البخاري محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن المغيرة البخاري، ابو عبد الله: حبر الاسلام و الحافظ لحديث رسول الله (ص)، صاحب (الجامع الصحيح –ط) المعروف بصحيح البخاري، و (التاريخ –ط) في رجال الحديث و (خلق افعال العباد –ط) و (الادب المفرد –ط)، ولد في بخارى و نشأ يتيما و قام برحلة طويلة (سنة 210) في طلب الحديث فزار خراسان و العراق و مصر و الشام و سمع من نحو الف شيخ، و جمع نحو ست مئة الف حديث اختار منها في صحيحه ما وثق برواته وهو اول من وضع في الاسلام كتابا على هذا النحو و اقام في بخارى، فتعصب عليه جماعة و رموه بالتهم، فاخرج إلى خرتنك (من قرى سمرقند) فمات فيها، وكتابه في الحديث اوثق الكتب الستة المعول عليها، وهي: صحيح البخاري (صاحب الترجمة) و صححيح مسلم (201-261هـ) و سنن ابي داود (202-275هـ) و سنن الترمذي (209-279هـ) و سنن ابن ماجة (209-273هـ) و سنن النسائي (215-303هـ).

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 34

البخاري محمد بن اسمعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه بالباء الموحدة المفتوحة والراء الساكنة والدال المهملة المكسورة والزاي الساكنة والباء الموحدة المفتوحة والهاء الإمام العلم أبو عبد الله الجعفي مولاهم البخاري صاحب صحيح البخاري والتصانيف، ولد في شوال سنة أربع وتسعين وماية وأول سماعه سنة خمس وماتين وحفظ تصانيف ابن المبارك وحبب إليه العلم في الصغر وأعانه عليه الذكاء المفرط، رحل سنة عشر وماتين بعد أن سمع الكثير ببلده من سادة وقته محمد بن سلام البيكندي ومحمد بن يوسف البيكندي وعبد الله بن محمد المسندي ومحمد بن غرير وهرون بن الأشعث وطايفة، وسمع ببلخ مكي بن إبراهيم ويحيى بن بشر الزاهد وقتيبة وجماعة وكان مكي أحد من حدثه عن ثقات التابعين، وسمع بمرو من علي بن الحسن بن شقيق وعبدان ومعاذ بن أسد وصدقة بن الفضل وجماعة، وسمع بنيسابور من يحيى بن يحيى وبشر بن الحكم واسحق وعدة، وبالري من إبراهيم بن موسى الحافظ وغيره، وببغداذ من محمد بن عيسى الطباع وسريج بن النعمان وعفان ومعوية بن عمرو الأزدي وطايفة، وبالبصرة من أبي عاصم النبيل وبدل بن المحبر ومحمد بن عبد الله الأنصاري وعبد الرحمن بن حماد الشعيثي وعمرو بن عاصم الكلابي وعبد الله بن رجاء الغداني وطبقتهم، وبالكوفة من عبد الله بن موسى وأبي نعيم وطلق بن غنام والحسن بن عطية وهما أقدم شيوخه موتا وخلاد بن يحيى وخالد بن مخلد وفروة بن أبي المغراء وقبيصة وطبقتهم، وبمكة من أبي عبد الرحمن المقرئ والحميدي وأحمد بن محمد الأزرق وجماعة، وبالمدينة من عبد العزيز الأويسى ومطرف بن عبد الله وأبي ثابت محمد بن عبيد الله وطايفة، وبواسط من عمرو بن عون وغيره، وبمصر من سعيد بن أبي مريم وعبد الله بن صالح الكاتب وسعيد بن تليد وعمرو بن الربيع بن طارق وطبقتهم، وبدمشق من أبي مسهر شيئا يسيرا ومن أبي نضر الفراديسي وجماعة، وبقيسارية من محمد بن يوسف الفريابي، وبعسقلان من آدم بن أبي إياس، وبحمص من أبي المغيرة وأبي اليمان وعلي بن عياش وأحمد بن خالد الوهبي ويحيى الوحاظي وذكر أنه سمع من ألف نفس وقد خرج عنهم مشيخة وحدث بها قال الشيخ شمس الدين: ولم نرها، وحدث بالحجاز والعراق وخراسان ومن وراء النهر وكتبوا عنه وما في وجهه شعرة، وروى عنه أبو زرعة وأبو حاتم قديما وروى عنه من أصحاب الكتب الترمذي والنسائي على نزاع في النسائي والأصح أنه لم يرو عنه شيئا وروى عنه مسلم في غير الصحيح وجماعة كبار وآخر من روى عنه الجامع الصحيح منصور بن محمد البزدوي، وجامعه أجل كتب الإسلام في الحديث وأفضلها بعد كتاب الله تعالى وهو أعلى شيء في وقتنا إسنادا للناس، قال الشيخ شمس الدين: ومن ثلثين سنة يفرحون الناس بعلو سنده فكيف اليوم ولو رحل الإنسان لسماعه من ألف فرسخ لما ضاعت رحلته، وقال أحمد بن الفضل البلخي: ذهبت عينا محمد في صغره فرأت أمه إبراهيم عليه السلام في المنام فقال لها يا هذه قد رد الله على ابنك بصره بكثرة بكايك أو دعايك فأصبح وقد رد الله عليه بصره، وعن جبريل بن ميكائيل: سمعت البخاري يقول لما بلغت خراسان أصبت ببصري فعلمني رجل أن أحلق رأسي وأغلفه بالخطمى ففعلت فرد الله بصري، وقال ما وضعت في الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين، وقال أخرجت في هذا الكتاب من نحو ست ماية ألف حديث وصنفته في ست عشرة سنة وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى، وقال الفربري: سمعته يقول ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند ابن المديني وربما كنت أغرب عليه، وقال أرجو أني ألقى الله تعالى ولا يحاسبني أني اغتبت أحدا، قال الشيخ شمس الدين: يشهد لهذا كلامه رحمه الله تعالى في التجريح والتضعيف فإنه أبلغ ما يقول في الرجل المتروك أو الساقط فيه نظر أو سكتوا عنه ولا يكاد يقول فلان كذاب ولا فلان يضع الحديث وهذا من شدة ورعه، وكان يركب إلى الرمي فكان لا يسبق ولا يكاد سهمه يخطئ الهدف وكان كريما جوادا وحديثه في امتحان أهل بغداذ له في قلب المتون والأسانيد مشهور، وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا ذر يقول رأيت في المنام محمد بن حاتم الحلقاني فسألته وأنا أعرف أنه ميت عن شيخي هل رأيته قال نعم رأيته ثم سألته عن محمد بن اسمعيل البخاري فقال رأيته وأشار إلى السماء إشارة كاد يسقط منها لعلو ما يشير، واستسقى الناس بقبره في سمرقند وسقوا، قال الشيخ شمس الدين: وقد أفردت في مناقبه مصنفا، ومات ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين وماتين في بيت وحده وفاح من تراب قبره مثل رايحة المسك ثم علت سواري بيض في السماء مستطيلة بحذاء قبره فجعل الناس يختلفون ويتحدثون وأما تراب قبره فإنه كان يرفعون عنه حتى ظهر القبر ولم يقدر على حفظه بالحرس، وقال الفضل بن اسمعيل الجرجاني:

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 2- ص: 0

البخاري محمد بن إسماعيل.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 10- ص: 0

قال أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ الجرجاني: سمعت محمد بن أحمد بن سعدان البخاري يقول: أبو عبد الله محمد إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري. وبردز به مجوسي مات عليها، والمغيرة بن بردزبه أسم على يد يمان البخاري الجعفي، ويمان هذا هو أبو جد عبد الله بن محمد المسندي. ومحمد بن إسماعيل جعفي، وقيل: لأن أبا جده أسلم على يدي جد عبد الله بن محمد المسندي، وقيل له مسندي لأنه كان يطلب المسند في حداثته.

مولده:
سمعت أبا علي الحسن بن الحسين البزاز البخاري يقول: ولد محمد بن إسماعيل البخاري يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة، لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال، سنة أربع وتسعين ومائة.

صفته:
سمعت الحسن بن الحسين البزاز يقول: رأيت محمد بن إسماعيل شيخاً نحيف الجسم، ليس بالطويل ولا بالقصير.

مناقبه:
سمعت محمد بن يوسف الفربري يقول: سمعت النجم بن فضيل - وكان من أهل المعرفة والفضل - يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقد خرج من باب باستين - قرية ببخارى - وخلفه محمد بن إسماعيل البخاري، فكلما خطا النبي صلى الله عليه وسلم خطوة خطا محمد بن إسماعيل خطوة النبي صلى الله عليه وسلم، ورفع قدمه على قدم النبي صلى الله عليه وسلم.
سمعت عبد القدوس بن همام يقول سمعت عدة من المشايخ يقولون: دوَّن محمد بن إسماعيل البخاري تراجم جامعه بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومنبره وكان يصلي لكل ترجمة ركعتين.

