الشريف المرتضى علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم، من أحفاد الحسين بن علي بن أبي طالب: نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر. يقول بالاعتزال. مولده ووفاته ببغداد. له تصانيف كثيرة، منها (الغرر والدرر - ط) يعرف بأمالي المرتضى، و (الشهاب في الشيب والشباب - ط) و (الشافي في الإمامة - خ) و (تنزيه الانبياء - ط) و (الانتصار - ط) فقه، و (المسائل الناصرية - ط) فقه، و (تفسير القصيدة المذهبة - ط) شرح قصيدة للسيد الحميري، و (إنقاذ البشر من الجبر والقدر - ط) و (أوصاف البروق) و (ديوان شعر) يقال: إن فيه عشرين ألف بيت. وكثير من مترجميه يرون أنه هو جامع (نهج البلاغة - ط) لا أخوه الشريف الرضي، قال الذهبي: وهو - أي المرتضى - المتهم بوضع كتاب نهج البلاغة، ومن طالعه جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 278

الشريف المرتضى علي ابن الحسين ولد سنة 355 وتوفي سنة 436 ودفن أولا في داره ثم نقل إلى جوار جده الحسين، هو أبو القاسم علي ابن الطاهر ذي المناقب أبي أحمد الحسين ابن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين الملقب بالمرتضى ذي المجدين علم الهدى كان نقيب الطالبيين وكان إماما في علم الكلام والأدب والشعر وله ديوان شعر كبير وله الكتاب الذي سماه الدرر والغرر وهي مجالس أملاها تشتمل على فنون من معاني الأدب تكلم فيها على النحو واللغة وغير ذلك وهو كتاب ممتع يدل على فضل كثير وتوسيع في الاطلاع على العلوم. وذكره ابن بسام في أواخر الذخيرة فقال كان هذا الشريف إمام أئمة العراق بين الاختلاف والاتفاق واليه فزع علماؤها وعنه أخذ عظماؤها صاحب مدارسها وجامع شاردها وآنسها وكانت ممن سارت أخباره وعرفت به أشعاره وحمدت في ذات الله مآثره وآثاره إلى تأليف في الدين وتصانيف مما يشهد أنه فرع تلك الأصول ومن أهل ذلك البيت الجليل وملح الشريف المذكور وفضائله كثيرة انتهى. وعن الصفدي أنه قال في الوافي بالوفيات كان فاضلا ماهرا أديبا متكلما. وعن السيوطي في الطبقات عن ياقوت عن أبي القاسم الطوسي أن المرتضى توحد في علوم كثيرة مجمع على فضله مثل الكلام والفقه وأصول الفقه والأدب من النحو والشعر ومعانيه واللغة وغير ذلك وله تصانيف، وعن السيد علي خان الشيرازي في كتاب الدرجات الرفيعة أنه قال كان أبوه النقيب أبو أحمد جليل القدر عظيم المنزلة في دولة بني العباس ودولة بني بويه وأما والدة الشريف فهي فاطمة بنت الحسين بن أحمد بن الحسن الناصر الأصم وهو أبو محمد الحسن بن علي بن عمر الأشرف بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهي أم أخيه أبي الحسن الرضي رضي الله عنهما، وكان الشريف المرتضى أوحد أهل زمانه فضلا وعلما وكلاما وحديثا وشعرا وخطابة وجاها وكرما إلى غير ذلك قرأ هو وأخوه الرضي على ابن نباته صاحب الخطب وهما طفلان ثم قرأ كلاهما على الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان قدس سره وكان المفيد رأى في منامه إن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخلت عليه وهو في مسجده بالكرخ ومعها ولداها الحسن والحسين (عليه السلام) صغيرين فسلمتهما إليه وقالت علمهما الفقه فانتبه الشيخ وتعجب من ذلك فلما تعالى النهار في صبيحة تلك الليلة التي رأى فيها الرؤيا دخلت إليه المسجد فاطمة بنت الناصر وحولها جواريها وبين يديها ابناها علي المرتضى ومحمد الرضي صغيرين فقام إليها وسلم عليها فقالت له أيها الشيخ هذان ولداي قد أحضرتهما إليك لتعلمهما الفقه فبكى الشيخ وقص عليها المنام وتولى تعليمهما وانعم الله عليهما وفتح الله لهما من أبواب العلوم والفضائل ما اشتهر عنهما في آفاق الدنيا وهو باق ما بقي الدهر.
