ابن النحاس محمد بن إبراهيم بن محمد، بهاء الدين ابن النحاس الحلبي: شيخ العربية بالديار المصرية في عصره. ولد في حلب، وسكن القاهرة وتوفي بها. له ’’إملاء على كتاب المقرب’’ لابن عصفور، من أول الكتاب إلى باب الوقف أو نحوه، و’’هدى أمهات المؤمنين-خ’’ و’’التعليقة –خ’’ في شرح ديوان امرئ القيس. وله نظم. وهو غير ’’ابن النحاس’’ الشاعر، فتح الله.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 297
بهاء الدين ابن النحاس محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي نصر الشيخ الإمام العلامة حجة العرب بهاء الدين أبو عبد الله ابن النحاس النحوي شيخ العربية بالديار المصرية، سمع من ابن اللتي والموفق بن يعيش النحوي وأبي القسم ابن رواحة وابن خليل ووالده وقرأ القرآن على أبي عبد الله الفاسي وأخذ العربية عن الشيخ جمال الدين محمد بن عمرون ودخل مصر لما خربت حلب وقرأ القرآن على الكمال الضرير وأخذ عن بقايا شيوخها ثم جلس للإفادة، كان حسن الأخلاق، منبسطا على الإطلاق، متسع النفس في حالتي الغنى والإملاق، ذكي الفطرة، ذكي المخالطة والعشرة، مطرح التكلف مع أصحابه، عديم التخلف عن أشكاله وأضرابه، ومع ذلك فلم يرزق أحد وجاهته في صدور الصدور، ولا فرح أحد بسيادته التي آربت على تمام البدور، وكان معروفا بحل المشكلات، موصوفا بإيضاح المعضلات، كثير التلاوة والأذكار، كثير الصلاة في نوافل الأسحار، موثوقا بديانته، مقطوعا بأمانته، وأما علمه بالعربية فإليه الرحلة من الأقطار، ومن فوايده تدرك الأماني وتنال الأوطار، قد أتقن النحو وتصريفه، وعلم حد ذلك ورسمه وتعريفه، ما أظن ابن يعيش مات إلا من حسده، ولا ابن عصفور لأجله طار ذكره إلا في بلده، ولا المرسي رست له معه قواعد، ولا لأبي البقاء العكبري معه ذكر خالد، بذهن نحى النحاس القديم عن مكانه، وجعل ابن بري بريا من فصاحة لسانه، وتحقيق ما اهتدى ابن جني إلى إظهار خباياه، ولا نسبت إلى السخاوي هباته ولا عطاياه، تخرج به الأفاضل، وتحرج منه كل مناظر ومناضل، وانتفع الناس به وبتعليمه، وصاروا فضلاء من توقيفه وتفهيمه، وكتب خطا آزري بالوشى إذا حبك، والذهب إذا سبك، ولم يزل على حاله إلى أن بلغ من الحياة أمدها، وأهدى الزمان إلى عينه بفقده رمدها، وتوفي رحمه الله تعالى يوم الثلثاء سابع جمدى الآخرة سنة ثمان وتسعين وست ماية بالقاهرة، ومولده بحلب في سلخ جمدى الآخرة سنة سبع وعشرين وست ماية، وكان من العلماء الأذكياء الشعراء له خبرة بالمنطق وحظ من إقليدس وكان على ما قيل يحفظ ثلث صحاح الجوهري وكان مطرحا صغير العمامة يمشي في الليل بين القصرين بقميص وطاقية فقط وربما ضجر من الأشغال فأخذ الطلبة ومشى بهم بين القصرين وألقى لهم الدروس وكان متين الديانة وله أبهة وجلالة في صدور الناس، وكان بعض القضاة إذا انفرد بشهادة حكمه فيها وثوقا بديانته واقتنى كتبا نفيسة، أخبرني الشيخ نجم الدين الصفدي وكان