كافور الإخشيدي كافور بن عبد الله الإخشيدي، أبو المسك: الأمير المشهور، صاحب المتنبي. كان عبدا حبشيا اشتراه الإخشيد ملك مصر (سنة 312هـ) فنسب إليه، وأعتقه فترقى عنده. وما زالت همته تصعد به حتى ملك مصر (سنة 355) وكان فطنا ذكيا حسن السياسة. اخباره كثيرة، توسع صاحب النجوم الزاهرة في بيانها. وقال: إن مدة إمارته على مصر اثنتان وعشرون سنة، قام في أكثرها بتدبير المملكة في ولاية أبي القاسم ثم أبي الحسين ابني الإخشيد، وتولاها مستقلا سنتين، وأربعة أشهر. وكان يدعى له على المنابر بمكة ومصر والشام إلى أن توفي بالقاهرة. وقيل: حمل تابوته إلى القدس فدفن فيها. وكان وزيره ابن الفرات. قال الذهبي: كان عجبا في العقل والشجاعة.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 216
كافور الأخشيدي كافور أبو المسك الخادم السود الحبشي الأستاذ الأخشيدي السلطان: اشتراه أبو بكر محمد بن طغج الأخشيد من بعض رؤساء المصريين. وكان أسود بصاصا أبيع بثمانية عشر دينارا، ثم تقدم عنده لعقله ورأيه وسعده، إلى أن كان من كبار القواد؛ وجهزه في جيش لحرب سيف الدولة.
ثم لما مات أستاذه صار أتابك ولده أبي القاسم أنوجور، وكان صبيا، فغلب كافور على الأمور، قال وكيله: خدمت كافورا وراتبه كل يوم ثلاثة عشر جراية، وتوفي وقد بلغت ثلاثة عشر ألف جراية.
ولي أنوجور مملكة مصر والشام إلا اليسير، بعقد الراضي بالله، والمدبر له كافور، فمات أنوجور سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، وأقيم مكانه أخوه أبو الحسن علي، ومات في أول سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، فاستقل كافور بالأمر، وركب في الدست بخلع أظهر أنها جاءته من الخليفة وتقليد.
وتم له الأمر، ولم يبلغ أحد من الخدم ما بلغه.
وكان ذكيا له نظر في العربية والأدب والعلم.
وممن كان في خدمته إبراهيم النجيرمي صاحب الزجاج النحوي.
وكانت أيامه سديدة جميلة، ودعي له على المنابر بالحجاز ومصر والشام والثغور: طرسوس والمصيصة، واستقل بملك مصر سنتين وأربعة أشهر، وتوفي في جمادى الأولى سنة ست وخمسين وثلاثمائة، وعاش بضعا وستين سنة، ودفن بالقرافة الصغرى، وكان وزيره أبو الفضل جعفر بن الفرات.
وكان كافور يحب الخير. قال بعضهم: حضرت مجلس كافور فدخل رجل ودعا له وقال: أدام الله أيام مولانا - بكسر الميم - فتحدث جماعة من الحاضرين في ذلك وعابوه عليه، فقال رجل من أوساط الناس: وهو أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن حشيش الجيزي اللغوي الأخباري كاتب كافور، والذي دعا لكافور ولحن هو أبو الفضل ابن ميحاس.
