أخو محمد بن أمية علي بن أمية بن أبي أمية كان أبوه يكتب للمهدي على ديوان بيت المال، وديوان الرسائل، والخاتم وكان هو متقطعا إلى إبراهيم بن المهدي، وإلى الفضل بن الربيع، لما قال علي:
يا ريح ما تصنعين بالدهن | كم لك من منظر حسن |
محوت آثارها وأحدثت آ ـ | ـ ثارا بربع الحبيب لم تكن |
إن تك يا ربع قد بكيت من الر ـ | ـ يح فإني باك من الحزن |
قد كان يا ربع فيك لي سكن | فصرت إذ بان بعده سكني |
شبهت ما أبلت الرياح من أ ـ | ـ ثار حبيبي النائي بلى بدني |
يا ريح لا تظلمي الرسوم ولا | تمحي رسوم الديار والدمن |
حاشاك حاشاك أن تكوني على ال ـ | ـ عاشق عونا لحادث الزمن |
كثر الناس فيه، وغناه عمرو الغزال، فقال أبو موسى الأعمس:
يا رب خذني وخذ علي وخذ | يا ريح ما تصنعين بالدمن |
عجل إلى النار بالثلاثة والرا ـ | ـ بع عمرو الغزال في قرن |
ثم ندم، قال: هؤلاء أهل بيت، وهم إخواني، ولا أحب أن أنشب بيني وبينهم عداوة، فأنى أمية، وقال: قد أذنبت ذنبا، وجئت مستجيرا بكم من فتيانكم، فدع بعلي بن أمية، وقال: هذا عمك قد أتاك معتذرا من الشعر الذي قاله، فقال: وما هو؟ فأنشده، فقال: قد ضجرنا والله منه كما ضجرت أنت وأكثر، وأنت آمن من أن يكون منا جواب، وأتى محمد بن أمية، فقال:
كم شاعر عند نفسه فطن | ليس لدينا بالشاعر الفطن |
قد أخرجت نفسه بغصتها | يا ريح ما تصنعين بالدمن |
ودفع الرقعة إلى غلام له، وقال: ادفعها إلى أبي موسى وقل له: يقول لك مولاك: ذكرني بها إذا انصرفت إلى المنزل، فلما انصرف إلى منزله، أتاه غلامه بالرقعة، فقال له: هذه التي بعثت بها إلي، فقال: والله ما بعثت إليك بشيء، وأظن الفاسق قد فعلها، ثم دعا محمدا ابنه، فقرأها عليه، فلما سمع ما فيها، قال يا غلام، لا تنزع عن البغلة، ورجع إلى علي بن أمية، فقال له: نشدتك الله، أن تزيد على ما كان، فقال له: أنت آمن، قال صاحب ’’الأغاني’’ حدثني الحسن بن علي، قال: حدثني أبو هفان، قال: كنا في مجلس، وعندنا مغنية تغنينا، وصاحب البيت يهواها، فجعلت تكايده، وتوميء إلى غيره بالمزاح والتجميش وتغيظه بجهدها وهو يكاد يموت قلقا وهما وتنغص عليه يومه، ولحت في أمرها، وسقط المضراب من يدها، فأكبت على الأرض لتأخذه، فضرطت ضرطة سمعها جميع من حضر، وخجلت، ولم تدر ما تقول، فأقبلت على عشيقها، وقالت: أيش تشتهي أن أغني لك؟ فقال لها: غني ’’يا ريح ما تصنعين بالدمن’’، فخجلت، وضحك القوم وصاحب الدار حتى أفرطوا، فبكت، وقامت من المجلس، وقالت أنتم قوم سفل، لعنة الله على من يعاشركم، وخرجت، وكان ذلك سبب القطيعة بينهما.