قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن حسين بن سليمان بن علي بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله ابن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، يكنى أبا عزيز الينبعى المكي:
صاحب مكة وينبع، وغير ذلك من بلاد الحجاز، ولى مكة عشرين سنة أو نحوها، على الخلاف في مبدأ ولايته بمكة، هل هو سنة سبع وتسعين وخمسمائة، على ما ذكر الميورقي، نقلا عن القاضي فخر الدين عثمان بن عبد الواحد العسقلاني المكي، أو هو سنة ثمان وتسعين كما ذكر الذهبي في العبر، أو هو سنة تسع وتسعين، بتقديم التاء على السين، على ما ذكر ابن محفوظ، وذلك بعد ملكه لينبع، وكان هو وأهله مستوطنين نهر العلقمية من وادى ينبع، وصارت له على قومه الرئاسة، فجمعهم وأركبهم الخيل، وحارب الأشراف بنى حراب، من ولد عبد الله بن الحسن بن الحسن، وبنى على، وبنى أحمد، وبنى إبراهيم، ثم إنه استألف بنى أحمد، وبنى إبراهيم، وذلك أيضا بعد ملكه لوادى الصفراء، وإخراجه لبنى يحيى منه، وكان سبب طمعه في إمرة مكة، على ما بلغني، ما بلغه من انهماك أمرائها الهواشم بنى فليتة على اللهو، وتبسطهم في الظلم، وإعراضهم عن صونها ممن يريدها بسوء، اغترارا منهم بما هم فيه من العز والهسف لمن عارضهم في مرادهم، وإن كان ظلما أو غيره، فتوحش عليهم لذلك خواطر جماعة من قوادهم، ولما عرف ذلك منهم قتادة، استمالهم إليه، وسألهم المساعدة على ما يرونه من الاستيلاء على مكة، وجرأه على المسير إليها مع ما في نفسه، أن بعض الناس، فزع إليه مستغيثا به في ظلامة ظلمها بمكة، فوعده بالنصر.
وتجهز إلى مكة في جماعة من قومه، فما شعر به أهل مكة، إلا وهو بها معهم، وولاتهم على ما هم فيه من الانهماك في اللهو، فلم يكن لهم بمقاومته طاقة، فملكها دونهم، وقيل إنه لم يأت إليها بنفسه في ابتداء ملكه لها، وإنما أرسل إليها ابنه حنظلة فملكها، وخرج منها مكثر بن عيسى بن فليتة إلى نخلة، ذكره ابن محفوظ، وذكر أن في سنة ستمائة، وصل محمد بن مكثر، وتقاتلوا عند المتكا، وتمت البلاد لقتادة، وجاء إليها بنفسه بعد ولده حنظلة. انتهى والله أعلم بالصواب في ذلك.
وذكر ابن الأثير، أن في سنة إحدى وستمائة، كانت الحرب بين قتادة الحسني أمير مكة المشرفة، وبين الأمير سالم بن قاسم الحسيني أمير المدينة، ومع كل واحد منهما جمع كثير، فاقتتلوا قتالا شديدا، وكانت الحرب بذى الحليفة بالقرب من المدينة، وكان قتادة قد قصد المدينة ليحصرها ويأخذها، فلقيه سالم بعد أن قصد الحجرة الشريفة النبوية، على ساكنها السلام، وصلى عندها ودعا، وسار فلقيه، فانهزم قتادة، وتبعه سالم إلى مكة فحصرها، فأرسل قتادة إلى من مع سالم من الأمراء، فأفسدهم عليه، فمالوا إليه وحالفوه، فلما علم سالم ذلك، رحل عنه عائدا إلى المدينة، وعاد أمر قتادة يقوى. انتهى.
وقد ذكر ابن سعيد، مؤرخ المغرب والمشرق، حرب قتادة وصاحب المدينة في هذه السنة، وأفاد فيه ما لم يفده ابن الأثير، فنذكر ذلك لما فيه من الفائدة، ونص ما ذكره قال: وفي سنة إحدى وستمائة، كانت بالحجاز، وهي من البلاد التي يخطب فيها للعادل بن أيوب، وقعة المصارع، التي يقول فيها أبو عزيز قتادة الحسني صاحب مكة [من الطويل]:
مصارع آل المصطفى عدت مثلما | بدأت ولكن صرت بين الأقارب |
قتل فيها جماعة من الفاطميين، وكان أمرها، على ما ذكره مؤرخو الحجاز: أن أبا عزيز، هجم من مكة على المدينة النبوية، فخرج له صاحب المدينة سالم بن قاسم الحسيني، فكسره أبو عزيز، وحصره أياما، وكان سالم في أثناء ذلك يحسن سياسة الحرب، ويستميل أصحاب أبي عزيز، إلى أن خرج عليه، وهو مغتر متهاون به، فكسره سالم، وأسر جمعا من أصحابه، وتبعه إلى مكة فحصره فيها على عدد أيام حصاره بالمدينة، وكتب إليه: يابن العم، كسرة بكسرة، وأيام حصار بمثلها، والبادى أظلم، فإن كان أعجبكم عامكم، فعودوا ليثرب في القابل. انتهى.
