الجاحظ عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ: كبير أئمة الأدب، ورئيس الفرقة الجاحظية من المعتزلة. مولده ووفاته في البصرة. فلج في آخر عمره. وكان مشوه الخلقة. ومات والكتاب على صدره. قتلته مجلدات من الكتب وقعت عليه. له تصانيف كثيرة، منها (الحيوان- ط) أربعة مجلدات، و (البيان والتبيين- ط) و (سحر البيان- خ) و (التاج- ط) ويسمى أخلاق الملوك، و (البخلاء- ط) و (المحاسن والأضداد- ط) و (التبصر بالتجارة- ط) رسالة نشرت في مجلة المجمع العلمي العربي، و (مجموع رسائل- ط) اشتمل على أربع، هي: المعاد والمعاش، وكتمان السر وحفظ اللسان، والجد والهزل، والحسد والعداوة. وله (ذم القواد- ط) رسالة صغيرة، و (تنبيه الملوك- خ) في 440 ورقة، و (الدلائل والاعتبار على الخلق والتدبير- ط) و (فضائل الأتراك- ط) و (العرافة والفراسة- خ) و (الربيع والخريف- ط) و (الحنين إلى الأوطان- ط) رسالة. و (النبي والمتنبي) و (مسائل القرآن) و (العبر والاعتبار في النظر في معرفة الصانع وإبطال مقالة أهل الطبائع- خ) و (فضيلة المعتزلة) و (صياغة الكلام) و (الأصنام) و (كتاب المعلمين) و (الجواري) و (النساء) و (البلدان) و (جمهرة الملوك) و (كتاب المغنين) و (الاستبداد والمشاورة في الحرب). ولأبي حيان التوحيدي كتاب في أخباره سماه (تقريظ الجاحظ) اطلع عليه ياقوت. ولشفيق جبري (الجاحظ معلم العقل والأدب- ط) ولحسن السندوبي (أدب الجاحظ- ط) ولفؤاد أفرام البستاني (الجاحظ- ط) ومثله لحنا الفاخوري.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 74
الجاحظ المتكلم الأديب اسمه عمرو بن بحر.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 11- ص: 0
عمرو بن بحر بن محبوب أبو عثمان الجاحظ مولى أبي القلمس عمرو بن قلع الكناني ثم الفقيمي أحد النساء. قال يموت بن المزرع: الجاحظ خال أمي. وكان جد الجاحظ أسود يقال له فزارة، وكان جمالا لعمرو بن قلع الكناني. وقال أبو القاسم البلخي: الجاحظ كناني من أهل البصرة. وكان الجاحظ من الذكاء وسرعة الخاطر والحفظ بحيث شاع ذكره وعلا قدره واستغنى عن الوصف.
قال المرزباني، حدث المازني قال: حدثني من رأى الجاحظ يبيع الخبز والسمك بسيحان. قال الجاحظ: أنا أسن من أبي نواس بسنة، ولدت في أول سنة خمسين ومائة وولد في آخرها. مات الجاحظ سنة خمس وخمسين ومائتين في خلافة المعتز وقد جاوز التسعين. سمع من أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري، وأخذ النحو عن الأخفش أبي الحسن وكان صديقه، وأخذ الكلام عن النظام، وتلقف الفصاحة من العرب شفاها بالمربد. وحدثت أن الجاحظ قال: نسيت كنيتي ثلاثة أيام حتى أتيت أهلي فقلت لهم: بم أكنى؟ فقالوا: بأبي عثمان. وحدث أبو هفان قال: لم أر قط ولا سمعت من أحب الكتب والعلوم أكثر من الجاحظ فانه لم يقع بيده كتاب قط إلا استوفى قراءته كائنا ما كان حتى إنه كان يكتري دكاكين الوراقين ويبيت فيها للنظر، والفتح بن خاقان فانه كان يحضر لمجالسة المتوكل فإذا أراد القيام لحاجة أخرج كتابا من كمه أو خفه وقرأه في مجلس المتوكل إلى حين عوده إليه حتى في الخلاء، وإسماعيل بن إسحاق القاضي فإني ما دخلت إليه إلا رأيته ينظر في كتاب أو يقلب كتبا أو ينفضها.
