المحار عمر بن مسعود بن عمر المحار الكناني الحلبي، نزيل حماة، سراج الدين: شاعر، نعته ابن شاكر بالحكيم صاحب الموشحات، وأورد بعضها. له (ديوان شعر- خ). توفى في دمشق.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 66
المحار عمر بن مسعود.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 25- ص: 0
عمر بن مسعود بن عمر الأديب سراج الدين بن سعد الدين المحار، المعروف بالكتاني الحلبي.
استوطن حماة وأقام بها منتميا إلى بيت ملوكها: الملك المنصور وولده الملك المظفر وولده الملك الأفضل نور الدين علي، فأحسنوا إليه، وأسنوا له الجوائز.
كان شعره في حماة قد غلا سعره، وخلب قلوب ملوكها سحره. وكان سراجه فيها منيرا، وكتانيه فيها حريرا، وراح أو به فيها كالراح وراج، وأذكى فيها لهب السراج. وله موشحات شعرية موشعات، وقطعه فيها كأنها من بقايا النيل
مقطعات. لهج الناس بها في زمانه، ومالوا إلى ترجيح أوزانه. وغنى المغنون بها فأطربوا الأسماع، وجودوا فيها الضروب والإيقاع.
ولم يزل على حاله إلى أن انطفأ السراج، وبطل ما على حياته من الخراج.
وتوفي رحمه الله تعالى بحماة في سنة إحدى عشرة أو سنة اثنتي عشرة وسبع مئة ظنا.
أخبرني يحيى العامري الخباز الأديب، وكانت له به خصوصية، قال: كان كثيرا ما ينشد:
رب لحد قد صار لحدا مرارا | ضاحك من تزاحم الأضداد |
رأيته في المنام معتنقي | يا ليت ما في المنام لو كانا |
ثم انثنى معرضا فواعجبي | يهجرني نائما ويقظانا |
وأحدب أنكروا عليه وقد | سمي حساما وغير منكور |
ما لقبوه الحسام عن سفه | لو لم يروا قده القلاجوري |
بعثت نحوي المشط يا مالكي | فكدت أن تسلبني روحي |
وكيف لا تسلب روحي وقد | بعثت منشورا بتسريحي |
أرى لابن سعد لحية قد تكاملت | على وجهه واستقبلت غير مقبل |
ودارت على أنف عظيم كأنه | كبير أناس في بجاد مزمل |
يا حبذا وادي حماة وطيبه | وطلاوة العاصي به والجوسق |
فاتت منازه جلق فلأجل ذا الـ | ـشقراء تكبو خلفه والأبلق |
أنظر إلى النهر في تطرده | وصفوه قد وشى على السمك |
توهم الريح صيدها فغدا | ينسج متن الغدير كالشبك |
لنا مغن حسن وجهه | يطرب منه لحنه المعرب |
يرقص من يسمعه طيبة | وهكذا المرقص والمطرب |
قالوا: هوى بابن الأمير جواده | فقلوبنا كادت عليه تفطر |
فأجبتهم لا تعجبوا لوقوعه | إن السحاب إذا سرى يتقطر |
يا حبذا شكل إبريق تميل له | منا القلوب وتصبو نحوه الحدق |
يروق لي حين أجلوه ويعجبني | منه طلاوة ذاك الجسم والعنق |
كم قد شربت له ماء الحياة ولن | ينالني منه لا غص ولا شرق |
حتى غدا خجلا مما أقبله | وظل يرشح من أعطافه العرق |
يا حسن بهجة قنديل خلوت به | والليل قد أسبلت منه ستائره |
أضاء كالكوكب الدري متقدا | فراق باطنه نورا وظاهره |
تزيده ظلمة الليل البهيم سنا | كأنما الليل طرف وهو ناظره |
بروحي أفدي في الأنام معالجا | معاطفه أزهى من الغصن الغض |
يكلف عطفيه العلاج فيبسط الـ | ـقلوب إلى حبيه في ساعة القبض |
إذا ما امتطى لطفا مقيرة له | وأقعدها واحمر سالفه الفضي |
رأيت محياه وما في يمينه | كشمس تجلت دونها كرة الأرض |
فديت من في ظهرها حدبة | وهي بأخرى مثلها ناهده |
يحسبها الإنسان مع أنها | قائمة في مشيها قاعده |
وخلفها جارية رجلها | عن أختها فاضلة زائدة |
توقف في خدمتها وقفة الـ | ـوز وتطوي رجلها الواحده |
