السراج الوراق عمر بن محمد بن حسن، أبو حفص، سراج الدين الوراق: شاعر مصر في عصره. كان كاتبا لواليها الأمير يوسف بن سباسلار. له (ديوان شعر) كبير، في سبعة مجلدات، اختار منه الصفدي (لمع السراج- خ) وله (نظم درة الغواص- خ). توفى بالقاهرة.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 63
السراج الوراق، عمر بن محمد يأتي ذكره -إن شاء الله- تعالى في حرف العين في مكانه.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 15- ص: 0
السراج الوراق عمر بن محمد بن حسن، سراج الدين الوراق.
الشاعر المشهور، والبارع المذكور: أديب أجاد المقاطيع، والقصائد، وأتى بدرر نظمه، الذي ما خرجت بمثله النحور والقلائد، لا أرى أحدا في المتأخرين يلحق شأوه، بل ولا في المتقدمين من لبنات أفكاره معه جلوة، وملأ الطروس لؤلؤا نثيرا.
وقفت بالقاهرة على ديوانه بخطه وهو في سبعة أجزاء كبار ضخمة إلى الغاية، هذا الذي اختاره هو لنفسه وأثبته، فلعل الأصل كان من حساب خمسة عشر مجلدا، وكل مجلد يكون مجلدين، فهذا الرجل أقل ما يكون ديوانه لو ترك جيده ورديئه في ثلاثين مجلدا، وخطه في غاية الحسن من القوة والأصالة.
ثم إني طالعت هذا الديوان من أوله إلى آخره فلم أر فيه ما أنكره في عربية أو لغة أو غير ذلك، وهو كثير الغوص، حسن التخيل، جيد المقاصد، صحيح المعاني، عذب التركيب، فصيح الألفاظ، ممكن القوافي، قاعد التورية والاستخدام، عارف بالبديع وأنواعه، أجاد فنون الشعر جميعها.
وقد اخترت ديوانه المذكور في مجلدة واحدة وسميتها: ’’لمع السراج’’ وكانت بينه وبين شعراء عصره مجاراة قامت ومباراة فاقت، وبعض أهل عصرنا عليه غزارة وعيون كلامه ما فيها إلا ويستحق واحوراره ويعرف هذا الرجل بين أهل المفاهم كما يعرف المجرمون بسيماهم، وقلت فيه قديما مضمنا:
سرق الأديب محاسن الوراق | بما خطه المسكين في الأدراج |
فغدا ولا شعر بخط أسير | عريان يمشي في الدجى بسراج |
ومن رآني والحمار مركبي | وزرقتي للروم عرق قد ضرب |
قال وقد أبصر وجهي مقبلا: | لا فارس الخيل ولا وجه العرب |
هي غرس الوقود فاذكر سراجا | بات يشكو مس الهوى والهوان |
عنده القمح من نداك فعين | ما تريد الحواء غير النشان |
وها أنا حائر في ليل خطب | تساوي الصبح فيه والمساء |
فلا أنا مثلها أدعى سراج | ولا هو مثلها يدعى ضياء |
أمولانا ضياء الدين دم لي | وعش فبقاء مولانا بقائي |
فلولا أنت ما أغنيت شيئا | وما يغني السراج بلا ضياء |
وكنت حبيبا إلى الغانيات | فألبسني الشيب بغض الرقيب |
وكنت سراجا بليل الشباب | فأطفأ نوري نهار المشيب |
فعبدة البيت قالت | صرت كس البيت |
يا مسلمين من رأيت | من تحتها ما رأيت |
في الوش قاعد وذا | راقد بحال الميت |
معي سراج لا فتيلة | لو كان فيه زيت |
إن الجهاورة الملوك تبوأوا | شرفا جرى معه السماك جنيبا |
فإذا دعوت وليدهم لعظيمة | لباك رقراق السماح أريبا |
همم تعاقبها النجوم وقد تلا | في سؤدد منها العقيب عقيبا |
ومحاسن تندى دقائق ذكرها | فتكاد توهمك المديح نسيبا |
ولما قضينا ما عنانا قضاؤه | وكل بما أوليت داع ملحف |
رأيناك في أعلى المصلى كأنما | تطلع من محراب داود يوسف |
بيني وبينك ما لو شئت لم يضع | سر إذا داعب الأسرار لم يذع |
فيا بائعا حظه مني ولو بذلت | لي الحياة بحظي منه لم أبع |
ويكفيك أنك إن حملت قلبي ما | لم تستطعه قلوب الناس يستطع |
وأحمل واستطل أصبر وعز أهن | وول أقبل وقل أسمع ومر أطع |
ألم يأن أن يبكي الغمام على مثلي | ويطلب ثأري الرق منصلت النصل |
وهلا أقامت أنجم مأتما | لتندب في الآفاق ما ضاع من نبلي |
أمقتولة الأجفان مالك والها | ألم ترك الأيام نجما هوى قبلي |
ولله فينا علم غيب وحسبنا | به عند جور الدهر من حكم عدل |