وقال المرزباني، قال أبو بكر أحمد بن علي: كان أبو عثمان الجاحظ من أصحاب النظام وكان واسع العلم بالكلام كثير التبحر فيه شديد الضبط لحدوده ومن أعلم الناس به وبغيره من علوم الدين والدنيا، وله كتب كثيرة مشهورة جليلة في نصرة الدين وفي حكاية مذهب المخالفين، والآداب والأخلاق، وفي ضروب من الجد والهزل، وقد تداولها الناس وقرأوها وعرفوا فضلها، وإذا تدبر العاقل المميز أمر كتبه علم أنه ليس في تلقيح العقول وشحذ الأذهان ومعرفة أصول الكلام وجواهره وايصال خلاف الاسلام ومذاهب الاعتزال إلى القلوب كتب تشبهها. والجاحظ عظيم القدر في المعتزلة وغير المعتزلة من العلماء الذين يعرفون الرجال ويميزون الأمور.
قال المرزباني: وكان الجاحظ ملازما لمحمد بن عبد الملك خاصا به، وكان منحرفا عن أحمد بن أبي داود للعداوة بين أحمد ومحمد، ولما قبض على محمد هرب الجاحظ، فقيل له: لم هربت؟ فقال: خفت أن أكون ثاني اثنين إذ هما في التنور، يريد ما صنع بمحمد وإدخاله تنور حديد فيه مسامير كان هو صنعه ليعذب الناس فيه فعذب هو فيه حتى مات، يعني محمد بن الزيات.
وحدث علي بن محمد الوراق قال: من كتاب الجاحظ الى ابن الزيات: لا والله ما عالج الناس داء قط أدوى من الغيظ، ولا رأيت شيئا هو أنفذ من شماتة الأعداء، ولا أعلم بابا أجمع لخصال المكروه من الذل، ولكن المظلوم ما دام يجد من يرجوه، والمبتلى ما دام يجد من يرثي له، فهو على سبب درك، وإن تطاولت به الأيام، فكم من كربة فادحة وضيقة مصمتة قد فتحت أقفالها وفككت أغلالها، ومهما
قصرت فيه فلم أقصر في المعرفة بفضلك وفي حسن النية بيني وبينك، لا مشتت الهوى، ولا مقسم الأمل، على تقصير قد احتملته، وتفريط قد اغتفرته، ولعل ذلك أن يكون من ديون الإدلال وجرائم الإغفال، ومهما كان من ذلك فلن أجمع بين الإساءة والإنكار، وإن كنت كما تصف من التقصير، وكما تعرف من التفريط، فإني من شاكري أهل هذا الزمان وحسن الحال متوسط المذهب، وأنا أحمد الله على أن كانت مرتبتك من المنعمين فوق مرتبتي في الشاكرين، وقد كانت علي بك نعمة أذاقتني طعم العز، وعودتني روح الكفاية، والموت هذا الدهر وجهد ... هذا قردا وخنزيرا ترك فيهما مشابه من الإنسان، ولما مسخ الله زماننا لم يترك فيه مشابه من الزمان.
وقال أبو عثمان: ليس جهد البلاء مد الأعناق وانتظار وقع السيف، لأن الوقت قصير، والحين مغمور، ولكن جهد البلاء أن تظهر الخلة، وتطول المدة، وتعجز الحيلة، ثم لا تعدم صديقا مؤنبا، وابن عم شامتا، وجارا حاسدا، ووليا قد تحول عدوا، وزوجة مختلعة، وجارية مسبعة، وعبدا يحقرك، وولدا ينتهرك.
وقال الجاحظ: إذا سمعت الرجل يقول ما ترك الأول للآخر شيئا فاعلم أنه ما يريد أن يفلح.
قال أبو حيان في «كتاب التقريظ» ومن خطه نقلت: وحدثنا أبو دلف الكاتب قال: صدر الجاحظ في ديوان الرسائل أيام المأمون ثلاثة أيام، ثم إنه استعفى فأعفي، وكان سهل بن هارون يقول: إن ثبت الجاحظ في هذا الديوان أفل نجم الكتاب.
