عمير بن وهب عمير بن وهب بن خلف الجمحي، أبو أمية: صحابي، من الشجعان. أبطأ في قبول الإسلام، وشهد وقعة بدر مع المشركين فأسر المسلمون ابنا له، فرجع إلى مكة، فخلا به صفوان بن أمية بالحجر، وقال له: دينك علي، وعيالك علي، أمونهم ماعشت، وأجعل لك كذا وكذا إن أنت خرجت إلى محمد فقتلته. فوافقه عمير ورحل إلى المدينة، فدخل بسيفه على النبي (ص) وهو في المسجد، فسأله: لم قدمت؟ قال: أريد فداء ابني. فقال: مالك والسلاح؟ قال: نسيته على لما دخلت. قال: فما جعل لك صفوان بن أمية في الحجر؟ فأنكر، فأخبره النبي (ص) بما كان، فدهش وأسلم، وعاد إلى مكة فأشهر إسلامه. ثم هاجر إلى المدينة، وشهد مع المسلمين أحدا وما بعدها.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 89
عمير (ب د ع) عمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي الجمحي، يكنى أبا أمية.
كان له قدر وشرف في قريش، وهو ابن عم صفوان بن أمية بن خلف. وشهد بدرا مع المشركين كافرا، وهو القائل يومئذ لقريش عن الأنصار: أرى وجوها كوجوه الحيات: لا يموتون ظمأ أو يقتلون منا أعدادهم، فلا تعرضوا لهم وجوها كأنها المصابيح فقالوا: دع هذا عنك. فحرش بين القوم، فكان أول من رمى بنفسه عن فرسه بين المسلمين، وأنشب الحرب.
وكان من أبطال قريش وشياطينهم، وهو الذي مشى حول المسلمين ليحزرهم يوم بدر، فلما انهزم المشركون كان عمير فيمن نجا، وأسر ابنه وهب بن عمير يومئذ، فلما عاد المنهزمون إلى مكة جلس عمير وصفوان بن أمية بن خلف، فقال صفوان: قبح الله العيش بعد قتلى بدر! قال عمير: أجل، ولولا دين علي لا أجد قضاءه وعيال لا أدع لهم شيئا، لخرجت إلى محمد فقتلته إن ملأت عيني منه، فإن لي عنده علة أعتل بها، أقول: قدمت على ابني هذا الأسير.
ففرح صفوان وقال: علي دينك، وعيالك أسوة عيالي في النفقة. فجهزه صفوان، وأمر بسيف فسم وصقل، فأقبل عمير حتى قدم المدينة، فنزل بباب المسجد، فنظر إليه عمر بن الخطاب وهو في نفر من الأنصار يتحدثون عن وقعة بدر، ويذكرون نعم الله فيها، فلما رآه عمر معه السيف فزع وقال: هذا عدو الله الذي حزرنا للقوم يوم بدر. ثم قام عمر فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هذا عمير بن وهب قد دخل المسجد متقلدا سيفا، وهو الغادر الفاجر، يا رسول الله لا تأمنه على شيء. قال: أدخله علي. فخرج عمر فأمر أصحابه أن أدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم واحترسوا من عمير. وأقبل عمر وعمير فدخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع عمير سيف، فقال: أنعموا صباحا- وهي تحيتهم في الجاهلية- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أكرمنا الله عن تحيتك، السلام تحية أهل الجنة! فما أقدمك يا عمير؟ قال: قدمت في أسيري، ففادونا في أسيركم، فإنكم العشيرة والأهل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما بال السيف في رقبتك؟ فقال عمير: قبحها الله، فهل أغنت عنا من شيء، إنما نسيته حين نزلت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدقني، ما أقدمك؟ قال: قدمت في أسيري. قال: فما الذي شرطت لصفوان بن أمية في الحجر؟ ففزع عمير فقال: ما شرطت له شيئا! قال: تحملت له بقتلي على أن يعول بنيك، ويقضي دينك، والله حائل بيني وبينك! قال عمير: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله، يا رسول الله، كنا نكذبك بالوحي، وبما يأتيك من السماء، وإن هذا الحديث كان بيني وبين صفوان في الحجر، والحمد لله الذي ساقني هذا المساق، وقد آمنت بالله ورسوله. ففرح المسلمون حين هداه الله.