ممن قرأ عليه قال: قال الشيخ بهاء الدين ما يزال عندي كتب بألف دينار وأحضر سوق الكتب دايما ولابد أن يتجدد لي علم بأتم كتاب ما سمعت به انتهى، ولم يتزوج قط وكانت له أوراد من العبادة وكان يسعى في حوايج الناس ويقضيهم، وأخبرني القاضي الرئيس عماد الدين ابن القيسراني أنه لم يكن يأكل العنب قال لأنه كان يحبه فآثر أن يكون نصيبه في الجنة، واخبرني الحافظ ابن سيد الناس في: زكى بعض الفقهاء تزكية عند بعض القضاة ما زكاها أحد قط لأنه أمسك بيد الذي زكاه وقال للقاضي يا مولانا الناس ما يقولون ما يؤمن على الذهب والفضة إلا حمار، قال: نعم، قال: وهذا حمار وانصرف فحكم القاضي بعدالة ذلك الفقيه، وأخبرني أيضا أن الأمير علم الدين الشجاعي لما فرغت المدرسة المنصورية بين القصرين في أيام السلطان الملك المنصور قلاون طلبه الأمير المذكور فتوجه إليه وعمامته صغيرة بكراتة على مصطلح أهل حلب فلما جلس عنده ولم يكن رآه أخذ الأمير يتحدث بالتركي مع بعض مماليكه قال: يا أمير المملوك يعرف بالتركي فأعجب الأمير هذه الحركة منه وقال له: السلطان قد فوض إليك تدريس التفسير بالقبة ونهار غد يحضر السلطان والأمراء والقضاة والناس فغدا تحضر وتكبر عمامتك هذه قليلا، فانصرف ولما كان من الغد رآه الأمير علم الدين من بعيد وهو جايز إلى المدرسة بتلك العمامة فجهز إليه يقول ما قلت لك: تكبر عمامتك قليلا؟ فقال: يا مولانا تعملوني مسخرة، وأراد أن يرجع فقال الأمير علم الدين: دعوه يدخل، فلما جلس مع الناس نظر الملك المنصور إلى الذين هناك فقال: هذا ما هو الشيخ بهاء الدين ابن النحاس؟ قالوا: نعم فقال: هذا أعرفه لما كنت ساكن في المدينة والناس يقرأون عليه وشكر الشجاعي على إحضاره، قال الشيخ فتح الدين فلم يعرف السلطان غيره ولا أثنى إلا عليه، وأخبرني عنه غير واحد أنه لم يزل عنده في بيته من أصحابه ومن الطلبة من يأكل على ما يدته لا يدخر شيئا ولا يخبأه عنهم وهنا أناس يلعبون الشطرنج وهنا أناس يطالعون وكل واحد في شأنه لا ينكر على أحد شيئا ولم تزل أخلاقه مرتاضة حتى يكون وقت الاشتغال يتنكر وكان لا يتكلم في حل النحو للطلبة إلا بلغة العوام لا يراعي الأعراب، وأخبرني الإمام أثير الدين وعليه قرأ بالديار المصرية قال: كان الشيخ بهاء الدين والشيخ محي الدين محمد ابن عبد العزيز المازوني المقيم بالإسكندرية شيخى الديار المصرية ولم ألق أحدا أكثر سماعا منه لكتب الأدب وانفرد بسماع صحاح الجوهري وكان كثير العبادة والمروءة والترحم على من يعرفه من أصحابه لا يكاد يأكل شيئا وحده ينهى عن الخوض في العقايد وله ترداد إلى من ينتمي إلى الخير، ولي التفسير بجامع ابن طولون وبالقبة المنصورية وله تصدير في الجامع الأقمر وتصادير بمصر ولم يصنف شيئا إلا ما وجدناه من إملايه على الأمير سنان الدين الرومي شرحا لكتاب المقرب لابن عصفور وذلك من أول الكتاب إلى باب الوقف أو نحوه، وقال وكنت أنا وإياه نمشي بين القصرين فعبر علينا صبي يدعى بجمال وكان مصارعا فقال الشيخ بهاء لينظم كل منا في هذا المصارع ونظم الشيخ بهاء الدين:
مصارع تصرع الآساد سمرته | تيها فكل مليح دونه همج |
لما غدا راجحا في الحسن قلت لهم | عن حسنه حدثوا عنه ولا حرج |
سباني جمال من مليح مصارع | عليه دليل للملاحة واضح |
لئن عز منه المثل فالكل دونه | وإن خف منه الخصر فالردف راجح |
هل حكم ينصفني في هوى | مصارع يصرع أسد الشرى |
مذ فر مني الصبر في حبه | حكي عليه مدمعي ما جرى |
أباح قتلى في الهوى عامدا | وقال لي كم عاشق في الورى |
رميته في أسر حبي ومن | أجفان عينيه أخذت الكرى |
أيها الأوحد الرضي الذي طا | ل علاء وطاب في الناس نشرا |
أنت بحر لا غرو إن نحن وافيـ | ـناك راجين من نداك القطرا |
عزاءك زين الدين في الفاضل الذي | بكته بنو الآداب مثنى وموحدا |
فهم فقدوا منه الخليل بن أحمد | وأنت ففارقت الخليل وأحمدا |
ضاع مني خصر الحبيب نحولا | فلهذا أضحى عليه أدور |
لطفت خرقتي ودقت فجلت | عن نظير لما حكتها الخصور |
اكتم السر عن رقيب لهذا | بي يخفي دموعه المهجور |
أني تركت لذا الورى دنياهم | وظللت أنتظر الممات وأرقب |
وقطعت في الدنيا العلايق ليس لي | ولد يموت ولا عقار يخرب |
قلت لما شرطوه وجرى | دمه القاني على الخد اليقق |
ليس بدعا ما آتوا في فعله | هو بدر ستروه بالشفق |
قلت إذ شرطوا الحبيب وقد ضا | ق علي الغرام في كل مسلك |
قد ملكت الفؤاد من غير شرط | قال لكنني مع الشرط املك |
تشرط من أحب فذبت خوفا | وقال وقد رأى جزعي عليه |
عقيق دم جرى فأصاب خدي | وشبه الشيء منجذب إليه |
كم قلت إذ عذر من | كان الفؤاد منزله |
وعطلت من فتكها | تلك العيون الغزله |
يا أشعري خده | إني من المعتزله |
قطفت باللحظ من بستان وجنته | تفاحة ضرجتها حمرة الخفر |
وقلت هذا أمان من قطيعته | فالشرع قد نص أن لا قطع في ثمر |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 2- ص: 0
محمد بن إبراهيم بن محمد ابن أبي نصر الشيخ الإمام العلامة حجة العرب بهاء الدين أبو عبد الله بن النحاس النحوي شيخ العربية بالديار المصرية.
سمع من ابن اللتي، والموفق بن يعيش النحوي، وابن رواحة، وابن خليل، ووالده. قرأ القرآن على أبي عبد الله الفاسي. وأخذ العربية عن الشيخ جمال الدين محمد بن عمرون. ودخل مصر لما خربت حلب، وقرأ القرآن على الكمال الضرير، وأخذ عن بقايا شيوخها، ثم جلس للإفادة.
كان حسن الأخلاق، منبسطأ على الإطلاق، متسع النفس في حالتي الغنى والإملاق، ذكي الفطره، زكي المخالطة والعشره، مطرح التكلف مع أصحابه، عديم التخلف عن أشكاله وأضرابه، ومع ذلك فلم يرزق أحد سعادته في صدور الصدور، ولا فرح أحد بسيادته التي أربت على تمام البدور.
وكان معروفا بحل المشكلات، موصوفا بإيضاح المعضلات، كثير التلاوة والأذكار، كثير الصلاة في نوافل الأسحار، موثوقا بديانته، مقطوعا بأمانته.