حفظه وعلمه ومعرفته بالحديث:
سمعت عدة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري - رحمه الله - قدم بغداد، فسمع به أصحاب الحديث فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث، فقلبوا متونها وأسانيدها ودخلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر، وإسناد هذا المتن لمتن آخر، ودفعوها إلى عشرة أنفس، إلى كل رجل عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس أن يلقوا ذلك على البخاري، وأخذوا الموعد للمجلس، فحضر المجلس جماعة من أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرها ومن البغداديين. فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب إليه رجل من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال البخاري: لا أعرفه، فسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه، ثم سأله عن آخر، فقال: لا أعرفه، فما زال يلقي عليه واحداً بعد واحد حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرفه. فكان الفقهاء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقول: الرجل فهم، ومن كان من غيرهم يقضي على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم. ثم انتدب رجل آخر من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال البخاري: لا أعرفه، وسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه، وسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه، فلم يزل يلقي عليه واحداً بعد واحد حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرف. ثم انتدب هل الثالث والرابع الى تمام العشرة حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة، والبخاري لا يزيدهم على: لا أعرفه، فلما علم البخاري أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال: أما حديثك الأول فهو كذا، وحديثك الثاني فهو كذا، والثالث والرابع على الولاء، حتى أتى على تمام العشرة، فرد كل متن الى إسناده، وكل إسناد إلى متنه، وفعل بالأخرين مثل ذلك ورد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها وأسانيدها إلى متونها، فأقر له الناس بالحفظ والعلم وأذعنوا له بالفضل.
وكان ابن صاعد إذا ذكر محمد بن إسماعيل البخاري يقول: الكبش النطاح.

امتحانه:
ذكر لي جماعة، من المشايخ أن محمد بن إسماعيل البخاري لما ورد نيسابور واجتمع الناس وعقد به المجلس حسده من كان في ذلك الوقت من مشايخ نيسابور لما رأوا إقبال الناس إليه واجتماعهم عليه، فقيل: يا أصحاب الحديث إن محمد بن إسماعيل يقول اللفظ بالقرآن مخلوق، فامتحنوه في المجلس. فلما حضر الناس مجلس البخاري، قام إليه رجل فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول في اللفظ بالقرآن مخلوق هو أم غير مخلوق؟ فأعرض عنه البخاري ولم يجبه، فقال الرجل: يا أبا عبد الله، وأعاد عليه القول، فأعرض عنه البخاري فلم يجبه، ثم قال في الثالثة، فالتفت إليه محمد بن إسماعيل فقال: القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة، والامتحان بدعة. فشغب الرجل وشغب الناس وتفرقوا عنه، وقعد البخاري في منزله.
سمعت الإسماعيلي يقول: سمعت الفرهياني يقول: سمعت عمرو بن منصور النيسابوري يقول: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري وسئل عن اللفظ بالقرآن، فقال: سمعت عبيد الله بن سعيد أبا قدامة السرخسي يقول: سمعت يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي يقولان: أفعال العباد مخلوقة.

سمعت أبا بكر الإسماعيلي يقول: سمعت الفرهياني يقول: قيل لمحمد بن إسماعيل أترجع عما قلت ليعود الناس إليك؟ فقال: لا حاجة لي فيهم.
سمعت عبد المجيد يقول: سمعت أبي يقول: سمعت حيكان بن محمد بن يحيى يقول: قلت لأبي: با أبت، ما لك ولهذا الرجل - يعني محمد بن إسماعيل - وأنت لست من رجاله في العلم، قال: رأيته بمكة يتبع شمخضة وشمخضة كوفي قدري. فبلغ ذلك محمد بن إسماعيل. فقال: دخلت مكة ولم أعرف بها أحداً من المحدثين، وكان شمخضة هذا قد عرف المحدثين، فكنت أتبعه ليقربني من المحدثين، فأي عيب في هذا.
سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار السمرقندي يقول: جاء محمد بن إسماعيل إلى خرتنك - قرية من قرى سمرقند على فرسخين منها - وكان له بها أقرباء فنزل عندهم، فسمعته ليلة من الليالي وقد فرغ من صلاة الليل يدعو ويقول في دعائه: اللهم إنه قد ضاقت عليَّ الأرض بما رحبت، فاقبضني إليك، قال: فما تم الشهر حتى قبضه الله وقبره بخرتنك - رحمه الله.

موته:
سمعت الحسن بن الحسين البزاز البخاري يقول: توفي محمد بن إسماعيل البخاري ليلة السبت عند صلاة العشاء ليلة الفطر. ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر يوم السبت مستهل شوال سنة ست وخمسين ومائتين، وعاش اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوماً، رحمه الله.
سمعت الحسن بن الحسين البزاز يقول: إبراهيم بن معقل يقول: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: ما أدخلت في هذا الكتاب - يعني جامعه - إلا ما صح،  وتركت من الصحاح كي لا يطول الكتاب.

  • دار البشائر الإسلامية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 1- ص: 47

  • دار البخاري - المدينة المنورة - بريدة-ط 1( 1995) , ج: 1- ص: 58

محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه

بفتح الباء الموحدة بعدها راء ساكنة ثم دال مكسورة مهملة ثم زاى ساكنة ثم باء موحدة مفتوحة ثم هاء ابن بذذبه بباء موحدة مفتوحة ثم ذال معجمة مكسورة ثم ذال ثانية معجمة ساكنة ثم باء موحدة مكسورة ثم هاء هذا ما كنا نسمعه من الشيخ الإمام الوالد رحمه الله

وقيل بدل بردزبه الأحنف وقيل غير ذلك

هو إمام المسلمين وقدوة الموحدين وشيخ المؤمنين والمعول عليه في أحاديث سيد المرسلين وحافظ نظام الدين أبو عبد الله الجعفى مولاهم البخارى صاحب الجامع الصحيح وساحب ذيل الفضل للمستميح

كان والده أبو الحسن إسماعيل بن إبراهيم من العلماء الورعين

سمع مالك بن أنس ورأى حماد بن زيد وصالح بن المبارك

وحدث عن أبى معاوية وجماعة

روى عنه أحمد بن حفص وقال دخلت عليه عند موته فقال لا أعلم في جميع مالى درهما من شبهة

قال أحمد بن حفص فتصاغرت إلى نفسى عند ذلك

ولد البخارى سنة أربع وتسعين ومائة ونشأ يتيما

وأول سماعه سنة خمس ومائتين وحفظ تصانيف ابن المبارك وحبب إليه العلم من الصغر وأعانه عليه ذكاؤه المفرط

ورحل سنة عشر ومائتين بعد أن سمع الكثير ببلده من محمد بن سلام البيكندى ومحمد بن يوسف البيكندى وعبد الله بن محمد المسندى وهارون ابن الأشعث وطائفة

وسمع ببلخ من مكى بن إبراهيم ويحيى بن بشر الزاهد وقتيبة وجماعة

وبمرو من على بن الحسن بن شقيق وعبدان وجماعة

وبنيسابور من يحيى بن يحيى وبشر بن الحكم وإسحاق وعدة

وبالرى من إبراهيم بن موسى الحافظ وغيره

وببغداد من شريح بن النعمان وعفان وطائفة

وبالبصرة من أبى عاصم النبيل وبدل بن المحبر ومحمد بن عبد الله الأنصارى وغيرهم

وبالكوفة من أبى نعيم وطلق بن غنام والحسن بن عطية وخلاد بن يحيى وقبيصة وغيرهم

وبمكة من الحميدى وعليه تفقه عن الشافعي

وبالمدينة من عبد العزيز الأويسى ومطرف بن عبد الله

وبواسط ومصر ودمشق وقيسارية وعسقلان وحمص من خلائق يطول سردهم ذكر أنه سمع من ألف نفس وقد خرج عنهم مشيخة وحدث بها ولم نرها

وفى تاريخ نيسابور للحاكم أنه سمع بالجزيرة من أحمد بن الوليد بن الورتنيس الحرانى وإسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقى وعمرو بن خالد وأحمد بن عبد الملك بن واقد الحرانى

وهذا وهم فإنه لم يدخل الجزيرة ولم يسمع من أحمد بن الوليد إنما روى عن رجل عنه ولا من ابن زرارة إنما إسماعيل بن عبد الله الذى يروى عنه هو إسماعيل بن أبي أويس وأما ابن واقد فإنه سمع منه ببغداد وعمرو بن خالد سمع منه بمصر نبه على هذا شيخنا الحافظ المزى فيما رأيته بخطه

وأكثر الحاكم في عد شيوخه وذكر البلاد التى دخلها ثم قال وإنما سميت من كل ناحية جماعة من المتقدمين ليستدل بذلك على عالى إسناده فإن مسلم بن الحجاج لم يدرك أحدا ممن سميتهم إلا أهل نيسابور

واعترضه شيخنا الذهبى كما رأيته بخطه بأنه أدرك أحمد وعمر بن حفص يعنى وهما ممن عد الحاكم

