ابن الأثير المبارك بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجزري، أبو السعادات، مجد الدين: المحدث اللغوي الأصولي. ولد ونشأ في جزيرة ابن عمر. وانتقل إلى الموصل، فاتصل بصاحبها، فكان من أخصائه. وأصيب بالنقرس فبطلت حركة يديه ورجليه. ولازمه هذا المرض إلى أن توفي في إحدى قرى الموصل. قيل: إن تصانيفه كلها، ألفها في زمن مرضه، إملاءا على طلبته، وهم يعينونه بالنسخ والمراجعة. من كتبه ’’النهاية –ط’’ في غريب الحديث، أربعة أجزاء، و’’ جامع الأصول في أحاديث الرسول-ط’’ عشرة أجزاء، جمع فيه بين الكتب الستة، و’’الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف’’ في التفسير، و’’المرصع في الآباء والأمهات والبنات –ط) و (الرسائل –خ’’ من إنشائه، و’’الشافي في شرح مسند الشافعي –خ’’ في الحديث، و ’’المختار في مناقب الاخيار –خ’’ و ’’تجريد اسماء الصحابة –خ’’ وهو اخو ابن الاثير المؤرخ، وابن الاثر الكاتب.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 272
ابن الأثير مجد الدين صاحب النهاية المبارك بن محمد بن محمد.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 6- ص: 0
المبارك مجد الدين ابن الأثير المبارك بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد، أبو السعادات مجد الدين ابن الأثير الشيباني. قال: مستوفي إربل في حقه: أشهر العلماء ذكرا، وأكبر النبلاء قدرا، وأوحد الفضلاء المشار إليهم، وفرد الأماثل المعتمد في الأمور عليهم. أخذ النحو عن شيخه ابن الدهان، وسمع الحديث متأخرا، ولم تتقدم روايته.
وله من المصنفات البديعة والرسائل الوسيعة، منها: كتاب (جامع الأصول في أحاديث الرسول)، جمع فيه بين الصحاح الستة. قلت: ليس الستة على ما استقر عليه الحال أخيرا، بل هو الموطأ لمالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وأما ابن ماجة فلم يكن له ذلك الوقت شهرة. قال ياقوت: عمله على حروف المعجم، وشرح غريب الأحاديث ومعانيها وأحكامها، ووصف رجالها، نبه على جميع ما يحتاج إليه منها. أقطع قطعا أنه لم يصنف قط مثله ولا صنف.
وله كتاب البديع في النحو نحو الأربعين كراسة، سلكه مسلكا غريبا، وبوبه تبويبا عجيبا، كتاب الباهر في الفروق في النحو أيضا. كتاب تهذيب فصول ابن الدهان، كتاب الإنصاف في تفسير القرآن، أربع مجلدات. كتاب الشافي، هو شرح مسند الشافعي، أبدع فيه، ذكر أحكامه ولغته ونحوه ومعانيه نحو مائة كراسة، كتاب النهاية في غريب الحديث أربع مجلدات، رسائل في الحساب مجدولات. كتاب ديوان رسائله، كتاب البنين والبنات والآباء والأمهات والأذواء والأذوات، مجلد. كتاب المختار في مناقب الأخيار، أربع مجلدات، انتهى. قلت: أما التفسير الذي له فهو: الإنصاف بين الكشاف للزمخشري وتفسير الثعلبي. وله كتاب غريب الطوال. وله شرح فصول ابن الدهان.
