عمر بن عبد العزيز عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، أبو حفص: الخليفة الصالح، والملك العادل، وربما قيل له خامس الخلفاء الراشدين تشبها له بهم. وهو من ملوك الدولة المروانية الأموية بالشام. ولد ونشأ بالمدينة، وولى إمارتها للوليد. ثم استوزره سليمان بن عبد الملك بالشام. وولى الخلافة بعهد من سليمان سنة 99هـ ، فبويع في مسجد دمشق. وسكن الناس في أيامه، فمنع سب علي بن أبي طالب (وكان من تقدمه من الأمويين يسبونه على المنابر) ولم تطل مدته، قيل: دس له السم وهو بدير سمعان من أرض المعرة، فتوفى به. ومدة خلافته سنتان ونصف. وأخباره في عدله وحسن سياسته كثيرة. وكان يدعى (أشج بني أمية) رمحته دابة وهو غلام فشجته. وقيل في صفته: (كان نحيف الجسم، غائر العينين، بجبهته أثر الشجة، وخطه الشيب، أبيض، رقيق الوجه مليحا). وفي كتاب الإسلام والحضارة العربية: (كانت طريقته في إدارة ولايته إطلاق الحرية للعامل، لايشاور الخليفة إلا في أهم المهمات مما يشكل عليه أمره). ورثاه الشريف الرضي بقصيدة مطلعها:

ولابن الجوزي (سيرة عمر بن عبد العزيز- ط) ولعبد الله ابن عبد الحكم (سيرة عمر بن عبد العزيز- ط) ولعبد الرؤوف المناوي (سيرة عمر بن عبد العزيز- خ) ولأحمد زكي صفوت (عمر بن عبد العزيز- ط) ولعبد العزيز سيد الأهل (الخليفة الزاهد- ط) في سيرته.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 50

عمر بن عبد العزيز أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم، أمير المؤمنين، أبو حفص الأموي، رضي الله عنه. ولد بالمدينة سنة ستين للهجرة، عام توفي معاوية، أو بعده بسنة، أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب.
روى عن أبيه، وأنس، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وابن قارظ، ويوسف بن عبد الله بن سلام، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبي بكر ابن عبد الرحمن، والربيع بن سبرة، وطائفة.
وكان أبيض، رقيق الوجه، جميلا، نحيف الجسم، حسن اللحية، غائر العين، بجبهته أثر حافر دابة، ولذلك سمي أشج بني أمية، وخطه الشيب، قيل إن أباه لما ضربه الفرس وأدماه، جعل أبوه يمسح الدم، ويقول: إن كنت أشج بني مروان إنك لسعيد، رواه ضمرة عنه.
بعثه أبوه من مصر إلى المدينة يتأدب بها. كان يختلف إلى عبد الله بن عبيد الله، يسمع منه العلم، فبلغه أن عمر ينتقص عليا، رضي الله عنه، فقال له: متى بلغك أن الله سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم؟! ففهم، وقال: معذرة إلى الله وإليك، لا أعود.
ولما مات أبو عبد العزيز، طلب عبد الملك بن مروان عمر إلى دمشق، وزوجه بابنته فاطمة. وكان قبل الإمرة يبالغ في التنعم، ويفرط في الاختيال في المشية. قال أنس، رضي الله عنه: ما صليت وراء إمام أشبه برسول الله، صلى الله عليه وسلم، من هذا الفتى - يعني عمر بن عبد العزيز.
وقال زيد بن أسلم: كان يتم الركوع والسجود، ويخفف القيام والقعود.
سئل محمد بن علي بن الحسين عن عمر، فقال: هو نجيب بني أمية، وإنه يبعث يوم القيام أمة وحده. وقال عمرو بن ميمون بن مهران عن أبيه: كانت العلماء مع عمر بن عبد العزيز تلامذة.
وقال نافع: بلغنا عن عمر أنه قال: إن من ولدي رجلا بوجهه شين، يلي فيملأ الأرض عدلا. قال نافع: فلا أحسبه إلا عمر بن عبد العزيز. ولما طلب للخلافة كان في المسجد، فسلموا عليه بالخلافة، فعقر به، فلم يستطع النهوض، حتى أخذ بضبعيه، فأصعدوه المنبر، فجلس طويلا لا يتكلم، فلما رآهم جالسين، قال: ألا تقومون إلى أمير المؤمنين، فتبايعونه؟ فنهضوا إليه فبايعوه رجلا رجلا.
وروى حماد بن زيد عن أبي هاشم أن رجلا جاء إلى عمر بن عبد العزيز، فقال: لقد رأيت النبي، صلى الله عليه وسلم، في النوم، أبو بكر عن يمينه، وعمر عن شماله، فإذا رجلان يختصمان، وأنت بين يديه جالس، فقال لك: يا عمر، إذا عملت فاعمل بعمل هذين، لأبي بكر وعمر؛ فاستحلفه عمر: بالله لرأيت هذا؟ فحلف له، فحلف له، فبكى، وقيل إن عمر نفسه الذي رأى في المنام.
وتوفي عمر، رضي الله عنه، بدير سمعان، لعشر بقين من شهر رجب، سنة إحدى ومائة؛ سقاه بنو أمية السم، لما شدد عليهم، وانتزع كثيرا مما في أيديهم. وصلى عليه يزيد بن عبد الملك، وهو ابن تسع وثلاثين سنة وستة أشهر. وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وأربعة عشر يوما، لأنه بويع له يوم الجمعة لعشر خلون من صفر، سنة تسع وتسعين، بعهد من سليمان بن عبد الملك. وكان يكتب له ليث بن أبي رقية، وكتب له مزاحم مولاه، وكان يحجبه حنس مولاه، ومزاحم مولاه. ونقش خاتمه: عمر يؤمن بالله.
وهو الذي بنى الجحفة واشترى ملطية من الروم بمائة ألف أسير، وبناها. وروى له الجماعة. وله ذكر في ترجمة يعقوب بن دينار، المعروف بالماجشون، فليطلب هناك. وكان له من الولد: عبد الملك، وإسحاق، ويعقوب، وموسى، وعبد الله، وعبد العزيز، وعبد الله الأصغر، وعاصم، وريان، ومحمد الأصغر، ويزيد، وبكر، وإبراهيم، وآمنة، وأم عمار.
وفي عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، يقول الشريف الرضي:

قلت: والفضل ما شهدت به الأعداء.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 22- ص: 0

عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي * (ع)

ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، الإمام، الحافظ، العلامة، المجتهد، الزاهد، العابد، السيد، أمير المؤمنين حقا، أبو حفص القرشي، الأموي، المدني، ثم المصري، الخليفة، الزاهد، الراشد، أشج بني أمية.

حدث عن: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، والسائب بن يزيد، وسهل بن سعد، واستوهب منه قدحا شرب منه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأم بأنس بن مالك، فقال: ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هذا الفتى.

وحدث أيضا عن: سعيد بن المسيب، وعروة، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وأبي بكر بن عبد الرحمن، وعبد الله بن إبراهيم بن قارظ، وعامر بن سعد، ويوسف بن عبد الله بن سلام، وطائفة.

وأرسل عن: عقبة بن عامر، وخولة بنت حكيم، وغيرهم.

وكان من أئمة الاجتهاد، ومن الخلفاء الراشدين - رحمة الله عليه -.

حدث عنه: أبو سلمة - أحد شيوخه - وأبو بكر بن حزم، ورجاء بن حيوة، وابن المنكدر، والزهري، وعنبسة بن سعيد، وأيوب السختياني، وإبراهيم بن عبلة، وتوبة العنبري، وحميد الطويل، وصالح بن محمد بن زائدة الليثي،

وابنه؛ عبد العزيز بن عمر، وأخوه؛ زبان، وصخر بن عبد الله بن حرملة، وابنه؛ عبد الله بن عمر، وعثمان بن داود الخولاني، وأخوه؛ سليمان بن داود، وعمر بن عبد الملك، وعمر بن عامر البجلي، وعمرو بن مهاجر، وعمير بن هانئ العنسي، وعيسى بن أبي عطاء الكاتب، وغيلان بن أنس، وكاتبه؛ ليث بن أبي رقية، وأبو هاشم مالك بن زياد، ومحمد بن أبي سويد الثقفي، ومحمد بن قيس القاص، ومروان بن جناح، ومسلمة بن عبد الملك الأمير، والنضر بن عربي، وكاتبه؛ نعيم بن عبد الله القيني، ومولاه؛ هلال أبو طعمة، والوليد بن هشام المعيطي، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ويعقوب بن عتبة بن المغيرة، وخلق سواهم.

قال ابن سعد في الطبقة الثالثة من تابعي أهل المدينة، فقال: أمه: هي أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب.

قالوا: ولد سنة ثلاث وستين.

قال: وكان ثقة، مأمونا، له فقه وعلم وورع، وروى حديثا كثيرا، وكان إمام عدل - رحمه الله، ورضي عنه -.

وقال الزبير بن بكار: وإخوته من أبويه: عاصم، وأبو بكر، ومحمد.

وقال الفلاس: سمعت الخريبي يقول: الأعمش، وهشام بن عروة، وعمر بن عبد العزيز، وطلحة بن يحيى ولدوا سنة مقتل الحسين -يعني: سنة إحدى وستين-.

وكذلك قال خليفة بن خياط، وغير واحد في مولده.

وذكر صفته سعيد بن عفير: أنه كان أسمر، رقيق الوجه، حسنه، نحيف الجسم، حسن اللحية، غائر العينين، بجبهته أثر نفحة دابة، قد وخطه الشيب.

وقال إسماعيل الخطبي: رأيت صفته في بعض الكتب: أبيض، رقيق الوجه، جميلا، نحيف الجسم، حسن اللحية، غائر العينين، بجبهته أثر حافر دابة، فلذلك سمي: أشج بني أمية، وقد وخطه الشيب.

قال ضمرة بن ربيعة: دخل عمر بن عبد العزيز إلى إصطبل أبيه، وهو غلام، فضربه فرس، فشجه، فجعل أبوه يمسح عنه الدم، ويقول: إن كنت أشج بني أمية، إنك إذا لسعيد.

وروى: ضمام بن إسماعيل، عن أبي قبيل: أن عمر بن عبد العزيز بكى وهو غلام صغير، فأرسلت إليه أمه، وقالت: ما يبكيك؟

قال: ذكرت الموت.

قال: وكان يومئذ قد جمع القرآن، فبكت أمه حين بلغها ذلك.

أبو خيثمة: حدثنا المفضل بن عبد الله، عن داود بن أبي هند، قال: دخل علينا عمر بن عبد العزيز من هذا الباب -يعني: بابا من أبواب المسجد بالمدينة- فقال رجل من القوم: بعث إلينا هذا الفاسق بابنه هذا يتعلم الفرائض والسنن، وزعم أنه يكون خليفة بعده، ويسير بسيرة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.

قال: فقال لنا داود: فوالله ما مات حتى رأينا ذلك فيه.

قيل: إن عمر بن الخطاب، قال: إن من ولدي رجلا، بوجهه شتر، يملأ الأرض عدلا.

مبارك بن فضالة: عن عبيد الله بن عمرو، عن نافع، قال: قال ابن عمر: يا ليت شعري من هذا الذي من ولد عمر يملؤها عدلا، كما ملئت ظلما وجورا؟!

سعيد بن عفير: حدثنا يعقوب، عن أبيه: أن عبد العزيز بن مروان بعث ابنه عمر إلى المدينة يتأدب بها، وكتب إلى صالح بن كيسان يتعاهده، وكان يلزمه الصلوات، فأبطأ يوما عن الصلاة، فقال: ما حبسك؟

قال: كانت مرجلتي تسكن شعري.

فقال: بلغ من تسكين شعرك أن تؤثره على الصلاة.

وكتب بذلك إلى والده، فبعث عبد العزيز رسولا إليه، فما كلمه حتى حلق شعره.

وكان عمر بن عبد العزيز يختلف إلى عبيد الله بن عبد الله، يسمع منه العلم، فبلغ عبيد الله أن عمر يتنقص عليا، فأقبل عليه، فقال: متى بلغك أن الله -تعالى- سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم؟

قال: فعرف ما أراد، فقال: معذرة إلى الله وإليك، لا أعود.

فما سمع عمر بعدها ذاكرا عليا -رضي الله عنه- إلا بخير.

نقل الزبير بن بكار، عن العتبي:

أن أول ما استبين من عمر بن عبد العزيز أن أباه ولي مصر، وهو حديث السن، يشك في بلوغه، فأراد إخراجه، فقال: يا أبت، أو غير ذلك؟ لعله أن يكون أنفع لي ولك: ترحلني إلى المدينة، فأقعد إلى فقهاء أهلها، وأتأدب بآدابهم.

فوجهه إلى المدينة، فاشتهر بها بالعلم والعقل مع حداثة سنه.

قال: ثم بعث إليه عبد الملك بن مروان عند وفاة أبيه، وخلطه بولده، وقدمه على كثير منهم، وزوجه بابنته فاطمة التي قيل فيها:

وكان الذين يعيبون عمر ممن يحسده بإفراطه في النعمة، واختياله في المشية.

وقال أبو مسهر: ولي عمر المدينة في إمرة الوليد من سنة ست وثمانين إلى سنة ثلاث وتسعين.

قلت: ليس له آثار سنة ثنتين وسبعين بالمدينة، ولا سماع من جابر بن عبد الله، ولو كان بها وهو حدث، لأخذ عن جابر.

وقال أبو بكر بن عياش: حج بالناس عمر بن عبد العزيز غير مرة، أولها سنة تسع وثمانين.

ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، قال: لما قدم عمر بن عبد العزيز المدينة واليا، فصلى الظهر، دعا بعشرة: عروة، وعبيد الله، وسليمان بن يسار، والقاسم، وسالما، وخارجة، وأبا بكر بن عبد الرحمن، وأبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: إني دعوتكم لأمر تؤجرون فيه، ونكون فيه أعوانا على الحق، ما أريد أن أقطع أمرا إلا برأيكم، أو برأي من حضر منكم، فإن رأيتم أحدا يتعدى، أو بلغكم عن عامل ظلامة، فأحرج بالله على من بلغه ذلك إلا أبلغني.

فجزوه خيرا، وافترقوا.

الليث بن سعد: حدثني قادم البربري:

أنه ذاكر ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيئا من قضاء عمر بن عبد العزيز إذ كان بالمدينة، فقال ربيعة: كأنك تقول: أخطأ، والذي نفسي بيده، ما أخطأ قط.

قال أبو زرعة عبد الأحد بن أبي زرارة القتباني: سمعت مالكا يقول: أتى فتيان إلى عمر بن عبد العزيز، وقالوا: إن أبانا توفي وترك مالا عند عمنا حميد الأمجي.

فأحضره عمر، فلما دخل، قال: أنت القائل:

قال: نعم.

قال: ما أراني إلا سوف أحدك، إنك أقررت بشرب الخمر، وأنك لم تنزع عنها.

قال: أيهات! أين يذهب بك؟ ألم تسمع الله يقول: {والشعراء يتبعهم الغاوون} إلى قوله: {وأنهم يقولون ما لا يفعلون} [الشعراء: 224 - 226]

فقال: أولى لك يا حميد، ما أراك إلا قد أفلت، ويحك يا حميد! كان أبوك رجلا صالحا، وأنت رجل سوء.

قال: أصلحك الله، وأينا يشبه أباه؟ كان أبوك رجل سوء، وأنت رجل صالح.

قال: إن هؤلاء زعموا أن أباهم توفي وترك مالا عندك.

قال: صدقوا.

وأحضره بختم أبيهم، وقال: أنفقت عليهم من مالي، وهذا مالهم.

قال: ما أحد أحق أن يكون هذا عنده منك.

فقال: أيعود إلي وقد خرج مني ؟!

العطاف بن خالد: حدثنا زيد بن أسلم، قال لنا أنس:

ما صليت وراء إمام بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشبه صلاة برسول الله من إمامكم هذا -يعني: عمر بن عبد العزيز-.

قال زيد: فكان عمر يتم الركوع والسجود، ويخفف القيام والقعود.

قال سهيل بن أبي صالح: كنت مع أبي غداة عرفة، فوقفنا لننظر لعمر بن عبد العزيز، وهو أمير الحاج، فقلت: يا أبتاه! والله إني لأرى الله يحب عمر.

قال: لم؟

قلت: لما أراه دخل له في قلوب الناس من المودة، وأنت سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أحب الله عبدا، نادى جبريل: إن الله قد أحب فلانا، فأحبوه)، الحديث.

وعن أبي جعفر الباقر ، قال: لكل قوم نجيبة، وإن نجيبة بني أمية عمر بن عبد العزيز، إنه يبعث أمة وحده.

روى: الثوري، عن عمرو بن ميمون، قال: كانت العلماء مع عمر بن عبد العزيز تلامذة.

معمر: عن أخي الزهري، قال: كتب الوليد إلى عمر - وهو على المدينة -: أن يضرب خبيب بن عبد الله بن الزبير ، فضربه أسواطا، وأقامه في البرد، فمات.

قلت: كان عمر إذا أثنوا عليه، قال: فمن لي بخبيب - رحمهما الله -.

قلت: قد كان هذا الرجل حسن الخلق والخلق، كامل العقل، حسن السمت، جيد السياسة، حريصا على العدل بكل ممكن، وافر العلم، فقيه النفس، ظاهر الذكاء والفهم، أواها، منيبا، قانتا لله، حنيفا، زاهدا مع الخلافة، ناطقا بالحق مع قلة المعين، وكثرة الأمراء الظلمة الذين ملوه وكرهوا محاققته لهم، ونقصه أعطياتهم، وأخذه كثيرا مما في أيديهم مما أخذوه بغير حق، فما زالوا به حتى سقوه السم، فحصلت له الشهادة والسعادة، وعد عند أهل العلم من الخلفاء الراشدين، والعلماء العاملين.

مبشر بن إسماعيل: عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، قال: أتينا عمر بن عبد العزيز، ونحن نرى أنه يحتاج إلينا، فما كنا معه إلا تلامذة.

وكذلك جاء عن: مجاهد، وغيره.

وفي (الموطأ) : بلغني أن عمر بن عبد العزيز

حين خرج من المدينة، التفت إليها، فبكى، ثم قال: يا مزاحم أتخشى أن نكون ممن نفته المدينة.

ابن إسحاق: عن إسماعيل بن أبي حكيم:

سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: خرجت من المدينة وما من رجل أعلم مني، فلما قدمت الشام، نسيت.

معمر: عن الزهري، قال: سمرت مع عمر بن عبد العزيز ليلة، فحدثته، فقال: كل ما حدثته الليلة فقد سمعته، ولكنك حفظت ونسينا.

عقيل: عن ابن شهاب: أن عمر بن عبد العزيز أخبره: أن الوليد أرسل إليه بالظهيرة، فوجده قاطبا بين عينيه.

قال: فجلست وليس عنده إلا ابن الريان، قائم بسيفه، فقال: ما تقول فيمن يسب الخلفاء؟ أترى أن يقتل؟

فسكت، فانتهرني، وقال: ما لك؟ فسكت، فعاد لمثلها، فقلت: أقتل يا أمير المؤمنين؟!

قال: لا، ولكنه سب الخلفاء. قلت: فإني أرى أن ينكل.

فرفع رأسه إلى ابن الريان، فقال: إنه فيهم لنابه.

عن عبد العزيز بن يزيد الأيلي، قال:

حج سليمان، ومعه عمر بن عبد العزيز، فأصابهم برق ورعد حتى كادت تنخلع قلوبهم، فقال سليمان: يا أبا حفص، هل رأيت مثل هذه الليلة قط، أو سمعت بها؟

قال: يا أمير المؤمنين، هذا صوت رحمة الله، فكيف لو سمعت صوت عذاب الله!؟

وروى: ابن عيينة، عن رجل:

قال عمر بن عبد العزيز: ما كذبت منذ علمت أن الكذب يضر أهله.

عبد العزيز بن الماجشون: حدثنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: قال عمر: إنا كنا نتحدث، وفي لفظ: يزعم الناس أن الدنيا لا تنقضي حتى يلي رجل من آل عمر، يعمل بمثل عمل عمر.

قال: فكان بلال ولد عبد الله بن عمر بوجهه شامة، وكانوا يرون أنه هو، حتى جاء الله بعمر بن عبد العزيز.

أمه: هي ابنة عاصم بن عمر.

رواه: جماعة، عنه.

جويرية: عن نافع:

بلغنا أن عمر قال: إن من ولدي رجلا بوجهه شين، يلي فيملأ الأرض عدلا.

قال نافع: فلا أحسبه إلا عمر بن عبد العزيز.

وروى: عبيد الله بن عمر، عن نافع، قال: كان ابن عمر يقول: ليت شعري، من هذا الذي من ولد عمر، في وجهه علامة، يملأ الأرض عدلا.

تفرد به: مبارك بن فضالة، عنه، وهو صدوق.

ضمرة بن ربيعة: عن السري بن يحيى، عن رياح بن عبيدة، قال: خرج عمر بن عبد العزيز إلى الصلاة، وشيخ متوكئ على يده، فقلت في نفسي: هذا شيخ جاف.

فلما صلى ودخل، لحقته، فقلت: أصلح الله الأمير، من الشيخ الذي كان يتكئ على يدك؟

فقال: يا رياح، رأيته؟

قلت: نعم.

قال: ما أحسبك إلا رجلا صالحا، ذاك أخي الخضر، أتاني، فأعلمني أني سألي أمر الأمة، وأني سأعدل فيها.

المدائني: عن جرير بن حازم، عن هزان بن سعيد، حدثني رجاء بن حيوة، قال:

لما ثقل سليمان بن عبد الملك، رآني عمر بن عبد العزيز في الدار، أخرج، وأدخل، وأتردد، فقال: يا رجاء، أذكرك الله والإسلام أن تذكرني لأمير المؤمنين، أو تشير بي، فوالله ما أقوى على هذا الأمر.

فانتهرته، وقلت: إنك لحريص على الخلافة.

فاستحيى، ودخلت، فقال لي سليمان: من ترى لهذا الأمر؟

فقلت: اتق الله، فإنك قادم على الله -تعالى- وسائلك عن هذا الأمر، وما صنعت فيه.

قال: فمن ترى؟

قلت: عمر بن عبد العزيز.

قال: كيف أصنع بعهد عبد الملك إلى الوليد، وإلي في ابني عاتكة، أيهما بقي؟

قلت: تجعله من بعده.

قال: أصبت، جئني بصحيفة.

فأتيته بصحيفة، فكتب عهد عمر ويزيد بن عبد الملك من بعد، ثم دعوت رجالا، فدخلوا، فقال: عهدي في هذه الصحيفة مع رجاء، اشهدوا واختموا الصحيفة.

قال: فلم يلبث أن مات، فكففت النساء عن الصياح، وخرجت إلى الناس، فقالوا: كيف أمير المؤمنين؟

قلت: لم يكن منذ اشتكى أسكن منه الساعة.

قالوا: لله الحمد.

قال ابن عيينة: حدثني من شهد دابق، وكان مجتمع غزو الناس، فمات سليمان بدابق، ورجاء بن حيوة صاحب أمره ومشورته، خرج إلى الناس، فأعلمهم بموته، وصعد المنبر، فقال: إن أمير المؤمنين كتب كتابا، وعهد عهدا - وأعلمهم بموته - أفسامعون أنتم مطيعون؟

قالوا: نعم.

وقال هشام: نسمع ونطيع إن كان فيه استخلاف رجل من بني عبد الملك.

قال: ويجذبه الناس حتى سقط إلى الأرض، وقالوا: سمعنا وأطعنا.

فقال رجاء: قم يا عمر - وهو على المنبر -.

فقال عمر: والله إن هذا لأمر ما سألته الله قط.

الوليد بن مسلم: عن عبد الرحمن بن حسان الكناني، قال: لما مرض سليمان بدابق، قال: يا رجاء، أستخلف ابني؟

قال: ابنك غائب.

قال: فالآخر؟

قال: هو صغير.

قال: فمن ترى؟

قال: عمر بن عبد العزيز.

قال: أتخوف بني عبد الملك أن لا يرضوا.

قال: فوله، ومن بعده يزيد بن عبد الملك، وتكتب كتابا وتختمه، وتدعوهم إلى بيعة مختوم عليها.

قال: فكتب العهد، وختمه، فخرج رجاء، وقال: إن أمير المؤمنين يأمركم أن تبايعوا لمن في هذا الكتاب.

قالوا: ومن فيه؟

قال: مختوم، ولا تخبرون بمن فيه حتى يموت.

فامتنعوا، فقال سليمان: انطلق إلى أصحاب الشرط، وناد الصلاة جامعة، ومرهم بالبيعة، فمن أبى، فاضرب عنقه.

ففعل، فبايعوا.

قال رجاء: فلما خرجوا، أتاني هشام في موكبه، فقال: قد علمت موقفك منا، وأنا أتخوف أن يكون أمير المؤمنين أزالها عني، فأعلمني ما دام في الأمر نفس.

قلت: سبحان الله! يستكتمني أمير المؤمنين، وأطلعك، لا يكون ذاك أبدا، فأدارني، وألاصني ، فأبيت عليه، فانصرف.

فبينا أنا أسير، إذ سمعت جلبة خلفي، فإذا عمر بن عبد العزيز، فقال: يا رجاء، قد وقع في نفسي أمر كبير من هذا الرجل، أتخوف أن يكون جعلها إلي، ولست أقوم بهذا الشأن، فأعلمني ما دام في الأمر نفس، لعلي أتخلص.

قلت: سبحان الله! يستكتمني أمرا أطلعك عليه!

روى نحوها: الواقدي.

حدثنا داود بن خالد، عن سهيل بن أبي سهيل، سمع رجاء بن حيوة يقول، وزاد: فصلى على سليمان عمر بن عبد العزيز، فلما فرغ من دفنه، أتي بمراكب الخلافة، فقال: دابتي أرفق لي. فركب بغلته، ثم قيل: تنزل منزل الخلافة؟

قال: فيه عيال أبي أيوب، وفي فسطاطي كفاية.

فلما كان مساء تلك الليلة، قال: يا رجاء، ادع لي كاتبا.

فدعوته، فأملى عليه كتابا أحسن إملاء وأوجزه، وأمر به، فنسخ إلى كل بلد.

وقد كان سليمان بن عبد الملك من أمثل الخلفاء، نشر علم الجهاد، وجهز مائة ألف برا وبحرا، فنازلوا القسطنطينية، واشتد القتال والحصار عليها أكثر من سنة.

قال سعيد بن عبد العزيز: ولي سليمان، فقال لعمر بن عبد العزيز:

يا أبا حفص، إنا ولينا ما قد ترى، ولم يكن لنا بتدبيره علم، فما رأيت من مصلحة العامة، فمر به.

فكان من ذلك عزل عمال الحجاج، وأقيمت الصلوات في أوقاتها بعد ما كانت أميتت عن وقتها، مع أمور جليلة كان يسمع من عمر فيها.

فقيل: إن سليمان حج، فرأى الخلائق بالموقف، فقال لعمر: أما ترى هذا الخلق الذي لا يحصي عددهم إلا الله؟

قال: هؤلاء اليوم رعيتك، وهم غدا خصماؤك.

فبكى بكاء شديدا.

قلت: كان عمر له وزير صدق، ومرض بدابق أسبوعا، وتوفي، وكان ابنه داود غائبا في غزو القسطنطينية.

وعن رجاء بن حيوة، قال: ثقل سليمان، ولما مات، أجلسته، وسندته، وهيأته، ثم خرجت إلى الناس، فقالوا: كيف أصبح أمير المؤمنين؟

قلت: أصبح ساكنا، فادخلوا سلموا عليه، وبايعوا بين يديه على ما في العهد.

فدخلوا، وقمت عنده، وقلت: إنه يأمركم بالوقوف.

ثم أخذت الكتاب من جيبه، وقلت: إن أمير المؤمنين يأمركم أن تبايعوا على ما في هذا الكتاب.

فبايعوا، وبسطوا أيديهم، فلما فرغوا، قلت: آجركم الله في أمير المؤمنين.

قالوا: فمن؟

ففتحت الكتاب، فإذا فيه: عمر بن عبد العزيز.

فتغيرت وجوه بني عبد الملك، فلما سمعوا: وبعده يزيد، تراجعوا، وطلب عمر، فإذا هو في المسجد، فأتوه، وسلموا عليه بالخلافة، فعقر ، فلم يستطع النهوض حتى أخذوا بضبعيه، فأصعدوه المنبر، فجلس طويلا لا يتكلم.

فقال رجاء: ألا تقومون إلى أمير المؤمنين، فتبايعونه؟

فنهضوا إليه، ومد يده إليهم، فلما مد هشام بن عبد الملك يده إليه، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون.

فقال عمر: نعم، إنا لله، حين صار يلي هذه الأمة أنا وأنت.

ثم قام، فحمد الله، وأثنى عليه، وقال: أيها الناس، إني لست بفارض، ولكني منفذ، ولست بمبتدع، ولكني متبع، وإن من حولكم من الأمصار إن أطاعوا كما أطعتم، فأنا واليكم، وإن هم أبوا، فلست لكم بوال.

ثم نزل، فأتاه صاحب المراكب، فقال: لا، ائتوني بدابتي.

ثم كتب إلى عمال الأمصار.

قال رجاء: كنت أظن أنه سيضعف، فلما رأيت صنعه في الكتاب، علمت أنه سيقوى.

قال عمرو بن مهاجر: صلى عمر المغرب، ثم صلى على سليمان.

قال ابن إسحاق: مات سليمان يوم الجمعة، عاشر صفر، سنة تسع وتسعين.

قال خالد بن مرداس: حدثنا الحكم بن عمر: شهدت عمر بن عبد العزيز حين جاءه أصحاب مراكب الخلافة يسألونه العلوفة ورزق خدمها.

قال: ابعث بها إلى أمصار الشام يبيعونها، واجعل أثمانها في مال الله، تكفيني بغلتي هذه الشهباء.

وعن الضحاك بن عثمان، قال: لما انصرف عمر بن عبد العزيز عن قبر سليمان، قدموا له مراكب سليمان، فقال:

لا قوة إلا بالله.

سفيان بن وكيع: حدثنا ابن عيينة، عن عمر بن ذر:

أن مولى لعمر بن عبد العزيز قال له بعد جنازة سليمان: ما لي أراك مغتما؟

قال: لمثل ما أنا فيه فليغتم، ليس أحد من الأمة إلا وأنا أريد أن أوصل إليه حقه غير كاتب إلي فيه، ولا طالبه مني.

قال عبيد الله بن عمر: خطبهم عمر، فقال: لست بخير أحد منكم، ولكني أثقلكم حملا.

أيوب بن سويد: حدثنا يونس، عن الزهري، قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى سالم ليكتب إليه بسيرة عمر في الصدقات، فكتب إليه بذلك، وكتب إليه: إنك إن عملت بمثل عمل عمر في زمانه ورجاله في مثل زمانك ورجالك، كنت عند الله خيرا من عمر.

قلت: هذا كلام عجيب، أنى يكون خيرا من عمر؟!

حاشى وكلا، ولكن هذا القول محمول على المبالغة، وأين عز الدين بإسلام عمر؟ وأين شهوده بدرا؟ وأين فرق الشيطان من عمر؟ وأين فتوحات عمر شرقا وغربا؟ وقد جعل الله لكل شيء قدرا.

حماد بن زيد: عن أبي هاشم: أن رجلا جاء إلى عمر بن عبد العزيز، فقال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في النوم، وأبو بكر عن يمينه، وعمر عن شماله، فإذا رجلان يختصمان، وأنت بين يديه، فقال لك: يا عمر، إذا عملت، فاعمل بعمل هذين.

فاستحلفه بالله: لرأيت؟ فحلف له، فبكى.

قال ميمون بن مهران: إن الله كان يتعاهد الناس بنبي بعد نبي، وإن الله تعاهد الناس بعمر بن عبد العزيز.

قال حماد بن أبي سليمان: لما ولي عمر بن عبد العزيز، بكى، فقال له رجل: كيف حبك للدنيا والدرهم؟

قال: لا أحبه.

قال: لا تخف، فإن الله سيعينك.

يعقوب الفسوي: حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى، حدثني أبي، عن جدي، قال: كنت أنا وابن أبي زكريا بباب عمر بن عبد العزيز، فسمعنا بكاء، فقيل: خير أمير المؤمنين امرأته بين أن تقيم في منزلها وعلى حالها، وأعلمها أنه قد شغل بما في عنقه عن النساء، وبين أن تلحق بمنزل أبيها.

فبكت، فبكت جواريها.

جرير: عن مغيرة، قال: كان لعمر بن عبد العزيز سمار يستشيرهم، فكان علامة ما بينهم إذا أحب أن يقوموا، قال: إذا شئتم.

وعنه: أنه خطب، وقال: والله إن عبدا ليس بينه وبين آدم أب إلا قد مات، لمعرق له في الموت.

جرير: عن مغيرة، قال: جمع عمر بن عبد العزيز بني مروان حين استخلف، فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانت له فدك   ينفق منها، ويعود منها على صغير بني هاشم، ويزوج منها أيمهم، وإن فاطمة سألته أن يجعلها لها، فأبى، فكانت كذلك حياة أبي بكر وعمر، عملا فيها عمله، ثم أقطعها مروان، ثم صارت لي، فرأيت أمرا - منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنته - ليس لي بحق،

وإني أشهدكم أني قد رددتها على ما كانت عليه في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

قال الليث: بدأ عمر بن عبد العزيز بأهل بيته، فأخذ ما بأيديهم، وسمى أموالهم مظالم، ففزعت بنو أمية إلى عمته فاطمة بنت مروان، فأرسلت إليه: إني قد عناني أمر.

فأتته ليلا، فأنزلها عن دابتها، فلما أخذت مجلسها، قال: يا عمة، أنت أولى بالكلام.

قالت: تكلم يا أمير المؤمنين.

قال: إن الله بعث محمدا -صلى الله عليه وسلم- رحمة، ولم يبعثه عذابا، واختار له ما عنده، فترك لهم نهرا، شربهم سواء، ثم قام أبو بكر، فترك النهر على حاله، ثم عمر، فعمل عمل صاحبه، ثم لم يزل النهر يشتق منه يزيد، ومروان، وعبد الملك، والوليد، وسليمان، حتى أفضى الأمر إلي، وقد يبس النهر الأعظم، ولن يروي أهله حتى يعود إلى ما كان عليه.

فقالت: حسبك، فلست بذاكرة لك شيئا.

ورجعت، فأبلغتهم كلامه.

وعن ميمون بن مهران، سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: لو أقمت فيكم خمسين عاما، ما استكملت فيكم العدل، إني لأريد الأمر من أمر العامة،

فأخاف ألا تحمله قلوبهم، فأخرج معه طمعا من طمع الدنيا.

ابن عيينة: عن إبراهيم بن ميسرة:

قلت لطاووس: هو المهدي -يعني: عمر بن عبد العزيز-.

قال: هو المهدي، وليس به، إنه لم يستكمل العدل كله.

قال ابن عون: كان ابن سيرين إذا سئل عن الطلاء ، قال: نهى عنه إمام هدى -يعني: عمر بن عبد العزيز-.

قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: الخلفاء خمسة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعمر بن عبد العزيز.

وفي رواية: الخلفاء الراشدون.

وورد عن أبي بكر بن عياش نحوه.

وروى: عباد بن السماك، عن الثوري، مثله.

أبو المليح: عن خصيف، قال: رأيت في المنام رجلا، وعن يمينه وشماله رجلان، إذ أقبل عمر بن عبد العزيز، فأراد أن يجلس بين الذي عن يمينه وبينه، فلصق صاحبه، فجذبه الأوسط، فأقعده في حجره، فقلت: من هذا؟

قالوا: هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا أبو بكر، وهذا عمر.

عبد الرحمن بن زيد: عن عمر بن أسيد، قال: والله، ما مات عمر بن عبد العزيز حتى جعل الرجل يأتينا بالمال العظيم، فيقول: اجعلوا هذا حيث ترون.

فما يبرح يرجع بماله كله، قد أغنى عمر الناس.

قال جويرية بن أسماء: دخلنا على فاطمة   بنت الإمام علي، فأثنت على عمر بن عبد العزيز، وقالت: فلو كان بقي لنا، ما احتجنا بعد إلى أحد.

وعن ضمرة، قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله:

أما بعد، فإذا دعتك قدرتك على الناس إلى ظلمهم، فاذكر قدرة الله -تعالى- عليك، ونفاد ما تأتي إليهم، وبقاء ما يأتون إليك.

عمر بن ذر: حدثني عطاء بن أبي رباح، قال: حدثتني فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز: أنها دخلت عليه، فإذا هو في مصلاه، يده على خده، سائلة دموعه، فقلت: يا أمير المؤمنين، ألشيء حدث؟

قال: يا فاطمة، إني تقلدت أمر أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- فتفكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري المجهود، والمظلوم المقهور، والغريب المأسور، والكبير، وذي العيال في أقطار الأرض، فعلمت أن ربي سيسألني عنهم، وأن خصمهم دونهم محمد -صلى الله عليه وسلم- فخشيت ألا تثبت لي حجة عند خصومته، فرحمت نفسي، فبكيت.

وروى: حماد بن النضر، عن محمد بن المنكدر، عن عطاء، عنها، نحوه، وقال: حدثتني بعد وفاة عمر.

قال الفريابي: حدثنا الأوزاعي: أن عمر بن عبد العزيز جلس في بيته، وعنده أشراف بني أمية، فقال: أتحبون أن أولي كل رجل منكم جندا من هذه الأجناد؟

فقال له رجل منهم: لم تعرض علينا ما لا تفعله؟

قال: ترون بساطي هذا، إني لأعلم أنه يصير إلى بلى، وإني أكره أن تدنسوه علي بأرجلكم، فكيف أوليكم ديني؟ وأوليكم أعراض المسلمين وأبشارهم تحكمون فيهم؟ هيهات هيهات.

قالوا: لم، أما لنا قرابة؟ أما لنا حق؟

قال: ما أنتم وأقصى رجل من المسلمين عندي في هذا الأمر إلا سواء، إلا رجل حبسه عني طول شقة.

يحيى بن أبي غنية: عن حفص بن عمر بن أبي الزبير، قال:

كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم: أن أدق قلمك، وقارب بين أسطرك، فإني أكره أن أخرج من أموال المسلمين ما لا ينتفعون به.

قال ميمون بن مهران: أقمت عند عمر بن عبد العزيز ستة أشهر، ما رأيته غير رداءه، كان يغسل من الجمعة إلى الجمعة، ويبين بشيء من زعفران.

الثوري: عن عمر بن سعيد بن أبي حسين، قال: كان مؤذن لعمر بن عبد العزيز إذا أذن، رعد، فبعث إليه: أذن أذانا سمحا، ولا تغنه، وإلا فاجلس في بيتك.

وروى: عمر بن ميمون، عن أبيه: ما زلت ألطف في أمر الأمة أنا وعمر بن عبد العزيز حتى قلت له: ما شأن هذه الطوامير   التي تكتب فيها بالقلم الجليل، وهي من بيت المال؟!

فكتب إلى الآفاق بتركه، فكانت كتبه نحو شبر.

قال حميد الطويل: أمل علي الحسن رسالة إلى عمر بن عبد العزيز، فأبلغ، ثم شكى الحاجة والعيال.

فقلت: يا أبا سعيد! لا تهجن الكتاب بالمسألة، اكتب هذا في غير ذا.

قال: دعنا منك.

فأمر بعطائه.

قال: قلت: يا أبا سعيد، اكتب إليه في المشورة، فإن أبا قلابة قال: كان جبريل ينزل بالوحي، فما منعه - عليه الصلاة والسلام - ذلك أن أمره الله بالمشورة.

فقال: نعم.

فكتب بالمشورة، فأبلغ.

رواه: حماد بن سلمة، عنه.

خلف بن تميم: حدثنا عبد الله بن محمد، عن الأوزاعي، قال: كتب إلينا عمر بن عبد العزيز رسالة، لم يحفظها غيري وغير مكحول:

أما بعد، فإنه من أكثر ذكر الموت، رضي من الدنيا باليسير، ومن عد كلامه من عمله، قل كلامه إلا فيما ينفعه، والسلام.

وقال الأوزاعي: كان عمر بن عبد العزيز إذا أراد أن يعاقب رجلا، حبسه ثلاثا، ثم عاقبه، كراهية أن يعجل في أول غضبه.

معاوية بن صالح: حدثنا سعيد بن سويد: أن عمر بن عبد العزيز صلى بهم الجمعة، ثم جلس وعليه قميص مرقوع الجيب من بين يديه ومن خلفه.

فقال له رجل: يا أمير المؤمنين! إن الله قد أعطاك، فلو لبست!

فقال: أفضل القصد عند الجدة، وأفضل العفو عند المقدرة.

قال جويرية بن أسماء: قال عمر بن عبد العزيز: إن نفسي تواقة، وإنها لم تعط من الدنيا شيئا إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه، فلما أعطيت ما لا أفضل منه في الدنيا، تاقت إلى ما هو أفضل منه -يعني: الجنة-.

قال حماد بن واقد: سمعت مالك بن دينار يقول: الناس يقولون عني زاهد، إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فتركها.

الفسوي: حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى، حدثني أبي، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، قال: دعاني المنصور، فقال: كم كانت غلة عمر بن عبد العزيز حين استخلف؟

قلت: خمسون ألف دينار.

قال: كم كانت يوم موته؟

قلت: مائتا دينار.

وعن مسلمة بن عبد الملك، قال: دخلت على عمر وقميصه وسخ، فقلت لامرأته، وهي أخت مسلمة: اغسلوه.

قالت: نفعل.

ثم عدت، فإذا القميص على حاله، فقلت لها، فقالت: والله ما له قميص غيره.

وروى: إسماعيل بن عياش، عن عمرو بن مهاجر: كانت نفقة عمر بن عبد العزيز كل يوم درهمين.

وروى: سعيد بن عامر الضبعي، عن عون بن المعتمر:

أن عمر بن عبد العزيز قال لامرأته: عندك درهم أشتري به عنبا؟

قالت: لا.

قال: فعندك فلوس؟

قالت: لا، أنت أمير المؤمنين ولا تقدر على درهم!

قال: هذا أهون من معالجة الأغلال في جهنم.

مروان بن معاوية: عن رجل، قال: كان سراج بيت عمر بن عبد العزيز على ثلاث قصبات، فوقهن طين.

عبد الله بن إدريس: عن أبيه، عن أزهر - صاحب له - قال: رأيت عمر بن عبد العزيز يخطب بخناصرة ، وقميصه مرقوع.

قال مروان بن محمد: حدثنا محمد بن مهاجر، حدثني أخي عمرو:

أن عمر بن عبد العزيز كان يلبس برد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويأخذ قضيبه في يده يوم العيد.

وقال معرف بن واصل: رأيت عمر بن عبد العزيز قدم مكة، وعليه ثوبان أخضران.

وقال الوليد بن أبي السائب: كان لعمر بن عبد العزيز جبة خز غبراء، وجبة خز صفراء، وكساء خز، ثم ترك ذلك.

قال الواقدي: حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن عمرو بن مهاجر: رأيت عمر بن عبد العزيز يخطب الأولى جالسا، وبيده عصا، قد عرضها على فخذه، يزعمون أنها عصا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا فرغ من خطبته، سكت.

ثم قام، فخطب الثانية متوكئا عليها، فإذا مل، لم يتوكأ، وحملها حملا، فإذا دخل في الصلاة، وضعها إلى جنبه.

وفي (الزهد) لابن المبارك: أخبرنا إبراهيم بن نشيط، حدثنا سليمان بن حميد، عن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع:

أنه دخل على فاطمة بنت عبد الملك،

فقال: ألا تخبريني عن عمر؟

قالت: ما أعلم أنه اغتسل من جنابة ولا احتلام منذ استخلف.

قال يحيى بن حمزة: حدثنا عمرو بن مهاجر: أن عمر بن عبد العزيز كان تسرج عليه الشمعة ما كان في حوائج المسلمين، فإذا فرغ، أطفأها، وأسرج عليه سراجه.

وقال مالك: أتي عمر بن عبد العزيز بعنبرة، فأمسك على أنفه؛ مخافة أن يجد ريحها.

وعنه: أنه سد أنفه، وقد أحضر مسك من الخزائن.

خالد بن مرداس: حدثنا الحكم بن عمر، قال:

كان لعمر ثلاث مائة حرسي وثلاث مائة شرطي، فشهدته يقول لحرسه:

إن لي عنكم بالقدر حاجزا، وبالأجل حارسا، من أقام منكم، فله عشرة دنانير، ومن شاء، فليلحق بأهله.

عمرو بن عثمان الحمصي: حدثنا خالد بن يزيد، عن جعونة، قال: دخل رجل على عمر بن عبد العزيز، فقال: يا أمير المؤمنين، إن من قبلك كانت الخلافة لهم زينا، وأنت زين الخلافة.

فأعرض عنه.

وعن عبد العزيز بن عمر، قال لي رجاء بن حيوة:

ما أكمل مروءة أبيك! سمرت عنده، فعشي السراج، وإلى جانبه وصيف نام، قلت: ألا أنبهه؟

قال: لا، دعه.

قلت: أنا أقوم.

قال: لا، ليس من مروءة الرجل استخدامه ضيفه.

فقام إلى بطة   الزيت، وأصلح السراج، ثم رجع، وقال: قمت وأنا عمر بن عبد العزيز، ورجعت وأنا عمر بن عبد العزيز.

وكان -رحمه الله- فصيحا، مفوها.

فروى: حماد بن سلمة، عن رجاء الرملي، عن نعيم بن عبد الله كاتب عمر بن عبد العزيز:

أن عمر قال: إنه ليمنعني من كثير من الكلام مخافة المباهاة.

جرير بن حازم: عن مغيرة بن حكيم، قالت فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز: حدثنا مغيرة: أنه يكون في الناس من هو أكثر صلاة وصياما من عمر بن عبد العزيز، وما رأيت أحدا أشد فرقا من ربه منه، كان إذا صلى العشاء، قعد في مسجده، ثم يرفع يديه، فلم يزل يبكي حتى تغلبه عينه، ثم ينتبه، فلا يزال يدعو رافعا يديه يبكي حتى تغلبه عينه، يفعل ذلك ليله أجمع.

ابن المبارك: عن هشام بن الغاز، عن مكحول:

لو حلفت، لصدقت، ما رأيت أزهد ولا أخوف لله من عمر بن عبد العزيز.

قال النفيلي   : حدثنا النضر بن عربي، قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز، فكان ينتفض أبدا، كأن عليه حزن الخلق.

الفسوي: حدثنا إبراهيم بن هشام الغساني ، حدثنا أبي، عن جدي، عن ميمون بن مهران، قال لي عمر بن عبد العزيز: حدثني.

فحدثته، فبكى بكاء شديدا، فقلت: لو علمت، لحدثتك ألين منه.

فقال: إنا نأكل العدس، وهي ما علمت مرقة للقلب، مغزرة للدمعة، مذلة للجسد.

حكام بن سلم: عن أبي حاتم، قال: لما مرض عمر بن عبد العزيز، جيء بطبيب، فقال: به داء ليس له دواء، غلب الخوف على قلبه.

وعن عطاء، قال: كان عمر بن عبد العزيز يجمع كل ليلة الفقهاء، فيتذاكرون الموت والقيامة والآخرة، ويبكون.

وقيل: كتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل:

إنك إن استشعرت ذكر الموت في ليلك ونهارك، بغض إليك كل فان، وحبب إليك كل باق، والسلام.

ومن شعره:

قال سعيد بن أبي عروبة: كان عمر بن عبد العزيز إذا ذكر الموت، اضطربت أوصاله.

ومما روي له:

ومما روي له:

وعن وهيب بن الورد، قال: كان عمر بن عبد العزيز يتمثل كثيرا بهذه:

عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: سمع عمير بن هانئ يقول: دخلت على عمر بن عبد العزيز، فقال لي: كيف تقول في رجل رأى سلسلة دليت من السماء، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتعلق بها، فصعد، ثم جاء أبو بكر، فتعلق بها، فصعد، ثم جاء عمر، فتعلق بها، فصعد، ثم جاء عثمان، فتعلق بها، فانقطعت، فلم يزل حتى وصل، ثم صعد، ثم جاء الذي رأى هذه الرؤيا، فتعلق بها، فصعد، فكان خامسهم.

قال عمير: فقلت في نفسي: هو هو، ولكنه كنى عن نفسه.

قلت: يحتمل أن يكون الرجل عليا، وما أمكن الرأي يفصح به؛ لظهور النصب   إذ ذاك.

قال معاوية بن يحيى: حدثنا أرطاة، قال: قيل لعمر بن عبد العزيز: لو جعلت على طعامك أمينا لا تغتال، وحرسيا إذا صليت، وتنح عن الطاعون.

قال: اللهم إن كنت تعلم أني أخاف يوما دون يوم القيامة، فلا تؤمن خوفي.

قال علي بن أبي حملة: عن الوليد بن هشام، قال: لقيني يهودي، فقال: إن عمر بن عبد العزيز سيلي.

ثم لقيني آخر ولاية عمر، فقال: إن صاحبك قد سقي، فمره، فليتدارك نفسه.

فأعلمت عمر، فقال: قاتله الله ما أعلمه! لقد علمت الساعة التي سقيت فيها، ولو كان شفائي أن أمسح شحمة أذني، ما فعلت.

وقد رواها: أبو عمير بن النحاس، عن ضمرة، عنه، فقال: عن عمرو بن مهاجر، بدل الوليد.

مروان بن معاوية: عن معروف بن مشكان، عن مجاهد: قال لي عمر بن عبد العزيز: ما يقول في الناس؟

قلت: يقولون: مسحور.

قال: ما أنا بمسحور.

ثم دعا غلاما له، فقال: ويحك! ما حملك على أن سقيتني السم؟

قال: ألف دينار أعطيتها، وعلى أن أعتق.

قال: هاتها.

فجاء بها، فألقاها في بيت المال، وقال: اذهب حيث لا يراك أحد.

إسماعيل بن عياش: عن عمرو بن مهاجر، قال: اشتهى عمر بن عبد العزيز تفاحا، فأهدى له رجل من أهل بيته تفاحا، فقال: ما أطيب ريحه وأحسنه!

وقال: ارفعه يا غلام للذي أتى به، وأقر مولاك السلام، وقل له: إن هديتك وقعت عندنا بحيث تحب.

فقلت: يا أمير المؤمنين، ابن عمك، ورجل من أهل بيتك، وقد بلغك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأكل الهدية.

قال: ويحك! إن الهدية كانت له هدية، وهي اليوم لنا رشوة.

قال ابن عيينة: قلت لعبد العزيز بن عمر: ما آخر ما تكلم به أبوك؟

فقال: كان له من الولد: أنا، وعبد الله، وعاصم، وإبراهيم، وكنا أغيلمة، فجئنا كالمسلمين عليه، والمودعين له.

فقيل له: تركت ولدك ليس له مال، ولم تؤوهم إلى أحد!

فقال: ما كنت لأعطيهم ما ليس لهم، وما كنت لآخذ منهم حقا هو لهم، وإن وليي الله فيهم، الذي يتولى الصالحين، إنما هم أحد

رجلين: صالح، أو فاسق.

وقيل: إن الذي كلمه فيهم خالهم مسلمة.

وروى: حماد بن زيد، عن أيوب، قال: قيل لعمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين، لو أتيت المدينة، فإن قضى الله موتا، دفنت في موضع القبر الرابع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

قال: والله لأن يعذبني الله بغير النار، أحب إلي من أن يعلم من قلبي أني أراني لذلك أهلا.

وروى: ابن شوذب، عن مطر، مثله.

وعن ليث بن أبي رقية: أن عمر بن عبد العزيز، قال: أجلسوني.

فأجلسوه، فقال: أنا الذي أمرتني، فقصرت، ونهيتني، فعصيت - ثلاثا - ولكن لا إله إلا الله.

ثم أحد النظر، وقال: إني لأرى خضرة ما هم بإنس ولا جن.

ثم قبض.

وروى نحوها: أبو يعقوب الخطابي، عن السري بن عبيد الله.

وقال المغيرة بن حكيم: قلت لفاطمة بنت عبد الملك:

كنت أسمع عمر بن عبد العزيز في مرضه يقول: اللهم أخف عليهم أمري ولو ساعة.

قالت: قلت له: ألا أخرج عنك، فإنك لم تنم.

فخرجت، فجعلت أسمعه يقول: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا، والعاقبة للمتقين} [القصص: 83] مرارا.

ثم أطرق، فلبثت طويلا لا يسمع له حس، فقلت لوصيف: ويحك! انظر.

فلما دخل، صاح، فدخلت، فوجدته ميتا، قد أقبل بوجهه على القبلة، ووضع إحدى يديه على فيه، والأخرى على عينيه.

سمعها   : جرير بن حازم، منه.

عن عبيد بن حسان، قال: لما احتضر عمر بن عبد العزيز، قال: اخرجوا عني.

فقعد مسلمة وفاطمة على الباب، فسمعوه يقول: مرحبا بهذه الوجوه، ليست بوجوه إنس ولا جان، ثم تلا: {تلك الدار الآخرة نجعلها} الآية، ثم هدأ الصوت.

فقال مسلمة لفاطمة: قد قبض صاحبك.

فدخلوا، فوجدوه قد قبض.

هشام بن حسان: عن خالد الربعي، قال: إنا نجد في التوراة: أن السماوات والأرض تبكي على عمر بن عبد العزيز أربعين صباحا.

وقال هشام لما جاء نعيه إلى الحسن، قال: مات خير الناس.

قال أبو إسحاق الجوزجاني: حدثنا محمد بن سعيد القرشي، حدثنا محمد بن مروان العقيلي، حدثنا يزيد:

أن الوفد الذين بعثهم عمر بن عبد العزيز إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام، قال: فلما بلغه قدومنا، تهيأ لنا، وأقام البطارقة على رأسه والنسطورية واليعقوبية ...، إلى أن قال: فأتاني رسوله: أن أجب.

فركبت، ومضيت، فإذا أولئك قد تفرقوا عنه، وإذا البطارقة قد ذهبوا، ووضع التاج، ونزل عن السرير، فقال: أتدري لم بعثت إليك.

قلت: لا.

قال: إن صاحب مسلحتي كتب إلي: أن الرجل الصالح عمر بن عبد العزيز مات.

قال: فبكيت، واشتد بكائي، وارتفع صوتي.

فقال لي: ما يبكيك؟! ألنفسك تبكي، أم له، أم لأهل دينك؟

قلت: لكل أبكي.

قال: فابك لنفسك، ولأهل دينك،

فأما عمر، فلا تبك له، فإن الله لم يكن ليجمع عليه خوف الدنيا وخوف الآخرة.

ثم قال: ما عجبت لهذا الراهب الذي تعبد في صومعته وترك الدنيا، ولكن عجبت لمن أتته الدنيا منقادة، حتى صارت في يده، ثم خلى عنها.

ابن وهب: عن مالك: أن صالح بن علي الأمير سأل عن قبر عمر بن عبد العزيز، فلم يجد من يخبره، حتى دل على راهب، فسأله، فقال: قبر الصديق تريدون؟ هو في تلك المزرعة.

ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، حدثنا محمد بن مسلم بن جماز، عن عبد الرحمن بن محمد، قال: أوصى عمر بن عبد العزيز عند الموت، فدعا بشعر من شعر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأظفار من أظفاره، فقال: اجعلوه في كفني.

وعن رجاء بن حيوة: قال لي عمر بن عبد العزيز:

كن فيمن يغسلني، وتدخل قبري، فإذا وضعتموني في لحدي، فحل العقد، ثم انظر إلى وجهي، فإني قد دفنت ثلاثة من الخلفاء، كلهم إذا أنا وضعته في لحده حللت العقد، ثم نظرت إليه، فإذا وجهه مسود إلى غير القبلة.

قال رجاء: فدخلت القبر، وحللت العقد، فإذا وجهه كالقراطيس في القبلة.

إسنادها مظلم، وهي في (طبقات ابن سعد).

وروى: ابن سعد، وإسحاق بن سيار، عن عباد بن عمر الواشحي المؤذن، حدثنا مخلد بن يزيد - وكان فاضلا خيرا - عن يوسف بن ماهك، قال: بينا نحن نسوي التراب على قبر عمر بن عبد العزيز، إذ سقط علينا كتاب رق من السماء، فيه:

بسم الله الرحمن الرحيم، أمان من الله لعمر بن عبد العزيز من النار.

قلت: مثل هذه الآية لو تمت، لنقلها أهل ذاك الجمع، ولما انفرد بنقلها مجهول، مع أن قلبي منشرح للشهادة لعمر أنه من أهل الجنة.

قال ابن المبارك: أخبرني ابن لهيعة، قال:

وجدوا في بعض الكتب: تقتله خشية الله -يعني: عمر بن عبد العزيز-.

محمد بن مسلم الطائفي: عن إبراهيم بن ميسرة:

أن عمر بن عبد العزيز اشترى موضع قبره قبل أن يموت بعشرة دنانير.

ولكثير عزة يرثيه:

روى: خليفة بن خياط، وغيره:

أن عمر بن عبد العزيز مات يوم الجمعة، لخمس بقين من رجب، سنة إحدى ومائة، بدير سمعان   من أرض حمص.

قال: وإنما هو من أرض المعرة، ولكن المعرة كانت من أعمال حمص هي وحماة.

وعاش: تسعا وثلاثين سنة ونصفا.

وقال جعفر الصادق، عن سفيان بن عاصم: إنه مات لخمس مضين من رجب، يوم الخميس، ودفن بدير سمعان، وصلى عليه: مسلمة بن عبد الملك.