ذكر أبو عاصم العبادى أبا عبد الله في كتابه الطبقات وقال سمع من الزعفرانى وأبى ثور والكرابيسى

قلت وتفقه على الحميدى وكلهم من أصحاب الشافعي

قال ولم يرو عن الشافعي في الصحيح لأنه أدرك أقرانه والشافعي مات مكتهلا فلا يرويه نازلا وروى عن الحسين وأبى ثور مسائل عن الشافعي

قلت وذكر الشافعي في موضعين من صحيحه في باب في الركاز الخمس وفى باب تفسير العرايا من البيوع

ورقم شيخنا المزى في التهذيب للشافعى بالتعليق وذكر هذين المكانين

حدث البخارى بالحجاز والعراق وخراسان وما وراء النهر وكتب عنه المحدثون وما في وجهه شعرة

روى عنه أبو زرعة وأبو حاتم والترمذى ومسلم خارج الصحيح ومحمد بن نصر المروزى وصالح بن محمد جزرة وابن خزيمة وأبو العباس السراج وأبو قريش محمد بن جمعة ويحيى بن محمد بن صاعد وأبو حامد بن الشرقى وخلق

وآخر من روى عنه الجامع الصحيح منصور بن محمد البزدوى المتوفى سنة تسع وعشرين وثلاثمائة

وآخر من زعم أنه سمعه منه موتا أبو طهير عبد الله بن فارس البلخى المتوفى سنة ست وأربعين وثلاثمائة

وآخر من روى حديثه عاليا خطيب الموصل في الدعاء للمحاملى بينه وبينه ثلاثة رجال

وأما كتابه الجامع الصحيح فأجل كتب الإسلام وأفضلها بعد كتاب الله ولا عبرة بمن يرجح عليه صحيح مسلم فإن مقالته هذه شاذة لا يعول عليها

قال ابن عدى سمعت الحسن بن الحسين البزار يقول رأيت البخارى شيخا نحيفا ليس بالطويل ولا بالقصير عاش اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوما

وقال أحمد بن الفضل البلخى ذهبت عينا محمد في صغره فرأت أمه إبراهيم عليه السلام فقال يا هذه قد رد الله على ابنك بصره بكثرة بكائك أو دعائك فأصبح وقد رد الله عليه بصره

وعن جبريل بن ميكائيل سمعت البخارى يقول لما بلغت خراسان أصبت ببصرى فعلمنى رجل أن أحلق رأسى وأغلفه بالخطمى ففعلت فرد الله على بصرى رواها غنجار في تاريخه

وقال أبو جعفر محمد بن أبي حاتم الوراق قلت للبخارى كيف كان بدء أمرك قال ألهمت حفظ الحديث في المكتب ولى عشر سنين أو أقل وخرجت من الكتاب بعد العشر فجعلت أختلف إلى الداخلى وغيره فقال يوما فيما يقرأ على الناس سفيان عن أبى الزبير عن إبراهيم فقلت له إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم فانتهرنى فقلت له ارجع إلى الأصل فدخل ثم خرج فقال لى كيف يا غلام قلت هو الزبير بن عدى عن إبراهيم فأخذ القلم منى وأصلحه وقال صدقت فقال للبخارى بعض أصحابه ابن كم كنت قال ابن إحدى عشرة سنة

فلما طعنت في ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك ووكيع وعرفت كلام هؤلاء

ثم خرجت مع أمى وأخى أحمد إلى مكة فلما حججت رجع أخى بها وتخلفت في طلب الحديث

فلما طعنت في ثمانى عشرة سنة جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم وذلك أيام عبيد الله بن موسى وصنفت كتاب التاريخ إذ ذاك عند قبر النبى صلى الله عليه وسلم

فى الليالى المقمرة وقل اسم في التاريخ إلا وله عندى قصة إلا أنى كرهت تطويل الكتاب

وقال عمر بن حفص الأشقر كنا مع البخارى بالبصرة نكتب الحديث ففقدناه أياما ثم وجدناه في بيت وهو عريان وقد نفد ما عنده فجمعنا له الدراهم وكسوناه

وقال عبد الرحمن بن محمد البخارى سمعت محمد بن إسماعيل يقول لقيت أكثر من ألف رجل من أهل الحجاز والعراق والشام ومصر وخراسان إلى أن قال فما رأيت واحدا منهم يختلف في هذه الأشياء أن الدين قول وعمل وأن القرآن كلام الله

وقال محمد بن أبي حاتم سمعته يقول دخلت بغداد ثمانى مرات كل ذلك أجالس أحمد بن حنبل فقال لى آخر ما ودعته يا أبا عبد الله تترك العلم والناس وتصير إلى خراسان فأنا الآن أذكر قول أحمد

وقال أبو بكر الأعين كتبنا عن البخارى على باب محمد بن يوسف الفريابى وما في وجهه شعرة

وقال محمد بن أبي حاتم وراق البخارى سمعت حاشد بن إسماعيل وآخر يقولان كان البخارى يختلف معنا إلى السماع وهو غلام فلا يكتب حتى أتى على ذلك أياما فكنا نقول له فقال إنكما قد أكثرتما على فاعرضا على ما كتبتما فأخرجنا إليه ما كان عندنا فزاد على خمسة عشر ألف حديث فقرأها كلها على ظهر قلب حتى جعلنا نحكم كتبنا من حفظه ثم قال أترون أنى اختلف هدرا وأضيع أيامى فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد

قالا فكان أهل المعرفة يعدون خلفه في طلب الحديث وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه ويجلسوه في بعض الطريق فيجتمع عليه ألوف أكثرهم ممن يكتب عنه وكان شابا لم يخرج وجهه

قال محمد بن أبي حاتم وسمعت سليم بن مجاهد يقول كنت عند محمد بن سلام البيكندى فقال لى لو جئت قبل لرأيت صبيا يحفظ سبعين ألف حديث

قال فخرجت في طلبه فلقيته فقلت أنت الذى تقول أنا أحفظ سبعين ألف حديث قال نعم وأكثر ولا أجيئك بحديث عن الصحابة أو التابعين إلا عرفت مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم ولست أروى حديثا من حديث الصحابة أو التابعين إلا ولى في ذلك أصل أحفظه حفظا عن كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال غنجار حدثنا أبو عمرو أحمد بن محمد المقرى حدثنا محمد بن يعقوب ابن يوسف البيكندى سمعت على بن الحسين بن عاصم البيكندى يقول قدم علينا محمد بن إسماعيل فاجتمعنا عنده فقال بعضنا سمعت إسحاق بن راهويه يقول كأنى أنظر إلى سبعين ألف حديث من كتابى

فقال محمد أو تعجب من هذا لعل في هذا الزمان من ينظر إلى مائتى ألف حديث من كتابه

قال وإنما عنى به نفسه

وقال ابن عدى حدثنى محمد بن أحمد القومسى سمعت محمد بن خميرويه يقول سمعت محمد بن إسماعيل يقول أحفظ مائة ألف حديث صحيح وأحفظ مائتى ألف حديث غير صحيح

وقال إمام الأئمة ابن خزيمة ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد ابن إسماعيل البخارى

وقال ابن عدى سمعت عدة مشايخ يحكون أن البخارى قدم بغداد فاجتمع أصحاب الحديث فعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها وجعلوا متن هذا لإسناد هذا

وإسناد هذا لمتن هذا ودفعوا إلى كل واحد عشرة أحاديث ليلقوها على البخارى في المجلس فاجتمع الناس وانتدب أحدهم فقال وسأله عن حديث من تلك العشرة فقال لا أعرفه فسأله عن آخر فقال لا أعرفه حتى فرغ من العشرة

فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون الرجل فهم ومن كان لا يدرى قضى عليه بالعجز

ثم انتدب آخر ففعل كفعل الأول والبخارى يقول لا أعرفه إلى فراغ العشرة أنفس وهو لا يزيدهم على لا أعرفه

فلما علم أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول فقال أما حديثك الأول فإسناده كذا وكذا والثانى كذا وكذا والثالث إلى آخر العشرة فرد كل متن إلى إسناده وفعل بالثانى مثل ذلك إلى أن فرغ فأقر له الناس بالحفظ

وقال يوسف بن موسى المروروذى كنت بجامع البصرة إذ سمعت مناديا ينادى يا أهل العلم لقد قدم محمد بن إسماعيل البخارى فقاموا في طلبه وكنت فيهم فرأيت رجلا شابا يصلى خلف الأسطوانة فلما فرغ أحدقوا به وسألوه أن يعقد لهم مجلسا للإملاء فأجابهم

فلما كان من الغد اجتمع كذا وكذا ألف فجلس وقال يا أهل البصرة أنا شاب وقد سألتمونى أن أحدثكم وسأحدثكم بأحاديث عن أهل بلدكم تستفيدون الكل

حدثنا عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رواد بلديكم حدثنا أبى حدثنا شعبة عن منصور وغيره عن سالم بن أبي الجعد عن أنس أن أعرابيا قال يا رسول الله الرجل يحب القوم ... الحديث