وأما علمه بالعربية فإليهالرحلة من الأقطار، ومن فوائدها تدرك الأماني، وتنال الأوطار، قد أتقن النحو وتصريفه، وعلم حد ذلك ورسمه وتعريفه، ما أظن ابن يعيش مات إلا من حسده، ولا ابن عصفور لأجله طار ذكره إلا في بلده، ولا المرسي رست له معه قواعد، ولا لأبي البقاء العكبري معه ذكر خالد، بذهن نحى النحاس القديم عن مكانه، وجعل ابن بري بريا من فصاحة لسانه، وتحقيق ما اهتدى ابن جني إلى إظهار خباياه، ولا نسبت إلى السخاوي هباته ولا عطاياه.
تخرج به الأفاضل، وتحرج منه كل مناظر ومناضل، وانتفع الناس به وبتعليمه، وصاروا فضلاء من توقيفه وتفهيمه، وكتب خطا أزرى بالوشي إذا حبك، والذهب إذا سبك.
ولم يزل على حاله إلى أن بلغ من الحياة أمدها، وأهدى الزمان إلى عينيه بفقده رمدها.
وتوفي -رحمه الله تعالى- يوم الثلاثاء سابع جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين وست مئة بالقاهرة.
ومولده بحلب في سلخ جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين وست مئة.
وكان من العلماء الأذكياء الشعراء، له خبرة بالمنطق، وخط من إقليدس، وكان على ما قيل يحفظ ثلث ’’صحاح’’ الجوهري وثلث ’’سيبويه’’، وكان مطرحا صغير العمامة، يمشي في الليل بين القصرين بقميص وطاقية فقط، وربما ضجر من الاشتغال فأخذ الطلبة، ومشى بهم بين القصرين وألقى لهم الدروس.
وكان متين الديانة، وله أبهة وجلالة في صدور الناس، وكان بعض القضاة إذا انفرد بشهادة حكمه فيها وثوقا بديانته، واقتنى كتبا نفيسة.
أخبرني الشيخ نجم الدين الصفدي، وكان ممن قرأ عليه، قال: قال الشيخ بهاء الدين: ما يزال عندي كتب بألف دينار، وأحضر سوق الكتب دائما ولا بد أن يتجدد لي علم باسم كتاب ما سمعت به انتهى.
ولم يتزوج قط، وكانت له أوراد من العبادة. وكان يسعى في حوائج الناس ويقضيها.
وأخبرني القاضي الرئيس عماد الدين بن القيسراني أنه لم يكن يأكل العنب، قال لأنه كان يحبه، فآثر أن يكون نصيبه في الجنة.
وأخبرني الحافظ بن سيد الناس، قال: زكى بعض الفقهاء تزكية عند بعض القضاة ما زكاها أحد قط، لأنه أمسك بيد الذي زكاه، وقال للقاضي: يا مولاي الناس ما يقولون: ما يرمن على الذهب والفضة إلا حمار، قال: نعم، وهذا حمار، وانصرف فحكم القاضي بعدالة ذلك الفقيه.
وأخبرني أيضا أن الأمير علم الدين الشجاعي لما فرغت المدرسة المنصورية بين القصرين في أيام السلطان الملك المنصور قلاوون طلبه الأمير المذكور، فتوجه إليه وعمامته صغيرة بكراثة، على مصطلح أهل حلب، فلما جلس عنده، ولم يكن رآه، أخذ الأمير يتحدث بالتركي مع بعض مماليكه، فقال: يا أمير، المملوك يعرف بالتركي، فأعجب الأمير هذه الحركة منه، وقال له: السلطان قد فوض إليك تدريس التفسير بالقبة المنصورية، ونهار غد يحضر السلطان والأمراء والقضاة والناس، فغدا تحضر وتكبر عمامتك هذه قليلا، فانصرف، ولما كان من الغد رآه الأمير علم الدين من بعيد، وهو جائز إلى المدرسة بتلك العمامة، فجهز إليه يقول له: ما قلت لك تكبر عمامتك قليلا؟، فقال: يا مولانا، تعملوني مسخرة، وأراد أن يرجع، فقال الأمير علم الدين: دعوه يدخل، فلما جلس مع الناس؛ نظر الملك المنصور إلى الذين هناك، فقال: هذا ما هو الشيخ بهاء الدين بن النحاس؟، قالوا: نعم، فقال: هذا أعرفه، لما كنت ساكن في المدينة والناس يقرؤون عليه، وشكر الشجاعي على إحضاره، قال الشيخ فتح الدين: فلم يعرف السلطان غيره، ولا أثنى إلا عليه.