وذكر أبو شامة شيئا غير هذا من خبر قتادة مع أهل المدينة، لأنه قال بعد أن ذكر أن المعظم صاحب دمشق عيسى بن العادل أبي بكر بن أيوب، حج في سنة إحدى عشرة وستمائة: ولما عاد إلى المدينة شكا إليه سالم من جور قتادة، فوعده أن ينجده عليه، ثم قال: فجهز جيشا مع الناهض بن الجرخى إلى المدينة، والتقاهم سالم فأكرمهم، وقصدوا مكة، فانهزم قتادة منهم إلى البرية، ولم يقف بين أيديهم. انتهى.
وقال أبو شامة في أخبار سنة اثنتي عشرة وستمائة: ووصل الخبر من جهة الحجاز، بنزول قتادة صاحب مكة على المدينة حرسها الله تعالى، تاسع صفر، وحصرها أياما، وقطع ثمرها جميعه، وكثيرا من نخيلها، فقاتله من فيها، وقتل جماعة من أصحابه، ورحل عنها خاسرا.
وقال في أخبار هذه السنة أيضا: وفي ثالث شعبان، سار الأمير سالم صاحب المدينة بمن استخدمه من التركمان، والمراحل إليها من المخيم السلطانى بالكسوة، ثم توفى بالطريق قبل وصوله إلى المدينة، وقام ولد أخيه جماز بالإمرة بعده، واجتمع أهله على طاعته، فمضى بمن كان مع عمه، لقصد قتادة صاحب مكة، فجمع قتادة عسكر وأصحابه، والتقوا بوادى الصفراء، فكانت الغلبة لعسكر المدينة، فاستولوا على عسكر قتادة قتلا ونهبا، ومضى قتادة منهزما إلى ينبع، فتبعوه وحصروه بقلعته، وحصل لحميد
ابن راجب من الغنيمة، ما يزيد على مائة فرس، وهو واحد من جماعة كثيرة من العرب الكلابيين، وعاد الأجناد الذين كانوا مضوا مع الأمير سالم من الشام، من التركمان وغيرهم، صحبة الناهض بن الجرخى خادم المعتمد، وفي صحبتهم كثير مما غنموه من أعمال قتادة، ومن وقعة وادى الصفراء، من نساء وصبيان، وظهر فيهم أشراف حسنيون وحسينيون، فاستعيدوا منهم، وسلموا إلى المعروفين من أشراف دمشق، ليكفلوهم ويشاركوهم في قسمهم من وقفهم. انتهى.
وهذا الخبر يقتضى أن سالما لم يحضر القتال الذي كان بين قتادة والعسكر، الذي أنفذه المعظم لقتال قتادة، نصرة لسالم، لموت سالم في الطريق، وأنه سار مع العسكر من دمشق إلى أن مات بالطريق، والخبر الأول يقتضى أن سالما حضر مع العسكر قتالهم لقتادة، ويقتضى أيضا أن سالما لم يسر مع العسكر من دمشق، وإنما لقيهم بالمدينة أو في الطريق.
وهذا الخبر نقله أبو شامة عن صاحب مرآة الزمان، وما ذكره أبو شامة أصوب مما ذكره عن صاحب المرآة، لا تحاد القصة. والله أعلم.
وذكر أبو شامة سبب إنجاد المعظم لسالم على قتادة، لأنه قال لما ذكر حج المعظم: وتلقاه سالم أمير المدينة وخدمه، وقدم له الخيل والهدايا، وسلم إليه مفاتيح المدينة، وفتح الأهراء، وأنزله في داره، وخدمه خدمة عظيمة، ثم سار إلى مكة، فوصلها يوم الثلاثاء سادس ذي الحجة. ثم قال أبو شامة: قال أبو المظفر سبط بن الجوزي: والتقاه قتادة أبو عزيز أمير مكة، وحضر في خدمته. قال أبو المظفر: وحكى لي رحمه الله - يعنى المعظم - قال: قلت له - يعنى قتادة ـ: أين ننزل؟ فأشار إلى الأبطح بسوطه، وقال: هناك. فنزلنا بالأبطح، وبعث إلينا هدايا يسيرة. انتهى.