قال أبو عبد الله المرزباني، حدث إسحاق الموصلي وأبو العيناء قال: كنت عند أحمد بن أبي دواد بعد قتل ابن الزيات، فجيء بالجاحظ مقيدا، وكان من أصحاب ابن الزيات وفي ناحيته، فلما نظر إليه قال: والله ما علمتك إلا متناسيا للنعمة كفورا للصنيعة معددا للمساوي، وما فتني باستصلاحي لك، ولكن الأيام لا تصلح منك إلا لفساد طويتك ورداءة دخلتك وسوء اختيارك وتغالب طبعك، فقال له الجاحظ: خفض عليك- أيدك الله- فو الله لأن يكون لك الأمر علي خير من أن يكون لي عليك، ولأن أسيء وتحسن أحسن عنك من أن أحسن عنك من أن أحسن فتسيء، وأن تعفو عني في حال قدرتك أجمل من الانتقام مني، فقال له ابن أبي داود: قبحك الله، ما علمتك إلا كثير تزويق الكلام، وقد جعلت بيانك أمام قلبك ثم اصطنعت فيه النفاق والكفر، ما تأويل هذه الآية {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} قال تلاوتها تأويلها، أعز الله القاضي، فقال: جيئوا بحداد، فقال: أعز الله القاضي ليفك عني أو ليزيدني؟ فقال: بل ليفك عنك، فجيء بالحداد، فغمزه بعض أهل المجلس أن يعنف بساق الجاحظ ويطيل أمره قليلا، فلطمه الجاحظ وقال: اعمل عمل شهر في يوم، وعمل يوم في ساعة، وعمل ساعة في لحظة، فإن الضرر على ساقي وليس بجذع ولا ساجة، فضحك ابن أبي دواد وأهل المجلس منه. وقال ابن أبي داود لمحمد بن منصور وكان حاضرا: أنا أثق بظرفه ولا أثق بدينه، ثم قال: يا غلام صر به إلى الحمام وأمط عنه الأذى، واحمل إليه تخت ثياب وطويلة وخفا، فلبس ذلك ثم أتاه فتصدر في مجلسه، ثم أقبل عليه وقال: هات الآن حديثك يا أبا عثمان.
ومن شعر الجاحظ في ابن أبي داود:
وعويص من الأمور بهيم | غامض الشخص مظلم مستور |
قد تسنمت ما توعر منه | بلسان يزينه التحبير |
مثل وشي البرود هلهله النس | ج وعند الحجاج در نثير |
حسن الصمت والمقاطع إما | نصت القوم والحديث يدور |
ثم من بعد لحظة تورث اليس | ر وعرض مهذب موفور |
لا تراني وإن تطاولت عمدا | بين صفيهم وأنت تسير |
كلهم فاضل علي بمال | ولساني يزينه التحبير |
فإذا ضمنا الحديث وبيت | وكأني على الجميع أمير |
رب خصم أرق من كل روح | ولفرط الذكا يكاد يطير |
فإذا رام غايتي فهو كاب | وعلى البعد كوكب مبهور |
بدا حين أثرى باخوانه | ففلل عنهم شباة العدم |
وذكره الدهر صرف الزمان | فبادر قبل انتقال النعم |
فتى خصه الله بالمكرمات | فمازج منه الحيا بالكرم |
ولا ينكت الأرض عند السؤال | ليقطع زواره عن نعم |
نسب الجماز مقصو | ر إليه منتهاه |
تنتهي الأحساب بالنا | س ولا تعدو قفاه |
يا فتى نفسه إلى ال | كفر بالله تائقه |
لك في الفضل والتزه | د والنسك سابقه |
قال عمرو مفاخرا | نحن قوم من العرب |
قلت في طاعة لرب | ك أبليت ذا النسب |
تأبى لأعصر أعراق مهذبة | من أن تناسب قوما غير أكفاء |
فإن يكن ذاك حتما لا مرد له | فاذكر حذيف فإني غير أباء |
يطيب العيش أن تلقى حليما | غذاه العلم والرأي المصيب |