قال: وكان أسمر، دقيق الوجه، حسنه، نحيف الجسم، حسن اللحية، بجبهته شجة.

وقال أبو عمر الضرير: مات بدير سمعان، من أرض حمص، يوم الجمعة، لعشر بقين من رجب، وله تسع وثلاثون سنة ونصف.

وقال طائفة: في رجب - لم يذكروا اليوم - وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وأياما.

قال سليمان بن عمير الرقي: حدثنا أبو أمية الخصي غلام عمر بن عبد العزيز، قال: بعثني عمر بدينارين إلى أهل الدير، فقال: إن بعتموني موضع قبري، وإلا تحولت عنكم.

قال هشام بن الغاز: نزلنا منزلا مرجعنا من دابق، فلما ارتحلنا، مضى مكحول، ولم نعلم أين يذهب، فسرنا كثيرا حتى جاء، فقلنا: أين ذهبت؟

قال: أتيت قبر عمر بن عبد العزيز، وهو على خمسة أميال من المنزل، فدعوت له.

ثم قال: لو حلفت ما استثنيت، ما كان في زمانه أحد أخوف لله ولا أزهد في الدنيا منه.

قال الحكم بن عمر الرعيني: رأيت عمر بن عبد العزيز يصلي في نعلين وسراويل، وكان لا يحفي شاربه، ورأيته يبدأ بالخطبة قبل العيدين، ثم ينزل فيصلي، وشهدت عمر بن عبد العزيز كتب إلى أصحاب الطرز:

لا تجعلوا سدى الخز   إلا من قطن، ولا تجعلوا فيه إبريسم.

وصليت معه، فكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في كل سورة يقرؤها ، وصليت خلفه الفجر، فقنت

قبل الركوع، ورأيته يأتي العيدين ماشيا، ويرجع ماشيا، ورأيت خاتمه من فضة، وفصه من فضة مربع.

فهذه الفوائد من نسخة خالد بن مرداس، سمعها من الحكم.

أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن المؤيد الطوسي، أخبرنا محمد بن المفضل، أخبرنا عبد الغافر الفارسي، أخبرنا محمد بن عمرويه، أخبرنا إبراهيم بن محمد، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثني عمرو الناقد، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن سهيل بن أبي صالح، قال: كنا بعرفة، فمر عمر بن عبد العزيز وهو على الموسم، فقام الناس ينظرون إليه، فقلت لأبي: يا أبة! إني أرى الله يحب عمر بن عبد العزيز.

قال: وما ذاك؟

قلت: لما له من الحب في قلوب الناس.

قال: سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-...، فذكر مثل حديث جرير عن سهيل، وهو: (إن الله إذا أحب عبدا، دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا فأحبه.

قال: فيحبه جبريل.

ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلانا، فأحبوه. فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض  ).

سعيد بن منصور: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبيه: أن حيان بن شريح عامل مصر كتب إلى عمر بن عبد العزيز: إن أهل الذمة قد أشرعوا في الإسلام، وكسروا الجزية.

فكتب إليه: إن الله بعث محمدا -صلى الله عليه وسلم- داعيا، ولم يبعثه جابيا، فإذا أتاك كتابي، فإن كان أهل الذمة أشرعوا في الإسلام، وكسروا الجزية، فاطو كتابك، وأقبل.

ابن وهب: حدثني مالك: أن عمر بن عبد العزيز ذكر بعض ما مضى من العدل والجور، فقال هشام بن عبد الملك: إنا -والله- لا نعيب أبانا، ولا نضع شرفنا.

فقال عمر: أي عيب أعيب ممن عابه القرآن؟!

قال ابن عيينة: قال رجل لعمر بن عبد العزيز: جزاك الله عن الإسلام خيرا.

قال: بل جزى الله الإسلام عني خيرا.

ابن سعد: أخبرنا علي بن محمد، عن لوط بن يحيى، قال: كان الولاة من بني أمية قبل عمر بن عبد العزيز يشتمون رجلا -رضي الله عنه- فلما ولي هو، أمسك عن ذلك، فقال كثير عزة الخزاعي:

لجرير:

ولعمر بن عبد العزيز من الولد: ابنه عبد الملك الذي توفي قبله، وعبد الله الذي ولي العراق، وعبد العزيز الذي ولي الحرمين، وعاصم، وحفص، وإسماعيل، وعبيد الله، وإسحاق، ويعقوب، ويزيد، وإصبغ، والوليد، وزبان، وآدم، وإبراهيم.

فأم إبراهيم كلبية، وسائرهم لعلات.

ومات معه في سنة إحدى ومائة.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 5- ص: 445

عمر بن عبد العزيز قال الشيخ رحمه الله: ومنهم المحتصن الحريز، ذو الشجى والأزيز، المولى عمر بن عبد العزيز  كان واحد أمته في الفضل، ونجيب عشيرته في العدل، جمع زهدا وعفافا، وورعا وكفافا، شغله آجل العيش عن عاجله، وألهاه إقامة العدل عن عاذله، كان للرعية أمنا وأمانا، وعلى من خالفه حجة وبرهانا، كان مفوها عليما، ومفهما حكيما وقيل: إن التصوف الإعراض عن الدني، والإقبال على البهي، متواثبا للدنو، ومتعاليا للسمو

حدثنا إبراهيم بن أحمد بن أبي حصين، ثنا جدي أبو حصين محمد بن الحسين بن حبيب الوادعي القاضي، ثنا عبد الرحمن بن يونس الرقي، أخبرني عطاء بن مسلم الخفاف، عن عمرو بن قيس الملائي قال: سئل محمد بن علي بن الحسين، عن عمر بن عبد العزيز، فقال: «أما علمت أن لكل قوم نجيبة، وأن نجيب بني أمية عمر بن عبد العزيز، وأنه يبعث يوم القيامة أمة وحده»

وحدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا سليمان بن حرب، ثنا مبارك بن فضالة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع قال: كنت أسمع ابن عمر كثيرا يقول: «ليت شعري، من هذا الذي في وجهه علامة من ولد عمر يملأ الأرض عدلا؟»

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا عبد الرزاق قال: أخبرني أبي قال: قال وهب بن منبه: «إن كان في هذه الأمة مهدي فهو عمر بن عبد العزيز»

حدثنا محمد بن علي قال: ثنا الحسين بن محمد بن حماد، ثنا أيوب بن محمد الوزان، ثنا ضمرة بن ربيعة، عن السري بن يحيى، عن رباح بن عبيدة قال: خرج عمر بن عبد العزيز إلى الصلاة، وشيخ متوكئ على يده، فقلت في نفسي: إن هذا الشيخ جاف، فلما صلى ودخل لحقته فقلت: أصلح الله الأمير، من الشيخ الذي كان متكئا على يدك؟ قال: يا رباح رأيته؟ قلت: نعم، قال: ما أحسبك يا رباح إلا رجلا صالحا، ذاك أخي الخضر أتاني فأعلمني أني سألي أمر هذه الأمة، وأني سأعدل فيها "

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني الحسن بن عبد العزيز، ثنا أيوب بن سويد، ثنا محمد بن فضالة، أن عبد الله بن عمر بن عبد العزيز، وقف براهب الجزيرة في صومعة له، قد أتى عليه فيها عمر طويل، وكان ينسب إليه علم من علم الكتب، فهبط إليه ولم ير هابطا إلى أحد قبله، وقال له: أتدري لم هبطت إليك؟ قال: «لا» قال: لحق أبيك، إنا نجده من أئمة العدل بموضع رجب من الأشهر الحرم قال: ففسره لنا أيوب بن سويد فقال: " ثلاثة متوالية: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، أبو بكر، وعمر، وعثمان، ورجب منفرد منها عمر بن عبد العزيز

حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني، ثنا عامر بن شعيب، ثنا يحيى بن أيوب، ثنا رزق بن رزق الكندي، حدثني جسر القصاب قال: كنت أحلب الغنم في خلافة عمر بن عبد العزيز، فمررت براع وفي غنمه نحو من ثلاثين ذئبا، فحسبتها كلابا، ولم أكن رأيت الذئاب قبل ذلك، فقلت: يا راعي، ما ترجو بهذه الكلاب كلها؟ فقال: «يا بني إنها ليست كلابا، إنما هي ذئاب» فقلت: سبحان الله، ذئب في غنم لا تضرها؟ فقال: «يا بني، إذا صلح الرأس فليس على الجسد بأس، وكان ذلك في خلافة عمر بن عبد العزيز»

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني علي بن سلم الطوسي، ثنا سيار، ثنا جعفر قال: ثنا مالك بن دينار قال: لما استعمل عمر بن عبد العزيز على الناس قال رعاء الشاء: من هذا العبد الصالح الذي قام على الناس؟ قيل لهم: وما علمكم بذلك؟ قالوا: «إنه إذا قام على الناس خليفة عدل كفت الذئاب عن شائنا»

حدثنا مخلد بن جعفر، ثنا محمد بن يحيى المروزي قال: ثنا خالد بن خداش، ثنا حماد بن زيد، ثنا موسى بن أعين قال: " كنا نرعى الشاء بكرمان في خلافة عمر بن عبد العزيز، فكانت الشاء والذئب ترعى في مكان واحد، فبينا نحن ذات ليلة إذ عرض الذئب لشاة، فقلت: ما نرى  الرجل الصالح إلا قد هلك " قال حماد: فحدثني هذا أو غيره أنهم حسبوا فوجدوه قد هلك في تلك الليلة

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، ثنا عفان بن مسلم، ثنا عثمان بن عبد الحميد، ثنا الوليد قال: بلغنا أن رجلا كان ببعض خراسان قال: " أتاني آت في المنام فقال: إذا قام أشج بني مروان فانطلق فبايعه، فإنه إمام عادل، فجعلت أسأل كلما قام خليفة حتى قام عمر بن عبد العزيز، فأتاني ثلاث مرات في المنام، فلما كان آخر ذلك زبرني فأوعدني، فرحلت إليه، فلما قدمت لقيته فحدثته الحديث، فقال: ما اسمك؟ ومن أين أنت؟ وأين منزلك؟ فقلت: بخراسان، قال: ومن أمير المكان الذي أنت به؟ ومن صديقك هناك؟ ومن عدوك؟ فألطف المسألة ثم حبسني أربعة أشهر، فشكوت إلى مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز، فقال: إنه كتب فيك، قال: فدعاني بعد أشهر فقال: إني كتبت فيك فجاءني ما أسر به من قبل صديقك وعدوك، فهلم فبايعني على السمع والطاعة والعدل، فإذا تركت ذلك فليس عليك بيعة، قال: فبايعته، قال: أبك حاجة؟ فقلت: لا، أنا غني في المال، إنما أتيتك لهذا، فودعته ومضيت "

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا هارون بن معروف، ثنا ضمرة، عن علي بن أبي حملة، عن أبي الأعين قال: كنت في صحن بيت المقدس مع خالد بن يزيد بن معاوية، إذ أقبل فتى شاب فسلم على خالد، فأقبل عليه خالد، فقال الفتى لخالد: هل علينا من عين؟ قال: فبدرت فقلت: نعم، عليكما من الله عين سميعة بصيرة، فترورقت عينا الفتى، ونزع يده من خالد ثم ولى فقلت: لخالد: من هذا؟ قال: أما تعرف هذا؟ هذا عمر بن عبد العزيز، أخو أمير المؤمنين، ولئن طال بك وبه حياة لتراه إمام هدى "

حدثنا أحمد بن جعفر، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني منصور بن بشير، ثنا إسماعيل بن عياش، عن ابن إسحاق، عن إبراهيم بن عقبة، عن عطاء مولى  أم بكرة الأسلمية، عن حبيب بن هند الأسلمي قال: قال لي سعيد بن المسيب ونحن على عرفة: " إنما الخلفاء ثلاثة، قلت: من الخلفاء؟ قال: أبو بكر، وعمر، وعمر، قلت: هذا أبو بكر وعمر قد عرفناهما، فمن عمر الثالث؟ قال: إن عشت أدركته وإن مت كان بعدك "

حدثنا محمد بن علي، ثنا الحسين بن أبي معشر، ثنا عمرو بن عثمان، وأيوب بن محمد الوزان قالا: ثنا ضمرة، عن رجاء، عن ابن عون قال: كان ابن سيرين إذا سئل عن الطلاء، قال: «نهى عنه إمام الهدى، يعني عمر بن عبد العزيز»

حدثنا محمد بن علي، ثنا الحسين بن أبي معشر، ثنا عمرو، ثنا ضمرة، عن ابن شوذب قال: قال الحسن: إن كان مهدي فعمر بن عبد العزيز، وإلا فلا مهدي إلا عيسى ابن مريم عليه السلام

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا فطر بن حماد بن واقد، ثنا أبي قال: سمعت مالك بن دينار قال: الناس يقولون: مالك بن دينار زاهد، إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز، الذي أتته الدنيا فتركها

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا أبو مرداس الرقي، ثنا إبراهيم بن بكار الأسدي، ثنا أبو يونس بن أبي شبيب قال: شهدت عمر بن عبد العزيز وهو يطوف بالبيت، وإن حجزة إزاره لغائبة في عكنه «ثم رأيته بعدما استخلف، ولو شئت أن أعد أضلاعه من غير أن أمسها لفعلت»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا الحسن بن عبد العزيز، ثنا عبد الله بن يوسف، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال: قال لي أبو جعفر - يعني أمير المؤمنين -: " كم كانت غلة أبيك عمر حين ولي الخلافة؟ قلت: أربعين ألف دينار، قال: فكم كانت غلته حين توفي؟ قلت: أربعمائة دينار، ولو بقي لنقصت "

حدثنا محمد بن علي، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، حدثني أبي، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال: دعاني  أبو جعفر فقال: " كم كانت غلة عمر حين أفضت إليه الخلافة؟ قلت: خمسون ألف دينار، قال: كم كانت يوم مات؟ قلت ما زال يردها حتى كانت مائتي دينار، ولو بقي لردها "

حدثنا محمد بن علي، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا إبراهيم بن هشام، حدثني أبي، عن جدي، عن مسلمة بن عبد الملك قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز أعوده في مرضه، فإذا عليه قميص وسخ، فقلت لفاطمة بنت عبد الملك: " يا فاطمة، اغسلي قميص أمير المؤمنين، قالت: نفعل إن شاء الله، ثم عدت فإذا القميص على حاله، فقلت: يا فاطمة، ألم آمركم أن تغسلوا قميص أمير المؤمنين؟ فإن الناس يعودونه، قالت: والله ما له قميص غيره "

حدثنا أحمد بن إسحاق، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، ثنا يزيد بن حكيم أبو خالد العسكري، ثنا سعيد بن مسلمة، عن أبي بشير مولى مسلمة بن عبد الملك، عن مسلمة قال: " دخلت على عمر بن عبد العزيز في اليوم الذي مات فيه، وفاطمة بنت عبد الملك جالسة عند رأسه، فلما رأتني تحولت وجلست عند رجليه، وجلست أنا عند رأسه، فإذا عليه قميص وسخ مخرق الجيب، فقلت لها: لو أبدلتم هذا القميص، فسكتت ثم أعدت القول عليها مرارا، حتى غلظت، فقالت: والله ما له قميص غيره "

حدثنا محمد بن علي، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا محمد بن أبي السري، ثنا محمد بن مروان العجلي، ثنا عمارة بن أبي حفصة قال: دخلت على عمر في مرضه وعليه قميص قد اتسخ وتخرق جيبه، فدخل مسلمة فقال لأخته فاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر: ناوليني قميصا سوى هذا، حتى نلبسه أمير المؤمنين، فإن الناس يدخلون عليه، فقال عمر: «دعها يا مسلمة، فما أصبح ولا أمسى لأمير المؤمنين ثوب غير الذي ترى عليه»

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني الحكم بن موسى، ثنا يحيى بن حمزة، عن سليمان يعني ابن داود، أن عمر بن عبد العزيز قال لبنيه: «لا تتهموا الخازن، فإني لا أدع إلا أحدا وعشرين دينارا ، فيها لأهل الدير أجر مساكنهم، وثمن حقل كانت فيه له، وموضع قبره، فإني أعلم أنهم لا يعتملونه»

حدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا الحسين بن محمد بن حماد قال: ثنا سليمان بن عمر الرقي، ثنا أبو أمية الخصي، غلام عمر بن عبد العزيز قال: بعثني عمر بن عبد العزيز بدينارين إلى أهل الدير فقال: إن بعتموني موضع قبري وإلا تحولت عنكم، قال: فأتيتهم فقالوا: لولا أنا نكره أن يتحول عنا ما قبلناه، قال: ودخلت مع عمر الحمام يوما، فاطلى فولى مغابنه بيده، ودخلت يوما إلى مولاتي فغدتني عدسا، فقلت: كل يوم عدس؟ فقالت: يا بني هذا طعام مولاك أمير المؤمنين عمر "

حدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا الحسين بن محمد، ثنا سليمان بن سيف، ثنا سعيد بن عامر، عن عون بن المعتمر قال: دخل عمر بن عبد العزيز على امرأته فقال: يا فاطمة عندك درهم أشتري به عنبا؟ قالت: لا، قال: فعندك نمية - يعني الفلوس - أشتري بها عنبا؟ قالت: لا، فأقبلت عليه فقالت: أنت أمير المؤمنين لا تقدر على درهم ولا نمية تشتري بها عنبا؟ قال: هذا أهون علينا من معالجة الأغلال غدا في نار جهنم "

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا علي بن إسحاق، ثنا حسين المروزي، ثنا عبد الله بن المبارك، ثنا إبراهيم بن نشيط قال: حدثني سليمان بن حميد المدني، عن أبي عبيدة، عن عقبة بن نافع القرشي: أنه دخل على فاطمة بنت عبد الملك فقال لها: ألا تخبريني عن عمر،؟ فقالت: «ما أعلم أنه اغتسل لا من جنابة ولا من احتلام منذ استخلفه الله حتى قبضه»

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا علي بن إسحاق، ثنا حسين المروزي، ثنا عبد الله بن المبارك قال: ثنا أبو الصباح، حدثني سهل بن صدقة مولى عمر بن عبد العزيز، حدثني بعض خاصة آل عمر: أنه حين أفضت إليه الخلافة سمعوا في منزله بكاء عاليا، فسألوا عن البكاء فقالوا: إن عمر خير جواريه، فقال: قد نزل بي أمر قد شغلني عنكن، فمن أحب أن أعتقه أعتقته، ومن أحب أن أمسكه أمسكته إن لم يكن مني إليها شيء، فبكين إياسا منه "

حدثنا محمد بن علي، ثنا محمد بن الحسن، ثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى، حدثني أبي، عن جدي قال: كنت أنا وابن أبي زكريا، بباب عمر، فسمعنا بكاء، في داره، فسألنا عنه فقالوا: «خير أمير المؤمنين امرأته بين أن تقيم في منزلها، وأعلمها أنه قد شغل عن النساء بما في عنقه، وبين أن تلحق بمنزل أبيها، فبكت فبكى جواريها لبكائها»

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا علي بن إسحاق، ثنا حسين المروزي، ثنا ابن المبارك، ثنا جرير بن حازم قال: أخبرني المغيرة بن حكيم قال: قالت لي فاطمة بنت عبد الملك: يا مغيرة، قد يكون من الرجال من هو أكثر صلاة وصياما من عمر، ولكني لم أر من الناس أحدا قط كان أشد خوفا من ربه من عمر، كان إذا دخل البيت ألقى نفسه في مسجده، فلا يزال يبكي ويدعو حتى تغلبه عيناه، ثم يستيقظ فيفعل مثل ذلك ليلته أجمع "

حدثنا أبي، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، ثنا محمد بن يزيد، ثنا عبد العزيز بن الوليد بن أبي السائب قال: سمعت أبي يقول: ما رأيت أحدا قط الخوف - أو قال: الخشوع - أبين على وجهه من عمر بن عبد العزيز "

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية، عن أبي عثمان الثقفي قال: كان لعمر بن عبد العزيز غلام يعمل على بغل له، يأتيه بدرهم كل يوم، فجاءه يوما بدرهم ونصف، فقال: «ما بدا لك؟» فقال: نفقت السوق، قال: «لا، ولكنك أتعبت البغل، أرحه ثلاثة أيام»

حدثنا محمد بن علي، ثنا أبو العباس بن قتيبة، ثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى قال: حدثني أبي، عن جدي قال: كانت لفاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر جارية، فبعثت بها إليه وقالت: إني قد كنت أعلم أنها تعجبك، وقد وهبتها لك، فتناول منها حاجتك، فقال لها عمر: " اجلسي يا جارية، فوالله ما شيء من الدنيا كان أعجب إلي أن أناله منك، فأخبريني بقصتك وما كان من سيبك، قالت: كنت جارية من البربر، جنى أبي جناية فهرب من موسى بن نصير عامل عبد الملك على إفريقية، فأخذني موسى بن نصير فبعث بي إلى عبد الملك  فوهبني عبد الملك لفاطمة، فأرسلت بي إليك، فقال: كدنا والله أن نفتضح، فجهزها وأرسل بها إلى أهلها "

حدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا الحسن بن محمد الحراني، ثنا أبو الحسين الرهاوي، ثنا زيد بن الحباب قال: أخبرني معاوية بن صالح، حدثني سعيد بن سويد، أن عمر بن عبد العزيز صلى بهم الجمعة، ثم جلس وعليه قميص مرقوع الجيب من بين يديه ومن خلفه، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين، إن الله قد أعطاك، فلو لبست؟ فنكس مليا، ثم رفع رأسه فقال: أفضل القصد عند الجدة، وأفضل العفو عند المقدرة "

حدثنا الحسن بن محمد بن كيسان، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا محمد بن أبي بكر قال: ثنا سعيد بن عامر، عن قربان بن دبيق قال: مرت بي ابنة لعمر بن عبد العزيز يقال لها أمينة، فدعاها عمر: يا أمين، يا أمين، فلم تجبه، فأمر إنسانا فجاء بها، فقال: ما منعك أن تجيبيني؟ قالت: إني عارية، فقال: يا مزاحم، انظر تلك الفراش التي فتقناها فاقطع لها منها قميصا، فقطع منها قميصا، فذهب إنسان إلى أم البنين عمتها، فقال: بنت أخيك عارية، وأنت عندك ما عندك، فأرسلت إليها بتخت من الثياب، وقالت: لا تطلبي من عمر شيئا "

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمد بن زكريا الغلابي، ثنا مهدي بن سابق النهدي، ثنا عبد الله بن عياش، عن أبيه، أن عمر بن عبد العزيز شيع جنازة، فلما انصرفوا تأخر عمر وأصحابه ناحية عن الجنازة، فقال له أصحابه: يا أمير المؤمنين، جنازة أنت وليها تأخرت عنها فتركتها وتركتنا؟ فقال: نعم، ناداني القبر من خلفي، يا عمر بن عبد العزيز ألا تسألني ما صنعت بالأحبة؟ قلت: بلى، قال: خرقت الأكفان، ومزقت الأبدان، ومصصت الدم، وأكلت اللحم، ألا تسألني ما صنعت بالأوصال؟ قلت: بلى، قال: نزعت الكفين من الذراعين، والذراعين من العضدين، والعضدين من الكتفين، والوركين من الفخذين، والفخذين من الركبتين، والركبتين من الساقين، والساقين من القدمين، ثم بكى عمر، فقال: ألا إن الدنيا بقاؤها قليل، وعزيزها ذليل، وغنيها فقير ، وشبابها يهرم، وحيها يموت، فلا يغرنكم إقبالها مع معرفتكم بسرعة إدبارها، والمغرور من اغتر بها، أين سكانها الذين بنوا مدائنها، وشققوا أنهارها، وغرسوا أشجارها، وأقاموا فيها أياما يسيرة، غرتهم بصحتهم، وغروا بنشاطهم، فركبوا المعاصي، إنهم كانوا والله في الدنيا مغبوطين بالأموال على كثرة المنع عليه، محسودين على جمعه، ما صنع التراب بأبدانهم، والرمل بأجسادهم، والديدان بعظامهم وأوصالهم، كانوا في الدنيا على أسرة ممهدة، وفرش منضدة، بين خدم يخدمون، وأهل يكرمون، وجيران يعضدون، فإذا مررت فنادهم إن كنت مناديا، وادعهم إن كنت لابد داعيا، ومر بعسكرهم، وانظر إلى تقارب منازلهم التي كان بها عيشهم، وسل غنيهم ما بقي من غناه، وسل فقيرهم ما بقي من فقره، وسلهم عن الألسن التي كانوا بها يتكلمون، وعن الأعين التي كانت إلى اللذات بها ينظرون، وسلهم عن الجلود الرقيقة، والوجوه الحسنة، والأجساد الناعمة، ما صنع بها الديدان، محت الألوان، وأكلت اللحمان، وعفرت الوجوه، ومحت المحاسن، وكسرت الفقار، وأبانت الأعضاء، ومزقت الأشلاء، وأين حجالهم وقبابهم، وأين خدمهم وعبيدهم، وجمعهم ومكنوزهم، والله ما زودوهم فراشا، ولا وضعوا هناك متكأ، ولا غرسوا لهم شجرا، ولا أنزلوهم من اللحد قرارا، أليسوا في منازل الخلوات والفلوات؟ أليس الليل والنهار عليهم سواء؟ أليس هم في مدلهمة ظلماء، قد حيل بينهم وبين العمل، وفارقوا الأحبة؟ فكم من ناعم وناعمة أصبحوا ووجوههم بالية، وأجسادهم من أعناقهم نائية، وأوصالهم ممزقة، قد سالت الحدق على الوجنات، وامتلأت الأفواه دما وصديدا، ودبت دواب الأرض في أجسادهم، ففرقت أعضاءهم، ثم لم يلبثوا والله إلا يسيرا حتى عادت العظام رميما، قد فارقوا الحدائق، فصاروا بعد السعة إلى المضايق، قد تزوجت نساؤهم، وترددت في الطرق أبناؤهم، وتوزعت القرابات ديارهم وتراثهم، فمنهم والله الموسع له في قبره، الغض الناضر فيه، المتنعم بلذته، يا ساكن القبر غدا ما الذي غرك من الدنيا؟ هل تعلم أنك تبقى أو تبقى لك؟  أين دارك الفيحاء، ونهرك المطرد؟ وأين ثمرك الناضر ينعه؟ وأين رقاق ثيابك؟ وأين طيبك؟ وأين بخورك؟ وأين كسوتك لصيفك وشتائك؟ أما رأيته قد نزل به الأمر فما يدفع عن نفسه وجلا؟ وهو يرشح عرقا، ويتلمظ عطشا، يتقلب من سكرات الموت وغمراته، جاء الأمر من السماء، وجاء غالب القدر والقضاء، جاء من الأمر والأجل ما لا تمتنع منه، هيهات هيهات يا مغمض الوالد والأخ والولد، وغاسله يا مكفن الميت وحامله، يا مخليه في القبر، وراجعا عنه، ليت شعري كيف كنت على خشونة الثرى، يا ليت شعري بأي خديك بدأ البلى، يا مجاور الهلكات، صرت في محلة الموتى، ليت شعري ما الذي يلقاني به ملك الموت عند خروجي من الدنيا؟ وما يأتيني به من رسالة ربي؟ ثم تمثل:

[البحر الطويل]

ثم انصرف فما بقي بعد ذلك إلا جمعة

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن الحسين الحضرمي، ثنا علي بن مطر، ثنا أسد بن زيد قال: كنا مع عمر بن عبد العزيز في جنازة، فلما أن دفن الميت ركب بغلة له صغيرة، ثم جاء إلى قبر، فركز عليه المقرعة فقال: السلام عليك يا صاحب القبر قال عمر: فناداني مناد من خلفي: وعليك السلام يا عمر بن عبد العزيز، عم تسأل؟ فقلت: عن ساكنك وجارك، قال: أما البدن فعندي، والروح عرج به إلى الله عز وجل، ما أدري أي شيء حاله، قلت: أسألك عن ساكنك وجارك، قال: دمغت المقلتين، وأكلت الحدقتين، ومزقت الأكفان، وأكلت الأبدان «ثم ذكر نحوه وذكر الشعر»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي، ثنا محمد بن يحيى الأزدي، ثنا عبيد بن نوح، عن أبي بكر البصري، عن أبي قرة قال: خرج عمر بن عبد العزيز على بعض جنائز بني مروان، فلما صلى عليها وفرغ قال  لأصحابه: توقفوا، فوقفوا، فضرب بطن فرسه حتى أمعن في القبور، وتوارى عنهم، فاستبطأه الناس حتى ظنوا فجاء وقد احمرت عيناه وانتفخت أوداجه، قالوا: يا أمير المؤمنين، أبطأت علينا؟ قال: أتيت قبور الأحبة، قبور بني آبائي فسلمت عليهم، فلم يردوا السلام، فلما ذهبت أقفى ناداني التراب فقال: ألا تسألني يا عمر ما لقيت الأحبة؟ قلت: وما لقيت الأحبة؟ قال: خرقت الأكفان، وأكلت الأبدان، ونزعت المقلتين " فذكر نحوه، وزاد: " فلما ذهبت أقفى ناداني: يا عمر، عليك بأكفان لا تبلى، قلت: وما أكفان لا تبلى، قال: اتقاء الله والعمل الصالح

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن محمد، حدثني أبو صالح الشامي قال: قال عمر بن عبد العزيز: «

[البحر الخفيف]

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد، ثنا أحمد بن محمد العبدي، ثنا أبو بكر بن عبيد، ثنا محمد بن الحسين، ثنا خلف بن تميم، ثنا مفضل بن يونس قال: قال عمر بن عبد العزيز: لقد نغص هذا الموت على أهل الدنيا ما هم فيه من غضارة الدنيا وزهوتها، فبينا هم كذلك وعلى ذلك أتاهم جاد من الموت، فاخترمهم مما هم فيه، فالويل والحسرة هنالك لمن لم يحذر الموت ويذكره في الرخاء، فيقدم لنفسه خيرا يجده بعدما فارق الدنيا وأهلها، قال: ثم بكى عمر حتى غلبه البكاء فقام "

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد، ثنا أبو الحسن أحمد بن محمد العبدي ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد، حدثني محمد بن الحسن، ثنا إسحاق بن منصور بن حيان الأسدي، ثنا جابر بن نوح قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض أهل بيته: أما بعد «فإنك إن استشعرت ذكر الموت في ليلك أو نهارك، بغض إليك كل فان، وحبب إليك كل باق. والسلام»

حدثنا الحسن بن محمد بن كيسان، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا  ابن أبي بكر، ثنا سعيد بن عامر، عن أسماء بن عبيد قال: دخل عنبسة بن سعيد بن العاص على عمر بن عبد العزيز فقال: يا أمير المؤمنين، إن من كان قبلك من الخلفاء كانوا يعطون عطايا منعتناها، ولي عيال وضيعة، أفتأذن لي أن أخرج إلى ضيعتي وما يصلح عيالي؟ فقال عمر: " أحبكم إلينا من كفانا مؤنته، فخرج من عنده، فلما صار عند الباب قال عمر: أبا خالد، أبا خالد، فرجع، فقال: أكثر من ذكر الموت، فإن كنت في ضيق من العيش وسعه عليك، وإن كنت في سعة من العيش ضيقه عليك " حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا محمد بن يحيى المروزي، ثنا خالد بن خداش، ثنا حماد بن زيد، عن محمد بن عمرو، ثنا عنبسة بن سعيد قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز فذكر نحوه

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا ابن أبي عاصم، ح. وحدثنا محمد بن علي، ثنا الحسين بن محمد قالا: ثنا عمرو بن عثمان، ثنا خالد بن يزيد، عن جعونة قال: قال عمر بن عبد العزيز: يا أيها الناس، إنما أنتم أغراض تنتضل فيها المنايا، إنكم لا تؤتون نعمة إلا بفراق أخرى، وأية أكلة ليس معها غصة، وأية جرعة ليس معها شرقة، وإن أمس شاهد مقبول قد فجعكم بنفسه، وخلف في أيديكم حكمته، وإن اليوم حبيب مودع، وهو وشيك الظعن، وإن غدا آت بما فيه، وأين يهرب من يتقلب في يدي طالبه، إنه لا أقوى من طالب، ولا أضعف من مطلوب، إنما أنتم سفر تحلون عقد رحالكم في غير هذه الدار، إنما أنتم فروع أصول قد مضت، فما بقاء فرع بعد ذهاب أصله "

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني عبيد الله بن عمر القواريري، ثنا زائدة بن أبي الرقاد، ثنا عبيد الله بن العيزار قال: خطبنا عمر بن عبد العزيز بالشام على منبر من طين، فحمد الله وأثنى عليه، ثم تكلم بثلاث كلمات فقال: «أيها الناس أصلحوا سرائركم تصلح علانيتكم، واعملوا لآخرتكم تكفوا دنياكم، واعلموا أن رجلا ليس بينه وبين آدم أب حي لمغرق له في الموت والسلام عليكم»

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا إبراهيم بن شريك، ثنا أحمد بن  عبد الله بن يونس، ثنا فضيل بن عياض، عن السري بن يحيى، عن عمر بن عبد العزيز قال: " أصلحوا آخرتكم تصلح لكم دنياكم، وأصلحوا سرائركم تصلح لكم علانيتكم، والله إن عبدا - أو قال: رجلا - ليس بينه وبين آدم إلا أب له قد مات لمغرق له في الموت "

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا الحسن بن متوكل، ثنا أبو الحسن المدائني قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمر بن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة يعزيه على ابنه: أما بعد «فإنا قوم من أهل الآخرة أسكنا الدنيا، أموات أبناء أموات، والعجب لميت يكتب إلى ميت يعزيه عن ميت، والسلام»

حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا علي بن رستم، ثنا عبد الرحمن بن عمر، ثنا أبو الجراح، حدثني محمد الكوفي قال: شهدت عمر بن عبد العزيز يخطب، فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس، إن الله تعالى خلق خلقه ثم أرقدهم، ثم يبعثهم من رقدتهم، فإما إلى جنة وإما إلى نار، والله إن كنا مصدقين بهذا إنا لحمقى، وإن كنا مكذبين بهذا إنا لهلكى ثم نزل "

حدثنا أبي، ثنا أبو الحسن بن أبان، ثنا أبو بكر بن عبيد، ثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا يحيى بن أبي بكر، ثنا عبد الله بن المفضل التميمي قال: آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز أن صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، " فإن ما في أيديكم أسلاب الهالكين، وسيتركها الباقون كما تركها الماضون، ألا ترون أنكم في كل يوم وليلة تشيعون غاديا أو رائحا إلى الله تعالى وتضعونه في صدع من الأرض ثم في بطن الصدع، غير ممهد ولا موسد، قد خلع الأسلاب، وفارق الأحباب، وأسكن التراب، وواجه الحساب، فقير إلى ما قدم أمامه، غني عما ترك بعده؟، أما والله إني لأقول لكم هذا، وما أعرف من أحد من الناس مثل ما أعرف من نفسي، قال: ثم قال: بطرف ثوبه على عينه فبكى، ثم نزل فما خرج حتى أخرج إلى حفرته "

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا أبو بكر بن مكرم، ثنا منصور بن أبي مزاحم، ثنا شعيب بن صفوان، عن عيسى، أن عمر بن عبد العزيز، كتب إلى رجل: أما بعد «فإني أوصيك  بتقوى الله، والانشمار لما استطعت من مالك، وما رزقك الله إلى دار قرارك، فكأنك والله ذقت الموت، وعاينت ما بعده بتصريف الليل والنهار، فإنهما سريعان في طي الأجل، ونقص العمر، لم يفتهما شيء إلا أفنياه، ولا زمن مرا به إلا أبلياه، مستعدان لمن بقي بمثل الذي أصاب من قد مضى، فنستغفر الله لسيئ أعمالنا، ونعوذ به من مقته إيانا على ما نعظ به مما نقصر عنه»

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا ابن أبي عاصم، ح. وحدثنا محمد بن علي، ثنا الحسين بن محمد قالا: ثنا عمرو بن عثمان، ثنا خالد بن يزيد، عن جعونة قال: " لما مات عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز، جعل عمر يثني عليه، فقال له مسلمة: يا أمير المؤمنين، لو بقي كنت تعهد إليه؟ قال: لا، قال: ولم وأنت تثني عليه؟ قال: أخاف أن يكون زين في عيني منه ما زين في عين الوالد من ولده "

حدثنا الحسن بن محمد بن كيسان، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا نصر بن علي، ثنا محمد بن يزيد بن حبيش، عن وهيب بن الورد قال: " اجتمع بنو مروان على باب عمر بن عبد العزيز، وجاء عبد الملك بن عمر ليدخل على أبيه، فقالوا له: إما أن تستأذن، لنا، وإما أن تبلغ أمير المؤمنين عنا الرسالة، قال: قولوا، قالوا: إن من كان قبله من الخلفاء كان يعطينا ويعرف لنا موضعنا، وإن أباك قد حرمنا ما في يديه، قال: فدخل على أبيه فأخبره عنهم، فقال له عمر: " قل لهم: إن أبي يقول لكم: إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم "

حدثنا أبي، ثنا أبو الحسن بن أبان، ثنا أبو بكر بن عبيد، ثنا المفضل بن غسان، ثنا أبي، عن رجل من الأزد قال: قال رجل لعمر بن عبد العزيز: أوصني قال: «أوصيك بتقوى الله وإيثاره تخف عليك المؤنة، وتحسن لك من الله المعونة»

حدثنا أبي قال ثنا أبو الحسن بن أبان، ثنا أبو بكر، حدثني محمد بن إدريس، ثنا محمد بن حميد، ثنا زافر بن سليمان، ثنا حمزة الجزري قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل: «أوصيك بتقوى الله الذي لا يقبل غيرها، ولا يرحم إلا أهلها، ولا يثيب إلا عليها، فإن الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل»

حدثنا أبي، ثنا أبو الحسن، ثنا أبو بكر، حدثني الحسن بن محبوب، ثنا أبو  توبة الربيع بن نافع، ثنا أبو ربيعة عبيد الله بن عبيد الله بن عدي الكندي، عن أبيه، عن جده قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله: أما بعد «فكأن العباد قد عادوا إلى الله تعالى ثم ينبئهم بما عملوا، ليجزي الذين أساءوا بما عملوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، فإنه لا معقب لحكمه، ولا ينازع في أمره، ولا يقاطع في حقه الذي استحفظه عباده، وأوصاهم به، وإني أوصيك بتقوى الله، وأحثك على الشكر فيما اصطنع عندك من نعمة، وآتاك من كرامة، فإن نعمه يمدها شكره، ويقطعها كفره، أكثر ذكر الموت الذي لا تدري متى يغشاك، ولا مناص ولا فوت، وأكثر من ذكر يوم القيامة وشدته، فإن ذلك يدعوك إلى الزهادة فيما زهدت فيه، والرغبة فيما رغبت فيه، ثم كن مما أوتيت من الدنيا على وجل، فإن من لا يحذر ذلك ولا يتخوفه توشك الصرعة أن تدركه في الغفلة، وأكثر النظر في عملك في دنياك بالذي أمرت به، ثم اقتصر عليه، فإن فيه لعمري شغلا عن دنياك، ولن تدرك العلم حتى تؤثره على الجهل، ولا الحق حتى تذر الباطل، فنسأل الله لنا ولك حسن معونته، وأن يدفع عنا وعنك بأحسن دفاعه برحمته»

حدثنا محمد بن أحمد بن أبان، ثنا أبي، ثنا أبو بكر بن سفيان، ثنا محمد بن الحسين، ثنا عمرو بن جرير، حدثني أبو سريع الشامي قال: قال عمر بن عبد العزيز لرجل من جلسائه: أبا فلان، لقد أرقت الليلة تفكرا، قال: فيم يا أمير المؤمنين؟ قال: في القبر وساكنه، إنك لو رأيت الميت بعد ثالثة في قبره لاستوحشت من قربه بعد طول الأنس منك بناحيته، ولرأيت بيتا تجول فيه الهوام، ويجري فيه الصديد، وتخترقه الديدان، مع تغير الريح، وبلى الأكفان، بعد حسن الهيئة، وطيب الريح، ونقاء الثوب، ثم شهق شهقة، وخر مغشيا عليه، فقالت فاطمة: يا مزاحم، ويحك أخرج هذا الرجل عنا، فلقد نغص على أمير المؤمنين الحياة منذ ولي، فليته لم يل، قال: فخرج الرجل فجاءت فاطمة تصب على وجهه الماء وتبكي حتى أفاق من غشيته، فرآها تبكي فقال: ما يبكيك يا فاطمة؟ قالت: يا أمير المؤمنين، رأيت مصرعك بين أيدينا، فذكرت به مصرعك  بين يدي الله للموت، وتخليك من الدنيا، وفراقك لنا، فذاك الذي أبكاني، فقال: حسبك يا فاطمة، فلقد أبلغت، ثم مال ليسقط فضمته إلى نفسها، فقالت: بأبي أنت يا أمير المؤمنين، ما نستطيع أن نكلمك بكل ما نجد لك في قلوبنا، فلم يزل على حاله تلك حتى حضرته الصلاة، فصبت على وجهه ماء ثم نادته: الصلاة يا أمير المؤمنين، فأفاق فزعا "

حدثنا محمد بن أحمد بن أبان، ثنا أبي ثنا أبو بكر، حدثني محمد بن الحسين، حدثني يونس بن الحكم، حدثني عبد السلام، مولى مسلمة بن عبد الملك قال: بكى عمر بن عبد العزيز فبكت فاطمة، فبكى أهل الدار لا يدري هؤلاء ما أبكى هؤلاء، فلما تجلى عنهم العبر، قالت له فاطمة: بأبي أنت يا أمير المؤمنين، مم بكيت؟ قال: ذكرت يا فاطمة منصرف القوم من بين يدي الله عز وج‍ل، فريق في الجنة، وفريق في السعير، قال: «ثم صرخ وغشي عليه»

حدثنا محمد بن أحمد بن أبان، حدثني أبي، ثنا أبو بكر بن سفيان، ثنا محمد بن الحسين، حدثني أبو منصور الواسطي، ثنا المغيرة بن مطرف الرواسي، ثنا خالد بن صفوان، عن ميمون بن مهران قال: خرجت مع عمر بن عبد العزيز إلى المقبرة، فلما نظر إلى القبور بكى، ثم أقبل علي فقال: يا أبا أيوب، " هذه قبور آبائي بني أمية، كأنهم لم يشاركوا أهل الدنيا في لذتهم وعيشهم، أما تراهم صرعى قد خلت بهم المثلات، واستحكم فيهم البلاء، وأصابت الهوام في أبدانهم مقيلا؟ ثم بكى حتى غشي عليه، ثم أفاق فقال: انطلق بنا، فوالله ما أعلم أحدا أنعم ممن صار إلى هذه القبور، وقد أمن عذاب الله "

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد، ثنا أحمد بن محمد بن عمر، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد، حدثني محمد بن الحسين، ثنا إبراهيم بن مهدي قال: سمعت أخا شعيب بن صفوان يذكر، عن سفيان بن حسين، أن عمر بن عبد العزيز، استيقظ ذات يوم باكيا، فقيل له: ما شأنك يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت شيخا وقف علي فقال

[البحر الطويل]

 

قال: ولما مات عمر رجعت المياه التي تجري منقلبة

حدثنا أحمد بن إسحاق، نا عبد الله بن سليمان، نا المسيب بن واضح، نا إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي قال: أراد عمر بن عبد العزيز أن يستعمل رجلا على عمل فأبى، فقال له عمر: عزمت عليك لتفعلن، قال الرجل: وأنا أعزم على نفسي ألا أفعل، فقال عمر للرجل: لا تعص، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قال: {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها} الآية «المعصية كان ذلك منها» فأعفاه عمر "

حدثنا أحمد بن إسحاق، نا عبد الله بن سليمان، نا المسيب بن واضح، عن أبي إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمر بن الوليد كتابا فيه: وقسم لك أبوك الخمس كله، وإنما لك سهم أبيك، كسهم رجل من المسلمين، وفيه حق الله، والرسول، وذي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل، فما أكثر خصماء أبيك يوم القيامة، فكيف ينجو من كثر خصماؤه، وإظهارك المعازف والمزامير بدعة في الإسلام، لقد هممت أن أبعث إليك من يجز جمتك جمة السوء " قال: وكان عمر بن عبد العزيز يجعل كل يوم درهما من خاصة ماله في طعام المسلمين، ثم يأكل معهم "

حدثنا أحمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن سليمان، ثنا محمود بن خالد، وعمر بن عثمان، وكثير بن عبيد قالوا: ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، أن عمر بن عبد العزيز قال: «خذوا من الرأي ما يصدق من كان قبلكم، ولا تأخذوا ما هو خلاف لهم، فإنهم خير منكم وأعلم»

حدثنا أحمد، ثنا عبد الله، ثنا محمود، ثنا الوليد، عن أبي عمر، وقال، كتب عمر بن عبد العزيز برد أحكام من أحكام الحجاج مخالفة لأحكام الناس "

حدثنا أحمد، ثنا عبد الله، ثنا محمود، ثنا الوليد، عن الأوزاعي قال: لما قطع عمر بن عبد العزيز عن أهل، بيته ما كان يجري عليهم من أرزاق خاصة، وأمرهم بالانصراف إلى منازلهم، فتكلم في ذلك عنبسة بن سعيد فقال : يا أمير المؤمنين إن لنا قرابة قال: لن يتسع مالي وما لكم، وأما هذا المال فإنما حقكم فيه كحق رجل بأقصى برك الغماد، ولا يمنعه من أخذه إلا بعد مكانه، والله إني لأرى أن الأمور لو استحالت حتى يصبح أهل الأرض يرون مثل رأيكم، لنزلت بهم بائقة من عذاب الله، ولفعل بهم " قال: وكان عمر يجلس إلى قاص العامة بعد الصلاة، ويرفع يديه إذا رفع "

حدثنا أحمد، ثنا عبد الله، ثنا محمود، ثنا الوليد، عن أبي عمرو قال: دخلت ابنة أسامة بن زيد على عمر بن عبد العزيز ومعها مولاة لها تمسك بيدها فقام لها عمر ومشى إليها حتى جعل يديها في يده، ويده في ثيابه، ومشى بها حتى أجلسها في مجلسه، وجلس بين يديها وما ترك لها حاجة إلا قضاها "

حدثنا محمد بن علي، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، حدثني أبي، عن جدي قال: لما ولاني عمر بن عبد العزيز الموصل قدمتها فوجدتها من أكبر البلاد سرقا ونقبا، فكتبت إلى عمر أعلمه حال البلاد، وأسأله آخذ من الناس بالمظنة وأضربهم على التهمة؟ أو آخذهم بالبينة، وما جرت عليه عادة الناس؟ فكتب إلي أن آخذ الناس بالبينة وما جرت عليه السنة، فإن لم يصلحهم الحق فلا أصلحهم الله، قال يحيى: ففعلت ذلك، فما خرجت من الموصل حتى كانت من أصلح البلاد وأقله سرقا ونقبا "

حدثنا محمد، ثنا إبراهيم، حدثني أبي، عن جدي قال: دخل جعونة بن الحارث على عمر بن عبد العزيز، فقال له يا جعونة: إني قد ومقتك، فإياك أن أمقتك، تدري ما يحب أهلك منك؟ قال: نعم، يحبون صلاحي، قال: لا، ولكنهم يحبون ما أقام لهم سوادك، وأكلوا في غمارك، وبردوا على ظهرك، فاتق الله ولا تطعمهم إلا طيبا، قال: وسرنا ليلة مع عمر بن عبد العزيز، فتناول قلنسوة عن رأسه بيضاء مضربة فقال: كم ترونها تسوي؟ قلنا: درهم يا أمير المؤمنين، قال: والله ما أظنها من حلال "

حدثنا محمد، ثنا محمد بن إبراهيم، حدثني أبي، عن جدي، عن ميمون بن مهران قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: حدثني يا ميمون قال: فحدثته حديثا ، بكى منه بكاء شديدا، فقلت: يا أمير المؤمنين، لو علمت أنك تبكي هذا البكاء لحدثتك حديثا ألين من هذا، فقال: يا ميمون، " إنا نأكل هذه الشجرة العدس، وهي ما علمت مرقة للقلب، مغزرة للدمعة، مذلة للجسد، قال ميمون: ودعاني عمر فقال: يا مهران بن ميمون قلت أو ميمون بن مهران يا أمير المؤمنين، قال أو ميمون بن مهران إني أوصيك بوصية فاحفظها «إياك أن تخلو بامرأة غير ذات محرم، وإن حدثتك نفسك أن تعلمها القرآن»

حدثنا محمد، ثنا محمد بن إبراهيم، حدثني أبي، عن جدي قال: حج سليمان بن عبد الملك ومعه عمر بن عبد العزيز، فلما أشرف على عقبة عسفان نظر سليمان إلى عسكره فأعجبه ما رأى من حجره وأبنيته، فقال: كيف ترى ما هاهنا يا عمر؟ قال: أرى يا أمير المؤمنين دنيا يأكل بعضها بعضا، أنت المسئول عنها، والمأخوذ بما فيها، فطار غراب من حجرة سليمان ينعب في منقاره كسرة، فقال سليمان: ما ترى هذا الغراب يقول؟ قال: أظنه يقول من أين دخلت هذه الكسرة، وكيف خرجت، قال: إنك لتجيء بالعجب يا عمر، قال: إن شئت أخبرك بأعجب من هذا أخبرتك، قال: فأخبرني، قال: من عرف الله فعصاه، ومن عرف الشيطان فأطاعه، ومن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها، ثم اطمأن إليها، قال سليمان: نغصت علينا ما نحن فيه يا عمر، وضرب دابته وسار، فأقبل عمر حتى نزل عن دابته، فأمسك برأسها وذلك أنه سبق ثقله، فرأى الناس كل من قدم شيئا قدم عليه، فبكى عمر، فقال سليمان: ما يبكيك؟ قال: هكذا يوم القيامة، من قدم شيئا قدم عليه، ومن لم يقدم شيئا قدم على غير شيء "

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا إسحاق بن الحسن الحربي، ثنا عفان ح. وحدثنا الحسن بن محمد بن كيسان، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا ابن أبي بكر قالا: ثنا عمر بن علي المقدمي، عن الحجاج بن عنبسة بن سعيد قال: اجتمع بنو مروان فقالوا: لو دخلنا على أمير المؤمنين فعطفناه علينا، وذكرناه أرحامنا؟ قال: فدخلوا، فتكلم رجل منهم فمزح، قال: فنظر إليه عمر، قال: فوصل له رجل كلامه بالمزاح، فقال عمر: لهذا اجتمعتم؟ لأخس الحديث ولما يورث  الضغائن إذا اجتمعتم، فأفيضوا في كتاب الله تعالى، فإن تعديتم ذلك ففي السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن تعديتم ذلك فعليكم بمعاني الحديث "

حدثنا الحسن بن محمد بن كيسان، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا سعيد بن عامر، عن جويرية بن أسماء قال: قال عمر بن عبد العزيز لحاجبه: لا يدخلن علي اليوم إلا مرواني، فلما اجتمعوا عنده حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «يا بني مروان، إنكم قد أعطيتم حظا وشرفا وأموالا، إني لأحسب شطر أموال هذه الأمة أو ثلثه في أيديكم؟» فسكتوا، فقال عمر: «ألا تجيبوني؟» فقال رجل من القوم: والله لا يكون ذلك حتى يحال بين رءوسنا وأجسادنا، والله لا نكفر آباءنا، ولا نفقر أبناءنا، فقال عمر: «والله لولا أن تستعينوا علي بمن أطلب هذا الحق له لأصعرت خدودكم، قوموا عني»

حدثنا الحسن بن محمد، ثنا إسماعيل بن إسحاق، ثنا أبو ثابت محمد بن عبيد الله، ثنا ابن وهب، حدثني مالك، أن عمر بن عبد العزيز ذكر ما مضى من العدل والجور، وعنده هشام بن عبد الملك، فقال هشام: إنا والله لا نعيب آباءنا، ولا نضع شرفنا في قومنا، فقال عمر: «وأي عيب أعيب مما عابه القرآن؟»

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية، عن أبي عثمان الثقفي قال: كان لعمر بن عبد العزيز غلام على بغل له يأتيه كل يوم بدرهم، فجاءه يوما بدرهمين، فقال: ما بدا لك؟ قال نفقت السوق، قال: لا ولكنك أتعبت البغل، أجمه ثلاثة أيام "

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي ح. وحدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا زياد بن أيوب، ثنا يحيى بن أبي غنية، ثنا نوفل بن أبي الفرات قال: كانت بنو أمية ينزلون فلانة بنت مروان على أبواب القصر، فلما ولي عمر قال: لا يلي إنزالها أحد غيري، فأدخلوها على دابتها إلى باب قبته، فأنزلها ثم طبق لها وسادتين، إحداهما على  الأخرى، ثم أنشأ يمازحها، ولم يكن من شأنه المزاح، فقال: أما رأيت الحرس الذي على الباب؟ قالت: بلى، فربما رأيتهم عند من هو خير منك، فلما رأى الغضب لا يتحلل عنها، أخذ في الجد وترك المزاح، فقال: يا عمة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض فترك الناس على نهر مورود، فولي ذلك النهر بعده رجل فلم يستنقص منه شيئا، ثم ولي ذلك النهر بعد ذلك الرجل رجل آخر فكرى منه ساقية، ثم لم يزل الناس يكرون منه السواقي حتى تركوه يابسا ليس فيه قطرة، وايم الله، لئن أبقاني الله لأسكرن تلك السواقي حتى أعيده إلى مجراه الأول، قالت: فلا يسبوا عندك إذا، قال: ومن يسبهم؟ إنما يرفع إلي الرجل مظلمته فأردها عليهم "

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا شيبان، ثنا ابن أبي شيبة، ثنا محمد بن راشد، عن سليمان يعني ابن موسى، أنه بلغه أن قوما من الأعراب خاصموا إلى عمر بن عبد العزيز قوما من بني مروان في أرض كانت الأعراب أحيوها، فأخذها الوليد بن عبد الملك فأعطاها بعض أهله، فقال عمر بن عبد العزيز: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البلاد بلاد الله، والعباد عباد الله، من أحيا أرضا ميتا فهي له» فردها على الأعراب

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي، ثنا أيوب بن سويد، ثنا ابن شوذب، ثنا إياس بن معاوية بن قرة قال: ما شبهت عمر بن عبد العزيز إلا برجل صانع حسن الصنعة، ليست له أداة يعمل بها - يعني لا يجد من يعينه - "

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي، ثنا محمد بن الصباح، ثنا عمر بن حفص، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، أن عمر بن عبد العزيز، كتب إلى ولي العهد من بعده: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر بن عبد العزيز أمير المؤمنين إلى يزيد بن عبد الملك، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد، فإني كنت وأنا دنف من وجعي وقد علمت أني  مسئول عما وليت يحاسبني عليه مليك الدنيا والآخرة، ولست أستطيع أن أخفي عليه من عملي شيئا، يقول فيما يقول: {فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين} [الأعراف: 7] فإن يرض عني الرحيم فقد أفلحت ونجوت من الهوان الطويل، وإن سخط علي فيا ويح نفسي إلى ما أصير، أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يجيرني من النار برحمته، وأن يمن علي برضوانه والجنة، فعليك بتقوى الله، والرعية الرعية، فإنك لن تبقى بعدي إلا قليلا حتى تلحق باللطيف الخبير. والسلام "

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا أحمد بن الحسين الحذاء، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، ثنا عنبسة بن سعيد، ثنا ابن المبارك، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى يزيد بن عبد الملك في مرض عمر الذي توفي فيه، فذكر نحوه وقال: «وأنا مشفق مما وليت، لا أدري على ما أطلع، فإن يعف عني فهو العفو الغفور، وإن يؤاخذني بذنبي فيا ويح نفسي إلى ماذا تصير»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا زياد بن أيوب، ثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية، ثنا يزيد بن مردانية قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الحميد قال: جاءني كتابك تذكر أن قبلك قوما من العمال قد اختانوا مالا فهو عندهم، وتستأذنني في أن أبسط يدك عليهم، فالعجب منك في استئمارك إياي في عذاب بشر، كأني جنة لك، وكأن رضائي عنك ينجيك من سخط الله، فإذا جاءك كتابي هذا فانظر من أقر منهم بشيء فخذه بالذي أقر به على نفسه، ومن أنكر فاستحلفه وخل سبيله، فلعمري لأن يلقوا الله بخياناتهم أحب إلي من أن ألقى الله بدمائهم، والسلام "