وكان نحيف الجسم حسن الصورة وكان يدرس في علوم كثيرة ويجري على تلامذته رزقا فللشيخ أبي جعفر الطوسي كل شهر اثنا عشر دينارا وللقاضي ابن البراج كل شهر ثمانية دنانير، وأصاب الناس في بعض السنين قحط شديد فاحتال يهودي على قوت يحفظ به نفسه فخطر له يوما مجلس المرتضى فاستأذنه إن يقرأ عليه شيئا من علم النجوم فإذن له وأمر له بجائزة تجري عليه كل يوم فقرأ عليه برهة ثم أسلم على يده وكان قد وقف قرية على كاغد الفقهاء، وتولى نقابة النقباء وإمارة الحج والمظالم بعد أخيه الرضي أبي الحسن وهو منصب والدهما وفي تاريخ إتحاف الورى بأخبار أم القرى في حوادث سنة تسع وثمانين وثلاثمائة قال فيها حج الشريفان المرتضى والرضي فاعتقلهما في أثناء الطريق ابن الجراح الطائي فأعطياه تسعة آلاف دينار من أموالهما. انتهى كلام صاحب الدرجات الرفيعة باختصار وقال العلامة في الخلاصة والشيخ الطوسي في الفهرست في حقه على ما حكي عنهما: متوحد في علوم كثيرة مجمع علي فضله متقدم في علوم مثل علم الكلام والفقه وأصول الفقه والأدب من النحو والشعر واللغة وغير ذلك وله ديوان شعر يزيد على عشرين ألف بيت وقال الشيخ الطوسي في حقه أيضا أكثر أهل زمانه أدبا وفضلا متكلم فقيه جامع للعلوم كلها مد الله في عمره وعن الشيخ أبي جعفر محمد بن يحيى بن مبارك بن مقبل الغساني الحمصي أنه قال قد كان شيخنا عز الدين أحمد بن مقبل يقول لو حلف إنسان أن السيد المرتضى كان أعلم بالعربية من العرب لم يكن عندي آثما ولقد بلغني عن شيخ من شيوخ الأدب بمصر أنه قال والله إني استفدت من كتاب الغرر مسائل لم أجدها في كتاب سيبويه وغيره من كتب النحو انتهى وعن العلامة الطباطبائي في فوائده الرجالية عظيما وصنف كتابا يقال له الثمانين وعمره ثمانون سنة وثمانية أشهر وعن القاضي التنوخي صاحب السيد المرتضى أنه قال في حقه بلغ في العلم وغيره مرتبة عظيمة قلد نقابة الشرفاء شرقا وغربا وإمارة الحج والحرمين والنظر في المظالم وقضاء القضاء وبقي على ذلك ثلاثين سنة انتهى وهي مدة حياته بعد أخيه الرضي ومن العجب أنه مع تقلده لهذه الأعمال ومزاولته لتلك الإشغال وحوزه تلك الأموال برز منه هذه المصنفات التي أكثرها عقليات وهذا من أعظم الكرامات ومصنفاته عديدة تستفيد الناس بها في كل زمان قال العلامة الطباطبائي وكتبه كلها أصول وتأسيسات غير مسبوقة بمثال من كتب من تقدمه.
قال الدكتور عبد الرزاق محيي الدين:
كان مما انتهيت إليه في تقدير المرتضى في ثقافته الأدبية أنه كان في طليعة المفسرين للقرآن الكريم بالرأي من الشيعة فقد كان غالبهم مفسرين بالأثر من قبل ذلك، وانه كان من سابقيهم دعوة إلى فتح باب الاجتهاد في الفقه، وأسبقهم تأليفا في الفقه المقارن، وأنه كان واضع الأسس لأصول الفقه لديهم، ومجلى الفروق بينها وبين أصول العقائد لدى الشيعة وسواهم، وأنه في علم الحديث كان أول من نادى الشيعة برفض شطر كبير من الحديث وبخاصة ما كان من خبر الآحاد فيها، وكان لعمله هذا فضل كبير في تمحيص أحاديث أهل البيت وفحصها، وأنه في علم الكلام كان قرن القاضي عبد الجبار رأس المعتزلة وشيخهم الذي إليه انتهت زعامتهم في القديم والحديث، وأنه في جماع ذلك كان يعتبر مجدد المذهب الشيعي الإمامي وباعثه في القرن الرابع الهجري.
ولقد رأيت في المرتضى أديبا ناقدا يعتبر في طليعة الناقدين، وأديبا ناثرا يعد من خيرة الأدباء المترسلين، وأديبا شاعرا، يسلك به في الشعراء الآليين الذين يملكون المادة الصالحة، والآلة المرهفة، ولا يملكون القدرة على الانتفاع بهما من أجل تحويلها إلى بضاعة تدخل سوق الأدب فتصيب حظا بالغا من تقدير ورواج.
ويبدو من مؤلفات السيد المرتضى وبخاصة ما كان منها أديبا أنه كان قوي الحافظة، كثير الرواية والأخذ، وأنه بما أخذه من كتب القدماء، وبما رواه عن أساتذته لا يقل شانا عن المبرد وأبي علي القالي وابن الأنباري وأمثالهم، فقد وقف الرجل فيما قرأناه من آماليه وغيره على كثير من مأثور الأصمعي وابن السكيت وأحمد ابن عبيد وأبي بكر العبدي. قرأ تاريخ الطبري والبلاذري وأبي مخنف واقتبس من كتاب عيون الأخبار لابن قتيبة، والكامل للمبرد، وديوان الحماسة للبحتري، وترجم لكثير من شعراء المعتزلة والجبرية، وأطال في قصص المعمرين وأئمة الخوارج.
