النيفر محمد بن أحمد بن قاسم النيفر، أبو عبد الله: قاض، من أهل تونس. ولي القضاء بها سنة 1263 هـ. وحج، فتوفي بالمدينة. له تعاليق وفتاوي ورسالة في (البسملة) وتعليقات على شرح الاشموني على الخلاصة، أي ألفية ابن مالك. وله نظم.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 6- ص: 19

النيفر محمد بن أحمد بن قاسم بن محمد بن محمد بن أبي النور بن محمد بن أحمد النيفر الشريف، العالم الفقيه، وله شعر قليل.
يتصل نسبه بالشيخ محمد الرفاعي أخي الشيخ أحمد الرفاعي الشهير وجده الأعلى قدم من الأندلس بعد زوال الحكم الإسلامي منها، وانتقل جده أبو النور من صفاقس إلى تونس في أواخر الدولة المرادية.
والمترجم له هو أول من اشتغل بالعلم من هذا البيت، ثم أصبح العلم من تقاليد هذه الأسرة، واستمر فيهم إلى الآن، وكانوا قبل ذلك يحترفون التجارة.
قرأ صاحب الترجمة على أعلام عصره بجامع الزيتونة كإبراهيم الرياحي، وأحمد الأبي، وإسماعيل التميمي، ومحمد بيرم الثالث، ومحمد بن الخوجة ومحمد بن ملوكة، ومحمد المناعي وغيرهم.
وامتاز بالذكاء والجد في التحصيل حتى سبق الأقران، وفات من تقدمه بأزمان، قال ابن أبي الضياف «العبد الفقير ممن تقدمه ويقر له بفضيلة التقدم».
وبعد استكمال تحصيله صار مدرسا بجامع الزيتونة، واشتهر درسه في تفسير البيضاوي، فكان محل إعجاب وتقدير من معاصريه، قال ابن أبي الضياف في وصف مجلس درسه هذا وأسلوبه «فجلى في
مضمار الأنظار، وأتى بما يزري بالنضار، فكان يتلو الآية من حفظه، ويأتي بجميع ما يمكن أن يقال في تفسيرها من حفظه، ولا كتاب معه يظن سامعه أنه يؤلف حاشية على التفسير، ويقول في الدرس ما كتبه، جلوسه في الدرس بخشوع ووقار وسكينة، لا يستعين في تقريره بإشارة يد. وكان شيخنا محمد بن الخوجة إذا رآه على ذلك يقول لنا هذا معنى راحة العلم لأن مسائل الدرس صارت في نظره كالضروري».
تولى رواية الحديث في جامع باب الجزيرة المعروف بجامع القنيطرة ونظارة مدرسة بير الحجار، تولى قضاء المحلة بإلزام من شيخه محمد بيرم الثالث الذي اقترح على الباي توليه مكاتبا له في ذلك، وفي مدة ولايته أظهر صلابة في الحق لأنه يراه أعظم من كل عظيم، قال ابن أبي الضياف: «رفعت إليه مظلمة من الكاهية صالح بن محمد في أمر سياسي فأقر لما يرى أنه غير مؤاخذ بإقراره فحكم عليه برد الحق أو السجن، فبعث إليه الباي بالمحلة وهو يومئذ أبو عبد الله محمد باي كاتبه البارع الأديب صاحبنا أبا عبد الله الباجي المسعودي يلاطفه بما محصله بأن هذا الرجل - والحالة هذه - أمير جيش في خدمة وأنا لا أقدر على سجنه إلا بإذن خاص، فقال له «أنا قلت ما لزمني، وله النظر في سجنه وعدمه».
وهو جواب سديد لأن التنفيذ ليس بيد القاضي، وليس له قوة الإجبار على التنفيذ للتمييز بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية، وأنا ما زالت متعجبا من قول ابن أبي الضياف ممهدا لهذه القضية «فسافر قاضيا وهو على السذاجة العلمية الدينية»، كأن غير السذاجة تقتضي التمييز في الحكم بين ذوي الأقدار والمناصب وبين عامة الناس، وأية عدالة هذه؟ ولكن العصر عصر إسراف في التمييز الطبقي، وتملق لأصحاب السلطة والنفوذ، واحتقار للطبقات الشعبية.
وبعد وقوع هذه الحادثة ورجوع المحلة إلى تونس، أعفاه المشير الأول أحمد باشا باي من خطته فرجع إلى مجالس دروسه، قال ابن أبي الضياف: «وترقب الباي لما فعل فعلته متزلفا ومداهنا بحسنها ويشين الرجل بعدم السياسة فلم يسمع إلا السكوت فندم ولات حين مندم».
«وكان مهما تذكرها يقول: فعل ما يجب عليه، وأبقى لنفسه فخرا، ثم داوى استعجاله وكان من السياسة بالمكان المكين، فقدمه لخطة القضاء بالحاضرة (في 1263) وكانت ولايته يوم ولاية شبيهه أبي عبد الله محمد البنا للفتوى، وأحضر يوم ولايتهما رئيس المفتيين إبراهيم الرياحي فقال له بمحضر الفقهاء من الديوان: أصبت في انتخابك لا زلت تصيب هما خير أقرانهما علما ودينا، وقبل الولاية بعد لأي ثم نقل إلى خطة الإفتاء».
وكان حسن الأخلاق، عالي الهمة، مستقيم السلوك، محببا إلى الناس، سافر إلى الحج ثلاث مرات، وفي المرة الأخيرة توفي بالمدينة المنورة يوم الأحد في 12 محرم 1277/ 29 جويلية 1860.
مؤلفاته:
1) تقارير على الجزء السادس من إرشاد الساري للقسطلاني بخطه في المكتبة الوطنية وأصله من المكتبة العبدلية.
2) تعليقات على شرح الأشموني على الخلاصة.
3) رسالة في البسملة، حصر الخلاف فيها بين المفسرين والفقهاء والقراء.
4) رسالة في تقديم المسند إليه على المسند الفعلي.
5) فتاوي.
المصادر والمراجع:
- إتحاف أهل الزمان 8/ 111 - 114، الأعلام 6/ 19 (ط 5/)، برنامج العبدلية 2/ 28 عند الكلام عن نسخ إرشاد الساري للقسطلاني، شجرة النور الزكية 390، معجم المؤلفين 8/ 309، مقدمة عنوان الأريب لمحمد بن الخوجة، تونس وجامع الزيتونة 105 - 107.

  • دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان-ط 2( 1994) , ج: 5- ص: 72