أبو القاسم المصري عبد الرحمن بن هبة الله بن رفاعة السديد، علم الرؤساء أبو القاسم المصري، توفي سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة. كان يتولى ديوان المكاتبات لخلفاء مصر، وله نثر جيد ونظم جيد. ومن شعره في القطائف:
وافى الصيام فوافتنا قطائفه | كما تسنمت الكثبان من كثب |
ما بين محشوة صفت إلى أخر | حمر من القلي تشفي جنة السغب |
كأنهن حروز ذات أغشية | من فضة وتعاويذ من الذهب |
وحق له إذ كان حق جواهر | إذا صين من مسك اللمى بختامه |
فهبني من زيارتك افتخارا | يجر على المجرة منه ذيل |
فإن الليل إن حلاه قصف | نهار والنهار العطل ليل |
أحباب قلبي أعيدوا لي وصالكم | فما للسعة قلبي غيركم راق |
أقسمت ما حال قلبي عن محبتكم | يوما ولا حل بعد الدار ميثاقي |
فغير دمعي عليكم غير مكتسب | وغير قلبي إليكم غير مشتاق |
فإن يكن قد مضت أيام وصلكم | فإن حبكم بين الحشا باق |
تالله ما عاشق الدمى عاقل | كلا ولا عاذل له عادل |
ذا مغرم مرغم أخو حرق | وذا مطيل ما عنده طائل |
لم يخش من ناقد وقد جاء بالنـ | ـكس إلى ناقة الهوى ناقل |
غانية عن حلي غانية | بحسن عاط من جيدها عاطل |
وأسمر غادرت لدونته | ماء لها فيه جاريا جائل |
سنانه طرفه ومن عجب | سيف علا لهذما على ذابل |
أهله ضاربا وأعمل للطـ | ـعن سواه من نهده عامل |
وحاله المستهام أنفع ما | عاذبه المستهام من عاذل |
خبا سناه وخاب مقصده | أية حال لخامد خامل |
وزاد حب الدنيا عليه فما | يزال في هوة الهوى نازل |
يريد منها خفضا فترفعه | من نصبه للعنا بها فاعل |
أين من الدر كف جالبها الـ | ـمكفوف منها بكفه الحابل |
يظهر تكذيب سلم باطنها | عنوان عدوان خائر خابل |
أنصارها عصبة التتابع في الـ | ـجهل وأحزاب طالبي الباطل |
وما يني مذكرا لخطبتها | حكم التناسي لخطبها الهايل |
يكون منها أمر الولاء وما | تم لها عاضل سوى الفاضل |
عبد الرحيم الذي لرحمته | ظل على الخلق وارق شامل |
القائل القصد والمعيد من الـ | ـمن ألوفا في العام والقابل |
وجاعل الرسم في سماحته | نحبيس ملك الغنى على السائل |
بديهة البر منه موفية | على تراخي روية الآمل |
فضل أياديه زايد أبدا | أيد عوادي أيدي الردى زابل |
إن يظهر المدح فيه منتقصا | فمنه في النفس كامن كامل |
لأن أدنى فعال همته | لغاية العجز قائد القائل |
ومعجز السيف فضل جوهره | وماؤه لا عناية الصاقل |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 18- ص: 0