وأنشد أبو إسحاق المذكور مرتجلا:
لا غرو أن لحن الداعي لسيدنا | وغص من دهش بالريق أو بهر |
فتلك هيبته حالت جلالتها | بين الأديب وبين القول بالحصر |
وإن يكن خفض الأيام من غلط | في موضع النصب لا عن قلة النظر |
فقد تفاءلت من هذا لسيدنا | والفأل نأثره عن سيد البشر |
بأن أيامه خفض بلا نصب | وأن أوقاته صفو بلا كدر |
وخيلا مددنا بين آذانها القنا | فبتن خافا يتبعن العواليا |
نجاذب منها في الصباح أعنة | كأن على الأعناق منها أفاعيا |
قواصد كافور توارك غيره | ومن قصد البحر استقل السواقيا |
فجاءت بنا إنسان عين زمانه | وخلت بياضا خلفها ومآقيا |
ويحتقر الدنيا احتقار مجرب | يرى كل ما فيها وحاشاه فانيا |
أغالب فيك الشوق والشوق أغلب | وأعجب من ذا الهجر والوصل أعجب |
وأخلاق كافور إذا شئت مدحه | وإن لم أشأ تملي علي وأكتب |
إذا ترك الإنسان أهلا وراءه | ويمم كافورا فما يتغرب |
ولما صار ود الناس خبا | جزيت على ابتسام بابتسام |
وصرت أشك في من أصطفيه | لعلمي أنه بعض الأنام |
ما كنت أحسبني أحيا إلى زمن | يسيء بي فيه كلب وهو محمود |
وأن ذا السود المثقوب مشفره | تطيعه ذي الغضاريط الرعاديد |
أكلما اغتال عبد السوء سيده | أو خانه فله في مصر تمهيد |
نامت نواطير مصر عن ثعالبها | وقد بشمن فما تفنى العناقيد |
العبد ليس لحر صالح بأخ | لو أنه في ثياب الخز مولود |
لا تشتر العبد إلا والعصا معه | إن العبيد لأنجاس مناكيد |
من علم الأسود المخصي مكرمة | أقومه البيض أم آباؤه الصيد |
أم أذنه في يد النخاس دامية | أم قدره وهو بالفلسين مردود |
من كل رخو وكاء البطن منفتق | لا في الرجال ولا النسوان معدود |
ما يقبض الموت نفسا من نفوسهم | إلا وفي يده من نتنها عود |
أولى اللئام كويفير بمعذرة | في كل لؤم وبعض العذر تفنيد |
وذاك أن الفحول البيض عاجزة | عن الجميل فكيف الخصية السود |
من أية الطرق يأتي مثلك الكرم | أين المحاجم يا كافور والجلم |
لا شيء أقبح من فحل له ذكر | تقوده أمة ليست لها رحم |
عدوك مذموم بكل لسان | ولو كان من أعدائك القمران |
فراق منة فارقت غير مذمم | وأم ومن يممت خير ميمم |
ولما غزا كافور دنقلة غدا | بجيش كطول الأرض في مثله عرض |
غزا الأسود السودان في رونق الضحى | فلما التقى الجمعان أظلمت الأرض |
على أبي الطيب الكوفي مفخرها | إذ لم أضع مسكها في مثل كافور |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 24- ص: 0
كافور صاحب مصر، الخادم الأستاذ، أبو المسك، كافور الإخشيذي، الأسود.
تقدم عند مولاه الإخشيذ، وساد لرأيه وحزمه وشجاعته، فصيره من كبار قواده، ثم حارب سيف الدولة، ثم صار أتابك أنوجور ابن أستاذه، وتمكن.
قال وكيله: خدمت كافورا وراتبه في اليوم ثلاث عشرة جراية، وقد بلغت على يدي ثلاثة عشر ألف جراية.
مات الملك أنوجور شابا في سنة تسع وأربعين وثلاث مائة، فأقام كافور أخاه عليا في السلطنة، فبقي ست سنين، وأزمة الأمور إلى كافور، وبعد تسلطن وركب الأسود بالخلعة السوداء الخليفتية، فأشار عليه الكبار بنصب ابن لعلي صورة في اسم الملك، فاعتل بصغره، وما التفت على أحد، وأظهر أن التقليد والأهبة جاءته من المطيع، وذلك في صفر سنة خمس وخمسين، ولم ينتطح فيها عنزان.
وكان مهيبا سائسا حليما جوادا وقورا، لا يشبه عقله عقول الخدام، وفيه يقول المتنبي:
قواصد كافور توارك غيره | ومن قصد البحر استقل السواقيا |
فجاءت بنا إنسان عين زمانه | وخلت بياضا خلفها ومآقيا |
من علم الأسود المخصي مكرمة | أقوامه البيض أم آباؤه الصيد |
وذاك أن الفحول البيض عاجزة | عن الجميل فكيف الخصية السود |
وماذا بمصر من المضحكات | ولكنه ضحك كالبكا |
بها نبطي من اهل السواد | يدرس أنساب أهل الفلا |
وأسود مشفره نصفه | يقال له أنت بدر الدجا |
وشعر مدحت به الكركدن | بين القريض وبين الرقا |
فما كان ذلك مدحا له | ولكنه كان هجو الورى |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 12- ص: 249