ابن أبي ربيعة عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي القرشي، أبو الخطاب: أرق شعراء عصره، من طبقة جرير والفرزدق. ولم يكن في قريش أشعر منه. ولد في الليلة التي توفى بها عمر بن الخطاب، فسمى باسمه. وكان يفد على عبد الملك بن مروان فيكرمه ويقربه. ورفع إلى عمر بن عبد العزيز أنه يتعرض لنساء الحاج ويشبب بهن، فنفاه إلى (دهلك) ثم غزا في البحر فاحترقت السفينة به وبمن معه، فمات فيها غرقا. له (ديوان شعر- ط) وكتب في سيرته (أخبار عمر بن أبي ربيعة) لابن بسام (شاعر المتوفي سنة 303هـ) قال ابن خلكان: لم يستقص أحد في بابه أبلغ منه، و (عمر بن أبي ربيعة، دراسة تحليلية- ط) جزآن صغيران لجبرائيل جبور، و (عمر بن أبي ربيعة شاعر الغزل- ط) لعباس محمود العقاد، و (حب ابن أبي ربيعة- ط) لزكي مبارك، و (عمر بن أبي ربيعة- ط) لعمر فروخ.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 52

ابن أبي ربيعة المخزومي عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة القرشي المخزومي، الشاعر أبو الخطاب المشهور.
كان كثير الغزل والنوادر والوقائع والمجون والخلاعة. وله في ذلك حكايات مشهورة مذكورة في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني وغيره. وكان يتغزل في شعره بالثريا ابنة علي بن عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر بن عبد شمس بن عبد مناف الأموية. قال السهيلي: هي الثريا ابنة عبد الله، ولم يذكر عليا. ثم قال: وقتيلة ابنة النضر جدتها، لأنها كانت تحت الحارث بن أمية؛ وقد تقدم ذكر الثريا في حرف الثاء في مكانه.
وفد عمر على عبد الملك بن مروان، وامتدحه، فوصله بمال عظيم لشرفه وبلاغة نظمه. قيل إنه ولد في زمن عمر، رضي الله عنه. حدث عن سعيد بن المسيب، وروى الأصمعي عن صالح بن أسلم، قال: قال عمر بن أبي ربيعة: إني قد أنشدت من الشعر ما بلغك، ورب هذه البنية، ما حللت إزاري على فرج حرام قط. قال ابن خلكان: ولادته في الليلة التي قتل فيها عمر، رضي الله عنه، وهي ليلة الأربعاء، لأربع بقين من ذي الحجة، سنة ثلاث وعشرين للهجرة. وغزا في البحر فأحرقوا السفينة فاحترق في حدود سنة ثلاث وتسعين للهجرة. وقال الشيخ شمس الدين: توفي في حدود العشرة بعد المائة.
ومن شعره:

ومنه:
ومنه:
وقال في نعم من أبيات:
قيل: إن عمر بلغه يوما أن نعما اغتسلت في غدير ماء، فنزل عليه، فلم يزل يشرب منه حتى نضب. قيل: ما دخل على العواتق أضر من شعر عمر، وكاد حماد الراوية يسمي شعره الفستق المقشر. وسمع الفرزدق شيئا من شعره، فقال: هذا الذي كانت الشعراء تطلبه، فأخطأته.
وقيل: إنه عاش ثمانين سنة، فتك أربعين سنة، ونسك أربعين سنة. ومن شعره:
ومنه:

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 22- ص: 0

عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة، شاعر قريش في وقته، أبو الخطاب المخزومي، وكان يتغزل بالثريا العبشمية.
مولده: ليلة مقتل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -.
وشعره سائر مدون، غزا البحر، فأحرق العدو سفينته، فاحترق في حدود سنة ثلاث وتسعين، وما بين -رحمه الله-.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 5- ص: 222

عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي شاعر قريش.
واسم جده: عمر بن المغيرة بن
عبد الله بن عمر بن مخزوم.
وفد على عبد الملك، فامتدحه، فأجازه بمال جزيل؛ لشرفه، وحسن نظمه.
وله رواية عن: سعيد بن المسيب.
روى عنه: مصعب بن شيبة، وعطاف بن خالد.
قيل: إنه غزا البحر، فاحترقت سفينتهم، واحترق.
ونظمه: فائق، سائر، فمنه:

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 5- ص: 468

عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة، أراه المخزومي.
روى ابن جريج، حدثنا مصعب بن شيبة، سمع ابن عمر، رضي الله عنهما: كنا نجمع مع نافع بن عبد الحارث في الحجر.
وروى عطاف، عن عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة، عن ابن المسيب، قوله.
في أهل الحجاز.

  • دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 6- ص: 1

عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي.
يروي عن عمر. روى عنه: مصعب بن شيبة، وابن جريج.
وقال ابن أبي حاتم: روى ابن جريج عن مصعب بن شيبة عنه. وروى عنه عطاف بن خالد.

  • مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق التراث والترجمة صنعاء، اليمن-ط 1( 2011) , ج: 7- ص: 1

عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي
يروي عن عمر روى عنه مصعب بن شيبة وابن جريج

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 5- ص: 1

عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة، عمرو، وقيل حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة القرشي المخزومي المدني المكي:
الشاعر المشهور. ذكره الفضلاء في كتبهم، وأوسع بعضهم في ترجمته، وممن أحسن فيها ابن خلكان، فنذكر كثيرا مما ذكره، ونضم إلى ذلك ما يناسبه، مع عزوه إلى ذاكره.
قال ابن خلكان: كانت ولادته في الليلة التي مات فيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهي ليلة الأربعاء، لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، وغزا في البحر، فأحرقوا السفينة، فاحترق في حدود سنة ثلاث وتسعين للهجرة، وعمره مقدار سبعين. رحمه الله تعالى.
وفيما ذكره ابن خلكان في وفاة عمر بن أبي ربيعة نظر بحكاية رويت، فيها ما يقتضى أنه عاش إلى سنة سبع وتسعين من الهجرة، لأن فيها أنه اجتمع مع الخليفة سليمان بن عبد الملك بن مروان في أيام الحج، لما حج سليمان، وخاطب عمر سليمان بأمير المؤمنين، وكان حج سليمان في سنة سبع وتسعين، فيما ذكر غير واحد من أهل الأخبار، فيلزم على مقتضى الحكاية المشار إليها، حياة عمر في هذا التاريخ، وهو يخالف
ما ذكره ابن خلكان. والله أعلم. وستأتي هذه الحكاية منقولة عن «التمهيد» للحافظ أبي عمر بن عبد البر. انتهى.
وقال ابن خلكان: وكان الحسن البصري رضي الله عنه، إذا جرى ذكر ولادة عمر ابن أبي ربيعة في الليلة التي قتل فيها عمر رضي الله عنه، يقول: أي حق رفع، وأى باطل وضع.
وقال قبل ذلك: ولم يكن في قريش أشعر منه، وهو كثير الغزل والنوادر والوقائع والمجون والخلاعة، وله في ذلك حكايات مشهورة، وكان يتغزل في شعره بالثريا بنت علي بن عبد الله بن الحارث بن أمية الأصفر بن عبد شمس بن عبد مناف الأموية.
وقال السهيلي في «الروض الأنف»: هي الثريا ابنة عبد الله، ولم يذكر عليا. وقال ابن خلكان، بعد شيء نقله عن السهيلي: وكانت الثريا موصوفة بالجمال، فتزوجها سهيل بن عبد الرحمن بن عوف الزهري رضي الله عنهما، ونقلها إلى مصر، فقال عمر المذكور في زواجها، يضرب المثل بالثريا وسهيل، النجمين المعروفين [من الخفيف]:

ثم قال: ومن شعر عمر المذكور [من الخفيف]:
وله أيضا [من الخفيف]:
وقال عبد الله بن عمر، لعمر بن أبي ربيعة: يا ابن أخى، ما اتقيت الله حيث قلت:
فقال: يا أبا عبد الرحمن، إنى وضعت ليت حيث لا يعره، قال: صدقت.
وبينا عمر يطوف بالبيت، إذ رأي امرأة تطوف فأعجبته، فسأل عنها، فإذا هي من أهل البصرة، فدنا منها وكلمها، فلم تلتفت إليه، فلما كانت الليلة الثانية تعرض لها، فقالت: إليك عني أيها الرجل، فإنك في حرم الله تعالى، موضع عظيم الحرمة، فلما ألح عليها ومنعها من الطواف، أتت محرما لها فقالت: تعال معى، أرنى المناسك، فإني لا أعرفها، فأقبلت وهو معها، وعمر جالس على طريقها، فلما رآها عدل عنها، فتمثلت بشعر الزبرقان بن بدر السعدي [من البسيط]:
قال: فبلغ هذا الحديث المنصور، قال: وددت أنه لم تبق فتاة من قريش في خدرها، إلا سمعت هذا الحديث.
ويروى أن يزيد بن معاوية، لما أراد توجه مسلم بن عقبة إلى المدينة، اعترض الناس، فمر به رجل من أهل الشام، معه ترس قبيح، فقال: يا أخا الشام، مجن ابن أبي ربيعة، أحسن من مجنك، يريد قول ابن أبي ربيعة [من الطويل]:
وهذا البيت من جملة قصيدة، وهو من ظريف شعره، ومن جملتها:
انتهى ما اخترنا ذكره من كتاب ابن خلكان، في أخبار عمر بن أبي ربيعة.
ومن أخباره وشعره في غير كتاب ابن خلكان، ما ذكره الفاكهي في كتاب «أخبار مكة»، قال: حدثني أحمد بن حميد الأنصاري، عن الأصمعى، قال: حدثني صالح بن أسلم، قال: نظرت إلى امرأة تطوف بالبيت مستثفرة بثوب، فنظر إليها عمر بن أبي ربيعة من وراء الثوب، ثم قال [من الطويل]:
فقلت له: امرأة مسلمة محرمة غافلة، قد سيرت فيها شعرا، وهي لا تدرى؟ فقال لها: لقد سيرت من الشعر ما بلغك، ورب هذه البنية، ما حللت إزارى على فرج امرأة حرام قط.
ثم قال: وحدثني محمد بن أبي عمر، قال: حدثنا ابن القداح سعيد بن سالم، قال: كان فلان الأعمى، يسكن في شعب الخرازين، وكانت له فيه زوجة، فبلغه أن عمر بن أبي ربيعة أطاف ببيته، فقال لقائده: صل بى الجمعة إلى جنب عمر بن أبي ربيعة، فلما انصرف من الجمعة، أخذ بحاشية ثوب عمر، ثم صاح [من الوافر]:
فقال له عمر: أقلنيها، فهي التوبة، فأرسله.
وقال الفاكهي، بعد أن ذكر مسجد الشجرة، الذي دون يأجج، قال عمر بن أبي ربيعة يذكر يأجج [من الطويل]:
وقال: حدثنا الزبير بن أبي بكر، قال: حدثني بكار بن رباح، قال: أخبرني ابن جريج، قال: كنت مع معن بن زائدة باليمن، فحضر الحج، فلم تحضرنى نية، قال: فخطر ببالى قول ابن أبي ربيعة [من البسيط]:
فدخلت على معن، فأخبرته أنى عزمت على الحج، فقال: ما نزعك إليه، ولم تكن تذكره؟ فقلت: ذكرت قول ابن أبي ربيعة، وأنشدته شعره هذا، فجهزنى وانطلقت.
حدثنا عبد الله بن إسحاق الجوهرى البصري قال: سمعت أبا عاصم الضحاك بن مخلد، يقول: قدمت مكة، فإذا ابن جريج عند معن بن زائدة، فلما كان قبل يوم التروية بيوم أو يومين، قال لي رجل قد قدم، فذكر نحو الحديث الأول. وأول هذه الأبيات:
ما يملك إن أمسى بصنعاء، فقال: قدم للحج. انتهى. وزاد عبد الله بن إسحاق: فدخل على معن بن زائدة، فقال: عتق ما يملك إن أمسى بصنعاء، فقال: قدم للحج. انتهى.
وروينا بإسناد لابن جريج، حكايته مع معن بن زائدة، وفيها غير ما ذكره الفاكهي ونقص عنه.
أخبرني الإمام الخير أبو اليمن محمد بن أحمد بن الرضى إبراهيم الطبري وغيره سماعا، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن خالد بن محمد بن أبي بكر الفارقي إجازة، قال: أخبرنا قاضي القضاة شمس الدين أبو بكر محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي، قراءة عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو يعلى حمزة بن السيد بن أبي الفوارس الأنصاري، قال: حدثنا أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان الأزدي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن أبي العلاء المصيصى، قال: أملى علينا الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن عبد الله، ابن محمد الغازى في داره بمصر، سنة تسع عشرة وأربعمائة، قال: حدثنا أبو بكر بن خروف إملاء قال: حدثنا يموت بن المزرع، قال: حدثنا نصر بن منصور بن المطيعى قال: حدثنا علي بن المديني قال: حدثنا سفيان قال: حدثني ابن جريج قال: لزمنى دين، فضاقت على ساحتى وبلدى، فأتيت معن بن زائدة وهو بأرض اليمن، فنزلت في منزلى، ثم إنى سرت إليه، فقال لي: أهلا بك وسهلا، ما أقدمك هذه البلدة؟ فقلت: دين - أصلح الله الأمير - طردنى عن وطنى، فقال: نقضى دينك وترد إلى بلدك مجبورا، فأقمت عنده مديدة، ثم إنى رأيت الناس يتجهزون للحج، فحننت إلى مكة، وذكرت قول عمر بن أبي ربيعة:
انتهى.
ومن أخبار عمر بن أبي ربيعة، الحكاية التي نقلها شيخنا القاضي مجد الدين الشيرازي في كتابه «الوصل والمنى، في فضائل منى» قال: لما حج سليمان بن عبد الملك، أرسل إلى عمر بن أبي ربيعة يقول له: أنت القائل [من الطويل]:
قال: نعم. فقال سليمان بن عبد الملك: والله لا يشهد الحج العام مع الناس، أما والله لو اهتممت بحجك، لم تنظر إلى شيء غيرك! فإذا لم يفلت الناس منك في هذه الأيام، فمتى يفلتون؟ ثم أمر بنفيه إلى الطائف، فقال: يا أمير المؤمنين، أو خير من ذلك؟ قال: ما هو؟ قال: أعاهد الله عزوجل، أن لا أعود لمثل هذا الشعر، ولا أذكر النساء في شيء أبدا، وأجدد توبة على يديك، قال: أو تفعل؟ قال: نعم: فعاهد الله على توبته وخلاه. انتهى.