وذكر أبو شامة خبرا اتفق لقتادة وقاسم بن مجاز أمير المدينة، ونص ما ذكره في أخبار سنة ثلاث عشرة وستمائة: فيها وصل الخبر بتسليم نواب الكامل الينبع، من نواب قتادة، حماية له من قاسم بن جماز صاحب المدينة، وبأن قاسم بن جماز أخذ وادى القرى ونخلة من قتادة؛ وهو مقيم به ينتظر الحاج، حتى يقضوا مناسكهم، وينازل هو مكة بعد انفصالهم عنها. انتهى.
وذكر ابن محفوظ شيئا من خبر قتادة وقاسم، لأنه قال: سنة ثلاث عشرة وستمائة، كان فيها وقعة الحميمة، جاء الأمير قاسم الحسيني بعسكر من المدينة، وأغار على جدة، وخرج له صاحب مكة قتادة، والتقوا بين القصر والحميمة، وكانت الكسرة على قاسم، وكان ذلك يوم النحر في هذه السنة. انتهى.
هذا ما علمته من حروب قتادة مع أهل المدينة، وقد سبق في ترجمة ابنه حسن بن قتادة، أن أباه قتادة في سنة موته، جمع جموعا كثيرة، وسار عن مكة إلى المدينة، ولما نزل بالفرع، سير على الجيش أخاه، وابنه حسنا لمرض عرض له، وما عرفت خبر عسكر قتادة هذا مع أهل المدينة، وكان بين قتادة صاحب مكة، وثقيف أهل الطائف، حرب ظهر فيه قتادة على ثقيف، وبلغني أنه لما ظهر على ثقيف، هرب منه طائفة منهم، وتحصنوا في حصونهم، فأرسل إليهم قتادة يستدعيهم للحضور إليه، ويؤمنهم، وتوعدهم بالقتل إن لم يحضروا إليه فتشاور ثقيف في ذلك، ومال أكثرهم إلى الحضور عند قتادة، خيفة أن يهلكهم إذا ظهر عليهم، فحضروا عند قتادة، فقتلهم واستخلف على بلادهم نوابا من قبله، وعضدهم بعبيد له، فلم يبق لأهل الطائف معهم كلمة ولا حرمة، فأعمل أهل الطائف حيلة في قتل جماعة قتادة، وهي أنهم يدفنون سيوفهم في مجالسهم، التي جرت عادتهم بالجلوس فيها مع أصحاب قتادة، ويستدعون أصحاب قتادة للحضور إليهم، فإذا حضروا إليهم وثب كل من أهل الطائف بسيفه المدفون، على جليسه من أصحاب قتادة، فيقتله به، فلما فعلوا ذلك، استدعوا أصحاب قتادة إلى الموضع الذي دفنوا فيه سيوفهم، وأوهموهم أن استدعاءهم لهم بسبب كتاب ورد عليهم من قتادة، فحضر إليهم أصحاب قتادة بغير سلاح، لعدم مبالاتهم بأهل الطائف، لما أوقعوا في قلوبهم من الرعب منهم، فلما اجتمع الفريقان واطمأنت بهم المجالس، وثب كل من أهل الطائف على جليسه، ففتك به، ولم يسلم من أصحاب قتادة إلا واحد، على ما قيل، هرب ووصل إلى قتادة، وقد تخبل عقله لشدة ما رآه من الروع في أصحابه، وأخبر قتادة بالخبر، فلم يصدقه، وظنه جن لما رأي فيه من التخبل، وكان حرب قتادة لأهل الطائف، في سنة ثلاث عشرة وستمائة، على ما ذكر الميورقي، وذكر أن في هذه الواقعة، فقد كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الطائف، لما نهب جيش قتادة البلاد، ونص ما ذكره الميورقي في ذلك، قال: قال لي تميم بن حمدان الثقفي العوفي: قتل أبي رحمه الله، في نوبة قتل الشريف قتادة لمشايخ ثقيف، بدار بنى يسار، من قرى الطائف، ونهب الجيش البلاد، ففقدنا الكتاب في جملة ما فقدناه، وهو كان عند أبى، لكونه كان شيخ قبيلته. قال قاضي الطائف يحيى بن عيسي: قتل أبي عيسى رحمه الله في هذه النوبة، بقرية لقيم، لثلاث عشرة من جمادى سنة ثلاث عشرة وستمائة. انتهى.
وذكر أبو شامة لقتادة أخبارا مذمومة، لأنه قال في أخبار سنة سبع وستمائة: وقال أبو المظفر: وفي عاشر محرم، وصل حسن الحجاز، من مكة سائقا للحاج، وأخبر بأن قتادة صاحب مكة، قتل المعروف بعبد الله الأسير، ثم وصل كتاب من مرزوق
الطشتدار الأسدي، في الخامس والعشرين من المحرم، وكان حاجا، يخبر فيه بأن قتادة قتل إمام الحنفية وإمام الشافعية بمكة، ونهب الحاج اليمنيين.
