ابن دحية الكلبي عمر بن الحسن بن علي بن محمد، أبو الخطاب، ابن دحية الكلبي: أديب، مؤرخ، حافظ للحديث، من أهل بلنسية بالأندلس. ولى قضاء دانية. ورحل إلى مراكش والشام والعراق وخراسان، واستقر بمصر. وكان كثير الوقيعة في العلماء والأئمة فأعرض بعض معاصرية عن كلامه، وكذبوه في انتسابه إلى (دحية) وقالوا: إن دحية الكلبي لم يعقب. وهجاه الشاعر ابن عنين. وتوفى بالقاهرة. من تصانيفه (المطرب من أشعار أهل المغرب- ط) و (الآيات البينات- خ) و (نهاية السول في خصائص الرسول- خ) و (النبراس في تاريخ خلفاء بني العباس- ط) و (التنوير في مولد السراج المنير) و (تنبيه البصائر- خ) في أسماء الخمر، و (علم النصر المبين في المفاضلة بين أهل صفين- خ).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 44
الحافظ بن دحية عمر بن حسن بن علي بن محمد الجميل بن فرح - بسكون الراء وبالحاء المهملة - بن خلف بن قومس بن مزلال بن ملال بن أحمد بن بدر بن دحية بن خليفة؛ كذا نسب نفسه العلامة أبو الخطاب بن دحية الكلبي الداني السبتي. كان يكتب لنفسه: ذو النسبين بن دحية والحسين. قال أبو عبد الله بن الأبار: كان يذكر أنه من ولد دحية الكلبي، وأنه سبط أبي البسام الحسيني الفاطمي. وكان يكنى أبا الفضل، ثم كنى نفسه أبا الخطاب، وسمع بالأندلس، وكان بصيرا بالحديث، معتنيا بتقييده، مكبا على سماعه، حسن الخط، له حظ وافر من اللغة ومشاركة في العربية. ولي قضاء دانية مرتين وصرف عنها، ثم حج وكتب بالمشرق عن جماعة بأصبهان ونيسابور، وعاد إلى مصر، فاستأدبه العادل لولده الكامل، وأسكنه القاهرة، فنال بذلك دنيا عريضة. وله مصنفات، منها: النص المبين في المفاضلة بين أهل صفين.
وكان يقول إنه حفظ صحيح مسلم. وكان ظاهري المذهب، كثير الوقيعة في أئمة الجمهور وفي العلماء من السلف. قال محب الدين بن النجار: وكان خبيث اللسان، أحمق، شديد الكبر، قليل النظر في الأمور الدينية، متهافتا في دينه، وقال قبل ذلك: وذكر أنه سمع كتاب الصلة لتاريخ الأندلس من ابن بشكوال، وأنه سمع من أهل الأندلس، غير أني رأيت الناس مجمعين على كذبه، وضعفه، وادعائه لقاء من لم يلقه، وسماع ما لم يسمعه. وكانت أمارات ذلك لائحة عليه، وكان القلب يأبى سماع كلامه، ويشهد ببطلان قوله. وكان يحكى من أحواله، ويحرف في كلامه، وصادف قبولا من السلطان الملك الكامل، وأقبل عليه إقبالا عظيما، وكان يعظمه ويحترمه، ويعتقد فيه، ويتبرك به، وسمعت من يذكر أنه كان يسوي له المداس حين يقوم. وكان صديقنا إبراهيم السنهوري المحدث، صاحب الرحلة إلى البلاد، قد دخل إلى بلاد الأندلس، وذكر لعلمائها ومشايخها أن ابن دحية يدعي أنه قرأ على جماعة من شيوخ الأندلس القدماء، فأنكروا ذلك وأبطلوه، وقالوا: لم يلق هؤلاء ولا أدركهم، وإنما اشتغل بالطلب أخيرا، وليس نسبه بصحيح في ما يقوله، ودحية لم يعقب. فكتب السنهوري محضرا، وأخذ خطوطهم فيه بذلك، وقدم به ديار مصر، فعلم به ابن دحية، فاشتكى إلى السلطان منه، فقال: هذا يأخذ من عرضي ويؤذيني؛ فأمر السلطان بالقبض عليه، وأشهر على حمار، وأخرج من ديار مصر، وأخذ ابن دحية المحضر وخرقه.
