ابن سريج أحمد بن عمر بن سريج البغدادي، أبو العباس: الشافعية فى عصره. مولده ووفاته في بغداد. له نحو 400 مصنف. وكان يلقب بالباز الأشهب. ولى القضاء بشيراز، وقام بنصرة المذهب الشافعي فنشره في أكثر الآفاق، حتى قيل: بعث الله عمر ابن عبد العزيز على رأس المئة من الهجرة فأظهر السنة وأمات البدعة، ومن الله فى المئة الثانية بالامام الشافعى فأحي السنة وأخفى البدعة، ومن بابن سريج في المئة الثالثة فنصر السنن وخذل البدع. وكان حاضر الجواب له مناظرات ومساجلات مع محمد بن داود الظاهرى. وله نظم حسن.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 185

ابن سريج أحمد بن عمر بن سريج القاضي أبو العباس البغداذي إمام أصحاب الشافعي، شرح ’’المهذب’’ ولخصه وصنف التصانيف ورد على مخالفي النصوص، سمع الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني وعلي بن اشكاب وأبا داود السجستاني وعباس بن محمد الدوري، وروى عنه أبو القاسم الطبراني وأبو أحمد الغطريفي وتفقه على عدة أئمة ووقع حديثه بعلو في جزء الغطريفي لأصحاب ابن طبرزذ. قال أبو إسحاق كان يقال له الباز الأشهب، ولي القضاء بشيراز وكان يفضل على جميع أصحاب الشافعي حتى على المزني وفهرست كتبه يشتمل على أربع مائة مصنف، وكان أبو حامد الأسفراييني يقول: نحن نجري مع أبي العباس في ظواهر الفقه دون دقائقه. تفقه على أبي القاسم الأنماطي، قال: رأيت كأنا مطرنا كبريتا أحمرا فملأت أكمامي وحجري فعبر لي أن أرزق علما غزيرا كعزة الكبريت الأحمر. قال الحاكم: سمعت حسان بن محمد الفقيه يقول: كنا في مجلس ابن سريج سنة ثلاث وثلاث مائة، فقام شيخ من أهل العلم فقال: أبشر أيها القاضي إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد، يعني للأمة، دينها، وإن الله بعث على رأس المائة الأولى عمر بن عبد العزيز وعلى رأس المائتين الشافعي، ثم أنشأ يقول:

فصاح ابن سريج وبكى وقال: لقد نعى إلي نفسي، قال الشيخ شمس الدين: وكان على رأس الأربع مائة أبو حامد الأسفراييني وعلى رأس الخمس مائة الغزالي وعلى الست مائة الحافظ عبد الغني وعلى السبع مائة شيخنا ابن دقيق العيد.
قلت: مع وجود الإمام فخر الدين الرازي على رأس الست مائة ما يذكر الحافظ عبد الغني لأن الحافظ عبد الغني رحمه الله ما ينخرط في سلك ابن سريج وأبي حامد الأسفراييني والغزالي، وفخر الدين الرازي من نمطهم والرازي مات سنة ست وست مائة.
وكان ابن سريج يناظر أبا بكر محمد بن داود الظاهري. حكي أنه قال له يوما: أبلعني ريقي، قال له: أبلعتك دجلة. وقال له يوما: أمهلني ساعة، فقال: أمهلتك من الساعة إلى أن تقوم الساعة. وقال له يوما: أكلمك من الرجل فتجاوبني من الرأس! فقال له: هكذا البقر إذا حفيت أظلافها ذهبت قرونها. وكان له نظم حسن وتوفي سنة ست وثلاث مائة وعمره سبع وخمسون سنة وست أشهر، ودفن في حجرته بسويقة غالب بالجانب الغربي بالقرب من محلة الكرخ، وقبره يزار.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 7- ص: 0

ابن سريج الشافعي اسمه أحمد بن عمر بن سريج.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 15- ص: 0

ابن سريج الإمام، شيخ الإسلام، فقيه العراقين، أبو العباس، أحمد بن عمر بن سريج البغدادي، القاضي الشافعي، صاحب المصنفات.
ولد سنة بضع وأربعين ومائتين، وسمع في الحداثة، ولحق أصحاب سفيان بن عيينة، ووكيع. فسمع من: الحسن بن محمد الزعفراني -تلميذ الشافعي- ومن: علي بن إشكاب، وأحمد بن منصور الرمادي، وعباس بن محمد الدوري، وأبي يحيى محمد بن سعيد بن غالب العطار، وعباس بن عبد الله الترقفي، وأبي داود السجستاني، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي، والحسن بن مكرم، وحمدان بن علي الوراق، ومحمد بن عمران الصائغ، وأبي عوف البزوري، وعبيد بن شريك البزار، وطبقتهم.
وتفقه بأبي القاسم عثمان بن بشار الأنماطي الشافعي، صاحب المزني، وبه انتشر مذهب الشافعي، ببغداد، وتخرج به الأصحاب.
وحدث عنه: أبو القاسم الطبراني، وأبو الوليد حسان بن محمد الفقيه، وأبو أحمد بن الغطريف الجرجاني، وغيرهم.
يقع لي من عالي روايته في جزء الغطريفي.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم: أنبأنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا علي بن عبد السلام، أخبرنا الإمام أبو إسحاق في ’’طبقات الفقهاء’’ قال: كان يقال لابن سريج: الباز الأشهب. ولي القضاء بشيراز، وكان يفضل على جميع أصحاب الشافعي، حتى على المزني. وإن فهرست كتبه كان يشتمل على أربع مائة مصنف، وكان الشيخ أبو حامد الإسفراييني يقول: نحن نجري مع أبي العباس في ظواهر الفقه دون دقائقه. تفقه على أبي القاسم الأنماطي، وأخذ عنه خلق، ومنه انتشر المذهب.
وقال أبو علي بن خيران: سمعت أبا العباس بن سريج يقول: رأيت كأنما مطرنا كبريتا أحمر، فملأت أكمامي وحجري، فعبر لي: أن أرزق علما عزيزا كعزة الكبريت الأحمر.
وقال أبو الوليد الفقيه: سمعت ابن سريج يقول: قل ما رأيت من المتفقهة من اشتغل بالكلام فأفلح، يفوته الفقه ولا يصل إلى معرفة الكلام.
وقال الحاكم: سمعت حسان بن محمد يقول: كنا في مجلس ابن سريج سنة ثلاث وثلاث مائة، فقام إليه شيخ من أهل العلم فقال: أبشر أيها القاضي، فإن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد -يعني: للأمة- أمر دينها، وإن الله تعالى بعث على رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وبعث على رأس المائتين محمد بن إدريس الشافعي، وبعثك على رأس الثلاث مائة، ثم أنشأ يقول:

قال: فصاح أبو العباس، وبكى، وقال: لقد نعى إلي نفسي. قال حسان الفقيه: فمات القاضي أبو العباس تلك السنة.
قلت: وقد كان على رأس الأربع مائة الشيخ أبو حامد الإسفراييني، وعلى رأس الخمس مائة أبو حامد الغزالي، وعلى رأس الست مائة الحافظ عبد الغني، وعلى رأس السبع مائة شيخنا أبو الفتح ابن دقيق العيد.
وإن جعلت ’’من يجدد’’ لفظا يصدق على جماعة -وهو أقوى- فيكون على رأس المائة: عمر بن عبد العزيز خليفة الوقت، والقاسم بن محمد، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وأبو قلابة، وطائفة. وعلى رأس المائتين مع الشافعي: يزيد ابن هارون، وأبو داود الطيالسي، وأشهب الفقيه، وعدة. وعلى رأس الثلاث مائة مع ابن سريج: أبو عبد الرحمن النسائي، والحسن بن سفيان، وطائفة.
وممن مات في سنة ست مسند بغداد أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وشيخ الصوفية أبو عبد الله ابن الجلاء أحمد بن يحيى بالشام، والمحدث حاجب بن أركين الفرغاني، والحافظ عبدان بن أحمد بن موسى الأهوازي، والمحدث علي ابن إسحاق بن زاطيا المخرمي، والقاضي محمد بن خلف وكيع الأخباري، ومحدث قزوين أبو عبد الله محمد بن مسعود بن الحارث الأسدي، ومفتي الشافعية بمصر أبو الحسن منصور بن إسماعيل الضرير.
أخبرنا أبو محمد بن أبي عمر إذنا: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا أحمد بن محمد، ومحمد بن عبد الباقي قالا: أخبرنا طاهر ابن عبد الله، أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد،
حدثنا أبو العباس بن سريج، حدثنا علي بن إشكاب، حدثنا أبو بدر، حدثنا عمر بن ذر، حدثنا أبو الرصافة الباهلي من أهل الشام: أن أبا أمامة حدث عن رسول الله، قال: ’’ما من امرئ تحضره صلاة مكتوبة فيتوضأ عندها، فيحسن الوضوء، ثم يصلي فيحسن الصلاة إلا غفر الله له بها ما كان بينها وبين الصلاة التي كانت قبلها من ذنوبه’’.
وبه: حدثنا ابن سريج: حدثنا الزعفراني، حدثنا وكيع، حدثنا الثوري، عن ربيعة الرأي، عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد، قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن اللقطة؟ فقال: ’’عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فاستنفقها’’.
ابن مقبل وابن الحداد:

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 11- ص: 123

أحمد بن عمر بن سريج القاضى أبو العباس البغدادى الباز الأشهب والأسد الضارى على خصوم المذهب شيخ المذهب وحامل لوائه والبدر المشرق في سمائه والغيث المغدق بروائه ليس من الأصحاب إلا من هو حائم على معينه هائم من جوهر بحره بثمينه انتهت إليه الرحلة فضربت الإبل نحوه آباطها وعلقت به العزائم مناطها وأتته أفواج الطلبة لا تعرف إلا نمارق البيد بساطها
تفقه على أبى القاسم الأنماطى
وسمع الحسن بن محمد الزعفرانى وعباس بن محمد الدورى وأبا داود السجستانى وعلى بن إشكاب وغيرهم
روى عنه أبو القاسم الطبرانى الحافظ وأبو الوليد حسان بن محمد الفقيه وأبو أحمد الغطريفى وغيرهم
قال الشيخ أبو إسحاق كان يقال له الباز الأشهب وولى القضاء بشيراز
قال وكان يفضل على جميع أصحاب الشافعي رحمة الله تعالى عليهم حتى على المزنى
قلت أحسب أن ولايته القضاء كانت في مبادى شأنه وأما بالآخرة فقد سمر على بابه ليلى قضاء القضاة فامتنع كما سنحكى ذلك في فصل الفوائد عنه
ومن كلام الشيخ أبى حامد الإسفراينى نحن نجرى مع أبى العباس في ظواهر الفقه دون دقائقه
وقال أبو عاصم العبادى ابن سريج شيخ الأصحاب ومالك المعانى وصاحب الأصول والفروع والحساب
وقال أبو حفص المطوعى ابن سريج سيد طبقته بإطباق الفقهاء وأجمعهم للمحاسن باجتماع العلماء ثم هو الصدر الكبير والشافعي الصغير والإمام المطلق والسباق الذى لا يلحق وأول من فتح باب النظر وعلم الناس طريق الجدل
وقال الإمام الضياء الخطيب والد الإمام فخر الدين في كتابه غاية المرام إن أبا العباس كان أبرع أصحاب الشافعي في علم الكلام كما هو أبرعهم في الفقه
وقال أبو على بن خيران سمعت ابن سريج يقول رأيت كأنما مطرنا كبريتا أحمر فملأت أكمامى وحجرى فعبر لى أن أرزق علما عزيزا كعزة الكبريت الأحمر
وعن ابن سريج يؤتى يوم القيامة بالشافعي وقد تعلق بالمزنى يقول رب هذا قد أفسد علومى فأقول أنا مهلا بأبى إبراهيم فإنى لم أزل في إصلاح ما أفسده
وروى الخطيب أن أبا العباس قال في علته التى مات فيها أريت البارحة في المنام كأن قائلا يقول لى هذا ربك تعالى يخاطبك قال فسمعت الخطاب ب {ماذا أجبتم المرسلين} فقلت بالإيمان والتصديق قال فقيل ب {ماذا أجبتم المرسلين} قال فوقع في قلبى أنه يراد منى زيادة في الجواب فقلت بالإيمان والتصديق غير أنا أصبنا من هذه الذنوب فقال أما إنى سأغفر لك
وفى رواية رواها التنوخى عن بعض أصحاب ابن سريج قال لنا ابن سريج يوما أحسب أن المنية قد قربت فقلنا وكيف قال رأيت البارحة كأن القيامة قامت والناس قد حشروا وكأن مناديا ينادى بم أجبتم المرسلين فقلت بالإيمان والتصديق فقال ما سئلتم عن الأقوال بل سئلتم عن الأعمال فقلت أما الكبائر فقد اجتنبناها وأما الصغائر فعولنا فيها على عفو الله ورحمته فقلنا له ما في هذا ما يقتضى سرعة الموت فقال أما سمعتم قوله {اقترب للناس حسابهم} قال فمات بعد ثمانية عشر يوما
وممن سمع هذا المنام من ابن سريج أبو بكر الفارسى صاحب عيون المسائل ورواه عنه
ولأبى العباس مصنفات كثيرة يقال إنها بلغت أربعمائة مصنف ولم نقف إلا على اليسير منها وقفت له على كتاب في الرد على ابن داود في القياس وآخر في الرد عليه في مسائل اعترض بها الشافعي وهو حافل نفيس وأما كتاب الخصال المنسوب إليه فقليل الجدوى وعندى أنه لابنه أبى حفص عمر بن أبي العباس
وقد ناظر أبو العباس الإمام داود الظاهرى وأما ابنه محمد بن داود فلأبى العباس
معه المناظرات المشهورة والمجالس المروية وكان أبو العباس يستظهر عليه
وحكى أن ابن داود قال له يوما أبلعنى ريقى فقال أبلعتك دجلة
وأنه قال له يوما أمهلنى ساعة فقال أمهلتك من الساعة إلى قيام الساعة
ومات محمد بن داود قبله فيحكى أن أبا العباس نحى مخادة ومساوره وجلس للتعزية عند موته وقال ما آسى إلا على تراب أكل لسان محمد بن داود
قلت كذا لفظ الحكاية ولعله من المقلوب والمعنى إلا على لسان محمد بن داود كيف أكله التراب وقد جوزت النحاة رفع المفعول به ونصب الفاعل عند أمن اللبس وأنشدوا عليه

