البحاثي محمد بن اسحاق بن علي، ابو جعفر الزوزني البحاثي: اديب من الشعراء من أهل زوزن (بين هراة و نيسابور) ووفاته بغزنة، كان ينسخ الكتب له ديوان (شعر) في تسع مجلدات، و (شرح ديوان البحتري) و (نحو القلوب) نسبته إلى جد له اسمه (بحاث).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 29
الزوزني البحاثي محمد بن اسحق بن علي بن داود القاضي أبو جعفر الزوزني بزائين وواو ساكنة البحاثي، شاعر مفلق له تصانيف عجيبة مفيدة جدا وهزلا رزق من الهجاء نظما ونثرا طريقة لم يسبق إليها، ما ترك أحدا من الكبار إلا هجاه، قال ما وقع بصري على شخص قط إلا تصور في قلبي هجاؤه، وله ديوان موجود، وتوفي سنة ثلث وستين وأربع ماية، ومن تصانيفه شرح ديوان البحتري وهو جيد، قال يهجو:
أبو طاهر في اللؤم والشؤم غاية | بعيد عن الإسلام والعقل والدين |
على وجهه خال قريب من أنفه | كمثل ذباب واقع فوق سرقين |
ينيكون غزلان الحسان ولا أرى | غزالا من الغزلان حل بساحتي |
فمن يك قد لاقى من إليك راحة | ففي راحتي والريق أنسي وراحتي |
وزايرة تاهت علي ببردها | ويعجبني منها خشونة جلدها |
ثقيلة ما بين الإهاب قصيرة | وصفرتها تبدو بظاهر خدها |
وفاح لها طيب يسير أمامها | فيحي لنفس الصب ميت وجدها |
فقمت إليها مسرعا فافترعتها | وذقت لذيذا من غسيلة شهدها |
يا لحية قد علقت من عارضي | لا أستطيع لقبحها تشبيها |
طالت فلم تفلح ولم تك لحية | لتطول إلا والحماقة فيها |
سألونا عن قراه | فاختصرنا في الجواب |
كان فيه كل شئ | بادرا غير الشراب |
الحمد لله وشكرا على | إنعامه الشامل في كل شيء |
إن الذي لاعبني في الصبي | مات ومن قد نكته بعد حي |
ليت شعري إذا خرجت من الدنـ | ـيا وأصبحت ساكن الأجداث |
هل يقولن إخوتي بعد موتي | رحمه الله ذلك البحاثي |
يا أبا جعفر ابن اسحق إني | خانني فيك نازل الأحداث |
من هوى من منازل العز قسرا | يك تحت الرجام في الأجداث |
فلك اليوم من قواف حسان | سرن في المدح سيرها في المراثي |
مع كتب جمعت في كل فن | حين يروين كل باك وراث |
قايل كلها بغير لسان | رحمه الله ذلك البحائي |
بليت بطفل قل طايل نفعه | سوى قبل يزرى بها طول منعه |
ويمسحها من عارضيه بكمه | ويغسلها عن وجنته بدمعه |
يكاشفني إن لاح شخصي بعينه | ويغتابني إن مر ذكري بسمعه |
من كان يرغب في البدا | ل من الورى فأنا شريكه |
ما العيش إلا أن تنيـ | ـك وأن ينيكك من تنيكه |
يتوب عن الذنوب أخو الخطايا | وإن لذت له تلك الذنوب |
وذايق فقحة التركي نيكا | يصر على الذنوب فلا يتوب |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 2- ص: 0
الزوزني البحاثي اسمه محمد بن إسحاق بن علي الشاعر.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 14- ص: 0
محمد بن إسحاق بن علي بن داود بن حامد أبو جعفر القاضي الزوزني البحاثي: ذكره عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي وأنه مات بغزنة سنة ثلاث وستين وأربعمائة وقال: هو أحد الفضلاء المعروفين والشعراء المفلقين، صاحب التصانيف العجيبة المفيدة جدا وهزلا، والفائق أهل عصره ظرفا وفضلا، المتعصب لأهل السنة، المخصوص بخدمة البيت الموفقي، المحترم بين الأئمة والكبار لفضله مرة، وللتوقي من حمات لسانه وعقارب هجائه ثانية، ولقد رزق من الهجاء في النظم والنثر طريقة لم يسبق إليها، وما ترك أحدا من الكبراء والأئمة والفقهاء وسائر الأصناف من الناس إلا هجاه ووقع فيه، فكان الكل يتترسون باحترامه وإيوائه، عن سهام هجائه.