قال الشيخ شمس الدين: وبسببه بنى السلطان دار الحديث بالقاهرة، وجعله شيخها. وكان يرمى بشيء من المجازفة، وقيل عنه ذلك للكامل، فأمره بتعليق شيء على الشهاب، فعلق كتابا، تكلم فيه على الأحاديث والأسانيد، فلما وقف عليه الكامل قال له بعد أيام: قد ضاع مني ذلك الكتاب، فعلق لي مثله؛ ففعل، فجاء في الثاني مناقضة الأول، فعلم الكامل صحة ما قيل عنه. وقال القاضي شمس الدين بن خلكان: وكان أبو الخطاب بن دحية، عند وصوله إلى إربل، رأى اهتمام سلطانها الملك المعظم مظفر الدين بن زين الدين بعمل مولد النبي، صلى الله عليه وسلم، صنف له كتابا سماه: التنوير في مدح السراج المنير، وفي آخر الكتاب قصيدة طويلة مدح بها مظفر الدين، وأولها:
لولا الوشاة وهم | أعداؤنا ما وهموا |
يفديه من عطا جما | دى كفه المحرم |
تسمى بأسماء الشهور فكفه | جمادى وما ضمت عليه المحرم |
دحية لم يعقب فلم تعتري | إليه بالبهتان والإفك؟ |
ما صح عند الناس شيء سوى | أنك من كلب بلا شك |
يا أيها العيسي ماذا الذي | تروم أن تثبته في الصريح |
إن أبا الخطاب من دحية | شبه الذي تذكره في المسيح |
ما فيه من كلب سوى أنه | ينبح طول الدهر لا يستريح |
أخرق لا يهدى إلى رشده | كالنار شرا وكلام كريح |
فرده الله إلى غربة | أو هاهنا يستره في الضريح |
يا ذا الذي يعزى إلى هاشم | ذمك عندي في البرايا نبيح |
ألست أعلى الناس في حفظ ما | يسند عن جدكم في الصحيح |
يكون حظي منكم طعنكم | في نسب زاك علي صريح |
وأعجب الأمر شقائي بكم | وأنني أحمى بقوم المسيح |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 22- ص: 0
ابن دحية الشيخ العلامة المحدث الرحال المتفنن مجد الدين أبو الخطاب عمر ابن حسن بن علي بن الجميل -واسم الجميل محمد- بن فرح بن خلف بن قومس بن مزلال بن ملال بن أحمد بن بدر بن دحية بن خليفة الكلبي، الداني ثم السبتي.
هكذا ساق نسبه، وما أبعده من الصحة والاتصال! وكان يكتب لنفسه: ذو النسبتين بين دحية والحسين.
قال أبو عبد الله الأبار: كان يذكر أنه من ولد دحية -رضي الله عنه، وأنه سبط أبي البسام الحسيني. سمع: أبا بكر بن الجد، وأبا القاسم بن بشكوال، وأبا عبد الله بن المجاهد، وأبا عبد الله بن زرقون، وأبا القاسم بن حبيش، وأبا محمد بن عبيد الله، وأبا محمد بن بونه. وحدث بتونس بـ ’’صحيح مسلم’’ عن طائفة، وروى عن آخرين منهم أبو عبد الله بن بشكوال، -وقال: سمعت منه كتاب ’’الصلة’’، وأبو عبد الله بن المناصف، وأبو القاسم بن دحمان، وصالح بن عبد الملك، وأبو إسحاق بن قرقول، وأبو العباس بن سيده، وأبو عبد الله بن عميرة، وأبو خالد بن رفاعة، وأبو القاسم بن رشد الوراق، وأبو عبد الله القباعي، وأبو بكر بن مغاور.
