بليغ الدين القسنطيني عبد الله بن محمد بن عبد الغفار القسنطيني، أبو محمد النحوي العروضي. نقلت من خط شهاب الدين القوصي في معجمه قال: أنشدني بليغ الدين أبو محمد عبد الله النحوي اللغوي العروضي رحمه الله لنفسه بدمشق بالمدرسة الريحانية في صفر سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة لغزا في الفرزدق وجرير:
رأيت جريرا والفرزدق فوقه | بخيف منى لم يخش عارا ولا إثما |
فألقيت في النار الفرزدق بعدما | لطمت محياه ولم أقترف ظلما |
ولولا جرير ما ذكت نارنا له | فلما ذكت أضحى جرير بها فحما |
جمع الهواء من الهوى في باطني | فتكاملت في أضلعي ناران |
فقصرت بالمقصور عن وصل الظبا | ومددت بالمدود في أكفاني |
أيا راكب الوجناء في السبسب الخالي | إذا جئت نجدا عج على دمن الخال |
وقف باللوى حيث الرياض أنيقة | بذات الغضاغب المواطر كالخال |
وحيث الصبا تثني الغصون عليلة | تهب فتذكي لوعة الصب والخالي |
ومهما أرتك الجلهتان ذوائبا | من البان يثني بانثناء على الخال |
غذتها بعل بعد نهل فرنحت | معاطفها كالمزدهي العطف ذي الخال |
تهيج بها الأغصان ورق صوادح | وتبكي هديلا بان في العصر الخالي |
فتلك المغاني معشري وأحبتي | وربع ذوات الأعين النجل والخال |
ربوع بها أصبحت للهو والصبا | وحيث بها ريعان عمري كالخال |
يخيل لي من نشوة الحب أنني | أهز الرديني المثقف ذا الخال |
أنزه سمعي عن ملامة ناصح | وأعدل عن عذل من العم والخال |
وأصغي إلى صوت المهيب إذا دعا | لراح براح من أخي ثقة خالي |
إذا أنا أعطيت النديم مدامة | بروضة حزن راقت الطرف للخال |
أجود بما ضن البخيل ببذله | وأحسبني كسرى وقيصر بالخال |
إذا كنت لا تسطيع رد منيتي | فدعني ولذاتي وخال إذن خالي |
إليك فإني لا أصيخ لعاذل | فلا تحلني واكفف ملامك يا خال |
إذا أنا أتلفت الذي جمعت يدي | وعيشك إني فارغ القلب كالخال |
عليم بأسباب اكتساب تخالني | إذا ما حويت الوفر يا صاح كالخال |
لحى الله مالا صانه بذل باخل | لعرض ذميم النشر أهجن من خال |
ولا أمنح الكوماء إلا غريرة | ولا القوم إلا إن غدا وهو كالخال |
ومالي لا أسمو إلى طلب العلى | وألحق أطواد المبارين بالخال |
وإن تخل سلمى من وجيب ولوعة | فلست وإن خانت عهودي بالخالي |
فقلبي وإن شطت بها غربة النوى | على حفظ عهد الحب ما عشت كالخالي |
قررت بها عينا على السخط والرضا | كقرة عين الرائد الخصب بالخال |
خلعت عذاري في الصبابة والصبا | وما أنا ذا طوع إذا شئت للخال |
وما أنا بالهيابة الأمر هائلا | وليس فؤادي باليراع ولا الخال |
وعزمي كالعضب الجراز مضاؤه | وإني به للخطب إن جل للخالي |
أراعي عهودا بيننا ومودة | وإن كنت في وج وكنت بذي الخال |
فلا تتهمني في الوداد فانني | إذا غير البين المحبين للخالي |
وكم وقفة لي بالمعالم باكيا | أروي بدمع ذاوي الطلح والخال |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 17- ص: 0