واتفق لعمر بن أبي ربيعة حكاية طريفة بمنى، في زمن الحج، ألفيتها في كتاب شيخنا القاضي مجد الدين الشيرازي، قال بعد أن أشار إليها مستظرفا لها: وهي ما حكاه القاسم ابن محمد رحمه الله تعالى، قال: كنت في مجلس فيه عمر بن أبي ربيعة المخزومي رحمه الله تعالى، فقلنا له: يا أبا الخطاب، إن لك مع النساء أحاديث عجيبة، قد نقلها الرواة، وسارت بها الركبان، فحدثنا بأعجبها! فقال: نعم، إنى سأحدثكم حديثا ظريفا: إنى كنت ذات يوم بمنى، إذ دخل على الحاجب، فأعلمنى مكان عجوز بالباب، تطلب الإذن، فقلت له: إيذن لها، فدخلت عجوز بها مسحة من الجمال، وعليها كسوة فاخرة، فسلمت على، وسألتنى عن نسبى، فأخبرتها أنى عمر بن أبي ربيعة، فقالت: يا أبا الخطاب، هل لك أن أريك أحسن خلق!، قلت: فداك أبي وأمى، كيف لي بذلك! قالت: يا أبا الخطاب، أنت ناظر إليها على شريطة، قلت: وما هى؟ قالت: آخذ عليك العهد، على أنك تريها من نفسك العفاف، ولا تتعرض لها بسوء، قلت: نعم، ذاك لك، قالت: وعلى أن أعصب عينيك، وألبسك لبس النساء، وأقودك إلى الموضع، قلت: نعم. وذلك أيضا لك. قال: فأخرجت مصحفها من ردفها، فاستحلفتنى به على ذلك، ثم أخرجت عصابة فعصبت بها عينى.
وألبستنى إزارا وخفا، ثم قادتنى، حتى أدخلتنى على مضرب، فأخذنى من يدها وصائف، ثم حللن العصابة عن عينى، وإذا أنا في مضرب من الديباج الأحمر، مفروش بالوشى المنسوج بالترهب، وإذا فيه جوار أبهى من البدور، فأجلسنني على سرير من الأبنوس المسجف بالذهب، ووقفن على رأسى يروحنني، فبينما أنا جالس على ذلك الحال، وإذا جارية قد طلعت من باب المضرب، أحسن من الشمس، فسلمت على، ثم
جلست إلى جانبى، وأقبلت على تحدثني، وسألتنى عن حالى، وأنا والله منها في غمرات شديدة، وقد زال عقلى حين شاهدت جمال صورتها، فلما مضى لي معها ساعة، قالت: يا عمر، من الذي يقول:
فقلت لها: أنا قائل ذاك، فداك أبي وأمى، قالت: يا عمر، من كانت هذه الناهدة الثديين، التي كانت هذه حالها معك؟ قلت لها: أطال الله بقاءك، ما كان هذا منى من قصد ولا عمد، ولا قلته في امرأة بعينها، غير أنى أحب الغزل، وأقول الشعر، والتشبب بالنساء، فقالت: أنت كذاب على الحرائر، فاضح للنساء، وقد فشا شعرك في الحجاز والعراق والشام، ولم يكن في امرأة بعينها! يا وصائف، أخرجن هذا الكذاب الفضاح للنساء الحرائر، فعصبن عينى، ودفعنني إلى العجوز، فقادتنى إلى مضربى، ثم قالت: يا أبا الخطاب، لا تيأس، فبت ليلتى قلقا لم أذق مناما، فلما كان الغد، دخل على الحاجب، وقال: إن العجوز التي كانت أمس بالباب قد جاءت، فقلت: ائذن لها، فدخلت وسلمت وقالت: هل لك أن تراها ثانية؟ قلت: نعم. قالت: أأنت ناظر إليها على الشرط المتقدم، قلت: نعم. فأخرجت المصحف واستحلفتنى، وعصبت عينى، وقادتنى إلى مضربها، فأخذنى منها الوصائف، وحللن العصابة عن عينى، وإذا أنا في مضرب من الديباج الأسود، منقوش بالذهب، مفروش بالحرير، وإذا فيه جوار كالظباء، فجلست على السرير، وإذا هي قد طلعت على كالبدر بتمامه، فسلمت على وصافحتنى، فوجدت برد كبدها في يدى، ثم جلست إلى جانبى، وسألتنى عن خبرى، وكيف كان بيتى في ليلتى، وحادثتنى ساعة، فما رأيت أطيب من حديثها، ثم قالت لي في غضون ذلك: يا أبا الخطاب، من الذي يقول [من الرمل]:
قلت: أنا قائل ذاك، فدك أبي وأمى، قالت: فمن هذه الكبرى والوسطى والصغرى؟ قلت: أطال الله بقاك، قد تقدم عذرى عن هذا أمس، وإنى لم أقل ذلك في جارية بعينها، ولا كان منى عن قصد ولا عمد، قالت: يا فضاح الحرائر، يا كذابا على النساء، ما حملك على أن تقول على النساء ما لم يكن حقا، حتى شاع في أقطار الأرض، وظن الناس أنه حق في امرأة بعينها! يا وصائف، عزرن هذا الفاسق على كذبه على الحرائر.
وضربنني على وجهى ورأسى ضربات شديدة، ثم شددن العصابة على عينى، ودفعنني إلى العجوز، فقادتنى إلى مضربى، ثم قالت: لا تيأسن، فبت ليلتى قلقا مفكرا، لم أذق مناما، حتى برق الصبح، فلما طلعت الشمس، دخل على الحاجب وأعلمنى بمكان العجوز، فقلت: اشغلها عني ساعة، إلى أن يخرج إليك رسولى، ثم أمرت جارية أن تضرب لي في باطية خلوقا، ففعلت، فغمست يدي فيه إلى معصمى، ثم أسدلت إزارى، وأمرت بإدخال العجوز، فدخلت فسألتنى عن حالى، ثم قالت: هل لك أن تراها ثالثة؟ قلت: نعم. فداك أبي وأمى، قالت: أنت ناظر إليها على الشرط؟ قلت: نعم. فأخرجت المصحف واستحلفتنى، ثم عصبت عينى، وقادتنى إلى الموضع، فلما حسيت بباب المضرب، أخرجت يدي فمسحتها ببابه، وجعلت أمسك الطنب بكفى، ثم ناولتنى الوصائف، فأخذتنى منها وصيفة، وأدخلتنى الموضع، وفتحت عينى، فإذا أنا بمضرب من الديباج الأبيض، منقوش بالذهب، مفروش بالحرير، فجلست على السرير، فإذا هي قد طلعت، فلما نظرت إليها، سقطت على وجهى مغشيا على، فلما أفقت، تناولت كفى وجعلت تغمره، وقالت: كيف حالك يا أبا الخطاب؟ قلت: سوء حال، والنظر يغنى عن الشكوى، فتبسمت، فما رأيت شيئا أحسن من ثغرها، ثم جعلت تسائلنى عن أخبار أهل الحجاز، وأيام العرب، وأخبار أهل العشق، حتى انتصف النهار، وأنا والله يخيل إلى كأنى في بعض قصور الجنة مع حورها، فبينما أنا كذلك في أسر حال، إذا التفتت إلى وقالت: يا أبا الخطاب، من الذي يقول [من الكامل]:
فقلت لها: أنا قائل ذاك، فداك أبي وامى، فقالت: من هذه الجارية التي دخلت عليها، وأخذت بقرونها، ولثمت فاها؟ قلت: يا سيدتى، إن عذرى قد تقدم والمحنة فيه واحدة، قالت: فأراك مقيما على الكذب وفضيحة النساء، وهتك أسرار الحرائر، أخرجن عني هذا الفاسق الكذاب، مجرورا مدحورا معزرا على كذبه وافترائه على النساء، فبادرن الوصائف إلى، وسحبنني على وجهى، وضربنني بأيديهن وأرجلهن ضربا موجعا، ثم عصبن عينى، وسلمنني إلى العجوز، فأخرجتنى وأنا لا أعقل، فقادنى ساعة، سنح لها جمال في بعض الطريق، فقالت له: خذ هذه المرأة الضريرة إلى مضرب عمر بن إلى ربيعة، ولك هذه الدراهم، فبادر الجمال وأخذنى من يدها، وهو يظن أنى امرأة ضريرة، حتى وصل بى إلى