ثم قال ليس هذا عندكم إنما عندكم عن غير منصور وأملى مجلسا على هذا النسق

قال يوسف وكان دخولى البصرة أيام محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب

وقال الترمذي لم أر أحدا بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل

وقال إسحاق بن أحمد الفارسى سمعت أبا حاتم يقول سنة سبع وأربعين ومائتين محمد بن إسماعيل أعلم من دخل العراق ومحمد بن يحيى أعلم من بخراسان اليوم ومحمد بن أسلم أورعهم وعبد الله الدارمى أثبتهم

وعن أحمد بن حنبل قال انتهى الحفظ إلى أربعة من أهل خراسان أبو زرعة ومحمد بن إسماعيل والدارمى والحسن بن شجاع البلخى

وقال أبو أحمد الحاكم كان البخارى أحد الأئمة في معرفة الحديث وجمعه ولو قلت إنى لم أر تصنيف أحد يشبه تصنيفه في المبالغة والحسن لرجوت أن أكون صادقا

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ إذنا خاصا قال قرأت على عمر بن القواس أخبركم أبو القاسم بن الحرستانى حضورا أخبرنا جمال الإسلام أخبرنا ابن طلاب أخبرنا ابن جميع حدثنا أحمد بن محمد بن آدم حدثنا محمد بن يوسف البخارى قال كنت عند محمد بن إسماعيل بمنزله ذات ليلة فأحصيت عليه أنه قام وأسرج ليستذكر أشياء يعلقها في ليله ثمانى عشرة مرة

وقال محمد بن أبي حاتم الوراق كان أبو عبد الله إذا كنت معه في سفر يجمعنا بيت واحد إلا في القيظ أحيانا فكنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة في كل ذلك يأخذ القداحة فيورى نارا ويسرج ثم يخرج أحاديث فيعلم عليها ثم يضع رأسه وكان يصلى وقت السحر ثلاث عشرة ركعة وكان لا يوقظنى في كل ما يقوم فقلت له إنك تحمل على نفسك في كل هذا ولا توقظنى قال أنت شاب ولا أحب أن أفسد عليك نومك

وقال الفربرى قال لى محمد بن إسماعيل ما وضعت في الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين

وقال إبراهيم بن معقل سمعته يقول كنت عند إسحاق بن راهويه فقال رجل لو جمعتم كتابا مختصرا للسنن فوقع ذلك في قلبى فأخذت في جمع هذا الكتاب

قال شيخنا أبو عبد الله الحافظ روى من وجهين ثابتين عن البخارى أنه قال أخرجت هذا الكتاب من نحو ستمائة ألف حديث وصنفته في ست عشرة سنة وجعلته حجة فيما بينى وبين الله

وقال إبراهيم بن معقل سمعته يقول ما أدخلت في الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لأجل الطول

وقال محمد بن أبي حاتم قلت له تحفظ جميع ما في المصنف قال لا يخفى على جميع ما فيه ولو نشر بعض إسنادى هؤلاء لم يفهموا كتاب التاريخ ولا عرفوه ثم قال صنفته ثلاث مرات

وقد أخذه ابن راهويه فأدخله على عبد الله بن طاهر فقال أيها الأمير ألا أريك سحرا فنظر فيه عبد الله فتعجب منه وقال لست أفهم تصنيفه

وقال الفربرى حدثنى نجم بن الفضيل وكان من أهل الفهم قال رأيت النبى صلى الله عليه وسلم في النوم خرج من قرية ومحمد بن إسماعيل خلفه فإذا خطا خطوة يخطو محمد ويضع قدمه على قدمه ويتبع أثره

وقال خلف الخيام سمعت أبا عمرو أحمد بن نصر الخفاف يقول محمد بن إسماعيل أعلم في الحديث من أحمد وإسحاق بعشرين درجة ومن قال فيه شئ

فعليه منى ألف لعنة ولو دخل من هذا الباب لملئت منه رعبا

وقال أبو عيسى الترمذى كان محمد بن إسماعيل عند عبد الله بن منير فلما قام من عنده قال له يا أبا عبد الله جعلك الله زين هذه الأمة

قال أبو عيسى استجيب له فيه

وقال جعفر بن محمد المستغفرى في تاريخ نسف وذكر البخارى لو جاز لى لفضلته على من لقى من مشايخه ولقلت ما لقى بعينه مثل نفسه

وقال إبراهيم الخواص رأيت أبا زرعة كالصبى جالسا بين يدى محمد بن إسماعيل يسأله عن علل الحديث

وقال جعفر بن محمد القطان سمعت محمد بن إسماعيل يقول كتبت عن ألف شيخ أو أكثر عن كل واحد منهم عشرة آلاف وأكثر ما عندى حديث إلا أذكر إسناده

قلت فارق البخارى بخارى وله خمس عشرة سنة ولم يره محمد بن سلام البيكندى بعد ذلك وقد قال سليم بن مجاهد كنت عند محمد بن سلام البيكندى فقال لو جئت قبل لرأيت صبيا يحفظ سبعين ألف حديث

فخرجت حتى لحقته فقلت أنت تحفظ سبعين ألف حديث قال نعم وأكثر ولا أجيبك بحديث عن الصحابة والتابعين إلا عرفت مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم ولست أروى حديثا من حديث الصحابة والتابعين إلا ولى من ذلك أصل أحفظه حفظا عن كتاب أو سنة

وقال بعضهم كنت عند محمد بن سلام البيكندى فدخل محمد بن إسماعيل فلما خرج قال محمد بن سلام كلما دخل على هذا الصبى تحيرت والتبس على أمر الحديث ولا أزال خائفا ما لم يخرج

وقال محمد بن أبي حاتم سمعت محمد بن يوسف يقول كنت عند أبى رجاء يعنى قتيبة فسئل عن طلاق السكران فقال هذا أحمد بن حنبل وابن المدينى وابن راهويه قد ساقهم الله إليك وأشار إلى محمد بن إسماعيل وكان مذهب محمد أنه إذا كان مغلوب العقل لا يذكر ما يحدث في سكره أنه لا يجوز عليه من أمره شئ

وسمعت عبد الله بن سعيد يقول لما مات أحمد بن حرب النيسابورى ركب محمد وإسحاق يشيعان جنازته فكنت أسمع أهل المعرفة بنيسابور ينظرون ويقولون محمد أفقه من إسحاق

وعن الفربرى رأيت النبى صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لى أين تريد فقلت أريد البخارى فقال أقرأه منى السلام

وكان البخارى يختم القرآن كل يوم نهارا ويقرأ في الليل عند السحر ثلثا من القرآن فمجموع ورده ختمة وثلث ختمة

وكان يقول أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبنى باغتياب أحد

وكان يصلى ذات يوم فلسعه الزنبور سبع عشرة مرة ولم يقطع صلاته ولا تغير حاله

وعن الإمام أحمد ما أخرجت خراسان مثل البخارى

وقال يعقوب بن إبراهيم الدورقى البخارى فقيه هذه الأمة

وقال محمد بن إدريس الرازي وقد خرج البخارى إلى العراق ما خرج من خراسان أحفظ منه ولا قدم العراق أعلم منه

قال الحاكم أبو عبد الله سمعت أبا نصر أحمد بن محمد الوراق يقول سمعت أبا حامد أحمد بن حمدون يقول سمعت مسلم بن الحجاج وجاء إلى محمد بن إسماعيل البخارى فقبل ما بين عينيه وقال دعنى حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين ومسند المحدثين ويا طبيب الحديث في علله حدثك محمد بن سلام حدثنا مخلد بن يزيد الحرانى قال أخبرنا ابن جريج قال حدثنى موسى ابن عقبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم

فقال البخارى وحدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج قال حدثنى موسى بن عقبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن

أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم في كفارة المجلس أن يقول إذا قام من مجلسه (سبحانك ربنا وبحمدك

فقال محمد بن إسماعيل هذا حديث مليح ولا أعلم بهذا الإسناد في الدنيا حديثا غير هذا إلا أنه معلول حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا سهيل عن عون بن عبد الله قوله

قال محمد بن إسماعيل هذا أولى ولا نذكر لموسى بن عقبة مسندا عن سهيل وهو سهيل بن ذكوان مولى جويرية وهم إخوة سهيل وعباد وصالح بنو أبى صالح وهم من أهل المدينة

وقال نسج بن سعيد كان محمد بن إسماعيل البخارى إذا كان أول ليلة من شهر رمضان تجتمع إليه أصحابه فيصلى بهم ويقرأ في كل ركعة عشرين آية وكذلك إلى أن يختم القرآن وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال وكان يختم بالنهار في كل يوم ختمة ويكون ختمة عند الإفطار كل ليلة ويقول عند كل ختم دعوة مستجابة

وقال بكر بن منير سمعت البخارى يقول أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبنى أنى اغتبت أحدا