وفي أم موسى عبرة إذ رمت به | إلى أليم في التابوت فاعتبري وابتلي |
ولقد شكوتك بالضمير إلى الهوى | ودعوت من حنق عليك فأمنا |
منيت نفس من صفاتك ضلة | ولقد تغر المرء بارقة المنى |
إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا | والجو طلق ووجه الروض قد راقا |
وللنسيم أعلال في أصايله | كأنه رق لي فاعتل إشفاقا |
والروض عن مائه الفض مبتسم | كما شققت عن اللبات أطواقا |
يوم كأيام لذات لنا انصرمت | بتنا بها حين نام الدهر سراقا |
تلهو بما يستميل العين من زهر | جال الندى فيه حتى مال أعناقا |
كأن أعينه إذ عاينت أرقي | بكت لما بي فجال الدمع رقراقا |
لا سكن الله قلبا عن ذكركم | يمطر بجناح الشوق خفاقا |
لو شاء حملي نسيم الريح نحوكم | وآفاكم بفتى أضناه ما لاقى |
يا عمر الخبرا عني فقد | هنأت بالشعر وعزيت |
وارحم سراجا قد خلا | فهو لا فتيلة فيه ولا زيت |
كنت تهوى بغير عود سراجا | صرت تهوى عودا بغير سراج |
ولعمرك إن السماع بلا كأ | س لعار من لذة وابتهاج |
بكتبك راج لي أملي وقصدي | وفي يدك النجاح لكل راج |
ولولا أنت لم يرفع منادي | ولا عرف الورى قدر السراج |
ما علينا ضر وقد أبطأ الشمسـ | ـع فقوص به خيام الدياجي |
وتدارك بيتا عليه ظلام | لم يكد ينجلي بنور السراج |
ولنور ذهنك في الفضا | ئل قد أقر سراجه |
أنسيت سورة: هل أتى | ونسيت كان مزاجها |
أرأيت البدر والشمس معا | قد انجلت دونهما الدياجي |
واستقرت نفسي ومضيت هاربا | وقلت ماذا موضع السراج |
لم يعدني محمد منذ تشكيـ | ـت وكم جئته وحاشاه عائد |
وهو لا ينكر السراج وكم ضمـ | ـهما في المساء وقت واحد |
شكون لها لهبا في الحياة | فقالت وكل سراج كذا |
فقلت ولم تبعديني إذن | فقالت بنارك أخشى الأذى |
بني اقتدي بالكتاب العزيز | وراح ليري سعبا وراجا |
فما قال لي أف مذ كان لي | لكوني أبا ولكوني سراجا |
قد كدت أقطع يوم عيدي طاويا | وأعيش دون الناس بالتسبيح |
وأريق من يدي دمي أو تنقضي | أيام تشريق بلا تشريح |
وسرت أرايح من شرائح جيرة | تؤذي سراجا كان تحت الريح |
قلبي لديك وطرفي طال بعدهما | عني فلي أبدا سهد وتذكار |
وليس متهما قول السراج إذا ما | قال من قلق في قلبي النار |
وقالت يا سراج علاك شيب | فدع لجديده خلع العذار |
فقلت لها نهار بعد ليل | فما يدعوك أنت إلى النفار |
فقالت قد صدقت وما علمنا | بأضيع من سراج في نهار |
أرى القوم قد ملوا السماحة والندى | وهم بين معذور إلى غير معذور |
ورب سراج ضاع بين بيوتهم | فبات بلا زيت وباتوا بلا نور |
هجرت المنام لمدح الأمير | وكان الرجاء حداني نهارا |
فبتنا سراجين في مدحه | كلانا يؤجج في القلب نارا |
رميت بجمرة فارحم سراجا | يكابد حر نار فوق نار |
كأن الحج حظ قد رماني | بها قصدا بأوقات الجمار |
إلهي قد جاوزت سبعين حجة | فشكرا لنعماك التي ليس تكفر |
وعمرت في الإسلام فازددت بهجة | ونورا، كذا يبدو السراج المعمر |
وعمم نور الشيب رأسي فسرني | وما ساءني أن السراج منور |
طوت الزيارة إذ رأت | عصر المشيب طوى الزياره |
ثم انثنت لما انثنت | بعد الصلابة كالحجاره |
وبقيت أهرب وهي تسـ | ـأل جارة من بعد جاره |
وتقول: يا سي استرحـ | ـنا لا سراج ولا مناره |
ضاع في موسم الوقود سراج | بين عمى القلوب والأبصار |
صح إيمان قدره فهي لم تسو | د وجها ولم تعذب بنار |
كم قطع الجود من لسان | قلد من نظمه النحورا |
فها أنا شاعر سراج | فاقطع لساني أزدك نورا |
لا تكذب إني سراج وحولي | زمر الهموم مثل الفراش |
بيد أني مذ رشت يا شرف الدين | جناحي حلقت فوق الرياش |
قالوا وقد ملني فلان | ومالود الملول رجعة |
قطك عنه فقل دعه | كنت سراجا فصرت شمعة |
وقذر طبيخي للأجل العيال | يخاف على السفن فيها الغرق |
وإن زاد طار نزد كوز زير | فليس بضائرنا من طرق |
