ابن رضوان علي بن رضوان بن علي بن جعفر، أبو الحسن: طبيب، رياضي، من العلماء. من أهل مصر. كان أبوه فرانا. وارتقى هو بعلمه، فاتصل بالحاكم، فجلعه رأسا للأطباء. قال ابن تغري بردي: هو من كبار الفلاسفة في الاسلام. له تصانيف كثيرة، فيها المترجم والموضوع، منها (حل شكوك الرازي على كتب جالينوس) و (المستعمل من المنطق في العلوم والصنائع) و (التوسط بين أرسطو وخصومه) و (كفاية الطبيب - خ) و (دفع مضار الأبدان - ط) رسالة، و (النافع - خ) في الطب، و (أصول الطب - خ).

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 289

الطبيب المصري علي بن رضوان بن علي بن جعفر أبو الحسن المصري رئيس الأطباء للحاكم صاحب مصر. لم يكن له معلم في صناعة الطب ينسب إليه، وله مصنف في أن التعلم من الكتب أوفق من المعلمين. ورد عليه ابن بطلان هذا الرأي وغيره في كتاب مفرد، وذكر فصلا في العلل التي من أجلها صار المتعلم من أفواه الرجال أفضل من المتعلم من الصحف إذا كان قبولهما واحدا، وأورد عدة علل، الأولى منها تجري هكذا:
وصول المعاني من النسيب إلى النسيب، خلاف وصولها من غير النسيب إلى النسيب. والنسب الناطق أفهم للتعليم بالنطق وهو المعلم، وغير النسيب له حماد وهو الكتاب، وبعد الجماد من الناطق مطيل طريق الفهم وقرب الناطق من الناطق مقرب للفهم. فالنسيب تفهيمه أقرب وأسهل من غير النسيب، وهو الكتاب.
الثانية: منها النفس العلامة، علامة بالفعل، وصدور الفعل عنها يقال له التعليم، والتعليم من المضاف. وكلما هو للشيء بالطبع أخص به مما ليس هو بالطبع. والنفس المتعلمة علامة بالقوة، وقبول العلم فيها يقال له تعلم، والمضافان معا بالطبع. فالتعليم من المعلم أخص بالمتعلم من الكتاب.
الثالثة: المتعلم إذا استعجم عليه ما يفهمه المعلم من لفظه، نقله إلى لفظ آخر، والكتاب لا ينقل من لفظ إلى لفظ. فالفهم من المعلم أصلح للمتعلم من الكتاب، وكلما هو بهذه الصفة فهو في ايصال العلم أصلح للمتعلم.
الرابعة: العلم موضوعه اللفظ، واللفظ على ثلاثة أضرب: قريب من العقل، وهو الذي صاغه العقل مثالا لما عنده من المعاني. ومتوسط، وهو المتلفظ به بالصوت، وهو مثال العقل، وبعيد وهو المثبت في الكتاب، وهو مثال ما خرج باللفظ. فالكتاب مثال مثال مثال المعاني التي في العقل. والمثال الأول لا يقوم مقام الممثل لعوز المثل، فما ظنك بمثال مثال مثال الممثل، فالمثال الأول لما عند العقل أقرب في الفهم من مثال المثال. والمثال الأول هو اللفظ، والثاني هو الكتاب. وإذا كان الأمر على هذا فالفهم من لفظ المعلم أسهل وأقرب من لفظ الكتاب.
الخامسة: وصول اللفظ الدال على المعنى إلى العقل، يكون من جهة حاسة غريبة من اللفظ، وهو البصر. لأن حاسة النسيبة للفظ هي السمع، لأنه تصويت، والشيء الواصل من النسيب، وهو اللفظ، أقرب من وصوله من الغريب وهو الكتابة. فالفهم من المعلم باللفظ أسهل من الفهم من الكتابة بالخط.
السادسة: يوجد في الكتاب أشياء تصد عن العلم، وهي معدومة عند المعلم، وهي التصحيف العارض من اشتباه الحروف مع عدم اللفظ، والغلط بزوغان البصر، وقلة الخبرة بالإعراب، أو عدم وجوده مع الخبرة بالإعراب أو فساد الموجود منه، وإصلاح الكتاب ما لا يقرأ وقراءة ما لا يكتب، ونحو التعليم ونمط الكلام، ومذهب صاحب الكتاب، وسقم النسخ، ورداءة النقل، وإدماج القارئ مواضع المقاطع، وخلط مبادئ التعليم، وذكر ألفاظ مصطلح عليها في تلك الصناعة، وألفاظ يونانية لم يخرجها الناقل من اللغة كالثوروس، وهذه كلها معوقة عن العلم. وقد استراح المتعلم من تكلفها عند قراءته على المعلم. وإذا كان الأمر على هذه الصورة، فالقراءة على العلماء أفضل وأجدى من قراءة الإنسان لنفسه، وهو ما أردنا بيانه. قال: وأنا آتيك ببيان سائغ أظنه مصدقا لما عندك، وهو ما قاله المفسرون في الاعتياض عن السالبة البسيطة بالموجبة المعدولة، فإنهم مجمعون على أن هذا الفصل لو لم يسمعه من أرسطو تلميذاه ثامسطيوس وأوذيموس لما فهم قط من كتاب، انتهى كلام ابن بطلان.
قلت: ولهذا قال العلماء: لا تأخذوا العلم من صحفي ولا مصحفي، يعني: لا يقرأ القرآن على من قرأ من المصحف، ولا الحديث وغيره على من أخذ ذلك من الصحف. وحسبك بما جرى لحماد لما قرأ في المصحف، وما صحفه، وذلك مذكور في ترجمة حماد الراوية. وقد وقع لابن حزم وابن الجوزي أوهام وتصحيف معروفة عند أهلها، وناهيك بهذين الاثنين. وهذا الرئيس أبو علي ابن سينا، وهو ما هو، لما استبد بنفسه في الأدوية المفردة اتكالا على ذهنه، لما سلم من سوء الفهم لم يسلم من التصحيف، فإنه أثبت البنطافلن -وهو بتقديم الباء على النون- ومعناه: ذو خمس أوراق في حرف النون. وكان لابن رضوان دار تعرف به في مصر في قصر الشمع، قدمه الحاكم وجعله رئيس الأطباء. وكان كثير الرد على أرباب مذهبه، وفيه تشنيع في بحثه، إلا أنه كان يرجع إلى خير ودين وتوحيد. وشرح عدة كتب لجالينوس، وله مقالة في دفع المضار بمصر عن الأبدان. وكتاب في أن حال عبد الله بن الطبيب حال السوفسطائية، والانتصار لأرسطاليس. وتفسير ناموس الطب لأبقراط. وكتاب المعاجين والأشربة، مقالة في إحصاء عدد الحميات. ورسالة في الأورام. رسالة في علاج داء الفيل. رسالة في الفالج. مسائل جرت بينه وبين إبراهيم بن الهيثم في المجرة والمكان. الأدوية المفردة، رسالة في بقاء النفس بعد الموت. مقالة في فضل الفلسفة. مقالة في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من التوراة والفلسفة. مقالة في حدث العالم. مقالة في توحيد الفلاسفة. الرد على ابن زكرياء الرازي في العلم الإلهي. إثبات الرسل. مقالة في التنبيه على حيل المنجمين ويصف شرفها. مقالة في كل السياسة. مقالة في الشعير وما يعمل منه. مقالة في الأدوية المسهلة. تعليق من كتاب التميمي في الأغذية والأدوية. مقالة في أن كل واحد من الأعضاء يغتذي من الخلط المشاكل له. مقالة في أن ابن بطلان لا يعرف كلام نفسه فضلا عن كلام غيره. رسالة إلى أطباء مصر والقاهرة في خبر ابن بطلان والرد عليه. مقالة في عدد حميات الأخلاط. مقالة في الأورام. رسالة في الكون والفساد. مقالة في أن في الوجود نقط وخطوط طبيعية. وله غير ذلك أشياء كثيرة.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 21- ص: 0