ليكشف عنك حيلة كل ريب | وفضل العلم يعرفه الأريب |
سقام الحرص ليس له شفاء | وداء البخل ليس له طبيب |
إن حال لون الرأس عن لونه | ففي خضاب الرأس مستمتع |
هب من له شيب له حيلة | فما الذي يحتاله الأصلع |
وحديث ألذه هو مما | ينعت الناعتون يوزن وزنا |
منطق صائب وتلحن أحيا | نا وخير الحديث ما كان لحنا |
ولقد لحنت لكم لكيما تفهموا | ووحيت وحيا ليس بالمرتاب |
وعهدي به والله يصلح أمره | رحيب مجال الرأي منبلج الصدر |
فلا جعل الله الولاية سبة | عليه فإني بالولاية ذو خبر |
فقد جهدوه بالسؤال وقد أبى | به المجد إلا أن يلج ويستشري |
إذا هتف القمري نازعني الهوى | بشوق فلم أملك دموعي من الوجد |
أبى الله إلا أن يفرق بيننا | وكنا كماء المزن شيب مع الشهد |
لقد كان ما بيني زمانا وبينها | كما كان بين المسك والعنبر الورد |
بخدي من قطر الدموع ندوب | وبالقلب مني مذ نأيت وجيب |
ولي نفس حتى الدجى يصدع الحشا | ورجع حنين للفؤاد مذيب |
ولي شاهد من ضر نفسي وسقمه | يخبر عني إنني لكئيب |
كأني لم أفجع بفرقة صاحب | ولا غاب عن عيني سواك حبيب |
عقم النساء فلا يلدن شبيهه | إن النساء بمثله عقم |
أقام بدار الخفض راض بخفضه | وذو الحزم يسري حين لا أحد يسري |
يظن الرضى شيئا يسيرا مهونا | ودون الرضى كأس أمر من الصبر |
سواء على الأيام صاحب حنكة | وآخر كاب لا يريش ولا يبري |
خضعت لبعض القوم أرجو نواله | وقد كنت لا أعطي الدنية بالقسر |
فلما رأيت المرء يبذل بشره | ويجعل حسن البشر واقية الوفر |
ربعت على ظلعي وراجعت منزلي | فصرت حليفا للدراسة والفكر |
وشاورت إخواني فقال حليمهم | عليك الفتى المري ذا الخلق الغمر |
أعيذك بالرحمان من قول شامت | «أبو الفرج المأمول يزهد في عمرو» |
ولو كان فيه راغبا لرأيته | كما كان دهرا في الرخاء وفي اليسر |
أخاف عليك العين من كل حاسد | وذو الود منخوب الفؤاد من الذعر |
فإن ترع ودي بالقبول فأهله | ولا يعرف الأقدار غير ذوي القدر |
أترجو أن تكون وأنت شيخ | كما قد كنت أيام الشباب |
لقد كذبتك نفسك ليس ثوب | دريس كالجديد من الثياب |
في العلم للعلماء إن | يتفهموه مواعظ |
وإذا نسيت وقد جمع | ت علا عليك الحافظ |
ولقد رأيت الظرف ده | را ما حواه اللافظ |
حتى أقام طريقه | عمرو بن بحر الجاحظ |
ثم انقضى أمد به | وهو الرئيس الفائظ |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 5- ص: 2101
الجاحظ العلامة المتبحر، ذو الفنون، أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب البصري، المعتزلي، صاحب التصانيف. أخذ عن: النظام.
وروى عن: أبي يوسف القاضي، وثمامة بن أشرس.
روى عنه: أبو العيناء، ويموت بن المزرع -ابن أخته، وكان أحذ الأذكياء.
قال ثعلب: ما هو بثقة.
وقال يموت: كان جده جمالا أسود.
وعن الجاحظ: نسيت كنيتي ثلاثة أيام، حتى عرفني أهلي.
قلت: كان ماجنا، قليل الدين، له نوادر.
