عمرو بن مسعدة عمرو بن مسعدة بن سعد بن صول، أبو الفضل الصولي: وزير المأمون، وأحد الكتاب البلغاء. كان يوقع بين يدي جعفر بن يحيى البرمكي في أيام الرشيد، واتصل بالمأمون، فرفع مكانته، وأغناه. وكان مذهبه في الإنشاء الإيجار واختيار الجزل من الألفاظ. وفي كتب الأدب كثير من رسائله وتوقيعاته. وكان جوادا ممدحا فاضلا نبيلا. توفي في أذنة (أطنه) بتركية آسية.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 86

وزير المأمون عمرو بن مسعدة بن سعيد بن صول، أبو الفضل الكاتب.
أحد وزراء المأمون.
قال الخطيب: هو ابن عم إبراهيم بن العباس الصولي الشاعر.
كان كاتبا بليغا جزل العبارة، وجيزها، سديد المقاصد.
ولما كان الفضل بن سهل وزير المأمون لم يكن لأحد معه كلام، فلما قتل سلم على المأمون الوزراء، وهم: أحمد بن أبي خالد الأحول، وعمرو بن مسعدة، وأبو عباد.
وكان المأمون قد أمره أن يكتب لشخص كتابا إلى بعض العمال بالوصية عليه، والاعتناء بأمره، فكتب إليه: ’’كتابي إليك كتاب واثق بمن كتبت إليه، مغني بمن كتبت له، ولن يضيع بين الثقة والعناية موصله، والسلام’’
وقال: كنت أوقع بين يدي جعفر البرمكي، فرفع إليه غلمانه ورقة يستزيدونه في رواتبهم، فرمى بها إلي، وقال: أجب عنها، فكتبت عليها: ’’قليل دائم خير من كثير منقطع’’ فضرب على ظهري بيده، وقال: أي وزير في جلدك؟
وتوفي سنة سبع عشرة ومائتين. ولما مات رفعت رقعة إلى المأمون أنه خلف ثمانين ألف دينار، وقيل: ثمانين ألف ألف درهم، فوقع في ظهرها: ’’هذا قليل لمن اتصل بنا، وطالت خدمته لنا، فبارك الله لولده فيما خلف، وأحسن لهم النظر فيما ترك’’.
وفيه قال محمد البيدق، وقد اعتل:

وكتب إلى المأمون:
’’كتابي إلى أمير المؤمنين، ومن قبلي من قواده، وسائر أجناده في الانقياد والطاعة على أحسن ما تكون عليه طاعة جند. تأخرت أرزاقهم، وانقياد كفاة تراخت أعطياتهم، واختلت لذلك أحوالهم، والتاثت معه أمورهم’’.
فأعجب المأمون. ذلك، وأمر للجند الذين قبله بعطائهم سبعة أشهر.
وحصل لإبراهيم الصولي ضائقة بسبب البطالة في بعض الأوقات، فبعث إليه عمرو مالا، فكتب إليه إبراهيم:
وكتب إلى بعض الرؤساء وقد تزوجت أمه فساءه ذلك ’’الحمد لله الذي كشف عنا ستر الحيرة، وجدع بما شرع من الحلال أنف الغيرة، ومنع من عضل الأمهات، كما منع من وأد البنات، استنزالا للنفوس الأبية، عن الحمية الجاهلية، ثم عرض لجزيل الأجر من استسلم لواقع قضائه، وعوض جليل القدر من صبر على نازل بلائه، وهناك الذي شرح للتقوى صدرك، ووسع للبلوى صبرك، وألهمك من التسليم لمشيئته، والرضا بقضيته، وما وفقك له من قضاء الواجب في أحد أبويك، ومن عظم حقه عليك، وجعل تعالى جده ما تجرعته من أنف، وكظمته من أسف، معدودا فيما يعظم به أجرك، ويجزل عله ذخرك، وقرن بالحاضر من امتعاضك بفعلها، المنتظر من ارتماضك بدفنها، فتستوفى بها المصيبة، وتستكمل عنها المثوبة، فوصل الله لسيدي ما استشعره من الصبر على عرسها، ما يستكسبه من الصبر على نفسها، وعوضه من أسرة فرشها، أعواد نعشها، وجعل تعالى جده ما ينعم به عليه بعدها من نعمة، معرى من نقمة، وما يوليه بعد قبضها من منحة، مبرأ من محنة، فأحكام الله تعالى جده جارية على غير مراد المخلوقين، لكنه تعالى يختار لعباده المؤمنين، ما هو خير لهم في العاجلة، وأبقى لهم في الآجلة، اختار الله لك في قبضها إليه، وقدومها عليه، ما هو أنفع لها، وأولى بها، وجعل القبر كفؤا لها، والسلام’’.
وقيل: إن هذه الرسالة لأبي الفضل بن العميد وأورد ابن خلكان بعد هذه الرسالة قول الصاحب بن عباد:
وللعلامة شهاب الدين أبي الثناء محمود كتاب عمله في هذا المعنى تجربة للخاطر قرأته عليه، وهو:
’’هذه المكاتبة إلى فلان، جعله الله ممن يؤثر دينه على الهوى، وينوي بأفعاله الوقوف مع أحكام الله، وإنما لامرئ ما نوى، ويعلم أن الخير والخيرة فيما نشره الله من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن الشر والمكروه فيما طوى، تعرض له بأمر لا حرج عليه في الإجابة إليه، ولا خلل يلحقه به في المروءة، وهل أخل بالمروءة من فعل ما حصن الشرع المطهر عليه، وأظهر الناس مروءة من أبلغ النفس في مصالح حرمه وعذرها، وفي حقوق أخصهن بسره كلما علم أن فيه برها، وإذا كانت المرأة عورة فإن كمال صونها بما جعل الله تعالى فيه سترها، وصلاح حالها فيما أصلح الله به في الحياة أمرها، وإذا كانت النساء شقائق الرجال في باطن أمر البرية وظاهره، وكان الأولى تعجيل أسباب العصمة فلا فرق بين أول الاحتياج في ذلك وآخره، وما جدع الحلال أنف الغيرة إلا ليزول شمم الحمية، وتنزل على حكم الله فيما شرع لعبيده النفوس الأبية، ويعلم أن الفضل في الانقياد لأمر الله في نهي عن الهوى بعضل الولية، وإذا كان بر الوالدة أتم، وحقها أعم، والنظر في صلاح حالها أهم، تعينت الإجابة إلى ما يصلح به حالها، ويسكن إليه بالها، ويتوخى مالها، ويعمر به فناؤها، ويحصل عن تقلد المنن استغناؤها، وتحمل به كلفة خدمها عنها، وترفع به ضرورات لا بد لذي الحجال والحجاب منها ويضفو ستر الإحصان والحصانة عليها، ويظهر به ستر ما أوجبه الله لها، من تتبع مواقع الإحسان إليها، وقد تقدم من سادات السلف من تولى ذلك لأمه بنفسه، واعتده من أسباب بر يومه الذي قابل به ما أسلفته إليه في أمه، علما منهم أن استكمال البر مما يعلي قدر المرء ويغلي.
وقد أجاب زين العابدين هشاما لما سأله: لم تزوجت أمك بعد أبيك؟.
فقال: لتبشر بآخر مثلي، لاسيما والراغب إلى المولى في ذلك ممن يرغب في قربه، ويغبط على ما لديه من نعم ربه، ويعظم لاجتماع دينه، ويكرم ليمن نقيبته، وجود يمينه، ويعلم أن العقيلة تحل منه في أمنع حرم، وتستظل من ذراه بأضفى ستور الكرم، مع ارتفاع حسبه ونسبها قدره في منصبه وماله ونسبه، وإنه من يحسن أن يحل مع المولى محل والده، وأن يتحمل من المولى، فمن يكون في الملمات.... وعضدا لساعده، فإن المرء كثير بأخيه. وإذا أطلق عليه بحكم المجاز لفظ العموم، فإن عم الرجل صنو أبيه، وأنا أتوقع من المولى الجواب بما يجمع شمل التقى، ويعلم أنه تخير في البر أفضل ما ينتقى، ويتحقق بفعله أن مثله لا يهمل واجبه، ولأمر ما قال الأحنف، وقد وصف بالأناة: لكني أتعجل أن لا أرى كفؤا خاطبا.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 23- ص: 0

عمرو بن مسعدة بن سعد بن صول بن صول الصولي كنيته أبو الفضل، من جلة كتاب المأمون وأهل الفضل والبراعة والشعر منهم. وذكر الجهشياري أن مسعدة كان مولى خالد بن عبد الله القسري وأنه كان يكتب لخالد، وكان بليغا كاتبا مات في سنة أربع عشرة ومائتين، وقيل في سنة سبع في أيام المأمون، وكان مسعدة من كتاب خالد بن برمك ثم كتب بعده لأبي أيوب وزير المنصور على ديوان الرسائل.
قال الصولي، قال أحمد بن عبد الله: كان لمسعدة أربعة بنين: مجاشع وهو الذي يقول فيه أبو العتاهية:

#مفسدة للمرء أي مفسده ومسعود وعمرو ومحمد، وقد ذكر أن المنصور قال يوما لكتابه: اكتبوا لي تعظيم الاسلام، قال: فبدر مسعدة فكتب: الحمد لله الذي عظم الاسلام واختاره وأوضحه وأناره، وأعزه وأنافه، وشرفه وأكمله، وتممه وفضله، وأعزه ورفعه، وجعله دينه الذي أحبه واجتباه، واستخلصه وارتضاه، واختاره واصطفاه، وجعله الدين الذي تعتد به ملائكته، وأرسل بالدعاء عليه أنبياءه، وهدى له من أراد إكرامه وإسعاده من خلقه، فقال جل من قائل: {إن الدين عند الله الإسلام} وقال جل وعلا: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه} وقال: {ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل} فبهذا الإسلام والدخول فيه والعلم به وأداء شرائعه والقيام بمفروضاته وصلت ملائكته ورسله إلى رضوان الله ورحمته وجواره في جنته، وبه تحرزوا من غضبه وعقوبته، وأمنوا نكال عذابه وسطوته. فقال المنصور: حسبك يا مسعدة، اجعل هذا صدر الكتاب إلى أهل الجزيرة بالاعذار والانذار.
وأما عمرو بن مسعدة ففضله شائع ونبله ذائع أشهر من أن ينبه عليه، أو يدل بالوصف إليه، قد ولي للمأمون الأعمال الجليلة، وألحق بذوي المراتب النبيلة، وسماه بعض الشعراء وزيرا لعظم منزلته لا لأنه كان وزيرا وهو قوله:
في أبيات.
فحدث إسماعيل بن أبي محمد اليزيدي قال: كان عمرو بن مسعدة أبيض أحمر الوجه، وهو من أولاد صول الأكبر جد محمد بن صول بن صول، وقد ذكرت أصلهم في أخبار إبراهيم بن العباس من هذا الكتاب. وكان المأمون يسميه الرومي لبياض وجهه.
ووصف الفضل بن سهل بلاغة عمرو بن مسعدة فقال: هو أبلغ الناس، ومن بلاغته أن كل أحد إذا سمع كلامه ظن أنه يكتب مثله فإذا رامه بعد عليه، وهذا كما قيل لجعفر بن يحيى ما حد البلاغة؟ فقال: التي إذا سمعها الجاهل ظن أنه يقدر على مثلها فإذا رامها استصعبت عليه.
وحدث العباس بن رستم قال: كان لعمرو بن مسعدة فرس أدهم أغر لم يكن لأحد مثله فراهة وحسنا، فبلغ المأمون خبره، وبلغ عمرو بن مسعدة ذلك، فخاف أن يأمر بقوده إليه فلا يكون له فيه محمدة، فوجه به إليه هدية وكتب معه:
وكتب عمرو بن مسعدة إلى الحسن بن سهل: أما بعد فإنك ممن إذا غرس سقى، وإذا أسس بنى، ليستتم تشييد أسه، ويجتني ثمار غرسه، وثناؤك عندي قد شارف الدروس، وغرسك مشف على اليبوس، فتدارك بناء ما أسست وسقي ما غرست، إن شاء الله تعالى.
وحدث الصولي قال: لما مات عمرو بن مسعدة رفع إلى المأمون أنه خلف ثمانين ألف ألف درهم، فوقع على الرقعة: هذا قليل لمن اتصل بنا وطالت خدمته لنا، فبارك الله لولده فيه. وعمرو القائل في رواية المرزباني:

  • دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 5- ص: 2129

عمرو بن مسعدة ابن سعد بن صول العلامة البليغ، أبو الفضل ابن عم إبراهيم بن العباس الصولي الشاعر.
وكان موقعا بين يدي جعفر البرمكي وكان فصيحا قوي المواد في الإنشاء.
يقال: توفي سنة سبع عشرة ومائتين. وقيل: سنة خمس عشرة عمل وزارة المأمون وله نظم جيد.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 8- ص: 325

عمرو بن مسعده الكاتب الرسائلي أبو الفضل مولى خالد القسري، يقول الشعر بفضل أدبه، أنشدوا له:

وقد ادعي هذان البيتان لجماعة، ولكن رجلا من ولد عمرو أنشدني هذا الشعر وصححه له.

  • دار النشر مكتبة الخانجي-ط 1( ) , ج: 1- ص: 0