قال عبد الغافر: وكان صديق والدي من البائتين عنده في الأحايين، والمقترحين عليه ما يشتهيه من الطبائخ والمطعومات. سمعته رحمه الله يحكي عن أحواله وتهتكه واشتغاله في جميع الأحوال بما لا يليق بالعلماء والأفاضل، ولكنه كان يحتمل عنه اتقاء لسانه. ومما حكاه لي رحمه الله قال: ما وقع بصري قط على شخص إلا تصور في قلبي هجاؤه قبل أن أكلمه وأجربه أو أخبر أحواله. وحكى لي بعض من أثق به أنه قال: لم يفلت أحد من هجائي إلا القاضي الامام صاعد بن محمد رحمه الله، فإني كنت زورت في نفسي أن أهجوه، فحيث تأملت في حسن عبادته وكمال فضله ومرضي سيرته استحييت من الله تعالى وتركت ما أجلته في فكري، على أني سمعت فيما قرع سمعي تشبيبا منه بشيء من ذلك عفا الله عنه، ولقد خص طائفة من الأكابر والعلماء بوضع التصنيف فيهم ورميهم بما برأهم الله عز وجل عنه. وبالغ في الافحاش، وأغرق في قوس الايحاش، وأظهر النسخ بين الناس، وأغرب في فنون الهجاء، وأتى بالعبارات الرشيقة والمعاني الصحيحة من حيث الصنعة، وإن كانت عن آخرها أوزارا وآثاما وكذبا وبهتانا. واتفق الأفاضل على أنه أهجى عصره من الفضلاء، وأفتقهم شتما قبيحا تعريضا وتصريحا، وكان يسكن مدرسة السيوري بباب عزرة ويخص جماعة سكانها من الأئمة في عصره بالهجاء، وله معهم ثارات وأحوال يطول ذكرها، ثم مع تبحره وانفراده بفن الهجاء كان له شعر في الطبقة العليا في المدح والثناء وسائر المعاني، قصائده الغر في السادة والأئمة مشهورة، ومقطعاته في الغزل مأثورة، وكان ينسخ كتب الأدب بخط مقروء صحيح أحسن النسخ، ولقد رأيت نسخة من «كتاب يتيمة الدهر» لأبي منصور الثعالبي في خمس مجلدات بخطه المليح بيعت بثلاثين دينارا نيسابورية وكانت تساوي أكثر من ذلك، ولقد كتب نسخة من «غريب الحديث» لأبي سليمان الخطابي وقرأها على جدي الشيخ عبد الغافر بن محمد الفارسي قراءة سماع، وعلى الحاكم الامام أبي سعد ابن دوست قراءة تصحيح وإتقان، أقطع على الله تعالى أن لم يبق من ذلك الكتاب نسخة أبين ولا أملح منها، وهي الآن برسم خزانة الكتب الموضوعة في الجامع القديم موقوفة على المسلمين من
أراد صدقي في ادعائي فليطالعه منها. ولم أظفر من مسموعاته في الأحاديث بشيء يمكنني أن أودعه هذا الكتاب مع أني لا أشك في سماعه، ولقد ذكر الحافظ أنه روى عنه عن خاله أبي الحسن هارون الزوزني عن أبي حاتم ابن حبان ولم يقع إلي بعد.