قال المبرد: دخلت عليه، فقلت: كيف أنت؟ قال: كيف من نصفه مفلوج، ونصفه الآخر منقرس؟ لو طار عليه ذباب لآلمه، والآفة في هذا أني جزت التسعين. وقيل: طلبه المتوكل، فقال: وما يصنع أمير المؤمنين بشق مائل، ولعاب سائل؟!
قال ابن زبر: مات سنة خمسين ومائتين. وقال الصولي: مات سنة خمس وخمسين ومائتين.
قلت: كان من بحور العلم، وتصانيفه كثيرة جدا. قيل: لم يقع بيده كتاب قط إلا استوفى قراءته، حتى إنه كان يكتري دكاكين الكتبيين، ويبيت فيها للمطالعة، وكان باقعة في قوة الحفظ.
وقيل: كان الجاحظ ينوب عن إبراهيم بن العباس الصولي مدة في ديوان الرسائل.
وقال في مرضه للطبيب: اصطلحت الأضداد على جسدي، إن أكلت باردا، أخذ برجلي، وإن أكلت حارا، أخذ برأسي.
ومن كلام الجاحظ إلى محمد بن عبد الملك: المنفعة توجب المحبة، والمضرة توجب
البغضة، والمضادة عداوة، والأمانة طمأنينة، وخلاف الهوى يوجب الاستثقال، ومتابعته توجب الألفة. العدل يوجب اجتماع القلوب، والجور يوجب الفرقة. حسن الخلق أنس، والانقباض وحشة، التكبر مقت، والتواضع مقة، الجود يوجب الحمد، والبخل يوجب الذم، التواني يوجب الحسرة، والحزم يوجب السرور، والتغرير ندامة، ولكل واحدة من هذه إفراط وتقصير، وإنما تصح نتائجها إذا أقيمت حدودها. فإن الإفراط في الجود تبذير، والإفراط في التواضع مذلة، والإفراط في الغدر يدعو إلى أن لا تثق بأحد، والإفراط في المؤانسة يجلب خلطاء السوء.
وله: وما كان حقي -وأنا واضع هذين الكتابين في خلق القرآن، وهو المعنى الذي يكثره أمير المؤمنين ويعزه، وفي فضل ما بين بني هاشم، وعبد شمس ومخزوم- إلا أن أقعد فوق السماكين، بل فوق العيوق، أو أتجر في الكبريت الأحمر، وأقود العنقاء بزمام إلى الملك الأكبر.
وله كتاب ’’الحيوان’’ سبع مجلدات، وأضاف إليه كتاب ’’النساء’’، وهو فرق ما بين الذكر والأنثى، وكتاب ’’البغال’’، وقد أضيف إليه كتاب، سموه كتاب ’’الجمال’’ ليس من كلام الجاحظ، ولا يقاربه.
قال رجل للجاحظ: ألك بالبصرة ضيعة؟ قال: فتبسم، وقال: إنما إناء وجارية ومن يخدمها، وحمار، وخادم، أهديت كتاب ’’الحيوان’’ إلى ابن الزيات، فأعطاني ألفي دينار، وأهديت إلى فلان فذكر نحوا من ذلك. يعني: أنه في خير وثروة.
قال يموت بن المزرع: سمعت خالي يقول: أمليت على إنسان مرة: أخبرنا عمرو، فاستملى: أخبرنا بشر، وكتب: أخبرنا زيد.
قلت: يظهر من شمائل الجاحظ أنه يختلق.
قال إسماعيل الصفار: حدثنا أبو العيناء، قال: أنا والجاحظ وضعنا حديث فدك، فأدخلناه على الشيوخ ببغداد، فقلبوه إلا ابن شيبة العلوي، فإنه قال: لا يشبه آخر هذا الحديث أوله ثم قال: الصفار كان أبو العيناء يحدث بهذا بعدما تاب.