قال: وكان بصيرا بالحديث، معتنيا بتقييده، مكبا على سماعه، حسن الحظ، معروفا بالضبط، له حظ وافر من اللغة ومشاركة في العربية وغيرها. ولي قضاء دانية مرتين، وصرف لسيرة نعتت عليه، فرحل، ولقي بتلمسان أبا الحسن بن أبي حيون، فحمل عنه، وحدث بتونس في سنة 595، ثم حج، وكتب بالمشرق: بأصبهان، ونيسابور عن أصحاب الحداد والفراوي، وعاد إلى مصر فاستأدبه الملك العاجل لابنه الكامل ولي عهده، وأسكنه القاهرة فنال بذلك دنيا عريضة، وكان يسمع ويدرس. وله تواليف، منها: كتاب ’’إعلام النص المبين، في المفاصلة بين أهل صفين’’.
قلت: سمع من: أبي القاسم البوصيري بمصر، ومن أبي جعفر الصيدلاني بأصبهان، ومن: منصور الفراوي بنيسابور؛ سمع بها ’’صحيح مسلم’’ عاليا، بعد أن رواه نازلا، وحدث بدمشق وسمع بها، وسمع بواسط من أبي الفتح المندائي، سمع منه ’’مسند أحمد’’.
روى عنه ابن الدبيثي، فقال: كان له معرفة حسنة بالنحو واللغة، وأنسة بالحديث، فقيها على مذهب مالك، وكان يقول: إنه حفظ ’’صحيح مسلم’’ جميعه، وإنه قرأه شيخ بالمغرب من حفظه، ويدعي أشياء كثيرة.
ولابن عتين فيه:
دحية لم يعقب فلم تعتزي | إليه بالبهتان والإفك |
ما صح عند الناس شيء سوى | أنك من كلب بلا شك |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 16- ص: 278
عمر بن الحسن أبو الخطاب بن دحية الأندلسي المحدث. متهم في نقله، مع أنه كان من أوعية العلم، دخل فيما لا يعنيه، من ذلك أنه نسب نفسه، فقال: عمر بن حسن بن علي بن محمد بن فرح بن خلف بن قومس بن مزلال ابن ملال بن أحمد بن بدر بن دحية بن خليفة الكلبي، فهذا نسب باطل لوجوه: أحدها: أن دحية لم يعقب.
الثاني: أن على هؤلاء لوائح البربرية.
وثالثها: بتقدير وجود ذلك قد سقط منه آباء، فلا يمكن أن يكون بينه وبينه عشرة أنفس.
وله أسمعة كثيرة بالاندلس، وحدث بتونس في حدود التسعين وخمسمائة، وقدم البلاد، ودخل العجم، ولحق أبا جعفر الصيدلانى، وسمع حديث الطبراني عاليا، وكان بصيرا بالحديث: لغته ورجاله ومعانيه، وأدب الملك الكامل في شبيبته، فلما تملك الديار المصرية نال ابن دحية دنيا ورياسة، وكان يزعم أنه قرأ صحيح مسلم من حفظه على شيخ بالمغرب.
قال الحافظ الضياء: لم يعجبنى حاله، كان كثير الوقيعة في الائمة، ثم قال: أخبرني إبراهيم السنهوري أن مشايخ المغرب كتبوا له جرحه وتضعيفه، قال: فرأيت أنا منه غير شئ مما يدل على ذلك.
قلت: وذكر أنه حدثه بالموطأ عاليا أبو الحسن بن حنين الكتاني، وابن خليل القيسي، قالا: حدثنا محمد بن فرح الطلاع.
أقول: فأما ابن خليل فإنه سكن مراكش وفاس، وكان ابن دحية بالاندلس فكيف لقيه أو سمع منه؟ وكذلك ابن حنين فإنه خرج عن الاندلس ولم يعد، بل سكن مدينة فاس، ومات بها سنة تسع وستين وخمسمائة، فبالجهد أن يكون ابن دحية روى الموطأ عن هذين بالاجازة فالله أعلم، واستباح ذلك على رأى من يسوغ قول: حدثني بكذا ويكون إجازة، لكنه قد صرح بالسماع فيما أرى.
