ابن النفيس علي بن أبي الحزم القرشي، علاء الدين الملقب بابن النفيس: أعلم أهل عصره بالطب. أصله من بلدة قرش (بفتح القاف وسكون الراء، في ما وراء النهر) ومولده في دمشق، ووفاته بمصر. له كتب كثيرة، منها (الموجز - ط) في الطب، اختصر به قانون ابن سينا، و (فاضل بن ناطق - خ) على نمط (حي بن يقظان) لابن الطفيل، و (بغية الطالبين وحجة المتطببين) و (شرح الهداية لابن سينا) في المنطق، و (المهذب - خ) في الكحل، و (الشامل) في الطب، كبير جدا، منه مجلد مخطوط ضخم في دمشق، و (شرح فصول أبقراط - خ) في الطب، و (الرسالة الكاملية في السيرة النبوية - خ) وكانت طريقته في التأليف أن يكتب من حفظه وتجاربه ومشاهداتع ومستنبطاته، وقل أن يراجع أو ينقل. وخلف مالا كثيرا، ووقف كتبه وأملاكه على البيمارستان المنصوري بالقاهرة. ومات في نحو الثمانين من عمره. وورد اسمه في كثير من المصادر (علي بن أبي الحرم) والصواب (ابن أبي الحزم) بزاي ساكنة، كما هو بخطه.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 270

الشيخ علاء الدين بن النفيس علي بن أبي الحزم هو الإمام الفاضل الحكيم العلامة، علاء الدين بن النفيس القرشي الدمشقي.
أخبرني العلامة أثير الدين أبو حيان، قال: نشأ المذكور بدمشق، واشتغل بها في الطب على مهذب الدين الدخواز وكان الدخواز منجبا، تخرج عليه جماعة منهم الرحبي وابن قاضي بعلبك وشمس الدين الكلي وكان علاء الدين إماما في علم الطب أوحد لا يضاهى في ذلك، ولا يداثى استحضارا واستنباطا، واشتغل على كبر، وله فيه التصانيف الفائقة، والتواليف الرائقة، صنف كتاب ’’الشامل’’ في الطب يدل فهرسته على أنه يكون في ثلاثمائة سفر، هكذا ذكر لي بعض أصحابه، وبيض منها ثمانين سفرا، وهي الآن وقف بالبيمارستان المنصوري بالقاهرة، وكتاب ’’المهذب’’ في الكحل، وشرح القانون لابن سيناء في عدة أسفار، وغير ذلك في الطب، وهو كان الغالب عليه.
وأخبرني من رآه يصنف أنه كان يكتب من صدره من غير مراجعة حال التصنيف، وله معرفة بالمنطق، وصنف فيه مختصرا، وشرح الهداية لابن سيناء في المنطق، وكان لا يميل في هذا الفن إلا إلى طريقة المتقدمين، كأبي نصر، وابن سيناء، ويكره طريقة الأفضل الخونجي والأثير الأبهري، قرأت عليه من كتاب ’’الهداية’’ لابن سيناء جملة، وكان يقررها أحسن تقرير، وسمعت عليه من علم الطب، وصنف في أصول الفقه، والفقه، والعربية والحديث، وعلم البيان، وغير ذلك، ولم يكن في هذه العلوم بالمتقدم، إنما كان له فيها مشاركة ما، وقد أحضر من تصنيفه في العربية كتابا في سفرتين أبدى فيه عللا تخالف كلام أهل الفن، ولم يكن قرأ في هذا الفن سوى ’’الأنموذج’’ للزمخشري، قرأه على الشيخ بهاء الدين بن النحاس، وتجاسر به على أن صنف في هذا العلم، وعليه وعلى شيخنا عماد الدين النابلسي تخرج الأطباء بمصر والقاهرة، وكان شيخا طوالا أسيل الخدين نحيفا ذا مروءة، وأخبرت أنه في علته التي توفي فيها أشار عليه بعض أصدقائه الأطباء بتناول شيء من الخمر، إذ كانت علته تناسب أن يتداوى بها على ما زعموا، فأبى أن يتناول شيئا من ذلك، وقال: لا ألقى الله تعالى وفي باطني شيء من الخمر.
وكان قد ابتنى دارا بالقاهرة، وفرشها بالرخام حتى أبوابها، وما رأيت أبوابا مرخما في غير هذه الدار، ولم يكن متزوجا، ووقف داره هذه، وكتبه على البيمارستان المنصوري، وكان يبغض كلام جالينوس، ويصفه بالعي والإسهاب، الذي ليس تحته طائل، بخلاف شيخنا عماد الدين النابلسي، فإنه كان يعظمه، ويحث على قراءة كلام جالينوس.
وكان علاء الدين قد تولى تدريس المسرورية بالقاهرة في الفقه، وذكر أنه شرح من أول ’’التنبيه’’ إلى باب السهو، شرحا حسنا.
مرض - رحمه الله تعالى- ستة أيام، أولها يوما الأحد، وتوفي سحر يوم الجمعة الحادي والعشرين من ذي القعدة، سنة سبع وثمانين وستمائة بالقاهرة، وأنشدني الصفي أبو الفتح بن يوحنا بن صليب بن مزجي بن موهب النصراني لنفسه يرى علاء الدين بن النفيس:

انتهى كلام أثير الدين.
أخبرني الإمام العلامة الشيخ برهان الدين إبراهيم الرشيدي خطيب جامع أمير حسين بالقاهرة، قال: كان العلاء بن النفيس إذا أراد التصنيف توضع له الأقلام مبرية، ويدير وجهه إلى الحائط، ويأخذ في التصنيف إملاء من خاطره، ويكتب مثل السيل إذا انحدر، فإذا كل القلم، وحفي رمى به، وتناول غيره، لئلا يضيع عليه الزمان في بري القلم.
وأخبرني الشيخ نجم الدين الصفدي - رحمه الله تعالى - أن الشيخ بهاء الدين بن النحاس كان يقول: لا أرضى بكلام أحد في القاهرة في النحو غير كلام علاء الدين بن النفيس، أو كما قال وقد رأيت له كتابا صغيرا عارض به رسالة حي بن يقظان لابن سيناء، ووسمه بكتاب ’’فاضل بن ناطق’’، وانتصر فيه لمذهب أهل الإسلام وآرائهم في النبوات والشرائع والبعث الجسماني وخراب العالم، ولعمري لقد أبدع فيه، ودل ذلك على قدرته وصحة ذهنه وتمكنه من العلوم العقلية.
وأخبرني السديد الدمياطي الحكيم بالقاهرة - وكان من تلاميذه - قال: اجتمع ليلة هو والقاضي جمال بن واصل، وأنا نائم عندهما، فلما فرغا من صلاة العشاء الآخرة شرعا في البحث وانتقلا من علم والشيخ علاء الدين في كل ذلك يبحث برياضة ولا انزعاج، وأما القاضي جمال الدين فإنه ينزعج، ويعلو صوته، وتحمر عيناه، وتنتفخ عروق رقبته، ولم يزالا كذلك إلى أن أسفر الصبح، فلما انفصل الحال، قال القاضي جمال الدين: يا شيخ علاء الدين، أما نحن فعندنا مسائل ونكت وقواعد، وأما أنت فعندك خزائن علوم، وقال - أيضا - قلت له: يا سيدي، لو شرحت ’’الشفاء’’ لابن سيناء، كان خيرا من شرح ’’القانون’’ لضرورة الناس إلى ذلك، وقال: الشفاء علي فيه مواضع تريد تسويدا انتهى.
قلت: يريد أنه ما فهم تلك المواضع، لأن عبارة الرئيس في الشفاء غلقة.
وأخبرني آخر قال: دخل الشيخ علاء الدين مرة إلى الحمام التي في باب الزهومة، فلما كان في بعض تغسيله خرج إلى مسلخ الحمام، واستدعى بدواة وقلم وورق، وأخذ في تصنيف مقالة في النبض إلى أن أنهاها، ثم عاد، ودخل الحمام وكمل تغسيله.
وقيل: إنه قال لو أعلم أن تصانيفي تبقى بعدي عشرة آلاف سنة ما وضعتها، والعهدة في ذلك على من نقله عنه.
وعلى الجملة فكان إماما عظيما وكثير من الأفاضل قال: هو ابن سيناء الملك الثاني.
ونقلت من ترجمته في مكان لا أعرف من هو الذي وصفها، قال: شرح القانون في عشرين مجلدة شرحا حل فيه المواضع الحكمية، ورتب فيه القياسات المنطقية، وبين فيه الإشكالات الطبية، ولم يسبق إلى هذا الشرح، لأن قصارى كل من شرحه أن يقتصر على قسر الكليات إلى نبض الحبالى، ولا يجري فيه ذكر الطب إلا نادرا، وشرح كتب الفاضل بقراط كلها، ولأكثرها شرحان: مطول ومختصر، وشرح الإشارات، وكان يحفظ كليات القانون، وكان يعظم كلام بقراط، ولا يسد على مشتغل بغير القانون، وهو الذي جسر الناس على هذا الكتاب، وكان لا يحجب نفسه عن الإفادة ليلا ولا نهارا، وكان يحضر مجلسه في داره جماعة من الأمراء، ومهذب الدين بن أبي حليقة أمين الأطباء، وشرف الدين بن صغير، وأكابر الأطباء، ويجلس الناس على طبقاتهم ومن تلاميذه الأعيان بدر الدين حسن رئيس الأطباء، وأمين الدولة ابن القف، والسديد أبو الفضل بن كوشك، وأبو الفتوح الإسكندري انتهى.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 20- ص: 0

علي بن أبي الحزم القرشي الشيخ علاء الدين بن النفيس الطبيب المصري صاحب التصانيف الفائقة في الطب الموجز وشرح الكليات وغيرهما
كان فقيها على مذهب الشافعي صنف شرحا على التنبيه وصنف في الطب غير ما ذكرنا كتابا سماه الشامل قيل لو تم لكان ثلاثمائة مجلدة تم منه ثمانون مجلدة وكان فيما يذكر يملي تصانيفه من ذهنه وصنف في أصول الفقه وفي المنطق وبالجملة كان مشاركا في فنون وأما الطب فلم يكن على وجه الأرض مثله قيل ولا جاء بعد ابن سينا مثله قالوا وكان في العلاج أعظم من ابن سينا وكان شيخه في الطب الشيخ مهذب الدين الدخوار
توفي في حادي عشرين ذي القعدة سنة سبع وثمانين وستمائة عن نحو ثمانين سنة وخلف مالا جزيلا ووقف كتبه وأملاكه على المارستان المنصوري

  • دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 8- ص: 305

علي بن أبي الحرم القرشى الشيخ علاء الدين بن النفيس.
إمام الأطباء وذو التصانيف الفائقة، وذكر أنه كان يكتب تصانيفه من صدره من غير مراجعة كتاب حالة التصنيف، وكان اشتغاله بالطب بدمشق على مهذب الدين الدخوار، وقد صنف في الفقه وأصوله والعربية، والحديث والبيان، ومات بالقاهرة سنة سبع وثمانين وستمائة بمنزله بالمنصورية، وقد قارب الثمانين، ووقف أملاكه وكتبه على المارستان المنصوري

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1