ولد مجد الدين بجزيرة ابني عمر في أحد الربيعين سنة أربع وأربعين وخمس مائة، وتوفي رحمه الله سلخ ذي الحجة سنة ست وست مائة. وكان مبخلا. تنقل في الولايات واتصل بخدمة مجاهد الدين قايماز بن عبد الله الخادم الزيني المقدم ذكره، فكتب بين يديه الإنشاء، إلى أن قبض عليه، فاتصل بخدمة عز الدين مسعود بن مودود صاحب الموصل، وكتب له إلى أن توفي. ثم اتصل بخدمة ولده نور الدين أرسلان شاه، فحظي عنده وتوفرت حرمته، وكتب له مدة. ثم عرض له مرض كف يديه ورجليه فمنعه الكتابة مطلقا، فانقطع في بيته يغشاه الأكابر والعلماء. وجاءه رجل مغربي فالتزم أنه يداويه ولا يأخذ له أجرة إلا بعد برئه، فأخذ في معالجته بدهن صنعه، ولانت رجلاه، وصار يتمكن من مدهما، وأشرف على كمال البرء، فأعطى المغربي شيئا أرضاه وصرفه، فقال له أخوه عز الدين: لم هذا؟ فقال: أنا في راحة مما كنت فيه من صحبة هؤلاء القوم والالتزام بأخطارهم، وقد سكنت روحي إلى الانقطاع والدعة، وقد كنت بالأمس وأنا معافى أذل نفسي بالسعي إليهم، وأنا اليوم قاعد في منزلي، فإذا طرأت لهم أمور ضرورية جاؤوني بأنفسهم ليأخذوا رأيي. وبين هذا وذاك كثير، ولم يبق من العمر إلا القليل، فدعني أعيش باقيه حرا سليما من الذل، فقد أخذت منه أوفر حظ. وأنشأ رباطا بقصر حرب، وهي قرية من قرى الموصل، ووقف أملاكه عليه وعلى داره التي يسكنها بالموصل. وصنف جامع الأصول في هذه العطلة.
قال مجد الدين: كنت أشتغل بالأدب على ابن الدهان النحوي البغدادي بالموصل، وكان يأمرني بقول الشعر وأنا أمتنع من ذلك، فبينا أنا ذات ليلة نائم، رأيت الشيخ في النوم وهو يأمرني بقول الشعر، فقلت له: ضع لي مثالا أعمل عليه فقال:
جب الفلا مدمنا إن فاتك الظفر | وخد خد الثرى والليل معتكر |
فالعز في صهوات الخيل مركبه | والمجد ينتجه الإسراء والسهر |
عليك سلام فاتح من نشر طيبه | نسيم تولى بثه الرند والبان |
وجاز على أطلال مي عشية | وجاد عليه مغدق الوبل هتان |
فحملته شوقا حوته ضمائري | تميد له أعلام رضوى ولبنان |
إن زلت البغلة من تحته | فإن في زلتها عذرا |
حملها من حلمه شاهقا | ومن ندى راحته بحرا |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 25- ص: 0
المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني أبو السعادت الملقب بمجد الدين المعروف بابن الأثير، والأثير هو أبو محمد:
محمد بن عبد الكريم من أهل جزيرة ابن عمر: مات فيما حدثني به أخوه عز الدين أبو الحسن علي بن محمد في يوم الخميس سلخ ذي الحجة سنة ست وستمائة؛ قال:
ومولده في أحد الربيعين سنة أربع وأربعين وخمسمائة بالجزيرة وانتقل إلى الموصل في سنة خمس وستين ولم يزل بها إلى أن مات.
قال المؤلف: وكان عالما فاضلا وسيدا كاملا قد جمع بين علم العربية والقرآن
والنحو واللغة والحديث وشيوخه وصحته وسقمه والفقه، وكان شافعيا، وصنف في كل ذلك تصانيف هي مشهورة بالموصل وغيرها.
حدثني أخوه أبو الحسن قال: قرأ أخي الأدب على ناصح الدين أبي محمد سعيد بن الدهان البغدادي وأبي بكر يحيى بن سعدون المغربى القرطبي وأبي الحزم مكى بن الريان بن شبة الماكسي النحوي الضرير، وسمع الحديث بالموصل من جماعة منهم الخطيب أبو الفضل ابن الطوسي وغيره، وقدم بغداد حاجا فسمع بها من أبي القاسم صاحب ابن الخل وعبد الوهاب بن سكيتة، وعاد إلى الموصل فروى بها وصنف ووقف داره على الصوفية وجعلها رباطا.
