عودة أبو تايه عودة بن حرب الملقب بأبي تايه الحويطي: شجاع، من شيوخ البادية. له في ثورة العرب على الترك أيام الحرب العامة الأولى أثر وذكر كبيران. نشأ في قبيلته (التوايهة) من عرب (الحويطات) من طيئ، في شمالى خليج العقبة. وظهرت شجاعته وهو لا يزال فتى، فكان يغزو القبائل القريبة والبعيدة، ويرد غزاتها، وجمع ثروة، والتف حوله نحو سبعة آلاف بينهم أربعة آلاف مسلح، وجعل مقره الحضري قرية تدعى (الجرباء) وأرادت الحكومة العثمانية قبيل الحرب العامة إرغامه على دفع ضرائب امتنع عن دفعها، فأطلق عليه بعض الجنود الرصاص فأخطأوه، فقتل اثنين منهم. وتجافي بعد ذلك عن مواطن الجيش العثماني وشغل بالغزو. قيل: أغار مرة على جهات حلب وعطف صوب العراق فقطع الفرات غازيا. وثار شريف مكة (الحسين بن علي) على الترك (العثمانيين) في الحجاز سنة 1916م، وزحف رجاله إلى معان والعقبة، فانضم إليهم الشيخ عودة، وقاتل معهم، فلمع اسمه. واتخذه الكولونيل لورانس (Col. T. Lawrence) صديقا، وكان يلقبه بالنسر لخفته ورشاقته في الهجوم والمباغتة، ويفتخر بصداقته، وكتب عنه قبل سنة 1920م، يقول: (تزوج عودة 28 مرة، وجرح 30 مرة؛ وهو من الرجال الذين ينتهزون كل فرصة للغزو، ويتوغلون في غزواتهم إلى أبعد الحدود. خاصم كل قبائل الصحراء تقريبا بسبب غزواته. يتلقى النصيحة ولكن يتجاهلها وليس هناك شئ يغير رأيه. يحفظ من أشعار البدو الشئ الكثير) ودخل دمشق مع الفاتحين سنة 1918م. ولما احتل الفرنسيون بلاد الشام، وأخرجوا الملك فيصل ابن الحسين من سورية، وأقبل أخوه عبد الله ابن الحسين من الحجاز (سنة 1920م) نزل هذا بالقرب من خيام (الحويطات) واستقبله عودة عارضا خدمته ومن معه للثأر لفيصل من الفرنسيس. ورحب به عبد الله، وشكى إليه أن ليس معه من الذهب غير خنجره، ففتح عودة صندوق ما ادخر. ثم دخل عبد الله (عمان) واتفق مع البريطانيين على أن يتولى إدارتها وإمارتها، وسميت وما حولها بشرقي الأردن فأقبل عليه عودة يقول: أراك وقد أمروك، هونت عن قصد الشام! فتنكر له الأمير، وحبسه ليلة بعمان، ثم خشى غارة رجاله فأطلقه. رأيته يوما وهو متكئ فقيل لي إنه جريح في ظهره، فسألته فقال: أثر من ضربة سيف تهنا بعدها خمسة أيام في الصحراء لا نوم ولا ماء، وكاد الظمأ يقتلنا! وقيل في وصفه: كان كريما تجاوز حد السخاء. وتوفى في زيزياء (بالبلقاء).

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 93