قيل للجاحظ: كيف حالك؟ قال: يتكلم الوزير برأيي، وصلات الخليفة متواترة إلي، وآكل من الطير أسمنها، وألبس من الثياب ألينها، وأنا صابر حتى يأتي الله بالفرج. قيل: بل الفرج ما أنت فيه. قال: بل أحب أن ألي الخلافة، ويختلف إلي محمد بن عبد الملك -يعني: الوزير -وهو القائل:
سقام الحرص ليس له دواء | وداء الجهل ليس له طبيب |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 9- ص: 413
عمرو بن بحر الجاحظ العلامة أبو عثمان صاحب الكتب التي لم يسبقه إلى تأليفها أحد من نظرائه، ولا يلحق به غيره إن شاء الله، وهو مقتدر على الشعر، وكثير القول، وسراق فيه حدثني أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكشي رحمه الله قال: حدثني إبراهيم بن رياح بن شبيب قال: مدحني حمدان بن أبان بن عبد الحميد اللاحقي بشعر فيه هذان البيتان:
بدا حسين أثرى بأخوانه | قفلل عنهم شباة العدم |
وذكره الحزم غب الأمو | ر فبادر قبل انتقال النعم |
دار النشر مكتبة الخانجي-ط 1( ) , ج: 1- ص: 0
عمرو بن بحر الجاحظ. صاحب التصانيف التي منها كتاب «نظم القرآن» وكتاب «المسائل في القرآن».
روى عنه أبو بكر بن أبي داود فيما قيل، قال ثعلب: ليس بثقة ولا مأمون، قال الذهبي: وكان من أئمة البدع، انتهى.
قال الجاحظ في كتاب البيان: «لما قرأ المأمون كتبي في الإمامة فوجدها على ما أخبر به، وصرت إليه- وقد كان أمر اليزيدي بالنظر فيها ليخبره عنها- قال لي: كان بعض من يرتضى عقله، ويصدق خبره، خبرنا عن هذه الكتب بإحكام الصنعة، وكثرة الفائدة، فقلنا قد تربي الصفة على العيان، فلما رأيتها رأيت العيان قد أربى على الصفة، فلما فليتها أربى الفلى على العيان، وهذا كتاب لا يحتاج إلى حضور صاحبه، ولا يفتقر إلى المحتجين عنه، وقد جمع استقصاء المعاني واستيفاء جميع الحقوق مع اللفظ الجزل والمخرج السهل، فهو سوقي ملوكي وعامي خاصي.
وهذه والله صفة كتب الجاحظ كلها، فسبحان من أضله على علم.
قال المسعودي: «توفي سنة خمس وخمسين ومائتين وقيل: سنة ست وخمسين، مات الجاحظ بالبصرة ولا يعلم أحد من الرواة وأهل العلم أكثر كتبا منه، وحكى يموت بن المزرع عن الجاحظ- وكان خاله- أنه دخل عليه أناس وهو عليل فسألوه عن حاله، فقال:
عليل من مكانين | من الإفلاس، والدين |
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 0( 0000) , ج: 2- ص: 16
عمرو بن بحر الجاحظ، صاحب التصانيف. روى عنه أبو بكر بن أبي داود فيما قيل.
قال ثعلب: ليس بثقة ولا مأمون.
قلت: وكان من أئمة البدع.
دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان-ط 1( 1963) , ج: 3- ص: 247
عمرو بن بحر الجاحظ: قال ثعلب: ليس بثقة، ولا مأمون.
مكتبة النهضة الحديثة - مكة-ط 2( 1967) , ج: 1- ص: 301
الجاحظ
أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الكناني البصري. م سنة 255 هـ.
كان أحد النسابين.
ومن غريب ما يحكى عنه أنه قال: نسيت كنيتي ثلاثة أيام حتى أتيت أهلي، فقلت لهم: بم أكنى فقالوا: بأبي عثمان.
له: 1 - كتاب فخر القحطانية والعدنانية.
2 - كتاب الصرحاء والهجناء.
دار الرشد، الرياض-ط 1( 1987) , ج: 1- ص: 64
الجاحظ
وأما أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الجاحظ؛ فإنه كان عالماً بالأدب فصيحاً بليغاً، مصنفاً في فنون العلوم، وكان من أئمة المعتزلة، تلميذ أبي إسحاق النظام.