وقال أيضا سنة ثمان وستمائة: فيها نهب الحاج العراقي، وكان حج بالناس من العراق، علاء الدين محمد بن ياقوت، نيابة عن أبيه، ومعه ابن أبي فراس، يثقفه ويدبره، وحج من الشام، الصمصام إسماعيل، أخو سياروج النجمى على حاج دمشق وعلى حاج القدس، الشجاع علي بن سلار. وكانت ربيعة خاتون بنت أيوب أخت العادل في الحج.
فلما كان يوم النحر بمنى بعد رمى الناس الجمرة وثب بعض الإسماعيلية، على رجل شريف من بنى عم قتادة، أشبه الناس به، وظنوه إياه، فقتلوه عند الجمرة، ويقال إن الذي قتله، كان مع أم جلال الدين، وثار عبيد مكة والأشراف، وصعدوا على الجبلين بمنى، وهللوا وكبروا، وضربوا الناس بالحجارة والمقاليع والنشاب، ونهبوا الناس يوم العيد والليلة واليوم الثاني، وقتل من الفريقين جماعة، فقال ابن أبي فراس لمحمد بن ياقوت: ارحلوا بنا إلى الزاهر، إلى منزلة الشاميين، فلما حصلت الأثقال على الجمال، حمل قتادة أمير مكة والعبيد، فأخذوا الجميع إلا القليل.
وقال قتادة: ما كان المقصود إلا أنا، والله لا أبقيت من حاج العراق أحدا، وكانت ربيعة خاتون بالزاهر، ومعها ابن السلار، وأخو سياروج، وحاج الشام، فجاء محمد بن ياقوت أمير الحاج العراقي، فدخل خيمة ربيعة خاتون مستجيرا بها، ومعه خاتون أم جلال الدين، فبعثته ربيعة خاتون مع ابن السلار، إلى قتادة تقول له: ما ذنب الناس! قد قتلت القاتل، وجعلت ذلك وسيلة إلى نهب المسلمين، واستحللت الدماء في الشهر الحرام، في الحرم، والمال، وقد عرفت من نحن، والله لئن لم تنته، لأفعلن، ولأفعلن.
فجاء إليه ابن السلار، فخوفه وهدده، وقال: ارجع عن هذا، وإلا قصدك الخليفة من العراق ونحن من الشام، فكف عنهم، وطلب مائة ألف دينار، فجمعوا له ثلاثين ألفا من أمير الحاج العراقي، ومن خاتون أم جلال الدين، وأقام الناس ثلاثة أيام حول خيمة ربيعة خاتون، بين قتيل وجريح ومسلوب وجائع وعريان.
وقال قتادة: ما فعل هذا إلا الخليفة، ولئن عاد قرب أحد من بغداد إلى هنا، لأقتلن الجميع. ويقال إنه أخذ من المال والمتاع وغيره، ما قيمته ألفا ألف دينار، وأذن للناس في الدخول إلى مكة، فدخل الأصحاء الأقوياء، فطافوا وأى طواف. ومعظم الناس ما دخل، ورحلوا إلى المدينة، ودخلوا بغداد على غاية الفقر والذل والهوان، ولم ينتطح فيها عنزان. انتهى.
وكلام أبي شامة، يقتضى أن العراقيين لما دخلوا للالتجاء بالحجاج الشاميين، كان الشاميون نازلين بالزاهر. وكلام ابن الأثير، يقتضى أن ذلك وقع والشاميون بمنى، ثم رحلوا جميعا إلى الزاهر، وهذا أشبه بالصواب، والله أعلم.
وأما قول أبي شامة: ولم ينتطح فيها عنزان، فسببه أن قتادة، أرسل إلى الخليفة ببغداد يسأله العفو، فأجيب إلى سؤاله، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى قريبا.
وذكر ابن سعيد المغربي هذه الحادثة، وذكر فيها أن أصحاب قتادة، فعلوا بمن كان من الحجاج في مكة، مثل ما فعلوا فيهم بمنى، وذكر أن الأشراف قتلوا القاتل بمنى، وظنوا أنه حشيشى، وذكر ابن سعيد شيئا مما كان بين قتادة وأهل العراق، بسبب هذه الحادثة، وأفاد في ذلك ما لم أره لغيره، فنذكره.