وأخبرني عنه غير واحد أنه لم يزل عنده في بيته من أصحابه ومن الطلبة من يأكل على مائدته لا يدخر شيئا، ولا يخبئه عنهم، وهنا أناس يلعبون الشطرنج، وهنا أناس يطالعون، وكل واحد في شأنه لا ينكر على أحد شيئا. ولم تزل أخلاقه مرتاضة حتى يكون وقت الاشتغال يتنكر، وكان لا يتكلم في حل النحو للطلبة إلا بلغة العوام لا يراعي الإعراب.
وأخبرني الإمام أثير الدين، وعليه قرأ بالديار المصرية، قال: كان الشيخ بهاء الدين والشيخ محيي الدين محمد بن عبد العزيز المازوني المقيم بالإسكندرية شيخي الديار المصرية، ولم ألق أحدا أكثر سماعا منه لكتب الأدب، وانفرد بسماع ’’صحاح’’ الجوهري.
وكان كثير العبادة والمروءة والترحم على من يعرفه من أصحابه، لا يكاد يأكل وحده، ينهى عن الخوض في العقائد، وله ترداد إلى من ينتمي إلى أهل الخير. ولي التدريس بجامع ابن طولون وبالقبة المنصورية، وله تصدير في الجامع الأقمر، وتصادير بمصر، ولم يصنف شيئا إلا ما وجدناه من إملائه على الأمير سنان الدين الرومي شرحا لكتاب ’’المقرب’’ لابن عصفور، وذلك من أول الكتاب إلى باب الوقف أو نحوه.
قال: وكنت وإياه نمشي بين القصرين، فعبر علينا صبي يدعى بجمال وكان مصارعا، فقال الشيخ بهاء الدين: لينظم كل منا في هذا المصارع، ونظم الشيخ بهاء الدين:
مصارع تصرع الآساد شمرته | تيها فكل مليح دونه همج |
لما غدا راجحا في الحسن قلت لهم | عن حسنه حدثوا عنه ولا حرج |
سباني جمال من مليح مصارع | عليه دليل للملاحة واضح |
لئن عز منه المثل فالكل دونه | وإن خف منه الخصر فالردف راجح |
هل حكم ينصفني في هوى | مصارع يصرع أسد الشرى |
مذ فر عني الصبر في حبه | حكى عليه مدمعي ما جرى |
أباح قتلي في الهوى عامدا | وقال: كم لي عاشق في الورى |
رميته في أسر حبي ومن | أجفان عينيه أخذت الكرى |
أيها الأوحد الرضي الذي طا | ل علاء وطاب في الناس نشرا |
أنت بحر، لا غرو إن نحن وافيـ | ـناك راجين من نداك القطرا |
عزاؤك زين الدين في الفاضل الذي | بكته بنو الآداب مثنى وموحدا |
فهم فقدوا منه الخليل بن أحمد | وأنت ففارقت الخليل وأحمدا |
ضاع مني خصر الحبيب نحولا | فلهذا أضحي عليه أدور |
لطفت خرقتي ودقت فجلت | عن نظير لما حكتها الخصور |
أكتم السر عن رقيب لهذا | بي يخفي دموعه المهجور |
إني تركت لذا الورى دنياهم | وظللت أنتظر الممات وأرقب |
وقطعت في الدنيا العلائق ليس لي | ولد يموت ولا عقار يخرب |
قلت لما شرطوه وجرى | دمه القاني على الخد اليقق |
ليس بدعا ما أتوا في فعله | ستروا البدر بمحمر الشفق |
قلت إذ شرطوا الحبيب وقد ضا | ق علي الغرام في كل مسلك |
قد ملكت الفؤاد من غير شرط | قال: لكنني مع الشرط أملك |