وحدثني أخوه أبو الحسن قال: تولى أخي أبو السعادات الخزانة لسيف الدين الغاري بن مودود بن زنكي، ثم ولاه ديوان الجزيرة وأعمالها، تم عاد إلى الموصل فناب في الديوان عن الوزير جلال الدين أبي الحسن على بن جمال الدين محمد بن منصور الأصبهاني، ثم اتصل بمجاهد الدين قايماز بالموصل أيضا فنال عنده درجة رفيعة، فلما قبض على مجاهد الدين اتصل بخدمة أتابك عز الدين مسعود بن مودود إلى أن توفي عز الدين، فاتصل بخدمه ولده نور الدين أرسلان شاه فصار واحد دولته حقيقة بحيث إن السلطان كان يقصد منزله في مهام نفسه لأنه أقعد في آخر زمانه، فكانت الحركة تصعب عليه، فكان يحيئه بنفسه أو يرسل إليه بدر الدين لؤلؤ الذي هو اليوم أمير الموصل.
وحدثني أخوه المذكور قال. حدثني أخي أبو السعادات قال: لقد ألزمني نور الدين بالوزارة غير مرة وأنا أستعفيه حتى غضب مني وأمر بالتوكيل بي، قال:
فجعلت أبكي، فبلغه ذلك فجاءني وأنا على تلك الحال فقال لي: أبلغ الأمر إلى هذا؟ ما علمت أن رجلا ممن خلق الله بكره ما كرهت، فقلت: أنا يا مولانا رجل كبير، وقد خدمت العلم عمري واشتهر ذلك عني في البلاد بأسرها، واعلم أنني لو اجتهدت في إقامة العدل بغاية جهدي ما قدرت أؤدي حقه، ولو طلم أكار في ضيعة من أقصى أعمال السلطان لنسب ظلمه إلي، ورجعت أنت وغيرك باللائمة علي، والملك لا يستقيم إلا بالتسمح في العسف وأخذ هذا الخلق بالشدة، وأنا لا أقدر على ذلك، فأعفاه، وجاءنا إلى دارنا فخبرنا بالحال، فأما والده وأخوه فلاماه على الامتناع فلم يؤثر
اللوم عنده سفا، وذكر ذلك في قصة طويلة بتفاصيلها إلا أن هذا الذى ذكرته هو معناها.
وحدثني عز الدين أبو الحسن قال: حدثني أخي أبو السعادات رحمه الله قال:
كنت أشتغل بعلم الأدب على الشيخ أبي محمد سعيد بن المبارك بن الدهان النحوي البغدادي بالموصل، وكان كثيرا ما يأمرني بقول الشعر وأنا أمتنع من ذلك، قال: فبينا أنا ذات ليلة نائم رأيت الشيخ في النوم وهو يأمرني بقول الشعر، فقلت له: ضع لي مثالا أعمل عليه فقال:
جب لفلا مدمنا إن فاتك الطفر | وخد حد الثرى والليل معتكر |
فالعز في صهوات الخيل مركبه | والمجد ينتجه الإسراء والسهر |
وإني لمهد عن حنين مبرح | إليك على الأقصى من الدار والأدني |
وإن كانت الاشواق تزداد كلما | تناقص بعد الدار واقترب المغنى |
سلاما كسر الروض باكره الحيا | وهبت عليه نسمة السحر الأعلى |
فحا بمسكي الهوا متحليا | ببعض سحايا ذلك المجلس الأسمى |
عليك سلام فاح من نشر طيبه | نسيم تولى بثه الرند والبان |
وحاز على اطلال مي عشية | وجاد عليه معدق الوبل هتان |
فحملته شوقا حوته ضمائري | تميد له أعلام رضوى ولبنان |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 5- ص: 2268
ابن الأثير القاضي الرئيس العلامة البارع الأوحد البليغ مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني، الجزري، ثم الموصلي، الكاتب، ابن الأثير، صاحب ’’جامع الأصول’’، و’’غريب الحديث’’، وغير ذلك.