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا عبيد الله بن جرير بن جبلة، ثنا علي بن عثمان، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا عمرو بن ميمون بن مهران، حدثني ليث بن أبي رقية كاتب عمر بن عبد العزيز في خلافته، أن عمر كتب إلى ابنه في العام الذي استخلف فيه - وابنه إذ ذاك بالمدينة يقال له عبد الملك - أما بعد: فإن أحق من تعاهدت بالوصية والنصيحة بعد نفسي أنت، وإن أحق من رعى ذلك وحفظه عني أنت، وإن الله تعالى له الحمد قد أحسن إلينا  إحسانا كثيرا بالغا في لطيف أمرنا وعامته، وعلى الله إتمام ما عبر من النعمة، وإياه نسأل العون على شكرها، فاذكر فضل الله على أبيك وعليك، ثم أعن أباك على ما قوي عليه، وعلى ما ظننت أن عنده منه عجزا عن العمل فيما أنعم به عليه وعليك في ذلك، فراع نفسك وشبابك وصحتك، وإن استطعت أن تكثر تحريك لسانك بذكر الله حمدا وتسبيحا وتهليلا فافعل، فإن أحسن ما وصلت به حديثا حسنا حمد الله وذكره، وإن أحسن ما قطعت به حديثا سيئا حمد الله وذكره، ولا تفتنن فيما أنعم الله به عليك فيما عسيت أن تقرظ به أباك فيما ليس فيه، إن أباك كان بين ظهراني إخوته عند أبيه، يفضل عليه الكبير، ويدني دونه الصغير، وإن كان الله وله الحمد قد رزقني من والدي حسبا جميلا كنت به راضيا، أرى أفضل الذي يبره ولده علي حقا، حتى ولدت وولد طائفة من أخواتك، ولا أخرج بكم من المنزل الذي أنا فيه، فمن كان راغبا في الجنة وهاربا من النار فالآن في هذه الحالة، والتوبة مقبولة، والذنب مغفور قبل نفاد الأجل، وانقضاء العمل، وفراغ من الله للثقلين ليدينهم بأعمالهم في موطن لا تقبل فيه الفدية، ولا تنفع فيه المعذرة، تبرز فيه الخفيات، وتبطل فيه الشفاعات، يرده الناس بأعمالهم، ويصدرون فيه أشتاتا إلى منازلهم، فطوبى يومئذ لمن أطاع الله، وويل يومئذ لمن عصى الله، فإن ابتلاك الله بغنى فاقتصد في غناك، وضع لله نفسك، وأد إلى الله فرائض حقه في مالك، وقل عند ذلك ما قال العبد الصالح: {هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر} [النمل: 40] الآية. وإياك أن تفخر بقولك، وأن تعجب بنفسك، أو يخيل إليك أن ما رزقته لكرامة بك على ربك، وفضيلة على من لم يرزق مثل غناك، فإذا أنت أخطأت باب الشكر، ونزلت منازل أهل الفقر، وكنت ممن طغى للغنى، وتعجل طيباته في الحياة الدنيا، فإني لأعظك بهذا، وإني لكثير الإسراف على نفسي، غير محكم لكثير من أمري، ولو أن المرء لم يعظ أخاه حتى يحكم نفسه، ويكمل في الذي خلق له لعبادة ربه، إذا تواكل الناس الخير، وإذا يرفع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واستحلت المحارم، وقل الواعظون  والساعون لله بالنصيحة في الأرض، {فلله الحمد رب السموات والأرض رب العالمين، وله الكبرياء في السموات والأرض، وهو العزيز الحكيم}

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا علي بن إسحاق، ثنا عبد الله بن المبارك، ثنا جعفر بن حيان، ثنا توبة العنبري قال: أرسلني صالح بن عبد الرحمن إلى سليمان بن عبد الملك قال: فقدمت عليه وعنده عمر بن عبد العزيز، فقلت لعمر: هل لك في حاجة إلى صالح؟ قال: فقل له: «عليك بالذي يبقى لك عند الله، فإن ما بقي عند الله بقي عند الناس، وما لم يبق عند الله لم يبق عند الناس»

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا أحمد بن الحجاج، ثنا عبد الله بن المبارك، ثنا هشام بن الغاز، حدثني مولى، لمسلمة بن عبد الملك، حدثني مسلمة قال: دخلت على عمر بعد الفجر في بيت كان يخلو فيه بعد الفجر، فلا يدخل عليه أحد، فجاءت جارية بطبق عليه تمر صبحاني، وكان يعجبه التمر، فرفع بكفه منه فقال: «يا مسلمة، أترى لو أن رجلا أكل هذا ثم شرب عليه الماء - فإن الماء على التمر طيب - أكان يجزيه إلى الليل؟» قلت: لا أدري، فرفع أكثر منه قال: «فهذا» قلت: نعم يا أمير المؤمنين كان كافيه دون هذا حتى ما يبالي أن لا يذوق طعاما غيره، قال: «فعلام ندخل النار» قال مسلمة: فما وقعت مني موعظة ما وقعت هذه "

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا علي بن إسحاق، ثنا حسين المروزي، ثنا ابن المبارك، ثنا علي بن مسعدة، حدثني رباح بن عبيدة قال: كنت قاعدا عند عمر بن عبد العزيز، فذكر الحجاج فشتمته، ووقعت فيه، فقال عمر: مهلا يا رباح، إنه بلغني أن الرجل ليظلم بالمظلمة فلا يزال المظلوم يشتم الظالم وينتقصه حتى يستوفي حقه، فيكون للظالم عليه الفضل "

حدثنا عبد الله، ثنا علي، ثنا حسين، ثنا عبد الله بن المبارك، أنبأنا وهيب، أن عمر بن عبد العزيز كان يقول: «أحسن بصاحبك الظن ما لم يغلبك»

حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أحمد بن الحسين الحذاء، حدثني أحمد بن إبراهيم، حدثني  سهل بن محمود، حدثني عمر بن حفص، حدثني عبد العزيز بن عمر قال: قال لي أبي: «يا بني إذا سمعت كلمة، من امرئ مسلم فلا تحملها على شيء من الشر ما وجدت لها محملا من الخير»

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، ثنا إسماعيل بن عياش، قال: كتب بعض عمال عمر إليه: إنك قد أضررت بيت المال أو نحوه، قال: فقال عمر: «أعط ما فيه، فإذا لم يبق فيه شيء فاملأه زبلا»

حدثنا أبو حامد، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا إبراهيم بن هانئ، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، أن عمر بن عبد العزيز، كتب إلى بعض عماله: أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله، ولزوم طاعته، فإن بتقوى الله نجا أولياء الله من سخطه، وبها تحقق لهم ولايته، وبها رافقوا أنبياءهم، وبها نضرت وجوههم، وبها نظروا إلى خالقهم، وهي عصمة في الدنيا من الفتن، والمخرج من كرب يوم القيامة، ولم يقبل ممن بقي إلا بمثل ما رضي عمن مضى، ولمن بقي عبرة فيما مضى، وسنة الله فيهم واحدة، فبادر بنفسك قبل أن تؤخذ بكظمك، ويخلص إليك كما خلص إلى من كان قبلك، فقد رأيت الناس كيف يموتون، وكيف يتفرقون، ورأيت الموت كيف يعجل التائب توبته، وذا الأمل أمله، وذا السلطان سلطانه، وكفى بالموت موعظة بالغة، وشاغلا عن الدنيا، ومرغبا في الآخرة، فنعوذ بالله من شر الموت وما بعده، ونسأل الله خيره وخير ما بعده، ولا تطلبن شيئا من عرض الدنيا بقول ولا فعل تخاف أن يضر بآخرتك فيزري بدينك، ويمقتك عليه ربك، واعلم أن القدر سيجري إليك برزقك، ويوفيك أملك من دنياك، بغير مزيد فيه بحول منك ولا قوة، ولا منقوصا منه بضعف، إن أبلاك الله بفقر فتعفف في فقرك، وأخبت لقضاء ربك، واعتبر بما قسم الله لك من الإسلام ما ذوى منك من نعمة الدنيا، فإن في الإسلام خلفا من الذهب والفضة من الدنيا الفانية، اعلم أنه لن يضر عبدا صار إلى رضوان الله، وإلى الجنة ما أصابه في الدنيا من فقر  أو بلاء، وأنه لن ينفع عبدا صار إلى سخط الله وإلى النار ما أصاب في الدنيا من نعمة أو رخاء، ما يجد أهل الجنة من مكروه أصابهم في دنياهم، وما يجد أهل النار طعم لذة نعموا بها في دنياهم، كل شيء من ذلك كأن لم يكن، تشيعون غاديا أو رائحا إلى الله، قد قضى نحبه، وانقضى أجله، وتغيبونه في صدع من الأرض، ثم تدعونه غير متوسد ولا متمهد، فارق الأحبة، وخلع الأسلاب، وسكن التراب، وواجه الحساب، مرتهنا بعمله، فقيرا إلى ما قدم، غنيا عما ترك، فاتقوا الله قبل نزول الموت، وانقضاء موافاته، وايم الله إني لأقول لكم هذه المقالة وما أعلم عند أحد منكم من الذنوب أكثر مما أعلم عندي، وأستغفر الله وأتوب إليه "

حدثنا محمد بن علي، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى قال: حدثني أبي، عن جدي قال: كان عمر بن عبد العزيز ينهى سليمان بن عبد الملك عن قتل الحرورية ويقول: ضمنهم الحبوس حتى يحدثوا توبة، فأتي سليمان بحروري مستقتل، فقال له سليمان: هيه، قال: إنه نزع لحييك يا فاسق ابن الفاسق، فقال سليمان: علي بعمر بن عبد العزيز، فلما أتاه عاود سليمان الحروري فقال: ماذا تقول؟ قال: وماذا أقول يا فاسق ابن الفاسق، فقال سليمان لعمر: ماذا ترى عليه يا أبا حفص؟، فسكت عمر، فقال: عزمت عليك لتخبرني ماذا ترى عليه قال: أرى عليه أن تشتمه كما شتمك، وتشتم أباه كما شتم أباك، فقال سليمان: ليس إلا ذا، فأمر به فضربت عنقه، وقام سليمان وخرج عمر، فأدركه خالد بن الريان صاحب حرس سليمان، فقال: يا أبا حفص، تقول لأمير المؤمنين ما أرى عليه إلا أن تشتمه كما شتمك، وتشتم أباه كما شتم أباك؟ والله لقد كنت متوقعا أن يأمرني بضرب عنقك، قال: ولو أمرك فعلته؟ قال: إي والله لو أمرني فعلت، فلما أفضت الخلافة إلى عمر جاء خالد بن الريان، فقام مقام صاحب الحرس، وكان قبل ذلك على حرس الوليد، وعبد الملك، فنظر إليه عمر فقال: يا خالد، ضع هذا السيف عنك، وقال: اللهم  إني قد وضعت لك خالد بن الريان فلا ترفعه أبدا، ثم نظر في وجوه الحرس، فدعا عمرو بن مهاجر الأنصاري فقال: يا عمرو والله لتعلمن أن ما بيني وبينك قرابة إلا قرابة الإسلام، ولكن قد سمعتك تكثر تلاوة القرآن، ورأيتك تصلي في موضع تظن أن لا يراك أحد، فرأيتك تحسن الصلاة، وأنت رجل من الأنصار، خذ هذا السيف فقد وليتك حرسي "

حدثنا محمد بن علي، ثنا محمد بن الحسن، ثنا إبراهيم بن هشام، حدثني أبي، عن جدي قال: بينا عمر بن عبد العزيز يسير يوما في سوق حمص، فقام إليه رجل عليه بردان قطريان، فقال: يا أمير المؤمنين، أمرت من كان مظلوما أن يأتيك؟ قال: نعم، قال: فقد أتاك مظلوم بعيد الدار، فقال له عمر: وأين أهلك؟ قال: بعدن أبين، قال عمر: والله إن أهلك من أهل عمر لبعيد، فنزل عن دابته في موضعه، فقال: ما ظلامتك؟ قال: ضيعة لي وثب عليها واثب فانتزعها مني، فكتب إلى عروة بن محمد يأمره أن يسمع من بينته فإن ثبت له حق دفعه إليه، وختم كتابه، فلما أراد الرجل القيام، قال له عمر: على رسلك، إنك قد أتيتنا من بلد بعيد، فكم نفد لك زاد، أو نفقت لك راحلة، وأخلق لك ثوب، فحسب ذلك، فبلغ أحد عشر دينارا، فدفعها عمر إليه "

حدثنا الحسن بن محمد بن كيسان، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا أبو ثابت محمد بن عبيد الله، ثنا ابن وهب قال: حدثني مالك، أن عمر بن عبد العزيز، كان عند سليمان فقال له عمر يوما: ما حق هذه المرأة لا تدفعها ح. وحدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا الحسين بن محمد بن حماد، ثنا علي بن إبراهيم، ثنا عبد الله بن صالح، حدثني عبد العزيز بن أبي سلمة، عن طلحة بن عبد الملك الأيلي قال: دخل عمر بن عبد العزيز على سليمان بن عبد الملك وعنده أيوب ابنه - وهو يومئذ ولي عهده قد عقد له من بعده - فجاء إنسان يطلب ميراثا من بعض نساء الخلفاء، فقال سليمان: ما أخال النساء يرثن في العقار شيئا، فقال عمر بن عبد العزيز: سبحان الله، وأين كتاب الله، فقال: يا غلام اذهب فأتني بسجل عبد الملك بن مروان الذي كتب في ذلك، فقال له عمر: لكأنك  أرسلت إلى المصحف؟ قال أيوب: والله ليوشكن الرجل يتكلم بمثل هذا عند أمير المؤمنين، ثم لا يشعر حتى تفارقه رأسه، فقال له عمر: إذا أفضى الأمر إليك وإلى مثلك فما يدخل على هؤلاء أشد مما خشيت أن يصيبهم من هذا، فقال سليمان: مه، ألأبي حفص تقول هذا؟ قال عمر: والله لئن كان جهل علينا يا أمير المؤمنين ما حلمنا عنه "

حدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا الحسين بن محمد بن حماد، ثنا سليمان بن سيف، ثنا عفان قال: ثنا جويرية بن أسماء، عن إسماعيل بن أبي حكيم قال: أتى عمر بن عبد العزيز كتاب من بعض بني مروان فأغضبه، فاستشاط غضبا ثم قال: «إن لله في بني مروان ذبحا، وايم الله، لئن كان الذبح على يدي، فلما بلغهم ذلك كفوا. وكانوا يعلمون صرامته، وأنه إن وقع في أمر مضى فيه»

حدثنا الحسن بن محمد بن كيسان، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا سعيد بن عامر، عن جويرية بن أسماء قال: قال عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز لأبيه عمر: ما يمنعك أن تنفذ لرأيك في هذا الأمر، فوالله ما كنت أبالي أن تغلي بي وبك القدور في إنفاذ هذا الأمر، فقال عمر: «إني أروض الناس رياضة الصعب، فإن أبقاني الله مضيت لرأيي، وإن عجلت علي منية فقد علم الله نيتي، إني أخاف إن بادهت الناس بالتي تقول أن يلجئوني إلى السيف، ولا خير في خير لا يجيء إلا بالسيف»

حدثنا الحسن بن محمد بن كيسان، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا عمر بن علي بن مقدم قال: قال ابن لسليمان بن عبد الملك لمزاحم: إن لي حاجة إلى أمير المؤمنين عمر، قال: فاستأذنت له فقال: أدخله فأدخلته على عمر فقال ابن سليمان: يا أمير المؤمنين، علام ترد قطيعتي؟ قال: معاذ الله أن أرد قطيعة صحت في الإسلام، قال: فهذا كتابي، وأخرج كتابا من كمه، فقرأه عمر فقال: لمن كانت هذه الأرض؟ قال: للفاسق ابن الحجاج، قال عمر: فهو أولى بماله، قال: فإنها من بيت مال المسلمين، قال: فالمسلمون أولى بها ، قال: يا أمير المؤمنين، رد علي كتابي، قال: لو لم تأتني به لم أسألكه، فأما إذ جئتني به فلا ندعك تطلب بباطل، قال: فبكى ابن سليمان، قال مزاحم: فقلت: يا أمير المؤمنين، ابن سليمان اللاطئ الحب اللازق بالقلب، تصنع به هذا؟ قال: ويحك يا مزاحم، إنها نفسي أحاول عنها، وإني لأجد له من اللوط ما أجد لولدي "

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا أحمد بن الحسين الحذاء، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، ثنا منصور بن أبي مزاحم، ثنا شعيب يعني ابن صفوان، عن بشر بن عبد الله بن عمر، عن بعض، آل عمر، أن هشام بن عبد الملك قال لعمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين، إني رسول قومك إليك، وإن في أنفسهم ما أكلمك به، إنهم يقولون: استأنف العمل برأيك فيما تحت يديك، وخل بين من سبقك وبين ما ولوا به من كان يلون أمره بما عليهم ولهم، فقال له عمر: أرأيت لو أتيت بسجلين أحدهما من معاوية، والآخر من عبد الملك بأمر واحد، فبأي السجلين كنت آخذ؟ قال: بالأقدم ولا أعدل به شيئا، قال عمر: فإني وجدت كتاب الله الأقدم، فأنا حامل عليه من أتاني ممن تحت يدي في مالي، وفيما سبقني، فقال له سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان: يا أمير المؤمنين، امض لرأيك فيما وليت بالحق والعدل، وخل عمن سبقك وعما ولى، خيره وشره، فإنك مكتف بذلك، فقال له عمر: أنشدك الله الذي إليه تعود، أرأيت لو أن رجلا هلك وترك بنين صغارا وكبارا، فعز الأكابر الأصاغر بقوتهم، فأكلوا أموالهم، فأدرك الأصاغر فجاءوك بهم وبما صنعوا في أموالهم، ما كنت صانعا؟ قال: كنت أرد عليهم حقوقهم حتى يستوفوها، قال: فإني قد وجدت كثيرا ممن قبلي من الولاة غزوا الناس بقوتهم وسلطانهم، وعزهم بها أتباعهم. فلما وليت أتوني بذلك، فلم يسعني إلا الرد على الضعيف من القوي، وعلى المستضعف من الشريف، فقال وفقك الله يا أمير المؤمنين

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا أحمد بن الحسين الحذاء، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا منصور، ثنا شعيب، حدثني محدث، أن عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز، دخل على عمر فقال: يا أمير المؤمنين، إن لي إليك حاجة فأخلني - وعنده  مسلمة بن عبد الملك - فقال له عمر: أسر دون عمك؟ فقال: نعم، فقام مسلمة وخرج، وجلس بين يديه فقال له: يا أمير المؤمنين، ما أنت قائل لربك غدا إذا سألك فقال: رأيت بدعة فلم تمتها أو سنة لم تحيها؟ فقال له: يا بني أشيء حملتكه الرعية إلي أم رأي رأيته من قبل نفسك؟ قال: لا والله ولكن رأي رأيته من قبل نفسي، وعرفت أنك مسئول فما أنت قائل؟ فقال له أبوه: رحمك الله وجزاك من ولد خيرا، فوالله إني لأرجو أن تكون من الأعوان على الخير، يا بني إن قومك قد شدوا هذا الأمر عقدة عقدة، وعروة عروة، ومتى ما أريد مكابرتهم على انتزاع ما في أيديهم لم آمن أن يفتقوا علي فتقا تكثر فيه الدماء، والله لزوال الدنيا أهون علي من أن يهراق في سببي محجمة من دم، أوما ترضى أن لا يأتي على أبيك يوم من أيام الدنيا إلا وهو يميت فيه بدعة ويحيى فيه سنة حتى يحكم الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الحاكمين؟

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا منصور، ثنا شعيب، ثنا الفرات بن السائب، أن عمر بن عبد العزيز قال لامرأته فاطمة بنت عبد الملك - وكان عندها جوهر أمر لها أبوها به لم ير مثله -: اختاري، إما أن تردي حليك إلى بيت المال، وإما تأذني لي في فراقك، فإني أكره أن أكون أنا وأنت وهو في بيت واحد، قالت: لا بل أختارك يا أمير المؤمنين عليه، وعلى أضعافه لو كان لي، قال: فأمر به فحمل حتى وضع في بيت مال المسلمين، فلما هلك عمر واستخلف يزيد قال لفاطمة: إن شئت يردونه عليك، قالت: فإني لا أشاؤه، طبت عنه نفسا في حياة عمر، وأرجع فيه بعد موته؟ لا والله أبدا، فلما رأى ذلك قسمه بين أهله وولده

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: سمعت بعض شيوخنا يذكر أن عمر بن عبد العزيز أتي بكاتب يخط بين يديه، وكان مسلما وكان أبوه كافرا نصرانيا أو غيره، فقال عمر للذي جاء به: لو كنت جئت به من أبناء المهاجرين، قال: فقال الكاتب: ما ضر رسول الله صلى الله عليه وسلم كفر أبيه، قال: فقال  عمر: «وقد جعلته مثلا؟ لا تخط بين يدي بقلم أبدا»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا محمد بن يحيى الأزدي، حدثني سعيد بن سليمان - وقرأته عليه - ثنا محمد بن عبد الرحمن بن مجير، ثنا موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله بن عمر، أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى سالم بن عبد الله، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: «فإن الله ابتلاني بما ابتلاني به من أمر هذه الأمة عن غير مشاورة مني فيها، ولا طلبة مني لها، إلا قضاء الرحمن وقدره، فأسأل الذي ابتلاني من أمر هذه الأمة بما ابتلاني أن يعينني على ما ولاني، وأن يرزقني منهم السمع والطاعة وحسن مؤازرة، وأن يرزقهم مني الرأفة والمعدلة، فإذا أتاك كتابي هذا فابعث إلي بكتب عمر بن الخطاب وسيرته وقضاياه في أهل القبلة وأهل العهد، فإني متبع أثر عمر وسيرته، إن أعانني الله على ذلك، والسلام» فكتب إليه سالم بن عبد الله بسم الله الرحمن الرحيم من سالم بن عبد الله بن عمر إلى عبد الله عمر أمير المؤمنين، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإن الله خلق الدنيا لما أراد، وجعل لها مدة قصيرة كأن بين أولها وآخرها ساعة من نهار، ثم قضى عليها وعلى أهلها الفناء، فقال: {كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون} [القصص: 88]، لا يقدر منها أهلها على شيء حتى تفارقهم ويفارقونها، أنزل بذلك كتابه، وأنزل بذلك رسله، وقدم فيه بالوعيد، وضرب فيه الأمثال، ووصل به القول، وشرع فيه دينه، وأحل الحلال، وحرم الحرام، وقص فأحسن القصص، وجعل دينه في الأولين والآخرين، فجعله دينا واحدا، فلم يفرق بين كتبه، ولم تختلف رسله، ولم يشق أحد بشيء من أمره سعد به أحد، ولم يسعد أحد من أمره بشيء شقي به أحد، وإنك اليوم يا عمر لم تعد أن تكون إنسانا من بني آدم، يكفيك من الطعام والشراب والكسوة ما يكفي رجلا منهم، فاجعل فضل ذلك فيما بينك وبين الرب الذي توجه إليه شكر النعم، فإنك قد وليت أمرا عظيما ليس يليه عليك أحد دون الله، قد أفضى  فيما بينك وبين الخلائق، فإن استطعت أن تغنم نفسك وأهلك فافعل وإن لا تخسر نفسك وأهلك فافعل، ولا قوة إلا بالله، فإنه قد كان قبلك رجال عملوا بما عملوا، وأماتوا ما أماتوا من الحق، وأحيوا ما أحيوا من الباطل، حتى ولد فيه رجال ونشأوا فيه، وظنوا أنها السنة، ولم يسدوا على العباد باب رخاء إلا فتح عليهم باب بلاء، فإن استطعت أن تفتح عليهم أبواب الرخاء فإنك لا تفتح عليهم منها بابا إلا سد به عنك باب بلاء، ولا يمنعك من نزع عامل أن تقول: لا أجد من يكفيني عمله، فإنك إذا كنت تنزع لله، وتعمل لله، أتاح الله لك رجالا وكالا بأعوان الله، وإنما العون من الله على قدر النية، فإذا تمت نية العبد تم عون الله له، ومن قصرت نيته قصر من الله العون له بقدر ذلك، فإن استطعت أن تأتي الله يوم القيامة ولا يتبعك أحد بظلم، ويجيء من كان قبلك وهم غابطون لك بقلة أتباعك، وأنت غير غابط لهم بكثرة أتباعهم فافعل، ولا قوة إلا بالله، فإنهم قد عاينوا وعالجوا نزع الموت الذي كانوا منه يفرون، وانشقت بطونهم التي كانوا فيها لا يشبعون، وانفقأت أعينهم التي كانت لا تنقضي لذاتها، واندقت رقابهم في التراب غير موسدين، بعد ما تعلم من تظاهر الفرش والمرافق، فصاروا جيفا تحت بطون الأرض، تحت آكامها، لو كانوا إلى جنب مسكين تأذى بريحهم بعد إنفاق ما لا يحصى عليهم من الطيب كان إسرافا وبدارا عن الحق، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ما أعظم يا عمر وأفظع الذي سبق إليك من أمر هذه الأمة، فأهل العراق فليكونوا من صدرك بمنزلة من لا فقر بك إليه، ولا غنى بك عنه، فإنهم قد وليتهم عمال ظلمة، قسموا المال، وسفكوا الدماء، فإنه من تبعث من عمالك كلهم أن يأخذوا بجبية، وأن يعملوا بعصبية، وأن يتجبروا في عملهم، وأن يحتكروا على المسلمين بيعا، وأن يسفكوا دما حراما، الله الله يا عمر في ذلك، فإنك توشك إن اجترأت على ذلك أن يؤتى بك صغيرا ذليلا، وإن أنت اتقيت ما أمرتك به وجدت راحته على ظهرك وسمعك وبصرك، ثم إنك كتبت إلي تسأل أن أبعث إليك بكتاب عمر بن الخطاب وسيرته وقضائه في  المسلمين وأهل العهد، وأن عمر عمل في غير زمانك، وإني أرجو إن عملت بمثل ما عمل عمر أن تكون عند الله أفضل منزلة من عمر، وقل كما قال العبد الصالح: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب} [هود: 88]، والسلام عليك رواه عدة، منهم: إسحاق بن سليمان، عن حنظلة بن أبي سفيان، قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى سالم بن عبد الله أن اكتب إلي ببعض رسائل عمر، فكتب إليه: يا عمر اذكر الملوك الذين قد انفقأت عيونهم، فذكر نحوه مختصرا حدثناه أحمد بن جعفر، ثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، ثنا إسحاق بن سليمان، نا حنظلة بن أبي سفيان، ورواه جعفر بن برقان قال: كتب عمر إلى سالم بن عبد الله أما بعد، فإن الله ابتلاني فذكر نحوه ورواه معمر بن سليمان الرقي، عن الفرات بن سليمان قال: كتب عمر إلى سالم، فذكره بطوله كراوية موسى بن عقبة. أخبرناه القاضي أبوأحمد في كتابه - ثنا محمد بن أيوب، ثنا الحسين بن الفرج، ثنا معمر بن سليمان، به

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا عمر بن محمد بن الحسن الأسدي، ثنا أبي، ثنا محمد بن طلحة، عن داود بن سليمان قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الحميد صاحب الكوفة: بسم الله الرحمن الرحيم " من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإن أهل الكوفة قوم قد أصابهم بلاء وشدة وجور في أحكام الله، وسنن خبيثة سنها عليهم عمال سوء، وأن قوام الدين العدل والإحسان، فلا يكونن شيء أهم إليك من نفسك أن توطنها لطاعة الله، فإنه لا قليل من الإثم، وآمرك أن تطرز أرضهم، ولا تحمل خرابا على عامر، ولا عامرا على خراب، وأني قد وليتك من ذلك ما ولاني الله "

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا سعدان بن نصر  المخرمي، ثنا عبد الله بن بكر بن حبيب، ثنا رجل، أن عمر بن عبد العزيز خطب الناس من خناصرة، فقال: أيها الناس " إنكم لم تخلقوا عبثا، ولم تتركوا سدى، وإن لكم معادا ينزل الله فيه للحكم فيكم، والفصل بينكم، وقد خاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء، وحرم الجنة التي عرضها السماوات والأرض، ألا واعلموا أن الأمان غدا لمن حذر الله وخافه، وباع نافدا بباق، وقليلا بكثير، وخوفا بأمان، أولا تدرون أنكم في أسلاب الهالكين، وسيخلفها بعدكم الباقون كذلكم حتى ترد إلى خير الوارثين

حدثنا أبي، ثنا أحمد بن محمد بن عمر، ثنا أبو بكر بن عبيد، ثنا سلمة، ثنا جعفر بن هارون، عن المفضل بن يونس قال: قال رجل لعمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين، كيف أصبحت؟ قال: «أصبحت بطيئا بطينا متلوثا في الخطايا، أتمنى على الله الأماني»

حدثنا محمد بن علي، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا محمد بن أبي السري، ثنا بشر بن حسان الهذلي، ثنا الثوري قال: ضرب عمر بن عبد العزيز بيده على بطنه ثم قال: «بطني بطيء عن عبادة ربه، متلوث بالذنوب والخطايا، يتمنى على الله منازل الأبرار بخلاف أعمالهم»

حدثنا أبي، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، ثنا سفيان بن وكيع، ثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار قال: قال عمر بن عبد العزيز: إنما خلقتم للأبد، ولكنكم تنقلون من دار إلى دار حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أحمد بن محمد بن سعيد، ثنا أحمد بن عبدة، ثنا سفيان بن عيينة قال: قال عمر مثله، ولم يذكر ابن دينار

حدثنا محمد بن أحمد بن محمد، ثنا أبي، ثنا عبد الله بن محمد بن سفيان، ثنا أبو محمد البزار، ثنا المسيب بن واضح، عن محمد بن الوليد قال: مر عمر بن عبد العزيز برجل وفي يده حصاة يلعب بها، وهو يقول: اللهم زوجني من الحور  العين، فمال إليه عمر فقال: بئس الخاطب أنت، ألا ألقيت الحصاة، وأخلصت إلى الله الدعاء؟

حدثنا محمد بن أحمد، أنبأنا أبي، ثنا عبد الله، ثنا محمد بن عمر بن علي الأنصاري، ثنا شبابة، عن خارجة بن مصعب، عن محمد بن عمرو، عن عمر بن عبد العزيز قال: «لا ينفع القلب إلا ما خرج من القلب»

حدثنا محمد بن أحمد، ثنا أبي، ثنا عبد الله، حدثني بشر بن معاذ، عن شيخ من قريش قال: قال عمر بن عبد العزيز: " يا معشر المستترين اعلموا أن عند الله مسألة فاضحة، قال الله تعالى: {فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون} [الحجر: 93]

حدثنا أحمد بن جعفر، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا عبد المتعال بن عبد الوهاب، ثنا ضمرة، حدثني عبد الله بن شوذب قال: حج سليمان ومعه عمر بن عبد العزيز، فخرج سليمان إلى الطائف، فأصابه رعد وبرق، ففزع سليمان، فقال لعمر: ألا ترى، ما هذا يا أبا حفص؟ قال: «هذا عند نزول رحمته، فكيف لو كان عند نزول نقمته» حدثنا أحمد بن جعفر، ثنا عبد الله بن أحمد، ثنا أبو كريب، ثنا أبو بكر بن عياش، حدثني العذري، فذكر نحوه

حدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا أبو العباس بن قتيبة، ثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى، حدثني أبي، عن جدي قال: بينا عمر بن عبد العزيز مع سليمان بعرفات إذ برقت وأرعدت رعدا شديدا، ففزع منه سليمان، فنظر إلى عمر وهو يضحك، فقال: يا عمر أتضحك وأنت تسمع ما تسمع؟ قال: يا أمير المؤمنين، هذه رحمة الله أفزعتك، كيف لو جاءك عذابه؟ "

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا حاتم بن الليث، ثنا خالد بن خداش، ثنا عفان بن راشد قال: كان عمر بن عبد العزيز واقفا مع سليمان بعرفة، فرعدت رعدة من رعد تهامة، فوضع سليمان صدره على مقدم الرحل وجزع منها، فقال له عمر: «يا أمير المؤمنين، هذه جاءت برحمة، فكيف لو جاءت بسخطة؟» قال: ثم نظر سليمان إلى الناس فقال: ما أكثر الناس، فقال عمر: «خصماؤك يا أمير المؤمنين» فقال له سليمان: ابتلاك الله بهم

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا سفيان بن وكيع، ثنا ابن عيينة، عن عمر بن ذر قال: قال مولى لعمر بن عبد العزيز لعمر حين رجع من جنازة سليمان: ما لي أراك مغتما؟ قال: «لمثل ما أنا فيه يغتم له، ليس من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أحد في شرق الأرض وغربها إلا وأنا أريد أن أؤدي إليه حقه غير كاتب إلي فيه، ولا طالبه مني»

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد، ثنا الفضل بن يعقوب، ثنا الحسن بن محمد بن أعين، ثنا النضر بن عربي قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز فرأيته جالسا هكذا قد نصب ركبتيه، ووضع يديه عليهما، وذقنه على ركبتيه، كأن عليه بث هذه الأمة "

حدثنا الحسن بن محمد بن كيسان، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد، عن عامر بن عبيدة قال: أول ما أنكر من عمر بن عبد العزيز أنه خرج في جنازة فأتى ببرد كان يلقى للخلفاء يقعدون عليه إذا خرجوا إلى جنازة، فألقي له، فضربه برجله ثم قعد على الأرض، فقالوا: ما هذا؟ فجاء رجل فقام بين يديه فقال: يا أمير المؤمنين، اشتدت بي الحاجة وانتهت بي الفاقة، والله سائلك عن مقامي غدا بين يديك - وفي يده قضيب قد اتكأ عليه بسنانه - فقال: «أعد علي ما قلت» فأعاد عليه قال: يا أمير المؤمنين، اشتدت بي الحاجة، وانتهت بي الفاقة، والله سائلك عن مقامي هذا بين يديك، فبكى حتى جرت دموعه على القضيب، ثم قال: «ما عيالك؟» قال: خمسة أنا وامرأتي وثلاثة أولادي، قال: «فإن الفرض لك ولعيالك عشرة دنانير، ونأمر لك بخمسمائة، مائتين من مالي، وثلاثمائة من مال الله، تبلغ بها حتى يخرج عطاؤك»

حدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا عمرو بن عثمان، ثنا خالد بن يزيد، عن جعونة قال: استعمل عمر عاملا، فبلغه أنه عمل للحجاج فعزله، فأتاه يعتذر إليه، فقال: لم أعمل له إلا قليلا، فقال: «حسبك من صحبة شر يوم أو بعض يوم»

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا عبد الله بن محمد بن زكريا، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا سهل بن عاصم، ثنا عبد الله بن غالب قال: سمعت أبا عاصم العباداني يقول: خطب عمر بن عبد العزيز فقال: أما بعد «فإن كنتم مؤمنين بالآخرة فأنتم حمقى، وإن كنتم مكذبين بها فأنتم هلكى»

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا جعفر بن عبد الله بن الصباح، ثنا أبو همام، ثنا ضمرة، ثنا سفيان الثوري قال: قال عمر بن عبد العزيز: «من لم يعلم أن كلامه من عمله كثرت ذنوبه»

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن يحيى ثعلب النحوي، ثنا الزبير بن بكار، ثنا محمد بن مسلمة، عن هشام بن عبد الله بن عكرمة قال: قال عمر بن عبد العزيز: «ما طاوعني الناس على ما أردت من الحق حتى بسطت لهم من الدنيا شيئا»

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن معمر، أن عمر بن عبد العزيز قال: «قد أفلح من عصم من المراء والغضب والطمع»

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطأة: أما بعد فإن استعمالك سعد بن مسعود على عمان كان من الخطأ الذي قضى الله عليك، وقدر أن تبتلى به "

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن يحيى المروزي، ثنا خالد بن خداش، ثنا نوح بن قيس، حدثني محمد بن معبد، أن عمر بن عبد العزيز، أرسل بأسارى من أسارى الروم، ففادى بهم أسارى من أسارى المسلمين، قال: فكنت إذا دخلت على ملك الروم فدخلت عليه عظماء الروم خرجت، قال: فدخلت يوما فإذا هو جالس في الأرض مكتئبا حزينا، فقلت: ما شأن الملك؟ قال: وما تدري ما حدث؟ قلت: وما حدث؟ قال: مات الرجل الصالح، قلت: من؟ قال: عمر بن عبد العزيز، قال: ثم قال ملك الروم: لأحسب أنه لو كان أحد يحيي الموتى بعد عيسى ابن مريم عليه السلام لأحياهم عمر بن عبد العزيز، ثم قال: «لست أعجب من الراهب أغلق بابه ورفض الدنيا وترهب وتعبد، ولكن أتعجب  ممن كانت الدنيا تحت قدميه فرفضها ثم ترهب»

حدثنا محمد بن أحمد بن شاهين، ثنا عبد الله بن محمد البغوي، ثنا خالد بن مرداس، ثنا الحكيم يعني ابن عمر قال: شهدت عمر بن عبد العزيز وأرسل غلامه يشوي بكبكبة من لحم، فعجل بها فقال: أسرعت بها؟ قال: شويتها في نار المطبخ - وكان للمسلمين مطبخ يغديهم ويعشيهم - فقال لغلامه: كلها يا بني فإنك رزقتها ولم أرزقها "

حدثنا أبي، ثنا أبو الحسن بن أبان، ثنا أبو بكر بن سفيان، حدثني محمد بن الحسين، ثنا الوليد بن صالح، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: كان لعمر بن عبد العزيز سفط فيه دراعة من شعر وغل، وكان له بيت في جوف بيت يصلي فيه لا يدخل فيه أحد، فإذا كان في آخر الليل فتح ذلك السفط، ولبس تلك الدراعة، ووضع الغل في عنقه، فلا يزال يناجي ربه ويبكي حتى يطلع الفجر، ثم يعيده في السفط "

حدثنا أبي، ومحمد بن أحمد قالا: ثنا أحمد بن محمد بن عمر، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد، حدثني أبو عبد الرحمن حاتم بن عبيد الله الأزدي، عن الحسين بن محمد الخزاعي، عن رجل من ولد عثمان: أن عمر بن عبد العزيز قال في بعض خطبه: «إن لكل سفر زادا لا محالة، فتزودوا لسفركم من الدنيا إلى الآخرة التقوى، وكونوا كمن عاين ما أعد الله من ثوابه وعقابه، وترغبوا وترهبوا، ولا يطولن عليكم الأمد فتقسى قلوبكم، وتنقادوا لعدوكم، فإنه والله ما بسط أمل من لا يدري لعله لا يصبح بعد مسائه ولا يمسي بعد صباحه، ولربما كانت بين ذلك خطفات المنايا، فكم رأيت ورأيتم من كان بالدنيا مغترا، وإنما تقر عين من وثق بالنجاة من عذاب الله، وإنما يفرح من أمن من أهوال يوم القيامة، فأما من لا يداوي كلما إلا أصابه جرح في ناحية أخرى، أعوذ بالله أن آمركم بما أنهى عنه نفسي، فتخسر صفقتي، وتظهر غيلتي، وتبدو مسكنتي في يوم يبدو فيه الغنى والفقر، والموازين منصوبة، ولقد عنيتم  بأمر لو عنيت به النجوم لانكدرت، ولو عنيت به الجبال لذابت، ولو عنيت به الأرض لتشققت، أما تعلمون أنه ليس بين الجنة والنار منزلة، وأنكم صائرون إلى إحداهما»

حدثنا أبي ومحمد قالا:، ثنا أحمد بن محمد بن عمرو، ثنا أبو بكر بن سفيان، ثنا يعقوب بن إسماعيل، ثنا يعقوب بن إبراهيم، ثنا عمر بن محمد المكي قال: خطب عمر بن عبد العزيز فقال: «إن الدنيا ليست بدار قراركم، دار كتب الله عليها الفناء، وكتب على أهلها منها الظعن، فكم عامر موثق عما قليل مخرب، وكم مقيم مغتبط عما قليل يظعن، فأحسنوا رحمكم الله منها الرحلة بأحسن ما يحضركم من النقلة، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى، إنما الدنيا كفيء ظلال قلص فذهب، بينا ابن آدم في الدنيا ينافس فيها وبها قرير العين، إذ دعاه الله بقدره، ورماه بيوم حتفه، فسلبه آثاره ودنياه، وصير لقوم آخرين مصانعه ومغناه، إن الدنيا لا تسر بقدر ما تضر، إنها تسر قليلا، وتجر حزنا طويلا»

حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه، ثنا عبد الله بن محمد البغوي، ثنا حاجب بن الوليد، ثنا مبشر بن إسماعيل، ثنا أرطأة بن المنذر قال: قيل لعمر بن عبد العزيز: لو اتخذت حرسا، واحترزت في طعامك وشرابك، فإن من كان قبلك يفعله فقال: «اللهم إن كنت تعلم أني أخاف شيئا دون يوم القيامة فلا تؤمن خوفي»

حدثنا محمد بن أحمد، ثنا عبد الله بن محمد البغوي، ثنا يحيى بن عثمان الحربي، ثنا بقية بن الوليد، عن جعبان العبسي، عن عمرو بن مهاجر قال: قال عمر بن عبد العزيز: " إذا رأيتني قد ملت عن الحق، فضع يدك في تلبابي ثم هزني ثم قل: يا عمر ما تصنع "

حدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا الحسين بن محمد بن حماد، ثنا عمرو بن عثمان، ثنا خالد بن حماد بن يزيد، عن جعونة قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أهل الموسم: «أما بعد فإني أشهد الله وأبرأ إليه في الشهر الحرام والبلد الحرام، ويوم الحج الأكبر، أني بريء من ظلم من ظلمكم، وعدوان من اعتدى عليكم أن أكون أمرت بذلك، أو رضيته أو تعمدته، إلا أن يكون وهما  مني، أو أمرا خفي علي لم أتعمده، وأرجو أن يكون ذلك موضوعا عني مغفورا لي، إذا علم مني الحرص والاجتهاد، ألا وإنه لا إذن على مظلوم دوني، وأنا معول كل مظلوم، ألا وأي عامل من عمالي رغب عن الحق ولم يعمل بالكتاب والسنة، فلا طاعة له عليكم، وقد صيرت أمره إليكم، حتى يراجع الحق، وهو ذميم، ألا وإنه لا دولة بين أغنيائكم، ولا أثرة على فقرائكم في شيء من فيئكم، ألا وأيما وارد ورد في أمر يصلح الله به خاصا أو عاما من هذا الدين، فله ما بين مائتي دينار إلى ثلاث مائة دينار على قدر ما نوى من الحسنة، وتجشم من المشقة، رحم الله امرأ لم يتعاظمه سفر يحيي الله به حقا لمن وراءه، ولولا أن أشغلكم عن مناسككم لرسمت لكم أمورا من الحق، أحياها الله لكم، وأمورا من الباطل أماتها الله عنكم، وكان الله هو المتوحد بذلك، فلا تحمدوا غيره، فإنه لو وكلني إلى نفسي كنت كغيري، والسلام عليكم»

حدثنا محمد بن علي، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى، حدثني أبي، عن جدي قال: كتب بعض عمال عمر إليه يقول في كتابه: يا أمير المؤمنين، إني بأرض قد كثر فيها النعم حتى لقد أشفقت على من قبلي من أهلها ضعف الشكر، فكتب إليه عمر: " إني قد كنت أراك أعلم بالله مما أنت، إن الله لم ينعم على عبد نعمة فحمد الله عليها إلا كان حمده أفضل من نعمه، لو كنت لا تعرف ذلك إلا في كتاب الله المنزل قال الله تعالى: {ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين}. وأي نعمة أفضل مما أوتي داود وسليمان وقال الله تعالى: {وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها} إلى قوله: {وقيل الحمد لله} [الزمر: 75]. وأي نعمة أفضل من دخول الجنة "

حدثنا محمد بن علي، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا إبراهيم، حدثني أبي، عن جدي قال: كان عمر بن عبد العزيز لا يحمل على البريد إلا في حاجة المسلمين، وكتب إلى عامل له يشتري له عسلا ولا يسخر فيه شيئا، وأن عامله حمله على مركبة من البريد، فلما أتى قال: على ما حمله؟ قالوا: على البريد، فأمر بذلك العسل  فبيع، وجعل ثمنه في بيت مال المسلمين، وقال: «أفسدت علينا عسلك»

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد، ثنا عبد الأعلى بن حماد، ثنا أبو عوانة، عن خالد بن أبي الصلت قال: «أتي عمر بن عبد العزيز بماء قد سخن في فحم الإمارة فكرهه ولم يتوضأ به»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا إسماعيل بن موسى السدي، ثنا أبو المليح، عن ميمون بن مهران قال: أهدي إلى عمر بن عبد العزيز تفاح وفاكهة، فردها وقال: " لا أعلمن أنكم قد بعثتم الى أحد من أهل عملي بشيء، قيل له: ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية، قال: بلى، ولكنها لنا ولمن بعدنا رشوة "

حدثنا حبيب بن الحسن، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا الهيثم بن خارجة، ثنا إسماعيل، عن عمرو بن مهاجر قال: اشتهى عمر تفاحا فقال: " لو أن عندنا شيئا من تفاح، فإنه طيب، فقام رجل من أهله فأهدى إليه تفاحا، فلما جاء به الرسول قال: ما أطيبه وأطيب ريحه، وأحسنه، ارفع يا غلام، واقرأ على فلان السلام وقل له: إن هديتك قد وقعت عندنا بحيث تحب، قال عمرو بن مهاجر: فقلت له: يا أمير المؤمنين، ابن عمك رجل من أهل بيتك، وقد بلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، قال: «إن الهدية كانت للنبي صلى الله عليه وسلم هدية، وهي لنا رشوة»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا حاتم بن الليث، ثنا عبد الله بن بكر السهمي، حدثني رجل، أن عمر بن عبد العزيز خطب الناس بخناصرة فقال: يا أيها الناس، «ما منكم من أحد يبلغنا عنه حاجة ألا أحببت أن أسد من حاجته بما قدرت عليه، وما منكم من أحد لا يسعه ما عندنا إلا وددت أنه بدئ بي وبلحمتي الذين يلونني، حتى يستوي عيشنا وعيشه، وايم الله، إني لو أردت غير ذلك من الغضارة والعيش لكان اللسان به مني ذلولا عالما بأسبابه، ولكنه قضاء من الله، كتاب ناطق، وسنة عادلة، يدل فيها على طاعته، وينهى  فيها عن معصيته، ثم رفع طرف ردائه وبكى حتى شهق وأبكى الناس حوله، ثم نزل فكانت إياها لم يخطب بعدها حتى مات رحمه الله»

حدثنا محمد بن أحمد، ثنا الحسين بن محمد، ثنا أبو زرعة، ثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أبي المعمر المصري، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: خطب عمر بن عبد العزيز هذه الخطبة وكان آخر خطبة خطبها، حمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: «إنكم لم تخلقوا عبثا، ولم تتركوا سدى، وإن لكم معادا ينزل الله فيه ليحكم بينكم، ويفصل بينكم، وخاب وخسر من خرج من رحمة الله، وحرم جنة عرضها السماوات والأرض، ألم تعلموا أنه لا يأمن غدا إلا من حذر الله اليوم وخافه، وباع نافدا بباق، وقليلا بكثير، وخوفا بأمان، ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين، وستصير من بعدكم للباقين، وكذلك حتى تردوا إلى خير الوارثين، ثم إنكم تشيعون كل يوم غاديا ورائحا، قد قضى نحبه، وانقضى أجله، حتى تغيبوه في صدع من الأرض، في شق صدع، ثم تتركوه غير ممهد ولا موسد، فارق الأحباب، وباشر التراب، ووجه للحساب، مرتهن بما عمل، غني عما ترك، فقير إلى ما قدم، فاتقوا الله وموافاته، وحلول الموت بكم، أما والله إني لأقول هذا وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما عندي، وأستغفر الله وما منكم من أحد يبلغنا حاجته لا يسع له ما عندنا إلا تمنيت أن يبدأ بي وبخاصتي، حتى يكون عيشنا وعيشه واحدا، أما والله لو أردت غير هذا من غضارة العيش لكان اللسان به ذلولا، وكنت بأسبابه عالما، ولكن سبق من الله كتاب ناطق، وسنة عادلة، دل فيها على طاعته، ونهى فيها عن معصيته، ثم رفع طرف ردائه فبكى وأبكى من حوله»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا الحسن بن محمد الزعفراني، ثنا محمد بن يزيد قال: قال وهيب: خطب عمر بن عبد العزيز ذات يوم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: «إن الله لم يبعث نبيا بعد نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ولم ينزل كتابا من بعد كتابه الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله  عليه وسلم، ألا وإن ما أنزل الله على محمد فهو الحق إلى يوم القيامة، ألا وإني لست بمبتدع ولكني متبع، إلا وإني لست بخيركم، ولكني أثقلكم حملا، ألا وإن السمع والطاعة واجبان على كل مسلم ما لم يؤمر لله بمعصية، فمن أمر لله بمعصية ألا فلا طاعة لمخلوق بمعصية الخالق، ألا هل أسمعت؟ قالها ثلاثا»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا يحيى بن عثمان الحربي، ثنا إسماعيل بن عياش، عن عاصم بن رجاء بن حيوة قال: كان عمر بن عبد العزيز يخطب فيقول: «أيها الناس من ألم بذنب فليستغفر الله وليتب، فإن عاد فليستغفر الله وليتب، فإن عاد فليستغفر الله وليتب، فإنما هي خطايا مطوقة في أعناق الرجال، وإن الهلاك كل الهلاك الإصرار عليها»

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن شبل، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا إسماعيل ابن علية، عن أبي مخزوم، حدثني عمر بن أبي الوليد قال: خرج عمر بن عبد العزيز يوم جمعة وهو ناحل الجسم، فخطب كما يخطب، ثم قال: «أيها الناس من أحسن منكم فليحمد الله، ومن أساء فليستغفر الله، فإنه لابد لأقوام من أن يعملوا أعمالا وظفها الله في رقابهم، وكتبها عليهم»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا رجاء بن الجارود، ثنا عبد الملك بن قريب الأصمعي، عن عدي بن الفضل قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يخطب فقال: «اتقوا الله أيها الناس، وأجملوا في الطلب، فإنه إن كان لأحدكم رزق في رأس جبل أو حضيض أرض يأته»

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي ح وحدثنا الحسن بن أنس بن عثمان الأنصاري، ثنا أحمد بن حمدان بن إسحاق العسكري، ثنا علي بن المديني قالا: ثنا معتمر بن سليمان قال: سمعت علي بن زيد بن جدعان يقول: شهدت عمر بن عبد العزيز يخطب بخناصرة فسمعته يقول: «ألا إن أفضل العبادة أداء الفرائض، واجتناب المحارم»

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي قال: قرأت على زيد بن الحباب، حدثني عياش بن عقبة الحضرمي - وهو ابن عم ابن  لهيعة - حدثني بحدل الشامي، عن أبيه، - وكان صاحبا لعمر بن عبد العزيز - أخبره قال: " رأيت عمر بن عبد العزيز على المنبر يتلو هذه الآية: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} [الأنبياء: 47] حتى ختمها فمال على أحد شقيه يريد أن يقع "

حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن شبل، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبد الله بن إدريس، عن أبيه، عن أزهر - بياع الخمر - قال: «رأيت عمر بن عبد العزيز بخناصرة يخطب الناس عليه قميص مرقوع»

حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أحمد بن الحسين بن نصر، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا سلام بن مسكين قال: سمعت بعض أصحابنا يقول: إن عمر بن عبد العزيز صعد المنبر فقال: «يا أيها الناس، اتقوا الله، فإن تقوى الله خلف من كل شيء، وليس لتقوى الله خلف، يا أيها الناس اتقوا الله وأطيعوا من أطاع الله، ولا تطيعوا من عصى الله»

حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حزم، حدثني رجل يقال له زيد أنه سمع عمر بن عبد العزيز، يوم عيد وجاء راكبا، فنزل ونزل من معه، ثم جاء يمشي وعليه جبة محشوة بيضاء، وعمامة شامية صفيقة، وسراويل يمنية، وخفان ساذجان، فصعد المنبر فأتى بعصا مضببة بفضة، عرضها بين يديه، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم تلا آيات من كتاب الله، ثم قال: " أيها الناس، إني وجدت هذا القلب لا يعبر عنه إلا باللسان، ولعمري - وإن لعمري مني الحق - لوددت أنه ليس من الناس عبد ابتلي بسعة إلا نظر قطيعا من ماله فجعله في الفقراء والمساكين واليتامى والأرامل، بدأت أنا بنفسي، وأهل بيتي، ثم كان الناس بعد، ثم كان آخر كلمة تكلم بها حين نزل: لولا سنة أحييها، أو بدعة أميتها لم أبال أن لا أبقى في الدنيا فواقا "

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن يحيى، ثنا أحمد بن عبدة، ثنا حماد بن زيد، ح، وحدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا خلف بن الوليد، ثنا يحيى بن زكريا قالا: ثنا يحيى بن سعيد قال: خطب عمر بن عبد العزيز بعرفات فقال: «إنكم وفد غير واحد، وإنكم قد شخصتم  من القريب والبعيد، وأنضيتم الظهر وأرملتم، وليس السابق اليوم من سبق بعيره ولا فرسه، ولكن السابق اليوم من غفر الله له» زاد حماد في حديثه: فقال له رجل: أين أصلي المغرب؟ فقال: «حيث أدركتك من واديك هذا»

حدثنا أبو محمد، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا سفيان قال: سمعت شيخا من شيوخنا قال: سمعت عمر بن عبد العزيز وهو على المنبر بعرفة وهو يقول: " اللهم زد في إحسان محسنهم، وراجع لمسيئهم التوبة، وحط من ورائهم بالرحمة، قال: وأومأ بيده إلى الناس "

حدثنا أبو محمد، ثنا أحمد، ثنا سعيد بن عامر، عن محمد بن عمرو قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يخطب قال: «ما أنعم الله على عبد نعمة ثم انتزعها منه فعاضه مما انتزع منه الصبر إلا كان ما عاضه خيرا مما انتزع منه» ثم قرأ هذه الآية: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} [الزمر: 10]

حدثنا عمر بن أحمد بن شاهين، ثنا عبد الله بن محمد البغوي، ثنا عبيد الله بن عمر القواريري، ثنا زائدة بن أبي الرقاد، ثنا عبد الله بن العيزار قال: خطبنا عمر بن عبد العزيز بالشام على منبر من طين، فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال: «أيها الناس أصلحوا سرائركم تصلح علانيتكم، واعملوا لآخرتكم تكفوا أمر دنياكم»

حدثنا أبو بكر بن خلاد، ثنا محمد بن غالب، ثنا القعنبي، عن مالك بن أنس، عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه أخبره أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول: كان يقال: «إن الله لا يعذب العامة بذنب الخاصة، ولكن إذا عمل المنكر جهارا استحقوا العقوبة كلهم»

حدثنا حبيب بن الحسن، ثنا جعفر بن محمد بن الفريابي، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا عرعرة بن البرند، عن حاجب بن خليف البرجمي قال: شهدت عمر بن عبد العزيز يخطب الناس وهو خليفة فقال في خطبته: «ألا إن ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه فهو دين نأخذ به، وننتهي إليه، وما سن سواهما فإنا نرجئه»

حدثنا عمر بن أحمد بن شاهين، ثنا نصر بن القاسم الفرائضي، ثنا عبيد الله بن  عمر القواريري، ثنا المنهال بن عيسى، ثنا غالب القطان قال: قال عمر بن عبد العزيز: " اللهم إن لم أكن أهلا أن أبلغ رحمتك، فإن رحمتك أهل أن تبلغني، رحمتك وسعت كل شيء، وأنا شيء فلتسعني رحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم إنك خلقت قوما فأطاعوك فيما أمرتهم، وعملوا في الذي خلقتهم له، فرحمتك إياهم كانت قبل طاعتهم لك، يا أرحم الراحمين

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا حاتم بن الليث، ثنا عفان، ثنا جويرية بن أسماء، عن إسماعيل بن أبي حكيم قال: أول كلمة سمعتها من، عمر بن عبد العزيز يوم استخلف وهو على المنبر يقول: «يا أيها الناس إني والله ما سألت الله في سر ولا علانية قط، فمن كره منكم فأمره إليه، فقام رجل من الأنصار فبايعه وبايعه الناس»