رفع المفعول وهو هجر لأنها المبلوغة ونصب الفاعل وهو السوآت لأنها البالغة لأمن اللبس
ومن هذا قول الشاعر أيضا
أى تحلى العين به
قالوا وعليه قوله تعالى {ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة} وقول العرب خرق الثوب المسمار
ويحتمل أن تكون على في الحكاية حرف تعليل والمعنى بسبب تراب أكل لسان ابن داود على حد قول الشاعر
وعليه قوله تعالى {ولتكبروا الله على ما هداكم} أى لهدايته إياكم
قال بعضهم اجتمع ابن سريج ومحمد بن داود فاحتج ابن داود على أن أم الولد تباع قال أجمعنا أنها كانت أمة تباع فمن ادعى أن هذا الحكم يزول بولادتها فعليه الدليل
فقال له ابن سريج وأجمعنا على أنها لما كانت حاملا لا تباع فمن ادعى أنها تباع إذا انفصل الحمل فعليه الدليل فبهت أبو بكر
قال أبو الوليد النيسابورى الفقيه سمعت ابن سريج يقول قل ما رأيت من المتفقهة من اشتغل بالكلام فأفلح يفوته الفقه ولا يصل إلى معرفة الكلام
وقدمنا في خطبة هذا الكتاب الحكاية المشهورة عن ابن سريج وأن شيخنا قام في مجلسه وقال أبشر أيها القاضى... الحكاية وفيها أن ذلك كان سنة ثلاث وثلاثمائة
واعلم أن وفاة ابن سريج كانت سنة ست وثلاثمائة بإجماع وهو عالم ذلك القرن فيما قاله جماعة وقد تقدم في الخطبة استيعاب القول في ذلك
وكان شيخنا الذهبى يقول الذى أعتقده في حديث يبعث الله من يجدد أن من للجمع لا للمفرد
ويقول مثلا على رأس الثلاثمائة ابن سريج في الفقه والأشعرى في أصول الدين والنسائى في الحديث وعلى الستمائة مثلا الحافظ عبد الغنى في الحديث والإمام فخر الدين في الكلام ونحو هذا
قال الخطيب بلغ سن ابن سريج فيما بلغنى سبعا وخمسين سنة وستة أشهر
أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم قراءة عليه وأنا أسمع أخبرنا المسلم بن محمد ابن علان القيسى إجازة أخبرنا زيد بن الحسن أبو اليمن الكندى أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا الخطيب أبو بكر الحافظ أخبرنا على بن المحسن التنوخى أخبرنا أبى حدثني أبو العباس أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن البخترى القاضى الداوودى حدثنى أبو الحسن عبد الله بن أحمد بن محمد بن المغلس الداوودى قال كان أبو بكر محمد بن داود وأبو العباس بن سريج إذا حضرا مجلس القاضى أبى عمر يعنى محمد بن يوسف لم يجر بين اثنين فيما يتفاوضانه أحسن مما يجرى بينهما وكان ابن سريج كثيرا ما يتقدم أبا بكر في الحضور في المجلس فتقدمه أبو بكر يوما فسأله حدث من الشافعيين عن العود الموجب للكفارة في الظهار ما هو فقال إنه إعادة القول ثانيا وهو مذهبه ومذهب داود فطالبه بالدليل فشرع فيه ودخل ابن سريج فاستشرحهم ما جرى فشرحوه فقال ابن سريج لابن داود أولا يا أبا بكر أعزك الله هذا قول من من المسلمين تقدمكم فيه فاستشاط أبو بكر من ذلك وقال أتقدر أن من اعتقدت أن قولهم إجماع في هذه المسألة إجماع عندى أحسن أحوالهم أن أعدهم خلافا وهيهات أن يكونوا كذلك فغضب ابن سريج وقال أنت يا أبا بكر بكتاب الزهرة
أمهر منك في هذه الطريقة فقال أبو بكر وبكتاب الزهرة تعيرنى والله ما تحسن تستتم قراءته قراءة من يفهم وإنه لمن أحد المناقب إذ كنت أقول فيه
فقال له ابن سريج أو على تفخر بهذا القول وأنا الذى أقول
فقال ابن داود لأبى عمر أيد الله القاضى قد أقر بالمبيت على الحال التى ذكرها وادعى البراءة مما يوجبه فعليه إقامة البينة
فقال ابن سريج من مذهبى أن المقر إذا أقر إقرارا وناطه بصفة كان إقراره موكولا إلى صفته
فقال ابن داود للشافعى في هذه المسألة قولان
فقال ابن سريج فهذا القول الذى قلته اختيارى الساعة
أخبرنا جدى القاضى أبو محمد عبد الكافى بن علي بن تمام السبكى تغمده الله برحمته بقراءة أبى رحمة الله عليه وأنا حاضر أسمع أخبرنا أبو محمد عبد الرحيم بن يوسف ابن خطيب المزة سماعا عليه أخبرنا عمر بن طبرزد حضورا في الخامسة أخبرنا أبو المواهب أحمد بن محمد بن عبد الملك بن ملوك الوراق والقاضى أبو بكر محمد بن عبد الباقى بن محمد الأنصارى قالا أخبرنا القاضى الجليل أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري الشافعي حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن الغطريف الغطريفى بجرجان سنة إحدى
وسبعين وثلاثمائة حدثنا الإمام أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج حدثنا أبو يحيى الضرير محمد بن سعيد العطار حدثنا عبيدة بن حميد حدثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما عن على بن أبي طالب رضى الله عنه قال كنت رجلا مذاء وكنت أكثر الاغتسال فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (يكفيك منه الوضوء
ذكر نخب وفوائد عن أبى العباس رضى الله عنه
قال شيخنا أبو حيان رحمه الله في الارتشاف ركب أبو العباس ابن سريج ما دخلت عليه لو تركيبا غير عربى فقال
انتهى
ولم يبين وجه خروج أبى العباس عن اللسان في هذا فإن أراد تسليطه حرف لو على الجملة الإسمية فهو مذهب كثير من النحاة منهم الشيخ جمال الدين بن مالك جوزوا أن يليها اسم ويكون معمول فعل مضمر مفسر بظاهر بعد الاسم
قال في التسهيل وإن وليها اسم فهو معمول فعل مضمر مفسر بظاهر بعد الاسم وربما وليها اسمان مرفوعان انتهى
ومثال ما إذا وليها اسم ما روى في المثل مثل قولهم لو ذات سوار لطمتنى وقول عمر رضى الله عنه لو غيرك قالها يا أبا عبيدة وقال الشاعر
وقال آخر
وقال آخر
فالأسماء التى وليت لو في هذا كله معمولة لفعل مضمر يفسره ما بعده كأنه قال ولو لطمتنى ذات سوار لطمتنى وكذا نقول في قول ابن سريج ولو كلما كلب المعنى ولو كان كلما كلب عوى ويدل على ذلك قوله تعالى {قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق}
ولا يلزم من رد أبى حيان لهذا المذهب ودعواه أنه غير مذهب البصريين أن يكون مردودا في نفسه
وإن أراد حذف الجواب إذ التقدير ولو كان كلما عوى كلب ملت نحوه كى أجاوبه لسئمت أو تعبت أو نحو ذلك لأن الكلاب كثير فقد نص هو وغيره على جواز حذف جواب لو لدلالة المعنى عليه وعليه قوله تعالى {ولو ترى إذ وقفوا على النار} وشواهده كثيرة
