البهنسي فضل الله بن أحمد بن عثمان بن محمد البهنسي الدمشقي: فاضل، له نظم جيد، في (ديوان- خ) يغلب عليه الهزل والهجو. كان ظريفا حسن النادرة، من عشراء المرادي (صاحب سلك الدرر) مولده ووفاته في دمشق.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 152
السيد فضل الله البهنسي ابن أحمد بن عثمان بن محمد المعروف بالبهنسي الحنفي الشريف لأمه الدمشقي كان له اطلاع في الأدب ومعرفة بالأمور الشرعية مجانا حسن الأخلاق طارح التكلف حمولا له نكت ونوادر ولد في دمشق كما أخبرني في غرة شوال سنة سبع وعشرين ومائة وألف ونشأ بها وقرأ الفقه على الشيخ صالح الجنيني ثم على الشيخ موسى المحاسني وقرأ على الشيخ أحمد التدمري الطرابلسي نزيل دمشق وكذلك قرأ على الشيخ محمد بن حمدان الدمشقي وصار يتولى نيابات الحكم في دمشق ويعامل أهالي قرى الغوطة ويتصدى للوكالات في المخاصمات ووقع في أمور بسبب ذلك وكان صاحب ثروة ومال لكنه يغلب على نفسه الشيخ والبخل وبالجملة فقد عارك الدهر وصبر على الكدر والصفا ولم يزل يتقلب بالأحوال متكدرا بين قيل وقال إلى أن مات وكنت أميل إلى نوادره وهزلياته المضحكة وكان بينه وبين قريبه ونسيبه الشيخ عبد الرزاق البهنسي مواحشة باطنية وكل منهما يقول إن الآخر ليس من بني البهنسي ولم يزالا بين يخاصم وقيل وقال إلى أن ماتا ومما اتفق إن السيد عبد الرزاق المذكور صنع أبياتا ذكر فيها اسم صاحب الترجمة وكان المترجم قد اشتهر اسمه بين الناس بالسيد فضلي فذكره السيد عبد الرزاق في أبياته بهذا الاسم لكن لم يصرح بهذا الاسم وانما ذكره بطريق الألغاز والرمز ثم شيع الأبيات إلى مجلس كان يحضره الأديب الفاضل السيد عبد الحليم اللوجي الدمشقي فلما وقف على الأبيات لم يظهر له في بادي الرأي مراد السيد عبد الرزاق في ألغازه اسم المترجم لبعد قرائن الكلام عن الدلالة على المراد فبلغ الناظم ذلك فقال ما معناه إن رمزه يدق عن فهم اللوجي وأمثاله فلما بلغ اللوجي ذلك كتب للناظم أبياتا جرت فيها تورية لطيفة في اسم السيد فضلي المترجم مع التنويه بقدره والتبكيت على الناظم السيد عبد الرزاق فقال أعني اللوجي من جملة أبيات يخاطب بها السيد عبد الرزاق
زعمت إني لحل الرموز لست بأهل | وإن مرماك شيء |
يدق عن فهم مثلي=ما كان ذاك ولكن | حجدت مقدار فضلي |
ومعترض جهلا بغير تأمل | مسئ علينا قد حوى غاية الجهل |
يقول لماذا قد سميت بأحمد | واسمك فضل الله قل لي عن الأصل |
فقلت له قد خصني بعض فضله | فقابلته بالحمد شكرا على الفضل |
إن حبي طول المدى لا يزول | وسهادي ذاك السهاد الطويل |
وغرامي يزداد في كل يوم | لست عنه طول الزمان أحول |
قد سقاني الزمان كأس صدود | زاد جسمي الضناء وهو نحول |
يا أهيل الغرام إن هيامي | يومه بالفراق يوم جليل |
كلما عن ذكرهم في ضميري | سال طرفي بالدمع وهو همول |
كم لنا وقفة بقرب حماها | حيث عنها في الدهر عز الوصول |
إن عقلي مذ سار عيس المطايا | ضاع مني وتاه عنه الدليل |
وتصابي بعد الكمال وأضحى | في انتقاص وقد براه النجول |
يا زمان السرور هل من رجوع | عل منا في الدهر يشفي الغليل |
أو خيال يزور مقلة صب | قد جفاها المنام وهو ملول |
ألا إنما قد شاد من فضل ربه | وأنعاسه هذا المكان وقد أنشأ |
بعون إله الخلق قام بناؤه | وذلك فضل الله يؤتيه من يشأ |
حسب امرئ عمره تسعون ماضية | أتت عليه بأسقام وأمراض |
لو يشتري الموت في دنياه من أحد | لكان بالغبن يشريه بأقراض |
كمثل يحيى الذي أضحى له مائة | من السنين ومنها لم يكن راضي |
تراه يمشي حبوا وهو ذو ولع | في أخذه قسمة الأيتام للقاضي |
كأنه ظل شمس عند ناظره | أو شبه طيف خيال في الكري ماضي |
أو صورة طبعت في حائط رسمت | لا نطق فيها ولا تهنا بأغماض |
وما يرى فيه من نطق يحركه | فهو التباس بشيطان دعى جاضي |
دار البشائر الإسلامية / دار ابن حزم-ط 3( 1988) , ج: 4- ص: 3