وقال قاضى حماة ابن واصل: كان ابن دحية مع فرط معرفته بالحديث وحفظه الكثير متهما بالمجازفة في النقل، وبلغ ذلك الملك الكامل، فأمره أن يعلق شيئا على كتاب الشهاب، فعلق كتابا تكلم فيه علي أحاديثه وأسانيده، فلما وقف الكامل على ذلك قال له - بعد أيام: قد ضاع منى ذلك الكتاب، فعلق لي مثله، ففعل فجاء في الكتاب الثاني مناقضة للاول، فعرف السلطان صحة ما قيل عنه، وعزله من دار الحديث الكاملية آخرا، ثم ولى أخاه أبا عمرو عثمان.
قلت: وقيل: إنما عزله لانه حصل له تغير ومبادئ اختلاط.
وله عدة كنى: أبو حفص، أبو الفضل، أبو علي الدانى الكلبي.
وكان يحمق ويتكبر، ويكنى نفسه، ويكتب ذو النسبتين بين دحية والحسين، فلو صدق في دعواه لكان ذلك رعونة.
كيف وهو متهم في انتسابه إلى دحية الكلبي الجميل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما جرأه على ذلك لانه كلبى نسبة إلى موضع من ساحل دانية، ويقال الكلفى بين الفاء والباء، ولهذا كان يكتب أولا الكلبي معا.
وأما انتسابه إلى الحسين عليه السلام فإنه من قبل جد لامه، فإن جده عليا هو الملقب بالجميل تصغيرا للجميل بالعبارة المغربية، وكان طويلا أعنق فوالدة الجميل هي ابنة الشريف أبي البسام العلوي الحسينى الكوفي، ثم الاندلسي.
وكان والده الحسن بن علي تاجرا من أهل دانية، قرأ القرآن على جده لامه الشيخ عتيق بن محمد.
قال ابن مسدى: رأيت الحذاق من علماء المغرب لا يزيدون على ذكر جدهم فرح إلا التعريف ببنى الجميل، وقد كان أخوه أبو عمرو عثمان يلقب بالجمل بن
الجميل.
وكان أبو الخطاب علامة، نزل مصر في ظل ملكها إلى أن مات.
وقد كان ولى قضاء دانية فأتى بزامر فأمر بثقب شدقه وتشويه خلقه، وأخذ مملوكا له فجبه واستأصل أنثييه وزبه، فرفع ذلك إلى المنصور ملك الوقت وجاءه النذير، فاختفى، وخرج خائفا يترقب، فعرج نحو إفريقية وشرق، ثم لم يعد.
وكان قبل قد قام تاجرا، وسمع من محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، ومن الخشوعى.
ولما عاد إلى الاندلس حدث بمقامات الحريري عن ابن الجوزي، عن المؤلف.
وليس ذا بصحيح.
وسمع بالاندلس من ابن خير بشكوال، والسهيلى، وجماعة.
ثم رأيت بخطه أنه سمع بين الستين إلى السبعين وخمسمائة من جماعة، كأبي بكر
[بن خيرو] اللواتى وأبي الحسن بن حنين، وليس ينكر عليه.
قلت: بل ينكر عليه كما قدمنا.
[قال]: وله تواليف تشهد باطلاعه.
قلت: وفي تواليفه أشياء تنقم عليه من تصحيح وتضعيف.
ومولده سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، أو بعد ذلك /.
وقال ابن نقطة: كان موصوفا بالمعرفة والفضل إلا أنه كان يدعى أشياء لا حقيقة لها، وذكر لي ثقة - وهو أبو القاسم بن عبد السلام - قال: أقام عندنا ابن دحية، فكان يقول: أحفظ صحيح مسلم والترمذي، قال: فأخذت خمسة أحاديث من
الترمذي، وخمسة من المسند، وخمسة من الموضوعات، فجعلتها في جزء فعرضعت حديثا من الترمذي عليه، فقال: ليس بصحيح، وآخر، فقال: لا أعرفه، ولم
يعرف منها شيئا.
مات أبو الخطاب في ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وستمائة.
دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان-ط 1( 1963) , ج: 3- ص: 186
عمر بن الحسن بن علي، أبو الخطاب بن دحية الأندلسي.