مناقشة ما ادعي على السيد المرتضى ويقول الدكتور محيي الدين:
1 - حكى الخطيب أبو زكريا يحيى بن علي التبريزي اللغوي: إن أبا الحسن علي بن أحمد بن علي الفالي الأديب كان له نسخة من كتاب الجمهرة لابن دريد في غاية الجودة، فدعته الحاجة إلى بيعها، فاشتراها الشريف المرتضى بستين دينارا، وتصفحها، فوجد فيها أبياتا بخط بائعها:

فارجع النسخة إليه وترك الدنانير
2 - قرأت بخط محمد بن إدريس الحلي الفقيه الإمامي قال:
حكى أبو حامد أحمد بن محمد الأسفراييني الفقيه الشافعي قال:
كنت يوما عند فخر الملك أبي غالب ’’محمد بن خلف’’ وزير بهاء الدولة وابنه سلطان الدولة، فدخل عليه الرضي أبو الحسن، فأعظمه وأجله، ورفع من منزلته، وخلى ما كان بيده من القصص والرقاع، وأقبل عليه يحادثه إلى إن انصرف. ثم دخل بعد المرتضى أبو القاسم رضي الله عنه، فلم يعظمه ذلك التعظيم، ولا أكرمه ذلك الإكرام، وتشاغل عنه برقاع يقرؤها، وتوقيعات يوقع بها، فجلس قليلا، وسأله أمرا فقضاه، ثم انصرف.
قال ’’أبو حامد’’: فتقدمت إليه وقلت له: أصلح الله الوزير، هذا المرتضى هو الفقيه المتكلم، صاحب الفنون، وهو الأفضل والأمثل منهما، وإنما أبو الحسن شاعر، قال: فقال: إذا انصرف الناس، وخلا المجلس أجبتك عن هذه المسألة، قال: وكنت مجمعا على الانصراف فجاءني أمر لم يكن في الحساب، فدعت الضرورة إلى ملازمة المجلس إلى إن تقوض. الناس واحدا فواحدا، فلما لم يبق إلا غلمانه وحجابه دعا بالطعام، فلما أكلنا وغسل يديه وانصرف عنه أكثر غلمانه ولم يبق عنده غيري، قال لخادم له: هات الكتابين اللذين دفعتهما إليك منذ أيام، وأمرتك إن تجعلهما في السفط الفلاني، فأحضرهما، فقال: هذا كتاب الرضي، اتصل بي أنه قد ولد له، فأنفذت إليه ألف دينار، وقلت: هذا للقابلة، فقد جرت العاد إن يحمل الأصدقاء إلى أخلائهم، وذوي مودتهم مثل هذا في مثل هذه الحال، فردها، وكتب إلي هذا الكتاب فاقرأه، فقرأته وهو اعتذار على الرد وفي جملته: إننا أهل بيت لا يطلع على أحوالنا قابلة غريبة، وإنما عجائزنا يتولين هذا الأمر من نسائنا، ولسن ممن يأخذن أجرة، ولا يقبلن صلة. قال فهذا هذا.
وأما المرتضى فإننا كنا قد وزعنا وقسطنا على الأملاك ببادوريا تقسيطا نصرفه في حفر فوهة المعروف بنهر عيسى، فأصاب ملكا للشريف المرتضى بالناحية المعروفة بالداهرية من التقسيط عشرون درهما، ثمنها دينار واحد، قد كتب إلي منذ أيام في هذا المعنى هذا الكتاب، فاقرأه، فقرأته، وهو أكثر من مائة سطر، يتضمن من الخضوع والخشوع، والاستمالة والهز، والطلب والسؤال، في اسقاط هذه الدراهم عن أملاكه المشار إليها ما يطول شرحه. قال فخر الملك: فأيهما ترى أولى بالتعظيم والتبجيل: هذا العالم المتكلم الفقيه الأوحد ونفسه هذه النفس، أم ذلك الذي لم يشتهر إلا بالشعر ونفسه تلك النفس؟ فقلت: وفق الله سيدنا الوزير.
هاتان قصتان تتفارقان مفارقة كلية، تدل أولاهما على نبل السيد وسمو روحه، وتدل الثانية على نفس متخاذلة متهالكة، لا تحسن في سبيل التوفر على دينار واحد أن تحفظ مقامها الاجتماعي.
أما الأولى فلا تكاد تبعد كثيرا عما عرف عن السيد من مقام اجتماعي، وخلق نفسي، وأما الثانية وهي التي تبدو ناشزة على سير الشريف فهي التي وعدت إن أضع بين يديك أمر النظر فيها.
القصة يرويها ابن أبي الحديد في سبيل التنويه بمقام ’’الرضي’’ ونحن لا نحيل التنويه بمقامه فقد كان مجمعا على فضله ولكن التنويه بمقام إنسان لا ينبغي إن يتم على حساب إنسان آخر، ليتخذ منه سبيل مقارنة ومفارقة. وسننقد القصة من حيث سندها ورواتها وما اختلفت عليه الروايات:
(أ) يقول ابن أبي الحديد في سند روايته: قرأت بخط ’’محمد ابن إدريس الحلي الفقيه الإمامي’’. وأنا استبعد جدا إن يسجل ’’محمد بن إدريس الحلي الإمامي’’ على ’’المرتضى’’ هذه المنقصة، وقد عرف ’’ابن إدريس’’ بأنه من ’’رأى المرتضى في كثير من مسائل الفقه، ومن مشايعيه في رأيه الأصولي، ومن تلاميذ مدرسته، بحيث متى ذكر ابن إدريس’’ قرن’’ بالسيد المرتضى’’ في كثير مما تدفع به عن ’’ابن إدريس’’ المأخذ الفقهية.