ونص ما ذكره في أخبار سنة تسع وستمائة: وصل من قبل الخليفة الناصر، إلى أبي عزيز الحسني صاحب مكة، مع الركب العراقي، مال وخلع وكسوة البيت على العادة، ولم يظهر له الخليفة إنكارا على ما تقدم من نهب الحاج، وجعل أمير الركب يستدرجه ويخدعه، بأنه لم يصح عند الديوان العزيز، إلا أن الشرفاء وأتباعهم نهبوا أطراف الحاج، ولولا تلافيك أمرهم، لكان الاصطلام، وقال: يقول لك مولانا الوزير: وليس كمال الخدمة الإمامية، إلا بتقبيل العتبة، ولا عز الدنيا والآخرة، إلا بنيل هذه المرتبة، فقال له: أنظر في ذلك، ثم تسمع الجواب، واجتمع ببنى عمه الأشراف، وعرفهم أن ذلك استدراج لهم وله، حتى يتمكن من الجميع، وقال: يا بنى الزهراء، عزكم إلى آخر الدهر، مجاورة هذه البنية والاجتماع في بطائحها، واعتمدوا بعد اليوم، أن تعاملوا هؤلاء القوم بالشر، يوهنوكم من طريق الدنيا والآخرة، ولا يرغبوكم بالأموال والعدد والعدد، فإن الله قد عصمكم وعصم أرضكم بانقطاعها، وإنها لا تبلغ إلا بشق الأنفس، قال: ثم غدا أبو عزيز على أمير الركب، وقال له: اسمع الجواب، ثم أنشده ما نظمه في ذلك:
ولى كف ضرغام أصول ببطشها | وأشرى بها بين الورى وأبيع |
تظل ملوك الأرض تلثم ظهرها | وفى بطنها للمجدبين ربيع |
أأجعلها تحت الثرى ثم أبتغى | خلاصا لها إنى إذا لرقيع |
وما أنا إلا المسك في كل بلدة | أضوع وأما عندكم فأضيع |
فقال له أمير الركب: يا شريف، أنت ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخليفة ابن عمك، وأنا مملوك تركى، لا أعلم من الأمور التي في الكتب ما علمت، ولكني قد رأيت أن هذا من شرف العرب، الذين يسكنون البوادى، ونزعات قطاع الطريق ومخيفى السبيل، حاش لله أن أحمل هذه الأبيات عنك إلى الديوان العزيز، فأكون قد جنيت على بيت الله، وبنى بنت نبيهصلى الله عليه وسلم، ما ألعن عليه في الدنيا، وأحرق بسببه في الآخرة، والله لو بلغ هذا إلى حيث أشرت، لترك كل وجه، وجعل جميع الوجوه إليك حتى يفرغ منك، ما لهذا ضرورة، إنه قد خطر لك أنهم استدرجوك، لا تسر إليهم، ولا تمكن من نفسك، وقل جميلا، وإن كان فعلك ما علمت. قال: فأصغى إليه أبو عزيز، وعلم أنه رجل عاقل ناصح، ساع بخير لمرسله وللمسلمين، فقال له: كثر الله في المسلمين مثلك، فما الرأي عندك؟ قال: أن ترسل من أولادك من لا تهتم به إن جرى عليه ما يتوقعه، ومعاذ الله أن يجرى إلا ما تحبه، وترسل معه جماعة من ذوى الأسنان والهيئات من الشرفاء، فيدخلون مدينة السلام، وفي أيديهم أكفانهم منشورة، وسيوفهم مسلولة، ويقبلون العتبة، ويتوسلون برسول الله صلى الله عليه وسلم، وبصفح أمير المؤمنين، وسترى ما يكون من الخير لك وللناس، والله لئن لم تفعل هذا، لتركبن الإثم العظيم، ويكون ما لا يخفى عنك، قال: فشكره ووجه صحبته ولده وأشياخ الشرفاء، ودخلوا بغداد على تلك الهيئة التي رسم، وهم يضجون ويبكون ويتضرعون، والناس يبكون لبكائهم، واجتمع الخلق كأنه المحشر، ومالوا إلى باب النوبى من أبواب مدينة الخليفة، فقبلوا هنالك العتبة، وبلغ الخبر الناصر، فعفى عنهم وعن مرسلهم، وأنزلوا في الديار الواسعة، وأكرموا الكرامة التي ظهرت واشتهرت، وعادوا إلى أبي عزيز بما أحب، فكان بعد ذلك يقول: لعن الله أول رأي عند الغضب، ولا عدمنا عاقلا ناصحا يثنينا عنه. انتهى.
وذكر ابن محفوظ: أن قتادة أرسل إلى الخليفة ولده راجح بن قتادة في طلب العفو، وكلامه يقتضى أن ذلك وقع بإثر الفتنة. وذكر ابن الأثير ما يوافق ذلك، وما ذكره ابن سعيد، يقتضى أن ذلك بعد سنة من الفتنة، والله أعلم.
وقد ذكر قتادة جماعة من العلماء في كتبهم، وذكروا ما فيه من الأوصاف المحمودة والمذمومة، مع غير ذلك من خبره، فنذكر ما ذكروه لما فيه من الفائدة.
قال المنذرى في التكملة: كان مهيبا وقورا قوى النفس شجاعا مقداما فاضلا، وله شعر.
