الراوندي فضل الله بن علي بن عبيد الله الحسني، أبو الرضا، ضياء الدين الراوندي: مفسر، إمامي، شاعر من أهل قاشان، وراوند قراها، رآه السمعاني (صاحب الانساب) وزاره في بيته. له تصانيف، منها (الكافي) في التفسير، و (كتاب الاربعين) في الحديث، و (الموجز الكافي في العروض والقوافي) و (مشيخة) تزيد على 20 رجلا، و (قصص الانبياء) و (ديوان شعر - ط).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 152
السيد أبو الرضا ضياء الدين فضل الله بن علي بن عبيد الله الحسني الراوندي
من أهل كاشان وراوند من قراها
توفي بكاشان في حدود سنة 570. كان فاضلا جليلا رئيسا أديبا شاعرا مصنفا له ديوان شعر، وفي الرياض لعله والد السيد محمد بن أبي الرضا العلوي شارح العلويات السبع لابن أبي الحديد، وذكره ابن شهراشوب في المناقب باسم: أبو الرضا الحسني الحسيني، والظاهر أنه نفس المترجم. وهو من مشائخ ابن شهراشوب وشيخ محمد بن الحسن الطوسي والد الخواجه نصير الدين، وأولاده وأحفاده وأسباطه كلهم علماء أتقياء منهم السيد أبو المحاسن أحمد بن فضل الله عالم فاضل قاضي كاشان والسيد عز الدين أبو الحسن علي ابن ضياء الدين أبي الرضا فضل الله ذكره في السلافة وللمترجم مشائخ كثيرون أجلاء منهم الإمام الشهيد أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الروياني والسيد أبو البركات محمد بن إسماعيل الحسيني المشهدي وأبو تراب المرتضى وأبو الحرب المنتهى ابنا السيد الداعي الحسيني والسيد علي بن أبي طالب الحسني والشيخ البارع الحسين بن محمد بن عبد الوهاب البغدادي وعلي ومحمد ابنا علي بن عبد الصمد وأبو عبد الله جعفر بن محمد الدوريستي والسيد أبو الصمصام ذو الفقار ويروي السيد عبد الكريم عن نصير الدين الطوسي عن والده عنه. وفي أنساب السمعاني ما معناه: إني لما وصلت كاشان قصدت زيارة السيد أبي الرضا المذكور فلما انتهيت إلى داره وقفت على الباب هنيهة أنتظر خروجه فرأيت مكتوبا على طراز الباب هذه الآية المشعرة بطهارته وتقواه {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} فلما اجتمعت به رأيت منه فوق ما كنت أسمع عنه وسمعت منه جملة من الأحاديث وكتبت عنه مقاطيع من شعره ومن جملة أشعاره التي كتبها لي بخطه الشريف هذه الأبيات:
هل لك يا مغرور من زاجر | أو حاجز عن جهلك الغامر |
أمس تقضى وغد لم يجئ | واليوم يمضي لمحة الباصر |
فذلك العمر كذا ينقضي | ما أشبه الماضي بالغابر |
من لبرق على البراق أنارا | ملأ الخفافقين نورا نارا |
خبط الليل فاستشب وقودا | لم ينازعه مرخه والعفارا |
وجلا صفحة الظلام إلى أن | عاد ليل السرار منه نهارا |
خلت إيماضه قناديل دير | في بطون الدجى تمد سعارا |
موقد النار بات يحفزه القس | بنفخ يطير منه الشرارا |
هو في جنحه كقرط سليمى | في عقاص لها تردى ومارا |
هان سر الدجى عليه فأفشى | وكذا البرق يفضح الأسرارا |
مثلما أومضت عوارض سلمى | يوم بانت فلم أطق أسرارا |
حرة ما تخون الدهر منها | مذ كساها من النعيم شعارا |
زارني طيفها على النأي منها | حي طيفا من الأحبة زارا |
زارني والظلام مد على الآ | فاق من جنح ليله أستارا |
وأراد الخفاء صونا وما خا | ل دجى الليل تزدهي الأقمارا |
زارني البدر عن مطال مطال | يا سقى الله ذلك الإزديارا |
ثم أومأت للعناق فما عتـ | ـم حتى استكن مني ونارا |