قال شيخنا أبو عبد الله الحافظ يشهد لهذه المقالة كلامه في الجرح والتعديل فإنه أبلغ ما يقول في الرجل المتروك أو الساقط فيه نظر أو سكتوا عنه ولا يكاد يقول فلان كذاب ولا فلان يضع الحديث وهذا من شدة ورعه

قلت وأبلغ تضعيفه قوله في المجروح منكر الحديث

قال ابن القطان قال البخارى كل من قلت فيه منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه

وقال أبو بكر الخطيب سئل العباس بن الفضل الرازي الصايغ أيهما أحفظ أبو زرعة أو البخارى فقال لقيت البخارى بين حلوان وبغداد فرجعت معه مرحلة وجهدت أن أجئ بحديث لا يعرفه فما أمكن وأنا أغرب على أبى زرعة عدد شعرى

وقال أبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف محمد بن إسماعيل أعلم بالحديث من إسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل وغيرهما بعشرين درجة ومن قال فيه شيئا فمنى عليه ألف لعنة

ثم قال حدثنا محمد بن إسماعيل التقى النقى العالم الذى لم أر مثله

وقال محمد بن يعقوب الأخرم سمعت أصحابنا يقولون لما قدم البخارى نيسابور استقبله أربعة آلاف رجل على الخيل سوى من ركب بغلا أو حمارا وسوى الرجالة

وقال أبو أحمد الحاكم في الكنى عبد الله بن الديلمى أبو بسر وقال البخارى ومسلم فيه أبو بشر بشين معجمة قال الحاكم وكلاهما أخطأ في علمى إنما هو أبو بسر وخليق أن يكون محمد بن إسماعيل مع جلالته ومعرفته بالحديث اشتبه عليه فلما نقله مسلم من كتابه تابعه على زلته ومن تأمل كتاب مسلم في الأسماء والكنى علم أنه منقول من كتاب محمد بن إسماعيل حذو القذة بالقذة حتى لا يزيد عليه فيه إلا ما يسهل عده وتجلد في نقله حق الجلادة إذ لم ينسبه إلى قائله وكتاب محمد بن إسماعيل في التاريخ كتاب لم يسبق إليه ومن ألف بعده شيئا من التاريخ

أو الأسماء أو الكنى لم يستغن عنه فمنهم من نسبه إلى نفسه مثل أبى زرعة وأبى حاتم ومسلم ومنهم من حكاه عنه فالله يرحمه فإنه الذى أصل الأصول

وذكر الحاكم أبو أحمد كلاما سوى هذا

وقال محمد بن أبي حاتم رأيت أبا عبد الله استلقى على قفاه يوما ونحن بفربر في تصنيف كتاب التفسير وأتعب نفسه يومئذ فقلت إنى أراك تقول إنى ما أتيت شيئا بغير علم قط منذ عقلت فما الفائدة في الاستلقاء قال أتعبنا أنفسنا اليوم وهذا ثغر من الثغور خشيت أن يحدث حدث من أمر العدو فأحببت أن أستريح وآخذ أهبة فإن غافصنا العدو كان بنا حراك وكان يركب إلى الرمى فما أعلم أنى رأيته في طول ما صحبته أخطأ سهمه الهدف إلا مرتين وكان لا يسبق

وسمعته يقول ما أردت أن أتكلم بكلام فيه ذكر الدنيا إلا بدأت بحمد الله والثناء عليه

قال وكان لأبى عبد الله غريم قطع عليه مالا كثيرا فبلغه أنه قدم آمل ونحن بفربر فقلنا له ينبغى أن تعبر وتأخذه بمالك فقال ليس لنا أن نروعه

ثم بلغ غريمه فخرج إلى خوارزم فقلنا ينبغى أن تقول لأبى سلمة الكشانى عامل آمل ليكتب إلى خوارزم في أخذه فقال إن أخذت منهم كتابا طمعوا منى في كتاب ولست أبيع دينى بدنياى

فجهدنا فلم يأخذ حتى كلمنا السلطان عن غير أمره فكتب إلى والى خوارزم

فلما بلغ أبا عبد الله ذلك وجد وجدا شديدا وقال لا تكونوا أشفق على من نفسى وكتب كتابا وأردف تلك الكتب بكتب وكتب إلى بعض أصحابه بخوارزم أن لا يتعرض لغريمه

فرجع غريمه وقصد ناحية مرو فاجتمع التجار وأخبر السلطان فأراد التشديد على الغريم فكره ذلك أبو عبد الله وصالح غريمه على أن يعطيه كل سنة عشرة دراهم شيئا يسيرا وكان المال خمسة وعشرين ألفا ولم يصل من ذلك إلى درهم ولا إلى أكثر منه

سمعت أبا عبد الله يقول ما توليت شراء شئ قط ولا بيعه

قلت فمن يتولى أمرك في أسفارك

قال كنت أكفى أمر ذلك

وذكر بكر بن منير أنه حمل إلى البخارى بضاعة أنفذها إليه ابنه أحمد فاجتمع به بعض التجار فطلبوها منه بربح خمسة آلاف درهم فقال انصرفوا الليلة فجاءه من الغد تجار آخرون فطلبوها منه بربح عشرة آلاف درهم فقال إنى نويت البارحة بيعها للذين أتوا البارحة

قلت وقال محمد بن أبي حاتم سمعت أبا عبد الله يقول ما ينبغى للمسلم أن يكون بحالة إذا دعى لم يستجب له

قال وسمعته يقول خرجت إلى آدم بن أبي إياس فتخلفت عنى نفقتى حتى جعلت أتناول الحشيش ولا أخبر بذلك أحدا فلما كان اليوم الثالث آتانى أت لم أعرفه فناولنى صرة دنانير وقال أنفق على نفسك

وسمعت سليم بن مجاهد يقول ما رأيت بعينى منذ ستين سنة أفقه ولا أورع ولا أزهد في الدنيا من محمد بن إسماعيل

واعلم أن مناقب أبى عبد الله كثيرة فلا مطمع في استيعاب غالبها والكتب مشحونة به وفيما أوردناه مقنع وبلاغ

قصته مع محمد بن يحيى الذهلى

قال الحسن بن محمد بن جابر قال لنا الذهلى لما ورد البخارى نيسابور اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح فاسمعوا منه فذهب الناس إليه وأقبلوا على السماع منه حتى ظهر الخلل في مجلس الذهلى فحسده بعد ذلك وتكلم فيه

وقال أبو أحمد بن عدى ذكر لى جماعة من المشايخ أن محمد بن إسماعيل لما ورد نيسابور واجتمعوا عليه حسده بعض المشايخ فقال لأصحاب الحديث إن محمد ابن إسماعيل يقول اللفظ بالقرآن مخلوق فامتحنوه

فلما حضر الناس قام إليه رجل فقال يا أبا عبد الله ما تقول في اللفظ بالقرآن مخلوق هو أم غير مخلوق فأعرض عنه ولم يجبه فأعاد السؤال فأعرض عنه ثم أعاد فالتفت إليه البخارى وقال القرآن كلام الله غير مخلوق وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة

فشغب الرجل وشغب الناس وتفرقوا عنه وقعد البخارى في منزله

قال محمد بن يوسف الفربرى سمعت محمد بن إسماعيل يقول أما أفعال العباد فمخلوقة فقد حدثنا على بن عبد الله حدثنا مروان بن معاوية حدثنا أبو مالك عن ربعى عن حذيفة قال قال النبى صلى الله عليه وسلم (إن الله يصنع كل صانع وصنعته) وسمعت عبيد الله بن سعيد سمعت يحيى بن سعيد يقول ما زلت أسمع أصحابنا يقولون إن أفعال العباد مخلوقة

قال البخارى حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة فأما القرآن المتلو المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب فهو كلام الله ليس بمخلوق قال الله تعالى {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم}

وقال يقال فلان حسن القراءة وردئ القراءة ولا يقال حسن القرآن ولا ردئ القرآن وإنما ينسب إلى العباد القراءة لأن القرآن كلام الرب والقراءة فعل العبد وليس لأحد أن يشرع في أمر الله بغير علم كما زعم بعضهم أن القرآن بألفاظنا وألفاظنا به شئ واحد والتلاوة هى المتلو والقراءة هى المقروء

فقيل له إن التلاوة فعل القارئ وعمل التالى

فرجع وقال ظننتهما مصدرين

فقيل له هلا أمسكت كما أمسك كثير من أصحابك ولو بعثت إلى من كتب عنك واسترددت ما أثبت وضربت عليه

فزعم أن كيف يمكن هذا وقال قلت ومضى

فقلت له كيف جاز لك أن تقول في الله شيئا لا تقوم به شرحا وبيانا إذا لم تميز بين التلاوة والمتلو فسكت إذ لم يكن عنده جواب