قال: وتولى إمرة مكة مدة، رأيته بها وهو يطوف بالبيت شرفه الله تعالى، ويدعو
بتضرع وخشوع كثير. قال: وكان مولده بوادى ينبع، وبه نشأ. وذكر أنه قدم مصر غير مرة، وأن أخاه أبا موسى عيسى بن إدريس، أملى عليه نسبه هذا، يعنى الذي ذكرناه حين قدم مصر.
وقال ابن الأثير: وكانت ولايته قد اتسعت، من حدود اليمن إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، وله قلعة ينبع بنواحى المدينة، وكثر عسكره، واستكثر من المماليك، وخافه العرب في تلك البلاد خوفا عظيما. وكان في أول أمره لما ملك مكة حرسها الله تعالى، حسن السيرة، أزال عنها العبيد المفسدين، وحمى البلاد، وأحسن إلى الحجاج وأكرمهم، وبقى كذلك مدة، ثم إنه أساء السيرة، وجدد المكوس بمكة، وفعل أفعالا شنيعة، ونهب الحاج في بعض السنين كما ذكرنا.
وقال ابن سعيد، بعد أن ذكر وفاته وشيئا من حال أجداده: وكان أبو عزيز أدهى وأشهر من ملك مكة منهم، وكان يخطب للخليفة الناصر، ثم يخطب لنفسه بالأمير المنصور، ودام ملكه نحو سبع وعشرين سنة، وكان قد ابتاع المماليك الأشراف، وصيرهم جندا يركبون بركوبه، ويقفون إذا جلس على رأسه، وأدخل في الحجاز من ذلك ما لم يعهده العرب وهابته، وكان متى قصد منهم فريقا، أمر فيهم بالسهام، فأطاعته التهائم والجنود، وصار له صيت في العرب لم يكن لغيره، وكانت وراثته الملك عن مكثر بن قاسم بن فليتة، الذي ورثه عن آبائه المعروفين بالهواشم، ولم كن أبو عزيز من الهواشم، إلا من جهة النساء، وظهر في مدة مكثر، فورث ملكه، واستقام أمره.
ثم استقام الأمر في عقبه إلى الآن. قال: وكان أبو عزيز في أول أمره، حسن السيرة، صافى السريرة، فلما وثب على شبيهه وابن عمه، الرجل الذي توهم أنه من العراق وقتله، انقلبت أحواله، وصار مبغضا في العراقيين، وفسدت نيته على الخليفة الناصر، وساءت معاملته للحجاج، وأكثر المكوس والتغريم في مكة، حتى ضج الناس، وارتفعت فيه الأيدى بالدعاء، فقتله الله تعالى على يد ابنه حسن بن قتادة.
ثم قال ابن سعيد: وكان أبو عزيز، أديبا شاعرا - وقد تقدم شعره الذي قاله، عند ما حاول الإمام الناصر وصوله إلى بغداد - قال: ولما قتلت العرب في الركب العراقي، حين أسلمه أميره المعروف بوجه السبع وفر إلى مصر بسبب عداوة جرت بينه وبين الوزير العلوي، كتب ابن زياد عن الديوان العزيز: إلى أبي عزيز، وغير خفى عن سمعك، وإن خفى عن بصرك، فيك إلا جاوره في آرام بكل ريم، وغشيان حرب بين الحرمين، حتى عموا قلب كل محرم كالعميم.
فكان جواب أبي عزيز: أما ما كان بأطراف نجد، فالعتب فيه راجع على من قرب من خدام الديوان العزيز الكاف، وأما ما ارتكبوه بين الحرمين، فهو مشترك بين بنى الحسن والحسين. قال: وكأنهم رأوا في هذا الكلام استخفافا لم يحتمله الديوان العزيز، فكانت أول الوحشة حتى أظهر التوبة، وأرسل ابنه والأشراف بأكفانهم منشورة بين أيديهم وسيوفهم مجردة. وذكر وزيره النجم الزنجانى أن أبا عزيز، وقع بالفصل الذي كتب إليه من بغداد، ولم يزل هجيراه، إلى أن أنشده فيما نظمه [من الوافر]:
بآرام فتنت بكل ريم | وهم عموا فؤادى بالعميم |
وفى وادى العقيق رأوا عقوقى | كما حطموا ضلوعى بالحطيم |
فأتى بما لا يخفى انطباعه فيه.