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا إسحاق بن إسماعيل الحربي، ثنا هشام بن عمار، ثنا بقية بن الوليد، عن رجل، عن أبي حازم الخناصري الأسدي قال: قدمت دمشق في خلافة عمر بن عبد العزيز يوم الجمعة، والناس رائحون إلى الجمعة، فقلت: إن أنا صرت إلى الموضع الذي أريد نزوله فاتتني الصلاة، ولكن أبدأ بالصلاة، فصرت إلى باب المسجد، فأنخت بعيري، ثم عقلته ودخلت المسجد، فإذا أمير المؤمنين على الأعواد يخطب الناس، فلما أن بصر بي عرفني، فناداني: يا أبا حازم إلي مقبلا، فلما أن سمع الناس نداء أمير المؤمنين لي أوسعوا لي، فدنوت من المحراب، فلما أن نزل أمير المؤمنين فصلى بالناس التفت إلي فقال: يا أبا حازم، متى قدمت بلدنا؟ قلت: الساعة، وبعيري معقول بباب المسجد، فلما أن تكلم عرفته، فقلت: أنت عمر بن عبد العزيز؟ قال: نعم، قلت له: تالله لقد كنت عندنا بالأمس بالخناصرة أميرا لعبد الملك بن مروان، فكان وجهك وضيا، وثوبك نقيا، ومركبك وطيا، وطعامك شهيا، وحرسك شديدا، فما الذي غير بك وأنت أمير المؤمنين؟ قال لي: يا أبا حازم، أناشدك الله إلا حدثتني الحديث الذي حدثتني بخناصرة، قلت له: نعم، سمعت  أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن بين أيديكم عقبة كئودا، لا يجوزها إلا كل ضامر مهزول» قال أبو حازم: فبكى أمير المؤمنين بكاء عاليا، حتى علا نحيبه ثم قال: يا أبا حازم، أفتلومني أن أضمر نفسي لتلك العقبة، لعلي أن أنجو منها، وما أظنني منها بناج، قال أبو حازم: فأغمي على أمير المؤمنين. فبكى بكاء عاليا، حتى علا نحيبه، ثم ضحك ضحكا عاليا حتى بدت نواجذه، وأكثر الناس فيه القول، فقلت: اسكتوا وكفوا، فإن أمير المؤمنين لقي أمرا عظيما، قال أبو حازم: ثم أفاق من غشيته فبدرت الناس إلى كلامه، فقلت له: يا أمير المؤمنين، لقد رأينا منك عجبا؟ قال: ورأيتم ما كنت فيه؟ قلت: نعم، قال: إني بينما أنا أحدثكم إذ أغمي علي، فرأيت كأن القيامة قد قامت، وحشر الله الخلائق، وكانوا عشرين ومائة صف، أمة محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك ثمانون صفا، وسائر الأمم من الموحدين أربعون صفا، إذ وضع الكرسي، ونصب الميزان، ونشرت الدواوين، ثم نادى المنادي: أين عبد الله بن أبي قحافة، فإذا شيخ طوال يخضب بالحناء والكتم، فأخذت الملائكة بضبعيه فأوقفوه أمام الله، فحوسب حسابا يسيرا، ثم أمر به ذات اليمين إلى الجنة، ثم نادى المنادي: أين عمر بن الخطاب؟ فإذا شيخ طوال يخضب بالحناء فجثى، فأخذت الملائكة بضبعيه فأوقفوه أمام الله فحوسب حسابا يسيرا، ثم أمر به ذات اليمين إلى الجنة، ثم نادى مناد: أين عثمان بن عفان؟ فإذا بشيخ طوال يصفر لحيته، فأخذت الملائكة بضبعيه فأوقفوه أمام الله فحوسب حسابا يسيرا، ثم أمر به ذات اليمين إلى الجنة، ثم نادى مناد: أين علي بن أبي طالب؟ فإذا بشيخ طوال أبيض الرأس واللحية، عظيم البطن، دقيق الساقين، فأخذت الملائكة بضبعيه فأوقفوه أمام الله، فحوسب حسابا يسيرا ثم أمر به ذات اليمين إلى الجنة، فلما رأيت الأمر قد قرب مني اشتغلت بنفسي، فلا أدري ما فعل الله بمن كان بعد علي، إذ نادى المنادي: أين عمر بن عبد العزيز؟ فقمت فوقعت على وجهي، ثم قمت فوقعت على وجهي ، ثم قمت فوقعت على وجهي، فأتاني ملكان فأخذا بضبعي فأوقفاني أمام الله تعالى، فسألني عن النقير والقطمير والفتيل، وعن كل قضية قضيت بها، حتى ظننت أني لست بناج، ثم إن ربي تفضل علي وتداركني منه برحمة، وأمر بي ذات اليمين إلى الجنة، فبينا أنا مار مع الملكين الموكلين بي إذ مررت بجيفة ملقاة على رماد، فقلت: ما هذه الجيفة؟ قالوا: ادن منه وسله يخبرك، فدنوت منه فوكزته برجلي وقلت له: من أنت؟ فقال لي: من أنت؟ قلت: أنا عمر بن عبد العزيز، قال لي: ما فعل الله بك وبأصحابك؟ قلت: أما أربعة فأمر بهم ذات اليمين إلى الجنة، ثم لا أدري ما فعل الله بمن كان بعد علي، فقال لي: أنت ما فعل الله بك؟ قلت: تفضل علي ربي وتداركني منه برحمة، وقد أمر بي ذات اليمين إلى الجنة، فقال: أنا كما صرت، ثلاثا، قلت: أنت من أنت؟ قال: أنا الحجاج بن يوسف، قلت له: حجاج، أرددها عليه ثلاثا، قلت: ما فعل الله بك؟ قال: قدمت على رب شديد العقاب ذي بطشة منتقم ممن عصاه، قتلني بكل قتلة قتلت بها مثلها، ثم ها أنا ذا موقوف بين يدي ربي أنتظر ما ينتظر الموحدون من ربهم، إما إلى جنة، وإما إلى نار، قال أبو حازم: فأعطيت الله عهدا بعد رؤيا عمر بن عبد العزيز أن لا أوجب لأحد من هذه الأمة نارا رواه إبراهيم بن هراسة، عن الثوري، عن أبي الزناد، عن أبي حازم مختصرا وأخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم أجازة أحمد بن محمد بن الحسن نا السري بن عاصم نا إبراهيم بن هراسة عن سفيان الثوري عن أبي الزناد عن أبي حازم قال: قدمت على عمر بن عبد العزيز بخناصرة وهو يومئذ أمير المؤمنين، فلما نظر إلي عرفني ولم أعرفه، فقال لي: ادن يا أبا حازم، فلما دنوت منه عرفته، فقلت: أنت أمير المؤمنين؟ قال: نعم، قلت: ألم تكن عندنا بالأمس بالمدينة أميرا لسليمان بن عبد الملك، فكان مركبك وطيا، وثوبك نقيا؟ ووجهك بهيا؟ وطعامك شهيا، وقصرك مشيدا، وحديثك كثيرا، فما الذي غير ما بك وأنت أمير المؤمنين؟ قال: أعد علي الحديث الذي حدثتنيه بالمدينة، فقلت: نعم  يا أمير المؤمنين، سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن بين أيديكم عقبة كئودا، لا يجوزها إلا كل ضامر مهزول» فبكى طويلا

حدثنا أبي، وأبو محمد بن حيان قالا: ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، ثنا موسى بن عامر، ثنا الوليد بن مسلم قال: قال عبد الله بن العلاء: سمعت عمر بن عبد العزيز، يخطب في الجمع بخطبة واحدة يرددها، يفتتحها بسبع كلمات: إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فقد غوى، ثم يوصي بتقوى الله، ويتكلم، ثم يختم خطبته الأخيرة بقراءة هؤلاء الآيات: {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} [الزمر: 53]، إلى تمام العشر، قال عبد الله بن العلاء: لم يدع قراءة ذلك مقامي قبله "

حدثنا أبي وأبو محمد قالا: ثنا إبراهيم بن محمد، ثنا أبو عامر موسى بن عامر، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا عثمان بن أبي العاتكة أن عمر بن عبد العزيز قال في خطبته يوم الفطر: «أتدرون ما مخرجكم هذا؟ صمتم ثلاثين يوما، وقمتم ثلاثين ليلة، ثم خرجتم تسألون ربكم أن يتقبل منكم»

حدثنا أبو بكر، ثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن شبل، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو معاوية، عن مطرف قال: رأيت عمر بن عبد العزيز يخطب الناس وعليه ثوبان أخضران، فذكر الموت فقال: «غنظ ليس كالغنظ، وكظ ليس كالكظ»

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا أحمد بن الحسين بن نصر، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، ثنا زكريا بن عدي، ثنا ابن المبارك، عن مسلمة بن أبي بكر ، عن رجل، من قريش: أن عمر بن عبد العزيز، عهد إلى بعض عماله: «عليك بتقوى الله في كل حال ينزل بك، فإن تقوى الله أفضل العدة، وأبلغ المكيدة، وأقوى القوة، ولا تكن في شيء من عداوة عدوك أشد احتراسا لنفسك ومن معك من معاصي الله، فإن الذنوب أخوف عندي على الناس من مكيدة عدوهم، وإنما نعادي عدونا ونستنصر عليهم بمعصيتهم، ولولا ذلك لم تكن لنا قوة بهم، لأن عددنا ليس كعددهم، ولا قوتنا كقوتهم، فإن لا ننصر عليهم بمقتنا لا نغلبهم بقوتنا، ولا تكونن لعداوة أحد من الناس أحذر منكم لذنوبكم، ولا أشد تعاهدا منكم لذنوبكم، واعلموا أن عليكم ملائكة الله حفظة عليكم، يعلمون ما تفعلون في مسيركم ومنازلكم، فاستحيوا منهم، وأحسنوا صحابتهم، ولا تؤذوهم بمعاصي الله، وأنتم زعمتم في سبيل الله، ولا تقولوا أن عدونا شر منا، ولن ينصروا علينا وإن أذنبنا، فكم من قوم قد سلط - أو سخط - عليهم بأشر منهم لذنوبهم، وسلوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه العون على عدوكم، نسأل الله ذلك لنا ولكم، وأرفق بمن معك في مسيرهم فلا تجشمهم مسيرا يتعبهم، ولا تقصر بهم عن منزل يرفق بهم حتى يلقوا عدوهم والسفر لم ينقص قوتهم ولا كراعهم فإنكم تسيرون إلى عدو مقيم جام الأنفس والكراع وإلا ترفقوا بأنفسكم وكراعكم في مسيركم، يكن لعدوكم فضل في القوة عليكم في إقامتهم في جمام الأنفس والكراع، والله المستعان، أقم بمن معك في كل جمعة يوما وليلة لتكون لهم راحة يجمعون بها أنفسهم وكراعهم، ويرمون أسلحتهم وأمتعتهم، ونح منزلك عن قرى الصلح، ولا يدخلها أحد من أصحابك لسوقهم وحاجتهم، إلا من تثق به وتأمنه على نفسه ودينه، فلا يصيبوا فيها ظلما، ولا يتزودوا منها إثما، ولا يرزئون أحدا من أهلها شيئا إلا بحق، فإن لهم حرمة وذمة، ابتليتم بالوفاء بها، كما ابتلوا بالصبر عليها، فلا تستنصروا على أهل الحرب بظلم أهل الصلح، ولتكن عيونك من العرب ممن تطمئن إلى نصحه من أهل الأرض، فإن الكذوب لا ينفعك خبره ، وإن صدق في بعضه، وإن الغاش عين عليك وليس بعين لك»

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن مسعود المقدسي، ثنا محمد بن كثير، ثنا الأوزاعي، ح. وحدثنا أحمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن أبي داود، ثنا علي بن خشرم، ثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله: «لا تعاقب رجلا لمكان جلسائه، ولا لغضب عليه، ولا تؤدب أحدا من أهل بيتك إلا على قدر ذنبه، وإن لم تبلغ إلا سواطا واحدا»

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن مسعود، ثنا محمد بن كثير، ثنا الأوزاعي قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله: «ولا تركب دابة إلا دابة يضبط سيرها أضعف دابة في الجيش»

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن مسعود، ثنا محمد بن كثير، ثنا الأوزاعي قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عروة بن محمد عامله على اليمن: «انظر من قبلك من بني فلان فأقصهم عنك، ولا تشركهم في شيء من عملك، فإنهم بئس أهل البيت كانوا»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا محمد بن يحيى، ثنا إبراهيم بن حمزة، ثنا عبد العزيز بن محمد، عن عبيد الله بن عمر، عن ابن شهاب قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله: أما بعد، فاتق الله فيمن وليت أمره، ولا تأمن مكره في تأخيره عقوبته، فإنه إنما يعجل بالعقوبة من يخاف الفوت، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته "

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال: ثنا بشر بن موسى، ثنا الحميدي، ثنا سفيان بن عيينة، ثنا جعفر بن برقان قال: كتب إلينا عمر بن عبد العزيز: " إن هذا الرجف شيء يعاقب الله به العباد، وقد كتبت إلى أهل الأمصار أن يخرجوا يوم كذا وكذا، في شهر كذا وكذا، في ساعة كذا وكذا، فاخرجوا، ومن أراد منكم أن يتصدق فليفعل، فإن الله تعالى قال: {قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى} [الأعلى: 15] " وقولوا كما قال أبوكم عليه السلام: {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} [الأعراف: 23]، وقولوا كما قال نوح: {وإلا تغفر لي وترحمني  أكن من الخاسرين} [هود: 47]، وقولوا كما قال موسى عليه السلام: {رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي} [القصص: 16]، وقولوا كما قال ذو النون: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين "} [الأنبياء: 87]

حدثنا علي بن حميد الواسطي، ومحمد بن أحمد بن الحسن قالا: ثنا بشر بن موسى، ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى، ثنا محمد بن عيسى، عن عبد العزيز قال: كتب بعض عمال عمر بن عبد العزيز إليه: أما بعد، فإن مدينتنا قد خربت، فإن رأى أمير المؤمنين أن يقطع لها مالا يرمها به فعل، فكتب إليه عمر: أما بعد، قد فهمت كتابك، وما ذكرت أن مدينتكم قد خربت، فإذا قرأت كتابي هذا فحصنها بالعدل، ونق طرقها من الظلم، فإنه مرمتها والسلام "

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا الحسن بن أبي الربيع، ثنا سعيد بن عامر، عن عون بن معمر قال: كتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز: أما بعد «فكأنك بآخر من كتب عليه الموت قيل قد مات» فأجابه عمر: أما بعد، فكأنك بالدنيا ولم تكن، وكأنك بالآخرة ولم تزل "

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأنا عبد الرزاق، عن معمر قال: كتب عمر إلى عدي بن أرطأة - وكان استخلفه على البصرة: أما بعد «فإنك غررتني بعمامتك السوداء، ومجالستك القراء، وإرسالك العمامة من ورائك، وإنك أظهرت لي الخير فأحسنت بك الظن، وقد أظهر الله على ما كنتم تكتمون. والسلام»

حدثنا أبو بكر الطلحي، ثنا عبد الله بن محمد الحراني، ثنا يوسف القطان، ثنا جرير بن عبد الحميد، ثنا جابر بن حنظلة الضبي قال: كتب عدي بن أرطأة إلى عمر بن عبد العزيز: أما بعد، فإن الناس قد كثروا في الإسلام، وخفت أن يقل الخراج، فكتب إليه عمر بن عبد العزيز: «فهمت كتابك، ووالله لوددت أن الناس كلهم أسلموا حتى نكون أنا وأنت حراثين نأكل من كسب أيدينا»

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا موسى بن زكريا الغلابي، ثنا ابن عائشة ، عن أبيه قال: بلغ عمر بن عبد العزيز أن ابنا له اشترى فصا بألف درهم، فتختم به، فكتب إليه عمر: " عزيمة مني إليك، لما بعت الفص الذي اشتريت بألف درهم، وتصدقت بثمنه، واشتريت فصا بدرهم واحد، ونقشت عليه: رحم الله امرأ عرف قدره والسلام "

حدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا أحمد بن زيد الخزاز، ثنا ضمرة، ثنا كريز بن سليمان، أن عمر بن عبد العزيز، كتب إلى عامله عبد الله بن عون على فلسطين «أن اركب إلى البيت الذي يقال له المكس فاهدمه، ثم احمله إلى البحر فانسفه في اليم نسفا»

حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم، ثنا إدريس بن عبد الكريم، ثنا محرز بن عون، ثنا عبد العزيز بن محمد، عن عبد الله بن موسى قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي: «ما طاقة المسلم بجور السلطان مع نزغ الشيطان، إن من عون المسلم على دينه أن يتقي بحقه»

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبو عبد الله السلمي، حدثني مبشر، عن نوفل بن أبي الفرات قال: كتبت الحجبة إلى عمر بن عبد العزيز يأمر للبيت بكسوة كما يفعل من كان قبله، فكتب إليهم: «إني رأيت أن أجعل ذلك في أكباد جائعة فإنهم أولى بذلك من البيت»

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبو عبد الله السلمي قال: حدثني مبشر، عن نوفل بن أبي الفرات قال: كنت عاملا لعمر بن عبد العزيز، فكنت أختم على بيادر أهل الذمة، فجاءني كتاب عمر «أن لا تفعل، فإنه بلغني أنها كانت من صنائع الحجاج، وأنا أكره أن أتأسى به»

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد، حدثني الحسن بن عبد العزيز قال: كتب إلينا ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة قال: لما مات عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز كتب إلى الأمصار ينهى أن يناح عليه وكتب: «إن الله أحب قبضه، وأعوذ بالله أن أخالف محبته»

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثني عبيد الله بن الوليد الدمشقي، ثنا عبد الملك بن بزيغ قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطأة: «أما بعد فإنك لن تزال تعني إلي رجلا من المسلمين في الحر والبرد تسألني عن السنة، كأنك إنما تعظمني بذلك، وايم الله، لحسبك بالحسن، فإذا أتاك كتابي هذا فسل الحسن لي ولك وللمسلمين، فرحم الله الحسن فإنه من الإسلام بمنزل ومكان، ولا تقرينه كتابي هذا»

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا أحمد، ثنا عبد الله بن صالح، أنبأنا يحيى بن يمان قال: بلغني أن عمر بن عبد العزيز، كتب إلى عامل له: «أما بعد فالزم الحق ينزلك الحق منازل أهل الحق يوم لا يقضى بين الناس إلا بالحق، وهم لا يظلمون»

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا أحمد، ثنا عبد الله بن صالح، عن يحيى بن يمان قال: كتب عمر إلى عامل له: «أما بعد فلتجف يداك من دماء المسلمين، وبطنك من أموالهم، ولسانك عن أعراضهم، فإذا فعلت ذلك فليس عليك سبيل»: {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس} [الشورى: 42] الآية

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا هارون بن معروف، ثنا ضمرة، عن ابن شوذب قال: كتب صالح بن عبد الرحمن وصاحب له - وكانا قد ولاهما عمر شيئا من أمر العراق - فكتبا إلى عمر يعرضان له أن الناس لا يصلحهم إلا السيف، فكتب إليهما: «خبيثين من الخبث، رديئين من الردى، تعرضان لي بدماء المسلمين، ما أحد من الناس إلا ودماؤكما أهون علي من دمه»

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي، ثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية، ثنا حفص بن عمر قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن عمرو بن حزم: " أما بعد فقد قرأت كتابك الذي كتبت به إلى سليمان، وكنت المبتلى بالنظر فيه دونه، كتبت تسأله أن يقطع لك من الشمع مثل الذي كان يقطع لمن كان قبلك، وتذكر أن الشمع الذي كان قبلك لقد نفد، ولعمري لطالما رأيتك تخرج من منزلك إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليلة المظلمة الوحلة بغير ضياء ، فلعمري لأنت يومئذ خير منك اليوم والسلام عليك

حدثنا أحمد، ثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا يحيى بن عبد الملك، ثنا حفص بن عمر قال: كتب عمر إلى أبي بكر بن عمرو بن حزم: «أما بعد فقد قرأت كتابك التي كتبته إلى سليمان، وكنت المبتلى بالنظر فيه، كتبت تسأله أن يقطع لك شيئا من القراطيس مثل الذي كان يقطع لمن كان قبلك، وتذكر أن التي قبلك قد نفدت، وقد قطعت لك دون ما كان يقطع لمن كان قبلك، فأدق قلمك، وقارب بين أسطرك، واجمع حوائجك، فإني أكره أن أخرج من أموال المسلمين ما لا ينتفعون به والسلام»

أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه، ثنا عبيد الله بن أحمد بن عقبة، ثنا حماد بن الحسن، ثنا سعيد بن عامر، ثنا جويرية بن أسماء قال: كتب أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم إلى عمر بن عبد العزيز - وكان عامله على المدينة: سلام عليك، أما بعد، فإن أشياخنا من الأنصار قد بلغوا أسنانا لم يبلغوا الشرف من العطاء، فإن رأى أمير المؤمنين أن يبلغ بهم الشرف من العطاء فليفعل، وكتب إليه في صحيفة أخرى: سلام عليك أما بعد، فإن من كان قبلي من أمراء المدينة كان يجري عليهم رزق في شمعة، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر لي برزق في شمعة فليفعل، وكتب إليه في صحيفة أخرى: سلام عليك، أما بعد فإن بني عدي بن النجار أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم انهدم مسجدهم، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر لهم ببنائه فليفعل، قال: فأجابه في هؤلاء الثلاث بجواب واحد في صحيفة واحدة: «سلام عليك أما بعد، جاءني كتابك تذكر أن أشياخنا من الأنصار بلغوا أسنانا لم يبلغوا الشرف من العطاء، فإن رأى أمير المؤمنين أن يبلغ بهم الشرف من العطاء فليفعل، وإنما الشرف شرف الآخرة، فلا أعرفن ما كتبت به إلي في نحو هذا، وجاءني كتابك تذكر أن من كان قبلك من أمراء المدينة كان يجري عليهم رزق في شمعة، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر لي برزق في شمعة فليفعل، ولعمري يا ابن أم حزم لطالما مشيت إلى مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظلم  لا يمشي بين يديك بالشمع، ولا يوجف خلفك أبناء المهاجرين والأنصار، فارض لنفسك اليوم ما كنت ترضى به قبل اليوم، وجاءني كتابك تذكر أن بني عدي بن النجار من أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم انهدم مسجدهم، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر لهم ببنائه فليفعل، وقد كنت أحب أن أخرج من الدنيا لم أضع حجرا على حجر، ولا لبنة على لبنة، فإذا أتاك كتابي هذا فابنه لهم بلبن بناء قاصدا والسلام عليك»

حدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا أبو عروبة الحراني، ثنا أيوب بن محمد الوزان، ثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمر بن الوليد: «إن أظلم مني وأخون من ولى عبد ثقيف خمس الخمس، يحكم في دمائهم وأموالهم - يعني يزيد بن أبي مسلم - وأظلم مني وأجور من ولى عثمان بن حيان الحجاز ينطق بأشعار على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأظلم مني وأخون من ولى قرة بن شريك مصر، أعرابي جلف جاف، أظهر فيها المعازف»

حدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا أبو عروبة، ثنا أيوب الوزان، عن ضمرة، عن ابن شوذب قال: قال عمر بن عبد العزيز: «الوليد بالشام، والحجاج بالعراق، وعثمان بن حيان بالحجاز، وقرة بن شريك بمصر، امتلأت الأرض والله جورا»

حدثنا محمد بن إبراهيم قال: ثنا أبو عروبة، ثنا سليمان بن سيف، ثنا محمد بن سليمان، ثنا أبي، أن عمر بن عبد العزيز كتب: «من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى خاقان وقومه، ثبت السلام على أولياء الله»

حدثنا محمد بن علي، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني، حدثني أبي، عن جدي قال: بلغني أن ناسا من الحرورية تجمعوا بناحية من الموصل، فكتبت إلى عمر بن عبد العزيز أعلمه بذلك، فكتب إلي يأمرني؛ أن أرسل إلي رجالا من أهل الجدل وأعطهم رهنا، وخذ منهم رهنا، واحملهم على مراكب من البريد إلي، ففعلت ذلك، فقدموا عليه  فلم يدع لهم حجة إلا كسرها، فقالوا: لسنا نجيبك حتى تكفر أهل بيتك وتلعنهم وتبرأ منهم، فقال عمر: " إن الله لم يجعلني لعانا، ولكن إن أبقى أنا وأنتم فسوف أحملكم وإياهم على المحجة البيضاء، فأبوا أن يقبلوا ذلك منه، فقال لهم عمر: إنه لا يسعكم في دينكم إلا الصدق، مذ كم دنتم لله بهذا الدين؟ قالوا: مذ كذا وكذا سنة، قال: فهل لعنتم فرعون وتبرأتم منه؟ " قالوا: لا، قال: «فكيف وسعكم تركه ولا يسعني ترك أهل بيتي، وقد كان فيهم المحسن والمسيء، والمصيب والمخطئ؟» قالوا: قد بلغنا ما هاهنا، فكتب إلي عمر «أن خذ من في أيديهم من رهنك، وخل من في يدك من رهنهم، وإن كان رأى القوم أن يسيحوا في البلاد على غير فساد على أهل الذمة، ولا تناول أحد من الأئمة فليذهبوا حيث شاءوا، وإن هم تناولوا أحدا من المسلمين وأهل الذمة فحاكمهم إلى الله» وكتب إليهم: " بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى العصابة الذين خرجوا، أما بعد، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، فإن الله تعالى يقول: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} [النحل: 125] إلى قوله {وهو أعلم بالمهتدين} [النحل: 125] وإني أذكركم الله أن تفعلوا كفعل كبرائكم: {الذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط} أفبذنبي تخرجون من دينكم، وتسفكون الدماء، وتنتهكون المحارم، فلو كانت ذنوب أبي بكر وعمر مخرجة رعيتهم من دينهم - إن كانت لهما ذنوب - فقد كانت آباؤكم في جماعتهم فلم ينزعوا، فما سرعتكم على المسلمين وأنتم بضعة وأربعون رجلا؟ وإني أقسم لكم بالله لو كنتم أبكاري من ولدي فوليتم عما أدعوكم إليه من الحق لدفقت دماءكم، ألتمس بذلك وجه الله والدار الآخرة، فهذا النصح فإن استغششتموني فقديما ما استغش الناصحون فأبوا إلا القتال، وحلقوا رءوسهم، وساروا إلى يحيى بن يحيى فأتاهم كتاب عمر ويحيى موافقهم للقتال: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى يحيى بن يحيى، أما بعد، فإني ذكرت آية من كتاب الله: {ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} [البقرة: 190]. وإن من العدوان قتل النساء والصبيان، فلا تقتلن امرأة  ولا صبيا، ولا تقتلن أسيرا، ولا تطلبن هاربا، ولا تجهزن على جريح، إن شاء الله، والسلام "

حدثنا محمد بن علي، ثنا محمد بن الحسن، ثنا إبراهيم بن هشام، حدثني أبي، عن جدي، أن عمر بن عبد العزيز قال: «إنما هلك من كان قبلنا بحبسهم الحق حتى يشترى منهم، وبسطهم الظلم حتى يفتدى منهم»

حدثنا أحمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن أبي داود، ثنا عبد الجبار بن يحيى الرملي، ثنا عقبة بن علقمة، ح. وحدثنا سليمان، ثنا علي بن سعيد، ثنا محمد بن عقبة، عن علقمة، ثنا أبي، ثنا الأوزاعي قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى خزان بيوت الأموال: «إذا أتاكم الضعيف بالدينار لا ينفق منه فأبدلوه عنه من بيت المال»

حدثنا إبراهيم بن عبد الله، ثنا محمد بن إسحاق قال: ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن أبي عقبة، أن عمر بن عبد العزيز قال: «ادرءوا الحدود ما استطعتم في كل شبهة، فإن الوالي إن أخطأ في العفو خير من أن يتعدى في الظلم والعقوبة»

حدثنا أبي، ثنا محمد بن يحيى بن عيسى البصري، ثنا نصر بن علي، ثنا محمد بن عثمان، ثنا قيس بن عبد الملك قال: قام عمر بن عبد العزيز إلى قائلته وعرض له رجل بيده طومار، قال: فظن القوم أنه يريد أمير المؤمنين، فخاف أن يحبس دونه، فرماه بالطومار، فالتفت أمير المؤمنين فأصابه في وجهه فشجه، فنظرت إلى الدماء تسيل على وجهه وهو في الشمس، فقرأ الكتاب وأمر له بحاجته، وخلى سبيله "

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا يحيى بن عبد الباقي الأذني، ح وحدثنا أحمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن أبي داود، ثنا المسيب بن واضح، ثنا مخلد بن الحسين، عن الأوزاعي قال نقش رجل على خاتم عمر بن عبد العزيز فحبسه خمس عشرة ليلة ثم خلى سبيله

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا يحيى بن عبد الباقي الأذني ح وحدثنا  أحمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن أبي داود قالا: ثنا المسيب بن واضح، ثنا مخلد بن الحسين، عن الأوزاعي قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله «أن فاد بأسارى المسلمين وإن أحاط ذلك بجميع مالهم»

حدثنا سليمان، ثنا يحيى بن عبد الباقي، ثنا المسيب بن واضح، ثنا أبو إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي قال: أراد عمر بن عبد العزيز أن يستعمل، رجلا على عمل فأبى، فقال له عمر: " عزمت عليك لتفعلن، فقال الرجل: وأنا أعزم على نفسي أن لا أفعل، فقال عمر: «أتعصيني؟» فقال: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى يقول: {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان} الآية , أفمعصية كان ذلك منهن؟ فأعفاه عمر

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا أبو همام الوليد بن شجاع، ثنا مخلد بن حسين، عن هشام قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي: «أما بعد فقد جاءني كتابك تسألني عن شكاتي، وإني لأراها من مرة أصابتني، وإلى أجل ما أنا والسلام»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن حاتم بن الليث، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا محمد بن أبي عيينة المهلبي قال: قرأت رسالة عمر بن عبد العزيز إلى يزيد بن عبد الملك: «سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإن سليمان بن عبد الملك كان عبدا من عباد الله قبضه الله على أحسن أحيانه وأحواله يرحمه الله، فاستخلفني وبايع لي من قبله، وليزيد بن عبد الملك إن كان من بعدي، ولو كان الذي أنا فيه لاتخاذ أزواج، واعتقاد أموال، كان الله قد بلغ بي أحسن ما بلغ بأحد من خلقه، ولكني أخاف حسابا شديدا، ومساءلة لطيفة، إلا ما أعان الله عليه، والسلام عليك ورحمة الله»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا حاتم بن الليث، ثنا عبد الله بن بكر السهمي، حدثني شيخ من بني سليم، أن عمر بن عبد العزيز، كان  عنده هشام بن مصاد، فكانا يتحدثان فذكر شيئا فبكى، فأتاه مولاه مزاحم فقال: إن محمد بن كعب القرظي بالباب، فقال: أدخله، فدخل ولم يمسح عينيه من الدموع، فقال محمد: ما أبكاك يا أمير المؤمنين؟ فقال هشام بن مصاد: أبكاه كذا وكذا، فقال محمد بن كعب: يا أمير المؤمنين، إنما الدنيا سوق من الأسواق، منها خرج الناس بما نفعهم، ومنها خرجوا بما ضرهم، فكم من قوم قد غرهم منها مثل الذي أصبحنا فيه حتى أتاهم الموت فاستوعبهم فخرجوا منها ملومين لم يأخذوا لما أحبوا من الآخرة عدة، ولا لما كرهوا جنة، واقتسم ما جمعوا من لا يحمدهم، وصاروا إلى من لا يعذرهم، فنحن محقوقون يا أمير المؤمنين أن ننظر إلى تلك الأعمال التي نغبطهم بها، فنخلفهم فيها، وننظر إلى تلك الأعمال التي نتخوف عليهم منها، فنكف عنها، فاتق الله يا أمير المؤمنين، واجعل قلبك من اثنتين: انظر الذي تحب أن يكون معك إذا قدمت على ربك فقدمه بين يديك، وانظر الأمر الذي تكره أن يكون معك إذا قدمت على ربك فابتغ به البدل حيث يوجد البدل، ولا تذهبن إلى سلعة قد بارت على من كان قبلك ترجو أن تجوز عنك، فاتق الله يا أمير المؤمنين، فافتح الأبواب، وسهل الحجاب، وانصر المظلوم، ورد الظالم، ثلاث من كن فيه استكمل الإيمان بالله: من إذا رضي لم يدخله رضاه في الباطل، وإذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق، وإذا قدر لم يتناول ما ليس له "

حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا أبو سلمة، ثنا سلام - يعني ابن أبي مطيع قال: نبئت أن عمر بن عبد العزيز، لما قام هاجت ريح، فدخل عليه رجل فإذا هو منتقع اللون، فقيل له: يا أمير المؤمنين، ما لك؟ قال: «ويحك، وهل هلكت أمة قط إلا بالريح»

حدثنا أبو محمد، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا خلف بن الوليد، ثنا إسماعيل بن عياش، عن عتبة بن تميم، وغيره، أن عمر بن عبد العزيز كان يقول: «وايم الله، لو أني أعلم أنه يسوغ لي فيما بيني وبين الله أن أخليكم  وأمركم هذا وألحق بأهلي لفعلت، ولكني أخاف أن لا يسوغ ذلك لي فيما بيني وبين الله»

حدثنا أبو محمد، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا الوليد، عن الأوزاعي قال: لما ولي عمر بن عبد العزيز دخل عليه أخ له فقال: إن شئت كلمتك وأنت عمر فيما تكره اليوم وتحب غدا، وإن شئت كلمتك وأنت أمير المؤمنين فيما تحبه اليوم وتكرهه غدا؟ قال: «بلى كلمني وأنا عمر فيما أكرهه اليوم وأحبه غدا»

حدثنا محمد بن أحمد بن أبان، ثنا أبي، ثنا أبو بكر بن عبيد، ثنا أبو حفص البخاري، عن محمد بن عبد الله بن علاثة، عن إبراهيم بن أبي عبلة قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز في مسجد داره، وكنت له ناصحا، وكان مني مستمعا، فقال: " يا إبراهيم بلغني أن موسى عليه السلام قال: إلهي ما الذي يخلصني من عقابك، ويبلغني رضوانك، وينجيني من سخطك؟ قال: الاستغفار باللسان، والندم بالقلب " قال: قلت: والترك بالجوارح

حدثنا محمد بن أحمد بن أبان، حدثني أبي، ثنا أبو بكر بن عبيد، ثنا محمد بن الحسين، ثنا محمد بن يزيد بن خنيس، ثنا عبد العزيز بن أبي رواد قال: قال عمر بن عبد العزيز: «الكلام بذكر الله حسن، والفكرة في نعم الله أفضل العبادة»

حدثنا أحمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن أبي داود، ثنا سلم بن يحيى، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا أبو عمرو الأوزاعي، أن عمر بن عبد العزيز قال لبنيه: «كيف أنتم إذا أنا وليت كل رجل منكم جندا؟» فقال ابنه ابن الحارثية: لم تعرض علينا أمرا لا تريد أن تفعله؟ قال: «أترون بساطي هذا؟ إنه لصائر إلى بلى، وإني لأكره أن تدنسوه بخفافكم، فكيف أرضى لنفسي أن تدنسوا علي ديني؟»

حدثنا أحمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن أبي داود، ثنا عبد الله بن سعيد  الكندي قال: ثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن أبي عبيد حاجب سليمان، عن نعيم بن سلامة قال: «دخلت على عمر بن عبد العزيز فوجدته يأكل ثوما مسلوقا بزيت وملح»

حدثنا أحمد بن إسحاق، ثنا عبد الله، ثنا عباس بن الوليد، ح. وحدثنا سليمان بن أحمد، ثنا عبد الله بن العباس بن الوليد، حدثني أبي، ثنا الأوزاعي قال، كان عمر بن عبد العزيز إذا عرض له أمر مما يكره قال: «بقدر ما كان، وعسى أن يكون خيرا»

حدثنا أحمد، ثنا عبد الله، ثنا محمود بن خليد، ثنا الوليد، عن أبي عمرو، أن محمد بن عبد الملك بن مروان سأل فاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر: ما ترين بدو مرض عمر الذي مات فيه؟ فقالت: «أرى جل ذلك أو بدوه الخوف»

حدثنا سليمان بن أحمد قال: ثنا هاشم بن مرثد، ثنا صفوان بن صالح، ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، أن عمر بن عبد العزيز قال: «خذوا من الرأي ما قاله من كان قبلكم، ولا تأخذوا ما هو خلاف لهم، فإنهم كانوا خيرا منكم وأعلم»

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا يحيى بن عبد الباقي، ثنا المسيب بن واضح، ثنا أبو إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي، أن أبا مسلم، لما خرج في بعث المسلمين رده عمر بن عبد العزيز من دابق وقال: «ليس بمثله يستعين المسلمون في قتال عدوهم، وكان عطاؤه ألفين، فرده إلى ثلاثين، فرجع من دابق إلى طرابلس لأنه كان سيافا للحجاج وكان ثقفيا»

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا يحيى بن عبد الباقي، ثنا المسيب بن واضح، ثنا أبو إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي قال: كان عمر بن عبد العزيز يجعل كل يوم من ماله درهما في طعام المسلمين، ثم يأكل معهم وكان ينزل بأهل الذمة فيقدمون له من الحلبة المنبوتة والبقول وأشباه ذلك مما كانوا يصنعون من طعامهم فيعطيهم أكثر من ذلك ويأكل معهم، فإن أبوا أن يقبلوا ذلك منه  لم يأكل منه، فأما من المسلمين فلم يكن يقبل شيئا "

حدثنا محمد بن معمر، ثنا أبو شعيب الحراني، ثنا يحيى البابلتي، ثنا الأوزاعي، ثنا موسى بن سليمان، عن القاسم بن مخيمرة قال: «دخلت على عمر بن عبد العزيز وفي صدري حديث يتجلجل فيه أريد أن أقذفه إليه» فقلت له: «بلغنا أنه من ولي على الناس سلطانا فاحتجب عن فاقتهم وحاجتهم احتجب الله عن فاقته وحاجته يوم يلقاه» قال: فقال: «ما تقول؟» ثم أطرق طويلا، قال: «فعرفتها فيه فإنه برز للناس»

حدثنا محمد بن معمر، وسليمان بن أحمد قالا: ثنا أبو شعيب الحراني، ثنا يحيى بن عبد الله، ثنا الأوزاعي قال: كتب عمر إلى عماله: «اجتنبوا الاشتغال عند حضرة الصلاة، فمن أضاعها فهو لما سواها من شعائر الإسلام أشد تضييعا»

أخبرنا أحمد بن محمد في كتابه، قال: ثنا أبو مسلم الكشي، ثنا أحمد بن أبي بكر المقدسي، ثنا بشر بن حازم، عن أبي عمران قال: قال عمر بن عبد العزيز: «من قرب الموت من قلبه استكثر ما في يديه»

حدثنا محمد بن أحمد المؤذن، ثنا أبو الحسن بن أبان، ثنا أبو بكر بن عبيد، ثنا محمد بن الحسين، ثنا عبد الوهاب بن عطاء، أنبأنا سعيد، أن عمر بن عبد العزيز، «كان إذا ذكر الموت اضطربت أوصاله»

حدثنا محمد بن أحمد، ثنا أبو الحسن، ثنا أبو بكر، ثنا محمد بن الحسين، ثنا عبد الله قال: سمعت القداح يذكر أن عمر بن عبد العزيز، «كان إذا ذكر الموت انتفض انتفاض الطير، وبكى حتى تجري دموعه على لحيته»

حدثنا أبي، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، ثنا سفيان بن وكيع، ثنا ابن عيينة، عن عمر بن ذر قال: قال عمر بن عبد العزيز: «لولا أن تكون، بدعة لحلفت أن لا أفرح من الدنيا بشيء أبدا حتى أعلم ما في وجوه رسل ربي إلي عند الموت، وما أحب أن يهون علي الموت لأنه آخر ما يؤجر عليه المؤمن»

حدثنا أحمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن أبي داود، ثنا إسحاق بن الأخيل ، ثنا أحمد بن علي النميري، عن الأوزاعي قال قال عمر بن عبد العزيز ما أحب أن يخفف عني الموت لأنه آخر ما يؤجر عليه المسلم

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا الوليد بن مسلم بمكة، عن الأوزاعي، عن عمر بن عبد العزيز قال: «ما أحب أن تهون علي سكرات الموت لأنها آخر ما يكفر به عن المسلم»

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا عبد الله بن ميمون الخطابي قال: ثنا الحسن يعني أبا المليح، عن ميمون بن مهران قال: كنت جالسا عند عمر بن عبد العزيز فقرأ: {ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر} [التكاثر: 2] فقال لي: «يا ميمون، ما أرى القبر إلا زيارة، ولابد للزائر أن يرجع إلى منزله، يعني إلى الجنة أو النار»

حدثنا أبي ومحمد قالا: ثنا أحمد بن محمد بن عمر، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد قال: حدثني عمر بن أبي الحارث، ثنا محمد بن حميد، ثنا حكام، ثنا الحسن بن عميرة قال: اشترى عمر بن عبد العزيز جارية أعجمية فقالت: أرى الناس فرحين ولا أرى هذا يفرح؟ فقال: " ما تقول يا لكع؟ فقيل: إنها تقول كذا وكذا، فقال: «ويحها، حدثوها أن الفرح أمامها»

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد، ثنا أبو الحسن بن أبان، ثنا أبو بكر بن سفيان، حدثني محمد بن الحسين، حدثني يعقوب بن محمد الزهري، عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه قال: قال عمر بن عبد العزيز: " عظني يا أبا حازم، قال: قلت: «اضطجع ثم اجعل الموت عند رأسك، ثم انظر ما تحب أن تكون فيه تلك الساعة فخذ فيه الآن، وما تكره أن يكون فيك تلك الساعة فدعه الآن»

حدثنا محمد، ثنا أبو الحسن، ثنا أبو بكر، ثنا محمد، ثنا داود بن المحبر، عن عبد الواحد بن زيد قال: كتب الحسن إلى عمر: «أما بعد، يا أمير المؤمنين، فإن طول البقاء إلى فناء ما هو؟ فخذ من فنائك الذي لا يبقى لبقائك الذي لا يفنى، والسلام» فلما قرأ عمر الكتاب بكى وقال: «نصح أبو سعيد وأوجز»

حدثنا محمد بن أحمد، ثنا أبو الحسن، ثنا أبو بكر، حدثني محمد بن الحسن، ثنا إسحاق بن يحيى العبدي، ثنا عثمان بن عبد الحميد قال: دخل سابق البربري على عمر بن عبد العزيز فقال له: عظني يا سابق وأوجز، قال: «نعم يا أمير المؤمنين، وأبلغ إن شاء الله» قال: هات، فأنشده

[البحر الطويل]

فبكى عمر حتى سقط مغشيا عليه

حدثنا أبي ومحمد قالا: ثنا أبو الحسن بن أبان، ثنا أبو بكر بن سفيان قال: حدثني محمد بن الحسن، ثنا حماد بن الوليد قال عمر بن ذر يذكر أنه بلغه عن ميمون بن مهران، أنه قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز يوما وعنده سابق البربري الشاعر وهو ينشد شعرا، فانتهى في شعره إلى هذه الأبيات:

[البحر الطويل]

قال: فلم يزل عمر يبكى ويضطرب حتى غشي عليه، فقمنا فانصرفنا عنه "

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أبو شعيب الحراني، ثنا خالد بن يزيد العمري قال: سمعت وهيب بن الورد، يقول: كان عمر بن عبد العزيز كثيرا ما يتمثل بهذه الأبيات:

[البحر الطويل]

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمد بن زكريا الغلابي، ثنا ابن أبي عائشة  قال: كان عمر بن عبد العزيز كثيرا ما يتمثل بهذه الأبيات:

[البحر البسيط]

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة، ثنا أبي، ثنا إسماعيل بن عياش، عن عاصم بن رجاء بن حيوة، عن أبيه قال: ذكر عمر بن عبد العزيز الموت يوما فقال يتمثل:

[البحر الطويل]

ثم دعا بسبعة دنانير فتصدق بها، ثم قال: نستقرض على الله حتى يأتي العطاء

حدثنا الحسن بن أنس الأنصاري، ثنا أحمد بن حمدان العسكري، ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، ثنا جرير، عن حمزة الزيات قال: كان عمر بن عبد العزيز يتمثل بهذين البيتين:

[البحر الطويل]

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا محمد بن يزيد البغدادي، عن سعيد بن يونس العطاردي، ثنا أبو معشر، عن محمد بن قيس قال: " كان عمر بن عبد العزيز كثيرا ما يتمثل بهذين البيتين:

[البحر الطويل]

ثم يتلوها بآيتين: {أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون} [الشعراء: 206]

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمد بن نصر بن حميد البزاز البغدادي، ثنا محمد بن قدامة الجوهري، ثنا سعيد بن محمد الوراق قال: سمعت القاسم بن غزوان قال: كان عمر بن عبد العزيز يتمثل بهذه الأبيات:

[البحر الطويل]

 

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، حدثني عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، ثنا محمد بن الحسين، عن بعض أصحابه قال: قال عمر بن عبد العزيز:

[البحر الخفيف]

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا أحمد بن الحسين الحذاء، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا سهل بن محمود، ثنا حرملة بن عبد العزيز، حدثني أبي، عن ابن لعمر بن عبد العزيز قال: أمرنا أن نشتري، موضع قبره فاشتريناه من الراهب، قال: فقال الشاعر:

[البحر البسيط]

أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث، ثنا عثمان بن طالوت بن عباد، ثنا الأصمعي، عن نافع بن أبي نعيم قال: رثى رجل من موالي أهل المدينة عمر بن عبد العزيز:

[البحر البسيط]

أخبرنا أحمد بن القاسم بن سوار في كتابه قال: أنشدنا مسبح بن حاتم قال: أنشدنا ابن عائشة يرثي عمر بن عبد العزيز:

[البحر البسيط]

 

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، ثنا سليمان بن صالح، ثنا عبد الله بن المبارك قال: قال كثير بن عبد الرحمن الخزاعي في عمر بن عبد العزيز:

[البحر الطويل]

حدثنا محمد بن علي، ثنا الحسين بن محمد بن حماد، ثنا عمرو بن عثمان، ثنا خالد بن يزيد، عن جعونة قال: قال جرير حين مات عمر بن عبد العزيز:

[البحر البسيط]

حدثنا أبو بكر الطلحي، ثنا أحمد بن حماد بن سفيان، ح. وحدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق قالا: ثنا أبو الأشعث، ثنا عمرو بن صالح الزهري، حدثني الثقة قال: " لما بلغ محارب بن دثار موت عمر بن عبد العزيز دعا بكاتبه فقال: اكتب فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال: امحه، فإن الشعر لا يكتب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قال

[البحر البسيط]

حدثنا محمد بن علي بن حبيش، ثنا أبو شعيب الحراني، ثنا هاشم بن الوليد ، ثنا أبو بكر بن عياش قال: قال الفرزدق لما مات عمر بن عبد العزيز:

[البحر البسيط]

حدثنا محمد بن علي، ثنا الحسين بن محمد بن حماد، ثنا عمرو بن عثمان، ثنا خالد بن يزيد، عن جعونة قال: كان لا يقوم أحد من بني أمية إلا سب عليا، فلم يسبه عمر بن عبد العزيز، فقال كثير عزة:

[البحر الطويل]

حدثنا الحسن بن محمد بن كيسان، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا إبراهيم بن حمزة، ثنا عبد العزيز بن محمد، عن عبيد الله بن عمر قال: دخلت ابنة عبد الله بن زيد على عمر بن عبد العزيز فقالت: يا أمير المؤمنين، أنا بنت عبد الله بن زيد، أبي شهد بدرا، وقتل يوم أحد، فقال عمر:

[البحر البسيط]

سليني ما شئت، فسألت فأعطاها ما سألت

أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه، ثنا أحمد بن الحسن بن عبد الملك، ثنا محمد بن عبد الله بن سابور الرقي، ثنا عبد الرحمن العمري، ثنا ربيعة، عن عطاء، عن عمر بن عبد العزيز: أنه أخر الجمعة يوما عن وقته الذي، كان يصلي فيه، فقلنا له: أخرت الجمعة اليوم عن وقتك؟ قال: " إن الغلام ذهب بالثياب يغسلها فحبس بها، فعرفنا أنه ليس له غيرها، ثم قال: أما إني قد رأيتني وأنا بالمدينة وإني لأخاف أن يعجز ما رزقني الله عن كسوتي فقط، ثم قال يتمثل

[البحر الطويل]

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن شبل، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن عمرو بن مهاجر قال: «كانت قمص عمر بن عبد العزيز وثيابه فيما بين الكعب والشراك»

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا موسى بن إسماعيل المنقري، ثنا إسحاق أبو يعقوب يعني ابن عثمان الكلابي، ثنا رجاء بن حيوة قال: قومت ثياب عمر بن عبد العزيز وهو خليفة باثني عشر درهما، فذكر قميصه ورداءه وقباءه وسراويله وعمامته وقلنسوته وخفيه "

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا يحيى بن معين، ثنا مروان بن معاوية، ثنا يوسف بن يعقوب الكاهلي قال: كان عمر بن عبد العزيز يلبس الفرو الغليظ، وكان سراجه على ثلاث قصبات فوقهن طين

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا هارون بن معروف، ح. وحدثنا محمد بن علي، ثنا محمد بن قتيبة، ثنا أحمد بن زيد الخزاز قالا: ثنا ضمرة بن ربيعة، ثنا ابن شوذب، ثنا رباح بن عبيدة قال: كنت أتجر فقال لي عمر بن عبد العزيز: «يا رباح اتخذ لي كساءين خزا، أتخذ أحدهما محبسا والآخر شعارا» قال: ففعلت فصنعتهما بالبصرة، فلم آل، ثم قدمت بهما فأمر بقبضهما فلما أصبح غدوت عليه، فقال لي: «يا رباح ما أجود ثوبيك لولا خشونة فيهما» فلما ولي قال لي: «يا رباح اتخذ لي من هذه الجباب الهروية عامل قطن فيهن صغر» قال: فاشتريت له ثلاث شقق فقطعت من الثلاث جبتين خشنتين، ثم أتيت بهما إليه فقبضهما فقال لي: «يا رباح، ما أجود ثوبيك لولا لين فيهما» قال: فذكرت قوله الأول وقوله الآخر "

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني قال: سمعت جدي أبا شعيب عبد الله بن مسلم يحدث، عن أبيه قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز وعنده كاتب يكتب، قال: وشمعة تزهر وهو ينظر في أمور المسلمين، قال: فخرج الرجل وأطفئت الشمعة، وجيء بسراج إلى عمر، فدنوت منه فرأيت عليه قميصا فيه رقعة قد طبق ما بين كتفيه، قال: فنظر في أمري "

حدثنا حبيب بن الحسن، ثنا جعفر الفريابي، ثنا أبو أيوب ، ثنا يحيى بن حمزة، ثنا عوف بن مهاجر، أن عمر بن عبد العزيز، كانت تسرج له الشمعة ما كان في حوائج المسلمين، فإذا فرغ من حاجتهم أطفأها، ثم أسرج عليه سراجه "

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن شبل، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا حسين بن علي، عن عبيد بن عبد الملك قال: كان عمر بن عبد العزيز يقول: «اللهم أصلح من كان في صلاحه صلاح لأمة محمد، اللهم أهلك من كان في هلاكه صلاح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم» قال: وأخبرني من رأى عمر بن عبد العزيز واقفا بعرفة وهو يدعو ويقول بأصبعه هكذا - يعني يشير بها - ويقول: اللهم زد أمة محمد إحسانا، وراجع مسيئهم إلى التوبة، ثم يقول هكذا يشير بأصبعه: اللهم وحط من ورائهم برحمتك "

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن شبل، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع، عن عبيد الله بن موهب، عن صالح بن سعيد المؤذن قال: بينا أنا وعمر بن عبد العزيز، بالسويداء فأذنت للعشاء الآخرة، «فصلى ثم دخل القصر، فقلما لبث أن خرج فصلى ركعتين خفيفتين، ثم جلس فاحتبى فاستفتح الأنفال، فما زال يرددها ويقرأ كلما مر بآية تخويف تضرع، وكلما مر بآية رحمة دعا، حتى أذنت للفجر»

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن شبل، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبد الله بن نمير، عن طلحة بن يحيى قال: كنت جالسا عند عمر بن عبد العزيز فدخل عليه عبد الأعلى بن هلال فقال: أبقاك الله يا أمير المؤمنين ما دام البقاء خيرا لك، قال: " قد فرغ من ذاك يا أبا النضر، ولكن قل: «أحياك الله حياة طيبة وتوفاك من الأبرار»

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن شبل، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا الفضل بن دكين قال: ذكر أبو إسرائيل عمر بن  عبد العزيز فقال: حدثني علي بن بذيمة قال: رأيته بالمدينة وهو أحسن الناس لباسا، وأطيب الناس ريحا وهو أخيل الناس في مشيته، ثم رأيته بعد يمشي مشية الرهبان، فمن حدثك أن المشية سجية بعد عمر فلا تصدقه "

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن شبل، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا سعيد بن عامر، عن غيلان بن ميسرة، أن رجلا أتى عمر بن عبد العزيز فقال: زرعت زرعا فمر به جيش من أهل الشام فأفسده «فعوضه عشرة آلاف درهم»

حدثنا أحمد بن جعفر، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي، ثنا الحكم بن نافع، عن إسماعيل بن عياش، عن سالم بن عبد الله قال: سمعت ميمون بن مهران، يقول: قال عمر بن عبد العزيز لجلسائه: " أخبروني بأحمق الناس، قالوا: رجل باع آخرته بدنياه، فقال عمر: " ألا أنبئكم بأحمق منه؟ قالوا: بلى، قال: «رجل باع آخرته بدنيا غيره»

حدثنا أحمد، ثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا أبو المغيرة، ثنا بشر بن عبد الله بن يسار السلمي قال: خطب عمر الناس فقال: «أيها الناس، لا يبعدن عليكم، ولا يطولن يوم القيامة، فإنه من وافته منيته فقد قامت عليه قيامته، لا يستطيع أن يزيد في حسن، ولا يعتب من سيئ، ألا لا سلامة لامرئ في خلاف السنة، ولا طاعة لمخلوق في معصية الله، ألا وإنكم تسمون الهارب من ظلم إمامه العاصي، ألا وإن أولاهما بالمعصية الإمام الظالم»

حدثنا أحمد، ثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا أبو المغيرة، ثنا بشر بن عبد الله بن بشار، أن عمر قال: «احذر المراء، فإنه لا تؤمن فتنته، ولا تفهم حكمته»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا محمد بن الصباح، ثنا عبد الله بن رجاء، عن هشام بن حسان قال: قال عمر: «لو أن الأمم تخابثت يوم القيامة فأخرجت كل أمة خبيثها، ثم أخرجنا الحجاج لغلبناهم»

حدثنا أبو حامد، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، أن عمر كتب: أن امنعوا، اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين، وأتبع نهيه قول الله سبحانه وتعالى: {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام} [التوبة: 28]

 الآية وكتب: أن الرمي بين الأغراض أول النهار وآخره لعمارة المسجد. وكتب: من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر شغله "

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا محمد بن سعيد، ثنا سعيد بن عامر، عن عون بن المعتمر، أن عمر، رأى رجلا يشير بشماله فقال: «يا هذا إذا تكلمت فلا تشر بشمالك، أشر بيمينك» فقال الرجل: ما رأيت كاليوم أن رجلا دفن أعز الناس إليه ثم إنه يهمه يميني من شمالي، فقال عمر: «إذا استأثر الله بشيء قاله عنه»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد، ثنا زياد بن أيوب، ثنا الهيثم بن عمران قال: سمعت حيان بن نافع البصري قال: بعثني عروة بن محمد السعدي إلى سليمان بن عبد الملك وهو بدابق بهدايا قال: فوافيناه قد مات، واستخلف عمر بن عبد العزيز، فدخلنا عليه وقد هيأنا تلك الهدايا، كما كانت تهيأ لسليمان، قال: ومعنا عنبرة فيها نحو خمسمائة رطل أو ستمائة رطل، ومسك كثير، فأخذوا يعرضون على عمر تلك الهدية وفاح ريح المسك، فجعل عمر كمه على أنفه ثم قال: " يا غلام، ارفع هذا، فإنه إنما يستمتع من هذا بريحه، ثم قال: رحمك الله يا أبا أيوب، لو كنت حيا لكان نصيبنا فيه أوفر، قال: فرفع "

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا محمد بن الصباح، ثنا عبد الرحمن بن عبد الله العمري، عن ربيعة بن عطاء قال: أتي عمر بن عبد العزيز بعنبرة من اليمن قال: فوضع يده على أنفه بثوبه، قال: فقال له مزاحم: إنما هو ريحها يا أمير المؤمنين، قال: ويحك يا مزاحم هل ينتفع من الطيب إلا بريحه، قال: فما زالت يده على أنفه حتى رفعت

حدثنا محمد بن علي، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى، حدثني أبي، عن جدي قال: أتي عمر بن عبد العزيز بعنبرة فأمسك على أنفه، فقال بعضهم: ما يدعوه إلى هذا؟ قال: «وهل يستمتع منه إلا بريحه؟»

حدثنا محمد بن علي، ثنا الحسين بن محمد بن حماد، ثنا عمرو بن عثمان، ثنا أبي، ثنا محمد بن مهاجر قال: كان عند عمر بن عبد العزيز سرير النبي صلى الله عليه  وسلم وعصاه، وقدح وجفنة ووسادة حشوها ليف، وقطيفة ورداء، فكان إذا دخل عليه النفر من قريش قال: «هذا ميراث من أكرمكم الله به، ونصركم به، وأعزكم به، وفعل وفعل»

حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد، ثنا أبو خليفة، ثنا ابن عائشة، وعمارة بن عقيل قالا: قدم جرير على عمر بن عبد العزيز ح. وحدثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمد بن زكريا الغلابي، ثنا عمارة بن عقيل، عن جرير بن عطية بن الخطفي والخطفي اسمه حذيفة بن بدر بن سلمة قال: لما قدم عمر بن عبد العزيز نهضت إليه الشعراء من الحجاز والعراق، فكان فيمن حضره، نصيب، وجرير، والفرزدق، والأحوص، وكثير، والحجاج القضاعي، فمكثوا شهرا لا يؤذن لهم، ولم يكن لعمر فيهم رأي ولا أرب، وإنما كان رأيه وبطانته ووزراؤه وأهل إربه القراء والفقهاء، ومن وسم عنده بورع، فكان يبعث إليهم حيث كانوا من بلدانهم، فوافق جرير قدوم عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي - وكان ورعا فقيها مفوها في المنطق نظير الحسن بن أبي الحسن في منطقه - فرآه جرير على باب عمر مشمر الثياب، معتما على لمة لاصقة برأسه، قد أرخى صنفيها بين يديه، فقال جرير

[البحر البسيط]

فقال له عون: من أنت؟ فقال: جرير، فقال: إنه لا يحل لك عرضي، قال: فاذكرني للخليفة، قال: إن رأيت لك موضعا فعلت، فدخل عون على عمر فسلم عليه ثم حمد الله، وذكر بعض كلامه ومواعظه، ثم قال: هذا جرير بالباب فاحرز لي عرضي منه، فأذن لجرير فدخل عليه فقال: يا أمير المؤمنين، إني أخبرت أنك تحب أن توعظ ولا تطرب، فأذن لي في الكلام، فأذن له، فقال:

 

فترقرقت عينا عمر وقال: إنك لتصف جهدك، فقال: ما غاب عني وعنك أشد، فجهز إلى الحجاز عيرا تحمل الطعام والكسى والعطايا يبث في فقرائهم، ثم قال: أخبرني أمن المهاجرين أنت يا جرير؟ قال: لا، قال: فشبك بينك وبين الأنصار، رحم أو قرابة أو صهر؟ قال: لا، قال: فمن يقاتل على هذا الفيء أنت ويجلب على عدو المسلمين؟ قال: لا، قال: فلا أرى لك في شيء من هذا الفيء حقا، قال: بلى، والله لقد فرض الله لي فيه حقا، إن لم تدفعني عنه، قال: ويحك وما حقك؟ قال: ابن سبيل أتاك من شقة بعيدة فهو منقطع به على بابك، قال: إذا أعطيك، فدعا بعشرين دينارا فضلت من عطائه فقال: هذه فضلت من عطائي، وإنما يعطى ابن السبيل من مال الرجل، ولو فضل أكثر من هذا أعطيتك، فخذها فإن شئت فاحمد، وإن شئت فذم، قال: بل أحمد يا أمير المؤمنين، فخرج فجهشت إليه الشعراء وقالوا: ما وراءك يا أبا حزرة؟ قال: يلحق الرجل منكم بمطيته، فإني خرجت من عند رجل يعطي الفقراء، ولا يعطي الشعراء، وقال:

[البحر الطويل]

لفظ الغلابي

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أبو خليفة، ثنا أبو محمد الثوري، عن الأصمعي، عن العمري قال: قال عمر بن عبد العزيز: «لا نعيش بعقل رجل حتى نعيش بظنه»

حدثنا محمد بن علي، ثنا الحسن بن محمد بن حماد، ثنا عمرو بن عثمان، ثنا خالد بن يزيد، عن جعونة قال: دخل على عمر بن عبد العزيز رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إن من كان قبلك كانت الخلافة لهم زينا، وأنت زين الخلافة، وإنما مثلك كما قال الشاعر:

[البحر الخفيف]

حدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى، حدثني أبي، عن جدي قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى محمد بن كعب القرظي يسأله أن يبيعه، غلاما سالما - وكان عابدا خيرا - فقال: إني قد دبرته، قال: فأزرنيه، قال: فأتاه سالم فقال له عمر: " إني قد ابتليت بما ترى، وإني والله أتخوف أن لا أنجو، قال سالم: إن كنت كما تقول فهي نجاتك، وإلا فهو الأمر الذي تخاف منه، قال له: يا سالم، عظنا، قال: «آدم عمل خطيئة واحدة فأخرج بها من الجنة، وأنتم تعملون الخطايا ترجون أن تدخلوا بها الجنة»

حدثنا إبراهيم بن عبد الله، وأحمد بن محمد بن سنان قالا: ثنا أبو العباس السراج، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا النضر بن زرارة، عن الثقة قال: كان لعمر بن عبد العزيز أخ وأخاه في الله عبد مملوك يقال له سالم، فلما استخلف دعاه ذات يوم فأتاه، فقال له: يا سالم، إني أخاف أن لا أنجو، قال: «إن كنت تخاف فنعما، ولكني أخاف أن لا تخاف، إن الله أسكن عبدا دارا فأذنب فيها ذنبا واحدا فأخرجه من تلك الدار، ونحن أصحاب ذنوب كثيرة نريد أن نسكن تلك الدار»

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا عبد الله بن محمد بن العباس، ثنا سلمة بن شبيب، ثنا سهل بن عاصم، ثنا عبد الله بن عقبة، حدثني علي بن الحسين قال: كان لعمر بن عبد العزيز صديق فأخبر أنه قد مات، فجاء إلى أهله يعزيهم فصرخوا في وجهه، فقال لهم عمر: «إن صاحبكم هذا لم يكن يرزقكم ، وإن الذي يرزقكم حي لا يموت، وإن صاحبكم هذا لم يسد شيئا من حفركم، إنما سد حفرة نفسه، وإن لكل امرئ منكم حفرة لابد والله أن يسدها، إن الله تعالى لما خلق الدنيا حكم عليها بالخراب، وعلى أهلها بالفناء، ولا امتلأت دار حبرة إلا امتلأت عبرة، ولا اجتمعوا إلا تفرقوا، حتى يكون الله هو الذي يرث الأرض ومن عليها، فمن كان منكم باكيا فليبك على نفسه، فإن الذي صار إليه صاحبكم اليوم كلكم يصير إليه غدا»

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا الحكم بن موسى، ثنا سبرة بن عبد العزيز، وسهل بن الربيع بن سبرة، حدثني أبي، عن أبيه الربيع قال: لما هلك عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز، وسهل بن عبد العزيز، ومزاحم مولى عمر في أيام متتابعة، دخل الربيع بن سبرة عليه وقال: أعظم الله أجرك يا أمير المؤمنين، فما رأيت أحدا أصيب بأعظم من مصيبتك في أيام متتابعة والله ما رأيت مثل ابنك ابنا، ولا مثل أخيك أخا، ولا مثل مولاك مولى قط، فطأطأ عمر رأسه، فقال لي رجل معي على الوسادة: لقد هيجت عليه، قال: ثم رفع رأسه فقال: كيف قلت الآن يا ربيع؟ فأعدت عليه ما قلت أولا، قال: «لا والذي قضى عليه - أو قال عليهم - بالموت ما أحب أن شيئا من ذلك كأن لم يكن»

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا عفان بن مسلم، ثنا عثمان بن عبد الحميد، حدثني أبي قال: بلغنا أن ابنا لعمر بن عبد العزيز مات صغيرا، فدخل عليه الناس يعزونه وهو ساكت لا يتكلم طويلا، حتى قال بعضهم: إن ذا لمن جزع، قال: ثم تكلم فقال: «الحمد لله دخل ملك الموت حجرتي فذهب ببعضي وكأنه ذهب بي»

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا محمد بن الصباح، ثنا إسماعيل بن زكريا، عن طلحة بن يحيى قال: كنت جالسا عند عمر فجاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، أبقاك الله ما كان البقاء خيرا لك، قال: " أما ذاك فقد فرغ منه ولكن قل: أحياك الله حياة طيبة، وتوفاك مع الأبرار "

حدثنا أبو بكر، ثنا عبد الله، حدثني منصور بن بشير، ثنا أبو سعيد المؤدب يعني محمد بن مسلم بن أبي الوضاح، عن عبد الكريم قال: قيل لعمر: جزاك الله عن الإسلام خيرا، قال: «لا، بل جزى الله الإسلام عني خيرا»

حدثنا أبو بكر، ثنا عبد الله، حدثني أبو معمر، ثنا أبو سفيان العمري، ثنا أسامة بن زيد، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: قال لي عمر: «ما وجدت في إمارتي هذه شيئا ألذ من حق وافق هوى»

حدثنا أبو بكر، ثنا عبد الله، حدثني أبو معمر، ثنا أبو بكر بن عياش، حدثني أبو يحيى القتات، عن مجاهد قال أعطاني عمر ثلاثين درهما وقال «يا مجاهد هذه من صدقة مالي»

حدثنا أبو بكر، ثنا عبد الله، حدثني هارون بن معروف، ثنا ضمرة، عن الوليد بن راشد قال: «زاد عمر الناس في عطاياهم عشرة عشرة، العربي والمولى سواء»

حدثنا أبو بكر، ثنا عبد الله، حدثني أبو معمر، عن سفيان قال: قال عمر بن عبد العزيز: «كانت لي نفس تواقة، فكنت لا أبالي منها شيئا إلا تاقت إلى ما هو أعظم، فلما بلغت نفسي الغاية تاقت إلى الآخرة»

حدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا عبد الله بن الحسين بن معبد الملطي، ثنا الحسن بن محمد الزعفراني، ثنا سعيد بن عامر، ثنا جويرية بن أسماء قال: قال عمر: «إن نفسي هذه تواقة لم تعط من الدنيا شيئا إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه، فلما أعطيت الخلافة التي لا شيء أفضل منها تاقت إلى ما هو أفضل منها» قال سعيد: الجنة أفضل من الخلافة

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا منصور بن أبي مزاحم، ثنا شعيب بن صفوان أبو يحيى، عن محمد بن مروان بن أبان بن عثمان بن عفان، عن من سمع مزاحما يقول: قلت لعمر: إني رأيت في أهلك خللا، فقال لي: «يا مزاحم، أما يكفيهم وأعطيتهم ما يصيبون من المغانم مع المسلمين من فيئهم مع مال عمر؟» فقلت له: وأين يقع ذلك منهم مع ما يمونون، ومع ضيافتهم وكسوتهم نسائهم؟ قد والله خشيت أن تصيبهم مخمصة، فقال لي عمر: «إن لي  نفسا تواقة، لقد رأيتني وأنا بالمدينة غلام مع الغلمان، ثم تاقت نفسي إلى العلم إلى العربية والشعر، فأصبت منه حاجتي، وما كنت أريد، ثم تاقت إلى السلطان فاستعملت على المدينة، ثم تاقت نفسي وأنا في السلطان إلى اللبس والعيش الطيب فما علمت أن أحدا من أهل بيتي ولا غيرهم كانوا في مثل ما كنت فيه، ثم تاقت نفسي إلى الآخرة والعمل بالعدل، فأنا أرجو أن أنال ما تاقت نفسي إليه من أمر آخرتي، فلست بالذي أهلك آخرتي بدنياهم»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا أحمد بن الوليد، ثنا محمد بن كثير، ثنا أبي كثير بن مروان، عن رجاء بن حيوة قال: سمرت ليلة عند عمر بن عبد العزيز فاعتل السراج، فذهبت أقوم أصلحه، فأمرني عمر بالجلوس، ثم قام فأصلحه، ثم عاد فجلس فقال: «قمت وأنا عمر بن عبد العزيز وجلست وأنا عمر بن عبد العزيز، ولؤم بالرجل إن استخدم ضيفه» حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني الحكم بن موسى، ثنا ضمرة بن ربيعة، عن عبد العزيز بن أبي الخطاب قال: قال عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز: قال لي رجاء بن حيوة: ما رأيت أحدا أكمل عقلا من أبيك، سمرت معه ليلة، فذكر مثله

حدثنا أحمد بن جعفر، ثنا عبد الله، حدثني أبي ح. وحدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا حاتم بن الليث قالا: ثنا حسين بن محمد، ثنا عبد الله بن عمرو قال: سمعت شيخا كان في حرس عمر يقول: رأيت عمر بن عبد العزيز حين ولي وبه من حسن اللون، وجودة الثياب والبزة، ثم دخلت عليه بعد وقد ولي فإذا هو قد احترق واسود ولصق جلده بعظمه حتى ليس بين الجلد والعظم لحم، وإذا عليه قلنسوة بيضاء قد اجتمع قطنها يعلم أنها قد غسلت، وعليه سحق أنبجانية قد خرج سداها وهو على شاذكونة قد لصقت بالأرض تحت الشاذكونة عباءة قطرانية من مشاقة الصوف، فأعطاني مالا أتصدق به بالرقة فقال: لا تقسمه إلا على نهر جار، فقلت له: يأتيني من لا أعرفه فمن أعطي؟ قال: من مد يده إليك "

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد، حدثني معاوية بن عبد الله بن معاوية بن عاصم بن المنذر بن الزبير بن العوام، ثنا أبو المقدام هشام بن أبي هشام، ثنا محمد بن كعب قال: لما استخلف عمر بعث إلي وأنا بالمدينة فقدمت عليه، فلما دخلت عليه جعلت أنظر إليه نظرا لا أصرف بصري عنه تعجبا، فقال: «يا ابن كعب، إنك لتنظر إلي نظرا ما كنت تنظره؟» قال: قلت: تعجبا، قال: «ما أعجبك؟» قلت: يا أمير المؤمنين، أعجبني ما حال من لونك ونحل من جسمك، ونفش من شعرك، قال: «فكيف لو رأيتني بعد ثلاث وقد دليت في حفرتي - أو قبري - وسالت حدقتاي على وجنتي، وسال منخري صديدا ودما، كنت لي أشد نكرة»

حدثنا أبو بكر، ثنا عبد الله، حدثني عبيد الله بن عمر، ح. وحدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا محمد بن مروان العقيلي، ثنا عمارة بن أبي حفصة قال: دخل مسلمة بن عبد الملك على عمر في مرضه الذي مات فيه فقال: من توصي بأهلك؟ فقال: «إذا نسيت الله فذكروني» فعاد له فقال: من توصي بأهلك؟ قال: {إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين} [الأعراف: 196]

حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن إبراهيم، حدثني أبو إسحاق، ثنا محمد بن الحسن، ثنا هاشم قال: لما كانت الصرعة التي هلك فيها عمر دخل عليه مسلمة بن عبد الملك فقال: يا أمير المؤمنين إنك أقفرت أفواه ولدك من هذا المال فتركتهم عالة لا شيء لهم، فلو أوصيت بهم إلي أو إلى نظرائي من أهل بيتك، قال: فقال: أسندوني ثم قال: " أما قولك إني أقفرت أفواه ولدي من هذا المال فإني والله ما منعتهم حقا هو لهم، ولم أعطهم ما ليس لهم، وأما قولك لو أوصيت بهم إلي أو إلى نظرائي من أهل بيتك فوصيي ووليي فيهم الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين، بني أحد رجلين: إما رجل يتقي فسيجعل الله له مخرجا، وإما رجل مكب على المعاصي فإني لم أكن لأقويه على معصية الله. ثم بعث إليهم وهم بضعة عشر ذكرا قال: فنظر إليهم فذرفت عيناه فبكى ثم قال: بنفسي الفتية  الذين تركتهم عيلى لا شيء لهم، بلى بحمد الله قد تركتهم بخير، أي بني إنكم لن تلقوا أحدا من العرب ولا من المعاهدين إلا كان لكم عليهم حقا، أي بني إن أمامكم ميل بين أمرين، بين أن تستغنوا ويدخل أبوكم النار، وأن تفتقروا ويدخل أبوكم الجنة، فكان أن تفتقروا ويدخل أبوكم الجنة أحب إليه من أن تستغنوا ويدخل النار، قوموا عصمكم الله "

حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا سهل بن محمود، ثنا عمر بن حفص المعيطي، ثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال: قلت: كم ترك لكم عمر من المال؟ فتبسم فقال: حدثني مولى لنا كان يلي نفقته قال: قال لي عمر حين احتضر: «كم عندك من المال» قال: قلت: أربعة عشر دينارا، قال: فقال: «تحتملوني بها من منزل إلى منزل؟» فقلت: كم ترك لكم من الغلة؟ قال: ترك لنا غلة ستمائة دينار كل سنة، ثلاثمائة دينار ورثناها عنه، وثلاثمائة دينار ورثناها عن أخينا عبد الملك، وتركنا اثني عشر ذكرا، وست نسوة، اقتسمنا ماله على خمس عشرة "

حدثنا أبو محمد، ثنا أحمد، ثنا منصور بن بشير، ثنا أبو بكر يعني ابن نوفل بن الفرات، عن أبيه، أن عمر استعمل جعونة بن الحارث على ملطية فغزا فأصاب غنما، ووفد ابنه إلى عمر فلما دخل عليه وأخبره الخبر قال له عمر: «هل أصيب من المسلمين أحد؟» قال: لا، إلا رويجل، فغضب عمر وقال: «رويجل رويجل، مرتين، تجيئوني بالشاة والبقرة ويصاب رجل من المسلمين، لا تلي لي أنت ولا أبوك عملا ما كنت حيا»

حدثنا أحمد بن جعفر، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا عبد الله بن إبراهيم بن عمر بن كيسان الصنعاني قال: سمعت محمدا عمي يقول: قال عمر: «كأن من لم يل لم يذنب»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا محمد بن عمر الباهلي، ح. وحدثنا محمد بن علي، ثنا الحسين بن محمد بن حماد، ثنا أبو موسى قالا: ثنا عثمان بن عثمان الغطفاني، عن علي بن زيد قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: «لقد  تمت حجة الله على ابن الأربعين، فمات لها عمر بن عبد العزيز»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، أنبأنا أيوب، نبئت أن عمر ذكر له ذلك الموضع الرابع الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فعرضوا له به قالوا: لو دنوت من المدينة؟ فقال: «لأن يعذبني الله بكل عذاب إلا النار أحب إلي من أن يعلم الله أني أرى أني لذلك أهل» حدثنا محمد بن علي، ثنا أبو عروبة، ثنا عمرو بن عثمان، ثنا خالد بن يزيد، عن جعونة قال: رجل لعمر: «لو دنوت من المدينة» فذكر نحوه

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا أبو كريب، ثنا ابن المبارك، عن جابر بن حازم، عن المغيرة بن حكيم قال: حدثتني فاطمة، امرأة عمر قالت: كنت أسمع عمر كثيرا يقول: «اللهم أخف عليهم موتي، اللهم أخف عليهم موتي ولو ساعة» فقلت له يوما: لو خرجت عنك فقد سهرت يا أمير المؤمنين، لعلك تغفي، فخرجت إلى جانب البيت الذي كان فيه فسمعته يقول: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين} [القصص: 83]. فجعل يرددها، قالت: ثم أطرق فلبثت ساعة ثم قلت لوصيف له كان يخدمه: ادخل فانظر، قالت: فدخل فصاح، فدخلت فإذا هو قد أقبل بوجهه إلى القبلة وغمض عينيه بإحدى يديه، وضم فاه بالأخرى "

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا عباس بن أبي طالب، ثنا الحارث بن بهرام، ثنا النضر، حدثني ليث بن أبي مرقية، عن عمر بن عبد العزيز، أنه لما كان في مرضه الذي مات فيه قال: «أجلسوني» فأجلسوه، ثم قال: «أنا الذي أمرتني فقصرت، ونهيتني فعصيت، ولكن لا إله إلا الله» ثم رفع رأسه وأحد النظر، فقالوا له: إنك لتنظر نظرا شديدا، قال «إني لأرى حضرة ما هم بإنس ولا جن» ثم قبض "

حدثنا حبيب بن الحسن، ثنا الحسن بن علويه القطان، ثنا إبراهيم بن يزيد بن مصعب الشامي، ثنا إسماعيل بن عياش، وابن المبارك، عن الأوزاعي  قال: شهدت جنازة عمر بن عبد العزيز، ثم خرجت أريد مدينة قنسرين، فمررت على راهب يسير على ثورين له - أو حمارين - فقال: «يا هذا أحسبك شهدت وفاة هذا الرجل؟» قلت له: نعم، فأرخى عينيه فبكى سجاما فقلت له: ما يبكيك ولست من أهل دينه؟ قال: «إني لست عليه أبكي، ولكن أبكي على نور كان في الأرض فطفئ»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا العباس بن أبي طالب، ثنا علي بن ميمون الرقي قال: ثنا أبو خليد، عن الأوزاعي قال: قال عمر بن عبد العزيز لجلسائه: " من صحبني منكم فليصحبني بخمس خصال: يدلني من العدل إلى ما لا أهتدي له، ويكون لي على الخير عونا، ويبلغني حاجة من لا يستطيع إبلاغها، ولا يغتاب عندي أحدا، ويؤدي الأمانة التي حملها مني ومن الناس، فإذا كان كذلك فحيهلا به، وإلا فهو في حرج من صحبتي والدخول علي "

حدثنا مخلد بن جعفر، ثنا محمد بن يحيى المروزي، ثنا خالد بن خداش، ثنا حماد، عن أبي هاشم الرماني، أن رجلا جاء إلى عمر بن عبد العزيز فقال: رأيت النبي صلى الله عليه في المنام وبنو هاشم يشكون إليه الحاجة فقال لهم: «فأين عمر بن عبد العزيز؟»

حدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد السلام، ثنا الحسن بن أبي أمية، ثنا أبو أسامة قال: " رأى رجل في منامه على باب الجنة مكتوبا: براءة من الله العزيز الحكيم لعمر بن عبد العزيز من عذاب يوم أليم "

حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسين، ثنا ابن أبي حاتم، ح. وحدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا محمد بن أسلم بن يزيد الوراق، ثنا عمار بن خالد، ثنا محمد بن يزيد الواسطي، عن معاذ مولى زيد بن تميم، أن رجلا من بني تميم رأى في المنام كتابا منشورا من السماء بقلم جليل: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز الحكيم براءة لعمر بن عبد العزيز من العذاب الأليم، إني أنا  الله الغفور الرحيم "

حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن المذكر، ثنا العباس بن حمدان قال: ثنا محمد بن يحيى، ثنا عباد بن عمر، ثنا مخلد بن يزيد، عن يوسف بن ماهك قال: بينا نحن نسوي التراب على قبر عمر بن عبد العزيز إذ سقط علينا رق من السماء فيه كتاب: بسم الله الرحمن الرحيم أمان من الله لعمر بن عبد العزيز من النار "

حدثنا عثمان بن محمد العثماني، ثنا الحسين بن أحمد بن بسطام، ثنا أحمد بن محمد بن أبي بزة، ثنا محمد بن يزيد بن خنيس، عن وهيب بن الورد قال: بينا أنا نائم خلف المقام إذ رأيت فيما يرى النائم كأن داخلا دخل من باب بني شيبة وهو يقول: " يا أيها الناس ولي عليكم كتاب الله، فقلت: من؟ فأشار إلى ظفره فإذا مكتوب ع. م. ر، فجاءت بيعة عمر بن عبد العزيز "

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، ثنا الوليد بن صالح، ثنا أبو المليح، عن خصاف أخي خصيف قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وعن يمينه أبو بكر، وعن يساره عمر، وميمون بن مهران جالس أمام ذلك، فأتيت ميمون بن مهران فقلت: من هذا؟ قال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: من هذا؟ قال: هذا أبو بكر عن يمينه، وهذا عمر عن يساره، فجاء عمر بن عبد العزيز يجلس بين أبي بكر وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فشح أبو بكر بمكانه ثم جاء ليجلس بين عمر وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فشح عمر بمكانه فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه في حجره " حدثنا مخلد بن جعفر، ثنا محمد بن يحيى المروزي، ثنا خالد بن خداش، ثنا حماد، عن أبي هاشم الرماني، أن رجلا جاء إلى عمر بن عبد العزيز فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وأبو بكر عن يمينه، وعمر عن شماله، فذكر نحوه

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثني أسود بن سالم، ثنا حسان بن إبراهيم، عن عبيد الله الوصابي، عن عراك  بن حجرة، عن عمر قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: «أدن يا عمر» فدنوت حتى كدت أصافحه، قال: فإذا كهلان قد اكتنفاه، فقال: «إذا وليت أمر أمتي فاعمل في ولايتك نحو ما عمل هذان في ولايتهما» فقلت: ومن هذان؟ قال: «هذا أبو بكر، وهذا عمر»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد، ثنا يحيى بن أبي طالب، ثنا إبراهيم بن بكر البصري، ثنا بشار خادم عمر قال: دخلت على عمر فقال: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر عن يمينه، وعمر عن يساره، ورأيت عثمان وهو يقول: خصمت عليا ورب الكعبة، وعلي يقول: غفر لي ورب الكعبة "

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة، ثنا أبو المغيرة، ثنا الأوزاعي قال: قال عمر: «إذا رأيت قوما يتناجون في دينهم دون العامة فاعلم أنهم في تأسيس الضلالة»

حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن مسعود، ثنا محمد بن كثير، ثنا الأوزاعي قال: كتب عمر إلى عماله أن يأمروا القصاص أن يكون جل إطنابهم ودعائهم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم "

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا بشر بن موسى، ثنا خلاد بن يحيى، عن سفيان الثوري قال: بلغني عن عمر، أنه كتب إلى بعض عماله فقال: «أوصيك بتقوى الله، والاقتصاد في أمره واتباع سنة رسوله، وترك ما أحدث المحدثون بعده مما قد جرت سنته، وكفوا مؤنته، واعلم أنه لم يبتدع إنسان قط بدعة إلا قد مضى قبلها ما هو دليل عليها، وعبرة فيها، فعليك بلزوم السنة فإنها لك بإذن الله عصمة، واعلم أن من سن السنن قد علم ما في خلافها من الخطأ والزلل والتعمق والحمق، فإن السابقين الماضين عن علم وقفوا، وببصرنا قد كفوا» قال: وذكر أشياء لا أحفظها حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد، ثنا أحمد بن موسى، ثنا إسماعيل بن سعيد، ثنا عبيد الله بن موسى، عن أبي رجاء الهروي، عن شهاب بن خراش قال: كتب عمر إلى رجل: " سلام عليك، أما بعد فإني أوصيك، وذكر مثله وزاد: ولهم  كانوا على كشف الأمور أقوى، وبفضل لو كان فيه أحرى، فإنهم هم السابقون، ولئن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه، ولئن قلتم حدث بعدهم، حدث ما أحدث إلا من اتبع غير سبيلهم، ورغب بنفسه عنهم، ولقد تكلموا منه ما يكفي، ووضعوا منه ما يشفي، فما دونهم مقصر، ولا فوقهم محسر، لقد قصر دونهم أقوام فجفوا، وطمح عنهم آخرون فغلوا، وأنتم بين ذلك لعلى هدى مستقيم "

حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا عفان بن مسلم، ثنا عثمان بن عبد الحميد، حدثني موسى بن رباح قال: بلغنا أن عمر، «جلس إلى ناس فنسي فذكر أنه لم يسلم، فقام قائما فسلم عليهم، ثم جلس»

حدثنا أبو محمد، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد الدورقي، ثنا قبيصة، ثنا سفيان قال: نال رجل من عمر فقيل له: ما يمنعك منه؟ قال: «إن المتقي ملجم»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا علي بن مسلم، ثنا سيار، ثنا جعفر قال: سمعت مالك بن دينار يقول: قرأت في التوراة: «عمر بن عبد العزيز صديقا»

حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، ثنا جعفر بن محمد بن عمران الثعلبي، ثنا خالد بن حيان، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران قال: «كان الله تعالى يتعاهد الناس بنبي بعد نبي، وإن الله تعالى تعاهد الناس بعمر بن عبد العزيز»

حدثنا أبو محمد، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد الدورقي، ثنا أحمد بن نصر بن مالك قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله قال: «كانت العلماء عند عمر بن عبد العزيز تلامذة»

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا بشر بن موسى، ثنا الحميدي، ثنا سفيان، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران - أو غيره - قال: «ما كانت العلماء عند عمر بن عبد العزيز إلا تلامذة»

حدثنا محمد بن علي، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا الهيثم بن خارجة، ثنا مبشر بن إسماعيل، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران قال : «أتينا عمر بن عبد العزيز فظننا أنه يحتاج إلينا وإذا نحن عنده تلامذة»

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا بشر بن موسى، ثنا الحميدي، ثنا سفيان، عن جعفر بن برقان - أو غيره - عن مجاهد قال: «أتينا عمر نعلمه فما برحنا حتى تعلمنا منه»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا حاتم بن الليث، ثنا أبو نعيم، ثنا جعفر بن برقان، حدثني ميمون بن مهران قال: «كان عمر بن عبد العزيز يعلم العلماء»

حدثنا أبو مسعود عبد الله بن محمد بن أحمد بن يزيد، ثنا محمد بن أحمد، ثنا محمد بن أحمد بن سليمان الهروي، ثنا حسين الدراع، عن عبد الله بن خراش، عن مرثد أبي يزيد قال: سمعت عمر يقول: «أيها الناس قيدوا النعم بالشكر، وقيدوا العلم بالكتاب»

حدثنا عمر بن محمد بن حاتم، ثنا جدي محمد بن عبيد الله بن مرزوق، ثنا عفان، ح. وحدثنا الحسن بن محمد بن كيسان، ثنا إسماعيل بن إسحاق، ثنا حجاج، ثنا حماد بن سلمة، ثنا رجاء بن المقدام، عن نعيم بن عبد الله قال: قال عمر: «إني لأدع كثيرا من الكلام مخافة المباهاة»

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا بشر بن موسى، ثنا عفان، ثنا عمر بن علي قال: سمعت عبد ربه بن أبي هلال الجزري، عن ميمون بن مهران قال: قلت لعمر ليلة: يا أمير المؤمنين، ما بقاؤك على ما أرى؟ أما في أول الليل فأنت في حاجات الناس، وأما وسط الليل فأنت مع جلسائك، وأما آخر الليل فالله أعلم ما تصير إليه، قال: فضرب على كتفي وقال: «ويحك يا ميمون، إني وجدت لقيا الرجال تلقيحا لألبابهم»

حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى النيسابوري، ثنا يعقوب بن محمد بن ماهان، ثنا محمد بن الصديق خشتنام، ثنا سعيد بن منصور قال: سمعت حمزة بن يزيد يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: دخل مسلمة بن عبد الملك على عمر وهو مسجى عليه فقال: «رحمك الله لقد أحييت لنا قلوبا ميتة، وجعلت  لنا في الصالحين ذكرا»

حدثنا عمر بن أحمد بن شاهين، ثنا علي بن محمد البصري، ثنا مطلب بن شعيب، ثنا أبو صالح قال: ثنا الليث بن سعد أنه قال: " استشهد رجل من أهل الشام فكان يأتي إلى أبيه كل ليلة جمعة في المنام فيحدثه ويستأنس به، قال: فغاب عنه جمعة ثم جاءه في الجمعة الأخرى، فقال له: يا بني، لقد أحزنتني وشق علي تخلفك، فقال: إنما شغلني عنك أن الشهداء أمروا أن يتلقوا عمر بن عبد العزيز فتلقيناه، وذلك عند مهلك عمر بن عبد العزيز "

حدثنا محمد بن أحمد بن هارون، ثنا عبد الله بن الحسن بن أخت عبدان، ثنا نضر بن داود بن طوق، ثنا محمد بن الفضل، ثنا العباس بن راشد، عن أبيه راشد قال: زار عمر بن عبد العزيز مولاي، فلما أراد الرجوع قال لي: شيعه، فلما برزنا إذا نحن بحية سوداء ميتة، فنزل عمر فدفنها، فإذا هاتف يهتف: يا خرقاء، يا خرقاء، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهذه الحية: «لتموتن بفلاة من الأرض، وليدفننك خير أهل الأرض» فقال: نشدتك الله إن كنت ممن يظهر إلا ظهرت لي، قال: أنا من السبعة الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الوادي، وإني سمعته يقول لهذه الحية: «لتموتن بفلاة من الأرض، وليدفننك خير أهل الأرض يومئذ» فبكى عمر حتى كاد أن يسقط عن راحلته، وقال: يا راشد، أنشدك الله أن تخبر بهذا أحدا حتى يواريني التراب "

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، ثنا فزارة، ثنا الأشجعي، عن محمد بن مسلم البصري، وأبي سعيد المؤدب، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار قال: قال عمر لرجل: «أوصيك بتقوى الله، فإنها ذخيرة الفائزين، وحرز المؤمنين، وإياك والدنيا أن تفتنك، فإنها قد فعلت ذلك بمن كان قبلك، إنها تغر المطمئنين إليها، وتفجع الواثق بها، وتسلم الحريص  عليها، ولا تبقى لمن استبقاها، ولا يدفع التلف عنها من حواها، لها مناظر بهجة، ما قدمت منها أمامك لم يسبقك، وما أخرت منها خلفك لم يلحقك»

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلم، ثنا هناد بن السري، ثنا سفيان بن عيينة، عن عمر بن عبد العزيز قال: «الرضا قليل، والصبر معول المؤمن»

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا سفيان بن وكيع، ثنا جرير، عن المختار بن فلفل قال: ضربت لعمر فلوس فكتب عليها: أمر عمر بالوفاء والعدل، فقال: " اكسروها واكتبوا: أمر الله بالوفاء والعدل "

حدثنا محمد بن علي، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا هشام بن عمار، ثنا الهيثم بن عمران قال: سمعت إسماعيل بن عبيد الله، يحدث قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: «يا إسماعيل، كم أتت عليك من سنة؟» قال: ستون سنة وشهور، قال: «يا إسماعيل إياك والمزاح»

حدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا أبو يعلى الموصلي، ثنا أبو الربيع سليمان بن داود الختلي، ثنا بقية، ثنا مسلم بن زياد قال: سألت فاطمة بنت عبد الملك عمر بن عبد العزيز أن يجري عليها خاصة، فقال: «لا لك في مالي سعة» قالت: فلم كنت أنت تأخذ منهم؟ قال: «كانت المهنأة لي والإثم عليهم، فأما إذ وليت لا أفعل ذلك فيكون إثمه علي»

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا محمد بن عبد الأعلى، ثنا معتمر بن سليمان، عن هشام، عن خالد الربعي قال: «مكتوب في التوراة أن السماء تبكي على عمر بن عبد العزيز أربعين صباحا»

حدثنا أبو حامد، ثنا محمد، حدثني عبد الله بن محمد قال: ثنا عبد الرحمن بن صالح، عن رجل من بني حنيفة قال: قال محمد بن كعب القرظي: قال لي عمر: «لا تصحب من الأصحاب من خطرك عنده على قدر قضاء حاجته، فإذا انقضت حاجته انقطعت أسباب مودته، واصحب من الأصحاب ذا العلا في  الخير، والأناة في الحق، يعينك على نفسك، ويكفيك مؤنته»

حدثنا أبو حامد، ثنا محمد، ثنا إسماعيل بن أبي الحارث قال: ثنا إسحاق بن إسماعيل، عن جرير، عن مغيرة قال: قال عمر: «لو أدركني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة إذ وقعت فيما وقعت فيه لهان علي ما أنا فيه»

حدثنا عبيد الله بن محمد، ثنا أحمد بن الحسين، ح. وحدثنا أبو حامد، ثنا محمد بن إسحاق قالا: ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، ثنا ضمرة، أن ابن أبي حملة حدثهم، عن الوليد بن هشام قال: " لقيني يهودي فأعلمني أن عمر سيلي أمر هذه الأمة فيعدل فيه، فلقيت عمر فأخبرته بقول اليهودي، قال: فلما ولي لقيني اليهودي فقال: ألم أقل لك أن عمر سيلي هذا الأمر ويعدل فيه؟ قال: قلت: بلى، قال: ثم لقيني بعد ذلك فقال: إن صاحبك قد سقي قمره فليتدارك نفسه، قال: فلقيت عمر فذكرت ذلك له، فقال عمر: «قاتله الله ما أعلمه، لقد عرفت الساعة التي سقيت فيها، ولو كان شفائي أن أمس شحمة أذني ما فعلت، أو آتي بطيب فأرفعه إلى أنفي ما فعلت»

حدثنا محمد بن علي، ثنا الحسين بن محمد بن حماد، ثنا أبو الحسين الرهاوي، ثنا محمد بن عبيد، ثنا إبراهيم السكوني قال: وقع بين موال لعمر وبين موال لسليمان منازعة، فذكر ذلك سليمان لعمر، فبينا هو يكلمه إذ قال سليمان لعمر: كذبت، فقال عمر: «ما كذبت منذ علمت أن الكذب شين على أهله»

حدثنا محمد، ثنا الحسين بن محمد بن حماد، ثنا إسحاق الشهيدي، ثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن زفر يعني العجلي، عن قيس بن حبتر قال: «مثل عمر في بني أمية مثل مؤمن آل فرعون»

حدثنا محمد بن علي، ثنا الحسين، ثنا سليمان بن سيف، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا عثمان بن عبد الحميد بن لاحق قال: سمعت أبي يقول: قرأ رجل عند عمر بن عبد العزيز سورة وعنده رهط، فقال بعض القوم: لحن فقال له عمر: «أما كان فيما سمعت ما يشغلك عن اللحن؟»

حدثنا محمد، ثنا الحسين، ثنا أيوب الوزان، ثنا الوليد بن الوليد الدمشقي ، حدثني محمد بن المهاجر: أن رجلا من أهل البصرة رأى في منامه كأن قائلا يقول له: حج من عامك هذا، فقال: والله ما لي من مال، من أين أحج؟ قال: احتفر في موضع كذا وكذا من دارك فإن فيه درعا فبعه، ثم حج، فلما أصبحت احتفرت فاستخرجت درعا، فبعتها فحججت، فقضيت مناسكي وجئت إلى البيت لأودعه، فبينا أنا كذلك إذ غشيتني نعسة، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم بين أبي بكر وعمر يمشي بينهما، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: إيت عمر بن عبد العزيز فأقره مني السلام وقل له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك: " إن اسمك عندنا عمر المهدي، وأبو اليتامى، فاشدد يدك على العريف والماكس، وإياك أن تحيد عن طريقة هذا وطريقة هذا فيحاد بك عني، فانتبه وهو يبكى ويقول: رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني، فلو كانت رسالته في الظلمات لم أدعها أو أبلغها أو أموت، فأقبل إلى الشام إلى عمر وكان بدير سمعان، فأتى حاجبه وقال: استأذن لي على عمر، وقل له إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستضعف الحاجب عقله، ثم أتاه في اليوم الثاني، فقال له: من أنت يا عبد الله؟ قال: أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الحاجب: هذا موله ليس له عقل، ثم استأذنه اليوم الثالث فقال: يا عبد الله، من أنت وما تريد؟ ثم دخل على عمر فقال: يا أمير المؤمنين، هذا إنسان قد ولع بالاستئذان إليك، فإذا قلت: من أنت؟ قال: أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذن له، فدخل على عمر فقال: من أنت؟ قال: أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبره بقصة رؤياه، وما رأى في منامه، وقال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبي بكر وعمر، وأخبره بالذي أمره به، وقال: إياك أن تحيد عن طريقة هذا وهذا، فيحاد بك غدا عنا، فقال عمر: مروا له بكذا وكذا، قال: ما أقبل لرسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ولو أعطيتني جميع ما تملك، ثم خرج عنه، فقال عمرو بن مهاجر - وأنا إذ ذاك أنام على باب أمير المؤمنين مخافة أن يحدث من أمر الناس أمر فأصلحه وإلا أنبهته - فانتبهت ليلة لبكائه ونشيج قد غلب عليه، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما هذا الذي قد دهاك؟ ما هذا الذي بلغ بك؟ قال : إن الله تعالى قد صدق رؤيا البصري، جاءني النبي صلى الله عليه وسلم في منامي بين أبي بكر وعمر فقال: يا عمر بن عبد العزيز، إن اسمك عندنا عمر المهدي، وأبو اليتامى، فاشدد يدك على العريف والماكس، وإياك أن تحيد عن طريقة هذا وطريقة هذا فيحاد بك، فجعل يبكي بنشيج وهو يقول: أنى لي بطريقة هذا وطريقة هذا؟

حدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا أبو عروبة الحراني، ثنا سليمان بن سيف، ثنا أبو عاصم، عن عثمان بن خالد بن دينار، عن أبيه قال: قال عمر لميمون بن مهران: " يا ميمون، لا تدخل على هؤلاء الأمراء وإن قلت: آمرهم بالمعروف، ولا تخلون بامرأة وإن قلت: أقرئها القرآن، ولا تصلن عاقا، فإنه لن يصلك وقد قطع أباه "

حدثنا محمد بن إبراهيم بن علي، ثنا أبو عروبة، ثنا عمر بن عثمان قال: ثنا أبي قال: سمعت جدي قال: كتب عمر إلى عدي بن أرطأة: «بلغني أنك تستن بسنة الحجاج، فلا تستن بسنته، فإنه كان يصلي الصلاة لغير وقتها، ويأخذ الزكاة من غير حقها، وكان لما سوى ذلك أضيع»

حدثنا محمد بن علي، ثنا أبو العباس بن قتيبة، ثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى، حدثني أبي، عن جدي قال: قال عمر: " ما حسدت الحجاج عدو الله على شيء حسدي إياه على حبه القرآن وإعطائه أهله، وقوله حين حضرته الوفاة: اللهم اغفر لي، فإن الناس يزعمون أنك لا تفعل "

حدثنا محمد بن علي، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، حدثني أبي، عن جدي قال: كنت عند هشام بن عبد الملك جالسا، فأتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إن عبد الملك أقطع جدي قطيعة فأقرها الوليد وسليمان حتى إذا استخلف عمر رحمه الله نزعها، فقال له هشام: أعد مقالتك، فقال: يا أمير المؤمنين، إن عبد الملك أقطع جدي قطيعة فأقرها الوليد وسليمان حتى إذا استخلف عمر رحمه الله نزعها فقال: «والله إن فيك لعجبا، إنك تذكر من أقطع جدك قطيعة ومن أقرها فلا تترحم عليهم، وتذكر من نزعها فتترحم عليه، وإنا قد أمضينا ما صنع عمر رحمه الله»

الرسالة

حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق السراج، ثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام، ثنا محمد بن بكر البرساني، ثنا سليم بن نفيع القرشي، عن خلف أبي الفضل القرشي، عن كتاب عمر بن عبد العزيز إلى النفر الذين كتبوا إلي بما لم يكن لهم بحق في رد كتاب الله تعالى، وتكذيبهم بأقداره النافذة في علمه السابق الذي لا حد له إلا إليه، وليس لشيء منه مخرج، وطعنهم في دين الله وسنة رسوله القائمة في أمته. أما بعد: فإنكم كتبتم إلي بما كنتم تسترون منه قبل اليوم في رد علم الله والخروج منه إلى ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوف على أمته من التكذيب بالقدر، وقد علمتم أن أهل السنة كانوا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة، وسيقبض العلم قبضا سريعا، وقول عمر بن الخطاب وهو يعظ الناس: إنه لا عذر لأحد عند الله بعد البينة بضلالة ركبها حسبها هدى، ولا في هدى تركه حسبه ضلالة، قد تبينت الأمور، وثبتت الحجة، وانقطع العذر، فمن رغب عن أنباء النبوة وما جاء به الكتاب تقطعت من يديه أسباب الهدى، ولم يجد له عصمة ينجو بها من الردى، وإنكم ذكرتم أنه بلغكم أني أقول: إن الله قد علم ما العباد عاملون، وإلى ما هم صائرون، فأنكرتم ذلك علي وقلتم: إنه ليس يكون ذلك من الله في علم حتى يكون ذاك من الخلق عملا، فكيف ذلك كما قلتم؟ والله تعالى يقول: {إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون}، يعني: عائدين في الكفر، وقال تعالى: {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون} [الأنعام: 28] فزعمتم بجهلكم في قول الله تعالى: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} [الكهف: 29]. أن المشيئة في أي ذلك أحببتم فعلتم من ضلالة أو هدى، والله تعالى يقول: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين}، فبمشيئة الله لهم شاءوا ولو لم يشأ لم ينالوا بمشيئتهم من طاعته شيئا قولا ولا عملا، لأن الله تعالى لم  يملك العباد ما بيده، ولم يفوض إليهم ما يمنعه من رسله، فقد حرصت الرسل على هدى الناس جميعا، فما اهتدى منهم إلا من هداه الله، ولقد حرص إبليس على ضلالتهم جميعا، فما ضل منهم إلا من كان في علم الله ضالا، وزعمتم بجهلكم أن علم الله تعالى ليس بالذي يضطر العباد إلى ما عملوا من معصيته، ولا بالذي صدهم عما تركوه من طاعته، ولكنه بزعمكم كما علم الله أنهم سيعملون بمعصيته، كذلك علم أنهم سيستطيعون تركها، فجعلتم علم الله لغوا، تقولون لو شاء العبد لعمل بطاعة الله، وإن كان في علم الله أنه غير عامل بها، ولو شاء ترك معصيته وإن كان في علم الله أنه غير تارك لها، فأنتم إذا شئتم أصبتموه وكان علما، وإذا شئتم رددتموه وكان جهلا، وإن شئتم أحدثتم من أنفسكم علما ليس في علم الله وقطعتم به علم الله عنكم، وهذا ما كان ابن عباس يعده للتوحيد نقضا، وكان يقول: إن الله لم يجعل فضله ورحمته هملا بغير قسم منه ولا اختيار، ولم يبعث رسله بإبطال ما كان في سابق علمه، فأنتم تقرون في العلم بأمر وتنقضونه في آخر، والله تعالى يقول: {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء} [البقرة: 255]، فالخلق صائرون إلى علم الله تعالى، ونازلون عليه، وليس بينه شيء هو كائن حجاب يحجبه عنه، ولا يحول دونه، إنه عليم حكيم، وقلتم: لو شاء الله لم يفرض بعمل بغير ما أخبر الله في كتابه عن قوم، ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون، وأنه قال: {سنمتعهم قليلا ثم يمسهم منا عذاب أليم}، فأخبر أنهم عاملون قبل أن يعملوا، وأخبر أنه معذبهم قبل أن يخلقوا، وتقولون أنتم إنهم لو شاءوا خرجوا من علم الله في عذابه إلى ما لم يعلم من رحمته لهم، ومن زعم ذلك فقد عادى كتاب الله برد، ولقد سمى الله تعالى رجالا من الرسل بأسمائهم وأعمالهم في سابق علمه، فما استطاع آباؤهم لتلك الأسماء تغييرا، وما استطاع إبليس بما سبق لهم في علمه من الفضل تبديلا فقال: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار}، فالله أعز في قدرته، وأمنع من أن يملك أحدا إبطال علمه في شيء من ذلك، فهو مسمى لهم بوحيه الذي لا يأتيه الباطل من  بين يديه ولا من خلفه أو أن يشرك في خلقه أحدا، أو يدخل في رحمته من قد أخرجه منها، أو أن يخرج منها من قد أدخله فيها، ولقد أعظم بالله الجهل من زعم أن العلم كان بعد الخلق، بل لم يزل الله وحده بكل شيء عليما، وعلى كل شيء شهيدا، قبل أن يخلق شيئا، وبعدما خلق لم ينقص علمه في بدئهم، ولم يزد بعد أعمالهم، ولا بحوائجه التي قطع بها دابر ظلمهم، ولا يملك إبليس هدى نفسه، ولا ضلالة غيره، وقد أردتم بقذف مقالتكم إبطال علم الله في خلقه، وإهمال عبادته، وكتاب الله قائم بنقض بدعتكم، وإفراط قذفكم، ولقد علمتم أن الله بعث رسوله والناس يومئذ أهل شرك، فمن أراد الله له الهدى لم تحل ضلالته التي كان فيها دون إرادة الله له، ومن لم يرد الله له الهدى تركه في الكفر ضالا، فكانت ضلالته أولى به من هداه، فزعمتم أن الله أثبت في قلوبكم الطاعة والمعصية، فعملتم بقدرتكم بطاعته، وتركتم بقدرتكم معصيته، وإن الله خلو من أن يكون يختص أحدا برحمته، أو يحجز أحدا عن معصيته، وزعمتم أن الشيء الذي بقدر إنما هو عندكم اليسر والرخاء والنعمة، وأخرجتم منه الأعمال، وأنكرتم أن يكون سبق لأحد من الله ضلالة أو هدى، وأنكم الذين هديتم أنفسكم من دون الله، وأنكم الذين حجزتموها عن المعصية بغير قوة من الله، ولا إذن منه، فمن زعم ذلك فقد غلا في القول، لأنه لو كان شيء لم يسبق في علم الله وقدره لكان لله في ملكه شريك ينفذ مشيئته في الخلق من دون الله والله سبحانه وتعالى يقول: {حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم} [الحجرات: 7]، وهم له قبل ذلك كارهون، {وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان} [الحجرات: 7]، وهم له قبل ذلك محبون، وما كانوا على شيء من ذلك لأنفسهم بقادرين، ثم أخبر بما سبق لمحمد صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليه والمغفرة له ولأصحابه فقال تعالى: {أشداء على الكفار رحماء بينهم} [الفتح: 29]، وقال تعالى: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} [الفتح: 2]، فلولا علمه ما غفرها الله له قبل أن يعملها، وفضلا سبق لهم من الله قبل أن يخلقوا، ورضوانا عنهم قبل أن يؤمنوا، ثم أخبر بما هم عاملون آمنون قبل أن يعملوا وقال: {تراهم  ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا} [الفتح: 29]. فتقولون أنتم إنهم قد كانوا ملكوا رد ما أخبر الله عنهم أنهم عاملون، وأن إليهم أن يقيموا على كفرهم مع قوله، فيكون الذي أرادوا لأنفسهم من الكفر مفعولا، ولا يكون لوحي الله فيما اختار تصديقا، بل لله الحجة البالغة، وفي قوله تعالى: {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} [الأنفال: 68]. فسبق لهم العفو من الله فيما أخذوا قبل أن يؤذن لهم، وقلتم: لو شاءوا خرجوا من علم الله في عفوه عنهم إلى ما لم يعلم من تركهم لما أخذوا، فمن زعم ذلك فقد غلا وكذب، ولقد ذكر الله بشرا كثيرا وهم يومئذ في أصلاب الرجال وأرحام النساء فقال: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} [الجمعة: 3]، وقال: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان}، فسبقت لهم الرحمة من الله قبل أن يخلقوا، والدعاء لهم بالمغفرة ممن لم يسبقهم بالإيمان من قبل أن يدعوا لهم، ولقد علم العالمون بالله أن الله لا يشاء أمرا فتحول مشيئة غيره دون بلاغ ما شاء، ولقد شاء لقوم الهدى فلم يضلهم أحد، وشاء إبليس لقوم الضلالة فاهتدوا، وقال لموسى وهارون: {اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى} [طه: 44]، وموسى في سابق علمه أنه يكون لفرعون عدوا وحزنا، فقال تعالى: {ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون} [القصص: 6]، فتقولون أنتم: لو شاء فرعون كان لموسى وليا وناصرا، والله تعالى يقول: {ليكون لهم عدوا وحزنا} [القصص: 8]، وقلتم: لو شاء فرعون لامتنع من الغرق والله تعالى يقول: {إنهم جند مغرقون} [الدخان: 24]، مثبت ذلك عنده في وحيه في ذكر الأولين، كما قال في سابق علمه لآدم قبل أن يخلقه: {إني جاعل في الأرض خليفة} [البقرة: 30]، فصار إلى ذلك بالمعصية التي ابتلي بها، وكما كان إبليس في سابق علمه أنه سيكون مذموما مدحورا، وصار إلى ذلك بما ابتلي به من السجود لآدم فأبى، فتلقى آدم التوبة فرحم، وتلقى إبليس اللعنة فغوى، ثم أهبط آدم إلى ما خلق له من الأرض مرحوما متوبا عليه، وأهبط إبليس بنظرته مدحورا مذموما مسخوطا  عليه، وقلتم أنتم: إن إبليس وأولياءه من الجن قد كانوا ملكوا رد علم الله والخروج من قسمه الذي أقسم به إذ قال: {فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين} [ص: 84]، حتى لا ينفذ له علم إلا بعد مشيئتهم، فماذا تريدون بهلكة أنفسكم في رد علم الله، فإن الله عز وجل لم يشهدكم خلق أنفسكم، فكيف يحيط جهلكم بعلمه وعلم الله ليس بمقصر عن شىء، هو كائن ولا يسبق علمه في شيء فيقدر أحد على رده، فلو كنتم تنتقلون في كل ساعة من شيء إلى شيء هو كائن لكانت مواقعكم عنده ولقد علمت الملائكة قبل خلق آدم ما هو كائن من العباد في الأرض من الفساد وسفك الدماء فيها، وما كان لهم في الغيب من علم فكان في علم الله الفساد وسفك الدماء، وما قالوا تخرصا إلا بتعليم العليم الحكيم لهم، فظن ذلك منهم وقد أنطقهم به، فأنكرتم أن الله أزاغ قوما قبل أن يزيغوا، وأضل قوما قبل أن يضلوا، وهذا مما لا يشك فيه المؤمنون بالله، إن الله قد عرف قبل أن يخلق العباد مؤمنهم من كافرهم، وبرهم من فاجرهم، وكيف يستطيع عبد هو عند الله مؤمن أن يكون كافرا، أو هو عند الله كافر أن يكون مؤمنا، والله تعالى يقول: {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها}، فهو في الضلالة ليس بخارج منها أبدا إلا بإذن الله، ثم آخرون اتخذوا من بعد الهدى عجلا جسدا فضلوا به فعفى عنهم لعلهم يشكرون، فصاروا من أمة قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون، وصاروا إلى ما سبق لهم، ثم ضلت ثمود بعد الهدى، فلم يعف عنهم ولم يرحموا، فصاروا في علمه إلى صيحة واحدة فإذا هم خامدون، فنفذوا إلى ما سبق لهم أن صالحا رسولهم، وأن الناقة فتنة لهم، وأنه مميتهم كفارا فعقروها، وكان إبليس فيما كانت فيه الملائكة من التسبيح والعبادة ابتلي فعصى فلم يرحم، وابتلي آدم فعصى فرحم، وهم آدم بالخطيئة فنسي، وهم يوسف بالخطيئة فعصم، فأين كانت الاستطاعة عند ذلك؟ هل كانت تغني شيئا فيما كان من ذلك حتى لا يكون، أو تغني فيما لم يكن حتى يكون، فتعرف لكم بذلك حجة، بل الله أعز مما تصفون وأقدر ، وأنكرتم أن يكون سبق لأحد من الله ضلالة أو هدى، وإنما علمه بزعمكم حافظ، وأن المشيئة في الأعمال إليكم إن شئتم أحببتم الإيمان فكنتم من أهل الجنة، ثم جعلتم بجهلكم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جاء به أهل السنة وهو مصدق للكتاب المنزل أنه من ذنب مضاه ذنبا خبيثا في قول النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله عمر: أرأيت ما نعمل أشيء قد فرغ منه أم شيء نأتنفه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «بل شيء قد فرغ منه» فطعنتم بالتكذيب له، وتعليم من الله في علمه إذ قلتم: إن كنا لا نستطيع الخروج منه فهو الجبر والجبر عندكم الحيف، فسميتم نفاذ علم الله في الخلق حيفا، وقد جاء الخبر: إن الله خلق آدم فنثر ذريته في يده فكتب أهل الجنة وما هم عاملون، وكتب أهل النار وما هم عاملون، وقال سهل بن حنيف يوم صفين: أيها الناس اتهموا آراءكم على دينكم، فوالذي نفسي بيده لقد رأيتنا يوم أبي جندل ولو نستطيع رد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لرددناه، والله ما وضعنا سيوفنا على عواتقنا إلا أسهل بنا على أمر نعرفه قبل أمركم هذا، ثم أنتم بجهلكم قد أظهرتم دعوة حق على تأويل باطل، تدعون الناس إلى رد علم الله فقلتم: الحسنة من الله، والسيئة من أنفسنا، وقال أئمتكم وهم أهل السنة: الحسنة من الله في علم قد سبق، والسيئة من أنفسنا في علم قد سبق، فقلتم: لا يكون ذلك حتى يكون بدؤها من أنفسنا، كما بدء السيئات من أنفسنا، وهذا رد للكتاب منكم، ونقض للدين. وقد قال ابن عباس حين نجم القول بالقدر: هذا أول شرك هذه الأمة، والله ما ينتهي بهم سوء رأيهم حتى يخرجوا الله من أن يكون قدر خيرا، كما أخرجوه من أن يكون قدر شرا، فأنتم تزعمون بجهلكم أن من كان في علم الله ضالا فاهتدى فهو بما ملك ذلك حتى كان في هداه ما لم يكن الله علمه فيه، وأن من شرح صدره للإسلام فهو بما فوض إليه قبل أن يشرحه الله له، وأنه إن كان مؤمنا فكفر فهو مما شاء لنفسه، وملك من ذلك لها، وكانت مشيئته في كفره أنفذ من مشيئة الله في إيمانه، بل أشهد أنه من عمل حسنة فبغير معونة كانت من نفسه عليها، وأن من عمل سيئة فبغير حجة كانت له فيها ، وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، وأن لو أراد الله أن يهدي الناس جميعا لنفذ أمره فيمن ضل حتى يكون مهتديا فقلتم: بمشيئته شاء لكم تفويض الحسنات إليكم، وتفويض السيئات، ألقى عنكم سابق علمه في أعمالكم، وجعل مشيئته تبعا لمشيئتكم، ويحكم فوالله ما أمضى لبني إسرائيل مشيئتهم حين أبوا أن يأخذوا ما آتاهم بقوة حتى نتق الجبل فوقهم كأنه ظلة، فهل رأيتموه أمضى مشيئته لمن كان في ضلالته حين أراد هداه حتى صار إلى أن أدخله بالسيف إلى الإسلام كرها بموضع علمه بذلك فيه، أم هل أمضى لقوم يونس مشيئتهم حين أبوا أن يؤمنوا حتى أظلهم العذاب فآمنوا وقبل منهم، ورد على غيرهم الإيمان، فلم يقبل منهم، وقال تعالى: {فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده}. أي علم الله الذي قد خلا في خلقه: {وخسر هنالك الكافرون} [غافر: 85]. وذلك كان موقعهم عنده أن يهلكوا بغير قبول منهم بل الهدى والضلالة والكفر والإيمان والخير والشر بيد الله يهدي من يشاء ويذر من يشاء في طغيانهم يعمهون. كذلك قال إبراهيم عليه السلام: {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} [إبراهيم: 35]. وقال عليه السلام: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} [البقرة: 128]. أي أن الإيمان والإسلام بيدك، وإن عبادة من عبد الأصنام بيدك، فأنكرتم ذلك وجعلتموه ملكا بأيديكم دون مشيئة الله عز وجل. وقلتم في القتل أنه بغير أجل وقد سماه الله لكم في كتابه فقال ليحيى: {وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا} [مريم: 15]. فلم يمت يحيى إلا بالقتل وهو موت كما مات من قتل منهم شهيدا، أو قتل عمدا، أو قتل خطأ، كمن مات بمرض، أو فجأة، كل ذلك موت بأجل توفاه، ورزق استكمله، وأثر بلغه، ومضجع برز إليه: {وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا} [آل عمران: 145]. ولا تموت نفس ولها في الدنيا عمر ساعة إلا بلغته، ولا موضع قدم إلا وطئته، ولا مثقال حبة من رزق إلا استكملته، ولا مضجع بحيث كان إلا برزت إليه، يصدق ذلك قول الله عز وجل: {قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون  إلى جهنم} [آل عمران: 12]. فأخبر الله سبحانه بعذابهم بالقتل في الدنيا والآخرة بالنار، وهم أحياء بمكة، وتقولون أنتم أنهم قد كانوا ملكوا رد علم الله في العذابين اللذين أخبر الله ورسوله أنهما نازلان بهم، وقال تعالى: {ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي} [الحج: 9]. يعني القتل يوم بدر، {ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق} [الحج: 9]. فانظروا إلى ما أرداكم فيه رأيكم وكتابا سبق في علمه بشقائكم إن لم يرحمكم، ثم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بني الإسلام على ثلاثة أعمال: الجهاد ماض منذ يوم بعث الله رسوله إلى القيامة، فيه عصابة من المؤمنين يقاتلون الدجال لا ينقض ذلك جور جائر ولا عدل من عدل، والثانية: أهل التوحيد لا تكفروهم ولا تشهدوا عليهم بشرك، والثالثة: المقادير كلها خيرها وشرها من قدر الله «فنقضتم من الإسلام جهاده، ونقضتم شهادتكم على أمتكم بالكفر وبرئتم منهم ببدعتكم، وكذبتم بالمقادير كلها والآجال والأعمال والأرزاق، فما بقيت في أيديكم خصلة ينبني الإسلام عليها إلا نقضتموها وخرجتم منها»

  • دار الكتاب العربي - بيروت-ط 0( 1985) , ج: 5- ص: 253

  • السعادة -ط 1( 1974) , ج: 5- ص: 253

عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس

وأمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب بن نفيل من بني عدي بن كعب , ويكنى أبا حفص , فولد عمر بن عبد العزيز عبد الله , وبكرا , وأم عمار وأمهم لميس بنت علي بن الحارث بن عبد الله بن الحصين ذي الغصة بن يزيد بن شداد بن قنان الحارثي , وإبراهيم بن عمر وأمه أم عثمان بنت شعيب بن زبان بن الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة بن الحارث بن حصن بن ضمضم بن عدي بن جناب , وإسحاق بن عمر , ويعقوب , وموسى درجوا وأمهم فاطمة بنت عبد الملك بن مروان , وعبد الملك بن عمر , والوليد وعاصما , ويزيد , وعبد الله , وعبد العزيز , وزبانا وأمة وأم عبد الله وأمهم أم ولد. قالوا: ولد عمر سنة ثلاث وستين وهي السنة التي ماتت فيها ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم

أخبرنا عبيد الله بن محمد بن عائشة القرشي ثم التيمي قال: حدثنا محمد بن عمر بن أبي شميلة عن جويرية بن أسماء عن نافع قال: قال عمر بن الخطاب ليت شعري من ذو الشين من ولدي الذي يملؤها عدلا كما ملئت جورا.

قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي قال: حدثنا أبو المليح عن خصيف قال: رأيت في المنام رجلا قاعدا عن يمينه رجل وعن شماله رجل إذ أقبل عمر بن عبد العزيز فأراد أن يجلس بين الذي عن يمينه وبينه. قال فلصق بصاحبه فدار فأراد أن يجلس بينه وبين الذي عن يساره فلصق به. فجذبه الأوسط فأقعده في حجره. قال قلت: من هذا؟ قالوا: هذا رسول الله وهذا أبو بكر وهذا عمر.

قال: أخبرنا سليمان بن حرب قال: حدثنا المبارك بن فضالة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: كنت أسمع ابن عمر كثيرا يقول: ليت شعري من هذا الذي من ولد عمر في وجهه علامة يملأ الأرض عدلا.

أخبرنا يزيد بن هارون عن الماجشون عن عبد الله بن دينار قال: قال ابن عمر إنا كنا نتحدث أن هذا الأمر لا ينقضي حتى يلي هذه الأمة رجل من ولد عمر يسير فيها بسيرة عمر بوجهه شامة. قال فكنا نقول هو بلال بن عبد الله بن عمر وكانت بوجهه شامة. قال حتى جاء الله بعمر بن عبد العزيز وأمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب.

قال يزيد: ضربته دابة من دواب أبيه فشجته. قال فجعل أبوه يمسح الدم ويقول: سعدت إن كنت أشج بني أمية.

قال: أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق قال: حدثنا إبراهيم بن عياش قال: حدثني ضمرة عن ابن شوذب قال: لما أراد عبد العزيز بن مروان أن يتزوج أم عمر بن عبد العزيز قال لقيمه: اجمع لي أربعمائة دينار من طيب مالي فإني أريد أن أتزوج إلى أهل بيت لهم صلاح. قال فتزوج أم عمر بن عبد العزيز.

أخبرنا محمد بن عمر عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال: ولي عمر بن عبد العزيز المدينة في شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانين وهو ابن خمس وعشرين سنة. ولاها إياه الوليد بن عبد الملك حين استخلف فولى عمر على قضاء المدينة أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الصمد بن محمد السعدي قال: أخبرني حفص بن عمر بن أبي طلحة الأنصاري قال: لما أراد عمر بن عبد العزيز أن يحج من المدينة وهو واليها في خلافة الوليد بن عبد الملك دخل عليه أنس بن مالك وهو يومئذ بالمدينة فقال: يا أبا حمزة ألا تخبرنا عن خطب النبي. ص؟ فقال: خطب رسول الله بمكة قبل التروية بيوم. وخطب بعرفة. وخطب بمنى الغد من يوم النحر والغد من يوم النفر.

قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن يحيى بن سعيد أو عن شريك بن أبي نمر. لا يدري أيهما حدثه. عن أنس بن مالك قال: ما صليت وراء أحد أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى. يعني عمر بن عبد العزيز.

قال الضحاك: فكنت أصلي وراءه فيطيل الأولتين من الظهر ويخفف الآخرتين ويخف العصر ويقرأ في المغرب بقصار المفصل ويقرأ في العشاء بوسط المفصل ويقرأ في الصبح بطوال المفصل.

قال محمد بن عمر: سمعت الضحاك يحدث به عن شريك بن أبي نمر ولم يشك فيه.

قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن الضحاك قال: رأيت عمر بن عبد العزيز ذهب به الكلام وهو على المنبر ثم رجع فقال: أستغفر الله أستغفر الله! قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا عبد المبارك قال: حدثني عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة قال: رأيت عمر بن عبد العزيز يمشي إلى العيد.

قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا أبو إسرائيل وذكر عمر بن عبد العزيز قال: حدثني علي بن بذيمة قال: رأيته بالمدينة وهو أحسن الناس لباسا ومن أطيب الناس ريحا ومن أخيل الناس في مشيه. ثم رأيته بعد يمشي مشية الرهبان. فمن حدثك أن المشي سجية فلا تصدقه بعد عمر.

قال: أخبرنا روح بن عبادة قال: أخبرنا أسامة بن زيد قال: قال عمر بن عبد العزيز لقاضيه أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: ما وجدت من أمر هو ألذ عندي من حق وافق هوى.

أخبرنا عارم بن الفضل قال: أخبرنا حماد بن زيد قال: حدثنا يحيى أن عمر بن عبد العزيز كان يصوم الاثنين والخميس.

قال: أخبرنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي قال: أخبرنا عبد الجبار بن أبي معن قال: سمعت سعيد بن المسيب وسأله رجل فقال له: يا أبا محمد من المهدي؟ فقال له سعيد: أدخلت دار مروان؟ قال: لا. قال: فادخل دار مروان تر المهدي. قال فأذن عمر بن عبد العزيز للناس فانطلق الرجل حتى دخل دار مروان فرأى الأمير والناس مجتمعين. ثم رجع إلى سعيد بن المسيب فقال: يا أبا محمد دخلت دار مروان فلم أر أحدا أقول هذا المهدي. فقال له سعيد بن المسيب وأنا أسمع: هل رأيت الأشج عمر بن عبد العزيز القاعد على السرير؟ قال: نعم. قال: فهو المهدي.

أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدثني مسلمة أبو سعيد قال: سمعت العرزمي يقول: سمعت محمد بن علي يقول: النبي منا والمهدي من بني عبد شمس ولا نعلمه إلا عمر بن عبد العزيز. قال وهذا في خلافة عمر بن عبد العزيز.

أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثني أبو بكر بن الفضل بن المؤتمر العتكي قال: حدثني أبو يعفور عن مولى لهند بنت أسماء قال: قلت لمحمد بن علي: إن الناس يزعمون أن فيكم مهديا. فقال: إن ذاك كذاك ولكنه من بني عبد شمس.

قال كأنه عنى عمر بن عبد العزيز.

قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل قال: حدثنا جويرية بن أسماء قال: سمعت فاطمة بنت علي بن أبي طالب ذكرت عمر بن عبد العزيز فأكثرت الترحم عليه وقالت: دخلت عليه وهو أمير المدينة يومئذ فأخرج عني كل خصي وحرسي حتى لم يبق في البيت أحد غيري وغيره. ثم قال: يا ابنة علي والله ما على ظهر الأرض أهل بيت أحب إلي منكم ولأنتم أحب إلي من أهل بيتي.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال: لما قدم عمر بن عبد العزيز المدينة واليا عليها كتب حاجبه الناس ثم دخلوا فسلموا عليه. فلما صلى الظهر دعا عشرة نفر من فقهاء البلد: عروة بن الزبير وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وأبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة وسليمان بن يسار والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعبد الله بن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عامر بن ربيعة وخارجة بن زيد بن ثابت. فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: إني دعوتكم لأمر تؤجرون عليه وتكونون فيه أعوانا على الحق. ما أريد أن أقطع أمرا إلا برأيكم أو برأي من حضر منكم فإن رأيتم أحدا يتعدى أو بلغكم عن عامل لي ظلامة فأحرج بالله على أحد بلغه ذلك إلا أبلغني. فجزوه خيرا وافترقوا.

أخبرنا علي بن محمد عن فضل السراج عن حجاج الصواف قال: أمرني عمر بن عبد العزيز وهو وال على المدينة أن أشتري له ثيابا فاشتريت له ثيابا فكان فيها ثوب بأربعمائة. فقطعه قميصا ثم لمسه بيده فقال: ما أخشنه وأغلظه! ثم أمر بشراء ثوب له وهو خليفة فاشتروه بأربعة عشر درهما فلمسه بيده فقال: سبحان الله ما ألينه وأدقه.

قال: أخبرنا علي بن محمد عن طعمة بن غيلان ومحمد بن خالد قالا: كان عمر بن عبد العزيز من أعطر قريش وألبسها. فلما استخلف كان من أخسهم ثوبا وأجشبهم عيشا وقدم الفضول.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرني إبراهيم بن محمد بن عمار بن سعد القرظ عن أبيه قال: كنا نؤذن عمر بن عبد العزيز في داره للصلاة فنقول: السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة رحمك الله. وفي الناس الفقهاء لا ينكرون ذلك.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا إبراهيم بن محمد عن أبيه قال: قال عمر بن عبد العزيز وهو والي المدينة: إذا أذنت للظهر أو العتمة فصل ركعتين ثم اقعد قدر ما تظن أن قد سمعك رجل من أقصى المدينة فقضى حاجته وتوضأ ولبس ثيابه ومشى رفيقا رفيقا حتى يأتي المسجد فيصلي فيه أربع ركعات ثم قعد. فأقم بقدر ذلك.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: سمعت عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة يقول: كان عمر بن عبد العزيز يؤمنا بالمدينة فلا يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا معاذ بن محمد عن عمران بن أبي أنس عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يسلم واحدة وجاه القبلة: السلام عليكم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا داود بن خالد أبو سليمان عن سهيل بن أبي سهيل قال: سمعت رجاء بن حيوة يقول: لما كان يوم الجمعة لبس سليمان بن عبد الملك ثيابا خضرا من خز ونظر في المرآة فقال: أنا والله الملك الشاب.

فخرج إلى الصلاة يصلي بالناس الجمعة فلم يرجع حتى وعك فلما ثقل كتب كتابا عهده إلى ابنه أيوب. وهو غلام لم يبلغ. فقلت: ما تصنع يا أمير المؤمنين. إنه مما يحفظ به الخليفة في قبره أن يستخلف الرجل الصالح. وقال سليمان: كتاب أستخير الله فيه وأنظر ولم أعزم عليه. فمكث يوما أو يومين ثم خرقه ثم دعاني فقال: ما ترى في داود بن سليمان؟ فقلت: هو غائب بقسطنطينة وأنت لا تدري أحي هو أم ميت. قال: يا رجاء فمن ترى؟ قال فقلت: رأيك يا أمير المؤمنين. وأنا أريد أن أنظر من يذكر. فقال: كيف ترى في عمر بن عبد العزيز؟ فقلت: أعلمه والله فاضلا خيارا مسلما. فقال: هو على ذلك. والله لئن وليته ولم أول أحدا من ولد عبد الملك لتكونن فتنة ولا يتركونه أبدا يلي عليهم إلا أن أجعل أحدهم بعده.

ويزيد بن عبد الملك يومئذ غائب على الموسم. قال: فيزيد بن عبد الملك أجعله بعده فإن ذلك مما يسكنهم ويرضون به. قلت: رأيك. قال فكتب بيده: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من عبد الله سليمان أمير المؤمنين لعمر بن عبد العزيز. فاسمعوا له وأطيعوا واتقوا الله ولا تختلفوا فيطمع فيكم. وختم الكتاب فأرسل إلى كعب بن حامز صاحب شرطه أن مر أهل بيتي فليجتمعوا.

فأرسل إليهم كعب فجمعهم ثم قال سليمان لرجاء بعد اجتماعهم: اذهب بكتابي هذا إليهم فأخبرهم أنه كتابي. ومرهم فليبايعوا من وليت. قال ففعل رجاء. فلما قال لهم ذلك رجاء قالوا: سمعنا وأطعنا لمن فيه. وقالوا: ندخل فنسلم على أمير المؤمنين. قال: نعم. فدخلوا فقال لهم سليمان: هذا الكتاب. وهو يشير لهم وهم ينظرون إليه في يد رجاء بن حيوة. هذا عهدي فاسمعوا وأطيعوا وبايعوا لمن سميت في هذا الكتاب. قال فبايعوه رجلا رجلا. قال ثم خرج بالكتاب مختوما في يد رجاء.

قال رجاء: فلما تفرقوا جاءني عمر بن عبد العزيز فقال: يا أبا المقدام إن سليمان كانت لي به حرمة ومودة وكان بي برا ملطفا فأنا أخشى أن يكون قد أسند إلي من هذا الأمر شيئا فأنشدك الله وحرمتي ومودتي إلا أعلمتني إن كان ذلك حتى أستعفيه الآن قبل أن يأتي حال لا أقدر فيها على ما أقدر الساعة. فقال رجاء: لا والله ما أنا بمخبرك حرفا واحدا. قال فذهب عمر غضبان.

قال رجاء: ولقيني هشام بن عبد الملك. فقال: يا رجاء إن لي بك حرمة ومودة قديمة وعندي شكر. فأعلمني أهذا الأمر إلي؟ فإن كان إلي علمت وإن كان إلى غيري تكلمت. فليس مثلي قصر به ولا نحي عنه هذا الأمر. فأعلمني فلك الله ألا أذكر اسمك أبدا.

قال رجاء: فأبيت وقلت لا والله لا أخبرك حرفا واحدا مما أسر إلي. فانصرف هشام وهو موأس وهو يضرب بإحدى يديه على الأخرى وهو يقول: فإلى من إذا نحيت عني؟ أتخرج من بني عبد الملك؟ فو الله إني لعين بني عبد الملك.

قال رجاء: ودخلت على سليمان بن عبد الملك فإذا هو يموت. قال فجعلت إذا أخذته سكرة من سكرات حرفته إلى القبلة فجعل يقول وهو يفأق: لم يأن لذلك بعد يا رجاء. حتى فعلت ذلك مرتين. فلما كانت الثالثة قال: من الآن يا رجاء إن كنت تريد شيئا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. قال فحرفته ومات فلما أغمضته سجيته بقطيفة خضراء وأغلقت الباب وأرسلت إلي زوجته تنظر إليه كيف أصبح فقلت: نام وقد تغطى. فنظر الرسول إليه مغطى بالقطيفة فرجع فأخبرها فقبلت ذلك وظنت أنه نائم.

قال رجاء: وأجلست على الباب من أثق به وأوصيته أن لا يريم حتى آتيه ولا يدخل على الخليفة أحدا. قال فخرجت فأرسلت إلى كعب بن حامز العنبسي فجمع أهل بيت أمير المؤمنين فاجتمعوا في مسجد دابق فقلت: بايعوا. قالوا: قد بايعنا مرة ونبايع أخرى! قلت: هذا أمير المؤمنين. بايعوا على ما أمر به ومن سمي في هذا الكتاب المختوم. فبايعوا الثانية رجلا رجلا.

قال رجاء: فلما بايعوا بعد موت سليمان رأيت أني قد أحكمت الأمر. قلت قوموا إلى صاحبكم فقد مات. قالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون. وقرأت عليهم الكتاب. فلما انتهيت إلى ذكر عمر بن عبد العزيز نادى هشام: لا نبايعه أبدا. قال قلت: أضرب والله عنقك. قم فبايع فقام يجر رجليه.

قال رجاء: وأخذت بضبعي عمر فأجلسته على المنبر وهو يسترجع لما وقع فيه وهشام يسترجع لما أخطأه. فلما انتهى هشام إلى عمر قال: إنا لله وإنا إليه راجعون. أي حين صار هذا الأمر إليك على ولد عبد الملك. قال فقال عمر: نعم ف إنا لله وإنا إليه راجعون. حين صار إلي لكراهتي له. قال وغسل سليمان وكفن وصلى عليه عمر بن عبد العزيز.

قال رجاء: فلما فرغ من دفنه أتي بمراكب الخلافة البراذين والخيل والبغال ولكل دابة سائس فقال: ما هذا؟ فقالوا: مراكب الخلافة. فقال عمر: دابتي أوفق لي. فركب بغلته وصرفت تلك الدواب ثم أقبل فقيل: تنزل منزل الخلافة. فقال: فيه عيال أبي أيوب وفي فسطاطي كفاية حتى يتحولوا. فأقام في منزله حتى فرغوه بعد.

قال رجاء: فلما كان مسي ذلك اليوم قال: يا رجاء ادع لي كاتبا فدعوته وقد رأيت منه كل ما يسرني. صنع في المراكب ما صنع وفي منزل سليمان. فقلت فكيف يصنع الآن في الكتاب؟ أيضع نسخا أم ماذا؟ قال فلما جلس الكاتب أملى عليه كتابا واحدا من فيه إلى يد الكاتب بغير نسخة. فأملى أحس إملاء وأبلغه وأوجزه ثم أمر بذلك الكتاب فنسخ إلى كل بلد. وبلغ عبد العزيز بن الوليد. وكان غائبا. موت سليمان بن عبد الملك ولم يعلم بمبايعة الناس عمر وعهد سليمان إليه فبايع من معه لنفسه ثم أقبل يريد دمشق يأخذها فبلغه أن عمر بن عبد العزيز قد بايعوا له بعد سليمان بعهد من سليمان. فأقبل حتى دخل على عمر بن عبد العزيز.

فقال له عمر بن عبد العزيز: قد بلغني أنك كنت بايعت من قبلك وأردت دخول دمشق. فقال: قد كان ذلك. وذلك أنه لم يبلغني أن الخليفة كان عقد لأحد.

ففرقت على الأموال أن تنهب. فقال عمر: والله لو بويعت وقمت بالأمر ما نازعتك ذلك ولقعدت في بيتي. فقال عبد العزيز: ما أحب أنه ولي هذا الأمر غيرك. وبايع عمر بن عبد العزيز.

قال: أخبرنا علي بن محمد عن جرير بن حازم عن هزان بن سعد قال: حدثني رجاء بن حيوة قال: لما ثقل سليمان بن عبد الملك رآني عمر في الدار أخرج وأدخل وأتردد فدعاني فقال لي: يا رجاء أذكرك الله والإسلام أن تذكرني لأمير المؤمنين أو تشير بي عليه إن استشارك. فو الله ما أقوى على هذا الأمر.

فأنشدك الله إلا صرفت أمير المؤمنين عني. فانتهرته وقلت: إنك لحريص على الخلافة لتطمع أن أشير عليه بك. فاستحيا ودخلت. فقال لي سليمان: يا رجاء من ترى لهذا الأمر وإلى من ترى أن أعهد؟ قلت: يا أمير المؤمنين اتق الله فإنك قادم على الله وسائلك عن هذا الأمر وما صنعت فيه. قال: فمن ترى؟ فقلت: عمر بن عبد العزيز. قال: كيف أصنع بعهد أمير المؤمنين عبد الملك إلى الوليد وإلي في ابني عاتكة أيهما بقي؟ قلت: تجعلهما من بعده. قال: أصبت ووفقت. جئني بصحيفة. فأتيته بصحيفة فكتب عهد عمر ويزيد من بعده وختمها. ثم دعوت رجالا فدخلوا عليه فقال لهم: إني قد عهدت عهدي في هذه الصحيفة ودفعتها إلى رجاء وأمرته أمري وهو في الصحيفة. اشهدوا واختموا الصحيفة. فختموا عليها وخرجوا فلم يلبث سليمان أن مات فكففت النساء عن الصياح وخرجت إلى الناس فقالوا: يا رجاء كيف أمير المؤمنين؟ قلت: لم يكن منذ اشتكى أسكن منه الساعة. قالوا: لله الحمد! فقلت: ألستم تعلمون أن هذا عهد أمير المؤمنين وتشهدون عليه؟ قالوا: بلى. قلت: أفترضون به؟ قال هشام: إن كان فيه رجل من ولد عبد الملك وإلا فلا. قلت: فإن فيه رجل من ولد عبد الملك؟ قال: فنعم إذا. قال فدخلت فمكثت ساعة ثم قلت للنساء اصرخن. وخرجت فقرأت الكتاب والناس مجتمعون وعمر في ناحية الرواق.

قال: أخبرنا علي بن محمد عن يعقوب بن داود الثقفي عن أشياخ من ثقيف قال: قرئ عهد عمر بعد وفاة سليمان بالخلافة وعمر ناحية وهو بدابق. فقام رجل من ثقيف يقال له سالم من أخوال عمر. فأخذ بضبعه فأقامه فقال عمر: أما والله ما الله أردت بهذا ولن تصيب بها مني دنيا.

قال: أخبرنا علي بن محمد عن خالد بن بشر عن أبيه قال: لما ولي عمر بن عبد العزيز خطب الناس وفرش له فنزل وترك الفرش وجلس ناحية. فقيل: لو تحولت إلى حجرة سليمان. فتمثل:

قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا عبد الله بن يونس الثقفي عن سيار أبي الحكم قال: كان أول ما أنكر من عمر بن عبد العزيز أنه لما دفن سليمان بن عبد الملك أتي بدابة سليمان التي كان يركب فلم يركبها وركب دابته التي جاء عليها. فدخل القصر وقد مهدت له فرش سليمان التي كان يجلس عليها فلم يجلس عليها. ثم خرج إلى المسجد فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإنه ليس بعد نبيكم نبي ولا بعد الكتاب الذي أنزل عليه كتاب. ألا إن ما أحل الله حلال إلى يوم القيامة وما حرم الله حرام إلى يوم القيامة. ألا إني لست بقاض ولكني منفذ. ألا إني لست بمبتدع ولكني متبع. ألا إنه ليس لأحد أن يطاع في معصية الله. ألا إني لست بخيركم ولكني رجل منكم غير أن الله جعلني أثقلكم حملا. ثم ذكر حاجته.

قال: أخبرنا محمد بن معن الغفاري مديني قال: أخبرني إسماعيل بن إبراهيم كاتب كان لزياد بن عبيد الله عن أبيه قال: لما انصرف عمر عن قبر سليمان قال: إذا دواب سليمان قد عرضت له. قال فكثر ثم أشار إلى بغيلة شهباء فأتي بها فركبها. قال فانصرف فإذا فرش سليمان في منزله. قال فقال: لقد عجلتم. قال ثم تناول وسادة أرمنية فطرحها بينه وبين الأرض. قال ثم قال: أما والله لولا أني في حوائج المسلمين ما جلست عليك.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي سبرة عن المنذر بن عبيد قال: ولي عمر بن عبد العزيز بعد صلاة الجمعة فأنكرت حاله في العصر.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال: كان سليمان بن عبد الملك قد ولى أبا بكر بن محمد بن حزم المدينة. فلما توفي سليمان وولي عمر بن عبد العزيز الخلافة أمره على المدينة فاستقضى أبا طوالة. وولى الكوفة عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وضم إليه أبا الزناد كاتبا فكان على حربها وخراجها حتى توفي عمر. واستقضى عامرا الشعبي.

وولى البصرة عدي بن أرطأة فاستقضى الحسن بن أبي الحسن ثم استعفاه فأعفاه.

وولى اليمن عروة بن محمد بن عطية السعدي. وولى الجزيرة عدي بن عدي الكندي. وولى إفريقية إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر حتى توفي وهو عليها. وولى دمشق محمد بن سويد الفهري. وولى خراسان الجراح بن عبد الله الحكمي.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى قال: ما زال عمر بن عبد العزيز يرد المظالم منذ يوم استخلف إلى يوم مات.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرني ابن أبي سبرة عن عبد المجيد بن سهيل قال: رأيت عمر بن عبد العزيز بدأ بأهل بيته فرد ما كان بأيديهم من المظالم. ثم فعل بالناس بعد. قال يقول عمر بن الوليد جئتم برجل من ولد عمر بن الخطاب فوليتموه عليكم ففعل هذا بكم.

قال محمد بن عمر: قال أبو بكر بن أبي سبرة: لما رد عمر بن عبد العزيز المظالم قال: إنه لينبغي أن لا أبدأ بأول من نفسي. فنظر إلى ما في يديه من أرض أو متاع فخرج منه حتى نظر إلى فص خاتم فقال: هذا مما كان الوليد بن عبد الملك أعطانيه مما جاءه من أرض المغرب. فخرج منه.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عبد الملك بن شبيب عن إسحاق بن عبد الله قال: ما زال عمر بن عبد العزيز يرد المظالم من لدن معاوية إلى أن استخلف. أخرج من أيدي ورثة معاوية ويزيد بن معاوية حقوقا.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني مالك بن أنس عن أيوب السختياني أن عمر بن عبد العزيز رد مظالم في بيوت الأموال فرد ما كان في بيت المال وأمر أن يزكى لما غاب من أهله من السنين. ثم عقب بكتاب آخر: إني نظرت فإذا هو ضمار لا يزكى إلا لسنة واحدة.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال: كتب إلينا عمر بن عبد العزيز بالعراق في رد المظالم إلى أهلها فرددناها حتى أنفدنا ما في بيت مال العراق. وحتى حمل إلينا عمر المال من الشام.

قال أبو الزناد: وكان عمر يرد المظالم إلى أهلها بغير البينة القاطعة. كان يكتفي بأيسر ذلك. إذا عرف وجها من مظلمة الرجل ردها عليه ولم يكلفه تحقيق البينة لما كان يعرف من غشم الولاة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال: ما كان يقدم على أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم كتاب من عمر إلا فيه رد مظلمة أو إحياء سنة أو إطفاء بدعة أو قسم أو تقدير عطاء أو خير. حتى خرج من الدنيا.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني يحيى بن خالد بن دينار عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: كتب إلي عمر بن عبد العزيز أن استبرئ الدواوين فانظر إلى كل جور جاره من قبلي من حق مسلم أو معاهدة فرده عليه. فإن كان أهل تلك المظلمة قد ماتوا فادفعه إلى ورثتهم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني موسى بن عبيدة قال: سمعت كتاب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: وإياك والجلوس في بيتك. اخرج للناس فآس بينهم في المجلس والمنظر ولا يكن أحد من الناس آثر عندك من أحد. ولا تقولن هؤلاء من أهل بيت أمير المؤمنين فإن أهل بيت أمير المؤمنين وغيرهم عندي اليوم سواء بل أنا أحرى أن أظن بأهل بيت أمير المؤمنين أنهم يقهرون من نازعهم. وإذا أشكل عليك شيء فاكتب إلي فيه.

قال: أخبرنا سعيد بن عامر عن حزم بن أبي حزم قال: قال عمر بن عبد العزيز في كلام له: فلو كان كل بدعة يميتها الله على يدي وكل سنة ينعشها الله على يدي ببضعة من لحمي حتى يأتي آخر ذلك على نفسي كان في الله يسيرا.

قال: أخبرنا الفضل بن دكين وأحمد بن عبد الله بن يونس عن محمد بن طلحة عن حماد بن أبي سليمان أن عمر بن عبد العزيز قام في مسجد دمشق ثم نادى بأعلى صوته: لا طاعة لنا في معصية الله.

أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا عبد الله بن يونس عن سيار قال: كان عمر بن عبد العزيز يقول للناس: الحقوا ببلادكم فإني أذكركم في أمصاركم وأنساكم عندي إلا من ظلمه عامل فليس عليه مني إذن فليأتني.

قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن واقد قال: إن آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس الحقوا ببلادكم فإني أذكركم في بلادكم وأنساكم عندي. ألا وإني قد استعملت عليكم رجالا لا أقول هم خياركم ولكنهم خير ممن هو شر منهم. فمن ظلمه عامله بمظلمة فلا إذن له علي. والله لئن منعت هذا المال نفسي وأهلي ثم بخلت به عليكم إني إذا لضنين. والله لولا أن أنعش سنة أو أسير بحق ما أحببت أن أعيش فواقا.

أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثني جويرية بن أسماء عن إسماعيل بن أبي حكيم قال: أتى عمر بن عبد العزيز كتاب من بعض بني مروان فأغضبه. فاستشاط غضبا ثم قال: إن لله في بني مروان ذبحا. وايم الله لئن كان ذاك الذبح على يدي.

قال فلما بلغهم ذلك كفوا وكانوا يعلمون صرامته وأنه إن وقع في أمر مضى فيه.

أخبرنا علي بن محمد عن أبي عمرو الباهلي قال: جاء بنو مروان إلى عمر فقالوا: إنك قصرت بنا عما كان يصنعه بنا من قبلك. وعاتبوه فقال: لئن عدتم لمثل هذا المجلس لأشدن ركابي ثم لأقدمن المدينة ولأجعلنها أو أصيرها شورى.

أما إني أعرف صاحبها الأعيمش. يعني القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أفلح بن حميد قال: سمعت القاسم بن محمد يقول: اليوم ينطق كل من كان لا ينطق. وإنا لنرجو لسليمان بتوليته لعمر بن عبد العزيز. قال وقال عمر بن عبد العزيز عند الموت: لو كان لي من الأمر شيء ما عدوت بها القاسم بن محمد. قال فبلغت القاسم بن محمد فرحم عليه وقال: إن القاسم ليضعف عن أهيله فكيف يقوم بأمر أمة محمد! أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني مسلم بن خالد عن إسماعيل بن أمية قال: قال عمر بن عبد العزيز: لو كان إلي من الأمر شيء ما عدوت به القاسم بن محمد وصاحب الأعوص إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن العاص.

قال محمد بن عمر: وكان إسماعيل بن عمرو عابدا منقطعا قد اعتزل فنزل الأعوص.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ابن أبي ذئب عن مهاجر بن يزيد قال: سمعت سالم بن عبد الله يقول: إنا لنرجو لسليمان باستخلافه عمر بن عبد العزيز.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عمرو بن عثمان قال: سمعت خارجة بن زيد بن ثابت يقول ذلك.

أخبرنا علي بن محمد عن سلمة بن عثمان القرشي قال: بلغني أن عمر بن عبد العزيز لما استخلف نظر إلى ما كان له من عبد. وإلى لباسه وعطره وأشياء من الفضول. فباع كل ما كان به عنه غنى فبلغ ثلاثة وعشرين ألف دينار فجعله في السبيل.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز قال: أخبرني ابن لعمر بن عبد العزيز أنه أخبره خادم عمر بن عبد العزيز أنه لم يتملأ من طعام من يوم ولي حتى مات.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني داود بن خالد عن محمد بن قيس قال: لما ولي عمر بن عبد العزيز وضع المكس عن كل أرض ووضع الجزية عن كل مسلم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا زفر بن محمد عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عمر بن عبد العزيز أنه لما استخلف أباح الأحماء كلها إلا النقيع.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني يحيى بن واضح قال: كتب عمر بن عبد العزيز أن تعمل الخانات بطريق خراسان.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عمرو بن عثمان بن هانئ قال: حضرت قسمتين قسمها عمر بن عبد العزيز على جميع الناس كلهم سوى بينهم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عمرو بن عثمان ومحمد بن هلال قالا: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن افرض للناس إلا لتاجر.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عبيد الله بن عمر عن ربيعة بن عطاء بن يعقوب مولى ابن سباع الخزاعي قال: جلست إلى سليمان بن يسار فذكرت له كتاب أبي بكر بن حزم الذي جاءه من عمر بن عبد العزيز أن لا يفرض

لتاجر فقال: أصاب عمر. التاجر مشغول بتجارته عما يصلح المسلمين.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا محمد بن هلال عن عمر بن عبد العزيز أنه فرض لرجال ألفين ألفين شرف العطاء.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا غسان بن عبد الحميد عن أبيه قال: أخرج عمر بن عبد العزيز ثلاثة أعطية لأهل المدينة في سنتين وخمسة أشهر إلا عشر ليال. يرحمه الله.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة قال: سمعت إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله يقول: جرى على يدي لقومي في خلافة عمر بن عبد العزيز ثلاثة أعطية وقسمان للناس عامان. فرحمه الله.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني سعيد بن مسلم بن بانك قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول وهو خليفة: إنه لا يحل لكم أن تأخذوا لموتاكم فارفعوهم إلينا واكتبوا لنا كل منفوس نفرض له.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ثابت بن قيس قال: سمعت كتاب عمر بن عبد العزيز يقرأ علينا: ارفعوا كل منفوس نفرض له وارفعوا موتاكم فإنما هو مالكم نرده عليكم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أبي قال: ذهبت بي حاضنتي إلى أبي بكر بن حزم فوضع في يدي دينارا وأنا منفوس. وولدت سنة المائة. ثم كان قابل فأعطينا دينارا آخر فكانا دينارين. قال وبه سميت.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عمي الهيثم بن واقد قال: ولدت سنة سبع وتسعين فاستخلف عمر وأنا ابن ثلاث سنين فأصبت من قسمه ثلاثة دنانير.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني محمد بن هلال قال: سوى عمر بن عبد العزيز بين الناس في طعام الجار. وكان أكثر ما يكون طعام الجار أربعة أرادب ونصف لكل إنسان.

أخبرنا محمد بن عمر بن واقد قال: حدثنا أفلح بن حميد قال: إنما سوى عمر بن عبد العزيز من فرض له في طعام الجار وأما من كان له شيء قبل ذلك فإنه كان يأخذه. قد فضل عمر بن الخطاب بين الناس في طعام الجار.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن إبراهيم بن يحيى قال: كان لي في طعام الجار عشرون إردبا فلما استخلف عمر أقرت وسوى بين من فرض له من أهل بيتي.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال: رأيت أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يعمل بالليل كعمله بالنهار لاستحثاث عمر إياه.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني داود بن خالد قال: حدثنا محمد بن قيس قال: رأيت عمر بن عبد العزيز إذا صلى العشاء دعا بشمعة من مال الله ليكتب في أمر المسلمين والمظالم فترد في كل أرض. فإذا أصبح جلس في رد المظالم وأمر بالصدقات أن تقسم في أهلها. فلقد رأيت من يتصدق عليه في العام القابل له إبل فيها صدقة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ابن أبي ذئب عن مهاجر بن يزيد قال: بعثنا عمر بن عبد العزيز فقسمنا الصدقة فيهم. فلقد رأيتنا وإنا لنصدق من العام القابل من كان يتصدق عليه. ولقد كنت أراه يكتب إلى أهله أو في الحاجة تكون له في خاصة نفسه فيأمر بالشمعة فتنحى ويأمر بشمعة أخرى. ولقد كنت أراه يغسل ثيابه فما يخرج إلينا وما له غيرها. وما أحدث بنا. ولقد رأيت عتبة له خربت فكلم في إصلاحها ثم قال: يا مزاحم هل لك أن نتركها فتخرج من الدنيا ولم نحدث شيئا؟ قال وحرم الطلاء في كل أرض.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عبد الملك بن محمد عن عبد الله بن العلاء بن زبر قال: قلت لعمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين عصبت سنوات إني كنت في العصاة وحرمت عطائي. قال فرد علي عطائي وأمر أن يخرج لي ما مضى من السنين.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا خليد بن دعلج قال: لما استخلف عمر بن عبد العزيز أرسل إلى الحسن وابن سيرين يقول لهما: أرد عليكما ما حبس عنكما من أعطيتكما. فقال ابن سيرين: إن فعل ذلك بأهل البصرة فعلت وأما غير ذلك فلا. فكتب عمر: إن المال لا يسع. قال وقبل الحسن.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا موسى بن نجيح عن إبراهيم بن يحيى أن عمر بن عبد العزيز كتب أن يعطى خارجة بن زيد ما قطع عنه من الديوان. فمشى خارجة إلى أبي بكر بن حزم فقال: إني أكره أن يلزم أمير المؤمنين من هذا مقالة.

ولي نظراء. فإن أمير المؤمنين عمهم بهذا فعلت وإن هو خصني به فإني أكره ذلك له. فكتب عمر: لا يسع المال ذلك ولو وسعه لفعلت.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني يحيى بن خالد بن دينار عن أبي بكر بن حزم قال: كنا نخرج ديوان أهل السجون فيخرجون إلى أعطيتهم بكتاب عمر بن عبد العزيز. وكتب إلي: من كان غائبا قريب الغيبة فأعط أهل ديوانه ومن كان منقطع الغيبة فاعزل عطاءه إلى أن يقدم أو يأتي نعيه أو يوكل عندك بوكالة ببينة على حياته فادفعه إلى وكيله.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني سحبل بن محمد عن عيسى بن أبي عطاء قال: شهدت عمر بن عبد العزيز قضى عن غارم خمسة وسبعين دينارا من سهم الغارمين.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني يعقوب بن محمد بن أنس عن يعقوب بن عمر بن قتادة قال: وفد عاصم بن عمر بن قتادة وبشير بن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه على عمر بن عبد العزيز في خلافته فدخلا عليه بخناصرة فذكرا دينا عليهما. فقضى عن كل واحد منهما أربعمائة دينار. فخرج الصك يعطيان من صدقة كلب مما عزل في بيت المال.

قال محمد بن عمر: وكان ذلك العزل قدم به لم يوجد أحد منهم يقضى عنه دين فأدخل فضله بيت المال عزلا لأن يقضى به عن الديان فهذا وجهه.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني المفضل بن الفضل القيني عن عبد الرحمن بن جابر قال: قدم القاسم بن مخيمرة على عمر بن عبد العزيز فسأله قضاء دينه فقال عمر: كم دينك؟ قال: تسعون دينارا. قال: قد قضيناه عنك من سهم الغارمين. قال: يا أمير المؤمنين أغنني عن التجارة. قال: بماذا؟ قال: بفريضة. قال: قد فرضت لك في ستين وأمرنا لك بمسكن وخادم. فكان القاسم بن مخيمرة يقول: الحمد لله الذي أغناني عن التجارة. إني لأغلق بابي فما يكون لي خلفه هم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني موسى بن عمران الحارثي قال: حدثني أبو عفير محمد بن سهل بن أبي حثمة قال: قضى عني عمر بن عبد العزيز وهو خليفة خمسين ومائتي دينار من صدقات بني كلاب وكتب بها.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عمر بن طلحة عن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق أنه قال يوما: إن عمر بن عبد العزيز لم يزل رأيه والذي يشير به على من ولي هذا الأمر من أهل بيته توفير هذا الخمس على أهله.

فكانوا لا يفعلون ذلك. فلما ولي الخلافة نظر فيه فوضعه في مواضعه الخمسة وآثر به أهل الحاجة من الأخماس حيث كانوا. فإن كانت الحاجة سواء وسع في ذلك بقدر ما يبلغ الخمس.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عمر بن طلحة قال: حدثني المهاجر بن يزيد أنه رأى عمر بن عبد العزيز يقدم عليه بالسبي من الأخماس فربما رأيته يضعهم في الصنف الواحد. قال وسألت عمر بن عبد العزيز عن هذا الماء الذي يوضع في الطريق يتصدق به أشرب منه؟ قال: نعم لا بأس بذلك. قد رأيتني وأنا وال بالمدينة وللمسجد ماء يتصدق به. فما رأيت أحدا من أهل الفقه يزع عن ذلك الماء أن يشرب منه.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني سحبل بن محمد عن عيسى بن أبي عطاء رجل من أهل الشام كان على ديوان أهل المدينة عن عمر بن عبد العزيز أنه ربما أعطى المال من يستألف على الإسلام.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي سبرة عن رجل أخبره عن عمر بن عبد العزيز أنه أعطى بطريقا ألف دينار استألفه على الإسلام.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني الثوري عن عاصم بن كليب وأبي الجويرية الجرمي قالا: فدى عمر بن عبد العزيز رجلا من العدو رده بمائة ألف درهم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عمر بن محمد الأسلمي عن عمرو بن المهاجر عن عمر بن عبد العزيز أنه لم يجعل الضيافة على أهل المدن.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عمرو بن عثمان عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب: لا ينفل الإمام أكثر من الثلث.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا الثوري عن عمرو بن ميمون عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب: ألحقوا البراذين بالخيل.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو معشر عن نافع قال: كتب عمر بن عبد العزيز وهو خليفة إلى عماله في الآفاق أن لا يفرضوا لابن أربع عشرة سنة في القتال ويفرضوا لابن خمس عشرة سنة في المقاتلة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا محمد بن بشر بن حميد قال: سمعت أبي يقول: سمعت عمر بن عبد العزيز يكتب إلى ولاته حين أخرج العطاء: لا يقبل من رجل له مائة دينار إلا فرس عربي ودرع وسيف ورمح ونبل.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله بن أبي عبيدة عن ربيعة بن عطاء عن عمر بن عبد العزيز قال: يستتاب المرتد ثلاثة أيام فإن تاب وإلا ضربت عنقه.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن عمر بن عبد العزيز قال: السلطان مخير في قوله {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله} المائدة: 33.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عمرو بن عثمان عن عمر بن عبد العزيز قال: ليس في المصر محاربة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عكرمة بن محمد عن عثمان بن سليمان قال: سمعت عمر بن عبد العزيز وهو خليفة يقول: شيئان ليس لأهلهما فيهما جواز أمر ولا لوال إنما هما لله يقوم بهما الوالي: من قتل عدوانا وفسادا في الأرض ومن قتل غيلة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن عمر بن عبد العزيز قال: وأخبرنا مخرمة بن بكير عن أبيه عن عمر بن عبد العزيز قال: لا تنكح امرأة الأسير أبدا ما دام أسيرا.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا أبو محمد البرسمي عن أبي عمرو عن سليمان بن حبيب قال: قال عمر بن عبد العزيز: أجز ما صنع الأسير في ماله.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا مغيرة بن حبيب عن عمرو بن المهاجر عن عمر بن عبد العزيز قال: إذا كان الرجل في الحرب على ظهر فرسه يقاتل فما صنع في ماله فهو جائز.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عمر بن محمد عن المنذر بن عبيد عن عمر بن عبد العزيز قال: لا يجوز أمان الذمي.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا ابن أبي سبرة عن سهيل الأعشى قال: قرئ علينا كتاب عمر بن عبد العزيز بأرض الروم يأمر والينا بنصب المنجنيق على الحصن وسالم بن عبد الله إلى جنبي يسمع الكتاب فلم ينكره.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ابن أبي سبرة عن صالح بن محمد بن زائدة أنه سمع عمر بن عبد العزيز لا يرى بالتدخين على العدو بأسا في الحصون.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو عتبة عن عمرو بن المهاجر عن عمر بن عبد العزيز أنه أتي برجلين مسلم وذمي جاسوسين أخذا في أرض الروم فقتل الذمي وعاقب المسلم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا معقل بن عبيد الله عن عمر بن عبد العزيز أنه نهى عن عقر الدابة إذا هي قامت.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا الثوري ومالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب في خلافته أن لا يؤخذ من المعادن الخمس وتؤخذ منها الصدقة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عمرو بن عثمان قال: سمعت القاسم بن محمد يقول: أحسن عمر بن عبد العزيز حين أخذ من المعادن الصدقة. هكذا كان الأمر الأول.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني بقية بن الوليد عن مبشر بن عبيد عن عمر بن عبد العزيز أنه أباح الغوص.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا الثوري عن ليث بن أبي سليم عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب في العنبر الخمس.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا جارية بن أبي عمران عن إسماعيل بن أبي حكيم قال: سمعت عمر بن عبد العزيز آخر عمره يقول: ليس في العنبر شيء.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني محمد بن بشر بن حميد عن أبيه عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: الرسول والبريد والوكيل يبعثون من العسكر يجرى لهم سهامهم مع المسلمين.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني معاوية بن صالح عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يأمر ببيع الغنائم فيمن يزيد.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أحمد بن خازم عن عمرو بن شراحيل قال: كتب عمر بن عبد العزيز: لا بأس بذبائح السامرة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا صدقة بن نافع عن صالح بن محمد بن عمر قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: يسهم لفرسين وما كان بعد فجنائب.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا سليمان بن الحجاج الطائفي عن عبد العزيز بن عمر عن أبيه أنه كان يعرض الخيل في خلافته.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني خالد بن ربيعة عن أبيه قال: كتب عمر بن عبد العزيز: إذا دخلت الصائفة فلا تتركن أحدا يدخل في أثرهم إلا في قوة وجماعة من الرجال والخيل والعدد.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني خازم بن حسين عن ربيعة بن عطاء قال: كتب عمر بن عبد العزيز معي وبعث بمال إلى ساحل عدن أن أفتدي الرجل والمرأة والعبد والذمي.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني خازم بن حسين عن ربيعة بن عطاء عن عمر بن عبد العزيز أنه أعطى برجل من المسلمين عشرة من الروم وأخذ المسلم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن أبي فروة عن عبد الله بن عمرو بن الحارث من بني عامر بن لؤي عن عمر بن عبد العزيز أنه أتي بأسير أسره مسلمة بن عبد الملك وأن أهله سألوه أن يفتدوه بمائة مثقال فرده عمر إليهم وفداه بمائة مثقال.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ربيعة بن عثمان عن ربيعة بن عطاء قال: سمعت عمر بن عبد العزيز وهو خليفة يكره قتل الأسرى. يسترقون أو يعتقون.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا مخرمة بن بكير عن أبيه عن عمر بن عبد العزيز قال: من سرق في أرض العدو ثم خرج قطع.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عتبة بن عبد الله عن حسين الأيلي عن يزيد بن أبي سمية قال: شهدت عمر بن عبد العزيز أقام الحد ثمانين جلدة على رجل افترى على رجل في أرض الحرب حين خرجوا.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني خازم بن حسين قال: رأيت عمر بن عبد العزيز بخناصرة وأتي برجل شهد عليه أنه شرب خمرا بأرض العدو فجلده ثمانين.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي سبرة عن أبي صخر قال: أتي عمر بن عبد العزيز بسارق من المغنم ولم يقسم فسأل أهو ممن أوجف في المغنم؟

فقيل: لا. فقطع يده.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عمر بن محمد عن المنذر بن عبيد قال: كنت أرى عمر بن عبد العزيز بدابق إذا أتم الصلاة جمع بالناس وإذا صلى ركعتين لم يجمع إلا أن يمر على مدينة يجمع فيها.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ابن أبي سبرة عن بشر بن حميد عن عمر بن عبد العزيز قال: تمام الرباط أربعون يوما.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن عامر قال: سمعت أبان بن صالح يقول: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول بدابق: نحن في رباط.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عمرو بن عبد الله بن أبي الأبيض عن عبد الله بن عبيدة قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: ما يهلك الناس إلا في هذه العلاقات. وكان يكتب: لا يذهب إلى العلاقة إلا جماعة وقوة ثم يأخذ بعضهم ببعض حتى يرجعوا جميعا أو يعطبوا جميعا.

أخبرنا محمد بن عمر عن أبي عتبة عن صفوان بن عمرو قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز وهو خليفة إلى عامله أن لا يقاتلن حصنا من حصون الروم ولا جماعة من جماعاتهم حتى تدعوهم إلى الإسلام فإن قبلوا فاكفف عنهم وإن أبوا فالجزية. فإن أبوا فانبذ إليهم على سواء.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني سعيد بن محمد بن أبي زيد عن عبد العزيز بن عمر قال: كان سيف أبي محلى بفضة فنزعها وحلاه حديدا.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني خالد بن القاسم قال: رأيت عمر بن عبد العزيز يركب على النمور.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي سبرة عن عمرو بن الحارث عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يظهر التكبير عند الفتح.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عمر بن محمد عن عيسى بن أبي عطاء عن عمر بن عبد العزيز قال: من آمنا بأي لسان كان فقد أمن.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عمر بن محمد عن المنذر بن عبيد قال: كتب إلي عمر بن عبد العزيز في الذمي يغزو مع المسلمين فيؤمن العدو. فكتب: لا يجوز أمانه. وقال: [إنما قال رسول الله. ص: يجيز على المسلمين أدناهم. وهذا ليس بمسلم].

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا إسحاق بن يحيى عن عمر بن عبد العزيز أنه سمعه وهو خليفة يتبرأ من معرة الجيش ويقول عمر: كان عمر بن الخطاب يتبرأ من معرة الجيش.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني محمد بن القاسم عن عياش بن سليم عن عمر بن عبد العزيز في الذمي يوصي بالكنيسة يوقف وقفا من ماله للنصارى أو لليهود قال: يجوز ذلك.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني سويد عن حصين عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب: إن أسلم والجزية في كفة الميزان فلا تؤخذ منه.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عمر بن محمد عن عمرو بن المهاجر عن عمر بن عبد العزيز في الذمي يسلم قبل السنة بيوم قال: لا تؤخذ منه الجزية.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا موسى بن عبيدة قال: كتب عمر بن عبد العزيز أن ينظر في أمر السجون ويستوثق من أهل الذعارات. وكتب لهم برزق الصيف والشتاء.

قال موسى: فرأيتهم يرزقون عندنا شهرا بشهر ويكسون كسوة في الشتاء وكسوة في الصيف.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني يحيى بن سعيد مولى المهري قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أمراء الأجناد: وانظروا من في السجون ممن قام عليه الحق فلا تحبسه حتى تقيمه عليه. ومن أشكل أمره فاكتب إلي فيه. واستوثق من أهل الذعارات فإن الحبس لهم نكال. ولا تعد في العقوبة. ويعاهد مريضهم ممن لا أحد له ولا مال. وإذا حبست قوما في دين فلا تجمع بينهم وبين أهل الذعارات في بيت واحد ولا حبس واحد. واجعل للنساء حبسا على حدة. وانظر من تجعل على حبسك ممن تثق به ومن لا يرتشي فإن من ارتشى صنع ما أمر به.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عمرو بن عبد الله عن عبد الله بن أبي بكر أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن عمرو بن حزم أن يعرض أهل السجن في كل سبت ويستوثق من أهل الذعارات.

أخبرنا محمد بن عمر قال: فحدثنا قيس عن الحجاج قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الحميد في أهل الذعارات أن يلزمهم السجن ويكسوها طاقا في الشتاء وثوبين في الصيف وكذا وكذا من مصلحتهم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني موسى بن محمد عن أبي بكر بن عمرو بن حزم قال: كتب إلي عمر بن عبد العزيز أن احبس أهل الذعارات في وثاق وأهل الدم. فكتبت إليه أسأله: كيف يصلون من الحديد؟ فكتب إلي عمر: لو شاء الله لابتلاهم بأشد من الحديد. يصلون كيف تيسر على أحدهم وهم في عذر. فأما الوثائق فإني وجدت أبا بكر. رحمه الله. كتب أن يبعث إليه برجال في وثاق. منهم قيس بن مكشوح المرادي وغيره.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أسامة بن زيد قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز فقرئ علينا: لا يدخل الحمام إلا بمئزر فلقد رأيت صاحب الحمام يعاقب ويعاقب الذي يدخل. ورأيت كتاب عمر يقرأ: واستقبلوا بذبائحكم القبلة.

قال فالتفت إلي نافع بن جبير وأنا إلى جنبه فقال: ومن يجهل هذا! أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا معقل بن عبيد الله قال: كتب عمر بن عبد العزيز: لا يدخل الحمام من الرجال إلا بمئزر ولا يدخله النساء رأسا.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال: خرجت حرورية بالعراق في خلافة عمر بن عبد العزيز وأنا يومئذ بالعراق مع عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد عامل العراق. فلما انتهى أمرهم إلى عمر كتب إلى عبد الحميد يأمره أن يدعوهم إلى العمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فلما أعذر في دعائهم كتب إليه أن قاتلهم فإن الله وله الحمد لم يجعل لهم سلفا يحتجون به علينا. فبعث إليهم عبد الحميد جيشا فهزمتهم الحرورية. فلما بلغ ذلك عمر بعث إليهم مسلمة بن عبد الملك في جيش من أهل الشام وكتب إلى عبد الحميد: قد بلغني ما فعل جيشك جيش السوء. وقد بعثت إليك مسلمة بن عبد الملك فخل بينه وبينهم. فلقيهم مسلمة في أهل الشام فلم ينشبوا هم أن أظهره الله عليهم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الحميد بن عمران عن عون بن عبد الله بن عتبة قال: بعثني عمر بن عبد العزيز في خلافته إلى الخوارج الذين خرجوا عليه فكلمتهم فقلت: ما الذي تنقمون عليه؟ قالوا: ما ننقم عليه إلا أنه لا يلعن من كان قبله من أهل بيته فهذه مداهنة منه. قال فكف عمر عن قتالهم حتى أخذوا الأموال وقطعوا السبيل فكتب إليه عبد الحميد بذلك فكتب إليه عمر: أما إذا أخذوا الأموال وأخافوا السبيل فقاتلوهم فإنهم رجس.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الحميد بن جعفر عن عون بن عبد الله قال: كتب عمر بن عبد العزيز أن يدعى الخوارج.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني خازم بن حسين قال: قرأت كتاب عمر بن عبد العزيز إلى عامله في الخوارج: فإن أظفرك الله بهم وأدالك عليهم فرد ما أصبت من متاعهم إلى أهليهم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الملك بن محمد عن أبي بكر بن حزم عن المنذر بن عبيد قال: حضرت كتاب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد: ومن أخذت من أسراء الخوارج فاحبسه حتى يحدث خيرا.

قال فلقد مات عمر بن عبد العزيز وفي حبسه منهم عدة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا كثير بن زيد قال: قدمت خناصرة في خلافة عمر بن عبد العزيز فرأيته يرزق المؤذنين من بيت المال.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي سبرة عن المنذر بن عبيد قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول لمؤذنه: احدر الإقامة حدرا ولا ترجع فيها.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن مسلم عن سليمان بن موسى قال: رأيت مؤذن عمر بن عبد العزيز وهو خليفة بخناصرة يسلم على بابه: السلام عليك أمير المؤمنين. ورحمة الله. فما يقضي سلامه حتى يخرج عمر إلى الصلاة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا يحيى بن خالد بن دينار عن أبي عبيد مولى سليمان قال: رأيت المؤذن يقف على باب عمر بخناصرة فيقول: السلام عليك أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. حي على الصلاة حي على الصلاة.

الصلاة يرحمك الله. قال فما رأيته قط انتظر الثاني. قال وربما جلسنا معه في المسجد فإذا قال المؤذن قد قامت الصلاة قال: قوموا. قال وما رأيت عمر بن عبد العزيز في خلافته في حلقة مستقبلي القبلة ومستكبريها فيؤذن المؤذن فيقوموا من حلقتهم حتى تقام الصلاة فيقوموا للإقامة. فرأيت ذلك في المغرب.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا من سمع مسلم بن زياد مولى أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان لعمر بن عبد العزيز ثلاثة عشر مؤذنا مخافة أن يقطعوا قبل أن يخرج.

قال مسلم: لم أرهم أذنوا قط إلا مرة واحدة. وكان ربما خرج في الأذان الأول. وربما خرج في الثاني. وربما خرج في الثالث.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا إسماعيل بن عياش عن عمرو بن المهاجر قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: الأذان مثنى مثنى والإقامة إحدى إحدى.

