فيصل الدويش فيصل بن سلطان بن فيصل بن نايف الدويش: آخر شيوخ (مطير) ومن كبار اصحاب الثورات في نجد. وهو من بني الدويش، ويقال لهم: (الدوشان) من بني علوة (بكسر العين وسكون اللام) اصحاب الرياسة في (مطير). ومطير خليط من قبائل متعددة تناسبت وتحالفت وجمعتها عصيبة واحدة، تمتد منازلها من الصمان (غربي الاحساء) إلى سهول الدبدبة فالقصيم فاطراف الحجاز. وكان فيصل بدويا قحا، فيه شراسة ودهاء واعتزاز بعدده الضخم. قام بزعامة (مطير) بعد ابيه. وصحب ابن سعود (الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن) في صباه، وخالفه سنة 1330هـ ، (1912) فقصد اطراف العراق بجماعة من عشيرته، فطاردته السلطات العثمانية، فعاد إلى نجد، بعد سنتين. وانزله ابن سعود في (الارطاوية) وهي دار (هجرة) كبيرة للاخوان، بين الزلفي والكويت. وانتدبه لاخضاع عشائر من نجد خرجت عليه ولجأت إلى اطراف العراق، فمضى اليها ومزقها. وظفر في معركة بينه وبين الشيخ سالم بن مبارك الصباح (سنة 1920) فاحتل (الجمهرة) من اراضي الكويت، وكاد يحتل الكويت، وتدخل البريطانيون، فعقد اتفاق العقير (سنة 1921) بتعيين الحدود بين الكويت ونجد. ورافق الرعب اسم فيصل الدويش، فكان يرى نفسه ندا لابن سعود. واحتمله هذا على عنجهيته واطماعه، لشجاعته وزعامته. وكانت لفيصل مواقف في حصار (حائل) وطمع بامارتها، وخاب أمله. وحاصر (المدينة المنورة) في الحرب الحجازية (سنة 1925) فخاف أهل المدينة بطشه، فكتبوا يلتمسون من الملك عبد العزيز (ابن سعود) ارسال احد ابنائه ليتسلمها، فارسل ابنه محمدا، فدخلها، وكان في الرابعة عشرة من عمره. وتزوج فيصل ببنت (سلطان بن بجاد) من شيوخ عتيبة (انظر ترجمته) فازدادت عصبيته قوة. وعاد بعد حرب الحجاز، إلى (الارطاوية) غير راض، فاتمر مع جماعة بالانتقام على ابن سعود. ودخلت الحكومتان السعودية والعراقية في مفاوضات لتصفية شؤون تتعلق بالحدود، فسارع فيصل إلى ارسال ابن عم له اسمه (نايف بن مزيد) فغزا حدود العراق. ونادى بالجهاد. متهما ابن سعود بالتواني والقعود عن نصرة (الدين). وناصره ابن بجاد وابن حثلين، واضطرب الامن في البوادي. وقام ابن سعود بزحف كبير (سنة 1929) ضرب به جموع الدويش على ماء يقال له (السبلة) بقرب (الزلفى) وجرح الدويش فحمل على (نعش) تحف به نساؤه وأولاده يندبون، وأنزل بين يدي ابن سعود، فلم ير الاجهاز عليه، وتركه للآتين. وعولج في الارطانية، واندملت جراحه، فعاد يستنفر القبائل للقيام على ابن سعود، ويقاتل من يتخلف منها عن نصرته. وكانت له في ذلك معارك في (القاعية) وراء الدهناء؛ ومع قبائل الظفير وشمر، وفي شمالي (حائل). وطارده اميرا حائل والاحساء. واستفحل امره وزحف ابن سعود إلى مكان يسمى (الثمامة) من اراضي (الصمان) لحربه. ولم تكن الا مناوشات انفضت في خلالها جماعات الدويش. وضاقت في وجهه السبل. فلجأ إلى بادية العراق ومنها إلى الكويت، واحتمى ببارجة بريطانية. وانذر ابن ابن سعود البريطانيين بالهجوم على الكويت. ودارت مفاوضات عاجلة. وجيء بالدويش طائرة (سنة 1930) فأرسل إلى سجن (الأحساء) مكبلا بالاغلال، فمات بعد سبعة شهور من حبسه. وكان يقال له ابن (الشقحاء) وهي امه من آل (حثلين) من العجمان، ورث عنها بياض اللون وسعة العينين.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 166