فضل فضل، جارية المتوكل العباسي: شاعرة، من مولدات البصرة (وامها من مولدات اليمامة) لم يكن في زمانها امراة افصح منها ولا اشعر. نشاة في دار رجل من بني عبد القيس، ادبها وخرجها. وباعها، فاشتراها محمد بن الفرج الرخجي. واهداها إلى المتوكل، فحظيت عنده واعتقها. وعرفت بعد ذلك بفضل العبدية (نسبة إلى عبد القيس) وكان من معاصريها ابو دلف العجلي، وعلى بن الجهم، ولهما معها مساجلات. في شعرها اجادة وابداع، ولها بداهة وسرعة خاطر. قال ابن المعتز: كانت تهاجي الشعراء، ويجتمع عندها الادباء، ولها في الخلفاء والملوك مدائح كثيرة، وكانت تتشيع وتتعصب لاهل مذهبها وتقضي حوائجهم بجاهها عند الملوك والاشراف. توفيت ببغداد. وهي القائلة من ابيات:
اني اعوذ بحرمتي بك في الهوى | من ان يطاع لديك في حسود. |
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 146
جارية المتوكل فضل جارية المتوكل الشاعرة:
كانت من مولدات اليمامة، لم يكن في زمانها امرأة أفصح منها ولا أشعر، أدبها رجل من عبد القيس.
توفيت في حدود الستين والمائتين. قال لها يوما علي بن الجهم:
لاذ بها يشتكي إليها | فلم يجد عندها ملاذا |
ولم يزل ضارعا إليها | تهطل أجفانه رذاذا |
فعاتبوه فزاد عشقا | فمات وجدا فكان ماذا؟ |
يا حسن الوجه سيء الأدب | شبت وأنت الغلام في الأدب |
ويحك إن القيان كالشرك الـ | ـمنصوب بين الغرور والكذب |
بينا تشكى إليك إذ خرجت | من لحظات الشكوى إلى الطلب |
فلحظ هذا ولحظ ذاك وذا | لحظ محب بعين مكتسب |
لولا الأماني لمات من كمد | مر الليالي يزيد في فكره |
ليس له مسعد يساعده | بالليل في طوله وفي قصره |
قد بدا شبهك يا مو | لاي يحدو بالظلام |
فانتبه نقض لبانا | ت اعتناق والتثام |
قبل أن تفضحنا عو | دة أرواح النيام |
قالوا عشقت صغيرة فأجبتهم | أشهى المطي إلي ما لم يركب |
كم بين حبة لؤلؤ مثقوبة | من بين حبة لؤلؤ لم تثقب |
إن المطية لا يلذ ركوبها | ما لم تذلل بالزمام وتركب |
والحب ليس بنافع أربابه | ما لم يؤلف بالنظام ويثقب |
يا رب رام حسن تعرضه | يرمي ولا يشعر أنى غرضه |
أي فتى لحظك ليس يمرضه | وأي عقد محكم لا ينقضه! |
استقبل الملك إمام الهدى | عام ثلاث وثلاثينا |
خلافة أفضت إلى جعفر | وهو ابن سبع بعد عشرينا |
إنا لنرجو يا إمام الهدى | أن تملك الدنيا ثمانينا |
لا قدس الله امرءا لم يقل | عند دعائي لك: آمينا |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 24- ص: 0
فضل جارية المتوكل ترجمتها
شاعرة من مولدات البصرة. من أفصح وأشعر نساء زمانها. أهديت إلى المتوكل العباس فحظيت عنده وأعتقها, وعرفت بعد ذلك بفصل العبدية نسبة إلى مربيها عبد القيس.
من معاصريها علي بن الجهم الشاعر, وأبو دلف العجلي القائد. مدحت الخلفاء والملوك وتوسطت لديهم لمن قصدها. توفيت ببغداد عام 257 هجرية.
مناسبات شعرها
تخلط مناسبات شعرها بأخبارها, وسنعرض ما توفر منها تباعا ودونما ترقيم.