ومن شعره في بعض الأكابر:
يرتاح للمجد مهتزا كمطرد | مثقف من رماح الخط عسال |
فمرة باسم عن ثغر برق حيا | وتارة كاشف عن ناب رئبال |
فما أسامة مطرورا براثنه | ضخم الجزارة يحمي خيس أشبال |
يوما بأشجع منه حشو ملحمة | والحرب تصدع أبطالا بأبطال |
ولا خضارة صخابا غواربه | تسمو أواذيه حالا على حال |
أندى وأسمح منه إذ يبشره | مبشروه برواد ونزال |
وذي شنب لو أن حمرة ظلمه | أشبهها بالجمر خفت به ظلما |
قبضت عليه خاليا واعتنقته | فأوسعني شتما وأوسعته لثما |
متناثر فوق الثرى حباته | كثغور معسول الثنايا أشنب |
برد تحدر من ذرى صخابة | كالدر إلا أنه لم يثقب |
يا لحية قد علقت من عارضي | لا أستطيع لقبحها تشبيها |
طالت فلم تفلح ولم تك لحية | لتطول إلا والحماقة فيها |
إني لأظهر للبرية حبها | والله يعلم أنني أقليها |
أبو طاهر في الشؤم واللؤم غاية | بعيد عن الاسلام والعقل والدين |
على وجهه خال قريب من انفه | كمثل ذباب واقع فوق سرقين |
ينيكون غزلان الحسان ولا أرى | غزالا من الغزلان فردا بساحتي |
فمن يك قد لاقى من النيك راحة | ففي راحتي أنسي ورفقي وراحتي |
ولما رأيت الفقر ضربة لازب | ولم يك لي في الكف عقد على نقد |
ولا لي غلام قد يناك ولم يكن | سبيل إلى الترك المكحلة المرد |
شريت قبيحا من بني الهند أسودا | ونيك الهنود السود خير من الجلد |
فسوي وضرطي والخرا مائعا | على الذي مقلوبه فسوي |
من خلقه أقبح من خلقه | وجحره أوسع من دلوي |
تعود هتك الستر نسوان سكبر | وجئن لباس الفسق من أحسن الكسا |
وطرن سرورا حين لقبن سكبرا | فسكبر إذ قلبته صار رب كسا |
سألونا عن قراه | فاختصرنا في الجواب |
كان فيه كل شيء | بارد غير الشراب |
الحمد لله وشكرا على | إنعامه الشامل في كل شي |
إن الذي لاعبني في الصبا | مات ومن قد نكته بعد حي |
باكر أبا بكر بكاس | ما بين إبريق وطاس |
حل الخطوب بساحتي | لا كنت أيتها الخطوب |
غادرتنا فغدرت إن الدهر خداع خلوب | دنيا تقضت لم يكن |
ليت شعري إذا خرجت من الدن | يا فأصبحت ساكن الأجداث |
هل يقولن إخوتي بعد موتي | رحم الله ذلك البحاثي |
يا أبا جعفر بن إسحاق إني | خانني فيك نازل الأحداث |
من هوى من مصاعد العز قسرا | يك تحت الرجام في الأجداث |
فلك اليوم من قواف حسان | سرن في المدح سيرها في المراثي |
مع كتب جمعن في كل فن | حين يروين ألف باك وراثي |
قائل كلها بغير لسان | رحم الله ذلك البحاثي |
بأبي من عند لثمي | زاد في عشقي بشتمه |
ومضى يبكي ويمحو | أثر اللثم بكمه |
بليت بطفل قل طائل نفعه | سوى قبل يزري بها طول منعه |
ويمسحها من عارضيه بكمه | ويغسلها عن وجنتيه بدمعه |
يكاشفني إن لاح شخصي بعينه | ويغتابني إن مر ذكري بسمعه |
ألا إن هذا البيهقي محدث | مسيلمة الكذاب في جنبه ملك |
ففي وجهه قبح وفي قلبه عمى | وفي نطقه كذب وفي دينه حلك |
لو ابن معين كان حيا لجاءه | وبالسلح سلح الكلب لحيته دلك |
فلا تعجبا إن مد في عمر مثله | ويهلك أهل الفضل إذ خرف الفلك |
مأتم الشيخ مأنس للكرام | جئته قاضيا لحق الحمام |
مع حزن يحكي حزين الأغاني | وبكاء يحكي بكاء الحمام |
كجهام الغمام جفنا ووجها | مكدي الدمع واري الإبتسام |
كان البويعر بدرا في حداثته | ما كان أحسنه وجها وأبهاه |
والطيب أجمع فيما تحت مئزره | والسحر ما بثه في الناس عيناه |
ربيته وهو في حجري ألاعبه | نهاره وفراشي كان مأواه |
أفيده في جنايا العلم أحسنها | وأستفيد لذيذا من جنى فاه |
حتى إذا ما عسا جلد أسته وغدا | مشعرا ودجا واسود قطراه |
وصار كلبا وخنزيرا وزوبعة | وغول قفر يميت الإنس لقياه |
أنشا يمزق عرضي منكرا أدبي | وليس يحسن إلا ما أفدناه |
إن كان ينكر ما قدمت من أدبي | فليس ينكر أيري شم مفساه |
لو لم تغير صروف الدهر صورته | لكان مغفورة عندي خطاياه |
إني لمرزوق من الناس إذ | أصبحت من أحذق حذاقهم |
ما ذاك من فضل ولكنني | أخالق الناس بأخلاقهم |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 6- ص: 2427
محمد بن إسحاق بن عليّ بن داود بن حامد، أبو جعفر القاضي الزّوزنيّ البحاثيّ.