ولرب زامرة يهيج بزمرها | ريح البطون فليتها لم تزمر |
شبهت أنملها عن صرنايها | وقبيح مبسمها الشنيع الأبخر |
بخنافس قصدت كنيفا واغتدت | تسعى إليه على خيار الشنبر |
ويوم قال لي ملك البرايا | وبين يديه لوح من رخام |
أهل لك أن تشبهه بشيء | يروق بني الترسل والنظام |
فقلت رقيق ثلج في مدام | فقال ومثل برق في غمام |
وذاك أتم في التشبيه معنى | فقلت صدقت يا بدر التمام |
من ضل عن طرق المكارم والعلا | فليهتدي أنى سرى بسراجها |
عمر الذي بلغ البلاغة وارتقى | درجاتها وسرى على منهاجها |
أما الفضائل فهو بيت قصيدها | وطراز حلتها ودرة تاجها |
سارت فعطرت البلاد بنشرها | أخبار مرسلها وسبل فجاجها |
عذراء قلدها الشهاب جواهرا | من فكره غنيت به عن تاجها |
راقت معانيها برقة لفظها | كالراح أشرق نورها بزجاجها |
ذات لحن شجي | بتدي بما في الصدور |
كأنها جنح ليل | من تحت صبح منير |
تشدو بشعر فصيح | على لسان الحرير |
جسمي ذوى بالكمد والسهر | والوصب من جان |
بي غصن بان نضر | يسبيك منه الهيف |
يرتع فيه النظر | فزهره يقتطف |
الخد منه خفر | والجسم منه ترف |
قد جاءنا يعتذر | عذاره المنعطف |
ثم التوى كالزرد معبقري | معقربي ريحاني |
ظبي له مرتشف | كالسلسبيل البارد |
بدر علاه سدف | من ليل شعر وارد |
مقرطق مشنف | يختال في القلائد |
غصن نقا ينعطف | من لين قد مائد |
أما وحلي جيده | ورنة الخلاخل |
والضم من بروده | قد قضيب مائل |
والورد من خدوده | إذ نم في الغلائل |
لا كنت من صدوده | متصلا بعاذل |
نار الجوى لا تخمدي واستعري | وكذبي سلواني |
وانسكبي واطردي وانهمري | كالسحب أجفاني |
مولاي جفني ساهر | مؤرق كما ترى |
فلا خيال زائر | يطرقني ولا كرى |
إني عليك صابر | فما جزا من صبرا |
إن سح دمعي الهامر | فلا تلمه إن جرى |
جال الهوى في خلدي ومضمري | أضر بي كتماني |
مؤنبي فاتئد لا تفتر | وجنب عن عان |
إن زاد في الهجر وصد | رحت بصبري مرتدي |
عنه وإن طال الأمد | إلى ذرى محمد |
وكيف يخشى من قصد | ملكا عظيم المحتد |
فالملك المنصور قد | سما سماء الفرقد |
ثم استوى بأجرد مضمر | ومقضب يماني |
ذي شطب مهند وسمهري | مضطرب مران |
ملك علت هماته | من فوق هام المشتري |
وبخلت راحاته | سح السحاب الممطر |
وعوذت راياته | بمحكمات السور |
بدر بدت هالاته | مثل الصباح المسفر |
كالشهب في الأسعد والأقمر | في عذب تيجان |
يا ملكا دون الورى | تخبطه الممالك |
ومالكا إذا سرى | تحجبه الملائك |
بعض عطاك هل ترى | جادت به البرامك |
فاستجلها من عمرا | ثغر ثناها ضاحك |
لا تحتوى كالشهد كالسكر | كالضرب معاني |
ما ناحت الورق في الغصون إلا | هاجت على تغريدها لوعة الحزين |
هل ما مضى لي مع الحبايب آيب | بعد الصدود |
أم هل لأيامنا الذواهب واهب | بأن تعود |
مع كل مصقولة الترائب كاعب | هيفاء رود |
تفتر عن جوهر ثمين جلا أن | يجتلى يحمى بقضب من الجفون |
أحببته ناعم الشمائل مائل في | برده |
وبات من صدغه يريني نملا يسعى | إلى رضابه العاطر المصون |
فراش هدب الجفون نبلا أبلى | بها البشر |
ينتصف البدر من جبيني أصلا فقلت | لا قال ولا السحر من عيوني |
بتنا وما نال ما تمنى منها | طيب الوسن |
وكلما مال أو تثنى غنى | صوتا حسن |
ما تنقضي لوعة الحزين أصلا | ولو سلا إلا لضرب من الجنون |
قمت ولم تحظ بالوصال صالي | نار الجوى |
