه الكبير، وعليه جبة صوف، وفي صدره مصحف وسيف، فلحق بهوسم من بلاد الديلم، فأطاعته الديلم، وكان أعجمي اللسان، وأمه منهم، وتلقب بالمهدي، وكانت أعلامه من حرير أبيض، فيها: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأذنابها خضر، فأقام العدل، وتقشف، وقنع بالقوت، وقيل: إنه قال لقواده: إنا على ما ترون، فمتى غيرت أو ادخرت درهما، فأنتم في حل من بيعتي، وكان يعظ ويعلمهم، ويحث على الجهاد، ويكتب إلى الأطراف ليبايعوه، وكاتب ركن الدولة ومعز الدولة في ذلك، فأجابه ركن الدولة بالإمامة، واعتذر من ترك نصرته، ولم يتلقب بإمرة المؤمنين، بل بالإمام المهدي.
قلت: كان يمتنع من الترحم على معاوية -رضي الله عنه، ولا يشتم الصحابة.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 12- ص: 198