عماد الدين ابن الشيرازي الكاتب محمد بن محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن مميل الصدر الكبير عماد الدين أبو الفضل ابن القاضي شمس الدين ابن الشيرازي الدمشقي صاحب الخط المنسوب، سمع أباه وابن ملاعب وابن الحرستاني، وروى عنه الخباز وابن العطار والشيخ جمال الدين المزي والشيخ علم الدين البرزالي وطايفة، وكان رئيسا محتشما متمولا مليح الشكل متواضعا وقورا وافر الحرمة، كتب على الولي الكاتب وانتهى إليه التقدم في براعة الخط لاسيما في المحقق والنسخ، ارتحل غير مرة للتجارة فسمع ولده المعمر أبا نصر من أصحاب السلفى، واتفق أنه قبل موته بأربعة أيام شهد عند ابن الصايغ في العادلية وهو طيب وركب وخرج فتغير عند باب الجابية وأصابه فالج فركب الغلام خلفه وأمسكه إلى البستان واستمر به المرض إلى أن مات سنة اثنتين وثمانين ودفن بسفح قاسيون، وحكى لي أنه بلغه أن ربعة في بغداذ بخط ابن البواب كتبها بخفيف المحقق فاستعمل من ورق الطير جملة وأخذه معه وتوجه إلى بغداذ وأخذ تلك الربعة جزءا فجزءا وكان يضع ورق الطير على خط ابن البواب فيشف عما تحته ويجلي الكتابة له فيكتب عليها لا يخل بذرة منها، وقد رأيت أنا من هذه الربعة التي كتبها عماد الدين جزءا وما في الورقة مكتوب إلا وجهة واحدة فكنت أتعجب لذلك فلما سمعت هذه الواقعة علمت السبب في ذلك والله أعلم، وحكي أيضا أنه توجه إلى الديار المصرية وإتفق أنه ركب في النيل مع الصاحب تاج الدين ابن حنا فكان معه جماعة من أصحابه المختصين به وكان يهم شخص يعرف بابن الفقاعي ممن له عناية بالكتابة فسأل الصاحب بهاء الدين وقال يا مولانا عندي لمولانا الصاحب وهؤلاء الجماعة يوم كامل الدعوة ومولانا يدع المولى عماد الدين يفيدني قطة القلم فقال الصاحب والله ما في ذا شيء مولانا يتفضل عليه بذلك فأطرق عماد الدين مغضبا ثم رفع رأسه وقال أوخير لك من ذلك قال وما هو قال أحمل إليك ربعة بخطي وتعفيني من هذا فقال الصاحب لا والله الربعة بخط مولانا تساوي ألفي درهم وأنا ما آكل من هذه الضيافة شيئا يساوي عشرة دراهم أو كما قيل، وكان قد طلب إلى الديار المصرية ورتب ناظرا على الأملاك الظاهرية والتعلقات المختصة بالملك السعيد ابن الظاهر وذلك في أواخر الدولة الظاهرية بعد وفاة الرئيس مؤيد الدين أسعد ابن القلانسي، وكان والده القاضي شمس الدين أبو نصر من كبار العلماء العارفين بالمذهب وولي نيابة الحكم بدمشق مدة زمانية.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 1- ص: 0
محمد بن محمد بن هبة الله ابن يحيى بن بندار بن مميل، القاضي الرئيس الكبير الصدر تاج الدين أبو الفضل ابن القاضي شمس الدين بن نصر الشيرازي.
كان من أعيان الدماشقة، ولي وكالة بيت المال والحسبة ونظر الدواوين ونظر ديوان الخزندار، وتنقل في المناصب، وباشر الوظائف الكبار، ورأس.
قال شيخنا علم الدين البرزالي رحمه الله تعالى: روى لنا عن ابن عبد الدائم، وسمع من والده وعمه وجماعة.
وتوفي رحمه الله تعالى بالمزة في بستانه في رابع شهر رجب الفرد سنة اثنتي عشرة وسبع مئة.
ومولده سنة ست وخمسين وست مئة، رحمه الله.
وجرى بينه وبين شمس الدين محمد ابن الشيخ عفيف الدين التلمساني منافسة بسبب شخص مشهور، وعمل شمس الدين مقامة بسبب ذلك. وكان هذا تاج الدين من الرؤساء الفضلاء النبلاء فلم يسمع عنه بسبب ذلك كلمة واحدة، ولا أعاد ولا أبدأ، لحشمته ورياسته وفضله ومروته.
دار الفكر المعاصر، بيروت - لبنان / دار الفكر، دمشق - سوريا-ط 1( 1998) , ج: 5- ص: 147