قال عمر: والذي نفسي بيده لخنزير كان أحب إلي من عمير حين طلع، ولهو اليوم أحب إلي من بعض ولدي! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، اجلس يا عمير نؤانسك. وقال لأصحابه: علموا أخاكم القرآن. وأطلق له أسيره، فقال عمير: يا رسول الله، قد كنت جاهدا ما استطعت على إطفاء نور الله، والحمد لله الذي هداني من الهلكة، فائذن لي يا رسول الله فألحق بقريش فأدعوهم إلى الله تعالى وإلى الإسلام، لعل الله أن يهديهم ويستنقذهم من الهلكة. فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلحق بمكة وجعل صفوان بن أمية يقول لقريش: أبشروا بفتح ينسيكم وقعة بدر. وجعل يسأل كل من قدم من المدينة: هل كان بها من حدث؟ حتى قدم عليه رجل فأخبره أن عميرا أسلم، فلعنه المشركون، وقالوا: صبأ، وحلف صفوان لا ينفعه بنفع أبدا، ولا يكلمه كلمة أبدا. فقدم عليهم عمير، فدعاهم إلى الإسلام، فأسلم بشر كثير.
أخرجه الثلاثة
دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 966
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 4- ص: 288
دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 3- ص: 797
عمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي الجمحي- يكنى أبا أمية.
قال موسى بن عقبة في «المغازي»، عن ابن شهاب: لما رجع كل المشركين إلى مكة فأقبل عمير بن وهب حتى جلس إلى صفوان بن أمية في الحجر، فقال صفوان: قبح الله العيش بعد قتلى بدر، قال: أجل، والله ما في العيش خير بعدهم، ولولا دين علي لا أجد له قضاء وعيال لا أدع لهم شيئا، لرحلت إلى محمد فقتلته إن ملأت عيني منه، فإن لي عنده علة أعتل بها عليه، أقول: قدمت من أجل ابني هذا الأسير.
قال: ففرح صفوان، وقال له: علي دينك، وعيالك أسوة عيالي في النفقة، لا يسعني شيء فأعجز عنهم. فاتفقا، وحمله صفوان وجهزه، وأمر بسيف عمير فصقل وسم، وقال عمير لصفوان: اكتم خبري أياما.
وقدم عمير المدينة، فنزل باب المسجد، وعقل راحلته، وأخذ السيف، وعمد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إليه عمر وهو في نفر من الأنصار، ففزع ودخل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، لا تأمنه على شيء. فقال: «أدخله علي»، فخرج عمر فأمر أصحابه أن يدخلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحترسوا من عمير.
وأقبل عمر وعمير حتى دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع عمير سيفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: «تأخر عنه». فلما دنا عمير قال: انعموا صباحا- وهي تحية الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد أكرمنا الله عن تحيتك، وجعل تحيتنا تحية أهل الجنة وهو السلام». فقال عمير: إن عهدك بها لحديث. فقال: «ما أقدمك يا عمير»؟ قال: قدمت على أسيري عندكم، تفادونا في أسرانا، فإنكم العشيرة والأهل. فقال: «ما بال السيف في عنقك»؟ فقال: قبحها الله من سيوف! وهل أغنت عنا شيئا؟ إنما نسيته في عنقي حين نزلت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اصدقني، ما أقدمك يا عمير»؟ قال: ما قدمت إلا في طلب أسيري.
قال: «فماذا شرطت لصفوان في الحجر»؟ ففزع عمير، وقال: ماذا شرطت له؟ قال: «تحملت له بقتلي على أن يعول أولادك ويقضي دينك، والله حائل بينك وبين ذلك».
فقال عمير: أشهد أنك رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، كنا يا رسول الله نكذبك بالوحي وبما يأتيك من السماء، وإن هذا الحديث كان بيني وبين صفوان في الحجر كما قلت، لم يطلع عليه أحد، فأخبرك الله به، فالحمد لله الذي ساقني هذا المساق.