معذب البال في خبال بالي | من الهوى |
ولا توافق على انتقال قالي | يوم النوى |
وكن على مذهبي وديني ذلا=إذ | تبتلى واصبر على ذلة وهون |
معذبي نازح المزار زاري=على | القمر |
خلى فؤادي من الإسار ساري=على | خطر |
يقول والقلب في استعار عاري=من | مصطبر |
من أرسل السحر من جفوني نبلا=تقضي | على حشا المحبين بالمنون |
في ريقه لذة السلاف=لا في | كأس المدام |
رأيت لي منه في ارتشاف=شافي | من السقام |
أقول والصمت في اعتكاف=كافي | عند الملام |
يأتي تسليه عن يقين=قل لا=تغري البلا | علي فالوجد في الكمين |
جبينه الصبح في انبلاج=لاج | لشعره |
وقلب مضناه في ابتهاج=هاج | لهجره |
يرقب منه يوم انفراج=راج | لصبره |
ظبي به الليث في العرين=ولى | لو اجتلى عيونه بات في غبون |
وغادة في الهوى عداني=داني | وصالها |
لو أن دهري لها انتقاني=قاني | جمالها |
ما كان في الوجد قد شجاني=جاني | دلالها |
ولا جرت بالدما عيوني=وبلا=قد أخجلا | سواكب العارض الهتون |
مقلتها صيرت رشادي=شادي | بذكرها |
وسحرها صار في العباد=بادي | بنصرها |
وصار في الغور والوهاد=هادي | لأسرها |
فانظر تجدها دون العيون=كحلا=لا يصطلى | لها بنار السحر المبين |
تبدو بوجه مثل المرايا=رايى | فيه الهلال |
ألا ابن يحيى خير البرايا=رايا | إذا استحال |
طبع الليالي وللرعايا=عايى | صرف الليال |
يرد خطب الردى الحرون=سهلا=قد انجلى | وانبلجت سدفة الدجون |
يا سعد ملك قد استجلا=جلا | عنه العنا |
لأنه عندما تولى=ولى | عنه الخنا |
فمي بذكراه مذ تحلى=حلى | فيه الثنا |
وجاء بالجوهر الثمين=جزلا=حتى | اغتلى على عقود المدح الرصين |
فطرسه جامع الفرائد=رائد | إلى الصواب |
ولفظه زينة القصائد=صائد | فصل الخطاب |
وكله نخبة العقائد=قائد | الى العجاب |
وذكره صار في القرون=يتلى=حتى علا | منابر الأيك والغصون |
أقول للغيث في سحابه=حابه | في وبله |
فجوده للورى وشى به=شابه | في طله |
ولم يقم قط في منابه=نابه | من شكله |
أفاض من فضله المعين=سجلا=ملا الملا | وسار في بحره سفيني |
نظمي على رتبة الأفاضل=فاضل | ديباجه |
كأنه فيك بالأصائل=صائل | نواجه |
فانظر لمن صار في المحافل=آفل | سراجه |
ومن على ذروة الفنون=حلا=واستفلا | سواه في حمأة وطين |
موشحي رائق الطرائق=رائق | في فنه |
ما مثله قط في الخلائق=لائق | في وزنه |
إن عد يوما من النوافق=وافق | لوزنه |
فأنت فرد بلا قرين أملى | سرح العلا حتى انجلت ظلمة الظنون |
أرقت لبرق لاح من أرض حاجري | فأجرى دموعي من شؤون محاجري |
وهيج لي التذكار | فأضرمت الأفكار |
في قلب الكئيب | أو كادت تذيب |
نيران الوجيب | حشاشة الأشواق |
كتمت الهوى جهدي | وهل أنا كاتم |
وقد جد بي وجدي | وشوقي لازم |
ونمت بما عندي | دموع سواجم |
فما حيلتي والدمع يبدي سرائري | ويظهر ما جنت عليه ضمائري |
ولم يبق لي أنصار | سوى جلدي إن صار |
لقلبي جلد، وإلا فقد | براه الكمد وضاقت به الآفاق |
أعرت حمام البان | بعض توجعي |
فناحت على أفنان | وجدي ولم تعي |
ولو سقت الأغصان | فائض أدمعي |
لأورق منها كل ذاو وناضر | بما رويت من ماء جفني وناظري |
ولو كانت الأطيار | إذا نحت في الأسحار |
قبيل الصباح مثلي في النواح | ما راشت جناح ولا لبست أطواق |
فؤادي الذي أصماه | سهم من النوى |
فكابد ما يلقاه | من ألم الجوى |