ابن رضوان الفيلسوف الباهر أبو الحسن؛ علي بن رضوان بن علي بن جعفر المصري صاحب التصانيف وله دار كبيرة بمصر قد تهدمت.
كان صبيا فقيرا يتكسب بالتنجيم واشتغل في الطب ففاق فيه وأحكم الفلسفة ومذهب الأوائل وضلالهم فقال: أجهدت نفسي في التعليم فلما بلغت أخذت في الطب والفلسفة وكنت فقيرا ثم اشتهرت بالطب وحصلت منه أملاكا وأنا الآن في الستين.
قلت: كان أبوه خبازا ولما تميز خدم الحاكم بالطب فصيره رئيس الأطباء وعاش إلى القحط الكائن في الخمسين وأربع مائة فسرقت يتيمة رباها عنده نفائس وهربت فتعثر واضطرب وكان ذا سفه في بحثه ولم يكن له شيخ بل اشتغل بالأخذ عن، الكتب وصنف كتابا في تحصيل الصناعة من الكتب وأنها أوفق من المعلمين. وهذا غلط وكان مسلما موحدا ومن قوله: أفضل الطاعات النظر في الملكوت وتمجيد المالك لها. وشرح عدة تواليف لجالينوس وله مقالة في دفع المضار بمصر عن، الأبدان ورسالة في علاج داء الفيل ورسالة في الفالج ورسالة في بقاء النفس بعد الموت مقالة في نبوة نبينا -صلى الله عليه وسلم- مقالة في حدث العالم مقالة في الرد على محمد بن زكريا الرازي في العلم الإلهي وإثبات الرسل مقالة في حيل المنجمين وقد سرد له ابن أبي أصيبعة عدة تصانيف.
ثم قال: مات سنة ثلاث وخمسين وأربع مائة.
جغريبك، طغرلبك:

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 13- ص: 333

أبي الحسن علي بن رضوان
المعروف بالثمانيني الضرير

  • هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، القاهرة - مصر-ط 2( 1992) , ج: 1- ص: 24