تشرط من أحب فذبت خوفا | وقال وقد رأى جزعي عليه |
عقيق دم جرى فأصاب خدي | وشبه الشيء منجذب إليه |
دار الفكر المعاصر، بيروت - لبنان / دار الفكر، دمشق - سوريا-ط 1( 1998) , ج: 4- ص: 194
ابن النحاس الشيخ بهاء الدين النحوي محمد بن إبراهيم
دار الفكر المعاصر، بيروت - لبنان / دار الفكر، دمشق - سوريا-ط 1( 1998) , ج: 5- ص: 500
محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي نصر بن النحاس الحلبي الشافعي بهاء الدين أبو عبد الله إمام الأدب، وحجة العرب، وشيخ الديار المصرية، في اللغة، والعربية.
ولد لآخر يوم من جمادى الأخيرة سنة 627. سمع ابن اللتي، وعبد الله ابن رواحة، ويوسف بن خليل، وسمع أباه، وكان الوزراء والرؤساء يترددون إليه، ويأخذون عنه، وكان يحل أقليدس، ولم يتزوج.
توفي يوم الأربعاء سابع جمادى الأولى من عام 698 وصلى عليه من الغد تحت القلعة، ودفن بالقرافة.
ومن مسموعاته: ’’يبويه’’ عن علم الدين الأرضى، ومسند عبد ابن حميد عن ابن اللتي.
سمع عنه ابن جابر وأجاز له
دار التراث العربي - القاهرة-ط 1( 1972) , ج: 2- ص: 0
وشيخ العربية بدمشق بهاء الدين محمد بن إبراهيم بن أبي عبد الله بن النحاس الحلبي
دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 222
محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي نصر الحلبي
النحوي، المعروف بابن النحاس، سمع من ابن اللتي وابن فهره، وقرأ على ابن يعيش النحو، وقرأ القرارات والخلاف، وسمع الدواوين وكتاب سيبويه والإيضاح والمفصل والحماسة والصحاح. نزل مصر وتولى درس التفسير، وكان معظما في النفوس كثير الصلاة والعبادة، كثير المروءة، ذا خط مليح صحيح، وكان ينهي عن الخوض في العقائد، لم يصنف شيئا غير ما أملى على الأمير بشار بن موسى بن طرنطاي الرومي شرحا للمقرب وهو من أوله إلى باب الوقف، وشرح القصيدة التي في الأفعال المحاسن الشواء الحلبي مجلدة لطيفة.
توفي بالقاهرة سنة ثمان وتسعين وستمائة
ومن شعره فيما يكتب على منديل:
ضاع مني خصر الحبيب نحولا | فلهذا أضحى عليه أدور |
لطفت خرقتي ودقت ضلوعي | عن نظير لما حكتها الخصور |
أكتم السر عن رقيبي لهذا | بي يخفي دموعه المهجور |
إني تركت لدى الورى دنياهم | وقعدت أنتظر الممات وأرقب |
وقطعت في الدنيا العلائق ليس لي | ولد يموت ولا جدار يخرب |
قال لابن مالك إن جرت بك أدمعي | حمرا يحاكيها النجيع القاني |
فلقد جرحت العين نعيت لي | فتدافقت بدمائه أجفاني |
جمعية إحياء التراث الإسلامي - الكويت-ط 1( 1986) , ج: 1- ص: 57
دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع-ط 1( 2000) , ج: 1- ص: 248