التصنيفات

ابن جبير الأنصاري خوات بن جبير الأنصاري صاحب ذات النحيين. وأما حديث ذات النحيين: فكانت امرأة من تيم الله، حضرت سوق عكاظ ومعها نحيا سمن، فاستخلى بها خوات هذا ليبتاعهما منها، ففتح أحدهما وذاقه ودفعه إليها، فأخذته بإحدى يديها، ثم فتح الآخر وذاقه ودفعه إليها، فأمسكته بيدها الأخرى. ثم غشيها وهي لا تقدر على الدفع عن نفسها لحفظها فم النحيين وشحها على السمن. فلما فرغ، قام عنها فقالت: لا هنأك، فضرب بها المثل فيمن شغل، فقيل: أشغل من ذات النحيين.
وذكر صاحب الأغاني قال: خرجت عاتكة بنت الملاءة إلى بعض بوادي البصرة، فلقيت بدويا ومعه أنحاء سمن فقالت له: يا بدوي أتبيع هذا السمن؟ قال: نعم، قالت: أرناه، ففتح لها نحيا، فنظرت إلى مافيه، ثم ناولته إياه وقالت: افتح آخر. ففتح، فنظرت إليه ثم ناولته إياه. فلما شغلت يديه، أمرت جواريها فجعلن يركلن برجلهن في استه، وجعلت تنادي: يا لثارات ذات النحيين. وسوف يأتي ذكر عاتكة هذه في حرف العين- إن شاء الله- في مكانه.
وكان خولي يكنى: أبا صالح، وهو أحد فرسان رسول الله صلى الله عليه وسلم. شهد بدرا هو وأخوه عبد الله -في قول بعضهم- خرج خوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، فلما بلغ الصفراء، أصاب ساقه حجر فرجع، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه. وتوفي خوات بالمدينة سنة أربعين للهجرة، وهو ابن أربع وتسعين سنة. وكان يخضب بالحناء والكتم، وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريم المسكر: ما أسكر كثيره فقليله حرام. وروى في صلاة الخوف. وسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصته مع ذات النحيين وتبسم، فقال: يا رسول الله، قد رزق الله خيرا، وأعوذ بالله من الحور بعد الكور. وقال خوات: خرجنا حجاجا مع عمر بن الخطاب، فسرنا في ركب فيهم أبو عبيدة بن الجراح، وعبد الرحمن بن عوف، فقال القوم: غننا من شعر ضرار، فقال عمر: ادعوا الله، فليغن من بنيات فؤاده- يعني من شعره - قال: فما زلت أغنيهم حتى كان السحر. فقال عمر رضي الله عنه: ارفع لسانك يا خوات، فقد أسحرنا. وقال خوات في الجاهلية عند واقعة ذات النحيين:

يقال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له بعدما أسلم: ما فعل الجمل من شراده؟ فقال: والذي بعثك بالحق ما أرابني منذ أسلمت.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0