ومن مختار شعره، قوله [من الخفيف]:
أيها المعرض الذي قوله إن | جئت أشكو فضحتنى في الأنام |
فأرح نفسك التي قد تعيت | وأرحنى من بث هذا الغرام |
كان هذا يكون قبل امتزاجى | بك مزج الطلا بماء الغمام |
ليس لي من رضاك بد وقصدى | يوم عيد من سائر الأيام |
وقال أبو سعيد أيضا. قال الزنجاني: ومما يجب أن يؤرخ من محاسن الأمير أبي عزيز، أن شخصا من سرو اليمن، يعرف بنابت بن قحطان، ورد برسم الحج، وكان له مال يتاجر فيه، فتطرق إليه أبو عزيز، بسبب احتوائه عليه، قال: فبينما هو يتمشى في الحرم، إذ سمع شخصا يقول، وهو يطوف بالبيت: اللهم بهذا البيت المقصود، وذلك المقام المحمود، وذاك الماء المورود، وذاك المزار المشهود، إلا ما أنصفتنى ممن ظلمنى، وأحوجت إلى غيرك، من إلى الناس أحوجنى، وأريته بعد حلمك أخذك الأليم الشديد، ثم أصليته نارك، وما هي من الظالمين ببعيد.
فارتاع أبو عزيز، ثم حمله طبعه وعادته، على أن وكل به من يعنفه، ويحمله إلى السجن بعنف، وانصرف إلى منزله، وكان له جارية حبشية، نشأت بالمدينة، فقالت: يا أمير حرم الله، إن لك الليلة لشأنا، فأخبرها بخبر الشخص، فقالت: معاذ الله يا ابن بنت رسول الله، أن تأخذك العزة بالإثم، رجل غريب قصد بيت الله، واستجار بحرم الله، تظلمه أولا في ماله، ثم تظلمه آخرا في نفسه. أين عزبت عنك المكارم الهاشمية والمراحم النبوية، غير هذا أولى بك يا ابن فاطمة الزهراء! قال: فعمل كلامها في خاطره، وأمر بإحضار الرجل، فلما حضر، قال: له، اجعلنى في حل، قال: ولم؟ قال:
لأني ابن بنت رسول الله، فقال: لو كنت ابن بنت رسول الله، ما فعلت الذي فعلت، حين ولاك الله أمر عباده وبلاده، فاستعذر أبو عزيز وقال: قد تبت إلى الله، وصدقت عليك مالك فقال الرجل: نعم، الآن أنت ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا فقد تصدقت بجميع ذلك المال، شكرا الله تعالى على أن أعتق من العار والنار، شخصا يعتزى إلى ذلك النسب الكريم.
فقال أبو عزيز: الحمد لله على كل حال، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم استدعى شاهدين ونص عليهما الحكاية، ثم قال: فاشهدا أنى قد أعتقت هذه الجارية، ووهبت لها من المال كذا وكذا، فإن أراد هذا اليمنى أن يتزوجها، فعلى صداقها عنه، وما يتجهزان به إلى بلاده، وما يعيشان به هناك في نعمة ما شاء الله، فقال اليمني: قد قبلت ذلك، ولم ينفصل إلى بلاده إلا بها. انتهى.
وقال أبو شامة في أخبار سنة سبع عشرة وستمائة: وفيها في جمادى الأولى مات بمكة أبو عزيز قتادة بن إدريس أمير مكة، الشريف الحسني الزيدى، كان عادلا منصفا، نقمة على عبيد مكة والمفسدين، والحاج في أيامه مطمئنون، آمنون على أنفسهم وأموالهم.
وكان شيخا مهيبا طوالا، وما كان يلتفت إلى أحد من خلق الله، ولا وطئ بساطا لخليفة ولا غيره، وكان يحمل إليه في كل سنة من بغداد، الخلع والذهب، وهو في داره بمكة، وكان يقول: أنا أحق بالخلافة من الناصر لدين الله ولم يرتكب كبيرة على ما قيل: وكان في زمانه يؤذن في الحرم «بحى على خير العمل»، على مذهب الزيدية، وكتب إليه الخليفة يستدعيه ويقول: أنت ابن العم والصاحب، وقد بلغني شهامتك وحفظك للحاج، وعدلك وشرف نفسك، وعفتك ونزاهتك، وقد أحببت أن أراك وأشاهدك، وأحسن إليك، فكتب إليه:
ولى كف ضرغام
الأبيات الأربعة.
إلا أن فيما ذكره أبو شامة فيها مخالفة لما سبق، في لفظيات يسيرة، منها أنه قال:
ولى كف ضرغام أذل ببطشها
ومنها: وكل ملوك الأرض.
ومنها: أأجعلها تحت الرحى. ومنها [من الطويل]:
وما أنا إلا المسك في كل بقعة | يضوع وأما عندكم فيضيع |
ففى هذا البيت، مخالفة لما سبق في ثلاث لفظات، والمعنى في ذلك كله متقارب.