أنت بالبخل توصفين فما للطـ | ـيف قولي لنا أمنك استعارا |
لم تزر للعناق لكن لكي تعـ | ـرف من شأن صبها أخبارا |
حسبته ينام عنها ويسلى | فاستنابت خيالها الزوارا |
وتألت بوجنة لو تجلت | طمست من شعاعها الأبصارا |
وبفينان وارد دعص رمل | هيل حتى أغص منها الأزارا |
أنها لو رأته قد نام عنها | لكسته من الفراق صدارا |
ما درت أني تناعست قصدا | لخيال أسومه الأفكارا |
أقصري إنني اتخذت عزيز الد | ين كهفا آوي إليه اعتصارا |
أنا جار العزيز وهو عزيز الـ | ـجار لازال للورى مستجارا |
سيد لاق بالسيادة لما | كان لبسا على سواه معارا |
ليث حرب أن يلقه حرب | يستلبه الأنياب والأظفارا |
والبر يولي العبيد عتاقا | وبه يستعبد الأحرارا |
المعي يعيد بالخاطر العا | طر موهوم كل سر جهارا |
وهو شمس الزمان يجلو دجاه | فمذ انحاز ضوءه ما أنارا |
حكت السحب فيض كفيه سيبا | فلذا كان قطرها مدرارا |
وكذا الشمس أشرقت لاكتساب | منه نورا فمعت الأقطار |
وكذا الأرض حلمه حل فيها | فكساها على الزمان وقارا |
يا عماد الإسلام يفديك قوم | لم يكونوا لربعه عمارا |
لا تضيقن من أعاديك ذرعا | إن جرح العجماء كان جبارا |
ما أمس الزمان حاجا إلى من | يتولى الإيراد والأصدارا |
فأجره وأهله من كسير | وعوير كفيت كسرا وعارا |
وانتدب من حجاب عزك وأشهر | سيف قهر على العدى بتارا |
هاكها حرة تناسب منها الطـ | ـول والعرض أربعين قطارا |
وعروس لو عرست عند غسا | ن لأضحى لكوره عقارا |
وابق واسلم منعما لا يطور الد | هر من ربعك الخصيب طوارا |
وكفاك الإله والله كاف | من أعاديك مكرها الكبارا |
أبكلتا الراحتين | كلت إحدى الراحتين |
أي عجز فوق هذا | لا أقر الله عيني |
يا وزير المشرقين | وعميد المغربين |
لم أنل منك منالا | غير ما ذل وشين |
ولقد بعت عليكم | صلة نقدي بديني |
كم يزيدوني على أن | حلتم بيني وبيني |
غير أن ألبستموني | آخرا خفي حنين |
إن الوزارة أصبحت أوزارها | مربوطة منه بليث عرين |
زانته لا وحياته بل زانها | ولربما ابتليت بغير مزين |
فد عوقبت زمنا أشد عقوبة | باخس مصطحب وشر قرين |
فأعادها الجبار منه إلى ذرا | حصن على مر الزمان حصين |
رحم الإله ضياعها ولطالما | نزعت إليه بعبرة وحنين |
أنا والدهر كلانا كاتب | وكلانا ليس يعفى قلمه |
فسواد في بياض رقمي | وبياض في سواد رقمه |
ما على مولاي لولا | داعيات الانقباض |
لو شفى غلة قلبي | بسواد في بياض |
يا ناظري إليكما | واستبقيا دمعيكما |
أما الشؤون فقد وهت | والشان في شانيكما |
أعزز علي بأنني | بكما بكيت عليكما |
عبيدك أصبحوا يوم القتال | كخياطين في شبه المتال |
بذرعان القنا ذرعوا وقطوا | بأنصلهم وخاطوا بالنبال |
عبيدك يوم الوغى خاطة | وحاشاهم إنهم غير عزل |
إذا ذرعوا بالقنا فصلوا | بحد السيوف وخاطوا بنبل |
إن غلمانك خياطون يوم الخصام | لا بخيط وخياط بل برمح وحسام |
أو ليسوا ذرعوا بالسمر أبدان الأعادي | ليقطوا بسيوف ويخيطوا بسهام |
وإذا حاولوا لبؤس لبوسا | فصلوا بالظبا وبالسمر خاطوا |
بما طبعته الهند للبؤس فصلوا | لبوسا وخاطوه لما أنيت الخط |
قد أدر المخدوم وسما علينا | ثم لم يجره خلال الرسوم |
فأدرت قناعتي ترك ذاك | الرسم رسما علي للمخدوم |
لنا مولى أجل الناس قدرا | وأطيب من مشى صيتا وذكرا |
يسيب الناس من يمناه يمنا | إذا شاؤوا ومن يسراه يسرا |