ففرح به المسلمون، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجلس يا عمير نواسك». وقال لأصحابه: «علموا أخاكم القرآن».
وأطلق له أسيره. فقال عمير: ائذن لي يا رسول الله، فألحق بقريش، فأدعوهم إلى الله وإلى الإسلام، لعل الله أن يهديهم. فأذن له فلحق بمكة. وجعل صفوان يقول لقريش: أبشروا بفتح ينسيكم وقعة بدر. وجعل يسأل كل راكب قدم من المدينة: هل كان بها من حدث؟ حتى قدم عليهم رجل، فقال لهم: قد أسلم عمير، فلعنه المشركون، وقال صفوان: لله علي ألا أكلمه أبدا، ولا أنفعه بشيء.
ثم قدم عمير، فدعاهم إلى الإسلام ونصحهم بجهده، فأسلم بسببه بشر كثير.
وهكذا ذكره أبو الأسود عن عروة مرسلا، وأورده ابن إسحاق في المغازي عن محمد بن جعفر بن الزبير مرسلا أيضا.
وجاء من وجه آخر موصولا، أخرجه ابن مندة من طريق أبي الأزهر، عن عبد الرزاق، عن جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني، عن أنس أو غيره.
وقال ابن مندة: غريب لا نعرفه عن أبي عمران إلا من هذا الوجه.
وأخرجه الطبراني، من طريق محمد بن سهل بن عسكر عن عبد الرزاق بسنده، فقال: لا أعلمه إلا عن أنس بن مالك.
وفي مغازي الواقدي أن عمر قال لعمير: أنت الذي حزرتنا يوم بدر؟ قال: نعم، وأنا الذي حرشت بين الناس، ولكن جاء الله بالإسلام وما كنا فيه من الشرك أعظم من ذلك. فقال عمر: صدقت.
وذكر ابن شاهين بسند منقطع أن عميرا هذا هاجر، وأدرك أحدا فشهدها وما بعدها، وشهد الفتح.
وله قصة في ذلك مع صفوان حتى أسلم صفوان، وعاش عمير إلى خلافة عمر. وله ذكر في تبوك مع أبي خيثمة السالمي الذي كان تأخر ثم لحقهم، فترافق مع عمير ببعض الطريق، فلما دنا من النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمير: إنك امرؤ جريء، وإني أعرف حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، وإني امرؤ مذنب، تأخر عني حتى أخلو به، فتأخر عنه عمير.
وأخرجه البغوي من رواية إبراهيم بن عبد الله بن سعد بن خيثمة، حدثني أبي عن أبيه به.
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 4- ص: 603
أبو أمية هو عمير بن وهب تقدم.
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 7- ص: 19
أبو أمية عمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح، يكنى أبا أمية، كان له قدر وشرف في قريش، وشهد بدرا كافرا، وهو القائل لقريش يومئذ في الأنصار: إني أرى وجوها كوجوه الحيات، لا يموتون ظمأ أو يقتلون منا أعدادهم، فلا تتعرضوا لهم بهذه الوجوه التي كأنها المصابيح، فقالوا له: دع هذا عنك، وحرش بين القوم، فكان أول من رمى بنفسه عن فرسه بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنشب الحرب. وكان من أبطال قريش وشيطانا من شياطينها، وهو الذي مشى حول عسكر النبي صلى الله عليه وسلم من نواحيه، ليحزر عددهم يوم بدر، وأسر ابنه وهب بن عمير يومئذ، ثم قدم عمير المدنية ينتهز الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، وضمن له صفوان بن أمية على ذلك أن يؤدي عنه دينه، وأن يخلفه في أهله وعياله، قلما ينقصهم شيء. فلما قدم المدنية وجد عمر على الباب، فلببه، ودخل به على النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله، هذا عمير بن وهب شيطان من شياطين قريش، ما جاء إلا ليفتك بك. فقال: أرسله يا عمر، فأرسله فضمه النبي صلى الله عليه وسلم وكلمه، وأخبره خبره مع صفوان، فأسلم، ثم رجع ولم يأت صفوان وشهد أحدا وشهد فتح مكة، وعاش إلى صدر من خلافة عثمان. وهو أحد الأربعة الذين أمد بهم عمر بن الخطاب بمصر، وهم: الزبير بن العوام، وعمير بن وهب الجمحي، وخارجة بن حذافة، وبسر بن أبي أرطأة، وقيل: المقداد موضع بسر.
