أبو جعفر القيسي أحمد بن صابر القيسي أبو جعفر، أخبرني العلامة أثير الدين أبو حيان قال: كان المذكور رفيقا للأستاذ أبي جعفر ابن الزبير شيخنا وكان كاتبا مترسلا ساعدا شاعرا حسن الخط على مذهب أهل الظاهر، وذكر أنه كان كاتبا للأمير أبي سعيد فرج بن السلطان الغالب بالله بن الأحمر ملك الأندلس، خرج أبو جعفر من الأندلس وسبب خروجه منها أنه كان يرفع يديه في الصلاة على ما صح في الحديث فبلغ ذلك السلطان أبا عبد الله فتوعده بقطع يديه، فضج من ذلك وقال: إن إقليما يمات فيه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يتوعد بقطع اليد ممن يقيمها لجدير أن يرحل منه، فخرج وقدم ديار مصر وسمع بها الحديث وكان فاضلا نبيلا، وأنشدني أبو إسحاق إبراهيم النحوي المالقي قال: أنشدنا أبو جعفر ابن صابر لنفسه:
أتنكر أن يبيض رأسي لحادث | من الدهر لا يقوى له الجبل الراسي |
وكل شعار في الهوى قد لبسته | فرأسي أميي وقلبي عباسي |
فلا تعجبا ممن عوى خلف ذي علا | لكل علي في الأنام معاويه |
أرى الدهر ساد به الأرذلو | ن كالسيل يطفو عليه الغثاء |
ومات الكرام وفات المديح | فلم يبق للقول إلا الرثاء |
لولا ثلاث هن والله من | أكبر آمالي في الدنيا |
حج لبيت الله أرجو به | أن يقبل النية والسعيا |
والعلم تحصيلا ونشرا إذا | رويت أوسعت الورى ريا |
وأهل ود أسأل الله أن | يمتع بالبقيا إلى اللقيا |
ما كنت أخشى الموت أنى أتى | بل لم أكن ألتذ بالمحيا |
أما إنه لولا ثلاث أحبها | تمنيت أني لا أعد من الأحيا |
فمنها رجائي أن أفوز بتوبة | تكفر لي ذنبا وتنجح لي سعيا |
ومنهن صون النفس عن كل جاهل | لئيم فلا أمشي إلى بابه مشيا |
ومنهن أخذي للحديث إذا الورى | نسوا سنة المختار واتبعوا الرأيا |
أنترك نصا للرسول ونقتدي | بشخص لقد بدلت بالرشد الغيا |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 6- ص: 0