مولده بجزيرة ابن عمر، في أحد الربيعين، سنة أربع وأربعين وخمس مائة، ونشأ بها، ثم تحول إلى الموصل، وسمع من: يحيى بن سعدون القرطبي، وخطيب الموصل، وطائفة.
وروى الكتب نازلا، فأسند ’’صحيح البخاري’’، عن ابن سرايا، عن أبي الوقت، و’’صحيح مسلم’’، عن أبي ياسر بن أبي حبة، عن إسماعيل ابن السمرقندي، عن التنكتي، عن أبي الحسين عبد الغافر. ثم عن ابن سكينة إجازة عن الفراوي، و’’الموطأ’’، عن ابن سعدون، حدثنا ابن عتاب، عن ابن مغيث، فوهم، و’’سنن أبي داود والترمذي’’ بسماعه من ابن سكينة، و’’سنن النسائي’’، أخبرنا يعيش بن صدقة، عن ابن محمويه.
ثم اتصل بالأمير مجاهد الدين قيماز الخادم، إلى أن توفي مخدومه، فكتب الإنشاء لصاحب الموصل عز الدين مسعود الأتابكي، وولي ديوان الإنشاء، وعظم قدره، وله اليد البيضاء في الترسل، وصنف فيه. ثم عرض له فالج في أطرافه، وعجز عن الكتابة، ولزم داره، وأنشأ رباطا في قرية وقف عليه أملاكه، وله نظم يسير.
قال الإمام أبو شامة: قرأ الحديث والعلم والأدب، وكان رئيسا مشاورا، صنف ’’جامع الأصول’’، و’’النهاية’’، و’’شرحا لمسند الشافعي’’ وكان به نقرس، فكان يحمل في محفة، قرأ النحو على أبي محمد سعيد ابن الدهان، وأبي الحرم مكي الضرير. إلى أن قال: ولما حج سمع ببغداد من ابن كليب، وحدث، وانتفع به الناس، وكان ورعا، عاقلا، بهيا، ذا بر وإحسان. وأخوه عز الدين علي صاحب ’’التاريخ’’، وأخوهما الصاحب ضياء الدين، مصنف كتاب المثل السائر.
وقال ابن خلكان: لمجد الدين كتاب ’’الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف’’ تفسيري الثعلبي والزمخشري، وله كتاب ’’المصطفى المختار في الأدعية والأذكار’’، وكتاب لطيف في صناعة الكتابة، وكتاب ’’البديع في شرح مقدمة ابن الدهان’’، وله ’’ديوان رسائل’’.
قلت: روى عنه: ولده؛ والشهاب القوصي، والإمام تاج الدين عبد المحسن بن محمد بن محمد بن الحامض شيخ الباجربقي وطائفة. وآخر من روى عنه بالإجازة: الشيخ فخر الدين ابن البخاري.
قال ابن الشعار: كان كاتب الإنشاء لدولة صاحب الموصل نور الدين أرسلان شاه بن مسعود بن مودود، وكان حاسبا، كاتبا، ذكيا، إلى أن قال: ومن تصانيفه كتاب ’’الفروق في الأبنية’’، وكتاب ’’الأذواء والذوات’’، وكتاب ’’المختار في مناقب الأخيار’’، و’’شرح غريب الطوال’’ قال: وكان من أشد الناس بخلا.
قلت: من وقف عقاره لله فليس ببخيل، فما هو ببخيل، ولا بجواد، بل صاحب حزم واقتصاد رحمه الله.
عاش ثلاثا وستين سنة. توفي في سنة ست وست مائة بالموصل.