قال عمرو: ورأيت سالم بن عبد الله وأبا قلابة مع عمرو بن عبد العزيز وأذانه مثنى مثنى وإقامته إحدى إحدى ولا ينكرانه.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا أسامة بن زيد عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يغتسل في بيته في إزار.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني سعيد بن عبد العزيز عن يزيد بن أبي مالك قال: رأيت عمر بن عبد العزيز يتوضأ من نحاس في نحاس.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي سبرة عن المنذر بن عبيد قال: رأيت عمر بن عبد العزيز إذا توضأ يمسح وجهه بالمنديل.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي سبرة عن عمر بن عطاء عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يتوضأ من مس الذكر.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي سبرة عن عمر بن عطاء عن عمر بن عبد العزيز أنه توضأ مما مسته النار حتى من السكر.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي ذئب عن الزهري أن عمر بن عبد العزيز كان يتوضأ بالحميم ويشربه ولا يتوضأ منه.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الرحمن بن مسلمة عن مولاة لعمر بن عبد العزيز قالت: رأيت عمر بن عبد العزيز إذا ذهب إلى الكنيف يقنع رأسه.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إسحاق بن يحيى قال: رأيت عمر بن عبد العزيز يصلي على أخيه سهيل بن عبد العزيز فرأيته يرفع يديه في كل تكبيرة حذو منكبيه ثم سلم عن يمينه تسليما خفيفا. ورأيته يمشي أمام جنازته. ورأيته يومئذ يحمل بين عمودي سريره. وصليت خلفه بخناصرة فسمعته يرفع صوته بالتكبيرة الأولى ويقرأ حتى يسمع الصف الأول قراءة مترسلة: {الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين} الفاتحة: 2 - 4. لا يذكر بسم الله الرحمن الرحيم.

قال إسحاق فسألته حين انصرف: أتسرها يا أمير المؤمنين؟ فقال: لو أسررتها لجهرت بها.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عمرو بن عثمان بن هانئ قال: رأيت عمر بن عبد العزيز يجهر بخطبته يوم الجمعة حتى يسمع جل أهل المسجد موعظته وليس بالصياح.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني سعيد بن عبد العزيز قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى واليه عثمان بن سعد على دمشق: إذا صليت بهم فأسمعهم قراءتك وإذا خطبتهم فأفهمهم موعظتك.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن عمرو بن المهاجر قال: رأيت عمر بن عبد العزيز يخطب يوم الجمعة خطبتين ويجلس ويسكت فيهما سكتة. يخطبنا الأولى جالسا وبيده عصا قد عرضها على فخذيه.

يزعمون أنها عصا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فرغ من خطبته الأولى وسكت سكتة قام فخطب الثانية متوكئا عليها. فإذا مل لم يتوكأ وحملها حملا. فإذا دخل في الصلاة وضعها إلى جنبه.

أخبرنا محمد بن عمر قال: فحدثني من سمع محمد بن المهاجر يخبر أن عمر بن عبد العزيز كان إذا قعد في التشهد يوم الجمعة عرض تلك العصا على فخذه حتى يسلم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا ثور بن يزيد عن عمرو بن المهاجر أنه رأى عمر بن عبد العزيز إذا سلم يوم الجمعة حمل العصا إلى منزله ولا يتوكأ عليها.

وإذا خرج بها من منزله حملها. فإذا خطب اعتمد عليها. فإذا قضى خطبته ودخل في الصلاة وضعها إلى جنبه.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي سبرة عن المنذر بن عبيد عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يصلي على الحمرة والبساط.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا محمد بن بشر بن حميد عن أبيه قال: سمعت عمر بن عبد العزيز وهو خليفة يقول: الشفق البياض بعد الحمرة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا إسحاق بن يحيى قال: رأيت عمر بن عبد العزيز وهو بخناصرة انصرف من العصر عشية عرفة فدخل منزله ولم يجلس في المسجد حتى خرج للمغرب. قال ورأيته خرج يوم الأضحى حين طلعت الشمس وخفف في الخطبة. ورأيته طول في الفطر أطول من ذلك. ورأيته خرج إلى العيد ماشيا.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا الثوري عن جعفر بن برقان أن عمر بن عبد العزيز كتب في خلافته: لا تركبوا إلى الجمعة والعيدين.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا سويد بن عبد العزيز عن عبد الله بن العلاء عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يكبر من صلاة الظهر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا سويد بن عبد العزيز عن عبد الله بن العلاء قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يكبر الله أكبر ولله الحمد ثلاثا دبر كل صلاة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا سويد عن عطاء الخراساني عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يأكل شيئا قبل أن يغدو إلى العيد.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عمرو بن عثمان قال: رأيت عمر بن عبد العزيز بخناصرة يمشي إلى المصلى ثم يصعد على المنبر فيكبر سبع تكبيرات تترى. ثم يخطب خطبة خفيفة. ثم يكبر في الثانية خمسا. ثم يخطب خطبة أخف من الأخرى. ورأيته أتي بكبش في مصلاه فذبحه بيده ثم أمر به فقسم ولم يحمل إلى منزله منه شيء.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عمرو بن عثمان بن هانئ قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يجهر بالتكبير حتى يسمع آخر الناس في الأولى سبعا. ثم يقرأ.

وفي الآخرة خمسا ثم يقرأ في الأولى: {ق والقرآن المجيد} ق: 1. وفي الثانية: {اقتربت الساعة} القمر: 1. وكان يدعو بين كل تكبيرتين يحمد الله ويكبره ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عمرو بن عثمان بن هانئ قال: رأيت عمر بن عبد العزيز إذا صعد على المنبر في العيد سلم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم عن إسماعيل بن أبي حكيم قال: رأيت عمر بن عبد العزيز وهو خليفة يوم فطر دعا لنا بتمر من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كلوا قبل أن تغدوا إلى العيد. فقلت لعمر: في هذا شيء يؤثر؟ فقال: نعم. أخبرني إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يغدو يوم العيد حتى يطعم. أو قال: يأمر أن لا يغدو المرء حتى يطعم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عمرو بن عثمان بن هانئ قال: سمعت عمر بن عبد العزيز بخناصرة وهو خليفة خطب الناس قبل يوم الفطر بيوم وذلك يوم جمعه. فذكر الزكاة فحض عليها وقال: على كل إنسان صاع تمرا ومدان من حنطة. وقال إنه لا صلاة لمن لا زكاة له. ثم قسمها يوم الفطر. قال وكان يؤتى بالدقيق والسويق مدين مدين فيقبله.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ثور بن يزيد عن يزيد بن أبي مالك قال: كان عمر بن عبد العزيز في خلافته أعجل الناس فطرا. وكان يستحب تأخير السحور. وكان إذا شك في الفجر أمسك عن الطعام والشراب.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي طوالة عن يحيى بن سعيد عن عمر بن عبد العزيز أنه لما رأى الناس يحلفون بالقسامة بغير علم استحلفهم دية. ودرأ عن القتل.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عدي بن الفضل وسعيد بن بشير عن أيوب أن قتيلا قتل بالبصرة فكتب سليمان بن عبد الملك أن استحلفوا خمسين رجلا فإن حلفوا فأقيدوه. فلم يستحلفوا ولم يقتلوه حتى مات سليمان واستخلف عمر بن عبد العزيز. فكتب إلى عمر بن عبد العزيز فيه فكتب: إن شهد ذوا عدل على قتله فأقده وإلا فلا تقده بالقسامة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أبو معاوية شيخ من أهل البصرة عن عثمان البتي قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في خلافته أن يعزر من حلف في القسامة بضعة عشر سوطا.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرني كثير بن زيد قال: أخبرني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: كتب إلي عمر بن عبد العزيز في خلافته أن أجدد أنصاب الحرم.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ابن أبي سبرة عن عبد الرحمن بن يزيد بن عقيلة قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم واستعمله على الحج: إن أول عملك قبل التروية بيوم تصلي بالناس الظهر. وآخر عملك أن تزيغ الشمس من آخر أيام منى.

قال محمد بن عمر: فذلك الأمر عندنا.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عبد العزيز بن أبي رواد قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز بمكة سنة المائة ينهى عن كراء بيوت مكة وأن لا يبنى بمنى بناء.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا الثوري عن إسماعيل بن أمية أن عمر بن عبد العزيز كان ينهى عن كراء بيوت مكة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: وأخبرنا عمرو بن عثمان قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: المنصف خمر.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا هارون بن محمد عن أبيه قال: رأيت عمر بن عبد العزيز بخناصرة يأمر بزقاق الخمر أن تشقق وبالقوارير أن تكسر.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا هشام بن الغاز وسعيد بن عبد العزيز قالا: كتب عمر في خلافته أن لا يدخل أهل الذمة بالخمر أمصار المسلمين فكانوا لا يدخلونها.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد المجيد بن سهيل قال: قدمت خناصرة في خلافة عمر بن عبد العزيز وإذا قوم في بيت أهل خمر وسفه ظاهر. فذكرت ذلك لصاحب شرطة عمر فقلت: إنهم يجتمعون على الخمر إنما هو حانوت. فقال: قد ذكرت ذلك لعمر بن عبد العزيز فقال: من وارت البيوت فاتركه.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا هشام بن الغاز عن عبادة بن نسي قال: شهدت عمر بن عبد العزيز يضرب رجلا حدا في خمر فخلع ثيابه ثم ضربه ثمانين رأيت منها ما بضع ومنها ما لم يبضع. ثم قال: إنك إن عدت الثانية ضربتك ثم ألزمتك الحبس حتى تحدث خيرا. قال: يا أمير المؤمنين أتوب إلى الله أن أعود في هذا أبدا. قال فتركه عمر.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا داود بن خالد عن محمد بن قيس قال: كتب عمر بن عبد العزيز في خلافته إلى والي مصر أن لا تزيد في عقوبة على ثلاثين ضربة إلا أن يكون حدا.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا سحبل بن محمد عن صخر المدلجي أن عمر بن عبد العزيز أتي برجل وقع على بهيمة في خلافته فلم يحده وضربه دون الحد.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو سلمة بن عبيد الله قال: أتي عمر بن عبد العزيز بخناصرة في قوم وقعوا على جارية في طهر واحد فأوجعهم عقوبة ودعا لولدها القافة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ابن جريج عن الزبير بن موسى عن عمر بن عبد العزيز قال: إذا وقعت الشفعة وحدت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري قال: كتب عمر بن عبد العزيز في خلافته إلى عبد الحميد: لا يقضى بالجوار.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا قيس عن خالد الحذاء عن عمر بن عبد العزيز أنه قضى لذمي بشفعته.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا موسى بن بكر بن أبي الفرات عن إسماعيل بن أبي حكيم قال: رأيت عمر بن عبد العزيز في خلافته يحلف الغائب ما بلغك فسكت فإن حلف أعطاه. يعني في الشفعة.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر عن أبيه عن جده أنه كتب إلى عمر بن عبد العزيز وهو خليفة بكتاب فيه كتاب وخصومات وختمه. فخرج صاحبه به ولا شاهد عليه فأجازه عمر بن عبد العزيز.

أخبرنا سعيد بن عامر قال: أخبرنا جويرية بن أسماء عن إسماعيل بن أبي حكيم قال: كان عمر بن عبد العزيز قلما يدع النظر في المصحف بالغداة ولا يطيل.

أخبرنا سعيد بن عامر عن جويرية بن أسماء قال: قال عمر يا مزاحم بعني رحلا لمصحفي. قال فأتاه برحل فأعجبه. قال: من أين أصبت هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين دخلت بعض الخزائن فوجدت هذه الخشبة فاتخذت منها رحلا. قال: انطلق فقومه في السوق. فانطلق فقوموه نصف دينار فرجع إلى عمر فأخبره. قال: ترانا إن وضعنا في بيت المال دينارا أنسلم منه؟ قال: إنما قوموه نصف دينار. قال: ضع في بيت المال دينارين.

أخبرنا سعيد بن عامر عن جويرية بن أسماء أن عمر بن عبد العزيز عزل كاتبا له في هذا. كتب بسم ولم يجعل السين.

أخبرنا وهب بن جرير بن حازم قال: حدثنا أبي قال: سمعت المغيرة بن حكيم قال: قالت لي فاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر بن عبد العزيز: يا مغيرة إني قد أرى أنه يكون في الناس من هو أكثر صلاة وصوما من عمر فأما أن أكون رأيت رجلا أشد فرقا من ربه من عمر فإني لم أره. كان إذا صلى العشاء الآخرة ألقى نفسه في مسجده فيدعو ويبكي حتى تغلبه عينه. ثم ينتبه فيدعو ويبكي حتى تغلبه عينه. فهو كذلك حتى يصبح.

أخبرنا محمد بن معن الغفاري قال: أخبرني ابن علاثة قال: كانت لعمر بن عبد العزيز صحابة يحضرونه يعينونه برأيهم ويسمع منهم. قال فحضروه يوما فأطال الصبح فقال بعضهم لبعض: تخافون أن يكون تغير. قال فسمع ذلك مزاحم فدخل فأمر من أيقظه فأخبره ما سمع من أصحابه وأمره فأذن لهم فلما دخلوا عليه قال: إني أكلت هذه الليلة حمصا وعدسا فنفخني. قال فقال بعض القوم: يا أمير المؤمنين إن الله يقول في كتابه: {كلوا من طيبات ما رزقناكم} البقرة: 57.

فقال عمر: هيهات ذهبت به إلى غير مذهبه. إنما يريد به طيب الكسب ولا يريد به طيب الطعام.

أخبرنا عبيد الله بن محمد بن عائشة التيمي قال: أخبرنا محمد بن عمر بن أبي شميلة عن أبيه عن محمد بن أبي سدرة وكان قديما قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز ليلة وهو يتلوى من بطنه فقلت: ما لك يا أمير المؤمنين؟ فقال: عدس أكلته فأوذيت منه. ثم قال: بطني بطني ملوث في الذنوب.

قال ابن أبي سدرة: وكان عمر بن عبد العزيز يأمر الناس إذا أخذ المؤذن في الإقامة أن يستقبلوا القبلة.

أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال: كان عمر بن عبد العزيز معلم العلماء.

أخبرنا الفضل بن دكين قال: أخبرنا عبد العزيز بن عمر قال: كان عمر بن عبد العزيز يسمر بعد العشاء الآخرة قبل أن يوتر فإذا أوتر لم يكلم أحدا.

أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا علي بن مسعدة قال: حدثنا رياح بن عبيدة قال: أخرج مسك من الخزائن فلما وضع بين يدي عمر أمسك بأنفه مخافة أن يجد ريحه. فقال له رجل من أصحابه: يا أمير المؤمنين ما ضرك أن وجدت ريحه؟ فقال عمر: وهل يبتغى من هذا إلا ريحه؟ قال: أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال: أخبرنا مالك بن أنس قال: قال عمر بن عبد العزيز: لست بقاض ولكني منفذ. ولست بخير من أحد ولكني أثقلكم حملا. وأحسبه قال: ولست بمبتدع ولكني متبع.

أخبرنا روح بن عبادة قال: حدثنا أسامة بن زيد قال: قال عمر بن عبد العزيز لقاضيه أبي بكر بن حزم: ما وجدت من أمر هو الذي عندي من حق وافق هوى.

أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا رجاء أبو المقدام عن نعيم بن عبد الله أن عمر بن عبد العزيز قال: إني لأدع كثيرا من الكلام مخافة المباهاة.

أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثني عمر بن علي عن عبد الله بن أبي هلال قال: كتب عمر بن عبد العزيز في المحابيس: لا يقيد أحد بقيد يمنع من تمام الصلاة.

أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا عمر بن علي قال: سمعت أبا سعيد مولى لثقيف قال: أول كتاب قرأه عبد الحميد من عمر بن عبد العزيز كتاب فيه سطر: أما بعد فما بقاء الإنسان بعد وسوسة شيطان وجور سلطان. فإذا أتاك كتابي هذا فأعط كل ذي حق حقه والسلام.

أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا رجاء أبو المقدام عن عمرو بن قيس أن عمر بن عبد العزيز بعثه على الصائفة فقال له: يا عمرو لا تكن أول الناس فتقتل فينهزم أصحابك ولا تكن آخرهم فتثبطهم وتجنبهم.

ولكن كن وسطهم حيث يرون مكانك ويسمعون كلامك. وفاد من قدرت عليه من المسلمين وأرقائهم وأهل ذمتهم.

أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا بشر بن المفضل قال: حدثنا خالد الحذاء قال: كان عمر بن عبد العزيز لا يبسط وسائد العامة للخاصة ولا يسرج سراج العامة للخاصة. وكان لا يأكل من طعام الخاصة فقيل له: إنك إذا أمسكت بيدك أمسك الناس بأيديهم. فأمر بثلاثة دراهم أو أربعة دراهم فألقيت في الطعام فجعل يأكل معهم.

أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن زيد قال: أخبرنا يحيى بن سعيد قال: كتب عبد الحميد بن عبد الرحمن إلى عمر بن عبد العزيز: إنه رفع إلي رجل يسبك. وربما قال حماد: يشتمك. فهممت أن أضرب عنقه فحبسته وكتبت إليك لأستطلع في ذلك رأيك. فكتب إليه: أما إنك لو قتلته لأقدتك به. إنه لا يقتل أحد بسب أحد إلا من سب النبي صلى الله عليه وسلم فاسببه إن شئت أو خل سبيله.

أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا عباد بن عباد قال: حدثني مزاحم بن زفر قال: قدمت على عمر بن عبد العزيز في وفد أهل الكوفة فيسألنا عن بلدنا وأميرنا وقاضينا. ثم قال: خمس إن أخطأ القاضي منهن خصلة كانت فيه وصمة. أن يكون فهيما وأن يكون حليما وأن يكون عفيفا وأن يكون صليبا وأن يكون عالما يسأل عما لا يعلم.

أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي قال: حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن عمر بن عبد العزيز قال: لا ينبغي للقاضي أن يكون قاضيا حتى تكون فيه خمس خصال: عفيف. حليم. عالم بما كان قبله. يستشير ذوي الرأي. لا يبالي ملامة الناس.

أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا أبو المقدام هشام قال: حدثني يحيى بن فلان قال: قدم محمد بن كعب القرظي على عمر بن عبد العزيز. قال: وكان عمر حسن الجسم. قال فجعل ينظر إليه نظرا شديدا لا يطرف. قال فقال: يا ابن كعب. ما لي أراك تنظر إلي نظرا لم تكن تنظر إلي قبل ذلك؟ قال: يا أمير المؤمنين عهدي بك حسن الجسم وأراك وقد اصفر لونك ونحل جسمك وذهب شعرك. فقال: يا ابن كعب فكيف بك لو قد رأيتني في قبري بعد ثلاث وقد انتدرت الحدقتان على وجنتي وسال منخراي وفمي صديدا ودودا لكنت لي أشد نكرة.

أخبرنا شبابة بن سوار قال: أخبرني عيسى بن ميمون قال: أخبرنا محمد بن كعب القرظي قال: قدمت على عمر بن عبد العزيز في خلافته فجعلت أديم النظر إليه فقال: يا ابن كعب إنك لتنظر إلي نظرا لم تكن تنظره إلي بالمدينة. قال قلت: أجل يا أمير المؤمنين. إنه ليعجبني ما أرى مما قد نحل من جسمك وعفا من شعرك وحال من لونك. فقال عمر: فكيف لو قد رأيتني بعد ثلاثة في القبر وقد خرج الدود من منخري وسالت حدقتي على وجنتي فأنت حينئذ أشد نكرة. ثم قال: الحديث الذي حدثتني به عن ابن عباس أعده علي. قال فقلت: [حدثنا عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل شيء شرفا وأشرف المجالس ما استقبل به القبلة. وإنما تجالسون بالأمانة ولا تيمموا بالنيام ولا بالمتحدثين. ولا تستروا الجدر. واقتلوا الحية والعقرب في الصلاة].

أخبرنا محمد بن يزيد بن خنيس المكي عن وهيب بن الورد قال: بلغنا أن محمد بن كعب القرظي دخل على عمر بن عبد العزيز فرآه عمر يشد النظر إليه.

قال فقال له: يا ابن كعب إني لأراك تشد النظر إلي نظرا ما كنت تنظر إلي قبل هذا. فقال محمد: العجب العجب يا أمير المؤمنين لما تغير من حالك بعدنا.

فقال له عمر: وهل بنت ذلك مني؟ فقال له محمد بن كعب: الأمر أعظم من ذلك إلا أنه يكون استبان ذلك منك. فقال له عمر: يا ابن كعب فكيف لو رأيتني بعد ثلاث وقد أدخلت قبري وقد خرجت الحدقتان فسالتا على الوجنتين وتقلصت الشفتان عن الأسنان وفتح الفم وارتفع البطن فعلي فوق الصدر وخرج القصب من الدبر؟ فقال محمد بن كعب: يا عبد الله إن كنت قد ألهمت هذا الأمر نفسك فانظر أن تنزل عباد الله عندك ثلاث منازل. أما من هو أكبر منك فأنزله كأنه أب لك. وأما من كان بسنك فأنزله كأنه أخ لك. وأما من كان أصغر منك فأنزله كأنه ابن لك. فأي هؤلاء تحب أن تسيء إليه أو يرى منك بعض ما يكره؟ قال عمر: ولا إلى أحد منهم يا عبد الله.

أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد قال: قال عمر بن عبد العزيز: من جعل دينه عرضا للخصومات أكثر التنقل.

أخبرنا سليمان بن حرب قال: حدثنا عمر بن علي بن مقدم عن عبد ربه عن ميمون بن مهران قال: كنت في سمر عند عمر بن عبد العزيز ليلة فتكلم فوعظ.

قال ففطن لرجل خذف بدمعته فسكت. فقلت: يا أمير المؤمنين عد لمنطقك لعل الله أن ينفع بك من بلغه وسمعه. فقال: يا ميمون إن الكلام فتنة وإن الفعل أولى بالمرء من القول.

أخبرنا سليمان بن حرب قال: حدثنا عمر بن علي بن مقدم عن عبد ربه عن ميمون بن مهران قال: كنت ليلة في سمر عمر بن عبد العزيز فقلت: يا أمير المؤمنين ما بقاؤك على ما أرى؟ أنت بالنهار في حوائج الناس وأمورهم وأنت معنا الآن ثم الله أعلم ما تخلو عليه. قال فعدى عن جوابي وقال: يا ميمون إني وجدت لقي الرجال تلقيحا لألبابهم.

أخبرنا عمرو بن عاصم قال: حدثنا سلام أن عمر بن عبد العزيز صعد المنبر فقال: يا أيها الناس اتقوا الله فإن في تقوى الله خلفا من كل شيء دونه. وليس لتقوى الله خلف. يا أيها الناس اتقوا وأطيعوا من أطاع الله ولا تطيعوا من عصى الله.

أخبرنا عارم بن الفضل قال: أخبرنا حماد بن زيد عن سفيان بن سعيد عن رجل من أهل مكة عن عمر بن عبد العزيز قال: من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح. ومن لم يعد كلامه من عمله كثرت خطاياه. والرضا قليل ومعول المؤمن الصبر.

حدثنا عارم بن الفضل قال: أخبرنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز قال: ما أصبح لي اليوم في الأمور هوى إلا في مواقع قضاء الله فيها.

أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: حدثنا محمد بن عمرو أن عنبسة بن سعيد قال لعمر بن عبد العزيز: إن الخلفاء قبلك كانوا يعطوننا عطايا وإني أراك قد ظلفت هذا المال عن نفسك وأهلك وإن لنا عيالات فأذن لنا أن نرجع إلى ضياعنا وإخاذاتنا. فقال: أما إن أحبكم إلي من فعل ذلك. فلما قفى دعاه عمر فقال: يا عنبسة أكثر ذكر الموت فإنك لا تكون في ضيق من أمرك ومعيشتك فتذكر الموت إلا اتسع ذلك عليك. ولا تكون في سرور من أمرك وغبطة فتذكر الموت إلا ضيق ذلك عليك.

أخبرنا عبيد الله بن محمد القرشي التيمي قال: حدثنا عمارة بن راشد قال: سمعت محمد بن الزبير الحنظلي قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز. أحسبه قال. ليلة وهو يتعشى كسرا وزيتا. قال فقال: ادن فكل. قال قلت: بئس طعام المقرور. قال فأنشدني:

وأنشد بيتا ثالثا قافيته:

#ليأكل رأس لقمان بن عاد

قال قلت: يا أمير المؤمنين ما كنت أرى هذا البيت فيها. قال: بلى هو فيها.

قال عبيد الله: وصدر هذا البيت:

قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد التيمي قال: سمعت أبي وغيره يحدث أن عمر بن عبد العزيز لما ولي منع قرابته ما كان يجري عليهم وأخذ منهم القطائع التي كانت في أيديهم. قال فشكوه إلى عمته أم عمر. قال فدخلت عليه فقالت: إن قرابتك يشكونك ويزعمون ويذكرون أنك أخذت منهم خير غيرك. قال: ما منعتهم حقا أو شيئا كان لهم ولا أخذت منهم حقا أو شيئا كان لهم. فقالت: إني رأيتهم يتكلمون وإني أخاف أن يهيجوا عليك يوما عصيبا. فقال: كل يوم أخافه دون يوم القيامة فلا وقاني الله شره. قال فدعا بدينار وجنب ومجمرة فألقى ذلك الدينار في النار وجعل ينفخ على الدينار حتى إذا احمر تناوله بشيء فألقاه على الجنب فنش وقتر فقال: أي عمة أما تأوين لابن أخيك من مثل هذا؟ قال فقامت فخرجت على قرابته فقالت: تروجون إلى عمر فإذا نزعوا الشبه جزعتم. اصبروا له.

أخبرنا عبيد الله بن محمد قال: أخبرني أبي قال: قيل لعمر بن عبد العزيز غيرت كل شيء حتى مشيتك. قال: والله ما رأيتها كانت إلا جنونا. وكان إذا مشى خطر بيديه.

أخبرنا علي بن محمد عن عمر بن مجاشع قال: خرج عمر بن عبد العزيز يوما إلى المسجد فخطر خطرة بيده ثم أمسك وبكى. قالوا: ما أبكاك يا أمير المؤمنين؟ قال: خطرت بيدي خطرة خفت أن يغلها الله في الآخرة.

أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: أخبرنا سفيان عن جعفر بن برقان قال: جاء رجل إلى عمر بن عبد العزيز فسأله عن شيء من الأهواء فقال: الزم دين الصبي في الكتاب والأعرابي. واله عما سوى ذلك.

أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان عن عمرو بن ميمون قال: كانت العلماء مع عمر بن عبد العزيز تلامذة.

أخبرنا قبيصة قال: حدثنا سفيان عن رجل قال: نال رجل من عمر بن عبد العزيز فقيل له: ما يمنعك منه؟ فقال: إن المتقي ملجم.

أخبرنا قبيصة قال: حدثنا سفيان عن شيخ من بني سدوس عن أبي مجلز أن عمر بن عبد العزيز نهى أن يذهب إليه في النيروز والمهرجان بشيء.

أخبرنا مالك بن إسماعيل النهدي قال: حدثني سهل بن شعيب أن ربيعة الشعوذي حدثهم قال: ركبت البريد إلى عمر بن عبد العزيز فانقطع في بعض أرض الشام فركبت السخرة حتى أتيته وهو بخناصرة فقال: ما فعل جناح المسلمين؟ قال قلت: وما جناح المسلمين يا أمير المؤمنين؟ قال: البريد. قال قلت: انقطع في أرض أو مكان كذا وكذا. قال: فعلى أي شيء أتيتنا؟ قال قلت: على السخرة تسخرت دواب النبط. قال: تسخرون في سلطاني؟ قال فأمر بي فضربت أربعين سوطا. رحمه الله.

أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدثني أبو العلاء بياع المشاجب قال: قرئ علينا كتاب عمر بن عبد العزيز. رحمه الله. في مسجد الكوفة وأنا أسمع: من كانت عليه أمانة لا يقدر على أدائها فأعطوه من مال الله. ومن تزوج امرأة فلم يقدر أن يسوق إليها صداقها فأعطوه من مال الله. والنبيذ حلال فاشربوه في السعن. قال فشربه الناس أجمعون.

قال أبو العلاء: فكان إذا كان عرس جعلوا سعنا يسع عشر خوابئ.

أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدثني جدي يونس بن عبد الله التميمي اليربوعي قال: كتب عبد الحميد بن عبد الرحمن إلى عمر بن عبد العزيز: إن هاهنا ألف رأس كان للحجاج. أو عند الحجاج. قال فكتب إليه عمر أن بعهم واقسم أثمانهم في أهل الكوفة. قال فقال للناس: ارفعوا. أي اكتبوا. قال فأدغلوا وكتبوا الباطل. قال فكتب إلى عمر: إن الناس قد أدغلوا. قال فكتب إليه عمر: نوليهم من ذلك ما ولانا الله. أعطهم على ما رفعوا. قال فأصاب الناس سبعة دراهم سبعة دراهم. قال وكان كل يوم يجيء خير من عمر بن عبد العزيز.

أخبرنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز إن عمر بن عبد العزيز كتب إلى صاحب بيت الضرب بدمشق: إن من أتاك من فقراء المسلمين بدينار ناقص فأبدله له بوازن.

أخبرنا الوليد بن مسلم عن ابن ثوبان أن عمر بن عبد العزيز أخذ الصدقة من حقها وأعطاها في حقها. وأعطى العاملين بقدر عمالتهم عليها مثل ما يعطى مثلهم وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أقمت فريضة من فرائضه.

أخبرنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي قال: حدثني عمرو بن مهاجر أن عمر بن عبد العزيز كان يقول: كل واعظ قبلة.

أخبرنا محمد بن مصعب القرقساني قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي مريم أن عمر بن عبد العزيز جعل العرب والموالي في الرزق والكسوة والمعونة والعطاء سواء غير أنه جعل فريضة المولى المعتق خمسة وعشرين دينارا.

أخبرنا محمد بن مصعب قال: أخبرنا الأوزاعي عن عمرو بن مهاجر أبي عبيد قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: لو كنت أؤدب الناس على شيء أضربهم عليه لضربتهم على القيام أول ما يأخذ المؤذن في الإقامة ليعدل الرجل من عن يمينه ومن عن يساره.

أخبرنا محمد بن مصعب قال: حدثنا الأوزاعي قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أمراء الأجناد: ولا تركبن دابة في الغزو إلا أضعف دابة تصيبها في الجيش سيرا.

أخبرنا عمر بن سعيد قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز أن عمر بن عبد العزيز استؤمر في البسط على العمال فقال: يلقون الله بخيانتهم أحب إلي من أن ألقاه بدمائهم.

أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي قال: أخبرنا أبو المليح عن ميمون قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عامله: أما بعد فخل بين أهل الأرض وبين بيع ما في أيديهم من أرض الخراج فإنهم إنما يبيعون فيء المسلمين والجزية الراتبة.

أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: أخبرنا أبو المليح عن ميمون قال: دخل عامل لعمر بن عبد العزيز عليه فقال: كم جمعت من الصدقة؟ فقال: كذا وكذا. قال: فكم جمع الذي كان قبلك؟ قال: كذا وكذا. فسمى شيئا أكثر من ذلك. فقال عمر: من أين ذاك؟ قال: يا أمير المؤمنين إنه كان يؤخذ من الفرس دينار ومن الخادم دينار ومن الفدان خمسة دراهم وإنك طرحت ذلك كله. قال: لا والله ما ألقيته ولكن الله ألقاه.

أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا أبو المليح قال: كتب عمر بن عبد العزيز بإباحة الجزائر وقال: إنما هو شيء أنبته الله فليس أحد أحق به من أحد.

أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا أبو المليح قال: جاءت كتب عمر بن عبد العزيز بإحياء السنة وإماتة البدع. وإنه ينبغي لكم أن يكون ظنكم بي أن لا حاجة لي في أموالكم لا ما في يدي ولا ما في أيديكم. إنه حري على من انتهك معاصي الله في عقوبته إياه.

أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: أخبرنا أبو المليح عن فرات بن مسلم قال: اشتهى عمر بن عبد العزيز التفاح فبعث إلى بيته فلم يجد شيئا يشترون له به.

فركب وركبنا معه فمر بدير فتلقاه غلمان للديرانيين معهم أطباق فيها تفاح. فوقف على طبق منها فتناول تفاحة فشمها ثم أعادها إلى الطبق ثم قال: ادخلوا ديركم. لا أعلمكم بعثتم إلى أحد من أصحابي بشيء. قال فحركت بغلتي فلحقته فقلت: يا أمير المؤمنين اشتهيت التفاح فلم يجدوه لك فأهدي لك فرددته. قال: لا حاجة لي فيه. فقلت: ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يقبلون الهدية؟ قال: إنها لأولئك هدية وهي للعمال بعدهم رشوة.

أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: أخبرنا أبو المليح عن فرات بن مسلم قال: كنت أعرض على عمر بن عبد العزيز كتبي في كل جمعة فعرضتها عليه فأخذ منها قرطاسا قدر شبر أو أربع أصابع بقي فكتب فيه حاجة له. فقلت: غفل أمير المؤمنين. فلما كان من الغد بعث إلي أن تعال وجيء بكتبك. فجئته بها فبعثني في حاجة. فلما جئت قال: ما نال لنا أن ننظر في كتبك بعد. قلت: لا إنما نظرت فيها أمس. قال: خذها حتى أبعث إليك. فلما فتحت كتبي وجدت فيها قرطاسا قدر قرطاسي الذي أخذ.

أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: أخبرنا ابن المبارك عن معمر قال: كتب عمر بن عبد العزيز: أما بعد فلا تخرجن لأحد من العمال رزقا في العامة والخاصة فإنه ليس لأحد أن يأخذ رزقا من مكانين في الخاصة والعامة. ومن كان أخذ من ذلك شيئا فاقبضه منه ثم أرجعه إلى مكانه الذي قبض منه والسلام.

أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: أخبرنا ابن المبارك عن معمر أن عمر بن عبد العزيز كتب: أما بعد فاستوص بمن في سجونك وأرضك خيرا حتى لا تصيبهم ضيعة. وأقم لهم ما يصلحهم من الطعام والإدام.

أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو قال: كتب عمر بن عبد العزيز لا تخصوني بشيء من الدعاء. ادعوا للمؤمنين والمؤمنات عامة فإن أكن منهم أدخل فيهم.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن خالد السكري قال: حدثنا أبو المليح قال: كتب عمر بن عبد العزيز: إن إقامة الحدود عندي كإقامة الصلاة والزكاة.

أخبرنا كثير بن هشام قال: أخبرنا جعفر بن برقان قال: كتب عمر بن عبد العزيز: إني ظننت إن جعل العمال على الجسور والمعابر أن يأخذوا الصدقة على وجهها فتعدى عمال السوء غير ما أمروا به. وقد رأيت أن أجعل في كل مدينة رجلا يأخذ الزكاة من أهلها. فخلوا سبل الناس في الجسور والمعابر.

حدثنا كثير بن هشام قال: أخبرنا جعفر بن برقان قال: حدثني يزيد بن الأصم قال: كنت جالسا عند سليمان بن عبد الملك فجاء رجل يقال له أيوب.

وكان على جسر منبج. يحمل مالا مما يؤخذ على الجسر. فقال عمر بن عبد العزيز: هذا رجل مترف يحمل مال سوء. فلما قدم عمر خلى سبيل الناس من الجسور والمعابر.

أخبرنا محمد بن يزيد بن خنيس المكي قال: سمعت وهيب بن الورد قال: بلغنا أن عمر بن عبد العزيز اتخذ دار الطعام للمساكين والفقراء وابن السبيل. قال وتقدم إلى أهله: إياكم أن تصيبوا من هذه الدار شيئا من طعامها فإنما هو للفقراء والمساكين وابن السبيل. فجاء يوما فإذا مولاة له معها صحفة فيها غرفة من لبن فقال لها: ما هذا؟ قالت: زوجتك فلانة حامل كما قد علمت واشتهت غرفة من لبن. والمرأة إذا كانت حاملا فاشتهت شيئا فلم تؤت به تخوفت على ما في بطنها أن يسقط. فأخذت هذه الغرفة من هذه الدار. فأخذ عمر بيدها فتوجه بها إلى زوجته هو عالي الصوت وهو يقول: إن لم يمسك ما في بطنها إلا طعام المساكين والفقراء فلا أمسكه الله. فدخل على زوجته فقالت له: ما لك؟ قال: تزعم هذه أنه لا يمسك ما في بطنك إلا طعام المساكين والفقراء. فإن لم يمسكه إلا ذلك فلا أمسكه الله. قالت زوجته: رديه ويحك. والله لا أذوقه. قال: فردته.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس قال: حدثني أبي عن سهيل بن أبي صالح أن عمر بن عبد العزيز قال: لا يقتل أحد في سب أحد إلا في سب نبي.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس قال: حدثنا مالك بن أنس. بلغه أن عمر بن عبد العزيز قال: من كان له شأن غير هذا الشأن فإنه كان من شأني الذي كتب الله أن ألزم عاملا منه بما علمت ومقصرا فيه عما قصرت. فما كان من خير أتيته فبعون الله ودليلاه وإليه أرغب في بركته. وما كان غير ذلك فأستغفر الله لذنبي العظيم.

أخبرنا الحسن بن موسى قال: حدثنا حماد بن سلمة عن أبي سنان قال: كان عمر بن عبد العزيز إذا قدم بيت المقدس نزل الدار التي أنا فيها ثم قال: يا أبا سنان لا يطبخن أحد من أهل الدار قدرا حتى أخرج. وكان إذا أوى إلى فراشه قرأ بصوت له حسن حزين: {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض} الأعراف: 54. إلى آخر الآية. ثم يقرأ: {أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون} الأعراف: 97. إلى قوله: {وهم يلعبون} الأعراف: 98. ويتتبع نحو هذه الآيات.

أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا محمد بن أبي عيينة المهلبي قال: قرأت رسالة عمر بن عبد العزيز إلى يزيد بن المهلب: سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد فإن سليمان بن عبد الملك كان عبدا من عباد الله قبضه الله على أحسن أحيانه وأحواله. فرحمه الله. واستخلفني فبايع لي من قبلك وليزيد بن عبد الملك إن كان من بعدي. ولو كان الذي أنا فيه لاتخاذ أزواج واعتقاد أموال كان الله قد بلغ بي أحسن ما بلغ بأحد من خلقه. ولكني أخاف حسابا شديدا ومسألة لطيفة إلا ما أعان الله. والسلام عليك ورحمة الله.

أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا عمر بن بهرام الصراف قال: قرئ كتاب عمر بن عبد العزيز علينا: بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عدي بن أرطأة ومن قبله من المسلمين والمؤمنين. سلام عليكم.

فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد فانظر أهل الذمة فارفق بهم. وإذا كبر الرجل منهم وليس له مال فأنفق عليه. فإن كان له حميم فمر حميمه ينفق عليه. وقاصه من جراحه كما لو كان لك عبد فكبرت سنه لم يكن لك بد من أن تنفق عليه حتى يموت أو يعتق. قال: وبلغني أنك تأخذ من الخمر العشور فتبقيه في بيت مال الله. فإياك أن تدخل بيت مال الله إلا طيبا. والسلام عليكم.

أخبرنا قبيصة قال: حدثنا سفيان عن الأوزاعي عن رجل عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى عامل له: إياك والمثلة جر الرأس واللحية.

أخبرنا قبيصة بن عقبة عن هارون البربري عن عبد الرحمن الطويل قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى ميمون بن مهران: كتبت إلي يا ميمون تذكر شدة الحكم والجباية. وإني لم أكلفك من ذلك ما يعنتك. أجب الطيب من الحق واقض بما استنار لك من الحق فإذا التبس عليك أمر فارفعه إلي. فلو أن الناس إذا ثقل عليك أمر تركوه ما قام دين ولا دنيا. قال: وكنت أنا على ديوان دمشق ففرضوا لرجل زمن. فقلت: الزمن ينبغي أن يحسن إليه فأما أن يأخذ فريضة رجل صحيح فلا. فشكوني إلى عمر بن عبد العزيز فقالوا: إنه يتعنتنا ويشق علينا ويعسرنا. قال فكتب إلي: إذا أتاك كتابي هذا فلا تعنت الناس ولا تعسرهم ولا تشق عليهم فإني لا أحب ذلك.

أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي قال: حدثنا عبد الرحمن بن حسن عن أبيه أن عمر بن عبد العزيز كتب في المعادن: إني نظرت فيها فوجدت نفعها خاصا وضرها عاما. فامنع الناس العمل فيها. وكتب: فما حمي من الأرض ألا يمنع أحد مواقع القطر. فأبح الأحماء ثم أبحها.

أخبرنا أحمد بن محمد قال: حدثنا عبد الرحمن بن حسن عن أبيه أن عمر بن عبد العزيز كتب: أن لا تلبس أمة خمارا ولا يتشبهن بالحرائر.

أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد قال: حدثنا عبد الرحمن بن حسن عن أيوب بن موسى قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عروة عامله على اليمن: أما بعد فإني أكتب إليك آمرك أن ترد على المسلمين مظالمهم فتراجعني ولا تعرف بعد مسافة ما بيني وبينك ولا تعرف أحداث الموت. حتى لو كتبت إليك أن اردد على مسلم مظلمة شاة لكتبت ارددها عفراء أو سوداء. فانظر أن ترد على المسلمين مظالمهم ولا تراجعني.

أخبرنا علي بن عبد الله بن جعفر قال: قال سفيان: قالوا لعبد الملك بن عمر بن عبد العزيز: أبوك خالف قومه وفعل وصنع. فقال: إن أبي يقول قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم*. قال ثم دخل على أبيه فأخبره فقال: فأي شيء قلت. ألا قلت إن أبي يقول إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم؟ * قال: قد فعلت.

أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان عن رجل عن عمر بن عبد العزيز قال: قال له رجل: أبقاك الله. فقال: هذا قد فرغ منه. ادع بالصلاح.

أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان عن إسماعيل بن عبد الملك عن عون عن عمر بن عبد العزيز قال: ما يسرني باختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حمر النعم.

أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان عن جعفر بن برقان أن عمر بن عبد العزيز كتب في رسالته: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب بها أما بعد.

أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان قال: بلغني أن عمر بن عبد العزيز رأى امرأة له أو ابنة له نائمة مستلقية فنهاها.

أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان عن عمر بن سعيد بن أبي حسين قال: كان مؤذن لعمر بن عبد العزيز إذا أذن رعد فسمع جارية له تقول: قد أذن الراعبي. فبعث إليه: أذن أذانا سمحا ولا تغنه وإلا فاجلس في بيتك.

أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدثني أبو بكر بن عياش قال: حدثني طلحة بن يحيى قال: بعث ببغلة له. يعني عمر بن عبد العزيز. إلى الرعي ما قدر على علفها. قال ثم باعها.

أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدثنا أبو شهاب عن محمد بن النضر قال: ذكروا اختلاف أصحاب محمد عند عمر بن عبد العزيز فقال: أمر أخرج الله أيديكم منه ما تعملون ألسنتكم فيه.

أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدثنا أبو عوانة عن قتادة قال: كان عمر بن عبد العزيز يأخذ من أهل الديوان صدقة الفطر نصف درهم.

أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: أخبرنا زهير عن يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عمر بن عبد العزيز قال: إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة فإذا المعاصي ظهرت فقد استحلوا العقوبة جميعا.

أخبرنا مطرف بن عبد الله اليساري قال: أخبرنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أسامة قال: كان عمر بن عبد العزيز إذا صلى الجمعة بعث الحرس وأمرهم أن يقوموا على أبواب المسجد ولا يمر عليهم رجل مصفف شعره لا يفرقه إلا جزوه.

أخبرنا سعيد بن منصور قال: حدثنا عيسى بن يونس عن عبد الله بن مسلم بن هرمز قال: حدثتني حميدة حاضنة عمر بن عبد العزيز أن عمر بن عبد العزيز كان ينهى بناته أن ينمن مستلقيات وقال: لا يزال الشيطان مطلا على إحداكن إذا كانت مستلقية يطمع فيها.

أخبرنا سعيد بن منصور قال: حدثنا خلف بن خليفة عن أبي هاشم أن عدي بن أرطأة كتب إلى عمر بن عبد العزيز: إن أهل البصرة قد أصابهم من الخير حتى خشيت أن يبطروا فكتب إليه عمر: إن الله رضي من أهل الجنة حين أدخلهم الجنة أن قالوا الحمد لله. فمر من قبلك فليحمدوا الله.

أخبرنا سعيد بن منصور قال: حدثنا جرير عن مغيرة قال: كان لعمر بن عبد العزيز سمار ينظرون في أمور الناس. وكان علامة ما بينه وبينهم إذا أراد القيام أن يقول: إذا شئتم.

أخبرنا سعيد بن منصور قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة قال: قال عمر بن عبد العزيز: لولا أن أنعش سنة أو أسير بحق ما أحببت أن أعيش فواقا.

أخبرنا سعيد بن منصور قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبيه قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطأة أن ضع عن الناس المائدة والنوبة والمكس. ولعمري ما هو بالمكس ولكنه البخس الذي قال الله: {ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين} الأعراف: 85. فمن أدى زكاة ماله فاقبل منه ومن لم يأت فالله حسيبه.

أخبرنا سعيد بن منصور قال: أخبرنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبيه قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله: إن قدرت أن تكون في العدل والإحسان والإصلاح كقدر من كان قبلك في الجور والعدوان والظلم فافعل. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أخبرنا سعيد بن منصور قال: أخبرنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبيه أن رجلا قال لعمر بن عبد العزيز: السلام عليك يا أمير المؤمنين. فقال: عم بسلامك.

أخبرنا سعيد بن منصور قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبيه أن حيان بن شريح عامل عمر بن عبد العزيز على مصر كتب إليه: إن أهل الذمة قد أسرعوا في الإسلام وكسروا الجزية. فكتب إليه عمر: أما بعد فإن الله بعث محمدا داعيا ولم يبعثه جابيا. فإذا أتاك كتابي هذا فإن كان أهل الذمة أسرعوا في الإسلام وكسروا الجزية فاطو كتابك وأقبل.

حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن أبي سهيل نافع بن مالك قال: تلا عمر بن عبد العزيز: {إنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم} الصافات: 161 - 163. فقال لي: يا أبا سهيل ما تركت هذه الآية للقدرية حجة. الرأي فيهم ما هو؟ قال قلت: أن يستتابوا فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم. قال: ذاك الرأي ذاك الرأي.

أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي قال: أخبرنا عدة من أصحابنا سليمان بن عمر بن عبد الله ومحمد بن سليمان ومحمد بن دينار عن محمد بن مسلم الطائفي عن إبراهيم بن ميسرة قال: ما رأيت عمر بن عبد العزيز ضرب أحدا في خلافته غير رجل واحد تناول من معاوية فضربه ثلاثة أسواط.

أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد عن عبد الرحمن بن حسن عن أبيه قال: حضرت عمر بن عبد العزيز وهو يختصم إليه ناس من قريش فطفق بعضهم يرفد بعضا فقال لهم عمر: إياي والترافد. لو كان هذا أمرا تقدمت إليكم فيه لأنكرتموني. قال ثم جاءه شهود يشهدون فطفق المشهود عليه يحمج إلى الشاهد النظر فقال عمر: يا ابن سراقة يوشك الناس أن لا يشهد بينهم بحق. إني لأراه يحمج إلى الشاهد النظر. فأيما رجل آذى شاهد عدل فاضربه ثلاثين سوطا وقفه للناس.

أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي قال: حدثنا عطاف بن خالد عن رجل عن ابن شهاب أنه دخل على عمر بن عبد العزيز فحدثه فأكثر فقال عمر: ما تحدثنا شيئا إلا وقد سمعناه. ولكنك تذكر وتنسى.

أخبرنا محمد بن معاوية قال: حدثنا داود بن خالد عن محمد بن قيس أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله بمصر: لا تبلغ في العقوبة أكثر من ثلاثين سوطا إلا في حد من حدود الله.

أخبرنا محمد بن معاوية قال: حدثنا داود بن خالد عن محمد بن قيس أن عمر بن عبد العزيز أمر أن لا يسخن ماؤه الذي يتوضأ به ويغتسل به في مطبخ العامة.

أخبرنا محمد بن ربيعة الكلابي عن جعفر بن برقان قال: كتب عمر بن عبد العزيز: من استطاع أن يخرج إلى العيد ماشيا فليمش.

أخبرنا محمد بن ربيعة عن طلحة بن يحيى قال: كان عمر بن عبد العزيز لا يكبر على جنازة حتى ينفض الحنوط عنها.

أخبرنا محمد بن ربيعة عن إسماعيل بن رافع قال: أمنا عمر بن عبد العزيز في كنيسة بعد ما استخلف.

أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا عثمان بن عبد الحميد بن لاحق قال: حدثنا أبي قال: قرأ رجل عند عمر بن عبد العزيز وعنده رهط فقال رجل من القوم: لحن. فقال عمر: أما شغلك ما سمعت عن اللحن؟

أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا عثمان بن عبد الحميد قال: أخبرنا موسى بن رياح بن عبيدة عن أخيه الخيار قال: كنت في مجلس. قال فجاءنا عمر بن عبد العزيز. قال وذلك قبل أن يستخلف فقعد ولم يسلم. قال فذكر فقام فسلم ثم قعد.

أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثني الحارث بن عبيد قال: حدثنا مطر الوراق عن رجاء بن حيوة قال: قال عمر بن عبد العزيز لمكحول: إياك أن تقول في القدر ما يقول هؤلاء. يعني غيلان وأصحابه.

أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال: حدثني ابن لهيعة قال: سمعت الربيع بن سبرة يقول: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عامله: أن لا تجعل قريحا في الترياق إلا حية ذكية.

أخبرنا أحمد بن محمد الأزرقي قال: حدثنا عبد الرحمن بن حسن بن القاسم الأزرقي عن أبيه. وكان خاله الجراح بن عبد الله الحكمي. أنه كان عند عمر بن عبد العزيز ونفر من قريش يختصمون إليه فقضى بينهم. فقال المقضي عليه: أصلحك الله! إن لي بينة غائبة. فقال عمر: إني لا أؤخر القضاء بعد أن رأيت الحق لصاحبه. ولكن انطلق أنت فإن أتيتني ببينة وحق هو أحق من حقهم فأنا أول من رد قضاءه على نفسه.

أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد قال: حدثنا عبد الرحمن بن حسن عن أبيه أن عمر بن عبد العزيز كتب وهو خليفة إلى عامله على خراسان الجراح بن عبد الله الحكمي يأمره أن يدعو أهل الجزية إلى الإسلام فإن أسلموا قبل إسلامهم ووضع الجزية عنهم. وكان لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين. فقال له رجل من أشراف أهل خراسان: إنه والله ما يدعوهم إلى الإسلام إلا أن توضع عنهم الجزية.

فامتحنهم بالختان. فقال: أنا أردهم عن الإسلام بالختان؟ هم لو قد أسلموا فحسن إسلامهم كانوا إلى الطهرة أسرع. فأسلم على يده نحو من أربعة آلاف.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق العبدي عن سيار قال: حدثنا جعفر قال: حدثنا مالك بن دينار قال: لما استعمل عمر بن عبد العزيز على الناس قالت رعاء الشاء في رؤوس الجبال: من هذا العبد الصالح الذي قام على الناس؟ قيل لهم: وما علمكم بذاك؟ قالوا: إنه إذا قام على الناس خليفة عدل كفت الذئاب عن شائنا.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن حماد بن زيد قال: حدثني موسى بن أعين راع كان لمحمد بن أبي عيينة قال: كنا نرعى الشاء بكرمان في خلافة عمر بن عبد العزيز فكانت الشاء والذئاب والوحش ترعى في موضع واحد. فبينا نحن ذات ليلة إذ عرض الذئب لشاة فقلنا ما أرى الرجل الصالح إلا قد هلك.

قال حماد: فحدثني هو أو غيره أنهم نظروا فوجدوه هلك في تلك الليلة.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق قال: حدثني محمد بن عيسى قال: حدثني إبراهيم بن بكار من أهل الرقة قال: حدثني يونس بن أبي شبيب قال: رأيت عمر بن عبد العزيز يطوف بالبيت قبل أن يستخلف وإن حجزة إزاره لغائبة في عكنه. ثم رأيته بعد ما استخلف ولو شئت أن أعد أضلاعه من غير أن أمسها لفعلت.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق قال: حدثني محمد بن عيسى قال: حدثني إبراهيم بن بكار قال: حدثني يونس بن أبي شبيب قال: شهدت عمر بن عبد العزيز في بعض الأعياد. وقال جاء أشراف الناس حتى حفوا بالمنبر وبينهم وبين الناس فرجة. فلما جاء عمر صعد المنبر وسلم عليهم. فلما رأى الفرجة أومأ إلى الناس أن تقدموا فتقدموا حتى اختلطوا بهم.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن حماد بن زيد عن أبي هاشم صاحب الرمان أن رجلا جاء إلى عمر بن عبد العزيز فقال: رأيت فيما يرى النائم كن بني هاشم شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الحاجة فقال لهم: فأين عمر بن عبد العزيز؟.

أخبرنا مالك بن إسماعيل قال: حدثنا جويرية بن أسماء قال: سمعت فاطمة بنت علي بن أبي طالب ذكرت عمر بن عبد العزيز فأكثرت الترحم عليه وقالت: دخلت عليه وهو أمير المدينة يومئذ فأخرج عني كل خصي وحرسي حتى لم يبق في البيت غيري وغيره. ثم قال: يا بنت علي والله ما على ظهر الأرض أهل بيت أحب إلي منكم ولأنتم أحب إلي من أهل بيتي.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا إبراهيم بن جعفر بن محمد الأنصاري عن أبيه قال: كانت فدك صفيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت لابن السبي. وسألته ابنته فدك أن يهبها لها فأبى رسول الله ذلك عليها فلم يطمع فيها طامع. ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك. فولي أبو بكر فسلك بها ما كان رسول الله يفعل. ثم توفي أبو بكر وولي عمر فسلك بها ما كان رسول الله يفعل. ثم كان عثمان فمثل ذلك. فلما كانت الجماعة على معاوية سنة أربعين ولى معاوية مروان بن الحكم المدينة فكتب إلى معاوية يطلب إليه فدك فأعطاه إياها فكانت بيد مروان يبيع ثمرها بعشرة آلاف دينار كل سنة. ثم نزع مروان عن المدينة وغضب عليه معاوية فقبضها منه فكانت بيد وكيله بالمدينة. وطلبها الوليد بن عتبة بن أبي سفيان من معاوية فأبى معاوية أن يعطيه. وطلبها سعيد بن العاص فأبى معاوية أن يعطيه. فلما ولى معاوية مروان المدينة المرة الآخرة ردها عليه بغير طلب من مروان ورد عليه غلتها فيما مضى فكانت بيد مروان فأعطى عبد الملك نصفها وأعطى عبد العزيز بن مروان نصفها. فوهب عبد العزيز نصفها الذي كان بيده لعمر بن عبد العزيز. قال فلما توفي عبد الملك طلب عمر بن عبد العزيز إلى الوليد حقه فوهبه له وطلب إلى سليمان حقه فوهبه له. ثم بقي من أعيان بني عبد الملك حتى خلصت لعمر بن عبد العزيز.

قال جعفر: فلقد ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة وما يقوم به وبعياله إلا هي تغل عشرة آلاف دينار في كل سنة وأقل قليلا وأكثر. فلما ولي الخلافة سأل عن فدك وفحص عنها فأخبر بما كان من أمرها في عهد رسول الله وأبي بكر وعمر وعثمان حتى كان معاوية. قال فكتب عمر إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم كتابا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى أبي بكر بن محمد. سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد فإني نظرت في أمر فدك وفحصت عنه فإذا هو لا يصلح لي ورأيت أن أردها على ما كانت عليه في عهد رسول الله وأبي بكر وعمر وعثمان. وأترك ما حدث بعدهم. فإذا جاءك كتابي هذا فاقبضها وولها رجلا يقوم فيها بالحق. والسلام عليك.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا قدامة بن موسى عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: كتب إلي عمر بن عبد العزيز في خلافته أن افحص لي عن الكتيبة أكانت خمس رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر أم كانت لرسول الله خاصة؟

قال أبو بكر: فسألت عمرة بنت عبد الرحمن فقالت: إن رسول الله لما صالح بني أبي الحقيق جزأ النطاة والشق خمسة أجزاء فكانت الكتيبة جزءا منها. ثم جعل رسول الله خمس بعرات وأعلم في بعرة منها لله مكتوبا. [ثم قال رسول الله: اللهم اجعل سهمك في الكتيبة]. فكانت أول ما خرج السهم الذي مكتوب فيه لله على الكتيبة. فكانت الكتيبة خمس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت السهمان أغفالا ليس فيها علامات. فكانت فوضى للمسلمين على ثمانية عشر سهما.

