عمرو بن العاص عمرو بن العاص بن وائل السهمي القرشي، أبو عبد الله: فاتح مصر، وأحد عظماء العرب ودهاتهم وأولى الرأي والحزم والمكيدة فيهم. كان في الجاهلية من الأشداء على الإسلام، وأسلم في هدنة الحديبية. وولاه النبي (ص) إمرة جيش (ذات السلاسل) وأمده بأبي بكر وعمر. ثم استعمله على عمان. ثم كان من أمراء الجيوش في الجهاد بالشام في زمن عمر. وهو الذي افتتح قنسرين، وصالح أهل حلب ومنبج وأنطاكية. وولاه عمر فلسطين، ثم مصر فافتتحها. وعزله عثمان. ولما كانت الفتنة بين علي ومعاوية كان عمرو مع معاوية، فولاه معاوية على مصر سنة 38هـ ، وأطلق له خراجها ست سنين فجمع أموالا طائلة. وتوفى بالقاهرة. أخباره كثيرة. وفي البيان والتبيين: كان عمر بن الخطاب إذا رأى الرجل يتلجلج في كلامه قال: خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد! وله في كتب الحديث 39 حديثا. وكتب في سيرته (تاريخ عمرو بن العاص- ط) لحسن ابراهيم المصري.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 79

عمرو بن العاص (ب د ع) عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص ابن كعب بن لؤي بن غالب القرشي السهمي. يكنى أبا عبد الله، وقيل: أبو محمد. وأمه النابغة بنت حرملة، سبية من بني جلان بن عتيك بن أسلم بن يذكر بن عنزة، وأخوه لأمه عمرو بن أثاثة العدوي، وعقبة بن نافع بن عبد قيس الفهري.
وسأل رجل عمرو بن العاص عن أمه، فقال: سلمى بنت حرملة، تلقب النابغة من بني عنزة، أصابتها رماح العرب، فبيعت بعكاظ، فاشتراها الفاكه بن المغيرة، ثم اشتراها منه عبد الله بن جدعان، ثم صارت إلى العاص بن وائل، فولدت له، فأنجبت، فإن كان جعل لك شيء فخذه.
وهو الذي أرسلته قريش إلى النجاشي ليسلم إليهم من عنده من المسلمين: جعفر بن أبي طالب ومن معه، فلم يفعل، وقال له: يا عمرو، وكيف يعزب عنك أمر ابن عمك، فو الله إنه لرسول الله حقا! قال: أنت تقول ذلك؟! قال: إي والله، فأطعني. فخرج من عنده مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم عام خيبر- وقيل: أسلم عند النجاشي، وهاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل: كان إسلامه في صفر سنة ثمان قبل الفتح بستة أشهر. وكان قد هم بالانصراف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من عند النجاشي، ثم توقف إلى هذا الوقت، وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم هو وخالد ابن الوليد، وعثمان بن طلحة العبدري، فتقدم خالد وأسلم وبايع، ثم تقدم عمرو فأسلم وبايع على أن يغفر له ما كان قبله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإسلام والهجرة يجب ما قبله». ثم بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم أميرا على سرية إلى ذات السلاسل إلى أخوال أبيه العاصي بن وائل، وكانت أمه من بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة يدعوهم إلى الإسلام، ويستنفرهم إلى الجهاد، فسار في ذلك الجيش وهم ثلاثمائة، فلما دخل بلادهم استمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمده: أنبأنا أبو جعفر بن أحمد بن علي بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين التميمي، عن غزوة ذات السلاسل من أرض بلي وعذرة، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص يستنفر الأعراب إلى الشام، وذلك أن أم العاص بن وائل امرأة من بلي، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يستألفهم بذلك، حتى إذا كان على ماء بأرض جذام، يقال له السلاسل وبذلك سميت تلك الغزاة ذات السلاسل، فلما كان عليه خاف، فبعث إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده، فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في المهاجرين الأولين، فيهم: أبو بكر، وعمر، وقال لأبي عبيدة: «لا تختلفا». فخرج أبو عبيدة حتى إذا قدم عليه قال له عمرو: إنما جئت مددا لي. فقال أبو عبيدة: «لا. ولكني أنا على ما أنا عليه، وأنت على ما أنت عليه- وكان أبو عبيدة رجلا سهلا لينا هينا عليه أمر الدنيا- فقال له عمرو: بل أنت مدد لي. فقال أبو عبيدة: يا عمرو، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي «لا تختلفا» وإنك إن عصيتني أطعتك. فقال له عمرو: فإني أمير عليك. قال: فدونك. فصلى عمرو بالناس.
واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمان، فلم يزل عليها إلى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أنبأنا إبراهيم وإسماعيل وغيرهم بإسنادهم إلى أبي عيسى الترمذي قال: حدثنا قتيبة، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص». قال: وحدثنا أبو عيسى، حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا أبو أسامة، عن نافع بن عمر الجمحي، عن ابن أبي مليكة قال: قال طلحة بن عبيد الله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن عمرو بن العاص من صالحي قريش. ثم إن عمرا سيره أبو بكر أميرا إلى الشام، فشهد فتوجه، وولي فلسطين لعمر بن الخطاب، ثم سيره عمر في جيش إلى مصر، فافتتحها، ولم يزل واليا عليها إلى أن مات عمر، فأمره عليها عثمان أربع سنين، أو نحوها، ثم عزله عنها واستعمل عبد الله بن سعد بن أبي سرح. فاعتزل عمرو بفلسطين، وكان يأتي المدينة أحيانا، وكان يطعن على عثمان، فلما قتل عثمان سار إلى معاوية وعاضده، وشهد معه صفين، ومقامه فيها مشهور.
وهو أحد الحكمين والقصة مشهورة- ثم سيره معاوية إلى مصر فاستنقذها من يد محمد بن أبي بكر، وهو عامل لعلي عليها، واستعمله معاوية عليها إلى أن مات سنة ثلاث وأربعين، وقيل: سنة سبع وأربعين، وقيل: سنة ثمان وأربعين، وقيل: سنة إحدى وخمسين، والأول أصبح.
وكان يخضب بالسواد، وكان من شجعان العرب وأبطالهم ودهاتهم، وكان موته بمصر ليلة عيد الفطر، فصلى عليه ابنه عبد الله، ودفن بالمقطم، ثم صلى العيد، وولى بعده ابنه، ثم عزله معاوية واستعمل بعده أخاه عتبة بن أبي سفيان.
ولعمرو شعر حسن، فمنه ما يخاطب به عمارة بن الوليد عند النجاشي، وكان بينهما شر قد ذكرناه في «الكامل» في التاريخ:

ولما حضرته الوفاة قال: اللهم إنك أمرتني فلم آتمر، وزجرتني فلم أنزجر- ووضع يده على موضع الغل وقال: «اللهم لا قوي فانتصر، ولا بريء فاعتذر، ولا مستكبر بل مستغفر، لا إله إلا أنت» فلم يزل يرددها حتى مات.
وروى زيد بن أبي حبيب أن عبد الرحمن بن شماسة حدثه قال: لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة بكى فقال ابنه عبد الله: لم تبكي، أجزعا من الموت؟ قال: لا والله، ولكن لما بعد الموت. فقال له: كنت على خير. وجعل يذكر صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وفتوحه الشام ومصر، فقال عمرو: تركت أفضل من ذلك، شهادة أن لا إله إلا الله، إني كنت على أطباق ثلاث، كنت أول شيء كافرا فكنت أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو مت حينئذ وجبت لي النار، فلما بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت أشد الناس حياء منه، فلو مت لقال الناس: هنيئا لعمرو، أسلم، وكان على خير، ومات فترجى له الجنة. ثم تلبست بالسلطان وأشياء، فلا أدري أعلي أم لي، فإذا مت فلا تبكين على باكية، ولا تتبعني نائحة ولا نار، وشدوا علي إزاري، فإني مخاصم وسنوا علي التراب، فإن جنبي الأيمن ليس بأحق بالتراب من جنبي الأيسر، ولا تجعلن في قبري خشبة ولا حجرا، وإذا واريتموني فاقعدوا عندي قدر نحر جزور وتقطيعه، أستأنس بكم، وأنظر ماذا أوامر رسل ربي.
روى عنه ابنه عبد الله، وأبو عثمان النهدي، وقبيصة بن ذؤيب، وغيرهم أنبأنا أبو الفضل بن أحمد الخطيب، أنبأنا أبو محمد السراج، أنبأنا أبو القاسم عبيد الله ابن عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي البزاز، حدثنا محمد بن عثمان- هو ابن أبي شيبة حدثنا مصعب بن عبد الله الزبيري، حدثنا عبد العزيز بن محمد، حدثنا يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم التميمي، عن بسر بن سعيد، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حكم الحاكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد. قال: فحدثت بهذا الحديث أبا بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم فقال: هكذا حدثني أبو سلمة ابن عبد الرحمن، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله. وكان عمرو قصيرا.

  • دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 942

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 4- ص: 232

  • دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 3- ص: 741

عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد، بالتصغير، ابن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي القرشي السهمي، أمير مصر، يكنى أبا عبد الله، وأبا محمد.
أمه النابغة، من بني عنزة، بفتح المهملة والنون.
أسلم قبل الفتح في صفر سنة ثمان، وقيل بين الحديبية وخيبر، وكان يقول: أذكر الليلة التي ولد فيها عمر بن الخطاب. وقال ذاخر المعافري: رأيت عمرا على المنبر أدعج أبلج قصير القامة.
وذكره الزبير بن بكار، والواقدي بسندين لهما- أن إسلامه كان على يد النجاشي، وهو بأرض الحبشة.
وذكر الزبير بن بكار أن رجلا قال لعمرو: ما أبطأ بك عن الإسلام وأنت أنت في عقلك؟ قال: إنا كنا مع قوم لهم علينا تقدم، وكانوا ممن يواري حلومهم الخبال فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم، فأنكروا عليه فلذنا بهم، فلما ذهبوا وصار الأمر إلينا نظرنا وتدبرنا فإذا حق بين، فوقع في قلبي الإسلام، فعرفت قريش ذلك مني من إبطائي عما كنت أسرع فيه من عونهم عليه، فبعثوا إلي فتى منهم، فناظرني في ذلك، فقلت: أنشدك الله ربك ورب من قبلك ومن بعدك، أنحن أهدى أم فارس والروم؟ قال: نحن أهدى. قلت: فنحن أوسع عيشا أم هم؟ قال: هم. قلت: فما ينفعنا فضلنا عليهم إن لم يكن لنا فضل إلا في الدنيا، وهم أعظم منا فيها أمرا في كل شيء.
وقد وقع في نفسي أن الذي يقوله محمد من أن البعث بعد الموت ليجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته حق، ولا خير في التمادي في الباطل.
وأخرج البغوي بسند جيد، عن عمر بن إسحاق أحد التابعين، قال: استأذن جعفر بن أبي طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوجه إلى الحبشة، فأذن له، قال عمير: فحدثني عمرو بن العاص، قال: لما رأيت مكانه قلت: والله لأستقلن لهذا ولأصحابه، فذكر قصتهم مع النجاشي، قال: فلقيت جعفرا خاليا فأسلمت. قال: وبلغ ذلك أصحابي فغنموني وسلبوني كل شيء، فذهبت إلى جعفر، فذهب معي إلى النجاشي فردوا علي كل شيء أخذوه.
ولما أسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم يقربه ويدنيه لمعرفته وشجاعته، وولاه غزاة ذات السلاسل، وأمده بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة بن الجراح، ثم استعمله على عمان، فمات وهو أميرها، ثم كان من أمراء الأجناد في الجهاد بالشام في زمن عمر، وهو الذي افتتح قنسرين، وصالح أهل حلب ومنبج وأنطاكية، وولاه عمر فلسطين.
أخرج ابن أبي خيثمة من طريق الليث، قال: نظر عمر إلى عمرو يمشي، فقال: ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلا أميرا.
وقال إبراهيم بن مهاجر، عن الشعبي، عن قبيصة بن جابر: صحبت عمرو بن العاص فما رأيت رجلا أبين قرآنا، ولا أكرم خلقا، ولا أشبه سريرة بعلانية منه.
وقال محمد بن سلام الجمحي: كان عمر إذا رأى الرجل يتلجلج في كلامه يقول: أشهد أن خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد، وكان الشعبي يقول: دهاة العرب في الإسلام أربعة، فعد منهم عمرا، وقال: فأما عمرو فللمعضلات.
وقد روى عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث.
روى عنه ولداه: عبد الله، ومحمد، وقيس بن أبي حازم، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو قيس مولى عمرو، وعبد الرحمن بن شماسة، وأبو عثمان النهدي، وقبيصة بن ذؤيب، وآخرون.
ومن مناقبه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره كما تقدم.
وأخرج أحمد من حديث طلحة أحد العشرة- رفعه: عمرو بن العاص من صالحي قريش، ورجال سنده ثقات، إلا أن فيه انقطاعا بين أبي مليكة وطلحة.
وأخرجه البغوي، وأبو يعلى، من هذا الوجه، وزاد: نعم أهل البيت عبد الله، وأبو عبد الله، وأم عبد الله.
وأخرجه ابن سعد بسند رجاله ثقات إلى ابن أبي مليكة مرسلا لم يذكر طلحة، وزاد- يعني عبد الله بن عمرو بن العاص.
وأخرج أحمد بسند حسن عن عمرو بن العاص، قال: بعث إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: خذ عليك ثيابك وسلاحك»، ثم ائتني. فأتيته، فقال: «إني أريد أن أبعثك على جيش فيسلمك الله ويغنمك، وأرغب لك من المال رغبة صالحة». فقلت: يا رسول الله، ما أسلمت من أجل المال، بل أسلمت رغبة في الإسلام. قال: «يا عمرو، نعما بالمال الصالح المرء الصالح».
وأخرج أحمد، والنسائي، بسند حسن، عن عمرو بن العاص، قال: فزع أهل المدينة فزعا فتفرقوا، فنظرت إلى سالم مولى أبي حذيفة في المسجد عليه سيف مختفيا، ففعلت مثله، فخطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ألا يكون فزعكم إلى الله ورسوله، ألا فعلتم كما فعل هذان الرجلان المؤمنان».
وولي عمرو إمرة مصر في زمن عمر بن الخطاب، وهو الذي افتتحها، وأبقاه عثمان قليلا ثم عزله، وولى عبد الله بن أبي سرح، وكان أخا عثمان من الرضاعة، فآل أمر عثمان بسبب ذلك إلى ما اشتهر، ثم لم يزل عمرو بغير إمرة إلى أن كانت الفتنة بين علي ومعاوية، فلحق بمعاوية، فكان معه يدبر أمره في الحرب إلى أن جرى أمر الحكمين، ثم سار في جيش جهزه معاوية إلى مصر، فوليها لمعاوية من صفر سنة ثمان وثلاثين إلى أن مات سنة ثلاث وأربعين على الصحيح الذي جزم به ابن يونس وغيره من المتقنين، وقيل قبلها بسنة، وقيل بعدها، ثم اختلفوا فقيل بست، وقيل بثمان، وقيل بأكثر من ذلك، قال يحيى بن بكير: عاش نحو تسعين سنة. وذكر ابن البرقي، عن يحيى بن بكير، عن الليث: توفي وهو ابن تسعين سنة.
قلت: قد عاش بعد عمر عشرين سنة. وقال العجلي: عاش تسعا وتسعين سنة. وكان
عمر عمر ثلاثا وستين. وقد ذكروا أنه كان يقول: أذكر ليلة ولد عمر بن الخطاب. أخرجه البيهقي بسند منقطع، فكأن عمره لما ولد عمر سبع سنين.
وفي صحيح مسلم من رواية عبد الرحمن بن شماسة، قال: فلما حضرت عمرو بن العاص الوفاة بكى، فقال له عبد الله بن عمرو ابنه: ما يبكيك... فذكر الحديث بطوله في قصة إسلامه، وأنه كان شديد الحياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرفع طرفه إليه. وذكرها ابن عبد الحكم في فتوح مصر، وزاد فيها أشياء من رواية ابن لهيعة.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 4- ص: 537

عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي القرشي السهمي يكنى أبا عبد الله، ويقال أبو محمد.
وأمه النابغة بنت حرملة سبية من بني جلان بن عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار. وأخوه لأمه عمرو بن أثاثة العدوي، كان من مهاجرة الحبشة، وعقبة بن نافع بن عبد قيس بن لقيط من بني الحارث بن فهر، وزينب بنت عفيف بن أبي العاص، أم هؤلاء، وأم عمرو واحدة، وهي بنت حرملة سبية من عنزة، وذكروا أنه جعل لرجل ألف درهم على أن يسأل عمرو بن العاص عن أمه
وهو على المنبر، فسأله فقال: أمي سلمى بنت حرملة تلقب النابغة من بني عنزة، ثم أحد بني جلان، أصابتها رماح العرب، فبيعت بعكاظ، فاشتراها الفاكه من المغيرة، ثم اشتراها منه عبد الله بن جدعان، ثم صارت إلى العاص بن وائل، فولدت له، فأنجبت، فإن كان جعل لك شيء فخذه.
قيل: إن عمرو بن العاص أسلم سنة ثمان قبل الفتح. وقيل: بل أسلم بين الحديبية وخيبر، ولا يصح، والصحيح ما ذكره الواقدي وغيره أن إسلامه كان سنة ثمان، وقدم هو وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة لمدينة مسلمين، فلما دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونظر إليهم قال: قد رمتكم مكة بأفلاذ كبدها. وكان قدومهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرين بين الحديبية وخيبر.
وذكر الواقدي قال: وفي سنة ثمان قدم عمرو بن العاص مسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أسلم عند النجاشي، وقدم معه عثمان بن طلحة وخالد بن الوليد، قدموا المدينة في صفر سنة ثمان من الهجرة.
وقيل: إنه لم يأت من أرض الحبشة إلا معتقدا للإسلام، وذلك أن النجاشي كان قال: يا عمرو، كيف يعزب عنك أمر ابن عمك! فو الله إنه لرسول الله حقا. قال: أنت تقول ذلك؟ قال: إي والله فأطعني فخرج من عنده مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم قبل عام خيبر.
والصحيح أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة ثمان، قبل الفتح بستة أشهر هو وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة، وكان هم
بالإقبال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حين انصرافه من الحبشة، ثم لم يعزم له إلى الوقت الذي ذكرنا. والله اعلم.
وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية نحو الشام، وقال له: يا عمرو، إني أريد أن أبعثك في جيش يسلمك الله ويغنمك، وأرغب لك من المال رغبة صالحة. فبعثه إلى أخوال أبيه العاص بن وائل من بلي يدعوهم إلى الإسلام ويستغفرهم إلى الجهاد، فشخص عمرو إلى ذلك الوجه، فكان قدومه إلى المدينة في صفر سنة ثمان، ووجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمادى الآخرة سنة ثمان فيما ذكره الواقدي وغيره إلى السلاسل من بلاد قضاعة في ثلاثمائة.
وكانت أم والد عمرو من بلي، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض بلي وعذرة، يستألفهم بذلك، ويدعوهم إلى الإسلام، فسار حتى إذا كان على ماء بأرض جذام يقال له السلاسل، وبذلك سميت تلك الغزوة ذات السلاسل، فخاف فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك الغزوة يستمده، فأمده بجيش من مائتي فارس من المهاجرين والأنصار أهل الشرف، فيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وأمر عليهم أبا عبيدة، فلما قدموا على عمرو قال: أنا أميركم، وإنما أنتم مددي. وقال أبو عبيدة: بل أنت أمير من معك، وأنا أمير من معي، فأبى عمرو، فقال له أبو عبيدة: يا عمرو، إن رسول الله صلى عليه وسلم عهد إلي: إذا قدمت على عمرو، فتطاوعا، ولا تختلفا، فإن خالفتني أطعتك. قال عمرو: فإني أخالفك، فسلم له أبو عبيدة، وصلى خلفه في الجيش كله، وكانوا خمسمائة.
وولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص على عمان، فلم يزل عليها حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمل لعمر وعثمان ومعاوية، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد ولاه بعد موت يزيد بن أبي سفيان فلسطين والأردن، وولى معاوية دمشق وبعلبك والبلقاء، وولى سعيد بن عامر بن خذيم حمص، ثم جمع الشام كلها لمعاوية، وكتب إلى عمرو بن العاص، فسار إلى مصر، فافتتحها، فلم يزل عليها واليا حتى مات عمر، فأقره عثمان عليها أربع سنين أو نحوها، ثم عزله عنها، وولاها عبد الله بن سعد العامري.
حدثنا خلف بن قاسم، حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا الدولابي، حدثنا أبو بكر الوجيهي، عن أبيه، عن صالح بن الوجيه، قال: وفي سنة خمس وعشرين انتقضت الإسكندرية، فافتتحها عمرو بن العاص، فقتل المقاتلة، وسبى الذرية، فأمر عثمان برد السبي الذين سبوا من القرى إلى مواضعهم للعهد الذي كان لهم، ولم يصح عنده نقضهم، وعزل عمرو بن العاص، وولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري، وكان ذلك بد، الشر بين عمرو وعثمان.
قال أبو عمر: فاعتزل عمرو في ناحية فلسطين، وكان يأتي المدينة أحيانا، ويطعن في خلال ذلك على عثمان، فلما قتل عثمان سار إلى معاوية
باستجلاب معاوية له، وشهد صفين معه، وكان منه بصفين وفي التحكيم ما هو عند أهل العلم بأيام الناس معلوم، ثم ولاه مصر، فلم يزل عليها إلى أن مات بها أميرا عليها، وذلك في يوم الفطر سنة ثلاث وأربعين.
وقيل سنة اثنتين وأربعين. وقيل سنة ثمان وأربعين. وقيل سنة إحدى وخمسين. والأول أصح.
وكان له يوم مات تسعون سنة، ودفن بالمقطم من ناحية الفتح، وصلى عليه ابنه عبد الله، ثم رجع فصلى بالناس صلاة العيد، وولي مكانه، ثم عزله معاوية، وولى أخاه عتبة بن أبي سفيان، فمات عتبة بعد سنة أو نحوها، فولى مسلمة بن مخلد.
وكان عمرو بن العاص من فرسان قريش وأبطالهم في الجاهلية مذكورا بذلك فيهم، وكان شاعرا حسن الشعر، حفظ عنه الكثير في مشاهد شتى.
ومن شعره في أبيات له يخاطب عمارة بن الوليد بن المغيرة عند النجاشي:

وكان عمرو بن العاص أحد الدهاة في أمور الدنيا المقدمين في الرأي والمكر والدهاء، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا استضعف رجلا في رأيه وعقله قال: أشهد أن خالقك وخالق عمرو واحد، يريد خالق الأضداد.
ولما حضرته الوفاة قال: اللهم إنك أمرتني فلم آتمر، وزجرتني فلم أنزجر، ووضع يده في موضع الغل، وقال: اللهم لا قوي فأنتصر، ولا بريء فأعتذر، ولا مستكبر بل مستغفر، لا إله إلا أنت. فلم يزل يرددها حتى مات.
حدثنا خلف بن القاسم، حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا الطحاوي، حدثنا المزني، قال: سمعت الشافعي يقول: دخل ابن عباس على عمرو بن العاص في مرضه فسلم عليه، وقال: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ قال: أصلحت من دنياي قليلا، وأفسدت من ديني كثيرا، فلو كان الذي أصلحت هو الذي أفسدت، والذي أفسدت هو الذي أصلحت لفزت، ولو كان ينفعني أن أطلب، طلبت، ولو كان ينجيني أن أهرب هربت، فصرت كالمنجنيق بين السماء والأرض. لا أرقى بيدين، ولا أهبط برجلين، فعظني بعظة أنتفع بها يا بن أخي. فقال له ابن عباس: هيهات يا أبا عبد الله! صار ابن أخيك أخاك، ولا نشاء أن أبكى إلا بكيت، كيف يؤمن برحيل من هو مقيم؟ فقال عمرو: على حينها من حين ابن بضع وثمانين سنة، تقنطني من رحمة ربي، اللهم إن ابن عباس يقنطني من رحمتك، فخذ مني حتى ترضى. قال ابن عباس: هيهات يا أبا عبد الله! أخذت جديدا، وتعطى خلقا. فقال عمرو: ما لي ولك يا بن عباس! ما أرسل كلمة إلا أرسلت نقيضها.
أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد، قال: حدثنا محمد بن مسرور العسال بالقيروان، قال: حدثنا أحمد بن معتب، قال: حدثنا الحسين بن الحسن المروزي، قال: حدثنا ابن المبارك، قال: حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا يزيد بن أبي حبيب أن عبد الرحمن بن شماسة قال: لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة بكى، فقال له ابنه عبد الله: لم تبكي، أجزعا من الموت؟ قال: لا، والله، ولكن لما بعده. فقال له: قد كنت على خير، فجعل يذكره صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفتوحه الشام، فقال له عمرو: تركت أفضل من ذلك شهادة أن لا إله إلا الله، إني كنت على ثلاثة أطباق ليس منها طبق إلا عرفت نفسي فيه، وكنت أول شيء كافرا، فكنت أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو مت يومئذ وجبت لي النار. فلما بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت أشد الناس حياء منه، فما ملئت عيني من رسول الله صلى الله عليه وسلم حياء منه، فلو مت يومئذ قال الناس: هنيئا لعمرو. أسلم وكان على خير، ومات على خير أحواله، فترجى له الجنة، ثم تلبست بعد ذلك بالسلطان وأشياء، فلا أدري أعلي أم لي؟ فإذا مت فلا تبكين علي باكية، ولا يتبعني مادح. ولا نار، وشدوا علي إزاري، فإني مخاصم، وشنوا علي التراب شنا، فإن جنبي الأيمن ليس بأحق بالتراب من جنبي الأيسر، ولا تجعلن في قبري خشبة ولا حجرا، وإذا وواريتموني فاقعدوا عندي قدر نحر جزور وتقطيعها بينكم أستانس بكم.
وروى أبو هريرة وعمارة بن حزم جميعا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ابنا العاص مؤمنان: عمرو، وهشام

  • دار الجيل - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 3- ص: 1184

عمرو بن العاص بن وائل السهمي القرشي. يكنى أبا عبد الله، صاحب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، هاجر إليه إلى المدينة في الهدنة التي كانت بينه - صلى الله عليه وسلم - وبين قريش، واستعمله، وعمل لأبي بكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم - صدرا من خلافته، وكان يهاجي وهو بمكة حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة فيمن كان يهاجيهم من شعراء قريش، وسمع حسان شعره فقال: هو عاقل وليس بالشاعر، وعمر عمرا طويلا.
حدثني محمد بن خلف بن حيان قال: حدثنا أبوحذافة السهمي قال: سمعت مالك بن أنس يقول: قال عمرو بن العاص إني لفي شرب من قريش في الجاهلية إذ رأيت في دار الخطاب بن نفيل نارا، فقلت: ما هذا؟ فقالوا: ولد له مولود، فقلت ما سماه؟ قالوا: عمر، فإذا كان هذا على ما قاله مالك، فليس يكون في الشرب إلا رجل له عشرون سنة أو أكثر منها، وتوفي عمر رحمه الله عليه في سنة ثلاث وعشرين، وهو ابن ثلاث وستين سنة، ذلك أكثر القول فيه، عليه معاوية والشعبي وغيرهما، وولده يصفون أنه توفي لسبع وخمسين سنة. وبقي عمرو بن العاص بعده تسع عشرة سنة لأنه هلك في سنة اثنتين وأربعين، ولا يشك في أنه تجاوز المائة سنة ولم يقصرعنها، وكان بعد صرف عمر رحمه الله إياه عن مصر، قد لزم ضيعته بفلسطين متنحيا عن أمر الطاعنين على عثمان، ثم غمس يده من أمر صفين والحكومة بين المسلمين فيما فعله، وجعل له معاوية ولاية مصر ومالها فلم يتقلدها إلا سنتين وأشهرا، حتى توفي.
وكان وردان مولاه لما عقد له مولاه ما عنده بينه وبينه من أمر مصر، أقبل يحك عقبه وعمرو غافل عنه، فلما خرج قال له: إنما أذكرتك أن تشترط مصر لعقبك من بعدك، قال: ما شعرت.
وأخبرني عمر بن شبة: أن وردان كان فوق عمرو بن العاص في المكر والدهاء والحيلة.
وأخبرني أبو زيد عمر بن شبة: أن عمر بن الخطاب كان إذا رأى رجلا يتلجلج في كلامه ويشك في رأيه، قال: إن الذي خلقك وخلق عمرو بن العاص واحد.
وحدثني أبو زيد عمر بن شبة قال: قال عمرو بن العاص: ما رأيت رجلا يكلم عمر بن الخطاب إلا رحمته، لأنه كان أعقل من أن يخدعه أحد، وأتقى لله من أن يخدع أحدا.
وأنشدنا ابو بكر أحمد بن أبي خيثمة عن دعبل، لعمرو:

أخبرني أبو البختري عبد الله بن محمد بن شاكر العنبري قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا عبد الملك بن قدامة، قال: أخبرنا عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال عمرو بن العاص يوم صفين:

  • دار النشر مكتبة الخانجي-ط 1( ) , ج: 1- ص: 0

عمرو بن العاص. .... و أسلم لي في ديني وأما أنت يا محمد فأمرتني بالذي أنبه لي في دنياي وأشر لي في آخرتي. وإن عليا قد بويع له وهو يدل بسابقته. وهو غير مشركي في شيء من أمره. ارحل يا وردان. ثم خرج ومعه ابناه حتى قدم على معاوية بن أبي سفيان فبايعه على الطلب بدم عثمان وكتبا بينهما كتابا نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تعاهد عليه معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ببيت المقدس من بعد قتل عثمان بن عفان وحمل كل واحد منهما صاحبه الأمانة. إن بيننا عهد الله على التناصر والتخالص والتناصح في أمر الله والإسلام ولا يخذل أحدنا صاحبه بشيء ولا يتخذ من دونه وليجة. ولا يحول بيننا ولد ولا والد أبدا ما حيينا فيما استطعنا فإذا فتحت مصر فإن عمرا على أرضها وإمارته التي أمره عليها أمير المؤمنين. وبيننا التناصح والتوازر والتعاون على ما نابنا من الأمور. ومعاوية أمير على عمرو بن العاص في الناس وفي عامة الأمر حتى يجمع الله الأمة فإذا اجتمعت الأمة فإنهما يدخلان في أحسن أمرها على أحسن الذي بينهما في أمر الله الذي بينهما من الشرط في هذه الصحيفة. وكتب وردان سنة ثمان وثلاثين.
قال: وبلغ ذلك عليا فقام فخطب أهل الكوفة فقال: أما بعد فإنه قد بلغني أن عمرو بن العاص الأبتر ابن الأبتر بايع معاوية على الطلب بدم عثمان وحضهم عليه فالعضد والله الشلاء عمرو ونصرته.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا هشام بن الغاز وإبراهيم بن موسى عن عكرمة بن خالد وغيرهما قالوا: كان عمرو بن العاص يباشر القتال في القلب أيام صفين بنفسه. فلما كان يوم من تلك الأيام اقتتل أهل العراق وأهل الشام حتى غابت الشمس فإذا كتيبة خشناء من خلف صفوفنا أراهم خمسمائة فيها عمرو بن العاص.
ويقبل علي في كتيبة أخرى نحو من عدد الذي مع عمرو بن العاص. فاقتتلوا ساعة من الليل حتى كثرت القتلى بينهم ثم صاح عمرو بأصحابه: الأرض يا أهل الشام.
فترجلوا ودب بهم وترجل أهل العراق. فنظرت إلى عمرو بن العاص يباشر القتال وهو يقول:

ويقبل رجل من أهل العراق فخلص إلى عمرو وضربه ضربة جرحه على العاتق وهو يقول: أنا أبو السمراء. ويدركه عمرو فضربه ضربة أثبته وانحاز عمرو في أصحابه وانحاز أصحابه.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إسماعيل بن عبد الملك عن يحيى بن شبل عن أبي جعفر عن عبيد الله بن أبي رافع قال: نظرت إلى عمرو بن العاص يوم صفين وقد وضعت له الكراسي يصف الناس بنفسه صفوفا ويقول كقص الشارب. وهو حاسر. وأسمعه وأنا منه قريب يقول: عليكم بالشيخ الأزدي أو الدجال. يعني هاشم بن عتبة.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني معمر بن راشد عن الزهري قال: اقتتل الناس بصفين قتالا شديدا لم يكن في هذه الأمة مثله قط حتى كره أهل الشام وأهل العراق القتال وملوه من طول تباذلهم السيف. فقال عمرو بن العاص. وهو يومئذ على القتال.
لمعاوية: هل أنت مطيعي فتأمر رجالا بنشر المصاحف ثم يقولون يا أهل العراق ندعوكم إلى القرآن ولا يزيد ذلك أمر أهل الشام إلا استجماعا. فأطاعه معاوية ففعل وأمر عمرو رجالا من أهل الشام فقرئ المصحف ثم نادى: يا أهل العراق ندعوكم إلى القرآن. فاختلف أهل العراق فقالت طائفة: أولسنا على كتاب الله وبيعتنا؟ وقال آخرون كرهوا القتال: أجبنا إلى كتاب الله. فلما رأى علي. ع. وهنهم وكراهتهم للقتال قارب معاوية فيما يدعوه إليه واختلف بينهم الرسل [فقال علي. ع: قد قبلنا كتاب الله فمن يحكم بكتاب الله بيننا وبينك؟ قال: نأخذ رجلا منا نختاره وتأخذ منكم رجلا تختاره.] فاختار معاوية عمرو بن العاص واختار علي أبا موسى الأشعري. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا منصور بن أبي الأسود عن مجالد عن الشعبي عن زياد بن النضر أن عليا. ع. بعث أبا موسى الأشعري ومعه أربعمائة رجل عليهم شريح بن هانئ ومعهم عبد الله بن عباس يصلي بهم ويلي أمرهم. وبعث معاوية عمرو بن العاص في أربعمائة من أهل الشام حتى توافوا بدومة الجندل.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن عمرو بن الحكم قال: لما التقى الناس بدومة الجندل قال ابن عباس للأشعري: احذر عمرا فإنما يريد أن يقدمك ويقول أنت صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأسن مني. فكن متدبرا لكلامه. فكانا إذا التقيا يقول عمرو إنك صحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلي وأنت أسن مني فتكلم ثم أتكلم. وإنما يريد عمرو أن يقدم أبا موسى في الكلام ليخلع عليا. فاجتمعا على أمرهما فأداره عمرو على معاوية فأبى. وقال أبو موسى: أرى أن نخلع هذين الرجلين ونجعل هذا الأمر شورى بين المسلمين فيختارون لأنفسهم من أحبوا.
قال عمرو: الرأي ما رأيت. فأقبلا على الناس وهم مجتمعون فقال له عمرو: يا أبا موسى أعلمهم بأن رأينا قد اجتمع. فتكلم أبو موسى فقال أبو موسى: إن رأينا قد
اتفق على أمر نرجو أن يصلح به أمر هذه الأمة. فقال عمرو: صدق وبر ونعم الناظر للإسلام وأهله. فتكلم يا أبا موسى. فأتاه ابن عباس فخلا به فقال: أنت في خدعة.
ألم أقل لك لا تبدأه وتعقبه فإني أخشى أن يكون أعطاك أمرا خاليا ثم ينزع عنه على ملإ من الناس واجتماعهم. فقال الأشعري: لا تخش ذلك. قد اجتمعنا واصطلحنا.
فقام أبو موسى فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس قد نظرنا في أمر هذه الأمة فلم نر شيئا هو أصلح لأمرها ولا ألم لشعثها من أن لا نبتز أمورها ولا نعصبها حتى يكون ذلك عن رضى منها وتشاور. وقد اجتمعت أنا وصاحبي على أمر واحد. على خلع علي ومعاوية وتستقبل هذه الأمة هذا الأمر فيكون شورى بينهم يولون منهم من أحبوا عليهم. وإني قد خلعت عليا ومعاوية فولوا أمركم من رأيتم. ثم تنحى. فأقبل عمرو بن العاص فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن هذا قد قال ما قد سمعتم وخلع صاحبه وإني أخلع صاحبه كما خلعه وأثبت صاحبي معاوية فإنه ولي ابن عفان والطالب بدمه وأحق الناس بمقامه. فقال سعد بن أبي وقاص: ويحك يا أبا موسى ما أضعفك عن عمرو ومكائده! فقال أبو موسى: فما أصنع؟ جامعني على أمر ثم نزع عنه.
فقال ابن عباس: لا ذنب لك يا أبا موسى. الذنب لغيرك. للذي قدمك في هذا المقام. فقال أبو موسى: رحمك الله غدرني فما أصنع؟ وقال أبو موسى لعمرو: إنما مثلك ك الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث. فقال له عمرو: إنما مثلك مثل الحمار يحمل أسفارا. فقال ابن عمر: إلى م صيرت هذه الأمة؟ إلى رجل لا يبالي ما صنع وآخر ضعيف. وقال عبد الرحمن بن أبي بكر: لو مات الأشعري من قبل هذا كان خيرا له.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن الزهري قال: كان عمرو يقول لمعاوية حين خرجت الخوارج على علي: كيف رأيت تدبيري لك حيث ضاقت نفسك مستهزئا على فرسك الورد تستبطئه فأشرت عليك أن تدعوهم إلى كتاب الله وعرفت أن أهل العراق أهل شبه وأنهم يختلفون عليه. فقد اشتغل عنك علي بهم وهم آخر هذا قاتلوه. ليس جند أوهن كيدا منهم.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني مفضل بن فضالة عن يزيد بن أبي حبيب قال: وحدثني عبد الله بن جعفر عن عبد الواحد بن أبي عون قالا: لما صار الأمر في بدي معاوية استكثر طعمة مصر لعمرو ما عاش ورأى عمرو أن الأمر كله قد
صلح به وبتدبيره وعنائه وسعيه فيه. وظن أن معاوية سيزيده الشام مع مصر فلم يفعل معاوية. فتنكر عمرو لمعاوية فاختلفا وتغالظا وتميز الناس وظنوا أنه لا يجتمع أمرهما.
فدخل بينهما معاوية بن حديج فأصلح أمرهما وكتب بينهما كتابا وشرط فيه شروطا لمعاوية وعمرو خاصة وللناس عليه. وأن لعمرو ولاية مصر سبع سنين. وعلى أن على عمرو السمع والطاعة لمعاوية. وتواثقا وتعاهدا على ذلك وأشهدا عليهما به شهودا.
ثم مضى عمرو بن العاص على مصر واليا عليها وذلك في آخر سنة تسع وثلاثين.
فو الله ما مكث بها إلا سنتين أو ثلاثا حتى مات.
قال: أخبرنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم الشيباني النبيل قال: حدثنا حيوة بن شريح قال: حدثنا يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة المهري قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت فحول وجهه إلى الحائط يبكي طويلا وابنه يقول له: ما يبكيك؟ أما بشرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكذا؟ أما بشرك بكذا؟ قال وهو في ذلك يبكي ووجهه إلى الحائط. قال ثم أقبل بوجهه إلينا فقال: إن أفضل مما تعد علي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكني قد كنت على أطباق ثلاث. قد رأيتني ما من الناس من أحد أبغض إلي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أحب إلي من أن أستمكن منه فأقتله. فلو مت على تلك الطبقة لكنت من أهل النار. ثم جعل الله الإسلام في قلبي فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبايعه فقلت: ابسط يمينك أبايعك يا رسول الله. قال فبسط يده ثم إني قبضت يدي [فقال: ما لك يا عمرو؟ قال فقلت:
أردت أن أشترط. فقال: تشترط ماذا؟ فقلت: اشترط أن يغفر لي. فقال: أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله؟] فقد رأيتني ما من الناس أحد أحب إلي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أجل في عيني منه. ولو سئلت أن أنعته ما أطقت لأني لم أكن أطيق أن أملأ عيني إجلالا له.
فلو مت على تلك الطبقة رجوت أن أكون من أهل الجنة. ثم ولينا أشياء بعد فلست أدري ما أنا فيها أو ما حالي فيها. فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار. فإذا دفنتموني فسنوا علي التراب سنا. فإذا فرغتم من قبري فامكثوا عند قبري قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها فإني أستأنس بكم حتى أعلم ماذا أراجع به رسل ربي.
قال: أخبرنا روح بن عبادة قال: حدثنا عوف عن الحسن قال: بلغني أن عمرو بن العاص لما كان عند الموت دعا حرسه فقال: أي صاحب كنت لكم؟ قالوا:
كنت لنا صاحب صدق تكرمنا وتعطينا وتفعل وتفعل. قال: فإني إنما كنت أفعل ذلك لتمنعوني من الموت. وإن الموت ها هو ذا قد نزل بي فأغنوه عني. فنظر القوم بعضهم إلى بعض فقالوا: لا نغني عنك من الموت شيئا. فقال: أما والله لقد قلتها وإني لأعلم أنكم لا تغنون عني من الموت شيئا ولكن الله لأن أكون لم أتخذ منكم رجلا قط يمنعني من الموت أحب إلى من كذا وكذا. فيا ويح ابن أبي طالب إذ يقول حرس أمراء أجله. ثم قال عمرو: اللهم لا بريء فأعتذر ولا عزيز فأنتصر وإلا تدركني برحمة أكن من الهالكين.
قال: أخبرنا عبيد الله بن أبي موسى قال: أخبرنا إسرائيل عن عبد الله بن المختار عن معاوية بن قرة المزني قال: حدثني أبو حرب بن أبي الأسود عن عبد الله بن عمرو أنه حدثه أن أباه أوصاه قال: يا بني إذا مت فاغسلني غسلة بالماء ثم جففني في ثوب.
ثم اغسلني الثانية بماء قراح ثم جففني في ثوب. ثم اغسلني الثالثة بماء فيه شيء من كافور ثم جففني في ثوب. ثم إذا ألبستني الثياب فأزر علي فإني مخاصم. ثم إذا أنت حملتني على السرير فامش بي مشيا بين المشيتين وكن خلف الجنازة فإن مقدمها للملائكة وخلفها لبني آدم. فإذا أنت وضعتني في القبر فسن علي التراب سنا. ثم قال: اللهم إنك أمرتنا فركبنا ونهيتنا فأضعنا فلا بريء فأعتذر ولا عزيز فأنتصر ولكن لا إله إلا الله. ما زال يقولها حتى مات.
قال: أخبرنا علي بن محمد القرشي عن علي بن حماد وغيره قال: قال معاوية بن حديج: عدت عمرو بن العاص وقد ثقل فقلت: كيف تجدك؟ قال: أذوب ولا أثوب وأجد نجوى أكثر من رزئي. فما بقاء الكبير على هذا؟
قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن عوانة بن الحكم قال:
عمرو بن العاص يقول: عجبا لمن نزل به الموت وعقله معه كيف لا يصفه. فلما نزل به قال له ابنه عبد الله بن عمرو: يا أبت إنك كنت تقول عجبا لمن نزل به الموت وعقله معه كيف لا يصفه فصف لنا الموت وعقلك معك. فقال: يا بني. الموت أجل من أن يوصف ولكني سأصف لك منه شيئا. أجدني كأن على عنقي جبال رضوى. وأجدني كأن في جوفي شوك السلاء. وأجدني كأن نفسي يخرج من ثقب إبرة.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله بن أبي يحيى عن عمرو بن شعيب قال: توفي عمرو بن العاص يوم الفطر بمصر سنة اثنتين وأربعين وهو وال
عليها. قال محمد بن عمر: وسمعت من يذكر أنه توفي سنة ثلاث وأربعين. قال محمد بن سعد: وسمعت بعض أهل العلم يقول توفي عمرو بن العاص سنة إحدى وخمسين.
قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا زهير عن ليث عن مجاهد قال: أعتق عمرو بن العاص كل مملوك له.
قال: أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا ليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن من أدرك ذلك أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص: انظر من كان قبلك ممن بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة فأتم له مائتي دينار. وأتم لنفسك بإمارتك مائتي دينار. ولخارجة بن حذافة بشجاعته. ولقيس بن العاص بضيافته.
قال: أخبرنا محمد بن سليم العبدي قال: حدثنا هشيم عن عبد الرحمن بن يحيى عن حيان بن أبي جبلة قال: قيل لعمرو بن العاص ما المروءة؟ فقال: يصلح الرجل ماله ويحسن إلى إخوانه.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 4- ص: 191