قال الحاكم أبو عبد الله سمعت الأستاذ أبا الوليد النيسابورى يقول سألت ابن سريج ما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن فقال إن القرآن أنزل ثلثا منه أحكام وثلثا منه وعد ووعيد وثلثا أسماء وصفات وقد جمع في {قل هو الله أحد} الأسماء والصفات
قال القاضى أبو على البندنيجى في الذخيرة حكى عن أبى العباس ابن سريج أنه كان يوصل الماء إلى أذنيه تسع مرات يغسلهما ثلاثا مع الوجه ويمسح عليهما ثلاثا مع الرأس ويفردهما بالمسح ثلاثا
قلت وقد استحسن النووى في الروضة صنع ابن سريج هذا وغلط من غلطه فيه
ونظيره ما حكاه القاضى الحسين في تعليقه في باب صلاة المسافر عنه ضمن فرع حسن
قال القاضى رحمه الله بعد تعديد مسائل يستحب فيها الخروج من الخلاف ما نصه في الفصد والحجامة يستحب له أن يتوضأ إذا صار وضوءه خلقا بأن أدى به فرضا أو نافلة فأما إذا لم يؤد به شيئا فلا يستحب لأن تجديد الوضوء مكروه قبل أن يؤدى بالأول صلاة ما لأنه يؤدى إلى الزيادة على الأربع
ويحكى عن ابن سريج أنه كان بعد ما افتصد مس ذكره ثم توضأ وهذا ليس بقوى لأنه لا فرق عندنا بين ما لو أحدث أو مس ذكره انتهى
وما ذكره من عدم استحباب التجديد إذا لم يؤد به صلاة لأن الغسلة تصير رابعة حكم ظاهر وتعليل حسن
ونظيره قول الشيخ أبى محمد في الفروق ما نصه إذا توضأ فغسل وجهه مرة ويديه مرة ومسح رأسه مرة وغسل رجليه مرة ثم عاد فغسل وجهه ثانية ويديه ثانية إلى آخرها ثم فعل ذلك مرة ثالثة لم تجز انتهى
وسنعيد للفرع ذكرا إن شاء الله تعالى في ترجمة الشيخ أبى محمد
قال أبو حفص المطوعى كان على بن عيسى الوزير منحرفا عن أبى العباس لفضل ترفعه وتقاعده عن زيارته منصبا بالميل إلى أبى عمر المالكى القاضى لمواظبته على خدمته ولذلك كان ما قلده من القضاء وكانت في أبى عمر نخوة على أكفائه من فقهاء بغداد لعلو مرتبته فحمل ذلك جماعة من الفقهاء على تتبع فتاويه حتى ظفروا له بفتوى
خالف فيها الجماعة وخرق الإجماع وانهى ذلك إلى الخليفة والوزير فعقدوا مجلسا لذلك وكان خذ أبى عمر فيه الأضرع وفيمن حضر أبو العباس ابن سريج فلم يزد على السكوت فقال له الوزير في ذلك فقال ما أكاد أقول فيهم وقد ادعوا عليه خرق بالإجماع وأعياه الانفصال عما اعترضوا به عليه ثم إن ما أفتى به قول عدة من العلماء وأعجب ما في الباب انه قول صاحبه مالك وهو مسطور في كتابه الفلانى فأمر الوزير بإحضار ذلك الكتاب فكان الأمر على ما قاله فأعجب به غاية الإعجاب وتعجب من حفظه لخلاف مذهبه وغفلة أبى عمر عن مذهب صاحبه وصار هذا من أوكد أسباب الصداقة بينه وبين الوزير وما زالت عناية الوزير به حتى رشحه للقضاء فامتنع أشد الامتناع فقال إن امتثلت ما مثلته لك وإلا أجبرتك عليه قال افعل ما بدا لك فأمر الوزير حتى سمر عليه بابه وعاتبه الناس على ذلك فقال أردت أن يتسامع الناس أن رجلا من أصحاب الشافعي عومل على تقلد القضاء بهذه المعاملة وهو مصر على إبائه زهدا في الدنيا
قلت كان هذا في آخر حال ابن سريج وكان المسؤول عليه قضاء بغداد وأما في أول أمره فقد قدمنا عن الشيخ أبى إسحاق أنه ولى القضاء بمدينة شيراز
ومن شعر أبى العباس ابن سريج في مختصر المزنى
قال القاضى أبو عاصم استدرك أبو العباس على محمد بن الحسن مسألة
فى الحساب وهي إذا خلف ابنين وأوصى لرجل بمثل نصيب أحد ابنيه إلا ثلث جميع المال فإن محمدا قال المسألة محال لأنه استثنى ثلث المال فسقط
وقال أبو العباس المسألة من تسعة لأحد ابنيه أربعة والثانى مثله وواحد للموصى له وهو نصيب أحد ابنيه إلا ثلث جميع المال لأن ثلث جميع المال إذا ضم إلى نصيب الموصى له صار أربعة
قلت وهذا حسن بالغ وسواه غلط وإنما استفاد أبو العباس ذلك فيما نحسب من كلام الشافعي رضى الله عنه في مسألة إن كان في كمى دراهم أكثر من ثلاثة وفى كمة أربعة وهى المسألة التى ذكرناها في ترجمة البوشنجى أبى عبد الله فقد سلك أبو العباس في هذه المسألة ما سلكه الشافعي في تلك كما تقدم التنبيه عليه في ترجمة البوشنجى ووجهه أن أبا العباس جعل إلا ثلث جميع المال قيدا في مثل النصيب يعنى مثل النصيب خارجا منه ثلث الأصل كما جعل الشافعي دراهم قيدا في الزائد على الثلاثة
وأما قول أبى العباس إن المسألة تصح من تسعة فظاهر وقد يقال هو استثناء مستغرق وكأنه استثنى ثلثا من ثلث فتصح من ثلاثة لكل واحد سهم
قال ابن القاص في كتاب أدب القضاء سمعت أحمد بن عمر بن سريج ينزع الحكم بشاهد ويمين من كتاب الله عز وجل من قوله تعالى {أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم} إلى قوله تعالى {فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله} وسأحكى معانى ما انتزع به وإن لم أجد ألفاظه
قال رحمه الله لما قال تعالى {فإن عثر} يعنى تبين {على أنهما استحقا إثما} يعنى بذلك الوصيين {فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان} الآية فيحلفان بالله يعنى وارثى الميت اللذين كان الوصيان حلفا أن مافى أيديهما من الوصية غير ما زاد عليهما
قال ابن سريج فالبيان الذى عثر على أنهما استحقا إثما به لا يخلو من أحد أربعة معان إما أن يكون إقرارا منهما بعد إنكارهما أو يكون شاهدى عدل أو شاهدا وامرأتين أو شاهدا واحدا وقد أجمعنا على أن الإقرار بعد الإنكار لا يوجب يمينا على الطالبين وكذلك لو قام شاهدان أو شاهد وامرأتان فلم يبق إلا شاهد واحد وكذلك استحلاف الطالبين
قال ابن القاص وقد رويت القصة التى نزلت فيها هذه الآية بنحو ما فسرها ابن سريج
ثم روى ابن القاص بإسناده حديث ابن عباس عن تميم الدارى في هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم} الآية قال برئ الناس منها غيرى وغير عدى ابن بداء وكانا نصرانيين يختلفان إلى الشام قبل الإسلام فأتيا الشام لتجارتهما وقدم عليهما مولى لبنى سهم يقال له بديل بن أبي مريم بالتجارة ومعه جام من فضة يريد به الملك وهو عظيم تجارته فمرض فأوصى إليهما وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله
قال تميم فلما مات أخذنا الجام فبعناه بألف درهم ثم اقتسمناها أنا وعدى بن بداء فما جئنا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا وفقدوا الجام فسألوا عنه فقلنا ما ترك غير هذا