ذكره عبد الغافر الفارسيّ في سياق تاريخ نيسابور، وقال: كان فاضلا أديبا، وشاعرا مجيدا، إلا أنه كان مشتهرا بهجاء الأعيان والأئمة والأماثل، وكان الكلّ يتحامون لسانه، ويكرمونه [...] وخوفا من هجائه. وحكي عنه أنه قال: لم يفلت أحد من هجائي إلا القاضي الإمام صاعد بن محمد، فإنّي كنت روّيت في نفسي أن أهجوه، فحيث تأمّلت في كثرة عبادته، وكمال فضله، ومرضيّ سيرته، فاستحييت من الله تعالى، وتركت ما أجلته في فكري.
وكان يظهر هجاء من يهجوه بخطّه المليح، ونظمه الفصيح، وقصائده في ذلك مشهورة. قلت: ولولا أنّي لا أحبّ أن أكتب لذكرت له ما يستحسن. وله مقطّعات في الغزل مأثورة، فمن شعره: [الطويل]
وذي شنب لو أنّ حمرة ظلمه | أشبّهها بالجمر خفت به ظلما |
قبضت عليه خاليا واعتنقته | فأوسعني شتما وأوسعته لثما |
دار الغرب الإسلامي - تونس-ط 1( 2009) , ج: 1- ص: 193
محمد بن إسحاق بن جعفر البحّاثى الزّوزني
منسوب إلى جدٍّ له، من أهل الفضل والنبل، مذكور، مشهور، يعرف بالبحّاث، وكان أبو جعفر هذا زينة زوزن، وظرف الظرف وريحان الروح، يقول في هجاء لحيته الطويلة: كامل:
يا لحيةً قدعلّقت من عارضي | لا أستطيع لقبحها تشبيها |
طالت فلم تفلح ولم تك لحيةً | لتطول إلا والحماقة فيها |
إني لأظهر للبريّة حبّها | والله يعلم أنني أقليها |
وارحمتا لشبابه | إذ لم يمتّع بالشباب |
وكأنّه، في قبره | شمسٌ توارت بالحجاب |
لمّا ترحّل من أهوى وودّعني | وصرت من بعده حيران مبهوتا |
نظمت درّاً على القرطاس من غزلي | ومن دموعي على الخدّين ياقوتا |
بليت بقنّاص الضراغم شادنٍ | من الترك لم تحلل تمائمه بعد |
تضيق عليّ الأرض من ضيق عينه | وينرف شعري شعره الفاحم الجعد |
دار اليمامة-ط 1( 1970) , ج: 1- ص: 134
محمد بن إسحاق أبو جعفر الواعظ الزوزني
ذكره صاحب “الوشاح” وأنشد له: وافر:
فؤادي في هواك حريق، شوقٍ | فهل لي في وصالك من رجاء؟! |
إذا ما رحت، أبكي طول ليلي | بكى ودق السّحاب على بكائي |
دار اليمامة-ط 1( 1970) , ج: 1- ص: 135