كانت تهوى سعيد بن حميد أحد كتاب الدولة العباسية, فعزم مرة على سفر فقالت له: (من البسيط)
كذبتني الود إن صافحت مرتحلا | كف الفراق بكف الصبر والجلد |
لا تذكرن الهوى والشوق لو فجعت | بالشوق نفسك لم تصبر على البعد |
لاذ بها يشتكي إليها | فلم يجد عندها ملاذا |
ولم يزل ضارعا إليها | تهطل أجفانه رذاذا |
فعاتبوه فزاد عشقا | فمات وجدا فكان ماذا؟ |
إن من يملك رقي | مالك رق الرقاب |
لم يكن يا أحسن العا | لم هذا في حسابي |
لأكتمن الذي بالقلب من حرق | حتى أموت ولم يعلم به الناس |
ولا يقال شكا من كان يعشقه | إن الشكاة لمن تهوى هي الياس |
ولا أبوح بشيء كنت أكتمه | عند الجلوس إذا ما دارت الكاس |
استقبل الملك إمام الهدى | عام ثلاث وثلاثينا |
خلافة أفضت إلى جعفر | وهو ابن سبع بعد عشرينا |
إنا لنرجو يا إمام الهدى | أن تملك الناس ثمانينا |
لا قدس الله امرأ لم يقل | عند دعائي لك: آمينا |
ومستفتح باب البلاء بنظرة | تزود منها قلبه حسرة الدهر |
فوالله ما يدري أتدري بما جنت | على قلبه أم أهلكته وما تدري |
تعلمت أسباب الرضا خوف سخطة | وعلمه حبي له كيف يغضب |
يصد وأدنو بالمودة جاهدا | ويبعد عني بالوصال وأقرب |
يا من أطلت تفرسي | في وجهه وتنفسي |
أفديك من متدلل | يزهى بقتل الأنفس |
هبني أسأت وما أسأ | ت, بلى, أقر أنا المسي |
أحلفتني ألا أسا | رق نظرة في مجلسي |
فنظرت نظرة مخطئ | أتبعتها بتفرس |
ونسيت أني قد حلف | ت فما عقوبة من نسي؟! |
كم بين حبة لؤلؤ مثقوبة | نظمت وحبة لؤلؤ لم تثقب؟ |
أن المطية لا يلذ ركوبها | ما لم تذلل بالزمام وتركب |
والدر ليس بنافع أربابه | حتى يؤلف للنظام بمثقب |
علم الجمال تركتني | في الحب أشهر من علم |
وأبحتني يا سيدي | سقما يجل عن السقم |
ونصبتي يا منيتي | غرض المظنة والتهم |
فلو أن نفسي فارقت | جسمي لفقدك لم تلم |
ما كان ضرك لو وصل | ت فخف عن قلبي الألم |
برسالة تهدينها | أو زورة تحت الظلم |
أو لا, فطيفي في المن | ام, فلا أقل من اللمم |
صلة المحب حبيبه | الله يعلمه كرم |
الصبر ينقص والسقام يزيد | والدار دانية أنت بعيد |
أشكوك أم أشكو إليك فإنه | لا يستطيع سواهما المجهود |
إني أعوذ بحرمتي بك في الهوى | من أن يطاع لديك في حسود |
نعم, وإلهي إنني بك صبة | فهل أنت يا من لا عدمت مثيب؟ |
لمن أنت منه في الفؤاد مصور | وفي العين نصب العين حين تغيب |
فثق بوداد أنت مظهر مثله | على أن بي سقما وأنت طبيب |
وعيشك لو صرحت باسمك في الهوى | لأقصرت عن أشياء بالهزل والجد |
ولكنني أبدي لهذا مودتي | وذاك لأخلو فيك بالبث والوجد |
مخافة أن يغري بنا قول كاشح | عدو فيسعى بالوصال إلى الصد |
وما كنت أخشى أن تروا لي زلة | ولكن أمر الله ما عنه مذهب |
أعوذ بحسن الصفح منكم وقبلنا | بصفح وعفو ما تعود مذنب |
قد بدا شبهك يا مو | لاي في جنح الظلام |
فانتبه نقض لبانا | ت التزام والتثام |
قبل أن تفضحنا عو | دة أرواح النيام |
إن خنساء لا جعلت فداها | اشتراها الكسار من مولاها |
ولها نكهة يقول محاذيها: | أهذا حديثها أم فساها؟ |
إن الزمان بذحل كان يطلبنا | ما كان أغفلنا عنه وأسهانا! |
ما لي وللدهر قد أصبحت همته؟ | ما لي وللدهر, ما للدهر؟ لا كانا |
وقالت في مجلس خمر: (من السريع) سلافة كالقمر الباهر | في قدح كالكوكب الزاهر |
يديرها خشف كبدر الدجى | فوق قضيب أهيف ناضر |
على فتى أروع من هاشم | مثل الحسام المرهف الباتر |
يا فضل صبرا إنها ميتة | يجرعها الكاذب والصادق |
ظن بنان أنني خنته | روحي إذا من بدني طالق |
يا عالي السن سيئ الأدب | شبت وأنت الغلام في الطرب |
ويحك إن القيان كالشرك المن | صوب بين الغرور والعطب |
لا يتصدين للفقير ولا | يطلبن إلا معادن الذهب |
تلحظ هذا وذا وذاك وذا | لحظ محب بطرف مكتسب |
بينا تشكي هواك إذا عدلت | عن زفرات الشكوى إلى الطلب |
من لمحب أحب في صغره | فصار أحدوثة على كبره |
من نظر شفه فأرقه | وكان مبدا هواه من نظره |
لولا الأماني لمات من كمد | كما الليالي تزيد في فكره |
ليس له مسعد يساعده | بالليل في طوله وفي قصره |
المكتبة الأهلية - بيروت-ط 1( 1934) , ج: 1- ص: 244