غالية الوهابية غالية، من عرب البقوم: سيدة، من بادية مابين الحجاز ونجد، اشتهرت بالشجاعة، ونعتت بالاميرة. كانت ارملة رجل من اغنياء (البقوم) من سكان (تربة) على مقربة من الطائف، من جهة نجد. وكان أهل تربة اسبق أهل الحجاز إلى موالاة نجد، واتبعوا مذهب (الحنابلة) الذين سماهم الترك ثم الافرنج بالوهابية. ولاهل تربة مواقف معروفة فيما كان من الحروب بين النجديين والترك والهاشميين. قال محمود فهمي المهندس في كتابه (البحر الزاخر) واصفا بطولة امرأة عربية في حرب (الوهابيين) سنة 1812 (1227هـ) ماخلاصته: (لم يحصل من قبائل العرب القاطنين بقرب مكة مقاومة اشد مما اجراه عرب البقوم في تربة، وكان قد لجأ اليها معظم عساكر الشريف غالب، وقائد العربان في ذلك الوقت امرأة أرملة، اسمها غالية كان زوجها اشهر رجال هذه الجهة وكانت هي على غاية من الغنى، ففرقت جميع اموالها على فقراء العشائر الذين يرغبون في محاربة الترك واعتقد المصريون انها ساحرة! وان لها قدرة على اخفاء رؤساء الوهابيين عن اعين المصريين. ففي اوائل نوفمبر 1813 (ذي الحجة 1228) سافر طوسون من الطائف ومعه 2000 نفس للغارة على تربة وامر عساكره بالهجوم، وكان العرب محافظين على اسوار المدينة بشجاعة، ومستبشرين بوجود غالية معهم، وهي المقدمة عليهم، فصدوا طرسون وعساكره، واضطر هؤلاء إلى ترك خيامهم وسلاحهم، وقتل منهم في ارتدادهم نحو سبعمائة نفس، ومات كثيرون جوعا وعطشا، وكانت النتيجة المنتظرة لهذا الفضل ان يموت جميع العساكر لولا ان توماس كيث مع شرذمة من الخيالة استردوا مدفعا وحفظوا به خط الرجعة. وتعطلت بعد ذلك الاجراءات الحربية ثمانية عشر شهرا). وقال مؤرخ مصر (الجبرتي) في حوداث صفر 1229: (وفي ثانية وصل مصطفى بك امير ركب الحجاج إلى مصر، وسبب حضوره انه ذهب بعساكره وعساكر الشريف من الطائف إلى ناحية تربة، والمتأمر عليها امراة، فحاربتهم، وانهزم منها شر هزيمة، فحنق عليه الباشا وامره بالذهاب إلى مصر مع المحمل) وقال ايضا في حوادث جمادي الاولى 1229: (وفي اربعة وصلت هجانة من ناحية الحجاز، واخبر المخبرون ان طوسونه باشا وعابدين بيك ركبا بعساكرهما على ناحية تربة التي بها المراة التي يقال لها غالية، فوقعت بينهم حروب، ثمانية ايام، ثم رجعوا منهزمين ولم يظفروا بطائل.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 115