وقد قيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسط أيضا لعمير بن وهب رداءه، وقال: ’’الخال والد’’ قال ابن عبد البر: ولا يصح إسناده، وبسط الرداء لوهب بن عمير: أكثر وأشهر.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 23- ص: 0
عمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح يكنى أبا أمية، كان له قدر وشرف في قريش، وشهد بدرا كافرا، وهو القائل لقريش يومئذ في الأنصار: إني أرى وجوها كوجوه الحيات، لا يموتون ظمأ أو يقتلون منا أعدادهم، فلا تتعرضوا لهم بهذه الوجوه التي كأنها المصابيح. فقالوا له: دع هذا عنك، وحرش بين القوم، فكان أول من رمى بنفسه عن فرسه بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنشب الحرب. وكان من أبطال قريش وشيطانا من شياطينها،
وهو الذي مشى حول عسكر النبي صلى الله عليه وسلم من نواحيه، ليحزر عددهم يوم بدر، وأسر ابنه وهب بن عمير يومئذ، ثم قدم عمير المدينة يريد الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما جرى بينه وبين صفوان بن أمية في قصده إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين انصرافه من بدر ليفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم، وضمن له صفوان على ذلك أن يؤدي عنه دينه، وأن يخلفه في أهله وعياله، ولا ينقصهم شيئا ما بقوا.
فلما قدم المدينة وجد عمر على الباب فلببه، ودخل به على النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله، هذا عمير بن وهب شيطان من شياطين قريش، ما جاء إلا ليفتك بك. فقال: أرسله يا عمر. فأرسله، فضمه النبي صلى الله عليه وسلم إليه، وكلمه، وأخبره بما جرى بينه وبين صفوان، فأسلم وشهد شهادة الحق، ثم انصرف إلى مكة ولم يأت صفوان، وشهد أحدا، وشهد فتح مكة. وقيل: إن عمير بن وهب أسلم بعد وقعة بدر، وشهد أحدا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وعاش إلى صدر من خلافة عثمان رضي الله عنه، وهو والد وهب بن عمير، وإسلامه كان قبله بيسير، وهو أحد الأربعة الذين أمد بهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه عمرو بن العاص بمصر، وهم: الزبير ابن العوام، وعمير بن وهب الجمحي، وخارجة بن حذافة، وبسر بن أرطاة.
وقيل: المقداد موضع بسر.
وقد قيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسط أيضا لعمير بن وهب رداءه، وقال: الخال والد. ولا يصح إسناده، وبسط الرداء لوهب بن عمير أكثر وأشهر.
وذكر الواقدي قال: حدثني محمد بن أبي حميد، عن عبد الله بن عمرو ابن أمية، عن أبيه، قال: لما قدم عمير بن وهب مكة بعد أن أسلم نزل بأهله، لم يقف بصفوان بن أمية، فأظهر الإسلام، ودعا إليه، فبلغ ذلك صفوان، فقال: قد عرفت حين لم يبدأ بي قبل منزله أنه قد ارتكس وصبأ، فلا أكلمه أبدا، ولا أنفعه ولا عياله بنافعة، فوقف عليه عمير وهو في الحجر، وناداه، فأعرض عنه، فقال له عمير: أنت سيد من سادتنا، أرأيت الذي كنا عليه من عبادة حجر والذبح له! أهذا دين! أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، فلم يجبه صفوان بكلمة.
دار الجيل - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 3- ص: 1221
عمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح ويكنى أبا أمية.