حكى أخوه العز، قال: جاء مغربي عالج أخي بدهن صنعه، فبانت ثمرته، وتمكن من مد رجليه، فقال لي: أعطه ما يرضيه واصرفه قلت: لماذا وقد ظهر النجح؟ قال: هو كما تقول، ولكني في راحة من ترك هؤلاء الدولة، وقد سكنت نفسي إلى الانقطاع والدعة، وبالأمس كنت أذل بالسعي إليهم، وهنا فما يجيئوني إلا في مشورة مهمة، ولم يبق من العمر إلا القليل.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 16- ص: 45
المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني العلامة مجد الدين أبو السعادات الجزري ابن الأثير صاحب جامع الأصول وغريب الحديث وشرح مسند الشافعي وغير ذلك
ولد بجزيرة ابن عمر سنة أربع وأربعين وخمسمائة ونشأ بها ثم انتقل إلى الموصل فسمع من يحيى بن سعدون القرطبي وخطيب الموصل الطوسي وسمع ببغداد من ابن كليب
روى عنه ولده والشهاب القوصي وجماعة وآخر من روى عنه بالإجازة فخر الدين ابن البخاري
واتصل بخدمة الأمير الكبير مجاهد الدين قايماز إلى أن مات فاتصل بخدمة صاحب الموصل عز الدين مسعود وولي ديوان الإنشاء
وله ديوان رسائل ومن تصانيفه غير ما ذكرناه كتاب الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف تفسيري الثعلبي والزمخشري والمصطفى المختار في الأدعية والأذكار والبديع في شرح فصول ابن الدهان في النحو والفروق والأبنية وكتاب الأذواء والذوات وشرح غريب الطوال
وكان بارعا في الترسل وحصل له مرض مزمن أبطل يديه ورجليه وعجز عن الكتابة وأقام بداره وأنشأ رباطا بقرية من قرى الموصل ووقف أملاكه عليه وكان فاضلا رئيسا مشارا إليه
توفي سنة ست وستمائة
دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 8- ص: 366
المبارك بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني. العلامة مجد الدين، أبو السعادات الجزري الإربلي، المشهور بابن الأثير.
من مشاهير العلماء، وأكابر النبلاء، وأوحد الفضلاء.
ولد في سنة أربع وأربعين وخمسمائة بالجزيرة.
وانتقل إلى الموصل، وأخذ النحو عن أبي محمد سعيد بن المبارك الدهان، ويحيى بن سعدون القرطبي.
وسمع الحديث متأخرا من عبد الوهاب بن سكينة وغيره، وتنقل في الولايات، وكتب في الإنشاء، ثم عرض له مرض كف يديه ورجليه، ومنعه الكتابة، فانقطع في بيته، يغشاه الأكابر والعلماء، فجاءه مغربي، فالتزم أن يداويه ولا يأخذ أجره إلا بعد برئه، وأخذ في معالجته بدهن صنعه، ولانت رجلاه، وأشرف على البرء فأرضي المغربي بشيء وصرفه، فلامه أخوه عز الدين، فقال: أنا كنت في راحة مما كنت فيه من صحبة هؤلاء القوم والتزام أخطارهم، وقد سكنت روحي إلى الانقطاع والدعة، فإذا طرأت لهم أمور ضرورية جاءوني بأنفسهم، ليأخذوا رأيي.
وله من التصانيف «النهاية في غريب الحديث» و «جامع الأصول في أحاديث الرسول» جمع فيه بين الصحاح الستة، وهو على وضع كتاب رزين إلا أن فيه زيادات كثيرة عليه، و «البديع في شرح الفصول» لابن الدهان، و «الباهر في الفروق في النحو»، و «تهذيب فصول ابن الدهان»، و «الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف» في تفسير القرآن الكريم، أخذه من تفسير الثعلبي والزمخشري، و «شرح مسند الإمام الشافعي»، و «البنين والبنات والآباء والأمهات والأذواء والذوات»، و «المصطفى والمختار في الأدعية والأذكار»، وله «كتاب لطيف في صنعة الكتابة»، وغير ذلك.
ولما انتقل إلى الموصل اتصل بخدمة الأمير مجاهد الدين قايماز بن عبد الله الزيني، وكان نائب المملكة، فكتب بين يديه منشئا إلى أن قبض عليه، فاتصل بخدمة عز الدين مسعود بن مودود صاحب الموصل، وتولى ديوان رسائله، وكتب له إلى أن توفي.
