ابن مكي عمر بن خلف بن مكي الصقلي، أبو حفص: قاض، لغوي محدث أندلسي. ولي قضاء تونس وخطابتها. وكانت خطبه من إنشائه. وصنف (تثقيف اللسان - خ) في 153 ورقة، في مكتبة ولي الدين جار الله باستنبول، الرقم 1725 علق عليه الميمني بأنه ’’صالح للنشر’’.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 46
أبو حفص عمر بن خلف بن مكي [فقيه، محدث خطيب، لغوي، وفضله بالألسنة في جميع الأمكنة مأثور مروي] . صنف في اللغة كتابا سماه ’’تثقيف اللسان وتلقيح الجنان’’ في نهاية الملاحة والبيان، يدل على وفور حظه من هذا الشأن.
رحل إلى تونس، من بر العدوة، فاستوطنها وولى قضاءها [وخطابتها] ، وكان يجيد الخطب، يخطب في كل جمعة بخطبة من إنشائه، تفوق خطب ابن نباته [تعجب رواته] ، وله شعر يروق، منه ما قاله في القناعة:
يا حريصا قطع الأيام في | بؤس عيش وعناء وتعب |
ليس يعدوك من الرزق الذي | قسم الله فأجمل في الطلب |
أتطمع في ود امرئ وهو قاطع | لأرحامه هيهات قد فاتك الرشد |
إذا لم يكن في المرء خير لوالد | ولا ولد لم يرجه أحد بعد |
نعماكم طردتنا عن زيارتكم | وقنعتنا حياء آخر الأبد |
إن الزيادة في الإحسان طاردة | للحر عن موضع الإحسان فاقتصد |
لا تبادر بالرأي من قبل أن تس | أل عنه وإن رأيت عوارا |
أحمق الناس من أشار على النا | س برأي من قبل أن يستشارا |
لا تصحبن إذا صحبت أخا | جهل ولو أن الحياة معه |
إن الجهول يضر صاحبه | من حيث يحسب أنه نفعه |
صديقي الذي في كل يوم وليلة | يكلفني من أمره ما له بال |
ولا يؤثر التخفيف عني فإنما | علامة صدق الود عندي إدلال |
عاد الجهول فإنه | ممن يعينك في هلاكة |
واحذر معاداة اللبيب | ب فليس يخلص من شباكة |
اجعل صديقك نفسك | وجوف بيتك حلسك |
واقنع بخبز وملح | واجعل كتابك أنسك |
واقطع رجاءك إلا | ممن يصرف نفسك |
تعش سليما كريما | حتى توافي رمسك |
وإذا الفتى بعد طو | ل خصاصة بلغ الأمل |
فكأن بؤسي لم تكن | وكأن نعمى لم تزل |
من كان منفردا في ذا الزمان فقد | نجا من الذل والأحزان والقلق |
تزويجنا كركوب البحر، ثم إذا | صرنا إلى ولد صرنا إلى الغرق |
وقوله في الشيب: أيروم من نزل المشيب برأسه | ما قد تعود قبله من فعله |
من لم يميز نقصه في جسمه | في الأربعين فإنه في عقله |
عجبا للموت ينسى | وهو ما لابد منه |
قل لمن يغفل عنه | وهو لا يغفل عنه |
كيف تنساه وقد جا | ءتك رسل من لدنه |
سوق تلقى الويل إن جئ | ت بعذر لم تبنه |
وترى جسمك في النا | ر غدا إن لم تصنه |
والذي ينجو من النا | ر أخو التقوى، فكنه |
دار الغرب الإسلامي - بيروت -ط 1( 1995) , ج: 1- ص: 21