ابن المقرب العيوني علي بن المقرب بن منصور بن المقرب ابن الحسن بن عزيز بن ضيار الربعي العيوني، جمال الدين، أبو عبد الله: شاعر مجيد، من بيت إمارة. نسبته إلى العيون (موضع بالبحرين) وهو من أهل الأحساء (غربي الخليج الفارسي) اضطهده أميرها (أبو المنصور علي بن عبد الله ابن علي) وكان من أقاربه، فأخذ أمواله، وسجنه مدة. ثم أفرج عنه، فأقام على مضض. ورحل ألة العراق، فمكث في بغداد أشهرا. وعاد فنزل في (هجر) ثم في (القطيف) واستقر ثانية في بلدة (الأحساء) محاولا استرداد أمواله وأملاكه، ولم يفلح. وزار الموصل سنة 617هـ ، للقاء الملك الأشرف قد برحها لمحاربة الإفرنج في دمياط. واجتمع به في الموصل ياقوت الحموي، وروى عنه بيتين من شعره، وذكر أنه (مدح بالموصل بدر الدين- لؤلؤا- وغيره من الأعيان، ونفق، فأرفدوه وأكرموه) وعاد بعد ذلك إلى البحرين، فتوفي بها. له (ديوان شعر- ط).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 24
علي بن المقرب العيوني الإحسائي قال الحافظ المنذري في كتابه التكملة لوفيات النقلة، نسخة دار الكتب المصرية في ذكر وفيات سنة 629:
ويقال أبو الحسن علي بن المقرب بن منصور بن المقرب بن الحسن بن عزيز بن سنبار بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الربعي العيوني البحراني الإحسائي الشاعر بالبحرين ومولده سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة بالإحساء من بلاد البحرين وقيل أنه توفي في رجب من هذه السنة. 629 قدم بغداد وحدث بها شيئا من شعره، كتب عنه غير واحد من الفضلاء ودخل الموصل أيضا ومدح ملكها وأقبل عليه أهل البلد أيضا وكان شاعرا مجيدا مليح الشعر وقيل أنه من بكر بن وائل انتهى ويقول الدكتور مصطفى جواد أنه أقام ببغداد سنة 610 وسنة 614 أو بعضها وسمع الأدباء والرواة عليه شعره أو كثيرا منه. ويقول إن وفاته كانت في البحرين في المحرم سنة 621 كما أنه لقبه بكمال الدين أو موفق الدين أبو عبد الله.
وقال في كتاب (ساحل الذهب الأسود):
نظم الشعر في سن مبكرة وهو لا يتجاوز العاشرة من العمر وقضى أيام شبابه بالإحساء وكان طموحا للملك، وقد شاهد بأم عينه مدى التناحر والانشقاق في الأسرة العيونية، وطمع كل أمير في الاستئثار بالملك حتى تجزأت بلاد البحرين إلى إمارات بين أسرته، وظل كل أمير يثب على ابن عمه أو أخيه فيقاتله أو يقتله. وقد أصاب الشاعر شيء من هذه المحنة فصادر أبو المنصور أملاكه وسجنه، ولما أطلق سراحه غادر الإحساء إلى بغداد، وحين تولى محمد بن ماجد عاد إلى مسقط رأسه فمدحه أملا منه في استرجاع أملاكه، فماطل في وعده ووشى به بعض الحساد من جلساء الأمير، فخاف الشاعر على نفسه فغادرها إلى القطيف ولبث فيها فترة مدح أميرها الفضل بن محمد دون جدوى، ثم عاد أخيرا إلى الإحساء أملا منه في إصلاح الوضع، فلما يئس غادرها إلى الموصل حيث مدح أميرها بدر الدين بقصائد كما هجاه أخيرا حين لم يصل منه إلى غاياته، وكان هذا الأمير مملوكا أرمنيا فمما قاله فيه:
تسلط بالحدباء عبد للؤمه | بصير بلى عن كل مكرمة عمي |
إذا أيقظته لفظة عربية | إلى المجد قالت أرمنيته نم |
سل القرامط من شظى جماجمهم | طرا وغادرهم بعد العلا خدما |
من بعد إن جل بالبحرين شأنهم | وأرجفوا الشام بالغارات والحرما |
وما بنوا مسجدا لله نعلمه | بل كلما وجدوه قائما هدما |
وحرقوا عبد قيس في منازلها | وغادروا الغر من ساداتها حمما |
من أي خطب فادح نتألم | ولأي مرزية ننوح ونلطم |
قمنا بسنتكم وحطنا دينكم | بالسيف لا نألوا ولا نتبرم |
وعلى المنابر صرحت خطباؤنا | جهرا بكم وأنوف قوم ترغم |