وبي رشا لولاه | لم أدر ما الهوى |
ولا حل في قلبي سواه وناظري | فيا نفس جدي في هواه وخاطري |
ولا ترهبي الأخطار | عسى تدركي الأوطار |
فكم من هوى في نار الجوى | وحكم الهوى تذل له الأعناق |
دعاني إلى حبيه | خد مورد |
عليه لمن يجنيه | صدغ مزرد |
ومن جفنه يحميه | سيف مجرد |
فويلاه من تلك الجفون الفواتر | تصول على عشاقه ببواتر |
نضتها يد الأقدار | لمن يجتني الأزهار |
فيا من نظر سيوف الحور | بأيدي القدر تسل من الأحداق |
أسلت من البلوى | سيول مدامعي |
تنم يما تطوى | عليه أضالعي |
ولي كبد تكوى | بنار مطامعي |
فكن ناصري إن قل يا دمع ناصري | عسى عاذلي في الحب يصبح عاذري |
ومن يعشق الأقمار | ولم يكتم الأسرار |
يقاسي الولوع وفيض الدموع | ونار الضلوع كذا صفة العشاق |
تغيبت يا بدري فطالت دياجري | ولم أرج أنصاري وأنت مهاجري |
وما تنفع الأنصار | إذا زاغت الأبصار |
وبات الغمام، يبكي المستهام | وانجر الحمام إلى النوح بالأطواق |
خلائقك الحسنى | فتنت بها الورى |
ومقلتك الوسنى | سبت مني الكرى |
ومبسمك الأسنى | تنضد جوهرا |
وجفنك يحمي الريق منك بباتر | فيا باردا قد راح يحمى بفاتر |
ولو كانت الأزهار | وقد راقت الأسحار |
تروي عن شذاك وتحكي سناك | لكانت هناك، حدائقها الأحداق |
حبيبي قد أضحى | هواك منيتي |
ولي كبد قرحى | لعظم بليتي |
وجاء الذي يلحى | تمام مصيبتي |
فإن قلت إني في الهوى غير جائر | فما ضر لو أصبحت بالوصل جابري |
وإلا فكم من جار | على ذي غرام جار |
ولا يختصر ولا يقتصر حتى ينتصر | على الصب بالأشواق |
يقرر في هجري | دليل دلاله |
ويمنع مع فقري | جميل جماله |
وينكر مع ضري | وصول وصاله |
ويقدم في سفك الدما غير قاصر | بقسوة فتاك اللواحظ قاسر |
وقد أصبح الخطار | إذا ماس في أخطار |
يشكو ما دهي إلى ملده | ومن قده يشكو الغصن في الأوراق |
له مبسم ألمى | حلا وهو بارد |
به اتسقت نظما | لآلي فرائد |
إلى رشفه نظمأ | وما ثم وارد |
وقد دار في خد من الورد ناضر | له عارض قد راق في كل ناظر |
له خبر قد طار | وقد ملا الأقطار |
فما ينكر لما يشكر | ولا يذكر إلا فاق في الآفاق |
تجنى وما أبقى | وسر معاندي |
ورق لما ألقى | من السقم عائدي |
وجفناه قد شقا | حبالة صائد |
وهل يكتفي صب نوافث سامر | بقلب سليب فاقد الصبر حاسر |
ومن ذا الذي قد ثار | وحاول أخذ الثار |
من سهم مرق بطرف رمق | وسحر الحدق لوا نصره خفاق |
دار الفكر المعاصر، بيروت - لبنان / دار الفكر، دمشق - سوريا-ط 1( 1998) , ج: 3- ص: 662
المحار سراج الدين عمر بن مسعود.
دار الفكر المعاصر، بيروت - لبنان / دار الفكر، دمشق - سوريا-ط 1( 1998) , ج: 4- ص: 191
عمر بن مسعود بن عمر الأديب سراج عمر بن مسعود بن عمر الأديب سراج الدين المحار الحلبى نزيل حماة الكتانى الشاعر المشهور تعانى الآداب ونظم الموشحات ففاق فيها وله شعر حسن فمنه
انظر إلى النهر في تطرده | وصفوه قد وشى على السمك |
توهم الريح صيدها فغدا | ينسج متن الغدير كالشبك |
قالوا هوى بابن الأمير جواده | فقلوبنا كادت عليه تفطر |
فأجبتهم لا تعجبوا لوقوعه | إن السحاب إذا سرى يتقطر |
أرى لابن سعد لحية قد تكاملت | على وجهه واستقبلت غير مقبل |
ودارت على أنف عظيم كأنه | كبير أناس في بجاد مزمل |
مجلس دائرة المعارف العثمانية - صيدر اباد/ الهند-ط 2( 1972) , ج: 2- ص: 0