التصنيفات

ابن المؤدب عبد الله بن إبراهيم بن مثنى الطوسي، المعروف بابن المؤدب. أصله من المهدية. وكان شاعرا مذكورا، مشهورا، متصرفا، قليل الشعر، مفرطا في حب الغلمان، مجاهرا بذلك، بعيد الغور ذا حيلة وكيد، مغرى بالسياحة، وطلب الكيمياء والأحجار، محروما، مقترا عليه متلافا إذا أفاد. خرج مرة يريد صقلية فأسره الروم في البحر، وأقام مدة إلى أن هادن ثقة الدولة ملك الروم، وبعث إليه بالأسرى، وكان ابن المؤدب فيهم، فمدح ثقة الدولة بقصيدة ورجا صلته فلم يصله بما أرضاه، فتكلم فيه فطلب طلبا شديدا فاختفى، وطالت المدة فخرج وهو سكران في بعض الليالي يشتري نقلا، فما شعر إلا وقد قيد، وحمل إلى بين يدي ثقة الدولة، فقال له:
ما الذي بلغني؟ فقال: المحال يا سيدنا! فقال: من الذي يقول في شعره: والحر ممتحن بأولاد الزنا! فقال: الذي يقول: وعداوة الشعراء بئس المقتنى! فتنمر ساعة ثم أمر له بمائة رباعي وإخراجه من المدينة كراهية أن تقوم عليه نفسه فيعاقبه، فخرج ثم مدح ثقة الدولة بقصيدة منها قوله:

وقال وهو في الأسر:
وكان صديقا لعبد الله بن رشيق، وهو يؤدب بعض أولاد تجار القيروان وكان حسنا، وكان ابن المؤدب يزوره، فعلق بالغلام وخرج ابن رشيق للحج، فكلما أتي بمعلم لم يكد يقم أسبوعا حتى يدعي الغلام أنه راوده، فذكر ابن المؤدب للوالد فأحضره، فما كان إلا ساعة جلوسه في المسجد ودخول الغلام إليه فأغلق باب الصحن فقام فبلغ أربه منه، وخرج الغلام إلى أبيه مبادرا فأخبره فقال أبوه: الآن تقرر عندي أنك كاذب وكذبت على من كان قبله! وصرفه إلى المكتب، فأقام على تلك الحال مدة طويلة وقال:
وكان قد اشتهر في محبة غلام علمه فتذمم أبوه أن يقتله جهارا، وخرجوا يتصيدون فأمر من حل حزام دابته سرا وتبعوه طردا، فسقط وانكسرت فخذه حتى ظهر مخه وعظمه. ومات سنة أربع عشرة وأربعمائة.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 17- ص: 0