لا تسلموني يوم لا متأخر | لي عن جزا عملي ولا متقدم |
في كل أرض إذا يممتها وطن | ما بين حر وبين الدار من نسب |
إذا الديار تغشاك الهوان بها | فخلها لضعيف العزم واغترب |
فان ساءتك أخلاق أهله | فدعه فما يغضي على الضيم ماجد |
فما هجر أم غذتك لبانها | ولا الخط إن فارقتها لك والد |
خلياني من وطاء ووساد | لا أرى النوم على شوك القتاد |
واتركاني من أباطيل المنى | فهي بحر ليس يروى منه صادي |
إنما تدرك غايات المنى | بمسير أو طعان أو جلاد |
يا واقفا بدمنة ومربع | أبك على آل النبي أودع |
يكفيك ما عاينت من مصابهم | من إن تبكي طللا بلعلع |
بحبهم قلت وتبكي غيرهم | انك فيما قلته لمدعي |
أ ما علمت إن إفراط الأسى | عليهم علامة التشيع |
أقوت مغانيهم فهن بالبكا | أحق من وادي الغضا والأجرع |
يا ليت شعري من أنوح منهم | ومن له ينهل فيض أدمعي |
أ للوصي حين في محرابه | عمم بالسيف ولما يركع |
أم للبتول فاطم إذ منعت | عن إرثها الحق بأمر مجمع |
أم للذي أودت به جعدتهم | يومئذ بكأس سم منقع |
وإن حزني لقتيل كربلاء | ليس على طول المدى بمقلع |
إذا ذكرت يومه تحدرت | مدامعي بأربع فأربع |
يا راكبا نحو العراق جرشعا | تنمى لعبدي النجار جرشع |
إذا بلغت نينوى فقف بها | وقوف محزون الفؤاد موجع |
والبس إذا بلغتها ثوب الأسى | وكل ثوب للعزاء المفجع |
فان فيها للهدى مصارعا | هائلة بمثلها لم يسمع |
واسفح بها دمعك لا متقيا | في غربة ونح دواما واجزع |
وكل دمع ضائع، سال على | غير غريب المصطفى المضيع |
لله يوم بالطفوف لم يدع | لمسلم في العمر من مستمتع |
يوم به اعتلت مصابيح الهدى | لعارض من الضلال مفزع |
يوم به لم يبق من دعامة | لشد ركن الدين لم تضعضع |
يوم به لم يبق قط مارن | ومعطس للحق لم يجدع |
يوم به لم تبق قط وصلة | حقا لآل المصطفى لم تقطع |
يوم به غودر سبط المصطفى | للمرهفات والرماح الشرع |
وحوله من صحبه كل فتى | حامي الذمار بطل سميدع |
لهفي لمولاي الشهيد ظاميا | يذاد عن ماء الفرات المترع |
لم يسمح القوم له بشربة | حتى قضى بغلة لم تنقع |
لهفي له ورأسه في ذابل | كالبدر يزهو في أتم مطلع |
لهفي لثغر السبط إذ يقرعه | من لعصاة مجده لم يقرع |
يا لهف نفسي لبنات أحمد | بين عطاش في الفلا وجوع |
يسقن في ذل السبا حواسرا | إلى الشام فوق حسرى ظلع |
يقدمهن الرأس في قناته | هدية إلى الدعي ابن الدعي |
ينذبن يا جداه لو رأيتنا | نسلب كل معجر وبرقع |
يحدو بنا حاد عنيف سيره | لو قيل أربع ساعة لم يربع |
يا آل طه أنتم وسيلتي | إلى الإله واليكم مفزعي |
واليتكم كيما أكونه عندكم | تحت لواء الأمن يوم الفزع |
وإن منعتم من يوالي غيركم | إن يرد الحوض غدا لم أمنع |
إليكم نفثة مصدور أتت | من مصقع ندب وأي مصقع |
مقربي عربي طبعه | ونجره وليس بالمذرع |
ينمى إلى البيت العتيق بل إلى | أجل بيت في العلى وأرفع |
عليكم صلى إلهي وسقى | أجداثكم بطل غيث ممرع |
شقت لأجل رحيلك الأكباد | ووهت لعظم مصابك الأطواد |
وتعطل الوادي فلا لنسيمه | أرج ولا لظلاله استمداد |
أهيل الحمى رقوا لحالي والشكوى | فان فؤادي للصبابة لا يقوى |
وقلبي وطرفي في اشتغال فواحد | سفوح وذا من نار جمرته يكوى |
وصبري عزيز عن لقاء أحبتي | وعيشهم لا أضمرت نفسي السلوى |
أقول وقد لاحت بروق على قبا | وعنق اشتياقي عن رفاقي لا يلوى |
وحادي المطايا بالركائب قد حدا | بسفح اللوى وهنا يرنم بالشكوى |
أأحبابنا بالبيت بالركن بالصفا | بزمزم داووا ما بقلبي من البلوى |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 8- ص: 347