وقال أبو حامد الأعمشى رأيت البخارى في جنازة سعيد بن مروان والذهلى يسأله عن الأسماء والكنى والعلل ويمر فيه البخارى مثل السهم فما أتى على هذا شهر حتى قال الذهلى ألا من يختلف إلى مجلسه فلا يأتينا فإنهم كتبوا إلينا من بغداد أنه تكلم في اللفظ ونهيناه فلم ينته فلا تقربوه

قلت كان البخارى على ما روى وسنحكى ما فيه ممن قال لفظى بالقرآن مخلوق

وقال محمد بن يحيى الذهلى من زعم أن لفظى بالقرآن مخلوق فهو مبتدع لا يجالس ولا يكلم ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر

وإنما أراد محمد بن يحيى والعلم عند الله ما أراده أحمد بن حنبل كما قدمناه في ترجمة الكرابيسى من النهى عن الخوض في هذا ولم يرد مخالفة البخارى وإن خالفه وزعم أن لفظه الخارج من بين شفتيه المحدثتين قديم فقد باء بأمر عظيم والظن به خلاف ذلك

وإنما أراد هو وأحمد وغيرهما من الأئمة النهى عن الخوض في مسائل الكلام وكلام البخارى عندنا محمول على ذكر ذلك عند الاحتياج إليه فالكلام في الكلام عند الاحتياج واجب والسكوت عنه عند عدم الاحتياج سنة

فافهم ذلك ودع خرافات المؤرخين واضرب صفحا عن تمويهات الضالين الذين يظنون أنهم محدثون وأنهم عند السنة واقفون وهم عنها مبعدون وكيف يظن بالبخارى أنه يذهب إلى شئ من أقوال المعتزلة وقد صح عنه فيما رواه الفربرى وغيره أنه قال إنى لأستجهل من لا يكفر الجهمية

ولا يرتاب المنصف في أن محمد بن يحيى الذهلى لحقته آفة الحسد التى لم يسلم منها إلا أهل العصمة

وقد سأل بعضهم البخارى عما بينه وبين محمد بن يحيى فقال البخارى كم يعترى محمد بن يحيى الحسد في العلم والعلم رزق الله يعطيه من يشاء

ولقد ظرف البخارى وأبان عن عظيم ذكائه حيث قال وقد قال له أبو عمرو الخفاف إن الناس خاضوا في قولك لفظى بالقرآن مخلوق يا أبا عمرو احفظ ما أقول لك من زعم من أهل نيسابور وقومس والرى وهمذان وبغداد والكوفة والبصرة ومكة والمدينة أنى قلت لفظى بالقرآن مخلوق فهو كذاب فإنى لم أقله إلا أنى قلت أفعال العباد مخلوقة

قلت تأمل كلامه ما أذكاه ومعناه والعلم عند الله إنى لم أقل لفظى بالقرآن مخلوق لأن الكلام في هذا خوض في مسائل الكلام وصفات الله التى لا ينبغى الخوض فيها إلا للضرورة ولكنى قلت أفعال العباد مخلوقة وهى قاعدة مغنية عن تخصيص هذه المسألة بالذكر فإن كل عاقل يعلم أن لفظنا من جملة أفعالنا وأفعالنا مخلوقة فألفاظنا مخلوقة

لقد أفصح بهذا المعنى في رواية أخرى صحيحة عنه رواها حاتم بن أحمد بن الكندى قال سمعت مسلم بن الحجاج فذكر الحكاية وفيها أن رجلا قام إلى البخارى فسأله عن اللفظ بالقرآن فقال أفعالنا مخلوقة وألفاظنا من أفعالنا

وفى الحكاية أنه وقع بين القوم إذ ذاك اختلاف على البخارى فقال بعضهم قال لفظى بالقرآن مخلوق وقال آخرون لم يقل

قلت فلم يكن الإنكار إلا على من يتكلم في القرآن

فالحاصل ما قدمناه في ترجمة الكرابيسى من أن أحمد ابن حنبل وغيره من السادات الموفقين نهوا عن الكلام في القرآن جملة وإن لم يخالفوا في مسألة اللفظ فيما نظنه فيهم إجلالا لهم وفهما من كلامهم في غير رواية ورفعا لمحلهم عن قول لا يشهد له معقول ولا منقول ومن أن الكرابيسى والبخارى وغيرهما من الأئمة الموفقين أيضا أفصحوا بأن لفظهم مخلوق لما احتاجوا إلى الإفصاح هذا إن ثبت عنهم الإفصاح بهذا وإلا فقد نقلنا لك قول البخارى أن من نقل عنه هذا فقد كذب عليه

فإن قلت إذا كان حقا لم لا يفصح به

قلت سبحان الله قد أنبأناك أن السر فيه تشديدهم في الخوض في علم الكلام خشية أن يجرهم الكلام فيه إلى ما لا ينبغى وليس كل علم يفصح به فاحفظ ما نلقيه إليك واشدد عليه يديك

ويعجبنى ما أنشده الغزالى في منهاج العابدين لبعض أهل البيت

ذكره النبأ عن وفاته رضى الله عنه

قال ابن عدى سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار السمرقندى يقول جاء البخارى إلى خزتنك قرية من قرى سمرقند على فرسخين منها وكان له بها أقرباء ينزل عندهم قال فسمعته ليلة وقد فرغ من صلاة الليل يقول في دعائه اللهم إنى ضاقت على الأرض بما رحبت فاقبضنى إليك

قال فما تم الشهر حتى قبضه الله وقبره بخرتنك

وعن عبد الواحد بن آدم الطواويسى رأيت النبى صلى الله عليه وسلم في المنام ومعه جماعة من أصحابه فسلمت عليه فرد على السلام فقلت ما وقوفك يا رسول الله فقال (أنتظر محمد بن إسماعيل البخارى) فلما كان بعد أيام بلغنى موته فنظرنا فإذا هو قد مات في الساعة التى رأيت النبى صلى الله عليه وسلم فيها

قال الحاكم أبو عبد الله سمعت أبا صالح خلف بن محمد بن إسماعيل البخارى يقول سمعت أبا حسان مهيب بن سليم الكرمانى يقول مات محمد بن إسماعيل رحمه الله عندنا ليلة الفطر أول ليلة من شوال سنة ست وخمسين ومائتين وكان بلغ عمره اثنتين وستين سنة غير ثنتى عشرة ليلة وكان مولده في شوال سنة أربع وتسعين ومائة وكان في بيت وحده فوجدناه لم أصبحنا وهو ميت

وقال بكر بن منير بن خليد البخارى بعث الأمير خالد بن أحمد الذهلى متولى بخارى إلى محمد بن إسماعيل أن احمل إلى كتاب الجامع والتاريخ وغيرهما لأسمع منك

فقال لرسوله أنا لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب الناس فإن كان له إلى شئ منه حاجة فليحضر في مسجدى أو في دارى وإن لم يعجبه هذا فإنه سلطان فليمنعنى

من الجلوس ليكون لى عذر عند الله يوم القيامة لئلا أكتم العلم فكان هذا سبب الوحشة بينهما

وقال أبو بكر بن أبي عمرو البخارى كان سبب منافرة البخارى أن خالد بن أحمد خليفة الظاهرية ببخارى سأله أن يحضر منزله فيقرأ الجامع والتاريخ على أولاده فامتنع فراسله بأن يعقد مجلسا خاصا لهم فامتنع وقال لا أخص أحدا فاستعان عليه بحريث بن أبي الورقاء وغيره حتى تكلموا في مذهبه ونفاه عن البلد فدعا عليهم فلم يأت إلا شهر حتى ورد أمر الظاهرية بأن ينادى على خالد في البلد فنودى عليه على أتان وأما حريث فابتلى بأهله ورأى فيها ما يجل عن الوصف وأما فلان فابتلى بأولاده

رواها الحاكم عن محمد بن العباس الضبى عن أبى بكر هذا

وحريث بن أبي الورقاء من كبار فقهاء الرأى ببخارى

قال محمد بن أبي حاتم سمعت غالب بن جبريل وهو الذى نزل عليه أبو عبد الله يقول أقام أبو عبد الله عندنا أياما فمرض واشتد به المرض حتى جاء رسول إلى سمرقند بإخراجه فلما وافى تهيأ للركوب فلبس خفيه وتعمم فلما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها وأنا آخذ بعضده ورجل آخر معى يقود الدابة ليركبها فقال رحمه الله أرسلونى فقد ضعفت فدعا بدعوات ثم اضطجع فقضى رحمه الله فسال منه من العرق شئ لا يوصف فما سكن منه العرق إلى أن أدرجناه في ثيابه

وكان فيما قال لنا وأوصى إلينا أن كفنونى في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ففعلنا ذلك

فلما دفناه فاح من تراب قبره رائحة غالية فدام على ذلك أياما ثم علت سوارى بيض في السماء مستطيلة بحذاء قبره فجعل الناس يختلفون ويتعجبون

وأما التراب فإنهم كانوا يرفعون عن القبر حتى ظهر القبر ولم يكن يقدر على حفظ

القبر بالحراس وغلبنا على أنفسنا فنصبنا على القبر خشبا مشبكا لم يكن أحد يقدر على الوصول إلى القبر