(ب) حكى أبو حامد أحمد بن محمد الأسفراييني الفقيه الشافعي. والشافعي أبو حامد الأسفراييني على عظم مقامه، وسمو منزلته في نظر الشافعية خاصة كان معاصرا للمرتضى وقرنا له في الزعامة المذهبية ومن أجل الأسفراييني اخرج الشيخ المفيد أستاذ المرتضى من بغداد وكانت العداوة يومئذ بين الإمامية والشافعية في ذات أئمتها بالغة ذروتها.
(ج) كنت يوما عند فخر الملك. . . الخ. إن علاقة المرتضى بفخر الملك كانت وثيقة جدا، وكانت العواطف المتبادلة بينهما لا نظير لها في كل من عرفت للسيد صلة به، وكانا يتزاوران ويصطحبان وللسيد في مدحه قصائد جياد تنيف على عشرين قصيدة، وإذ قتل فخر الملك جزع السيد جزعا شديدا، ورثاه بقصائد أربع، لم يرث بمثلها خليفة أو ملكا أو صديقا، وأقسم بعد قتله إلا يقول الشعر، وظل منقطعا عنه سنين ثمانية، حتى إذا قدم سلطان الدولة ابن الملك بهاء الدولة إلى بغداد طلب منه إن يقول الشعر ملحا معاودا، فاعتذر بما سبق إن عزم عليه: من ترك الشعر بعد فخر الملك، ولكنه حمله على قوله بمعاودة الإصرار. فهل تكون هذه العواطف من جانب المرتضى لرجل كان يزدري مقامه، ويستهين بكرامته، ويلقاه بالفتور والبرود؟
والطريف في الأمر انك تجد القصة نفسها تروى بلسان آخرين، ومع وزير آخر غير فخر الملك، فمرة تروى عن أبي إسحاق محمد بن إبراهيم العباسي الكاتب، ومرة عن لسان أبي إسحاق الصابي. وكلاهما كما كان الحال مع أبي حامد الأسفراييني يدعى مشاهدة المجلس وحده، ومع ادعاء التفرد بمجلس الوزير لا يصح إن يشاهدها آخرون، وهذا صريح في اختراع القصة، أو في اختراع راويها.
وأطرف من هذا إنها في إحدى الروايات تجري مع أبي محمد الوزير المهلبي لا مع فخر الملك، ولكن الوزير المهلبي مات قبل إن يخلق المرتضى بثلاث سنوات أو أربع.
3 - ويدخل في باب المفارقات ما يورد للسيد وعنه بحسن نية، وبقصد التنويه بذكره، ولكنه يخرج به عن خلقه المعروف به، أو عن الخلق الإنساني السوى العام. فمن الشائع في الأوساط الخاصة لرجال المذهب الإمامي، والوارد في بعض المصادر إن السيد الرضي حين أسمع أخاه المرتضى قصيدته في ’’رثاء أبي الصابي’’:
وفيها قوله:
غضب المرتضى - لمكانة أخيه من النسب والدين وقال له مستخفا ’’بالصابي’’: حملوا كلبا.
يريدون بما أوردوا إن ينزهوا مقام رجل الدين المسلم عن رثاء رجل ذمي، ناسين إن جواب المرتضى إن صح يتنافى مع الخلق الرفيع، الذي يجب إن يتحلى به رجل كالمرتضى.
ولكني وجدت الشريف المرتضى نفسه يرثي أبا إسحاق الصابي رثاء لا يقل تقديرا وأسى عن رثاء الرضي له، ووجدت بين المرتضى وأبي إسحاق من تبادل العواطف والإخاء ما يدل على إن الأخوات والصداقات لا يحول دونها اختلاف في منسب أو مذهب، وإن الرجل ما كان يحول مقامه الديني من إن يتغنى بإخاء رجل كابي إسحاق وإن يرثيه:
بل رأيت المرتضى يجرى إلى أكثر من هذا فيمدح هلال بن المحسن الصابي وهو حفيد أبي إسحاق بأبيات فيها:
وهي طويلة قبست منها موضع الحاجة.
4 - وقد رمي الشريف بالبخل في أحد المصادر القديمة وعنه نقلت المصادر المتأخرة ذلك. جاء في عمدة الطالب: وكان المرتضى يبخل، ولما مات خلف مالا كثيرا، وخزانته اشتملت على ثمانين ألف مجلد، ولم أسمع مثل ذلك.