وذكر ابن الجوزي في كتاب «الأذكياء» ما يقتضى أن بعض هذه الأبيات لغير قتادة، لأنه قال: كان لأحمد بن الخطيب، وكيل له في ضياعه، فرفع إليه عنه جناية، فعزم على القبض عليه، والإساءة إليه فهرب، فكتب إليه أحمد يؤمنه ويحلف له على بطلان ما اتصل إليه، ويأمره بالرجوع إلى عمله، فكتب إليه [من الطويل]:
أنا لك يا ذا سامع ومطيع | وإنى لما تهوى إليه سريع |
ولكن لي كفا أعيش ببطشها | فما أشترى إلا بها وأبيع |
أأجعلها تحت الرحى ثم أبتغى | خلاصها لها إنى إذا لرقيع |
ورأيت من ينسب هذه الأبيات لأبي سعد بن قتادة، واعتمد في ذلك على ورقة رأيتها معه: أن أبا سعد علي بن قتادة، توجه إلى العراق، فلما أشرف على نخيل بغداد أو غيرها من البلاد - الشك منى - رجع وقال هذه الأبيات، ولا دلالة في ذلك، لاحتمال أن يكون أبو سعد، قالها استشهادا، والله أعلم. ولم أرها معزوة لأبي سعد، إلا في هذه الورقة، وقد عزاها ابن سعيد، وأبو شامة، وغيرهما، لقتادة كما ذكرنا، وفي ذلك النظر الذي ذكرناه من كلام ابن الجوزي.
وذكر المنذري: أن قتادة توفى في آخر جمادى الآخرة، من سنة سبع عشرة وستمائة بمكة. وذكر وفاته في هذه السنة: أبو شامة والذهبي، وابن كثير، وقالوا: إنه مات في جمادى الأولى.
وذكر ابن الأثير في «الكامل»: أنه توفى سنة ثمان عشرة وستمائة، في جمادى الآخرة، قال: وكان عمره نحوا من تسعين سنة. انتهى.
وقد سبق في ترجمة ابنه حسن بن قتادة، أن الملك المسعود صاحب اليمن، لما ملك مكة بعد غلبه لحسن بن قتادة، أمر بنبش قبر قتادة وإحراقه، فوجدوا في القبر تابوتا ليس فيه شيء، فعرف الناس بذلك، أن حسنا قتل أباه، ودفن التابوت في قبره، ليخفى أمره. ويقال: إن سبب قتل حسن بن قتادة لأبيه، أن أباه قتادة، توعده بالقتل، لما بلغه أنه قتل عمه، بعد أن ندبه أبوه بجيش إلى المدينة مع ابنه حسن، وبلغ ذلك حسنا، فدخل على أبيه بعد عوده من المدينة، فبالغ أبوه في ذمه وتهديده، فوثب إليه حسن فخنقه لوقته. هذا معنى ما ذكره ابن الأثير، في سبب قتل حسن بن قتادة لأبيه، وصورة قتله.
ونقل ابن سعيد المغربي، عن سليمان بن الزنجانى، وزير قتادة، أن أخا حسن بن قتادة وأقاربه، يزعمون أن حسن قتل أباه خنقا، واستعان على ذلك بجارية كانت تخدم أباه، وغلام له، في إمساك يديه، ثم قتلهما بعد ذلك ليخفى سبب قتله أبيه، وزعم أن قتله الغلام والجارية، لكونهما قتلا أباه.
ورأيت ما يقتضى، أن حسن بن قتادة قتل أباه بالسم، والله أعلم أي ذلك كان. وقيل إن قتادة بلغ تسعين سنة، فيتحصل في سنه قولان، أحدهما: أنه تسعون، والآخر أنه نحو تسعين. وهذا القول ذكره ابن الأثير والأول ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام، ويتحصل في سنة وفاته قولان، أحدهما: أنه سنة سبع عشرة، والآخر: أنه سنة ثمان عشرة وستمائة، ويتحصل في شهر وفاته قولان، أحدهما: أنه جمادى الأولى، والآخر: أنه جمادى الآخرة، من سنة سبع عشرة. ويتحصل في صفة قتله قولان، أحدهما: أنه خنق، والآخر: أنه سم، والله أعلم بالصواب.
وكان لقتادة من الولد: حسن، الذي ولى إمرة مكة بعده، وراجح، وهو الأكبر الذي كان ينازع حسن في الإمرة، وعلى الأكبر، جد الأشراف المعروفين بذوى على، وعلى الأصغر، جد أبي نمى، جد الأشراف ولاة خليص. ولكل من أولاد هؤلاء ذرية إلى الآن.
ومما صنع قتادة أيام ولايته على مكة، أنه بنى عليها سورا من أعلاها على ما بلغني، وأظنه سورها الموجود اليوم. وبلغني أن الذي بوادى نخلة الشامية، فيما بين التنضب وبشرا، بناء على هيئة الدروب في مسيل الوادى، ليمكس عنده حجاج العراق، وآثار هذا البناء فيه إلى الآن، وأنه بنى على الجبل الذي بأسفل السبط، من وادى نخلة المذكورة، مصبا على جبل يقال له العطشان، وآثار ذلك باقية إلى الآن، والله أعلم.