عمرو بن العاص بن وائل. بن هاشم بن سعيد بن سهم. ويكنى أبا عبد الله. أسلم بأرض الحبشة عند النجاشي ثم قدم المدينة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
مهاجرا في هلال صفر سنة ثمان من الهجرة. وصحب رسول الله ص. واستعمله على غزوة ذات السلاسل. وبعثه يوم فتح مكة إلى سواع صنم هذيل فهدمه. وبعثة أيضا إلى جيفر وعبد ابني الجلندا وكانا من الأزد بعمان يدعوهما إلى الإسلام فقبض رسول الله ص. وعمرو بعمان فخرج منها فقدم المدينة فبعثه أبو بكر الصديق أحد الأمراء إلى الشام فتولى ما تولى من فتحها وشهد اليرموك. وولاه عمر بن الخطاب فلسطين وما والاها. ثم كتب إليه أن يسير إلى مصر فسار إليها في المسلمين وهم ثلاثة آلاف وخمس مائة ففتح مصر و. ولاه عمر بن الخطاب مصر إلى أن مات. وولاه عثمان بن عفان مصر سنين ثم عزله واستعمل عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح.
فقدم عمرو المدينة فأقام بها. فلما نشب الناس في أمر عثمان خرج إلى الشام فنزل بها في أرض له بالسبع من أرض فلسطين حتى قتل عثمان. رحمه الله. فصار إلى معاوية فلم يزل معه يظهر الطلب بدم عثمان. وشهد معه صفين. ثم ولاه معاوية مصر فخرج إليها فلم يزل بها واليا وابتنى بها دارا ونزلها إلى أن مات بها يوم الفطر سنة ثلاث وأربعين في خلافة معاوية. ودفن بالمقطم مقبرة أهل مصر وهو سفح الجبل.
وقال حين حضرته الوفاة: أجلسوني. فأجلسوه. فأوصى: إذا رأيتموني قد قبضت فخذوا في جهازي وكفنوني في ثلاثة أثواب وشدوا إزاري فإني مخاصم وألحدوا لي وشنوا علي التراب وأسرعوا بي إلى حفرتي. ثم قال: اللهم إنك أمرت عمرو بن العاص بأشياء فتركها ونهيته عن أشياء فارتكبها. فلا إله إلا أنت. لا إله إلا أنت.
ثلاثا. جامعا يديه معتصما بهما حتى قبض.
قال عبد الله بن صلح البصري عن حرملة بن عمران قال: أخبرنا أبو فراس مولى عبد الله بن عمرو أن عمرو بن العاص توفي في ليلة الفطر فغدا به عبد الله بن عمرو حتى إذا برز به وضعه في الجبانة حتى انقطعت الأزقة من الناس ثم صلى عليه ودفنه.
ثم صلى بالناس صلاة العيد. قال: أحسب أنه لم يبق أحد شهد العيد إلا صلى عليه ودفنه.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 7- ص: 342

عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم السهمي أبو محمد وقد قيل أبو عبد الله من دهاة قريش كان يسكن مكة مدة فلما ولى مصر استوطنها إلى أن مات بها ليلة الفطر سنة إحدى وستين

  • دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع - المنصورة-ط 1( 1991) , ج: 1- ص: 93

عمرو بن العاص، أبو محمد، السهمي، القرشي، رضي الله عنه.
قال الحسن، عن ضمرة: مات سنة إحدى، أو اثنتين، وستين في ولاية يزيد.
أصله مكي، نزل المدينة، ولاه النبي صلى الله عليه وسلم على جيش ذات السلاسل، ثم سكن مصر ومات بها.
قال آدم: عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ابنا العاص مؤمنان، هشامٌ، وعمرٌو.
قال عثمان المؤذن: عن ابن جريج، قال: أخبرني سعيد بن كثير، أن جعفر بن المطلب أخبره، أن عمرو بن العاص قال لعبد الله بن عمرو، في أيام منًى: تعال فكل، قال: إني صائمٌ، ثم قال له، قال: لا، إلا أن تكون سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فإني سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم.

  • دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 6- ص: 1

عمرو بن العاص السهمي
هاجر في صفر سنة ثمان عنه ابنه عبد الله ومولاه أبو قيس وأبو عثمان النهدي وعلي بن رباح محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا ابنا العاص عمرو وهشام مؤمنان وعن عمر أنه كان إذا رأى ذا عي قال خالق هذا وعمرو واحد مات ليلة الفطر 42 ع

  • دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 2- ص: 1

عمرو بن العاص بن وائل بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي كنيته أبو محمد
ويقال أبو عبد الله ولاه النبي صلى الله عليه وسلم جيش السلاسل عداده في أهل مكة وكان من دهاة قريش مات بمصر وكان واليا عليها ليلة الفطر سنة إحدى أو اثنتين وستين في ولاية يزيد بن معاوية وصلى عليه ابنه عبد الله بن عمرو ثم صلى بالناس صلاة العيد
روى عنه عبد الرحمن بن شماسة المهري في الإيمان وقيس بن أبي حازم وأبو قيس مولاه في الصوم والأحكام وأبو عثمان النهدي

  • دار المعرفة - بيروت-ط 1( 1987) , ج: 2- ص: 1

عمرو بن العاص أبو عبد الله
قرأت بخط أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري في كتاب أنساب الأشراف من تأليفه قال محمد بن سعد قال الواقدي من خبر عمرو ابن العاص إنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً في صفر سنة ثمان قبل فتح مكة بأشهر وكان الفتح في شهر رمضان فوجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمادى الآخرة سنة ثمان إلى ذات السلاسل في سرية ومعه أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح رضى الله عن جميعهم قال ثم بعث به إلى ابني الجلندى بعمان فأسلما وكان أميرا عليها فلم يزل عمرو بعمان حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال وعمرو بن العاص هو الذي فتح مصر ونواحيها في خلافة عمر وعزله عثمان عنها، وقال غير البلاذري ثم صار من مصر حتى قدم برقة فصالح أهلها على ثلاثة عشر ألف دينار يؤدونها إليه جزية على أن يبيعوا من أبنائهم في (جزيتهم ما أحبوا بيعه) (وعلى يديه تم فتح المسلمين) لبرقة ثم غزا في سنة ثلاث وعشرين إطرابلس فحاصرها شهراً لا يقدر منها على شيء ثم أفتتحها في قصة غريبة ذكرها أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم في تاريخه وغنم ما فيها ولم يفلت الروم إلا بما خف لهم في مراكبهم وأراد أن يوجه إلى المغرب فكتب إلى عمر رضي الله عنه إن الله عز وجل فتح علينا إطرابلس وليس بينها وبين إفريقية إلا تسعة أيام فإن رأى أمير المؤمنين أن يغزوها ويفتحها الله على يديه فعل فكتب إليه عمر ينهاه عن ذلك
الظاهر من هذا الخبر تحيز إطرابلس من إفريقية ولم تزل من أعمالها قديما وحديثاً قال ابن عبد الحكم كان سلطان جرجير من إطرابلس إلى طنجة وبهذا الاعتبار ساغ لي ذكر عمرو رضي الله عنه في هذا الكتاب.
ومن شعره يخاطب عمارة بن الوليد أخا خالد بن الوليد عند النجاشي، وكانت قريش بعثتهما إليه يكلمانه في من قدم عليه من المهاجرين رضى الله عنهم

وقال أيضا في حروب صفين
وقال يخاطب معاوية بن أبي سفيان رضى الله عنه
قال عمرو وهذا لأنه شرط على معاوية لما تحير إليه وكان معه في حروبه لعلي رضى الله عنهم أن يوليه إذا ظهر مصر طعمة فوفى له بذلك
وروى أن عتبة بن أبي سفيان دخل على معاوية أخيه وهو يكلم عمرا في مصر وعمرو يقول له إنما بعتك بها ديني فقال له عتبة أثمن الرجل بدينه فإنه صاحب من أصحاب محمد، فأقام على مصر إلى أن توفى في خلافة معاوية. ومما يعزى إليه:
وأنشد له ابن إسحاق صاحب المغازي في يوم أحد مالم أر وجها لذكره

  • دار المعارف، القاهرة - مصر-ط 2( 1985) , ج: 1- ص: 1

(ع) عمرو بن العاصي بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم أبو عبد الله.
وقيل: أبو محمد السهمي.
قال الليث بن سعد وابن البرقي، وابن يونس، وابن معين، والمدائني، وابن بكير، والعجلي في آخرين: مات سنة ثلاث وأربعين.
كذا ذكره المزي وفيه نظر؛ لأن البرقي لم يقله إلا نقلاً عن الليث بن سعد وكذلك ابن بكير، فتكراره الليث وابن البرقي وابن بكير غير جيد.
قال البرقي في كتابه ’’ معرفة الصحابة ’’ – الذي لم ينقل المزي منه لفظة فيما رأيت إلا بوساطة ابن عساكر، وإذا لم يذكره ابن عساكر لا تجد منه لفظة عند المزي – قال: أخي محمد بن عبد الله، وكانت وفاته بمصر يوم الفطر، وصلى عليه عبد الله بن عمرو سنة ثلاث وأربعين.
أنبا بذلك ابن بكير عن الليث بن سعد وقال جدي: وكانت وفاته – فيما أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله، عن يحيى بن بكير، عن الليث – سنة ثلاث وأربعين وسنه بضع وتسعون.
فيما ذكره يحيى بن بكير انتهى، وفي هذا رد لما ذكره أيضاً المزي عن يحيى: وسنه سبعون قاله ابن بكير بباء موحدة قبل
العين المهملة – فيما ضبطه عنه المهندس – وهو غير جيد لما يأتي بعد.
ولما ذكره هو من أنه يذكر ولادة عمر بن الخطاب.
وقال أبو نعيم الحافظ: ثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا الفضل بن العباس، ثنا يحيى بن بكير، ثنا الليث بن سعد قال: وفي سنة ثلاث وأربعين توفي عمرو بن العاصي.
وفي ’’ مجمع الغرائب ’’: لما قدم ليسلم رأى أبا هريرة يريد الإسلام [] إلى المدينة.
وقال ابن يونس – الذي ذكر المزي وفاته من عنده توهماً إلا زيادة في كتابه وتركها، واعلم أنا علمنا أنها إنما نقلها من كتاب ابن عساكر إذ لو كانت من أصل ’’ تاريخه ’’ لوجد فيه مما أخل بذكره في كتابه -: روى عنه من أهل مصر: عقبة بن عامر، ومحمد بن عبد الله بن عمرو، وزياد بن جزء الزبيدي، وقيس بن سمير التجيبي، وناعم بن أجيل الهمداني، وتميم بن فرع المهري، وربيعة بن لقيط التجيبي، وأبو رشدين بن عبيد الحميري، وذاخر بن عامر المعافري، وجندب بن عمارة الأزدي، وبجير بن ذاخر المعافري، وعلقمة بن عاصم المعافري، ومرثد بن عبد الله اليزني، وأبو العالية الحضرمي، وأنعم بن ذري الشعباني، وعمرو بن قحذم الخولاني، وعامر بن عبد الله المعافري، وأبو الحكم مولى عمرو بن العاصي، وأبو عتبة مولى عمرو بن العاصي.
زاد [ق 8/أ] الجيزي: محمد بن راشد المرادي، وعبد الرحمن بن جبير، وأبا فرارس يزيد بن رباح مولى عمرو بن العاصي، وراشد مولى حبيب بن أبي أوس الثقفي، وعياض بن عقبة بن نافع.
وفي قول المزي عن البرقي: يقال أنه أسلم عند النجاشي؛ قصور ما ذكره الجيزي في كتاب ’’ الصحابة ’’ إذ روى ذلك مطولاً عن محمد بن إسحاق، ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، ثنا أبي إبراهيم، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن راشد مولى حبيب بن أبي أوس الثقفي قال: حدثني عمرو بن العاصي من فيه.. فذكره، وهو في ’’ السيرة ’’ لابن إسحاق أيضاً.
وفي كتاب أبي نعيم الحافظ: خرج إلى النجاشي بعد الأحزاب فأسلم عنده فأخذه أصحابه فأضاموه فأفلت منهم مجرداً ليس عليه قشرة، فأظهر للنجاشي إسلامه فاسترجع له النجاشي جميع ماله من أصحابه ورده إليه.
وكان يسرد الصوم، ولما توفي كان له نحو المائة سنة، وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ’’ أسلم الناس وآمن عمرو ’’ روى عنه زياد وهنى مولياه.
وقال ابن نمير: مات سنة اثنتين وأربعين.
وكذا ذكره القراب عن أبي حسان الزيادي.
وفي ’’ الاستيعاب ’’: كان من مهاجرة الحبشة، قيل: أسلم بين الحديبية وخيبر، ولا يصح، والصحيح سنة ثمان قبل الفتح بستة أشهر، ووفاته سنة ثلاث وأربعين أصح.
وذكر الجاحظ في كتابه ’’ الزرع والنخل ’’: كان عمرو بن العاصي ممن يقر بالبعث في الجاهلية ممن لا يتنصر ولا يتهود ويصححه ولا يعرفه وكذلك قيس بن ساعدة، ويزيد بن الصعق، والأعشى، والنابغة الذبياني، وزهير بن أبي سلمى ومجريبة الأسدي وغيرهم.
وفي كتاب أبي أحمد العسكري: قال أبو اليقظان: أمه النابغة.
وقال غيره:
أمه سلمى [ق 233/أ] بنت النابغة من بني جلان وذكر عمرو أنه أسلم سرا على يد جعفر بن أبي طالب بأرض الحبشة.
وقال غيره: أسلم سنة أربع وحضر بدراً مع المشركين واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على عمان، فقبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو عليها، وكان على الناس يوم أجنادين، وتوفي سنة ثلاث وأربعين، وأكثرهم يقول: سنة ثمان وخمسين.
وذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة طبقة الخندقيين، وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة بعثه إلى صنم هذيل بسواع فهدمه، وبعثه سنة تسع إلى بني فزارة يصدقهم وجاء خصمان يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ’’ يا عمرو، اقض بينهما ’’ وبعثه إلى ملكي عمان عبد وجيفر ابني الجلندي بكتاب يدعوهما إلى الإسلام فأسلما، ولما أجمع أبو بكر – رضي الله عنه – أن يبعث الجيوش إلى الشام كان أول من سار من عماله عمرو بن العاصي فأمره أن يسلك على أيلة عامداً لفلسطين ومعه ثلاثة آلاف وخرج أبو بكر يمشي إلى جنب راحلة عمرو وهو يوصيه وقال: إني قد استعملتك على من مررت به من بلي وعذرة وسائر قضاعة ومن سقط هناك من العرب فاندبهم إلى الجهاد ورغبهم فيه.
وكانوا أمراء أبي بكر هو ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة فكان عمرو هو الذي يصلي بالناس إذا اجتمعوا، وإن تفرقوا فكل رجل على أصحابه، وكان أمر الناس إلى عمرو يوم أجنادين ويوم نحل، وفي حصار دمشق حتى فتحت، أنبا محمد بن عمر، ثنا عبد الله بن أبي يحيى، عن عمرو بن شعيب قال: توفي عمرو يوم الفطر بمصر سنة اثنتين وأربعين، قال محمد بن [ق 9/أ] عمر: سمعت من يذكر أنه توفي سنة ثلاث وأربعين.
قال محمد ابن سعد: وسمعت بعض أهل العلم يقول: توفي عمرو سنة إحدى وخمسين، انتهى.
الذي قاله المزي عن محمد بن عمر.
مات سنة اثنتين أو ثلاث وأربعين.
وقال ابن سعد عن الهيثم: مات سنة إحدى وخمسين.
فينظر
في فرقان ما بين القولين، ثم إن الهيثم لم يذكر وفاته إلا في سنة ثلاث وأربعين في ’’ تاريخه ’’، لم يذكر سنة إحدى وخمسين بحال، وبعيد أن يختلف قوله هذا الاختلاف، لأن ابن سعد إذا روى عنه يصرح باسمه ولا يكنى عنه.
وذكر الأخفش أن من اعتص السيف مكان العصا قيل فيه: العاصي بالياء وكان أبو عمرو يعتصه فقيل له ذلك أو قيل له: ذلك تفاؤلاً، وفي ’’ ليس ’’ لابن خالويه: قال جرير للفرزدق:

وفي ’’ سيرة ’’ ابن إسحاق: وقال علي بن أبي طالب في غزوة بدر:
والله تعالى أعلم.
وفي كتاب ابن الأثير: مات سنة سبع وأربعين، وثلاث أصح.
وفي كتاب ’’ المفجعين ’’ لأبي العباس: كان عمرو قصير القامة، عظيم الهامة، ناتئ الجبهة، واسع الفم، عظيم الكفين والقدمين، بعيد ما بين المنكبين، إذا تكلم ملأ صوته المسجد.
وفي ’’ تاريخ ابن أبي خيثمة الكبير ’’: نظر عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاصي يمشي فقال: ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلا أميراً.
وفي ’’ النصوص ’’ لابن صاعد: عن محمد بن سلام: ’’ لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم عمراً وخالداً وعثمان بن طلحة مقبلين ليسلموا قال: رمتكم مكة بأفلاذ كبدها ’’ قال: واشترط عمرو على النبي صلى الله عليه وسلم أن يشركه في الأمر فأعطاه ذلك، ثم وجهه قبل الشام وأمد بجيش فيهم أبو بكر الصديق – رضي الله عنهم.
وفي ’’ معجم الطبراني الكبير ’’: روى عنه: زياد مولاه، وهنى مولاه، وأبو
سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وأبو عبد الرحمن السلمي، وعامر بن شراحيل الشعبي، وعبد الله بن الحارث، وأبو صالح السمان، وعبد الله بن شرحبيل بن حسنة، وعبد الله بن سفيان العقيلي، وعمارة بن خزيمة بن ثابت، ويحيى بن جعدة بن هبيرة، وظبيان، وأبو العجفاء السلمي، وعلقمة بن وقاص، ومحمد بن الأسود بن خلف، وعثمان اليحصبي، ومحمد بن كعب القرظي، وأبو نوفل بن أبي عقرب، والحسن بن أبي الحسن البصري، وجعفر بن المطلب، وحيان بن أبي جبلة، وأبو مجلز لاحق بن حميد.
وفي ’’ المستدرك ’’: وفاته سنة ثلاث وأربعين أصح ما سمعنا.
وفي قول المزي: وقال غيرهم – يعني المذكورين -: قيل: مات سنة ثمان وأربعين؛ نظر إذ لم يسمه، وكأنه ما عرف أن قائل ذاك أبو سليمان بن زبر.
وفي ضبط المهندس عن الشيخ: وأخو عمرو لأمه عروة بن أثاية ربياء مثناة من تحت قبل الهاء – نظر [ق 234/أ] لأن الذي ضبطه ابن ماكولا بثائين مثلثتين.
والله أعلم.
وأنشد له المرزباني في ’’ معجمه ’’ أشعاراً، وكذا في الكتاب المعروف ’’ بالمنحرفين ’’ – يعني عن علي – رضي الله عنهما.
وفي كتاب المسعودي: خلف عمرو لما توفي سنة ثلاث وأربعين من العين ثلاثمائة ألف دينار وخمسة وعشرين ألف دينار ومن الورق ألفي ألف درهم وغلة بمائتي ألف دينار، وضيعته المعروفة بالوهط كان قيمتها عشرة آلاف درهم، وفيه يقول عبد الله بن الزبير الأسدي:
وذكره أبو عمرو الداني في جملة من وردت الرواية عنه في حروف القرآن.

  • الفاروق الحديثة للطباعة والنشر-ط 1( 2001) , ج: 10- ص: 1

عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب السهمي
ولاه النبي صلى الله عليه وسلم جيش ذات السلاسل كنيته أبو محمد ويقال أبو عبد الله عداده في أهل مكة وكان من دهاة قريش مات بمصر وكان واليا عليها ليلة الفطر سنة ثلاث وأربعين في ولاية معاوية وصلى عليه ابنه عبد الله بن عمرو ثم صلى بالناس صلاة العيد وكان أبوه العاص من المستهزئين بالنبي صلى الله عليه وسلم وفيه نزلت {إن شانئك هو الأبتر} حدثنا أبو يعلى ثنا يعقوب بن إبراهيم قال أبو عاصمٍ عن حيوة بن شريحٍ قال حدثني يزيد بن أبي حبيبٍ عن ابن شماسة قال حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت يبكي طويلا ووجهه إلى الجدار فجعل ابنه يقول ما يبكيك يا أبتاه قال أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا قال فأقبل بوجهه فقال إن أفضل ما تعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ولقد رأيتني على أطباقٍ ثلاثٍ رأيتني وما أحدٌ أبغض لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني ولا أحدٌ أحب أن أكون قد استمكنت منه فقتلته فلو مت على تلك لكنت في النار فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أعطني يمينك لأبايعك فأعطاني يده فقبضت يدي فقال ما لك يا عمرو قال قلت أن أشترط عليك قال تشترط ماذا أن يغفر لك قلت أن يغفر لي قال أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها قال فبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فما كان أحد
أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعظم في عيني منه وكنت لا أملأ عيني منه إعظاماً له فلو مت على ذلك لوجدت أن أكون من أهل الجنة ثم وليت أشياء لا أدري ما حالي فيها فإذا أنا مت فلا تتبعني نائحةٌ ولا نارٌ وإذا دفنتموني فسنوا علي التراب شيئاً ثم أقيموا عند قبري قدر ما ينحر جزورٌ ويقسم لحمها أسر بكم وما أدري ماذا أراجع به رسل ربي

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 3- ص: 1

عمرو بن العاص
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مات وهو بن تسع وسبعين سنة ومات سنة ثلاث وأربعين بمصر وصلى عليه ابنه عبد الله

  • دار الباز-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 1

عمرو بن العاص بن وائل بن هشام بن سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي
حدثنا عبيد بن شريك البزار، نا سعيد بن عفير، نا الليث بن سعد، عن موسى بن علي، عن أبيه، عن عمرو بن العاص قال: بعث إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته وهو يتوضأ، فصعد في البصر وطأطأ، وقال: «أيا عمرو، إني أريد أن أبعثك على جيش، فيغنمك الله، ويسلمك، وأرغب لك رغبةً من المال صالحةً»، قلت: ما أسلمت رغبةً في المال، ولكن في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عمرو، نعم المال الصالح للرجل الصالح»

  • مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 2- ص: 1

عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد - بضم السين - بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي السهمي، أبو عبد الله، وأبو محمد:
ذكر الزبير بن بكار شيئا من خبره، فقال: وأمه سبية، يقال لها النابغة، من عنزة.
قال: حدثني محمد بن سلام قال: حدثني محمد بن حفص التميمي قال: لما كانت الهدنة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش، ووضعت الحرب، خرج عمرو بن العاص إلى النجاشى يكيد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت له منه ناحية، فقال له: يا عمرو، تكلمنى في رجل يأتيه الناموس كما كان يأتي موسى بن عمران! قال: قلت: وكذلك هو أيها الملك؟ قال: نعم. قال: فأنا أبايعك له على الإسلام، ثم قدم مكة، فلقى خالد بن الوليد بن المغيرة، فقال له: ما رأيك؟ قال: قد استقام الميسم، والرجل نبى، قال: فأنا أريده. قال: وأنا معك. قال له عثمان بن طلحة: وأنا معك. قفدموا على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة.
وقال محمد بن سلام: قال لي أبان بن عثمان: فقال عمرو بن العاص: فكنت أسن منهما، فقدمتهما لأستدبر أمرهما، فبايعا على أن لهما ما تقدم من ذنوبهما، فأضمرت
أن أبايعه، على أن لي ما تقدم وما تأخر، فلما أخذت بيده وبايعته على ما تقدم، نسيت ما تأخر.
وقال الزبير: لما هاجر عمرو بن العاص، في الهدنة التي كانت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش، هو وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رمتكم مكة بأفلاد كبدها» واشترط على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بايعه، أن يغفر له ما تقدم من ذنبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يجب ما قبله».
واشترط عليه أن يشركه في الأمر، فأعطاه ذلك، ثم بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إنى أردت أن أوجهك وجها، وأزعب لك زعبة من المال». فقال عمرو: أما المال، فلا حاجة لي فيه ووجهني حيث شيءت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعما بالمال الصالح للرجل الصالح» وأمره قبل الشام، وأمره أن يدعو إلى الجهاد، فشخص عمرو إلى ذلك الوجه، ثم كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده، فأمده بجيش فيهم أبو بكر وعمر، وأميرهم أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم، فقال عمرو: أنا أميركم.
وقال أبو عبيد: أنت أمير من معك، وأنا أمير من معى. فقال عمرو: إنما أنتم مددى، فأنا أميركم. فقال له أبو عبيدة: تعلم، يا عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى، فقال: إذا قدمت على عمرو فتطاوعا ولا تختلفا فإن خالفتنى أطعتك. قال: فإني أخالفك، فسلم له أبو عبيدة، وصلى خلفه.
وقيل لعمرو بن العاص: ما أبطأ بك عن الإسلام، وأنت أنت في عقلك؟، فقال: إنا كنا مع قوم لهم علينا تقدم وسن، وتوازن حلومهم الجبال، ما سلكوا فجا فتبعناهم إلا وجدناه سهلا. فلما أنكروا على النبي صلى الله عليه وسلم، أنكرنا معهم، ولم نفكر في أمرنا، وقلدناهم. فلما ذهبوا وصار الأمر إلينا، نظرنا في أمر النبي صلى الله عليه وسلم وتدبرناه، فإذا الأمر بين، فوقع في قلبي الإسلام، فعرفت قريش ذلك في إبطائى عما كنت أسرع فيه من عونهم على أمرهم، فبعثوا إلى فتى منهم، فقال: أبا عبد الله! إن قومك قد ظنوا بك الميل إلى محمد، فقلت له: يا ابن أخى! إن كنت تحب أن تعلم ما عندي، فموعدك الليل من حراء. فالتقينا هنالك، فقلت له: إنى أنشدك الله الذي هو ربك ورب من قبلك ورب من بعدك، أنحن أهدى أم فارس والروم؟ .
قال: اللهم بل نحن. قلت: فما ينفعنا فضلنا عليهم في الهدى، إن لم تكن إلا هذه الدنيا، وهم فيها أكثر منا أمرا، قد وقع في نفسى، أن ما يقول محمد من البعث بعد
الموت حق، ليجزى المحسن في الآخرة بإحسانه، والمسئ بإساءته. هذا يابن أخى الذي وقع في نفسى، ولا خير في التمادى في الباطل.
قال ابن عبد البر: أسلم سنة ثمان قبل الفتح، وقيل أسلم بين الحديبية وخيبر، ولا يصح. وقيل: إنه لم يأت من أرض الحبشة إلا وهو معتقد الإسلام، لما أخبره النجاشى بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن عبد البر: والصحيح أنه قدم مسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، سنة ثمان قبل الفتح بستة أشهر، هو وخالد وعثمان، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية نحو الشام، إلى أخوال أبيه العاصى بن وائل من بكر، يدعوهم إلى الإسلام، ويستنفرهم إلى الجهاد، فشخص عمرو إلى ذلك الوجه، في جمادى الآخرة سنة ثمان، في ثلاثمائة نفر، فسار حتى إذا كانوا على ماء بأرض جذام، يقال له السلاسل، خاف، فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده، فأمده بخمسين ومائتين فارسا من المهاجرين والأنصار، فيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وأمر عليهم أبا عبيدة، فلما قدموا، قال لهم عمرو: أنا أميركم، وأنتم مددى. فقال أبو عبيدة: إنما أنت أمير من معك، وأنا أمير من معى، فأبى عمرو، فقال له أبو عبيدة: يا عمرو، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عهد إلي: إذا قدمت إلى عمرو فتطاوعا ولا تختلفا، فإن خالفتنى أطعتك، قال: فإني أخالفك، فسلم له أبو عبيدة، وصلى خلفه في الجيش كله، وكانوا خمسمائة.
وتعرف هذه الغزوة، بغزوة ذات السلاسل، وولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمان، فلم يزل عليها حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم، وولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بعد موت يزيد ابن أبي سفيان، فلسطين والأردن، ثم عزله، وكتب إليه بالمسير إلى مصر، فسار إليها في جيش فافتتحها، ولم يزل عليها حتى مات عمر رضي الله عنه، وأقره عثمان رضي الله عنه عليها أربع سنين أو نحوها، ثم عزله وولاها عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وكان ذلك بدء الشر بين عمرو وعثمان، واعتزل عمرو عثمان، ونزل في ناحية فلسطين، وكان يأتي المدينة أحيانا، ويطعن في خلال ذلك على عثمان، فلما قتل عثمان، سار إلى معاوية باستجلابه إياه، وشهد صفين معه، وكان منه بصفين وفي التحكيم ما هو عند أهل العلم بأيام الناس معلوم. ثم ولاه مصر، فلم يزل عليها إلى أن مات بها أميرا عليها. انتهى.
وروى له عن النبي صلى الله عليه وسلم، سبعة وثلاثون حديثا، اتفق البخاري ومسلم منها على ثلاثة، وروى له البخاري بعض حديث، وروى له مسلم حديثين.
وروى عنه أبو عثمان النهدى، وقيس بن أبي حازم، وعروة بن الزبير، وجماعة. روى له الجماعة.
وله فضائل وأخبار حسنة كثيرة، منها على ما قال آدم، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ابنا العاص مؤمنان، عمرو وهشام» .
ومنها [ .... ] وأما حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أسلم الناس، وآمن عمرو بن العاص» فضعيف.
لأن الترمذي لما أخرجه، قال: لا يعرف إلا من حديث ابن لهيعة، وإسناده ليس بالقوى.
قال ابن عبد البر: وكان عمرو بن العاص رضي الله عنه من فرسان قريش وأبطالهم في الجاهلية، مذكورا بذلك فيهم وكان شاعرا حسن الشعر، حفظ عنه منه الكثير في مشاهد شتى. ومن شعره في أبيات له يخاطب بها عمارة بن الوليد بن المغيرة عند النجاشى [من الطويل]:

وكان عمرو بن العاص رضي الله عنه، أحد الدهاة في أمور الدنيا، المقدمين في الرأي والمكر والدهاء، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إذا ستضعف رجلا في عقله ورأيه، قال: أشهد أن خالقك وخالق عمرو واحد، يريد خالق الأضداد.
وقال مجالد عن الشعبي: دهاة العرب أربعة: معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وزياد. فأما معاوية فللأناة والحلم، وأما عمرو فللمعضلات، وأما المغيرة بن شعبة، فللمداهنة، وأما زياد فللصغير وللكبير.
وقال أبو عمر بن عبد البر: ذكروا أنه جعل لرجل ألف درهم، على أن يسأل عمرو ابن العاص عن أمه وهو على المنبر، فسأله، فقال: أمي سلمى بنت حرملة، تلقب النابغة، من بنى عنزة، ثم أحد بنى جلان، أصابتها رماح العرب، فبيعت بعكاظ، فاشتراها
الفاكه بن المغيرة، ثم اشتراها منه عبد الله بن جدعان، ثم صارت إلى العاص بن وائل، فولدت له فأنجبت، فإن كان جعل لك شيء فخذه.
قال موسى بن علي بن رباح، عن أبيه: سمعت عمرو بن العاص يقول: لا أمل ثوبى ما وسعنى، ولا أمل زوجتى إذا أحسنت عشرتى، ولا أمل دابتى ما حملتنى، إن الملال من سيئ الأخلاق.
وقال أبو أمية بن يعلى، عن علي بن زيد بن جدعان، قال رجل لعمرو بن العاص: صف لي الأمصار، قال: أهل الشام، أطوع الناس للمخلوق وأعصاه للخالق. وأهل مصر، أكيسهم صغارا وأحمقهم كبارا.
وأهل الحجاز، أسرع الناس إلى الفتنة وأعجزهم فيها. وأهل العراق، أطلب الناس للعلم وأبعدهم منه. انتهى.
قال ابن عبد البر: ولما حضرته الوفاة، قال: اللهم إنك أمرتنى بأمور فلم أئتمر، وزجرتنى فلم أنزجر.
ووضع يده في موضع الغل، فقال: اللهم لا أنا قوى فأنتصر، ولا برئ فأعتذر، ولا مستكبر بل مستغفر، لا إله إلا أنت، فلم يزل يرددها حتى مات. انتهى.
واختلف في تاريخ موته، فقيل: مات سنة اثنتين وأربعين، قاله خليفة وأبو عبيد، وقيل: سنة ثلاث وأربعين، قاله الواقدي، والليث بن سعد، والمدائنى، ويحيى بن بكير، ويحيى بن معين، وجماعة.
قال بعضهم: يوم الفطر وقال بعضهم: ليلة الفطر. وقيل: مات سنة ست وأربعين، ذكره ابن عبد البر. وقيل: سنة ثمان وأربعين، ذكره المزي في التهذيب. وقيل: إحدى وخمسين، حكاه ابن سعد، عن الهيثم بن عدي. وقال طلحة الكوفي عن أشياخه: مات سنة ثمان وخمسين، في خلافة معاوية رضي الله عنه. وقال البخاري، عن الحسن بن رافع، عن ضمرة بن ربيعة: مات سنة إحدى أو اثنتين وستين، في خلافة يزيد، ذكر هذه الأقوال المزي في التهذيب.
واختلف في سنه رضي الله عنه، فقال ابن بكير: سنه نحو مائة سنة. وقال الواقدي: وهو ابن تسعين. وقال العجلي: وهو ابن تسع وتسعين. وقال ابن عبد البر: وكان له يوم مات تسعون سنة، ودفن بالمقطم من ناحية الفخ، وصلى عليه ابنه عبد الله، ثم رجع فصلى بالناس العيد، وولى مكانه. انتهى.
وقال عبد الرحمن بن شماسة: لما حضرت عمرو بن العاص رضي الله عنه الوفاة، بكى، فقال له ابنه عبد الله: لم تبك أجزعا من الموت؟ قال: لا والله، ولكن لما بعده، وذكر ما تلبس به من الأمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال عمرو رضي الله عنه: فإذا مت، فلا تبكين على باكية، ولا يتبعنى مادح، ولا نار، وشدوا على إزارى، فإني مخاصم، وشنوا على التراب شنا، فإن جنبى الأيمن ليس أحق بالأيسر، ولا تجعلن في قبرى خشبة ولا حجرا، وإذا واريتمونى فاقعدوا عندي قدر نحر جزور وتقطيعها، أستانس بكم. انتهى.
وقال الذهبي: خلف أموالا عظيمة، من ذلك سبعين رقبة بعير مملوءة ذهبا. كان معاوية رضي الله عنه، قد أطلق له خراج الديار المصرية ست سنين، شارطه على ذلك لما أعانه على وقعة صفين. انتهى. وكان قصيرا يخضب بالسواد.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 5- ص: 1

عمرو بن العاص بن وائل السهمي أبو عبد الله
له صحبة أصله مكي ثم جاء إلى المدينة ثم سكن مصر ومات بها سمعت أبي يقول ذلك قال أبو محمد روى عنه ابنه عبد الله بن عمرو وأبو عثمان النهدي وعلي بن رباح وأبو قيس مولى عمر وبن العاص وحبيب بن أبي أوس.

  • طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 6- ص: 1