وكم مرة ضج مني الطبيخ | بتلك الزيادة حتى مرق |
وخفت لغرفي من النيل أن | يقال بنار السراج احتراق |
جاء لسان السراج مبلولا | لكم بشكر كالروض مطلولا |
فقال قوم والقطر يأخذه | قد صار هذا السراج قنديلا |
أقول في يوم شتاء به | من سجن ما خلف النيلا |
خرجت من بيتي سراجا وقد | عدت بماء المزن قنديلا |
خرجت من بيتي سراجا وقد | عدت من الأمطار قنديلا |
الحمد لله الذي شكره | به لساني قد عاد قنديلا |
ضاع في موسم الوقود سراج | طالما ضاء والزمان زمان |
كان رطب اللسان بين كرام | عنه ما جف من نداهم بنان |
أثنى علي الأنام أني | لم أهج خلقا ولو هجاني |
فقلت لا خير في سراج | إن لم يكن دافئ اللسان |
ما زلت رطب لسان | بشكر أهل الزمان |
وللسراج بقاء | ما دام رطب اللسان |
أما ذرا البرد غريمي فما | يطمع مني باصطبار غريم |
لا خلف في أني سراج وقد | أوجست خوفا من هبوب النسيم |
سبق السراج إلى امتدا | حك كل من يتقدمه |
وسناك مسرجة لبابك | والمهابة تلجمه |
لكن توقد ذهنه | ما كان شيء يفحمه |
إذا بحت بالشكوى عتبت معاشرا | بلا راحة في مدحهم أتعبوا ذهن |
يريدونني رطب اللسان ومن رأى | سراجا غدا رطب اللسان بلا دهن |
شكرتني مذ رمدت قد حجبوا | شخصك عني وكنت مأنوس |
الحمد لله زادني شرفا | كنت سراجا فصرت فانوس |
صار خد الذي تعشقت صوفيا | فزاد الوداد منه صفاء |
وغدا لا يعيب زلة قلبي | في هواه وقد غدا لي غذاء |
ويقول الوراق يقنع بالشاهد | لا تتعبوا بنا الرقباء |
رب سامح أبا الحسين وسامحـ | ـني فحسبي وحسبه الآثام |
فذنوب الوراق كل جريح | وذنوب الجزار كل عظام |
ومضاف للشعر أني ورا | ق وناهيك متجر الأبلياء |
ورق رأوه بنوها على الفتح | فمن لي منه بكسر الراء |
إذا ثبتت بين القلوب مودة | فلا تخش من نقص بنقل لحاسد |
وما حاجة أدلي إليك بحجة | وقلبك للوراق أعدل شاهد |
شرحت صدري وصدر أوراقي | بوافد منك بل أشواقي |
عرفت مقدار وصله وأرى الـ | ـوصل الوصل جديرا بعلم وراق |
نصب الحشا غرضا فقرطس إذ رمى | وهن القلوب سهامها الأحداق |
وسألته وصلا فقال يحجني | يا ليت شعري من هو الوراق |
يأكل حين تنجح الأسفار | نفق الحمار وبارت الأشعار |
خرجي على كتفي وها أنا زائر | بين البيوت كأنني عطار |
ماذا علي جرى لأجل فراقه | وجرت دموع العين وهي غزار |
لم أنس حدة نفسه وكأنه | لما تسابقه الرياح يغار |
وتخاله في القفر جنا إنما | ما كل جن مثله طيار |
ويلين في وقت المضيق ويلتوي | فكأنما بيديك منه سوار |
ويسير في وقت المسير برأسه | حتى تحيد أمامك الخطار |
وإذا بدا في الأرض منحدرا عدا | كالسيل منحدرا به التيار |
ويقول من أضحى يراه مصعدا | أترى له عند الكواكب ثار |
وإذ رعينا فيه إلا أنه | مع ذا الذكاء يقال عنه حمار |
وتراه في غير الربيع كأنما | نثرت عليه من الربا أزهار |
كالفهد إلا أن أسود لونه | يعطيك صفرة لون الدينار |
وسرت به رجلاه غيرة ميت | والموت ليس يقال فيه غيار |
شهدت له الخيل السوابق أنها | تبع له إذ جازها المضمار |
ولقد تحامته الكلاب وأحجمت | عنه وفيه كل ما نختار |
رجعت وما ظفرت بشق غباره | ما للبروق إذا لمعن غبار |
راعت لصاحبه عهودا قد مضت | لما سمعن بأنه جزار |
كم من جهول بأني | أمشي لأطلب رزقا |
وقال لي صرت تمشي | وكل ماش ملقى |
فقلت مات حماري | تعيش أنت وتبقى |
فلا تأس يا أيهذا الأديب | عليه فللموت ما يولد |
إذا أنت عشت لنا بعده | كفانا وجودك ما نفقد |
مات حمار الأديب قلت لهم | قضى وقد فات فيه ما قضى |
من مات في عزه استراح ومن | خلف مثل الأديب ما مضى |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 23- ص: 0
السراج الوراق عمر بن محمد
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 27- ص: 0