إن صفتي البخل والكرم يختلف فيها عرف عن عرف، وليس لمدلولها حد معين وبخاصة فيما تعارف عليه العرب من تقدير الصفتين فإن أريد بهذه العبارة اتهام الشريف بالتخلي عن واجباته الاجتماعية وبتقتيره على نفسه أو أسرته أو أخوانه في سبيل التوفر على جمع المال واختزانه فذلك ما لم يثبت من سيرته، إذ قد عرف بالسعة فيما توجبه منزلته: من الظهور بمظهر الغنى والبسطة، ومن اعطاء الجرايات الشهرية لأفاضل مدرسته وأصدقائه، ومن حبسه قرية على كاغد الفقراء، وإهدائه الهدايا الجسام لزعماء القبائل حين يجتاز البادية إلى مكة.
وان أريد بالبخل عدم الأخذ بأساليب الأجواد من كرام الأشراف والأمراء والخلفاء، وذلك بالإنفاق في إسراف على الشعراء، وبخلع الخلع للمادحين لهم وبالعطاء المتسع لكل مجتد وطالب، حتى ينتقل الثري منهم ما لم يكن وهابا نهابا بين عشية وضحاها من غني إلى فقر، ومن ثراء إلى عدم، فذلك ما كان الشريف حقا عليه. ولكن هذا ليس بالصفة التي يعاب بها رجل العلم والدين.
لو كان الشريف من الأجواد لتسابق شعراء العصر إلى امتداحه، ولتزاحموا على بابه، ولديهم أكثر من سبب للقول فيه، والتغني بأمجاده، ولكنهم كانوا نزرى القول فيه على كثرة المناسبات.
هذا ’’مهيار الديلمي’’ لم يحفل ديوانه الكبير بغير قصيدة واحدة في مدح الشريف، والقصيدة نفسها على ما احتوت من إطراء لا تخلو من تثريب على التباطؤ عن انجاز وعد كان الشريف وعده إياه، بل هي قيلت تذكيرا بوعد لم ينجز:
ومن القصص الطريف الذي يراد به الدلالة على ذكاء المرتضى المفرط، أو ذكاء من يكون طرفا ثانيا للمرتضى، ولكنه بما يحاط به من تزيد أو مغالاة، يحيله إلى ما يعود على خلق المرتضى بأذى وتخديش، لو قبلناهما لتناقضا كثيرا مع الخلق المعروف عن الرجل، ومع الظروف التي تلابسه. فقد روى إن أبا العلاء يوم ورد على بغداد كان ملازما لمجلسه وأنه أعنى أبا العلاء كان يتعصب للمتنبي، ويفضله على غيره من الشعراء، على حين كان الشريف ينتقصه، ويورد معايب في شعره، فقال المعري يوما: لو لم يكن للمتنبي إلا قوله:
لكفاه فضلا. فغضب المرتضى وأمر بإخراجه من مجلسه، ثم قال لمن حضر: أتدرون أي شيء أراد بذكر هذه القصيدة، فإن ’’للمتنبي’’ أجود منها ولم يذكرها. إنما أراد قوله:
نحن لا ننكر تعصب ’’أبي العلاء’’ للمتنبي، ولا تعصب الشريف عليه، فكلاهما معروف بذلك، ولا نستكثر على المعري هذه الإيماءة اللاذعة، ولا على الشريف تلك الانتباهة الخاطفة الفارعة، ولكن الذي لا نراه يتسق ومجرى الصلة بين الرجلين مع جواز إن يغضب المرتضى في نفسه إن يأمر بإخراج مناظره من مجلسه، وإن تتزيد بعض الروايات على ذلك فتقول: فسحب برجله وأخرج.
ننكر هذا، لأننا لم نشهد في كل ما كتب ’’أبو العلاء’’ تعريضا بالمرتضى، ولا في جملة ما كتب المرتضى انتقاصا لأبي العلاء، بل وجدنا غير ذلك. وجدنا أبا العلاء الطريد من مجلس الشريف على زعم الأخباريين بعد تسعة أعوام من عودته إلى المعرة لا ينسى فضل هذا البيت، ولا فضل الشريفين خاصة، فيبعث إليهما عند وفاة والدهما أبى أحمد مواسيا معزيا، بقصيدة من غرر ما في ديوانه سقط الزند، ولا يفوته أن يستطرد إلى مدح المرتضى وولده بما يدل على كرم شيم، ونبل نفس، وإن يستجد عذرا له مما قدم من شعر في التعزية هو دون أهل هذا البيت مقاما ومنزلة:
وأدل من هذا كله على ما لأبى العلاء من إعجاب بالشريف، وذكرى
حسنة لأيام إقامته في بغداد، لم تنقص بإذلال وإهانة ما روي إن صح ما روي من إن أبا العلاء سئل عن المرتضى بعد عودته من العراق فقال:
(شعره)
شعره في غاية الجودة وحكي عن جامع ديوانه أنه قال سمعت بعض شيوخنا يقول ليس لشعر المرتضى عيب إلا كون الرضي أخاه فإنه إذا أفرد بشعره كان أشعر أهل عصره ومن شعره قوله:
وقوله أيضا:
وقوله:
وقوله:
وقوله:
وقوله:
وقوله:
وقوله:
وقوله:
وقوله:
وقوله:
وقوله في مرثية أخيه السيد الرضي:
وقوله:
وله:
وله:
قال أبو الحسن العمري دخلت على الشريف المرتضى فأراني بيتين قد عملهما وهما:
فخرجت من عنده ودخلت على أخيه الشريف الرضي فعرضت عليه البيتين فقال:
فعدت إلى المرتضى بالخبر فقال يعز علي أخي قتله الذكاء فما كان إلا يسيرا حتى مضى الرضي لسبيله.
