المهدي السوداني محمد بن أحمد بن عبد الله المهدي السوداني: ثائر، كان لحركته اثر كبير في حياة السودان السياسية. ولد في جزيرة تابعة لدنقلة من اسرة اشتهر انها حسينية بالنسب. وكان ابوه فقيها فتعلم منه القراءة والكتابة. وحفظ القرآن وهو في في الثانية عشرة من عمره. ومات ابوه وهو صغير، فعمل مع امه في نجارة السفن مدة قصيرة، وذهب إلى الخرطوم، فقرأ الفقه والتفسير، وتصوف. وانقطع في جزيرة عبة (آبا؟) في النيل الابيض، مدة خمسة عشر عاما للعبادة والدرس والتدريس. وكثر مريدوه واشتهر بالصلاح وسافر إلى (كردفان) فنشر فيها (رسالة) من تأليفه يدعو فيها إلى (تطهير البلاد من مفاسد الحكام) وجاءه عبد الله بن محمد التعايشي (انظر ترجمته) فبايعه على القيام بدعوته. وقويت عصبيته بقبيلة (البقارة) وقد تزوج منها وهي عربية الاصل. من جهينة. وتلقب سنة 1298 هـ ، (1881 م) بالمهدي المنتظر. وكتب إلى فقهاء السودان يدعوهم إلى نصرته وانبث اتباعه (ويعرفون بالدراويش) بين القبائل يحضون على الجهاد. وسمع به رؤوف باشا المصري (حاكم السودان العام) فاستدعاه إلى الخرطوم، فامتنع فأرسل رؤوف قوة تأتيه به، فأنقض عليها اتباعه في الطريق وفتكوا بها وساقت الحكومة المصرية جيشا لقتاله بقيادة جيقلر باشا (Giegler) البافاري، فهاجمه نحو 50 الف سوداني وهزموه. واستولى المهدي على مدينة (الابيض) سنة 1300 هـ. وهاجمه جيش مصري ثالث بقيادة هيكس باشا (Hicks) فأبيد. وهاجم بعض اتباعه الخرطوم وفيها غوردون باشا (Gharles George Gordon) فقتلوه وحملوا رأسه على حربة (سنة 1302هـ) وانقاد السودان كله للمهدي. وكان فطنا فصيحا قوي الحجةاذا خطب خلب. قال صاحب البحر الزاخر: وقطن المهدي (ام درمان) المقابلة للخرطوم، وأقام يجمع الجمود يوجند الجنود لاجل التغلب على الديار المصرية، وارسل مكاتيب من طرفه للخديوي والسلطان عبد الحميد وملكة انكلترة يشعرهم بدولته ومقر سلطنته، وضرب النقود، ولكنه لم يلبث ان مات بالجدري في (ام الدرمان) وقد اوصى بالخلافة من بعده لعبد الله التعايشي، وجمع ما وجد من كتاباته لخليفته التعايشي في كتاب (مجموع المناشير –ط) في 71 صفحة. ووصف ابراهيم فوزي (باشا) صورة (المهدي) ولباسه، وقد رآه، بما مجمله: كان طويلا أسمر بخضرة، ضخم الجثة، عظيم الهامة، واسع الجبهة، اقنى الانف، واسع الفم والعينين، مستدير اللحية، خفيف العارضين، اسنانه كاللؤلؤ، يتعمم قلنسوة من نوع ما يتعمم عليه أهل مكة، وعمامته كبيرة منفرجة من الامام يرسل عذبة منها على منكبه الايسر؛ ثم قال: وقد رأينا صورا كثيرة يقال انها صورته، ولكنها كلها صور خيالية تبعد عن الحقيقة بعد السماء عن الارض، وكذلك كل صور التعايشي خيالية ايضا لا تقرب من الحقيقة مطلقا.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 20