وأمه أم سخيلة بنت هاشم بن سعيد بن سهم. وكان لعمير من الولد وهب بن عمير وكان سيد بني جمح. وأمية وأبي وأمهم رقيقة. ويقال خالدة. بنت كلدة بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح. وكان عمير بن وهب قد شهد بدرا مع المشركين وبعثوه طليعة ليحزر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويأتيهم بعددهم وعدتهم ففعل. وقد كان حريصا على رد قريش عن لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببدر. فلما التقوا كان ابنه وهب بن عمير فيمن أسر يوم بدر. أسره رفاعة بن رافع بن مالك الزرقي. فرجع عمير إلى مكة فقال له صفوان بن أمية وهو معه في الحجر: دينك علي وعيالك علي أمونهم ما عشت وأجعل لك كذا وكذا إن أنت خرجت إلى محمد حتى تقتله.
فوافقه على ذلك قال: إن لي عنده عذرا في قدومي عليه. أقول جئت في فدى ابني.
فقدم المدينة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد فدخل وعليه السيف [فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رآه: إنه ليريد غدرا والله حائل بينه وبين ذلك. ثم ذهب ليحني على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له: ما لك والسلاح؟ فقال: أنسيته علي لما دخلت. قال:
ولم قدمت؟ قال: قدمت في فدى ابني. قال: فما جعلت لصفوان بن أمية في الحجر؟ فقال: وما جعلت له؟ قال: جعلت له أن تقتلني على أن يعطيك كذا وكذا وعلى أن يقضي دينك ويكفيك مؤونة عيالك. فقال عمير: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. فو الله يا رسول الله ما اطلع على هذا أحد غيري وغير صفوان وإني أعلم أن الله أخبرك به. فقال رسول الله. ص: يسروا أخاكم وأطلقوا له أسيره].
فأطلق له ابنه وهب بن عمير بغير فدى. فرجع عمير إلى مكة ولم يقرب صفوان بن أمية. فعلم صفوان أنه قد أسلم. وكان قد حسن إسلامه ثم هاجر إلى المدينة فشهد أحدا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وما بعد ذلك من المشاهد.
قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا ثابت عن عكرمة أن عمير بن وهب خرج يوم بدر فوقع في القتلى فأخذ الذي جرحه السيف فوضعه في بطنه حتى سمع صريف السيف في الحصى حتى ظن أنه قد قتله. فلما وجد عمير برد الليل أفاق إفاقة فجعل يحبو حتى خرج من بين القتلى فرجع إلى مكة فبرأ منه.
قال: فبينا هو يوما في الحجر هو وصفوان بن أمية فقال: والله إني لشديد الساعد جيد الحديدة جواد السعي ولولا عيالي ودين علي لأتيت محمدا حتى أفتك به. فقال صفوان: فعلي عيالك وعلي دينك. فذهب عمير فأخذ سيفه حتى إذا دخل رآه عمر بن الخطاب فقام إليه فأخذ بحمائل سيفه فجاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنادى فقال: هكذا تصنعون بمن جاءكم يدخل في دينكم؟ [فقال رسول الله. ص: دعه يا عمر. قال: أنعم صباحا. قال: إن الله قد أبدلنا بها ما هو خير منها. السلام. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شأنك وشأن صفوان ما قلتما. فأخبره بما قالا: قلت لولا عيالي ودين علي لأتيت محمدا حتى أفتك به. فقال صفوان: علي عيالك ودينك. قال: من أخبرك هذا؟ فو الله ما كان معنا ثالث. قال: أخبرني جبرائيل. قال: كنت تخبرنا عن أهل السماء فلا نصدق وتخبرنا عن أهل الأرض. أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله].
قال محمد بن عمر: وبقي عمير بن وهب بعد عمر بن الخطاب.
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 4- ص: 150
عمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحي، يكنى أبا أمية:
ذكر الزبير، أن أمه، أم سخيلة بنت هشام بن سعيد بن سهم. قال: وهو الذي حزر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ثلاثمائة، إن زادوا فقليلا، ثم هم الحصى تحت الجحف. ثم أقبل على قريش فقال: لا تعرضوا وجوهكم هذه، التي كأنها المصابيح، لوجوه كأنها وجوه الحيات، ولقد رأيت أقواما لا يموتون حتى يقتلوا أعداءهم، قالت قريش: دع هذا عنك، وحرش بين القوم. فهو أول من رمى بفرسه ونفسه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأشب الحرب، وأسر ابنه يومئذ وهب بن عمير، ثم قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يريد الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره فأسلم، وشهد معه فتح مكة، واستأمن
لصفوان بن أمية، فأطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمير ابنه حين أسلم، وكان له قدر وشرف، وكان بالشام، وقد انقرض بنو وهب بن خلف فلا عقب لهم.