وله:
وله:
وله:
وله في أمير المؤمنين عليه السلام:
(مؤلفاته)
(1) الشافي في الإمامة مطبوع
(2) الذخيرة في الكلام
(3) جمل العلم والعمل في الفقه
(4) تقريب الوصول
(5) دليل الموحدين
(6) الرد على يحيى بن عدي
(7) الرد على يحيى بن عدي ثانيا
(8) طبيعة الإسلام
(9) تنزيه الأنبياء والأئمة مطبوع
(10) المقنع في الغيبة
(11) الصرفة في الإعجاز
(12) أقوال المنجمين
(13) أنواع الأعراب
(14) الحدود والحقائق
(15) الذريعة في الأصول
(16) مسائل الخلاف
(17) المسائل المفردة
(18) شرح الرسالة في الإعجاز
(19) الآمالي ويسمى الغرر والدرر مطبوع
(20) شرح القصيدة المذهبة مطبوع في مصر
(21) شرح الخطبة الشقشقية
(22) الشيب والشباب مطبوع
(23) الطيف والخيال
(24) تتبع ابن جني
(25) المرموق في الروق
(26) النقض على يحيى بن عيسى
(27) النصرة لأهل الرؤية
(28) المسائل الناصرية مطبوع
(29) فنون القرآن
(30) تفسير الحمد والبقرة
(31) تفسير قل تعالوا أتل
(32) تفسير ليس على الذين آمنوا
(33) تحقيق علمه تعالى
(34) تحقيق الإرادة مطبوع، تحقيق الإرادة ثانيا
(35) دليل الخطاب
(36) تحقيق التأكيد
(37) الفقه المكي
(38) تحقيق المتعة
(39) الانتصار فيما انفردت به الإمامية مطبوع
(40) المصباح
(41) الوعيد
(42) مسالة في أصول الدين
(43) المسائل الطرابلسية الأولى
(44) والثانية
(45) والثالثة
(46) والرابعة
(47) مسائل البرمكيات الأولى
(48) والثانية
(49) والثالثة
(50) والرابعة والخامسة
(51) المسائل الموصلية الأولى
(52) والثانية
(53) والثالثة
(54) والمسائل الصيداوية الأولى
(55) والثانية
(56) والثالثة
(57) المسائل التبانية الأولى
(58) والثانية
(59) والثالثة
(60) المسائل المحمديات الأولى
(61) والثانية والثالثة
(62) المسائل الحلبية الأولى والثانية
(63) المسائل المصرية الأولى
(64) والثانية
(65) المسائل الجرجانية
(66) المسائل الديلمية
(67) المسائل الطوسية
(68) المسائل الرسية
(69) المسائل السلارية
(70) المسائل الدمشقية
(71) المسائل الواسطية
(72) المسائل الرازية
(73) الكلام على من تعلق بقوله تعالى ولقد كرمنا
(74) مسالة في التوبة
(75) مسالة قتل السلطان
(76) الخلاف في أصول الفقه
(77) شرح مسائل الخلاف
(78) ديوان شعر يزيد على عشرين ألف بيت
(79) المسائل المفردة في أصول الفقه
(80) مسائل مفردة في نحو من مائة مسالة في فنون شتى
(81) مسالة كبيرة في إبطال القول بالعول.
(82) وله تفسير سورة هل أتى رأينا منه نسخة مخطوطة في جبل عامل في51 صفحة متوسطة في آخرها: كتبه الفقير إلى ربه محمد ابن علي بن سليمان بن محمد بن علي الشهير بابن نجدة هزيمة ووافق الفراع من كتابتها فجر الأحد3 شعبان سنة 1111.
(83) ومن مؤلفاته إنقاذ البشر من الجبر والقدر رأينا منه نسخة مخطوطة بالنجف سنة 1352.
ونسب إليه كتاب عيون المعجزات مع أنه من مؤلفات الشيخ الجليل حسين بن عبد الوهاب المعاصر للسيدين وقد صرح في مواضع بأنه مؤلفه كما نسب إليه كتاب الخصائص مع أنه للرضي وأعجب من ذلك قول ابن الأثير الجزري في مختصر تاريخ ابن خلكان واليافعي في تاريخه أنه اختلف الناس في كتاب نهج البلاغة هل هو جمعه أو جمع أخيه الرضي وأعجب منه ما عن الحسن بن سليمان تلميذ الشهيد من التصريح بان نهج البلاغة تأليف المرتضى.