ولكني طلبت بماء وجهي | إليه محقرا فأبى مصرا |
هززت نداه عن أوقار تبن | فصحفه وقال التبن تبرا |
وكنت أظنني لو رمت تبرا | لكان ينيلني وقرا وفقرا |
ولولا إن ذات يديه ضاقت | لما كنا لنقبل منه عذرا |
اطلبوا بالدم أو فذروا | دم أرباب الهوى هدروا |
يا لقومي قد أباح دمي | قمر ما مثله قمر |
كل امرئ معه عجب | وحديثي معه سمر |
إن يكن بر فمحتسب | أو يكن ذنب فمغتفر |
ولا دهى ما بليت به | أنه يجني واعتذر |
أقبل كالبدر في مدراعه | يشرق في السعد من مطالعه |
أوله ربع عشر ثالثه | وربع ثانية جدر رابعه |
اجتياز بباب دار الصديق | واقتصار على سلام الطريق |
من عقوق مبطن بجفاء | وجفاء مظهر بعقوق |
يا صاحبي اليوم هاباذا | إن لا تملأ بمهاباذا |
سلام خلي ودعا عنكـ | ـما نعاج طرق ومهاباذا |
بالله يا نفحات أنفاس الصبا | عوجي على أكناف ماها باذا |
واستخلفي تلعات طرف واقطعي | نفسي فداك إلى حماها باذا |
أرض يناضي النيران ريسها | عزا فيها عجبا أماها باذا |
ما باذء المطري لها لكن(كذا)من | بالسوء يوما قدر ماها باذا |
ريح الصبا رويت من راح الصبا | روحي بروحي نحو ماها باذا |
تردا جنان علا مريدا أكلها | أمنا الزوال نعم أماها باذا |
خليلي أن القلب من لواجف | وإن دموع العين مني ذوارف |
مخافة دار لا عشية بعده | تماطلنا للعرض فيه المواقف |
على الله هل من حيلة تعلمانها | تخلصنا منها فإني خائف |
سفرت لنا عن طلعة البدر | إحدى الخرائد من بني بدر |
فأجل قدر الليل مطلعها | حتى تراءت ليلة القدر |
ل أنها كشفت لآلئها | من قولها والعقد والثغر |
لأضاءت الدنيا لساكنها | والليل في باكورة الشعر |
حتى يظن الناس أنهم | هجم العشاء بهم على الفجر |
عهدي بنا والوصل يجمعنا | كاللوز توأمتين في قشر |
نغدو كلانا وفق صاحبه | ومطيع حكم النهي والأمر |
يا رب مالي شفيع يوم منقلبي | إلا الذين إليهم ينتهي نسبي |
المصطفى وهو جدي ثم فاطمة | أمي وشيخي علي الخير فهو أبي |
والمجتبى الحسن الميمون غرته | ثم الحسين أخوه سيد العرب |
ثم ابنه سيد العباد قاطبة | وباقر العلم مكشوف عن الحجب |
والصادق البر في شياء يفوه به | والكاظم الغيظ في مستوقد الغضب |
ثم الرضا المرتضى في الخلق سيرته | ثم التقي نقيا غير ما كذب |
ثم النقي ابنه والعسكري وما | لي في شفاعة غير القوم من أرب |
ثم الذي يملأ الدنيا بأجمعها | عدلا وقسطا بإذن الله عن كثب |
ألا يا آل أحمد يا هداتي | لقد كنتم أئمة خير أمة |
أرادكم الحسود بكيد سوء | فأصبح ما أراد عليه غمه |
يريد ليطفئ النور المصفى | ويأبى الله إلا أن يتمه |
محمد خير مبعوث وأفضل من | مشى على الأرض من حاف ومنتعل |
من دينه نسخ الأديان أجمعها | ودور ملته عفى على الملل |
ثم الإمامة مهداة مرتبة | من بعده لأمير المؤمنين علي |
من بعده ابناه وابنا بنت سيدنا | محمد ثم زين العابدين علي |
والباقر العلم عن أسرار حكمته | والصادق البر لم يكذب ولم يحل |
والكاظم الغيظ لم ينقض مروته | ثم الرضا لم يفه والله بالزلل |
ثم التقي فتى عاف الأنام معا | قولا وفعلا فلم يفعل ولم يقل |
ثم النقي ابنه والعسكري ومن | يطهر الأرض من رجس ومن دخل |
القائم العدل والحاكي بطلعته | طلوع بدر الدجى في دامس الطفل |
تنشق ظلمة ظلم الأرض عن قمر | إشراق دولته تأتي على الدول |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 8- ص: 408