وصنف بعلم الحديث وغيره، توفي سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، وكانت ولادته سنة أربع وأربعين وخمسمائة.
مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق التراث والترجمة صنعاء، اليمن-ط 1( 2011) , ج: 7- ص: 1
عمر بن حسن بن علي بن محمد بن دحية الكلبي
يكنى أبا الخطاب، ويشهر بابن الجميّل من أهل مالقة. قرأ بها، وأخذ عن أشياخها، ثم انتقل إلى المشرق. وأخذ عن من هناك من الأشياخ. فعظم قدره، واتسعت روايته، وبعد صيته. وسكن القاهرة، واستوطنها في أيام الملك الكامل.
وكان له عنده من الجاه والمحلّ ما لم يصل إليه غيره. وكان استيطانه من القاهرة
بحارة ابن خزّان من القاهرة المصرية. وكان يخطّط نفسه بذي الحسبين والنّسبين، ما بين دحية والحسين. وكان ينسب إلى دحية صاحب النبي صلّى الله عليه وسلم. ونازعه في نسبه التّاج الكندي أمير النحاة هناك، وزعم أنّ دحية لم يعقّب. وردّ عليه أبو الخطّاب في جزء سماه: المرهف الهندي في الردّ على التاج الكندي، وأثبت فيه أنّ دحية قد عقّب وأنه من ذريته. وكان رحمه الله أديبا بارعا وشاعرا مطبوعا، إلا أنه كان يتهم في الرواية، لأنه كان مكثارا، وكان قليلا ما يروي. وتوفي بالقاهرة رحمه الله.
دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان، دار الأمان للنشر والتوزيع، الرباط - المغرب-ط 1( 1999) , ج: 1- ص: 322
بن دحية الإمام العلامة الحافظ الكبير أبو الخطاب عمر بن حسان ابن علي بن محمد بن فرج بن خلف الأندلسي الداني الأصل السبتي
كان يذكر أنه من ولد دحية الكلبي سمع ابن بشكوال وخلقاً وكان بصيرًا بالحديث معتنياً به معروفا بالضبط له حظ وافر من اللغة ومشاركة في العربية
ولي قضاء دانية ثم عزل فرحل ودخل أصبهان والعراق وعاد إلى مصر وأدب الملك الكامل ونال دنيا عريضة وصنف كتبا وكان مع معرفته وحفظه مجازفاً في النقل مع الدعاوي العريضة ويستعمل حدثنا في الإجازة مات ليلة رابع عشر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وستمائة عن نيف وثمانين سنة
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1403) , ج: 1- ص: 501
والعلامة أبو الخطاب عمر بن حسن بن علي دحية الداني ثم السبتي
دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 196
الكلبي
الإمام، الحافظ، العلامة، أبو الخطاب، عمر بن حسن بن علي بن محمد، الملقب بالجميل بن فرح بن خلف، الأندلسي، الداني الأصل، السبتي. وكان يكتب عن نفسه: كتبه ذو النسبين بين دحية والحسين.
قال الأبار: كان يذكر أنه من ولد دحية الكلبي، وأنه سبط أبي البسام الحسيني.
سمع بالأندلس أبا القاسم بن بشكوال، وأبا عبد الله بن المجاهد، وأبا بكر بن الجد، وأبا عبد الله بن زرقون، وأبا القاسم بن حبيش وطبقتهم.
وكان بصيراً بالحديث، معنياً بتقييده، مكباً على سماعه، حسن الخط، معروفاً بالضبط، له حظ وافر من اللغة ومشاركةٌ في العربية وغيرها، ولي قضاء دانية ثم صرف لسيرةٍ نعيت عليه، فرحل عنها، وحمل بتلمسان عن قاضيها ابن أخي حيون، وحدث بتونس في سنة خمس وتسعين، وحج، وكتب بالمشرق، بأصبهان والعراق ونيسابور، أدب الكامل، ونال دنيا عريضة، وصنف، ودرس، وله كتاب ’’النص
المبين في المفاضلة بين أهل صفين’’، وكتب إلي بالإجازة سنة ثلاث عشرة وست مئة.