وأجوبة المسائل الطرابلسيات الواردة في شعبان سنة 427 هي مسائل الشيخ أبو الفضل إبراهيم بن الحسن الأباني وجدت منه نسخة في طهران في مكتبة شريعتمدار الرشتي وجواب المسائل الطرابلسيات الثانية سأله عنها المذكور وله أجوبة مسائل سأله عنها بعض الأشراف. ووجد بخط المرتضى: قد أجزت لأبي الحسن محمد بن محمد البصروي أحسن الله توفيقه في جميع كتبي وتصانيفي وآمالي ونظمي ونثري ما ذكر منه في هذه الأوراق وما لعله يتجدد بعد ذلك، وكتب علي بن الحسين الموسوي في شعبان من سنة 419.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 8- ص: 213

الشريف المرتضى أخو الرضي اسمه علي بن الحسين.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 16- ص: 0

الشريف المرتضى علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موس بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو القاسم الرتضى، علم الهدى، نقيب العلويين، أخو الشريف الرضي، ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، توفي سنة ست وثلاثين وأربعمائة، كان فاضلا ماهرا أديبا متكلما، له مصنفات جمة على مذهب الشيعة.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان رأسا في الاعتزال، كثير الاطلاع والجدال.
قال ابن حزم في ’’الملل والنحل’’: ومن قول الإمامية كلها قديما وحديثا: أن القرآن مبدل، زيد فيه، ونقص منه، حاشى علي بن الحسين بن موسى، وكان إماميا، فيه تظاهر بالاعتزال، ومع ذلك فإنه كان ينكر هذا القول، وكفر من قاله، وكذلك صاحباه أبو يعلى الطوسي، وأبو القاسم الرازي، وقد اختلف في كتاب نهج البلاغة: هل هو وضعه أو وضع أخيه الرضى، وحكى عنه ابن برهان النحوي: أنه سمعه ووجهه إلى الحائط، يعاتب نفسه، ويقول: أبو بكر وعمر وليا فعدلا واسترحما فرحما، فأنا أقول: ارتدا بعد أن أسلما، قال فقمت وخرجت، فما بلغت عتبة الباب حتى سمعت الزعقة عليه، وكان ابن برهان قد دخل عليه في مرضه الذي مات فيه - رحمه الله تعالى- وكان يدخل عليه من أملاكه في كل سنة أربع وعشرون ألف دينار.
قال أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي: دخلت على ألكيا أبي الحسين يحيى بن الحسين العلوي الزيدي، وكان من نبلاء أهل البيت ومن المحمودين في صناعة الحديث وغيره من الأصول والفروع، فذكر بين يديه يوما الإمامية فذكرهم أقبح ذكر، وقال: لو كانوا من الدواب، لكانوا الحمير، ولو كانوا من الطيور لكانوا الرخم، وأطنب في ذمهم، وبعد مدة دخلت على المرتضى، وجرى ذكر الزيدية والصالحية: أيهما خير؟ فقال: يا أبا الفضل، تقول أيهما خير، ولا تقول أيهما شر؟ فتعجبت من إمامي الشيعة في وقتهما ومن قول كل واحد منهما في مذهب الأخر.
فقلت: قد كفيتما أهل السنة الوقيعة فيكما.
قيل: إن المرتضى اطلع يوما من روشنة فرأى المطرز الشاعر، وقد انقطع شراك نعله، وهو يصلحه فقال له: فديت ركائبك: أشار إلى قصيدته التي أولها:

إلى قوله:
فقال له المطرز مسرعا أتراها ما تشبه مجلسك وشربك وخلعك.
أراد بذلك أبيات المرتضى، وهي:
ومن تصانيفه كتاب ’’الشافي في الإمامية’’، وكتاب ’’الملخص في الأصول’’ لم يتمه، كتاب ’’الذخيرة في الأصول’’ تام، كتاب ’’مجمل العلم والعمل’’، كتاب ’’الدرر والغرر’’، وهو كثير الفوائد، كتاب ’’التنزيه’’، كتاب ’’المسائل الموصلية الأولى’’ وكتاب ’’المسائل الموصلية الثانية’’ وكتاب ’’المسائل الموصلية الثالثة’’، كتاب ’’المقنع في الغيبة’’، كتاب ’’مسائل الخلاف في الفقه’’ لم يتم، كتاب الاقتصار فيما انفردت به الإمامية، كتاب ’’مسائل مفردات في أصول الفقه’’، كتاب ’’المصباح في الفقه’’ لم يتم، كتاب ’’المسائل الطرابلسية الأولى’’، كتاب ’’المسائل الطرابلسية الأخيرة’’، كتاب ’’المسائل الحلبية الأولى’’، كتاب ’’المسائل الحلبية الأخيرة’’، كتاب ’’مسائل أهل مصر الأولى’’، كتاب ’’مسائل أهل مصر الثانية’’، كتاب ’’البرق’’، كتاب ’’طيف الخيال’’، كتاب ’’الشيب والشباب’’، كتاب ’’تتبع أبيات المعاني’’ للمتنبي التي تكلم عليها ابن جني، كتاب ’’النقض على ابن جني في الحكاية والمحكى’’، كتاب ’’تفسير قصيدة السيد’’، كتاب قصر الروية و’’إبطال القول بالعدد’’، كتاب ’’الذريعة في أصول الفقه’’، كتاب ’’المسائل الصيداوية’’، وله مسائل مفردة نحو مائة مسائلة في فنون شتى.