وكان من أبطال قريش، وهو أحد الأربعة المعدود كل منهم بألف فارس، على ما قيل، الذين أمد بهم عمر بن الخطاب، عمرو بن العاص، رضي الله عنهم، في فتح مصر، ولم يختلف في أنه منهم، كما لم يختلف في أن الزبير بن العوام، وخارجة بن حذافة السهمي منهم، واختلف في بشر بن أرطاة، فبعضهم يعده فيهم، وبعضهم يجعل المقداد بن الأسود عوضه، وهو الذي مشى حول عسكر النبي صلى الله عليه وسلم في نواحيه، ليحرز عددهم يوم بدر، وأسر ابنه وهب بن عمير يومئذ، ثم قدم عمير رضي الله عنه المدينة، يريد الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره، فأسلم.
وسبب قدومه المدينة على ما قيل، أنه جلس يوما بعد بدر، مع صفوان بن أمية الجمحي في الحجر، فتذاكرا قتلى بدر، فقال عمير: والله لولا بنات لي أخاف عليهم الضيعة بعدي، لذهبت إلى محمد حتى أقتله، فإن لي عنده حجة، أقول: جئت في فداء أسيرى، فقال له صفوان: دينك على، واجعل بناتك عدل بناتى ما حييت. قال: فاكتم على. قال: فجهزه صفوان، ثم ذهب ليفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقدم المدينة، فأناخ بعيره عند باب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم دخل المسجد متقلدا سيفه، فلما رآه عمر، وثب إليه، وقال: يا رسول الله: هذا عدو الله عمير بن وهب، الذي حزرنا يوم بدر، ولا نأمن غدره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعه، فجاء حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما جاء بك يا عمير؟ قال: جئت لأفادى أسيرى، وتحسن إلى، قال: وأين ما جعلت لصفوان بن أمية وأنتما في الحجر؟ فقال عمير: والله ما علم بهذا أحد يخبر بنا، إلا الله، وما سبقنى إليك أحد، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله.
وكان صفوان يقول لقريش بعد مخرجه: أبشروا بوقيعة تنسيكم وقعة بدر، فيقال له: ما هى؟ فيقول: ستعلمونه بعد حين، وكان يسأل من قدم من المدينة عن عمير حتى أخبر بإسلامه، فجعل على نفسه ألا يكلمه أبدا، ولا ينفعه بنافعة أبدا.
وقال الواقدي: حدثني محمد بن أبي حميد، عن عبد الله بن عمرو بن أمية، عن أبيه، قال: لما قدم عمير بن وهب مكة، يعنى بعد أن أسلم، نزل بأهله، ولم يقف بصفوان بن أمية، فأظهر الإسلام، ودعا إليه، فبلغ ذلك صفوان، فقال: قد عرفت حين لم يبدأ بى قبل منزله، أنه قد ارتكس وصبأ، فلا أكلمه أبدا، ولا أنفعه ولا عياله بنافعة، فوقف عليه
عمير وهو في الحجر، فناداه، فأعرض عنه، فقال له عمير: أنت سيد من ساداتنا، أرأيت الذي كنا عليه من عبادة حجر، والذبح له. أهذا دين! أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله. فلم يجبه صفوان بكلمة.
وشهد عمير رضي الله عنه، مع النبي صلى الله عليه وسلم فتح مكة، وقيل إن عميرا أسلم بعد وقعة بدر، وشهد أحدا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وعاش إلى صدر من خلافة عثمان رضي الله عنه، وقيل إن النبي صلى الله عليه وسلم، بسط لعمير بن وهب رداءه حين أسلم، وقال: الخال والد.
قال ابن عبد البر: وإسناده لا يصح، وبسط الرداء لوهب بن عمير، أكثر وأشهر.
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 5- ص: 1