وقال الحافظ ضياء الدين: لقيته بأصبهان ولم أسمع منه شيئاً، لم يعجبني حاله؛ [كان] كثير الوقيعة في الأئمة. فأخبرني إبراهيم السنهوري أنه دخل المغرب، وأن مشايخ المغرب كتبوا له جرحه وتضعيفه.
قال الضياء: وقد رأيت منه غير شيء مما يدل على ذلك.
وقال القاضي ابن واصل: كان أبو الخطاب مع فرط معرفته وحفظه متهماً بالمجازفة في النقل، فبلغ ذلك الملك الكامل [فأمره أن يعلق شيئاً على كتاب ’’الشهاب’’، فعلق كتاباً تكلم فيه على أسانيده، وأراه الكامل] فقال له الكامل بعد أيام: ضاع مني الكتاب، فعلق لي مثله. ففعل، فجاء منافياً مناقضاً للأول، فعلم السلطان صحة ما قيل عنه، وعزله من دار الحديث، وولى مكانه أخاه الإمام أبا عمرو اللغوي.
وقال ابن نقطة: كان أبو الخطاب موصوفاً بالمعرفة والفضل، لم أره؛ إلا أنه كان يدعي أشياء لا حقيقة لها، فذكر لي أبو القاسم بن عبد السلام - وهو ثقة - قال: نزل عندي ابن دحية فجعل يقول: أحفظ ’’صحيح مسلم’’، و’’جامع الترمذي’’، فأخذت خمسة أحاديث من الترمذي، وخمسةً من ’’المسند’’، وخمسة موضوعات، وجعلتها جزءاً، وعرضتها عليه؛ فلم يعرف منها شيئاً.
وذكر ابن خلكان أنه قدم إربل، فصنف لملكها كتاب ’’المولد’’، ومدحه بقصيدةٍ، ثم ظهر أن القصيدة لغيره.
وقال ابن النجار: قدم علينا، وأملى من حفظه، وذكر أنه سمع من جماعه غير أني رأيت الناس مجمعين على كذبه وضعفه وادعائه ما لم يسمعه، وكانت أمارات ذلك لائحةً على كلامه، وفي حركاته، وكان القلب يأبي سماع كلامه، سكن مصر، وصادف قبولاً من السلطان الكامل، وأقبل عليه إقبالاً عظيماً، وسمعت أنه كان يسوي له المداس حين يقوم.
قال: ونسبه ليس بصحيح، وكان حافظاً، ماهراً، تام المعرفة بالنحو واللغة، ظاهري المذهب، كثير الوقيعة في السلف، أحمق شديد الكبر، خبيث اللسان، متهافتاً في دينه، وكان يخضب بالسواد.
وقال ابن مسدي: كان والد أبي الخطاب تاجراً يعرف بالكلبي - بين الباء والفاء - وهو اسم موضع بدانية، فكان أبو الخطاب يكتب أولاً الكلبي - معاً؛ إشارة إلى الموضع وإلى النسب، وكان علامة زمانه.
وذكر غيره أنه كان يقول ’’حدثنا’’ في الإجازة.
وقد سمع من أبي الفتح الفراوي، وابن الجوزي، وسمع ’’معجم الطبراني’’ من أبي جعفر الصيدلاني، وسمع ’’مسند’’ الإمام أحمد بواسط من المندآئي، وسمع بمصر من البوصيري وطبقته.
وحدث في سنة ست مئة أو بعدها بـ’’الموطأ’’ وسمعه منه أبو عمرو بن الصلاح.
ومات في ربيع الأول سنة ثلاثٍ وثلاثين وست مئة، وله أكثر من ثمانين سنة.
وفيها: مات الجمال أبو حمزة أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر المقدسي، وله أربع وستون سنة. والمسند الكبير أبو الحسن علي بن أبي بكر بن روزبة البغدادي القلانسي. وقاضي القضاة عماد الدين نصر بن عبد الرزاق بن الشيخ عبد القادر الجيلي الحنبلي، وله سبعون سنة، وآخرون.
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 4- ص: 1