التصنيفات

زين الدين الحافظي الطيب سليمان بن علي زين الدين ابن المؤيد خطيب عقرباء الحافظي. قال ابن أبي أصيبعة: اشتغل بالطب على الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي، وحصا العلم والعمل وأتقن الفصول والجمل، وخدم بالطب الملك الحافظ نور الدين أرسلان شاه بن أبي بكر بن أيوب، وكان يومئذ صاحب قلعة جعبر، وأقام في خدمته وتميز عنده وأجزل رفده وخوله في دولته واشتمل عليه. وكان زين الدين يعاني الأدب والشعر والكتابة الحسنة، وكان يعاني الجندية وداخل أولاد الملك الحافظ وصار حظيا مكينا في دولتهم. ولما مات الحافظ وتسلم الملك الناصر يوسف بن محمد بن غازي صاحب حلب قلعة جعبر بمراسلات كان فيها زين الدين الحافظي وانتقل زين الدين إلى حلب، وصارت له عند الملك الناصر يد ومنزلة رفيعة. وتزوج زين الدين بابنة رئيس حلب واقتنى أموالا كثيرة. ولما ملك الناصر دمشق وصل معه إلى دمشق وصار مكينا في دولته، ولذلك قلت فيه:

ولم يزل عند الناصر بدمشق إلى أن جاءت رسل التتار يطلبون البلاد ويشترطون عليه ما يحمله من المال إليهم. فبعث الناصر زين الدين رسولا إلى هولاكو، فأحسن إليه واستماله، فصار من جهته ومازج التتار وتردد في المراسلات مرات وأطمع التتار في البلاد وهول على الناصر أمرهم وعظم شأنهم ووصف عساكرهم وصغر شأن الناصر ومن عنده من العساكر حتى أوقفه عن الحرب.
فلما جاءت التتار إلى حلب ونازلها هولاكو قريبا من شهر هرب الناصر من دمشق إلى مصر وخرجت عساكر مصر وملكها قطر. فانكسر الناصر وملكت التتار دمشق وصار زين الدين يأمر بها وينهي، وبقي معه جماعة حتى كانوا يدعونه الملك زين الدين. ولما كسر التتار على عين جالوت وانهزم ملك التتار ومن معه من دمشق توجه زين الدين الحافظي معهم خوفا على نفسه من المسلمين، قال الرشيد الفارقي: كنت أقابل معه صحاح الجوهري، فلما أمروه قلت وأنشدته:
أحضره هولاكو بين يديه، وقال: ثبت عندي خيانتك وتلاعبك بالدول! خدمت صاحب بعلبك ثم خدمت صاحب جعبر والناصر وخنت الجميع، وانتقلت إلي فأحسنت إليك فشرعت تكاتب صاحب مصر! وعدد ذنوبه وقتله وقتل أولاده وأقاربه وكانوا نحوا من خمسين، وكان من أسباب ذلك كتب بعثها إلى الظاهر، وذلك سنة اثنتين وستين وست مائة.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 15- ص: 0