كمال الدين بن عبد الظاهر علي بن أحمد بن جعفر بن علي بن محمد بن عبد الظاهر بن عبد الولي بن الحسن بن عبد الوهاب بن يوسف بن إبراهيم بن الميمون بن عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن يوسف بن يعقوب بن محمد بن أبي هاشم بن داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، الشيخ كمال الدين الهاشمي الجعفري القوصي، نزيل إخميم، شيخ دهره وأوحد عصره، جمع بين العلم والعبادة، وظهرت كراماته.
سمع من الشيخ أبي الحسن علي بن هبة الله بن سلامة، ومن شيخه مجد الدين بن دقيق العيد، وأجازه بالتدريس على مذهب الشافعي، وصحب الشيخ علي الكردي، قدم عليهم قوص، فاجتمع عليه الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، والشيخ جلال الدين أحمد الدشناوي، والشيخ كمال الدين هذا، وعبد الخالق ابن الفقيه نصر، ولازموا الذكر بمسجد الخلال بقوص.
قال الفاضل كمال الدين جعفر الإدفوي: حكى لي القاضي نجم الدين أحمد القمولي: أن الشيخ كمال الدين رأى مرحاضا قد أخرج ما فيه، ووضع بجانب المسجد، فقال في نفسه: لا بد أن أحمل هذا، فنازعته نفسه في ذلك، لأنه من بيت رياسة وأصالة، وسيادة عدالة، فقال: لا بد من ذلك، ثم استدرجها إلى أن حمله في النهار، ومر به في حوانيت الشهود حتى تعجبوا منه، ونسبوه إلى خبل في العقل، ثم إنه سافر من قوص إلى القاهرة، واجتمع بالشيخ إبراهيم الجعبري، ولزمه وانتفع به، ثم استوطن إخميم، وبنى بها رباطا وظهرت بركاته، وانتشرت كراماته.
قال: حكى لي صاحبنا الفقيه العدل علاء الدين علي بن أحمد الأصفوني - رحمه الله - وكان ثقة في نقله - قال: كنت بإدفو أخذت في العبادة، ولازمت الذكر مدة حتى خطر لي أني تأهلت، قال: وكان أخي جلال الدين غائبا عنا مدة، وانقطع خبره، فحضر شخص، وأخبرني أنه قدم من الواح، ونزل أسيوط، فسافرت إلى أسيوط فلم أجده، فصحبت شابا نصرانيا، ورافقته في الطريق إلى سوهاي، وصار ينشدني طول الطريق شعرا، وكان جميلا، ففارقته من سوهاي، ووجدت ألما كبيرا لمفارقته، فدخلت إخميم، وعندي وجد بذلك النصراني، فحضرت ميعاد الشيخ كمال الدين بن عبد الظاهر، فتكلم في الميعاد على عادته، ونظر إلي، وقال: لا إله إلا الله، ثم أناس يعتقدون أنهم من الخواص، وهم من عوام العوام، قال الله تعالى، {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} والنحاة يقولون: من للتبعيض، ومعنى التبعيض ألا ترفع شيئا من بصرك إلى شيء من المعاصي، ثم قال: حكى لي فقير، قال: كنت في خدمة شيخ فمررنا بدار وإذا بامرأة جميلة ورأسها خارجة من طاق تتطلع إلى الشارع، فوقف الشيخ زمانا يتطلع إليها يتعجب من ذلك، ثم بعد ساعة صاح الشيخ صيحة عظيمة، وإذا بالمرأة نزلت، وقالت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وكانت المرأة نصرانية، فالتفت الشيخ إلى الفقير، فقار: نظرت إلى هذا الجمال فقال: أنقذني من هذا الكفر، فتوجهت إليه، فالشيخ ما نظر إلى حسن الصورة، وإنما نظر إلى صورة الحسن في حسن الصورة، فمن أراد أن ينظر إلى النصراني فلينظر كذا، قال علاء الدين: فصرخت ووقعت.
قال وحكى لي صاحبنا محمد بن العجمي - وهو من أصحاب أبي عبد الله الأسواني - قال: عمل سماع في دار ابن أمين الحكم، وحضر الشيخ ورؤساء البلد، وخلق كثير، وكنت من جملة الحاضرين، فحضر القوال، وهو مظفر بالشبابات والدفوف، وقالو شيئا ثم قال:
من بعدما صد حبيبي وما ر ـ | ـ جا اليوم وزار |
أبصرت ما كان أبرك من نهار | جاني حبيبي وبلغت المنى |
وزال عن قلبي الشقا والعنا | ودار كأس الأنس ما بيننا |
ما أحسن الكاس علينا تدار | في وسط دار |
يا عين بحق من تجى نامي | نامي فهواه في فؤادي نامي |
والله ما قلت ارقدي عن ملل | إلا لعلي أراه في الأحلام |
محبك هذا العارف العارف الذين | تبدى بوجه بالضياء مكلل |
حليف التقى والشكر والذكر دائما | فلله هذا الشاكر الذاكر الولي |
عزائمه العليا تضاهي مقامه | ومقداره والسر أن اسمه علي |
ألا إن لله الكمال جميعه | وما لسواه منه حبة خردل |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 20- ص: 0