ومن شعره:
ومنه:
ومنه:
ومنه:
ومنه:
ومنه:
قلت: شعر جيد، ولكن أين هذه الديباجة من ديباجة أخيه الرضى.
آخر الجزء العشرين من كتاب الوافي بالوفيات، يتلوه - إن شاء الله تعالى- علي بن الحسين بن علي أبو الحسن المسعودي.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد، وآله وصحبه وسلم.


  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 20- ص: 0

الشريف المرتضى علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو القاسم المرتضى، علم الهدى نقيب العلويين أخو الشريف الرضي. ولد سنة خمس وخمسين وثلاث مائة وتوفي سنة ست وثلاثين وأربع مائة. وكان فاضلا ماهرا أديبا متكلما، له مصنفات جمة على مذهب الشيعة.
قال الخطيب: كتبت عنه. وكان رأسا في الاعتزال، كثير الاطلاع والجدال. قال ابن حزم في الملل والنحل: ومن قول الإمامية كلها قديما وحديثا أن القرآن مبدل، زيد فيه ونقص منه حاشا علي بن الحسين بن موسى، وكان إماميا فيه تظاهر بالاعتزال، ومع ذلك فإنه كان ينكر هذا القول، وكفر من قاله، وكذلك صاحباه: أبو يعلى الطوسي وأبو القاسم الرازي. وقد اختلف في كتاب في كتاب نهج البلاغة هل هو وضعه أو وضع أخيه الرضي. وحكى عنه ابن برهان النحوي أنه سمعه ووجهه إلى الحائط يعاتب نفسه ويقول: أبو بكر وعمر وليا فعدلا واسترحما فرحما، أفأنا أقول ارتدا بعد أن أسلما؟!! قال: فقمت وخرجت، فما بلغت عتبة الباب حتى سمعت الزعقة عليه.
وكان ابن برهان قد دخل عليه في مرضه الذي مات فيه رحمه الله تعالى، وكان يدخل عليه من أملاكه في كل سنة أربعة وعشرون ألف دينار. قال أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي: دخلت على الكيا أبي الحسين يحيى بن الحسين العلوي الزيدي، وكان من نبلاء أهل البيت ومن المحمودين في صناعة الحديث وغيره من الأصول والفروع، فذكر بين يديه يوما الإمامية فذكرهم أقبح ذكر وقال: لو كانوا من الدواب لكانوا الحمير، ولو كانوا من الطيور لكانوا الرخم، وأطنب في ذمهم. وبعد مدة دخلت على المرتضى وجرى ذكر الزيدية والصالحية أيهما خير، فقال: يا أبا الفضل، تقول أيهما خير ولا تقول: أيهما شر، فتعجبت من إمامي الشيعة في وقتهما، ومن قول كل واحد منهما في مذهب الآخر، فقلت: لقد كفيتما أهل السنة الوقيعة فيكما.
قيل إن المرتضى اطلع يوما من روشنه فرأى المطرز الشاعر وقد انقطع شراك نعله وهو يصلحه فقال له: فديت ركائبك وأشار إلى قصيدته التي أولها:

إلى قوله:
فقال له المطرز مسرعا: أتراها ما تشبه مجلسك وشربك وخلعك؟ أراد بذلك أبيات المرتضى وهي:
ومن تصانيفه: كتاب الشافي في الإمامة، كتاب الملخص في الأصول لم يتمه، كتاب الذخيرة في الأصول تام، كتاب جمل العلم والعمل تام، كتاب الدرر والغرر، وهو كثير الفوائد تكملة الغرر، كتاب التنزيه، كتاب المسائل الموصلية الأولى، كتاب المسائل الموصلية الثانية، كتاب المسائل الموصلية الثالثة، كتاب المقنع في الغيبة، كتاب مسائل الخلاف في الفقه لم يتم، كتاب الانتصار فيما انفردت به الإمامية، كتاب مسائل مفردات في أصول الفقه، كتاب المصباح في الفقه لم يتم، كتاب المسائل الطرابلسية الأولى، وكتاب المسائل الطرابلسية الأخيرة، كتاب مسائل أهل مصر الأولى، كتاب مسائل أهل مصر الثانية، كتاب البرق، كتاب طيف الخيال، كتاب الشيب والشباب، كتاب تتبع أبيات المعاني التي تكلم عليها ابن جني، كتاب النقض على ابن جني في الحكاية والمحكي، كتاب تفسير قصيدة السيد، كتاب قصر الرواية وإبطال القول بالعدد، كتاب الذريعة في أصول الفقه، كتاب المسائل الصيداوية. وله مسائل مفردة نحو مائة مسألة في فنون شتى، ومن شعره:
ومنه:
ومنه:
ومنه:
ومنه:
ومنه:
قلت: شعر جيد: ولكن، أين هذه الديباجة من ديباجة أخيه الرضي؟

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 21- ص: 0