وذكر يموت بن المزرع أنه مولى أبي القلمس عمرو بن قلع الكناني. ثم الفقيمي. قال وكان جد الجاحظ أسود، خال أمي.
وروى عن أبي يوسف القاضي، قال: تغذيت عند هارون الرشيد، فسقطت من يدي لقمة، انتثر ما كان عليها من الطعام، فقال: يا يعقوب، خذ لقمتك، فإن المهدي حدثني عن أبيه المنصور، عن أبيه محمد بن علي، عن علي بن عبد الله بن العباس رضي الله عنهم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أكل ما سقط من الخوان فرزق أولاداً كانوا صباحاً).
وقال أبو بكر العمري: سمعت الجاحظ يقول: نسيت كنيتي ثلاثة أيام، فأتيت أهلي، فقلت: بم أكنى؟ فقالوا: بأبي عثمان.
وقال أبو العباس المبرد: سمعت الجاحظ يقول لرجل آذاه: أنت والله أحوج إلى هوان، من كريم إلى إكرام، ومن علم إلى عمل، ومن قدرة إلى عفو، ومن نعمة إلى شكر.
قال أبو سعيد الجنديسابوري: سمعت الجاحظ يصف اللسان، فقال: هو أداة يظهر بها البيان، وشاهد يعبر عن الضمير، وحاكم يفصل الخطاب، وناطق يرد به الجواب، وشافع تدرك به الحاجة، وواصف تعرف به الأشياء، وواعظ ينهى عن القبيح، ومعزر يرد الأحزان، ومتعذر يدفع الضغينة، ومله يونق الأسماع، وزارع ينبت المودة، وحاصد يستأصل العداوة، وشاكر يستوجب المزيد، ومادح يستحق الزلفة، ومؤنس يذهب الوحشة.
وروى أن الجاحظ كان يأكل مع محمد بن عبد الملك الزيات، فجاءوا بفالوذجة، فتولع محمد بالجاحظ، وأمر أن يجعل من جهته مارق من الجام، فأسرع في الأكل، فتنطف ما بين يديه، فقال له الزيات: تقشعت سماؤك قبل سماء الناس، فقال الجاحظ: لأن غيمها كان رقيقاً.
وروى أبو العيناء، قال: كنت عند ابن أبي داود بعد أن قتل بن زيات، فجيء بالجاحظ مقيداً - وكان في أسبابه وناحيته - فقال ابن أبي داود للجاحظ: ما تأويل هذه الآية: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)، فقال الجاحظ: تلاوتها تأويلها، فقال: جيئوا بالحداد، فقال: لتفكوا عني أو لتزيدوني؟ فقيل: بل ليفك عنك، فجيء بالحداد، فغمزه بعض أهل المجلس أن يعنف بساق الجاحظ، ويطيل أمره قليلاً، ففعل، فلطمه الجاحظ، وقال له: أعمل عمل سنة في يوم، وعمل يوم في ساعة، وعمل ساعة في لحظة؛ فإن الضرر على ساقي، وليس بجذع ولا ساجة؛ فضحك ابن أبي داود وأهل المجلس منه. وقال ابن أبي داود: أنا أثق بظرفه ولا أثق بدينه.
وروى المبرد أنه قال: دخلت على الجاحظ في آخر أيامه وهو عليل، فقلت له: كيف أنت؟ فقال: كيف يكون من نصفه مفلوج، ولو نشر بالمناشير لما أحس به، نصفه الآخر منقرس لو طار الذباب بقربه لآلمه، والأمر في ذلك أني قد جزت التسعين، وأنشدنا:
أترجو أن تكون وأنت شيخ | كما قد كنت أيام الشباب |
لقد كذبتك نفسك ليس ثوب | دريس كالجديد من الثياب |
مكتبة المنار، الزرقاء - الأردن-ط 3( 1985) , ج: 1- ص: 148
دار الفكر العربي-ط 1( 1998) , ج: 1- ص: 170
مطبعة المعارف - بغداد-ط 1( 1959) , ج: 1- ص: 132
عمرو بن بحر الجاحظ
قال ثعلب ليس بثقة ولا مأمون
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1986) , ج: 2- ص: 1