قال تميم فلما أسلمت بعد قدوم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة تأثمت من ذلك فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر وأديت إليهم خمسمائة درهم وأخبرتهم أن عند صاحبى مثلها فوثبوا عليه فأتوا به النبى صلى الله عليه وسلم فسألهم البينة فلم يجدوا فأمرهم أن يستحلفوه بما يعظم على أهل دينه فحلف فأنزل الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا} إلى قوله {أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم} فقام عمرو بن العاص ورجل آخر منهم فحلفا فنزعت الخمسمائة من عدى بن بداء
وهذا الحديث هكذا أخرجه الترمذى وقال غريب وقال ليس إسناده بصحيح
وأخرج البخارى وأبو داود والترمذى أيضا أصل الحديث من غير ذكر القصة بتمامها
وفيه إشكال لأن أهل الحرب إذا أتلف بعضهم على بعض مالا لم يلزمه ضمانه وإن أسلم وقضية هذا ألا يلزم تميما ولا عديا شئ وبتقدير اللزوم فاللازم قيمة الجام بالغة ما بلغت لا الثمن الذي بيع به
وقد يجاب عن الأول بأنه إنما ضمن لأنه مقبوض بعقد لأنه كان في يدهما إما بالوديعة أو بالوصية وكلاهما عقد وأهل الحرب لا يسقط عنهم بالإسلام قرض اقترضوه ولا معاملة تعاملوا بها بخلاف محض الإتلاف
وعن الثانى بأن الجام لعل قيمته ألف كما بيع
وقد يعترض على أصل استدلال ابن سريج بأن اليمين في الآية ليست مع شاهد واحد كما هو محل النزاع بل مع شاهدين
ويجاب بأن معنى {لشهادتنا} كشهادة شاهدنا وما هو إلا واحد نعم المدعى اثنان
تسمية الحاكم الشهود
كان ابن سريج يذهب كما حكاه الماوردى في الحاوى في باب ما على القاضى في الخصوم والشهود إلى رأي أهل الكوفة أن الأولى للحاكم إذا ثبت الحق ألا يسمى في سجله الشهود بل يقول ثبت عندى بشهادة من رأيت قبول قولهما احتياطا للمحكوم له فإنه متى سماهما فتح باب الطعن والقدح عليه
والمعروف عن الشافعية قاطبة عكسه احتياطا للمحكوم عليه وأنه يقول ثبت عندى بشهادة فلان وفلان
والمسألة على علو شأنها غير مصرح بها في شرح الرافعى ولا كتب المتأخرين والخلاف فيها في الأولوية وأى الأمرين فعل كان سائغا
كذا ذكر الماوردى في باب ما على القاضى في الخصوم والشهود ولكن رأيت الدبيلى صرح في كتاب أدب القضاء بأن الخلاف في الوجوب وهذه عبارته اختلف أصحابنا هل يجب ذكر أسامى الشهود أم لا على وجهين منهم من قال يجب أن يذكر وهو أولى لطلب المشهود عليه جرحهم وذكرهم خير له ومنهم من قال إذا قال الحاكم شهد عندى جماعة عدول أرضاهم وعرفتهم أو قال سألت عن عدالتهم فرجعت المسألة إلى تزكيتهم وعدالتهم فقبلت شهادتهم جاز وإن لم يذكر أسامى الشهود انتهى
وصرح الرويانى في البحر بالوجهين أيضا وأنه لا يجوز إبهام الحجة على أحدهما
وإلى وجه المنع أشار إليه الرافعى بقوله وفى فحوى كلام الأصحاب إشارة إلى وجه مانع من إبهام الحجة ذكره عند الكلام في القضاء بالعلم
وقد تعانى الشروطيون المتأخرون أن يجمعوا بين الأمرين فيقولون بشهادة فلان وفلان وبما يثبت بمثله الحقوق الشرعية وبعد اعتبار ما يجب اعتباره شرعا وهو عندى غير حسن فإنه إن لم يكن للحاكم مستند إلا ما صرح به وهو الغالب فذكر هذه الزيادة يوهم أن هناك شيئا آخر ويسد الباب على من لعله محق فهو كذب وظلم وإن كان له مستند آخر طواه فلا هو الذى أبداه تتميما لرعاية المحكوم عليه ولا الذى طوى غيره معه تتميما لرعاية المحكوم له ففى هذا خروج عن سبيل الفريقين
والأولى عندنا مخالفة ابن سريج والجريان على قول علمائنا في التصريح بالمستند إلا إن كان يخاف مجادلة من يجادل بالباطل فإن استبان للقاضى وجه الصواب في واقعة بطريق القطع أو الظن الغالب وخشى إن هو صرح بالمستند أن يجادل بالباطل ويبطل الحق فالأولى كتمان المستند وإلا فالصواب ذكره فإنه أدفع للتهمة وأنفى للريبة وأصون للدين
والرافعى اقتصر على قوله ويجوز أن لا يتعرض لأصل الشهادة فيكتب حكمت بكذا لحجة أوجبت الحكم لأنه قد يحكم بشاهد ويمين وقد يحكم بعلمه إذا جوزنا القضاء بالعلم وهذه حيلة يدفع بها القاضى قدح أصحاب الرأى إذا حكم بشاهد ويمين وفى فحوى كلام الأصحاب وجه مانع من إبهام الحجة انتهى
وهذا الوجه المانع قد يرجح ذكر الحجة لئلا ينقض عليه قضاه إذا لم يذكرها إن كان في الناس من ينقض قضاه من يبهم الحجة فليحترز الحاكم في ذلك والضابط أن إبداء الحجة أولى إلا أن يخاف فوات حق فليحتط الحاكم والله يعلم المفسد من المصلح وسنعيد في ترجمة الماوردى ذكر المسألة وطريق الشافعية وتقديمهم الداخل على الخارج وتبقيتهم الأمور على ما هى عليه حتى يتبين خلافه كل ذلك
يقتضى توقفهم في الأحكام ومراعاتهم جانب من يحكم عليه وطريق من يقدم بينه الخارج بالعكس
فرع مستغرب ضمن فرع عن أبى العباس
نقل الرافعى في الباب الثانى من كتاب اللقيط عن ابن سريج فيمن أقر بالرق لزيد فكذبه فأقر لعمرو تخريج القبول كما لو أقر بمال لزيد فكذبه فأقر به لعمرو والمقيس مشكل ومستدرك على أبى العباس فإن المنصوص خلافه
وقد قال الرافعى قبل هذا بقليل ما نصه الحالة الرابعة أن يقر على نفسه بالرق وهو عاقل بالغ فينظر إن كذبه المقر له لم يثبت الرق ولو عاد بعد ذلك فصدقه لم يلتفت إليه لأنه لما كذبه ثبتت حريته بالأصل فلا يعود رقيقا ولم يحك فيه خلافا فإن كان ابن سريج يوافق عليه فهو منه تناقض
لكن حكى الرافعى بعد ذلك قبل الفرع وجهين فقال ولو ادعى إنسان رقة فأنكره ثم أقر له ففي قبوله وجهان وأما المقيس عليه وهو غرضنا بالذكر فأغرب ولم يذكروه في مظنته في باب الإقرار في مسألة ما إذا أقر لمنكر فربما وقع ذكره في باب اللقيط استطرادا كما ترى
فرع اختلف فيه على أبى العباس
إذا بلغ الصبى في أثناء الصلاة فالمحكى في الرافعى وأكثر الكتب عن ابن سريج أنه يستحب الإتمام وتجب الإعادة عكس الصحيح من المذهب ولكن ذكر صاحب البيان أن الشيخ أبا حامد رحمه الله قال رأيت في كتاب الانتصار لأبى العباس وجوب الإتمام واستحباب الإعادة وحكى عن أبى العباس عكسه
المشهور عن مالك رحمه الله أن من علق الطلاق بما يتحقق وجوده وقع في الحال احتجاجا بأنه إذا أجل صار ناكحا إلى مدة وهو باطل كالمتعة
قال ابن الرفعة في المطلب في شرح المفتاح لابن القاص إن أبا العباس
ابن سريج قال بمثل قوله فيما إذا قال إن طلعت الشمس فأنت طالق وليس المشهور عنه بل المشهور عنه في قوله إن لم أطلقك اليوم فأنت طالق اليوم ينافى ذلك

  • دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 3- ص: 21

أحمد بن عمر بن سريج مات ببغداد سنة ست وثلاثمائة، وكان من عظماء الشافعيين وأئمة المسلمين وكان يقال له الباز الأشهب، وولي القضاء بشيراز وكان يفضل على جميع أصحاب الشافعي حتى على المزني. وسمعت شيخنا أبا الحسن الشيرجي الفرضي صاحب أبي الحسين ابن اللبان الفرضي يقول: إن فهرست كتب أبي العباس يشتمل على أربعمائة مصنف، وقام بنصرة هذا المذهب ورد على المخالفين وفرع على كتب محمد بن الحسن. وكان الشيخ أبو حامد يقول: نحن نجري مع أبي العباس في ظواهر الفقه دون الدقائق.
وأخذ العلم عن أبي القاسم الأنماطي، وأخذ عنه فقهاء الإسلام وعن انتشر فقه الشافعي في أكثر الآفاق وكان يناظر أبا بكر محمد بن داود، وحكى أنه قال له أبو بكر يوما: أبلعني ريقي، فقال له أبو العباس: أبعلتك دجلة؛ وقال له يوما: أمهلني ساعة، فقال: أمهلتك من الساعة إلى أن تقوم الساعة؛ وقال له يوما: أكلمك من الرجل وتجيبني من الرأس؟ فقال له أبو العباس: هكذا البقر إذا حفيت أظلافها دهت قرونها.
ثم انتقل الفقه إلى طبقة أخرى أكثرهم أصحاب العباس.