وأما ريح الطيب فإنه تداوم أياما كثيرة حتى تحدث أهل البلدة وتعجبوا من ذلك

وظهر عند مخالفيه أمره بعد وفاته وخرج بعض مخالفيه إلى قبره وأظهر التوبة والندامة

قال محمد ولم يعش غالب بعده إلا القليل ودفن إلى جانبه

وقال أبو على الغسانى الحافظ أخبرنا أبو الفتح نصر بن الحسن السكنى السمرقندى قدم علينا بلنسية عام أربع وستين وأربعمائة قال قحط المطر عندنا بسمرقند في بعض الأعوام فاستسقى الناس مرارا فلم يسقوا فأتى رجل صالح معروف بالصلاح إلى قاضى سمرقند فقال له إنى قد رأيت رأيا أعرضه عليك

قال وما هو قال أرى أن تخرج ويخرج الناس معك إلى قبر الإمام محمد بن إسماعيل البخارى ونستسقى عنده فعسى الله أن يسقينا فقال القاضى نعم ما رأيت

فخرج القاضى والناس معه واستسقى القاضى بالناس وبكى الناس عند القبر وتشفعوا بصاحبه فأرسل الله تعالى السماء بماء عظيم غزير فقام الناس من أجله بخرتنك سبعة أيام أو نحوها لا يستطيع أحد الوصول إلى سمرقند من كثرة المطر وغزارته وبين سمرقند وخرتنك نحو ثلاثة أميال

قلت وأما الجامع الصحيح وكونه ملجأ للمعضلات ومجربا لقضاء الحوائج فأمر مشهور ولو اندفعنا في ذكر تفصيل ذلك وما اتفق فيه لطال الشرح

ذكر نخب وفوائد ولطائف عن أبى عبد الله

قال الحاكم أبو عبد الله ومن شعر البخارى قرأت بخط أبى عمرو المستملى وأنشد البخارى

قال وأنشد البخارى

قال وأنشد أبو عبد الله

قال وأنشد البخارى

قلت هذا أحسن وأجمع من قول القائل

ومن قول الطغرائى

وهى من قصيدته التى تسمى لامية العجم وهى هذه

فى صحيح البخارى عن الحسن أن من عليه صوم رمضان إذا مات فصام عنه ثلاثون رجلا في يوم واحد أجزأه

فرع غريب

يقع تفريعا على القول بأنه يصام عن الميت وقد ذكره النووى في شرح المهذب وقال لم أر لأصحابنا فيه كلاما قال وهو الظاهر

وكذلك قال الوالد في شرح المنهاج إن ما قاله الحسن هو الظاهر الذى نعتقده

استدل البخارى على جواز النظر إلى المخطوبة بقول النبى صلى الله عليه وسلم لعائشة رضى الله عنها (رأيتك في المنام يجئ بك الملك في سرقة من حرير فقال لى هذه امرأتك فكشفت عن وجهك الثوب فإذا أنت هى

قال الوالد رحمه الله في شرح المنهاج وهذا استدلال حسن لأن فعل النبى صلى الله عليه وسلم في النوم واليقظة سواء وقد كشف عن وجهها

ذكر أبو عاصم العبادى أن الساجى قال حدثنا محمد بن إسماعيل عن الحسين عن الشافعي أنه قال يكره أن يقول الرجل قال الرسول بل يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون معظما انتهى

والحسين هو الكرابيسى ومحمد بن إسماعيل هو البخارى فيما ذكر أبو عاصم

ورأيت بخط ابن الصلاح أحسب أبا عاصم واهما ومحمد بن إسماعيل هذا هو السلمى

نقلت من خط الشيخ الإمام رحمه الله قال ابن بشكوال في الصلة في تاريخ الأندلس في ترجمة عبد الله بن محمد بن عبد البر والد أبى عمر وقد جوز البخارى أن يحدث الرجل عن كتاب أبيه بتبيين أنه خطه دون خط غيره

قال الوالد قوله دون خط غيره إن كان المراد بتبين أن ليس خط غيره فهو موافق لما قاله الناس وإن كان المراد أنه لا يحدث عن خط غيره فغير معروف

  • دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 2- ص: 212

محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة الإمام أبو عبد الله البخاري الجعفي مولاهم. الحافظ العلم، صاحب «الصحيح» وإمام هذا الشأن، والمعول على صحيحه في أقطار البلدان.
ولد يوم الجمعة بعد الصلاة لثالث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائتين ببخارى، وبردزبة: بفتح الباء الموحدة وسكن الزاي المعجمة وفتح الباء الموحدة بعدها هاء، هذا هو المشهور في ضبطه، وبه جزم ابن ماكولا، ومعناها بالفارسية الزارع. وكان فارسيا على دين قومه، ثم أسلم والد جده المغيرة على يد اليمان الجعفي والي بخارى، فنسب إليه نسبة ولاء، وقيل له الجعفي لذلك.
وأما والد البخاري، فقال ابن حبان في الطبقة الرابعة من كتاب الثقات: إسماعيل بن إبراهيم البخاري، يروى عن حماد بن زيد، ومالك، روى عنه العراقيون.
وقال البخاري في كتاب «التاريخ الكبير»: إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة، سمع من مالك، وحماد بن زيد، وصحب ابن المبارك، ومات إسماعيل ومحمد صغير، فنشأ في حجر أمه، ثم حج مع أمه وأخيه أحمد، وكان أسن منه، فأقام هو بمكة مجاورا يطلب العلم، ورجع أخوه إلى بخارى فمات بها.
روى البخاري عن: الإمام أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، ومكي بن إبراهيم، وأبي عاصم النبيل، وعبيد الله بن موسى، وأبي نعيم، وخلاد بن يحيى، وعلي بن عباس، وعصام بن خالد، وآدم بن أبي إياس، وقتيبة، وخلق.
وروى عنه: مسلم، والترمذي، والنسائي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وأبو بكر البزار وعبيد الله بن واصل، والفربري، وخلق سواهم.
قال أبو جعفر محمد بن أبي حاتم: قلت لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: كيف كان بدء أمرك في طلب الحديث؟ قال: ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب ولي عشر سنين أو أقل، ثم خرجت من الكتاب بعد العشر فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره.
فلما طعنت في ست عشرة سنة، حفظت كتب ابن المبارك ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء.
فلما طعنت في ثمان عشرة، جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين
وأقاويلهم، وصنفت «كتاب التاريخ» إذ ذاك عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقل اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة، إلا أني كرهت تطويل الكتاب.
وروي عن البخاري أنه قال: أخرجت هذا الكتاب يعني الصحيح من زهاء ستمائة ألف حديث.
وقال الفربري: قال لي البخاري: ما وضعت في كتاب الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك، وصليت ركعتين.
وقال بندار: حفاظ الدنيا أربعة، أبو زرعة بالري، ومسلم بنيسابور، والدارمي بسمرقند، والبخاري ببخارى.
قال ابن عدي: كان ابن صاعد إذا ذكر البخاري، قال: الكبش النطاح.
وللبخاري من المؤلفات «الجامع الصحيح» قال الفربري: سمعه منه تسعون ألفا وأنه لم يبق من يرويه غيري، وهذا الإطلاق منه بحسب ما علم، وإلا فقد تأخر بعده بتسع سنين أبو طلحة منصور بن محمد بن علي البزدوي، وكانت وفاته سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، قاله: ابن ماكولا.
وروى «الجامع» أيضا، إبراهيم بن معقل النفسي، إلا قطعة من آخره رواها بالإجازة، وكذلك حماد بن شاكر النسوي.
ورواية محمد بن يوسف بن مطر بن صالح بن بشر الفربري لكتاب «الجامع الصحيح» عن الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، هي التي اتصلت في هذه الأعصار وما قبلها.
وللبخاري غير ذلك من المصنفات «كتاب الأدب» يرويه عنه أحمد بن محمد بن الجليل بالجيم البزار.
وكتاب «رفع اليدين في الصلاة» وكتاب «القراءة خلف الإمام» يرويهما عنه محمود بن إسحاق الخزاعي، وهو آخر من حدث عنه ببخارى.
وكتاب «بر الوالدين» يرويه عنه محمد بن دلويه الوراق.
وكتاب «التاريخ الكبير» يرويه أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس، وأبو الحسن محمد بن سهل الفسوي، وغيرهما.
وكتاب «التاريخ الأوسط» يرويه عنه عبد الله بن أحمد بن عبد السلام ابن زنجويه بن محمد اللباد.
وكتاب «خلق أفعال العباد» يرويه عنه يوسف بن ريحان بن عبد الصمد، والفربري أيضا.
وكتاب «الضعفاء» يرويه عنه أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي، وأبو جعفر مسبح بن سعيد، وآدم بن موسى الخواري، وهذه التصانيف موجودة مروية.
ومن تصانيفه أيضا كتاب «الجامع الكبير» ذكره ابن طاهر، وكتاب «المسند الكبير»، وكتاب «التفسير الكبير»، ذكره الفربري، وكتاب «الأشربة» ذكره الدارقطني في «المؤتلف والمختلف» في ترجمة كبشة، وكتاب «الهبة» ذكره وراقة، وكتاب «أسامي الصحابة» ذكره أبو القاسم بن منده، وأنه يرويه من طريق ابن فارس عنه، وكتاب «العلل» ذكره ابن منده، وكتاب «الكنى» ذكره الحاكم أبو أحمد، وكتاب «الفوائد» ذكره الترمذي.
وقال الخطيب عن عبد الواحد بن آدم الطواويسي قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، ومعه جماعة من أصحابه وهو واقف في موضع، فسلمت عليه، فرد علي السلام، فقلت: ما وقوفك هنا يا رسول الله؟ قال: أنتظر محمد بن إسماعيل، قال فلما كان بعد أيام بلغني موته، فنظرت، فإذا هو قد مات في الساعة التي رأيت فيها النبي صلى الله عليه وسلم. قال مهيب بن سليم: كان ذلك ليلة السبت، ليلة عيد الفطر المبارك، سنة ست وخمسين ومائتين، وكانت مدة عمره اثنتين وستين سنة، إلا ثلاثة عشر يوما، رحمة الله عليه.
وقال ابن عدي: سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار، يقول: خرج البخاري إلى خرتنك، قرية من قرى سمرقند، وكان له بها أقرباء فنزل عندهم، قال: فسمعته ليلة من الليالي، وقد فرغ من صلاة الليل، يقول في دعائه: اللهم قد ضاقت علي الأرض بما رحبت، فاقبضني إليك. فما تم الشهر حتى قبضه الله.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 0( 0000) , ج: 2- ص: 104

البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي مولاهم
الحافظ العلم صاحب الصحيح وإمام هذا الشأن والمعول على صحيحه في أقطار البلدان
روى عن الإمام أحمد وإبراهيم بن المنذر وابن المديني وآدم بن أبي إياس وقتيبة وخلق
وعن مسلم والترمذي وإبراهيم الحربي وابن أبي الدنيا وأبو حاتم والمحاملي والفربري وخلق آخرهم وفاة ورواية للصحيح أبو طلحة منصور بن محمد النسفي
قال أبو جعفر محمد بن أبي حاتم الوراق قلت لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري كيف كان بدء أمرك في طالب الحديث قال ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب ولي عشر سنين أو أقل ثم خرجت من الكتاب بعد العشر فجعلت أختلفت إلى الداخلي وغيره فلما طعنت في ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك ووكيع وعرفت كلام هؤلاء وأقاويلهم ثم خرجت مع أمي وأخي أحمد إلى مكة فأقمنا بها إلى طلب الحديث
فلما طعنت في ثمان عشرة جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم وصنف كتاب التاريخ إذ ذاك عند قبر الرسول الله صلى الله عليه وسلم وقل اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة إلا أني كرهت تطويل الكتاب
وروى عن البخاري أنه قال أخرجت هذا الكتاب يعين الصحيح من زهاء ستمائة ألف حديثه
وقال الفربري قال لي البخاري ما وضعت في كتابي الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين
وقال بندار حفاظ الدنيا أربعة أبو زرعة بالري ومسلم بنيسابور والدارمي بسمرقند والبخاري ببخارى
وقال ابن عدي كان ابن صاعد إذا ذكر البخاري يقول الكبش النطاح
وللبخاري من المؤلفات الجامع الصحيح التاريخ الكبير الأدب المفرد القراءة خلف الإمام
ولد يوم الجمعة بعد الصلاة لثلاث عشرة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة ومات ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين ومائتين

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1403) , ج: 1- ص: 252

محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه
وقيل بذدزبه الإمام أبو عبد الله الجعفي، مولاهم البخاري صاحب الصحيح ولد سنة 194 وطلب العلم بن عشر ورحل سنة عشر ومائتين سمع أبا عاصم ومكي بن إبراهيم وعبيد الله والفريابي وخلائق وعنه الترمذي وابن خزيمة وابن صاعد والفربري وابن الشرقي والمحاملي ومنصور بن محمد البزدوي والصحيح أن النسائي ما سمع عنه وكان إماما حافظا حجة رأسا في الفقه والحديث مجتهدا من أفراد العالم مع الدين والورع والتأله مات بقرية خرتنك من عمل بخارى ليلة الفطر سنة 256 ت

  • دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 2- ص: 1

محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي البخاري أبو عبد الله
يروي عن عبيد الله بن موسى وأبي عاصم والمكي بن إبراهيم مات ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين ومائتين وقبره بخرتنك على فرسخين من سمرقند ودفن من الغد يوم الفطر يوم السبت وكان من خيار الناس ممن جمع وصنف ورحل وحفظ وذاكر وحث عليه وكثرت عنايته بالأخبار وحفظه للآثار مع علمه بالتاريخ ومعرفة أيام الناس ولزوم الورع الخفي والعبادة الدائمة إلى أن مات رحمه الله

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 9- ص: 1

محمد بن إسماعيل البخاريّ، أبو عبد الله الشافعيّ، صاحب كتاب الصحيح.
كان من أصحاب الشافعيّ، وقد روى عنه. له من الكتب: التاريخ الكبير، وكتاب التاريخ الصغير، وكتاب الأسماء والكنى، وكتاب الضّعفاء، وكتاب الصّحيح، وكتاب السّنن في الفقه، وكتاب الأدب، وكتاب رفع اليدين، وكتاب القراءة خلف الإمام.

  • دار الغرب الإسلامي - تونس-ط 1( 2009) , ج: 1- ص: 172

البخاري (ت، س)
شيخ الإسلام، وإمام الحفاظ، أبو عبد الله، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه الجعفي مولاهم، صاحب ’’الصحيح’’ والتصانيف.
مولده في شوال سنة أربعٍ وتسعين ومئة، وأول سماعه للحديث سنة خمسٍ ومئتين، وحفظ تصانيف ابن المبارك وهو صبي، ونشأ يتيماً، ورحل مع أمه وأخيه سنة عشرٍ ومئتين بعد أن سمع مرويات بلده من محمد بن سلام، والمسندي، ومحمد بن يوسف البيكندي. وسمع ببلخٍ من مكي بن إبراهيم، وببغداد من عفان، وبمكة من المقرئ، وبالبصرة من أبي عاصم، والأنصاري، وبالكوفة من عبيد الله بن موسى، وبالشام من أبي المغيرة، والفريابي، وبعسقلان من آدم، وبحمص من أبي اليمان، وبدمشق من أبي مسهر شيئاً. وصنف وحدث وما في وجهه شعرة، وكان رأساً في الذكاء، والعلم، والورع، والعبادة.
روى عنه: الترمذي، ومحمد بن نصر المروزي، وجزرة، ومطين، وابن خزيمة، وأبو قريش محمد بن جمعة، وأبن صاعد، وابن أبي داود، والفربري، وأبو حامد بن الشرقي، ومنصور بن محمد البزدوي، والمحاملي، وخلائق.
وكان شيخاً نحيفاً، ليس بطويل ولا قصير، إلى السمرة.
وكان يقول: لما طعنت في ثماني عشرة سنة، جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم في أيام عبيدالله بن موسى، وحينئذٍ صنفت ’’التاريخ’’ عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم في الليالي المقمرة.
وعنه قال: كتبت عن أكثر من ألف رجل.
وقال ابن خزيمة: ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من البخاري.
ومناقبه وفضائله كثيرة جداً، مدونة في كتب العلماء.
مات ليلة الفطر سنة ست وخمسين ومئتين.
وفيها توفي: الزبير بن بكار، وعلي بن المنذر الطريقي، ومحمد بن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، ومحمد بن عثمان بن كرامة.

  • مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 2- ص: 1

محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري
صاحب ’’الصحيح’’ قد أفردت ترجمته بالتصنيف. ولد سنة أربع وتسعين ومائة، ومات سنة ست وسبعين ومائتين، ذكره العبادي في طبقاته وقال: سمع من الزعفراني وأبى ثور والكرابيسى، ولم يرو عن الشافعي في الصحيح؛ لأنه أدرك أقرانه، والشافعي مات متكهلاً فلا يرويه نازلاً، وروى عن الحسين وأبى ثور مسائل عن الشافعي. قلت: وسمع هذا فلم يخل صحيحه من ذكره فذكره في الزكاة والعرايا.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1

محمد بن إسماعيل البخاري أبو عبد الله
قدم عليم الري سنة مائتين وخمسين روى عن عبدان المروزي وأبي همام الصلت بن محمد والفريابي وابن أبي أويس سمع منه أبي وأبو زرعة ثم تركا حديثه عندما كتب إليهما محمد بن يحيى النيسابوري أنه أظهر عندهم أن لفظه بالقرآن مخلوق.

  • طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 7- ص: 1