مضربى، فأخذنى منه بعض غلمانى، فدخلت المضرب، ولبست ثيابى، وأمرت بإدخال الناس على، ثم قلت لهم: أي غلام وجد لي باب مضرب عليه كف خلوق، فهو حر لوجه الله تعالى، وأى رجل من أهلى وجد ذلك، فله ألف درهم. فخرج الناس من عندي واجتهدوا في طلب ذلك، فعاد بعض غلمانى وقال: يا سيدى، قد عرفت المضرب، ثم قمت معه، فانتهى بى إلى مضرب مروة بنت عبد الملك ابن مروان، فأمرت بمضربى أن يقلع ويضرب حيال مضربها، فلما علمت أنى قد عرفتها، فحرجت من ذلك، ثم أسدلت الستور بينى وبينها، وكان لعبد الملك عيون، فكتبوا بذلك، شعرا، فشاع في الناس، وهو [من الطويل]:
ثم أزف خروجها إلى الشام، فرحلت معها، أنزل بنزولها، وأرحل برحيلها، واشتد بى الوجد والدنف، حتى ركبت في العمارية من ضعفى وشدة مرضى، وأنا أكتم حالى وأخفيه عن أهلى وعوادى، ولم أفش سرى على أحد، إلى أن صرنا من دمشق على مرحلتين، فتلقاها رسول عبد الملك يأمرها بالنزول في موضعها إلى أن يخرج إليها، وأقبل عبد الملك إلى نحوها في سادات بنى أمية، ووجوه القواد، حتى إذا صار قريبا منها، اعتزل عنه الناس، فدخل إليها في مضربها وبارك لها في حجتها، وهنأها بمقدمها، ثم قال: يا مروة، ألم أنهك عن الطواف نهارا، حتى لا تقع عين أحد عليك! فقالت: والله ما طفت إلا ليلا، فخرج من عندها، فحانت منه التفاتة، فإذا هو بمضربى، فقال:
لمن هذا؟ فقيل: لعمر بن أبي ربيعة، فقال: على به، فلما جئت إليه، دخلت عليه فسلمت، فقال: لا سلم الله عليك ولا أقر بك عينا، فقلت: بئست التحية من ابن العم، على بعد الدار وشحط المزار، فقال: ألست القائل:
قاتلك الله، أما لك مندوحة عن ابنة عمك، حتى شببت بها في شعرك! فقلت: يا أمير المؤمنين، إنى لم أقل في امرأة بعينها، ولا كان منى عن قصد ولا عمد، فقال: كذبت يا فاسق، ثم إنه أطرق ساعة ورفع رأسه إلى، وقال: يا عمر، هل لك في واحدة! قلت: نعم، وما هي فداك أبي وأمي يا أمير المؤمنين؟، فقال: أزوجك مروة، فقلت: أنا! فعبد من عبيدك يا أمير المؤمنين، وطاعتك على واجبة، فاصنع ما شيءت، فأمر بإحضار خمسمائة ألف درهم، فأحضرت، ثم دعا وجوه بنى أمية، وخطب خطبة حسنة، وعقد نكاحى على ابنته مروة بالمال الحاضر، ثم قال لي: قم فادخل على أهلك، فقمت فدخلت عليها، فلما أحست بى، نفرت نفور الظبى، وقالت: ويلك! من أنت ثكلتك أمك؟ فقلت: أنا بعلك وابن عمك عمر بن أبي ربيعة، صبرت وقدرت فظفرت، فأنست إلى عند ذلك، وعادلتها في هودجها إلى دمشق، فأقر الله تعالى بها عينى.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 5- ص: 1

عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي
روى عن سعيد بن المسيب قوله روى بن جريج عن مصعب بن شيبة عنه وروى عنه عطاف بن خالد سمعت أبي يقول ذلك.

  • طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 6- ص: 1