ثم اتصل بولده أرسلان شاه، فحظي عنده، وتوفرت حرمته لديه، وكتب مدة، ثم عرض له ما تقدم ذكره.
وأنشأ رباطا بقرية من قرى الموصل تسمى قصر حرب، ووقف أملاكه عليها وعلى داره التي يسكنها بالموصل.
وصنف هذه الكتب كلها في مدة العطلة، فإنه تفرغ لها، وكان عنده جماعة يعينونه عليها في الاختيار والكتابة.
وله شعر يسير: من ذلك ما أنشده للأتابك صاحب الموصل وقد زلت به بغلته:
إن زلت البغلة من تحته | فإن في زلتها عذرا |
حملها من علمه شاهقا | ومن ندى راحته بحرا |
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 0( 0000) , ج: 2- ص: 303
مبارك بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجرزي ثم الموصلي المعروف بابن الأثير مجد الدين أبو السعادات قال أبو البركات ابن المستوفي في حقه كان أشهر العلماء ذكرا وأكبر النبلاء قدرا وأحد الأفاضل المشار اليهم وفرد الأماثل المعتمد في الأمور عليهم
أخذ النحو عن شيخه أبي محمد سعيد بن المبارك الدهان وسمع الحديث متأخرا ولم تتقدم روايته
وله المصنفات البديعة والرسائل الوسيعة منها جامع الأصول في أحاديث الرسول جمع فيه بين الصحاح الستة وهو على وضع رزين إلا أن فيه زيادات كثيرة عليه ومنها كتاب النهاية في غريب الحديث في خمسة مجلدات وله كتاب الإنصاف في الجمع بني الثعلبي والكشاف في تفسير القرآن الكريم أخذه من تفسير الثعلبي والزمخشري وله كتاب
المصطفى والمختار في الأدعية والأذكار وله كتاب لطيف في صنعة الكتابة وكتاب البديع في شرح الفصول في النحو لابن الدهان
وكانت ولادته في سنة أربع وخمسين وخمسمائة ووفاته بالموصل في سنة ست وستمائة ودفن برباطه بدرب دراج داخل الموصل
هكذا في التاريخ في طبقات السبكي
مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 212
المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني مجد الدين أبو السعادات بن الأثير الجزري
ثم الموصلى كاتب الإنشاء بها صاحب ’’جامع الأصول’’، ’’والنهاية في الغريب’’ ’’وشرح مسند الإمام الشافعي’’، ’’والإنصاف في الجمع بين الكاشف والكشاف’’ تفسيرى الثعلبى والزمخشرى، ’’والبديع في شرح الفصول’’ في النحو لابن الدهان، وديوان رسائل، ’’وصناعة الكتاب’’، ’’والمصطفى المختار في الأدعية والأذكار’’، ’’والمختار’’ وغيرها، ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة بجزيرة ابن عمر، حصل له آخر عمره تقوس أبطل حركة يديه ورجليه، ومات سنة ست وستمائة. وأخواه الوزير ضياء الدين نصر اللَّه مصنف المثل السائر، والآخر عز الدين على صاحب التاريخ المسمى ’’بالكامل’’، ’’ومختصر الأنساب’’، ’’ومعرفة الصحابة’’ كما سيأتي في ترجمته، روى عنه ولده وغيره، وآخر من روى عنه بالإجازة الفخر بن البخارى. وكتابه ’’النهاية’’ أخذه العلامة رشيد الدين محمد بن محمد بن الرشيد بن علي الكاسغدى وزاد عليه غريب القرآن من الهروى، ومشارق الأنوار لعياض، والروض الأنف، وتقييد المهمل للجبائى، ومواضع في الصحاح وغير ذلك سماه ’’مجمع الغرائب ومنبع الرغائب’’ رأيته بخطه في مجلد كبير، وذكر في آخره أنه فرغ منه بالحرم الشريف سنة ثلاث وستين وستمائة.
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1