قال أبو بكر: فكتبت إلى عمر بن عبد العزيز بذلك.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا محمد بن بشر بن حميد المزني عن أبيه قال: دعاني عمر بن عبد العزيز فقال لي: خذ هذا المال الأربعة آلاف دينار أو خمسة آلاف دينار فاقدم بها على أبي بكر بن حزم فقل له فليضم إليه خمسة آلاف أو ستة آلاف حتى يكون عشرة آلاف دينار وأن تأخذ تلك الآلاف من الكتيبة ثم تقسم ذلك على بني هاشم وتسوي بينهم الذكر والأنثى والصغير والكبير سواء. قال ففعل أبو بكر فغضب من ذلك زيد بن حسن فقال لأبي بكر قولا نال فيه من عمر. وكان فيما قال يسوي بيني وبين الصبيان. فقال أبو بكر: لا تبلغ هذه المقالة عنك أمير المؤمنين فيغضبه ذلك وهو حسن الرأي فيكم. قال زيد: فأسألك بالله ألا كتبت إليه تخبره بذلك. فكتب أبو بكر إلى عمر يذكر له أن زيد بن حسن قال مقالة فيها غلظة وأخبره بالذي قال. وقلت: يا أمير المؤمنين إن له قرابة ورحما. فلم يبال عمر وتركه. وكتبت إليه فاطمة بنت حسين تشكر له ما صنع وتقسم بالله: يا أمير المؤمنين لقد أخدمت من كان لا خادم له واكتسي منهم من كان عاريا. فسر بذلك عمر.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الملك عن يحيى بن أبي يعلى قال: لما قدم المال على أبي بكر بن حزم فقسمه أصاب كل إنسان خمسين دينارا. قال فدعتني فاطمة بنت حسين وقالت: اكتب. فكتبت: بسم الله الرحمن الرحيم. لعبد الله عمر أمير المؤمنين من فاطمة بنت حسين. سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد فأصلح الله أمير المؤمنين وأعانه على ما ولاه وعصم له دينه. فإن أمير المؤمنين كتب إلى أبي بكر بن حزم أن يقسم فينا مالا من الكتيبة ويتحرى بذلك ما كان يصنع من كان قبله من الأئمة الراشدين المهديين. فقد بلغنا ذلك وقسم فينا. فوصل الله أمير المؤمنين وجزاه من وال خير ما جزى أحدا من الولاة. فقد كانت أصابتنا جفوة واحتجنا إلى أن يعمل فينا بالحق. فأقسم بالله يا أمير المؤمنين لقد اختدم من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان لا خادم له واكتسى من كان عاريا واستنفق من كان لا يجد ما يستنفق. وبعثت إليه رسولا. قال فأخبرني الرسول. قال فقدمت عليه فقرأ كتابها وإنه ليحمد الله ويشكره وأمر لي بعشرة دنانير وبعث إلى فاطمة بخمسمائة دينار وقال: استعيني بها على ما يعروك. وكتب إليها بكتاب يذكر فضلها وفضل أهل بيتها ويذكر ما أوجب الله لهم

من الحق. قال فقدمت عليها بذلك المال.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني سعيد بن محمد عن جعفر بن محمد أن عمر بن عبد العزيز قسم بينهم سهم ذي القربى بين بني عبد المطلب ولم يعط نساء بني عبد المطلب من غير بني عبد المطلب. وأعطى نساء بني عبد المطلب. لم يجاوز بني عبد المطلب. أخبرنا محمد بن عمر قال: فحدثني إسماعيل بن عبد الملك عن يحيى بن شبل قال: جلست مع علي بن عبد الله بن عباس وأبي جعفر محمد بن علي فجاءهما آت فوقع بعمر بن عبد العزيز. فنهياه وقالا: ما قسم علينا خمس منذ زمن معاوية إلى اليوم. وإن عمر بن عبد العزيز قسمه على بني عبد المطلب. فقلت: فهل أعطى بني عبد المطلب؟ فقالا: ما جاوز به بني عبد المطلب.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني يزيد بن عبد الملك النوفلي عن أبيه قال: لما قدم علينا مال الخمس من عند عمر بن عبد العزيز وقسم من عنده ومن الكتيبة فضة على بني هاشم. الرجال والنساء. فكتب إليه في بني المطلب فكتب إنما هم من بني هاشم فأعطوا.

قال عبد الملك بن المغيرة: فاجتمع نفر من بني هاشم فكتبوا كتابا وبعثوا به مع رسول إلى عمر بن عبد العزيز يتشكرون له ما فعله بهم من صلة أرحامهم وأنهم لم يزالوا مجفيين منذ كان معاوية. فكتب عمر بن عبد العزيز: قد كان رأيي قبل اليوم هذا ولقد كلمت فيه الوليد بن عبد الملك وسليمان فأبيا علي. فلما وليت هذا الأمر تحريت به الذي أظنه أوفق إن شاء الله.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا حكيم بن محمد من بني المطلب قال: لما جاء كتاب عمر أن يقسم على بني هاشم أراد أبو بكر بن حزم تنحيتنا فقالت بنو عبد المطلب: لا نأخذ درهما واحدا حتى يأخذوا. فرددنا أبو بكر أياما ثم كتب إلى عمر بن عبد العزيز. فما غاب عنا الكتاب إلا بضعا وعشرين ليلة حتى جاءه: إني لعمري ما فرقت بينهم وما هو إلا من بني عبد المطلب في الحلف القديم العتيق فاجعلهم كبني عبد المطلب.

أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا أبو المليح عن ابن عقيل. يعني عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب. قال: أول مال قسمه عمر بن عبد العزيز لمال بعث به إلينا أهل البيت. فأعطى المرأة منا مثل ما يعطى الرجل وأعطى الصبي مثل ما تعطى المرأة. قال فأصابنا أهل البيت ثلاثة آلاف دينار وكتب لنا: إني إن بقيت لكم أعطيتكم جميع حقوقكم.

أخبرنا علي بن محمد عن يحيى بن إسماعيل بن أبي المهاجر عن أبيه قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطأة: بلغني أن عمالك بفارس يخرصون الثمار على أهلها ثم يقومونها بسعر دون سعر الناس الذي يتبايعون به فيأخذونه ورقا على قيمتهم التي قوموها وإن طوائف من الأكراد يأخذون العشر من الطريق. ولو علمت أنك أمرت بشيء من ذلك أو رضيته بعد علمك به ما ناظرتك إن شاء الله بما تكره. وقد بعثت بشر بن صفوان وعبد الله بن عجلان وخالد بن سالم ينظرون في ذلك فإن وجدوه حقا ردوا إلى الناس الثمر الذي أخذ منهم وأخذوا بسعر ما باع أهل الأرض عليهم ولا يدعون شيئا مما بلغني إلا نظروا فيه. فلا تعرض لهم.

أخبرنا علي بن محمد عن حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد أن رجلا من الأنصار أتى عمر بن عبد العزيز فقال: يا أمير المؤمنين أنا فلان بن فلان قتل جدي يوم بدر وقتل أبي يوم أحد فجعل يذكر مناقب آبائه. فنظر عمر إلى عنبسة بن سعيد وهو إلى جنبه فقال: هذه والله المناقب لا مناقبكم مسكن ودير الجماجم:

أخبرنا علي بن محمد عن بشر بن عبد الله بن عمر قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى حميد بن سلمة: أما بعد فأصلح الذي بينك وبين الله واعلم أني قد أشركتك في أمانة عظيمة فإن ضيعت حقا من حقوق الله كنت أهون عليه ثم لا يغني عنك عمر من الله شيئا.

أخبرنا علي بن محمد عن خالد بن يزيد عن أبيه قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى العمال في النياحة واللهو: بلغني أن نساء من أهل السفه يخرجن عند موت الميت منهن ناشرات شعورهن ينحن كفعل أهل الجاهلية. وما رخص للنساء في وضع خمرهن منذ أمرن أن يضربن بخمرهن على جيوبهن. فتقدموا في هذه النياحة تقدما شديدا. وقد كانت هذه الأعاجم تلهو بأشياء زينها الشيطان لهم.

فازجر من قبلك من المسلمين عن ذلك. فلعمري لقد أنى لهم أن يتركوا ذلك مع ما يقرؤون من كتاب الله. فازجر عن ذلك الباطل واللهو من الغناء وما أشبهه فإن لم ينتهوا فنكل من أتى ذلك منهم غير متعد في النكال.

أخبرنا علي بن محمد عن أبي أيوب عن خليد بن عجلان قال: كان عند فاطمة بنت عبد الملك جوهر. فقال لها عمر: من أين صار هذا إليك؟ قالت: أعطانيه أمير المؤمنين. قال: إما أن ترديه إلى بيت المال وإما أن تأذنيني في فراقك فإني أكره أن أكون أنا وأنت وهو في بيت. قالت: لا بل أختارك على أضعافه لو كان لي. فوضعته في بيت المال. فلما ولي يزيد بن عبد الملك قال لها: إن شئت رددته عليك أو قيمته. قالت: لا أريده. طبت به نفسا في حياته وأرجع فيه بعد موته! لا حاجة لي فيه. فقسمه يزيد بين أهله وولده.

أخبرنا علي بن محمد عن لوط بن يحيى الغامدي قال: كان الولاة من بني أمية قبل عمر بن عبد العزيز يشتمون عليا. رحمه الله. فلما ولي عمر أمسك عن ذلك فقال كثير عزة الخزاعي:

أخبرنا علي بن محمد عن إدريس بن قادم قال: قال عمر بن عبد العزيز لميمون بن مهران: يا ميمون كيف لي بأعوان على هذا الأمر أثق بهم وآمنهم؟

قال: يا أمير المؤمنين لا تشغل قلبك بهذا فإنك سوق وإنما يحمل إلى كل سوق ما ينفق فيها. فإذا عرف الناس أنه لا ينفق عندك إلا الصحيح لم يأتوك إلا بالصحيح.

أخبرنا علي بن محمد عن خالد بن يزيد بن بشر عن أبيه قال: سئل عمر بن عبد العزيز عن علي وعثمان والجمل وصفين وما كان بينهم فقال: تلك دماء كف الله يدي عنها وأنا أكره أن أغمس لساني فيها.

أخبرنا علي بن محمد عن خالد بن يزيد بن بشر عن أبيه قال: أصاب المسلمون في غزوهم الصائفة غلاما من أبناء الروم صغيرا فبعث أهله في فدائه.

فشاور فيه عمر فاختلفوا عليه فقال: ما عليكم أن نفديه صغيرا ولعل الله أن يمكن منه كبيرا. ففدوه بمال عظيم ثم أخذ أسيرا في آخر خلافة هشام فقتل.

أخبرنا علي بن محمد عن عمرو بن جبلة عن محمد بن الزبير الحنظلي قال: رأى عمر بن عبد العزيز رجلا يكتب على الأرض بسم الله الرحمن الرحيم. فنهاه وقال: لا تعد.

أخبرنا علي بن محمد عن أبي يعقوب بن زيد قال: أجاز عمر بن عبد العزيز عبد الحميد بن عبد الرحمن. وكان عامله على العراق. بعشرة آلاف درهم.

أخبرنا علي بن محمد عن يزيد بن عياض بن جعدبة قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى سليمان بن أبي كريمة: إن أحق العباد بإجلال الله والخشية منه من ابتلاه بمثل ما ابتلاني به. ولا أحد أشد حسابا ولا أهون على الله إن عصاه مني فقد ضاق بما أنا فيه ذرعي وخفت أن تكون منزلتي التي أنا بها هلاكا لي إلا أن يتداركني الله منه برحمة. وقد بلغني أنك تريد الخروج في سبيل الله فأحب يا أخي إذا أخذت موقفك أن تدعو الله أن يرزقني الشهادة فإن حالي شديدة وخطري عظيم. فأسأل الله الذي ابتلاني بما ابتلاني به أن يرحمني ويعفو عني.

أخبرنا علي بن محمد عن خالد بن يزيد بن بشر عن أبيه قال: كان من خاصة عمر بن عبد العزيز ميمون بن مهران ورجاء بن حيوة ورياح بن عبيدة الكندي.

وكان قوم من دون هؤلاء عنده. عمرو بن قيس وعون بن عبد الله بن عتبة ومحمد بن الزبير الحنظلي.

أخبرنا علي بن محمد عن مسلمة بن محارب وغيره قال: خرج بلال بن أبي بردة وأخوه عبد الله بن أبي بردة إلى عمر بن عبد العزيز فاختصما إليه في الأذان في مسجدهم فارتاب بهما عمر فدس إليهما رجلا يقول لهما: أرأيتما إن كلمت أمير المؤمنين فولاكما العراق ما تجعلان لي؟ فبدأ الرجل ببلال فقال له ذلك فقال: أعطيك مائة ألف. ثم أتى أخاه فقال له مثل ذلك. فأخبر الرجل عمر فقال لهما: الحقا بمصركما. وكتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن: لا تول بلالا بلال الشر ولا أحدا من ولد أبي موسى شيئا.

وقال بعضهم: كتب لا تول بليل الشر. صغر بلالا.

أخبرنا علي بن محمد عن عوانة بن الحكم الكلبي قال: مات سليمان بن عبد الملك بدابق واستخلف عمر بن عبد العزيز. فخطب عمر الناس فقال: والله ما أردتها ولا تمنيتها. فاتقوا الله وأعطوا الحق من أنفسكم وردوا المظالم. فإني والله ما أصبحت بي موجدة على أحد من أهل القبلة إلا موجدة على ذي إسراف حتى يرده الله إلى قصد. قال وكتب إلى مسلمة وهو بأرض الروم يأمره بالقفول.

وأرسل إلى الناس بالإذن والقفول.

أخبرنا علي بن محمد عن عبد الله بن عمر الثعلبي أحد بني ضبارى بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع والمثنى بن عبد الله قالا: كتب عمر بن عبد العزيز إلى سالم أن يكتب إليه بسيرة عمر. فكتب إليه سالم: إن عمر كان في غير زمانك ومع غير رجالك. وإنك إن عملت في زمانك ورجالك بمثل ما عمل به عمر في زمانه ورجاله كنت مثل عمر وأفضل.

أخبرنا علي بن محمد عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: قاد الناس الخيل إلى سليمان بن عبد الملك فمات قبل أن يجريها فاستحيا عمر من الناس فأجرى الخيل التي جمعت. ثم أعطى آخر فرس جاء لم يخيب أحدا. ثم لم يجر فرسا حتى مات.

أخبرنا علي بن محمد عن مسلمة بن محارب قال: كتب عمر إلى عدي: إن العرفاء من عشائرهم بمكان فانظر عرفاء الجند فمن رضيت أمانته لنا ولقومه فأثبته ومن لم ترضه فاستبدل به من هو خير منه. وأبلغ في الأمانة والورع.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن علي بن الحسن بن شقيق قال: حدثنا عبد الله بن المبارك عن أبي المنيب عن الحسن بن أبي العمرطة قال: رأيت عمر بن عبد العزيز قبل أن يستخلف فكنت تعرف الخير في وجهه. فلما استخلف رأيت الموت بين عينيه.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك بن أنس قال: لما خرج عمر بن عبد العزيز من المدينة قال: يا مزاحم تخشى أن نكون ممن نفت المدينة.

أخبرنا عتاب بن زياد عن عبد الله بن المبارك قال: أخبرني أبو الصباح قال: حدثني سهل بن صدقة مولى عمر بن عبد العزيز قال: حدثني بعض خاصة آل عمر بن عبد العزيز أنه حين أفضت إليه الخلافة سمعوا في منزله بكاء عاليا فسأل عن ذلك البكاء فقيل إن عمر قد خير جواريه. قال: قد نزل بي أمر قد شغلنا عنكن فمن أحب أن أعتقه أعتقته ومن أمسكته لم يكن مني إليه شيء. فبكين يأسا منه.

أخبرنا عتاب بن زياد عن عبد الله بن المبارك عن إبراهيم بن نشيط قال: حدثني سليمان بن حميد اليزني عن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع القرشي أنه دخل على فاطمة بنت عبد الملك فقال لها: ألا تخبريني عن عمر بن عبد العزيز؟ فقالت: ما أعلم أنه اغتسل من جنابة ولا من احتلام مذ استخلفه الله حتى قبضه.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن محمد بن عيسى عن أبي الحواري قال: حدثنا هشام أن فاطمة بنت عبد الملك بعثت إلى رجل من الفقهاء فقالت: إني أخاف أن لا يسع أمير المؤمنين ما يصنع. قال: وما ذاك؟ قالت: ما كان من أهله بسبيل منذ ولي. فلقي الرجل عمر فقال: يا أمير المؤمنين بلغني شيء أخاف أن لا يسعك. قال: وما ذاك؟ قال: أهلك لهم عليك حق. فقال عمر: وكيف يستطيع رجل أن يأتي ذاك وأمر أمة محمد في عنقه. الله سائله عنها يوم القيامة؟

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق قال: حدثنا عمر بن حفص قال: حدثنا شيخ قال: لما ولي عمر بن عبد العزيز بدابق خرج ذات ليلة ومعه حرسي فدخل المسجد فمر في الظلمة برجل نائم فعثر به فرفع رأسه إليه فقال: أمجنون أنت؟

قال: لا. فهم به الحرسي. فقال له عمر: مه إنما سألني أمجنون أنت فقلت لا.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن سفيان قال: قال رجل لعمر بن عبد العزيز: لو تفرغت لنا. فقال عمر: وأين الفراغ؟ ذهب الفراغ فلا فراغ إلا عند الله.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن سفيان قال: قال عمر بن عبد العزيز: أريحوني فإن لي شأنا وشؤونا.

أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: أخبرنا فضيل عم السري بن يحيى أن عمر بن عبد العزيز حمد الله ثم خنقته العبرة. ثم قال: أيها الناس أصلحوا آخرتكم تصلح لكم دنياكم. وأصلحوا سرائركم تصلح لكم علانيتكم. والله إن عبدا ليس بينه وبين آدم أب له إلا قد مات إنه لمعرق له في الموت.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن أبي محمد عن مطرف بن مازن قال: حدثنا رياح بن زيد أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عروة: إنك تردد إلي الكتب فنفذ ما أكتب به إليك من الحق فإنه ليس للموت ميقات نعرفه.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن عبد الله بن خراش أخي العوام بن حوشب عن مزيد بن حوشب أخي العوام قال: ما رأيت أخوف من الحسن وعمر بن عبد العزيز كأن النار لم تخلق إلا لهما.

حدثنا أحمد بن أبي إسحاق قال: حدثني هشام بن المفضل قال: أخبرنا أشعث عن أرطأة بن المنذر قال: كان عند عمر بن عبد العزيز نفر يسألونه أن يتحفظ في طعامه ويسألونه أن يكون له حرس إذا صلى لئلا يثور ثائر فيقتله.

ويسألونه أن يتنحى عن الطاعون. ويخبرونه أن الخلفاء قبله كانوا يفعلون ذلك.

قال لهم عمر: فأين هم؟ فلما أكثروا عليه قال: اللهم إن كنت تعلم أني أخاف يوما دون القيامة فلا تؤمن خوفي.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن مهدي قال: أخبرنا محمد بن أبي الوضاح عن خصيف عن مجاهد قال: أتينا عمر بن عبد العزيز ونحن نرى أنه سيحتاج إلينا فيما خرجنا من عنده حتى احتجنا إليه.

قال: وقال خصيف: ما رأيت رجلا قط خيرا من عمر بن عبد العزيز.

أخبرنا زهير بن حرب عن الوليد بن مسلم قال: سمعت محمد بن عجلان أن الولاة قبل عمر بن عبد العزيز كانوا يجرون على إجمار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم للجمع وتطييبه في شهر رمضان من العشر والصدقة. فلما ولي عمر بن عبد العزيز كتب بقطع ذلك وبمحو آثار ذلك الطيب من المسجد.

قال ابن عجلان: فأنا رأيتهم يغسلون آثار ذلك الطيب بالماء والملاحف.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن عبيد بن الوليد قال: سمعت أبي يذكر أن عمر بن عبد العزيز كان يسخن له في مطبخ العامة ماء يتوضأ به وهو لا يعلم. ثم علم بعد ذلك فقال: كم لكم منذ أسخنتموه؟ فقالوا: شهر أو نحوه. قال فألقى في مطبخ العامة لذلك حطبا.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن عبيد بن الوليد عن أبيه أن عمر بن عبد العزيز كان إذا سمر في أمر العامة أسرج من بيت مال المسلمين. وإذا سمر في أمر نفسه أسرج من مال نفسه. قال فبينا هو ذات ليلة إذ نعس السراج فقام إليه ليصلحه. فقيل له: يا أمير المؤمنين أنا نكفيك. فقال: أنا عمر حين قمت وأنا عمر حين جلست.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق قال: حدثني محمد بن عبيد قال: حدثني إبراهيم السكري قال: كان بين موال لسليمان بن عبد الملك وبين موال لعمر بن عبد العزيز كلام. فذكر ذلك سليمان لعمر. فبينا هو يكلمه إذ قال سليمان لعمر: كذبت. فقال: ما كذبت منذ علمت أن الكذب شين لصاحبه.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق قال: حدثني عنبسة بن سعيد قال: أخبرنا أبو بكر عن أبي يحيى عن مجاهد قال: قدمت على عمر بن عبد العزيز فأعطاني ثلاثين درهما وقال: يا مجاهد هذه من عطائي.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن ضمرة عن حفص بن عمر قال: احتبس عمر بن عبد العزيز غلاما له يحتطب عليه ويلقط له البعر. فقال له الغلام: الناس كلهم بخير غيري وغيرك. قال: فاذهب فأنت حر.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن عبد الملك بن قريب قال: حدثنا إسحاق بن يحيى قال: قدمت على عمر بن عبد العزيز في خلافته فوجدته قد جعل للخمس بيت مال على حدة. وللصدقة بيت مال على حدة. وللفيء بيت مال على حدة.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن عمر بن حفص عن عمرو بن ميمون قال: ما زلت ألطف أنا وعمر في أمر الأمة حتى قلت له: يا أمير المؤمنين ما شأن هذه الطوامير التي يكتب فيها بالقلم الجليل يمد فيها وهي من بيت مال المسلمين؟ فكتب في الآفاق أن لا يكتبن في طومار بقلم جليل ولا يمدن فيه. قال فكانت كتبه إنما هي شبر أو نحوه.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن يحيى بن أبي غنية عن حفص بن عمر بن أبي الزبير قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم: أما بعد فكتبت تذكر أن القراطيس التي قبلك قد نفدت وقد قطعنا لك دون ما كان يقطع لمن كان قبلك. فأدق قلمك وقارب بين أسطرك واجمع حوائجك فإني أكره أن أخرج من أموال المسلمين ما لا ينتفعون به.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن محمد بن مصعب عن شيخ من أهل المدينة أنه سمعه يحدث عن عبد الله بن دينار قال: لم يرتزق عمر من بيت مال المسلمين شيئا ولم يرزأه حتى مات.

أخبرنا الحكم بن موسى قال: حدثنا سبرة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة قال: حدثني أبي عن أبيه قال: قال عمر بن عبد العزيز يوما: والله لوددت لو عدلت يوما واحدا وأن الله توفى نفسي. فقال له ابنه عبد الملك: وأنا والله يا أمير المؤمنين لوددت لو عدلت فواق ناقة وأن الله توفى نفسك. فقال: الله الذي لا إله إلا هو.

فقال: الله الذي لا إله إلا هو. ولو حشت بي وبك القدور. فقال عمر: جزاك الله خيرا.

أخبرنا سعيد بن عامر عن جويرية بن أسماء قال: قال عمر بن عبد العزيز: إن نفسي هذه نفس تواقة وإنها لم تعط شيئا إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه. فلما أعطيت الذي لا شيء أفضل منه في الدنيا تاقت إلى ما هو أفضل من ذلك.

فقال سعيد: الجنة أفضل من الخلافة.

أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا أبو المليح عن ميمون قال: أقمت عند عمر بن عبد العزيز ستة أشهر ما رأيته غير رداءه إلا أنه كان يغسل من الجمعة إلى الجمعة ويتبين بشيء من زعفران.

أخبرنا محمد بن حميد العبدي عن أسامة بن زيد عن إسماعيل بن أمية عن أمه عن أم ولد عمر بن عبد العزيز قالت: سألني عمر دهنا فأتيته به وبمشط من عظام الفيل فرده وقال: هذه ميتة. قلت: وما جعله ميتة؟ قال: ويحك من ذبح الفيل؟

أخبرنا مالك بن إسماعيل قال: حدثنا جويرية بن أسماء عن إسماعيل بن أبي حكيم قال: بعث عمر بن عبد العزيز إلي وإلى مزاحم صلاة الصبح قبل أن يصلي الغداة فأتيناه ولم يدهن ولم يتهيأ فقال هذا عجلتم عن الدهن أيعجز أحدكم أن يدعو بالمشط فيسرح به لحيته؟

أخبرنا حجاج بن نصير قال: حدثنا إسماعيل بن عياش قال: قلت لعمرو بن المهاجر صاحب حرس عمر بن عبد العزيز: ما كان عمر يلبس في بيته؟ قال: جبة سوداء مبطنة.

أخبرنا سليمان بن حرب قال: حدثنا جرير بن حازم عن يعلى بن حكيم قال: كانت أردية عمر بن عبد العزيز ستة أذرع وشبرا في سبعة أشبار.

أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا محمد بن مروان قال: أخبرني عمارة بن أبي حفصة أن مسلمة بن عبد الملك دخل على عمر بن عبد العزيز فقال لأخته فاطمة بنت عبد الملك. وهي امرأة عمر بن عبد العزيز: إني أرى أمير المؤمنين قد أصبح اليوم مفيقا وأرى قميصه درنا فألبسيه غير هذا القميص حتى نأذن للناس عليه. فسكتت فقال: ألبسي أمير المؤمنين غير هذا القميص. فقالت: والله ما له غيره.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن عمر بن حفص قال: حدثنا عمرو بن ميمون قال: أتيت سليمان بن عبد الملك بهذه الحريرة فرأيت عنده عمر وهو كأشد الرجال وأغلظهم عنقا. فما لبثت بعد ما استخلف عمر إلا سنة حتى أتيته فخرج يصلي بنا الظهر وعليه قميص ثمن دينار أو نحوه وملية مثله وعمامة قد سدلها بين كتفيه. وقد نحل ودقت عنقه.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن أبي سعد مولى بني هاشم قال: حدثنا أبو يعقوب قال: حدثني رجاء بن حيوة قال: كان عمر بن عبد العزيز من أعطر الناس وألبس الناس وأخيلهم مشية. فلما استخلف قوموا ثيابه باثني عشر درهما من ثياب مصر. كمته وعمامته وقميصه وقباؤه وقرطقه وخفاه ورداؤه.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: أخبرني معاوية بن صالح قال: أخبرني سعيد بن سويد أن عمر بن عبد العزيز صلى بهم الجمعة وعليه قميص مرقوع الجيب من بين يديه ومن خلفه. فلما فرغ جلس وجلسنا معه. قال فقال له رجل من القوم: يا أمير المؤمنين إن الله قد أعطاك فلو لبست وصنعت. فنكس مليا حتى عرفنا أن ذلك قد ساءه. ثم رفع رأسه فقال: إن أفضل القصد عند الحدة وأفضل العفو عند القدرة.

أخبرنا عبد الله بن إدريس قال: سمعت أبي يذكر عن أزهر صاحب كان له قال: رأيت عمر بن عبد العزيز بخناصرة يخطب الناس وقميصه مرقوع.

أخبرنا روح بن عبادة قال: حدثنا الأوزاعي عن عمرو بن مهاجر قال: رأيت قمص عمر بن عبد العزيز وجبابه فيما بين الكعب والشراك.

أخبرت عن عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثني عبيد بن الوليد بن أبي السائب الدمشقي قال: سمعت أبي يذكر أن عمر بن عبد العزيز كانت له جبة خز غبراء وجبة صفراء وكساء خز أغبر وكساء خز أصفر. فكان إذا لبس الجبة الغبراء لبس الكساء الأصفر وإذا لبس الجبة الصفراء لبس الكساء الأغبر. قال ثم ترك ذلك.

أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا عمر بن موسى الأنصاري قال: قدمت على عمر بن عبد العزيز فخرج علينا وعليه مطرف أدكن. قال قلت لعمر: خز هو؟

قال: ما أدري.

أخبرنا وكيع بن الجراح عن الربيع بن صبيح قال: حدثني من رأى عمر بن عبد العزيز يصلي في جبة طيالسة ليس عليه إزار.

أخبرنا معن بن عيسى قال: حدثنا محمد بن هلال قال: رأيت عمر بن عبد العزيز لا يحفي شاربه جدا. يأخذ منه أخذا حسنا.

أخبرنا معن قال: حدثنا أبو الغصن قال: كنت أجد من عمر بن عبد العزيز ريح المسك.

أخبرنا معن عن أبي الغصن ومحمد بن هلال أنهما رأيا عمر بن عبد العزيز وليس بين عينيه أثر السجود.

أخبرنا معن قال: حدثني أبو الغصن أنه لم ير على عمر بن عبد العزيز على المنبر سيفا قط.

أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب قال: نبئت أن عمر بن عبد العزيز ذكر له ذاك الموضع الرابع الذي عند قبر النبي. ع. فعرضوا له به. قالوا: لو دنوت من المدينة. قال: لأن يعذبني الله بكل عذاب إلا النار أحب إلي من أن يعلم أني أرى لذلك أهلا.

أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال: قيل لعمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين لو أتيت المدينة فإن قضى الله موتا دفنت في موضع القبر الرابع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر. قال: والله لأن يعذبني الله بكل عذاب إلا النار فإني لا صبر لي عليه أحب إلي من أن يعلم الله من قلبي أني أراني لذلك أهلا.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن أبي محمد عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي أن محمد بن المقدام سأل فاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر بن عبد العزيز: ما ترين بدي مرض عمر الذي مات فيه؟ قالت: أرى بديه أو جله الوجل.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن عبد المجيد بن سهيل قال: رأيت الطبيب خرج من عند عمر بن عبد العزيز فقلنا: كيف رأيت بوله اليوم؟ فقال: ما ببوله بأس إلا الهم بأمر الناس.

أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن علي بن الحسن بن شقيق عن عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا ابن لهيعة قال: وجدوا في بعض الكتب تقتله خشية الله. يعني عمر بن عبد العزيز.

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا داود بن خالد قال: حدثني محمد بن قيس قال: حضرت أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أول مرضه اشتكى لهلال رجب سنة إحدى ومائة. فكان شكوه عشرين يوما فأرسل إلى ذمي. ونحن بدير سمعان.

فساومه موضع قبره فقال الذمي: يا أمير المؤمنين والله إنها لخيرة أن يكون قبرك في أرضي. قد حللتك. فأبى عمر حتى ابتاعه منه بدينارين. ثم دعا بالدينارين فدفعهما إليه.

أخبرنا حميد بن عبد الرحمن الرواسي ومحمد بن عبد الله الأسدي ومعن بن عيسى والعلاء بن عبد الجبار قالوا: حدثنا محمد بن مسلم الطائفي عن إبراهيم بن ميسرة أن عمر بن عبد العزيز اشترى موضع قبره قبل أن يموت بعشرة دنانير.

أخبرنا محمد بن معن الغفاري قال: أخبرني شيخ من أهل مكة قال: كانت فاطمة بنت عبد الملك وأخوها مسلمة عند عمر بن عبد العزيز. فقال أحدهما لصاحبه: لا نكون قد ثقلنا عليه. قال فخرجا وهو متحرف على غير القبلة فقالا: فقلما لبثنا حتى عدنا وإذا هو موجه إلى القبلة. قال وإذا متكلم يتكلم لا نراه يقول: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين} القصص: 83.

أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا محمد بن مروان قال: أخبرنا عمارة بن أبي حفصة أن مسلمة بن عبد الملك دخل على عمر بن عبد العزيز في مرضه الذي مات فيه فقال له: من توصي بأهلك؟ فقال: إذا نسيت الله فذكرني. ثم عاد أيضا فقال: من توصي بأهلك؟ فقال: {إن وليي فيهم الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين} الأعراف: 196.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا هشام بن الغاز عن سليمان بن موسى قال: لما حضر عمر بن عبد العزيز كتب إلى يزيد بن عبد الملك: أما بعد فإياك أن تدركك الصرعة عند العزة فلا تقال العثرة. ولا تمكن من الرجعة. ولا يحمدك من خلفت. ولا يعذرك من تقدم عليه والسلام.

أخبرنا روح بن عبادة قال: حدثنا الحجاج بن حسان التيمي قال: حدثني سالم بن بشير أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى يزيد بن عبد الملك حين حضره الموت: سلام عليك. أما بعد فإني لا أراني إلا لما بي ولا أرى الأمر إلا سيفضي إليك. والله الله في أمة محمد النبي صلى الله عليه وسلم فتدع الدنيا لمن لا يحمدك وتفضي إلى من لا يعذرك. والسلام عليك.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن أبي الزناد قال: أخبرني عبد العزيز بن عمر قال: أوصى أبي أن يكفن في خمسة أثواب كرسف.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبيد الله بن عبد العزيز عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: أوصى عمر بن عبد العزيز أن يكفن في خمسة أثواب. منها قميص وعمامة.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني خالد بن أبي بكر قال: أوصى عمر بن عبد العزيز أن يكفن في خمسة أثواب منها قميص وعمامة. وقال: هكذا كان ابن عمر يكفن من مات من أهله.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا محمد بن مسلم بن جماز عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله قال: أوصى عمر بن عبد العزيز عند الموت فدعا بشعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم وأظفار من أظفاره وقال: إذا مت فخذوا الشعر والأظفار ثم اجعلوه في كفني. ففعلوا ذلك.

أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد عن سفيان بن عاصم بن عبد العزيز بن مروان قال: شهدت عمر بن عبد العزيز قال لمولاة له: إني أراك ستلين حنوطي فلا تجعلي فيه مسكا.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني يحيى بن خالد بن دينار عن سفيان بن عاصم قال: أوصى عمر بن عبد العزيز إذا حضر أن يوجه إلى القبلة على شقه الأيمن.

قال: أخبرنا وهب بن جرير بن حازم قال: حدثنا أبي قال: سمعت المغيرة بن حكيم قال: قالت لي فاطمة بنت عبد الملك: كنت أسمع عمر بن عبد العزيز في مرضه الذي مات فيه يقول: اللهم أخف عليهم موتي ولو ساعة من نهار. فلما كان اليوم الذي قبض فيه خرجت من عنده فجلست في بيت آخر بيني وبينه باب وهو في قبة له. فسمعته يقول: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين} القصص: 83. ثم هدأ فجعلت لا أسمع له حسا ولا حركة. فقلت لوصيف كان يخدمه: انظر أمير المؤمنين أنائم هو؟ فلما دخل عليه صاح فوثبت فدخلت عليه فإذا هو ميت قد استقبل القبلة وأغمض نفسه ووضع إحدى يديه على فيه والأخرى على عينيه.

قال: أخبرنا عباد بن عمر الواشحي قال: حدثنا مخلد بن يزيد عن يوسف بن ماهك عن رجاء بن حيوة قال: قال لي عمر بن عبد العزيز في مرضه: كن فيمن يغسلني ويكفنني ويدخل قبري. فإذا وضعتموني في لحدي فحل العقدة ثم انظر إلى وجهي فإني قد دفنت ثلاثة من الخلفاء كلهم إذا أنا وضعته في لحده حللت العقدة ثم نظرت إلى وجهه فإذا وجهه مسواد في غير القبلة.

قال رجاء: فكنت فيمن غسل عمر وكفنه ودخل في قبره. فلما حللت العقدة نظرت إلى وجهه فإذا وجهه كالقراطيس إلى القبلة.

أخبرنا عباد بن عمر الواشحي مؤذن مسجد سليمان بن حرب بالبصرة قال: حدثنا مخلد بن يزيد قال: لقيته منذ خمسين وكان نازلا في بني... وكان فاضلا خيرا كبير السن... عن يوسف بن ماهك قال: بينما نحن نسوي التراب على قبر عمر بن عبد العزيز إذ سقط علينا رق من السماء فيه مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم. أمان من الله لعمر بن عبد العزيز من النار.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عمرو بن عثمان قال: مات عمر بن عبد العزيز لعشر ليال بقين من رجب سنة إحدى ومائة وهو ابن تسع وثلاثين سنة وأشهر. وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر. ومات بدير سمعان.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عمي الهيثم بن واقد قال: ولدت سنة سبع وتسعين واستخلف عمر بن عبد العزيز بدابق يوم الجمعة لعشر بقين من صفر سنة تسع وتسعين. فأصابني من قسمه ثلاثة دنانير. وتوفي. رحمه الله.

بخناصرة يوم الأربعاء لخمس ليال بقين من رجب سنة إحدى ومائة. وكان شكوه عشرين يوما. وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام. ومات وهو ابن تسع وثلاثين سنة وأشهر. ودفن بدير سمعان.

قال: وأخبرنا محمد بن عمر عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال: توفي عمر بن عبد العزيز وهو ابن تسع وثلاثين سنة وخمسة أشهر.

قال: سمعت سعيد بن عامر قال: كان لعمر بن عبد العزيز يوم هلك تسع وثلاثون سنة وأشهر.

قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: سمعت أبا بكر بن عياش يقول: أتى على عمر بن عبد العزيز تسع وثلاثون سنة.

قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: كان عمر بن عبد العزيز ابن أربعين سنة.

قال سفيان بن عيينة: وسألت ابنه كم بلغ من السن؟ قال: لم يكن بلغ إلا أربعين. وملك سنتين وشيئا.

قال: أخبرت عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح قال: لما حضر عمر بن عبد العزيز الموت أوصاهم وقال: احفروا لي ولا تعمقوا فإن خير الأرض أعلاها وشرها أسفلها.

أخبرنا محمد بن يزيد بن خنيس. عن وهيب بن الورد. قال: بلغنا أن عمر بن عبد العزيز لما توفي جاء الفقهاء إلى زوجته يعزونها به فقالوا لها: جئناك لنعزيك بعمر، فقد عمت مصيبة الأمة فأخبرينا يرحمك الله عن عمر كيف كانت حاله في بيته؟ فإن أعلم الناس بالرجل أهله.

فقالت: والله ما كان عمر بأكثركم صلاة ولا صياما ولكني والله ما رأيت عبدا قط كان أشد خوفا لله من عمر. والله إن كان ليكون في المكان الذي إليه ينتهي سرور الرجل بأهله. بيني وبينه لحاف. فيخطر على قلبه الشيء من أمر الله فينتفض كما ينتفض طائر وقع في الماء. ثم ينشج ثم يرتفع بكاؤه حتى أقول: والله لتخرجن التي بين جنبيه. فأطرح اللحاف عني وعنه رحمة له وأنا أقول: يا ليتنا كان بيننا وبين هذه الإمارة بعد المشرقين. فو الله ما رأينا سرورا منذ دخلنا فيها.

قال: أخبرنا سعيد بن عامر. قال: حدثنا جعفر بن سليمان قال: كان مالك بن دينار ربما ذكر عمر بن عبد العزيز فبكى. وقال: لم يكن له أهل.

قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس. قال: سمعت أبا بكر بن عياش - وذكر عمر بن عبد العزيز - قال: ليحشرن من دير سمعان رجل كان يخاف ربه.

قالوا: وكان عمر بن عبد العزيز ثقة مأمونا. له فقه وعلم وورع. وروى حديثا كثيرا. وكان إمام عدل. رحمه الله ورضي عنه.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 5- ص: 253

عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص ابن أمية الأموي: مات سنة إحدى ومائة، وكانت خلافته سنتين وأشهرا. قال مجاهد: أتيناه نعلمه فما برحنا حتى تعلمنا منه. وقال ميمون بن مهران: كان العلماء عنده تلامذة. وسأل رجل سعيد بن المسيب عن عدة أم الولد يموت عنها سيدها فقال: سل هذا الغلام، يعني عمر وهو أمير المدينة، فسأله فقال: حيضة.

  • دار الرائد العربي - بيروت-ط 1( 1970) , ج: 1- ص: 64

عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي القرشي من الخلفاء الراشدين المهديين الذي أحيا ما أميت قبله من السنن وسلك مسلك من تقدمه من الخلفاء الاربع أمه بنت عاصم بن عمر بن الخطاب كان مولده سنة إحدى وستين في السنة التي قتل فيها الحسين بن على كنيته أبو حفص مات سنة إحدى ومائة وهو ابن تسع وثلاثين سنة وستة أشهر وكانت خلافته مثل خلافة أبي بكر الصديق سواء رضنا الله وعنهم أجمعين في العافية

  • دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع - المنصورة-ط 1( 1991) , ج: 1- ص: 283

عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم، القرشي، الأموي، رضي الله عنه، وأمه ابنة عاصم بن عمرالخطاب، رضي الله عنه.
قال عبد العزيز بن عبد الله، عن مالك: ملك عمر تسعة وعشرين شهراً مثل خلافة أبي بكر، وولي عمر بن الخطاب مثل مقام النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين.
قال أحمد بن أبي الطيب: عن جرير، قال: أخبرني رجلٌ من ولد عمر بن عبد العزيز: مات عمر وهو ابن تسع وثلاثين سنة.
وقال أحمد بن أبي رجاء: عن أبي أسامة، عن ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، قال أحمد: لا أعلمه إلا رفعه، قال: ما من أمةٍ يعملون بطاعة الله، فتأتي عليهم المئة وهم يعملون بطاعة الله، إلا أكملوا مئةً أخرى، وإلا أهلكوا، أو أبيدوا.
وكان مما رحم الله هذه الأمة بخلافة عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، فاستخلف سنة تسع وتسعين، ومات سنة إحدى ومئة.
قال موسى: حدثنا نوح بن قيس، قال: سمعت أيوب يقول: لا نعلم أحدا ممن أدركنا كان آخذ من نبي الله منه.
قال إسحاق: كنيته أبو حفص.
أصله مديني.
مات بالشام.

  • دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 6- ص: 1

عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي المدني ثم الدمشقي
أمير المؤمنين والإمام العادل
روى عن أنس وصلى أنس خلفه وقال ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى وروى عن الربيع بن سبرة والسائب بن زيد وسعيد بن المسيب وجماعة
وعنه أبناء عبد الله وعبد العزيز وأبو سلمة بن عبد الرحمن والزهري وهما من شيوخه
قال ابن سعد كان ثقة مأمونا له فقه وعلم وورع وروى حديثا كثيرا وكان إمام عدل ملك سنتين وخمسة أشهر وخمسة عشر يومًا ومات يوم الجمعة لعشر بقين من رجب سنة إحدى ومائة

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1403) , ج: 1- ص: 53

عمر بن عبد العزيز الأموي أمير المؤمنين
عن عبد الله بن جعفر وأنس وابن المسيب وعنه ابناه وإبراهيم بن أبي عبلة وأيوب وعدة مات 101 لعشر بقين من رجب ع

  • دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 2- ص: 1

عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم القرشي الأموي كنيته أبو حفص
وأمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب واسمها ليلى عداده في التابعين
روى توفي بدير سمعان من أرض حمص يوم الجمعة لخمس ليال بقين من رجب سنة إحدى
ومائة وله يوم مات إحدى وأربعون سنة وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وخمس ليال ويقال كان شكواه عشرين يوماً ولم يستكمل أربعين سنة رحمة الله عليه
قال عمرو بن علي ولد عمر بن عبد العزيز سنة إحدى وستين مقتل الحسين
روى عن عبد الله بن إبراهيم بن قارظ في الوضوء والصلاة وقال ابن جريج إبراهيم بن عبد الله بن قارظ وعروة بن الزبير في الصوم والربيع بن سبرة في النكاح وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام في البيوع
روى عنه الزهري وأبو سلمة بن عبد الرحمن في الصوم وإبراهيم بن أبي عبلة وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم

  • دار المعرفة - بيروت-ط 1( 1987) , ج: 2- ص: 1

عمر بن عبد العزيز الأموي الخليفة

  • دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 48

(ع) عمر بن عبد العزيز مروان بن الحكم أبو حفص أمير المؤمنين الرجل الصالح رضي الله عنه وغفر له ولجميع المسلمين.
ذكر أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي في كتابه ’’ مسند عمر بن عبد العزيز ’’ أنه روى عن: تميم الداري، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، ومعاوية بن أبي سفيان، وعائشة أم المؤمنين، وأسماء بنت عميس، وأبان بن عثمان بن عفان، وعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، وأبي سلام الحبشي، وسعيد بن خالد بن عمرو وقيس بن الحارث ورجل لم يسم عن الصنابحي، وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وأبيه عبد العزيز بن مروان بن الحكم، وعبد الله بن موهب، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسلمى مولاة مروان بن الحكم، وعبادة بن عبد الله، وعراك بن مالك.
روى عنه: يزيد بن محمد، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وعفيف المدني، ورجل من ولد طلحة بن عبيد الله، والعباس سالم.
[ق 196/ب] وعبد العزيز بن العباس، وعباد بن كثير، وسليمان بن عاصم.
وفي كتاب ’’ الخلفاء ’’ للصولي: توفي لخمس بقين من رجب وأنشد له عن المدائني:

وعن العتبي عن أبيه قال: مما ثبت لنا من قول عمر رضي الله عنه:
وكفى بذلك زاجراً للمرء عن عي كفى
وفي ’’ اللباب المنثور ’’ للوزير المقري لما وجد عمر بن عبد العزيز إسحاق بن علي بن عبد الله بن جعفر في بيت خليدة العرجاء جلده الحد فقال إسحاق بن علي عمر: على ودك كل الناس مخطئون قال الوزير: [].
وذكره ابن حبان في الطبقة الأولى من ثقات التابعين.
وفي ’’ ربيع الأبرار ’’: مرت عجوز بعمر بن الخطاب تبيع لبناً فقال: يا عجوز ألم أعهد إليك ألا تغشي المسلمين فقالت: فوالله ما فعلت فقالت بنت لها من جانبها: غشّاً وكذباً جمعت على نفسك فقال عمر لولده: أيكم يتزوج هذه لعل الله أن يخرج منها قسمة طيبة فقال عاصم: أنا فولدت له أم عاصم فتزوجها عبد العزيز فولدت له عمر.
وذكر المزي أن ابن سعد قال: كان ثقة مأموناً وليس جيداً لأن ابن سعد إنما
نقله نقلاً ولفظه: قالوا: وكان عمر بن عبد العزيز فذكره وهذا وأمثاله إنما شاححت المزي فيه لما استلزمه هو فإن صاحب الكمال لما ذكر في ترجمته [ق 197/أ] عبد الله بن عمر بن علقمة عن أبي حاتم عن يحيى بن معين: ثقة رد ذلك عليه وقال: هذا خطأ إنما قاله أبو حاتم عن إسحاق بن منصور عن يحيى وشاححه أيضاً في أضيق من هذا مما يمكن أن يكون سقط من الكتابة مثل ما ذكر في ترجمة عبد الله بن العلاء بن زبر قال: روى عن سليم مولى المطلب قال المزي: هذا خطأ والصواب: مولى بني المطلب.
وفي ’’ تاريخ دمشق ’’: توفي لست بقين من رجب.
وذكر المزي أن الفلاس قال: توفي يوم الجمعة لعشر بقين من رجب وفي ذلك نظر؛ لأن الذي في كتاب عمرو بن علي: يوم الجمعة لخمس بقين من رجب وكذا ذكره أيضاً عنه أبو الوليد الباجي في كتابه ’’ الجرح والتعديل ’’ وغيره.
وفي قوله أيضاً: وقال الهيثم بن عدي: مات سنة اثنتين ومائة نظر؛ لأن الذي في ’’ الطبقات ’’ التي قرأها الحاكم أبو أحمد وغيره من الحفاظ: أمه أم عاصم استخلف يوم الجمعة لعشر ليال من ربيع الأول سنة تسع وتسعين ومات رضي الله عنه بدير سمعان لخمس ليال بقين من رجب سنة إحدى ومائة وهو ابن سبع وثلاثين سنة وقال في ’’ تاريخه الكبير ’’ الذي على السنين: وفي سنة إحدى ومائة توفي عمر بن عبد العزيز بدير سمعان ليلة السبت [لسبع] بقين من رجب مرجعه من دابق فكانت مدته سنتين وخمسة أشهر وثلاث ليال وهو ابن سبع وثلاثين سنة ونصف سنة.
وقال القراب في ’’ تاريخه ’’: أنبا زاهر بن أحمد أنبا محمد بن الليث الوراق
ثنا محمد بن عبد الكريم العبدي، ثنا الهيثم بن عدي قال: ثم استخلف أبو حفص عمر بن عبد العزيز يوم الجمعة لعشر ليال خلون من ربيع الأول سنة تسع وتسعين، ومات لخمس ليال بقين من رجب سنة إحدى ومائة وهو ابن سبع وثلاثين سنة؛ فكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وخمس عشرة ليلة.
وعن ابن عيينة: مات عمر سنة إحدى ومائة.
ولما ذكر وفاته في هذه السنة يحيى ابن بكير، قال يحيى: يختلف في سنة؛ فمنهم من يقول: سبع وثلاثين ومنهم من يقول: ست وثلاثين [ق 197/ب] ومنهم من يقول: ما بين الثلاثين إلى أربعين ولم يكملها.
وفي ’’ تاريخ ’’ خليفة بن خياط: روى عنه علي بن زيد بن جدعان: [تمت حجة الله على ابن الأربعين ومات لها] وقال عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز: ولد سنة تسع وخمسين.
وقال أبو سعيد بن يونس: وكانت وفاته بخناصرة يوم الأربعاء لخمس ليال بقين من رجب سنة إحدى ومائة فكان جميع ما أقام في الخلافة سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام ذكر ذلك ربيعة الأعرج وقيل: كان مولده بمصر، وقيل: وراء أبلة، وقيل: بالمدينة، وقيل: بالأردن والأشبه عندي والله أعلم أن يكون ولد بالمدينة وحمل منها لمصر.
وفي ’’ المراسيل ’’ لابن أبي حاتم: سئل أبي: سمع عمر بن عبد العزيز من عبد الله ابن عمرو؟ قال: لا.
وقال أبي: كان عمر بن عبد العزيز والياً على المدينة وسلمة بن الأكوع، وسهل بن سعد حيين فلو حضر كان يكتب عنهما.
وفي كتاب الداني: وردت عنه الرواية في حروف القرآن وكان حسن الصوت فسمعه ابن المسيب ليلة والناس يستمعون له فقال: فتنت الناس.
ويزيد قول من قال إن اسم أمه ليلى قول جرير بن الختلي يمدحه أنشده المبرد:
فما كعب بن ثمامة وابن سعدي بأجود منك يا عمر الجوادا
وفي ’’ التاريخ الصغير ’’ للبخاري قال ابن عيينة ويحيى بن سعيد: [].
وقال التاريخي: لما قدم عمر على الوليد معزولاً استخف به.
[].
قال ابن خلفون: كان من علماء التابعين وفضلائهم وخيارهم، وقال ميمون بن مهران: ما كانت العلماء عند عمر إلا تلامذة وكان معلم العلماء.
وقال الجاحظ: كان أشج أصلع فاحش الصلع ومن زعم أنه لم يكن بعد مروان بن الحكم أصلع فقد غلط لأن عمر أشهر بالصلع من مروان والله تعالى أعلم.
وفي الرواة جماعة يقال لكل منهم عمر بن عبد العزيز جمعوا في جزء ضخم لشخص قديم.

  • الفاروق الحديثة للطباعة والنشر-ط 1( 2001) , ج: 10- ص: 1

عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي
من الخلفاء الراشدين المهديين الذي أحيى ما أميت قبله من السنن وسلك مسلك من تقدمه من الخلفاء الأربع كنيته أبو حفص كان مولده سنة إحدى وستين في السنة التي قتل فيها الحسين بن علي ومات سنة إحدى ومائة وهو بن تسع وثلاثين سنة وستة أشهر وكانت خلافته مثل خلافة أبي بكر سواء تسع وعشرين شهرا وكانت أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 5- ص: 1

عمر بن عبد العزيز (ع)
ابن مروان بن الحكم، الإمام، أمير المؤمنين، أبو حفص القرشي الأموي.
مولده بالمدينة زمن يزيد، ونشأ بمصر في ولاية أبيه عليها.
وحدث عن: عبد الله بن جعفر، وأنس بن مالك، وأبي بكر بن عبد الرحمن، وابن المسيب، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وجماعة.
وعنه: ابناه عبد الله، وعبد العزيز، والزهري، وحميد، وأيوب، وإبراهيم بن أبي عبلة، وأبو بكر بن حزم، وأبو سلمة بن عبد الرحمن وهما من شيوخه.
وأمه هي أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب.
وكان إماماً، مجتهداً، ثبتاً، حجة، حافظاً، قانتاً لله، أواها منيباً، كبير الشأن يضرب المثل بعدله وزهده - رضي الله عنه.
كان جميل الشكل، نحيفاً، حسن اللحية، بجبهته أثر حافر فرس شجه في صغره، فلهذا كان يقال له: أشج بني أمية.
قال الشافعي وغيره: الخلفاء الراشدون خمسةٌ: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعمر بن عبد العزيز.
وعن أبي جعفر الباقر قال: إن نجيب بني أمية عمر بن عبد العزيز، إنه يبعث يوم القيامة أمةً وحده.
وقال ميمون بن مهران: ما كانت العلماء عند عمر بن عبد العزيز إلا تلامذة.
وقال مالك بن دينار: يقولون إني زاهدٌ، إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فتركها.
ومناقبه، وفضائله كثيرة جداً.
ولما أتته الخلافة، اشتد زهده، وكان قد شدد على أقاربه، وانتزع كثيراً مما في أيديهم، فتبرموا به، وسموه.
ومات بدير سمعان، وقبره هناك يزار، ومات في رجب سنة إحدى ومئة، وله أربعون سنةً سوى ستة أشهر، رحمة الله عليه.
ولما بلغ الحسن موته قال: مات خير الناس.

  • مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 1- ص: 1

عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، أبو حفص:
أمير المؤمنين، الإمام العادل. ولى مكة والمدينة، ولاه ذلك الوليد بن عبد الملك، فى
سنة ست وثمانين من الهجرة، إلى سنة ثلاث وتسعين، وحج بالناس فيها، وفي سنة اثنتين وتسعين، وسنة تسعين، وسنة تسع وثمانين، هكذا ذكر ذلك ابن كثير، ولعله أخذه من تاريخ ابن الأثير، عن تاريخ ابن جرير الطبري.
ووجدت في تاريخ ابن جرير، ما يدل لما ذكر ابن كثير، من أنه ولى ذلك، لأنه قال في أخبار سنة تسعين: وفيها حج بالناس عمر بن عبد العزيز، وهو عامل بالمدينة ومكة والطائف.
وقال في أخبار سنة إحدى وتسعين: وكانت عمال الأمصار في هذه السنة، العمال في التي قبلها، إلا مكة، وقيل إن مكة كانت فيها إلى عمر بن عبد العزيز. وقال في أخبار سنة ثلاث وتسعين: وفيها عزل عمر بن عبد العزيز عن المدينة في قول، وكان عزله، أن عمر كتب إلى الوليد يخبره، بعسف الحجاج أهل عمله بالعراق واعتدائه عليهم، وطلبه لهم بغير حق ولا جناية، فبلغ ذلك الحجاج، فاصطنعه على عمر، وكتب إلى الوليد: إن من قبلى من أهلى العراق وأهل الشقاق، قد لجأوا إلى المدينة ومكة، وأن ذلك وهن.
فكتب الوليد إلى الحجاج: أشر لي برجلين، فكتب إليه يشير بعثمان بن خالد، وخالد ابن عبد الله القسرى، فولى خالدا مكة، وعثمان المدينة، فخرج عمر من المدينة وأقام بالسويداء، وذكر أنه كان قدم المدينة واليا بعد عزل هشام بن إسماعيل المخزومي، في شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانين، وأنه حج بالناس في هذه السنة، وفي سنة ثمان وثمانين.
وهذا يدل على أنه كان واليا على مكة في هذا التاريخ، كما ذكر ابن كثير، لأن الحج إنما يقيمه أمير المدينة غالبا، إلا إذا كانت مكة مضافة إليها، وكانت مكة كثيرا ما تضاف إلى أمير المدينة، مع كونه مقيما بالمدينة، وإنما كان يقيم بالمدينة، لقربها من الشام، بلد الخليفة إذ ذاك.
وذكر ابن جرير، أنه لما حج بالناس في سنة ثمان وثمانين، ذكر له بعض أهل مكة، قلة الماء بها، وأنهم يخشون على الحجاج من العطش، فدعا عمر، فجاء المطر، وسال الوادى، حتى خاف أهل مكة، وأمطرت عرفة ومنى، وجمع، يعنى المزدلفة، فما كانت إلا أعين، وكانت مكة تلك السنة مخصبة. انتهى بالمعنى.
وكان عمر بن عبد العزيز كثير الفضائل والمناقب، ولذلك عهد إليه بالخلافة، ابن
عمه سليمان بن عبد الملك بن مروان متكرها، واستمر عليها حتى مات في رجب سنة إحدى ومائة، بدير سمعان من أرض المعرة، ودفن هناك وله أربعون سنة، وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وأياما، كمدة خلافة الصديق رضي الله عنه، وهو خامس الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، وكان أبيض جميلا، نحيف الجسم، حسن اللحية، بجبهته أثر حافر فرس شجه وهو صغير، وكان يقال له أشج بنى أمية، ولما حفظ القرآن في صغره، بعث به أبوه من مصر إلى المدينة، فتفقه فيها حتى بلغ رتبة الاجتهاد.
روى عن أنس بن مالك، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وجماعة، وأرسل عن عقبة بن عامر، وخولة بنت حكيم.
روى عنه: الزهري، وأيوب، وابن المنكدر، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وغيرهم. حتى إن أبا سلمة، روى عنه. روى له الجماعة.
وأمه بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأخبار عمر بن عبد العزيز وفضائله كثيرة مشهورة.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 5- ص: 1

عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم القرشي الأموي
وأمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب ملك تسعة وعشرين شهرا مثل خلافة أبي بكر الصديق كنيته أبو حفص أصله مديني مات بالشام روى عن عروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام والربيع بن سبرة وابن قارظ الزهري وكان استوهب من سهل بن سعد الساعدي قدحا شرب منه النبي صلى الله عليه وسلم فوهبه له سمعت أبي يقول ذلك.

  • طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 6- ص: 1