  • دار الرائد العربي - بيروت-ط 1( 1970) , ج: 1- ص: 108

أحمد بن عمر بن سريج، أبو العباس القاضي، إمام أصحاب الشافعي في وقته.
قال الخطيب: حدث شيئاً يسيراً عن الحسن بن محمد الزعفراني، وجماعة.
روى عنه: الطبراني، والغطريفي.
وقال مسلمة بن قاسم: كان من أجل الشافعية ببغداد، وكان ذكياً حافظاً مبرزاً.
توفي سنة ست وثلاثمائة.

  • مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق التراث والترجمة صنعاء، اليمن-ط 1( 2011) , ج: 1- ص: 1

ابن سريج الإمام العلامة شيخ الإسلام القاضي أبو العباس أحمد ابن عمربن سريج البغدادي
قدوة الشافعية
سمع أبا داود والحسن الزعفراني ومنه الطبراني
قال الذهبي رأيت له تصانيف يحتج فيها بالأحاديث ويطرقها عمل من يفهم هذا الشأن وأما الفقه فهو حامل لوائه مات في جمادى الأولى سنة ست وثلاثمائة عن سبع وخمسين سنة وله أربعمائة مصنف
ومن كلامه ما رأيت من المتفقهين من اشتغل بالكلام فأفلح يفوته الفقه ولا يصل إلى معرفة الكلام

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1403) , ج: 1- ص: 339

ابن سريج
الإمام العلامة، إمام أصحاب الشافعي في وقته، القاضي أبو العباس، أحمد بن عمر بن سريج البغدادي.
سمع: الحسن بن محمد الزعفراني، وعلي بن إشكاب، وعباساً الدوري، والرمادي، وأبا داود السجستاني، وغيرهم.
حدث عنه: أبو القاسم الطبراني، وأبو أحمد الغطريفي، وأبو الوليد الفقيه، وآخرون.
قال الشيخ أبو إسحاق في ’’الطبقات’’: ابن سريج يقال له: الباز الأشهب، ولي القضاء بشيراز، وكان يفضل على جميع الأصحاب حتى على المزني، وإن فهرست كتبه كانت تشتمل على أربع مئة مصنف، وكان الشيخ أبو حامد الإسفراييني يقول: نحن نجري مع أبي العباس في ظواهر الفقه دون دقائقه. تفقه على أبي القاسم الأنماطي، وأخذ عنه خلق، وعنه انتشر مذهب الشافعي.
وقال الخطيب: شرح المذهب ولخصه، وعمل المسائل في الفروع، وصنف الكتب في الرد على المخالفين من أهل الرأي وأصحاب الظاهر.
وقال الدارقطني: أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج القاضي الفقيه الشافعي، سمع الحسن بن محمد الزعفراني، وأحمد بن منصور الرمادي، والناس بعد، وجالس داود الأصبهاني وناظره، وكان يحضر مع ابنه محمد بن داود في مجالس النظر، فيناظره ويستظهر عليه. وله مصنفات في الفقه على مذهب الشافعي، وله ردودٌ على المخالفين والمتكلمين، وله رد على عيسى بن أبان العراقي في الفقه.
وقال أبو أحمد بن عدي: سمعت أبا علي بن خيران يقول: سمعت أبا العباس بن سريج يقول: رأيت في المنام كأنا مطرنا كبريتاً أحمر، فملأت أكمامي وجيبي وحجري، فعبر لي أني أرزق علماً عزيزاً كعزة الكبريت الأحمر.
مات في جمادى الأولى سنة ست وثلاث مئة، وله سبعٌ وخمسون سنةً وستة أشهر.
وقيل له في مرضه: كيف أصبحت؟ فقال:

ثم مات من ليلته. رحمه الله تعالى.

  • مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 2- ص: 1

أحمد بن عمر بن سريج.
أبو عباس، حامل لواء الشافعية في زمنه الباز الأشهب تفقه بأبى قاسم الأنماطى، وفهرست كتبه تشتمل على أربعمائة مصنف. ولى قضاء شيراز مات سنة ست وثلاثمائة، وهو عالم رأس المائة على قول جماعة ومات عن سبع وخمسين سنة وأشهر، وكان يناظر أبا بكر بن داود فقال له يوماً: أبلعنى ريقى. قال أبو العباس: أبلعتك الدجلة. وقال له يوما: أمهلنى يوماً أمهلنى ساعة. فقال: أمهلتك من الساعة إلى قيام الساعة.
وقال له يوما: أكلمك من الرجل وتكلمنى من الرأس فقال له أبو العباس: هكذا البقر إذا جفيت أظلافها ذهب قرونها. قلت: ولأبى العباس ولداً اسمه عمر روى عن والده ذكره العبادي في ’’طبقاته’’، ورأيت له كتاباً لطيفاً سماه ’’تذكرة العالم وإرشاد المتعلم’’. نقلت من غرائبه مسألة لها تعلق بالتشهد في’’شرح المنهاج’’ لم أر مَن نص عليها غيره فراجعها منه، ونقل العراقيون عنه عن والده خلافاً فيما إذا كثرت ما لا نفسَ لها سائلة وغيرت الماء كما نقله في ’’الكفاية’’ عنهم، وحكاه النووي أيضاً عن حكاية الشيخ أبي حامد وغيره عنه عن أبيه، وكان سريج جده مشهور بالصلاح الوافر.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1