أبو الفتح البليطي عثمان بن عيسى بن ميمون البليطي، ابو الفتح: من العلماء بالادب والاخبار، وله شعر. ولد في بلدة قريبة من الموصل، وانتقل إلى دمشق، ومنها إلى مصر فرتب له السلطان صلاح الدين راتبا على اقراء العربية بالجامع، فاستمر بها إلى ان مات. وكان طوالا جسيما احمر اللون، فيه مجون واستهتار (يلبس في الصيف الثياب الكثيرة حنتى يصير كالعدل، وفي الشتاء قل ان يظهر). له كتب، منها (المستزاد على المستجاد في فعلات الاجواد) و (كتاب العروض) كبير، وآخر صغير. و (العظات الموقظات) و (المنير) في العربية، و (اخبار المتنبي) و (علم اشكال الخط) و (التصحيف والتحريف) وشعره جيد.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 212

البلطي عثمان بن عيسى.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 10- ص: 0

أبو الفتح ابن هيجون البلطي عثمان بن عيسى بن هيجون. أبو الفتح. البلطي الأديب. النحوي. له شعر ومجاميع في الأدب. وكان طويلا ضخما كثير اللحية ويلبس عمامة كبيرة، وثيابا كثيرة في الحر. تصدر في الجامع العتيق بمصر. وروى. وتوفي سنة تسع وتسعين وخمس مائة. وبلط بلد قريبة من الموصل.
وكان قد أقام بدمشق مدة يتردد إلى الزبداني للتعليم، ولما فتحت مصر انتقل إليها، وحظي بها، ورتب له صلاح الدين على جامع مصر جاريا يقرئ به النحو والقرآن. ولما كان في آخر سني الغلاء بمصر توفي وبقي في بيته ثلاثة أيام ميتا لأنه كان يحب الانفراد والخلوة. وكان يتطلس ولا يدير الطيلسان على عنقه بل يرسله وكان إذا دخل فصل الشتاء اختفى ولم يكد يظهر، وكانوا يقولون له: أنت في الشتاء من حشرات الأرض! وإذا دخل الحمام يدخل وعلى رأسه مزدوجة مبطنة بقطن فإذا صار عند الحوض كشف رأسه بيده الواحدة وصب الماء الحار الناضح بيده الأخرى على رأسه ثم يغطيه إلى أن يملأ السطل ثم يكشفه ويصب عليه ثم يغطيه، يفعل ذلك مرارا ويقول: أخاف من الهواء! وكان إماما نحويا مؤرخا شاعرا وله: العرض الكبير نحو ثلاث مائة ورقة، وكتاب العروض الصغير، وكتاب العظات والموقظات، وكتاب النبر في العربية، وكتاب أخبار المتنبي، وكتاب المستزاد على المستجاد من فعلات الأجواد، وكتاب علم أشكال الخط، وكتاب التصحيف والتحريف، وكتاب تعليل العبادات.
وحضر يوما عند البلطي بعض المطربين فغناه صوتا أطربه فبكى البلطي وبكى المطرب فقال البلطي: أما أنا فإني طربت فأنت علام تبكي؟ فقال: تذكرت والدي فإنه كان إذا سمع هذا الصوت بكى! فقال البلطي: فأنت إذا والله ابن أخي! وخرج فأشهد على نفسه جماعة من عدول مصر بأنه ابن أخيه ولا وارث له سواه ولم يزل ذلك المطرب يعرف بابن أخي البلطي. وكان البلطي ماجنا خليعا خميرا منهمكا على الشراب واللذات.
ومن شعره:

ومنه على نمط قول الحريري في مقاماته:
قال ياقوت في معجم الأدباء: وهي خمسون بيتا من هذا الأنموذج، قلت: لست هذه الأبيات من نمط قول الحريري المشهور في مقاماته بل هذه من باب الجناس التام وهو ما اتفق لفظه واختلف معناه. لأن الحريري يأتي الأول بلفظتين إما مستقلتين وإما الثانية بعض كلمة أخرى ثم يأتي في الآخر بكلمة واحدة تشبه تينك اللفظتين الأوليين، وهو ظاهر. وما كأن البلطي ذاق قول الحريري وما أتى في قوله ما يشبه قول الحريري إلا قوله: من دمه ومندمه لا غير! وأورد له ياقوت أيضا نمط قول الحريري في مقاماته:
وهي أبيات يقرأ كل بيت منها مقلوبا:
قلت: بينها وبين أبيات الحريري بون عظيم.
وأورد له أبياتا تزيد على العشرين كل قافية منها يجوز فيها الرفع والنصب والجر ومنها:
رفع القوام بالحسن صفة مشبهة باسم الفاعل، ونصبه على الشبه بالمفعول به، وجره بالإضافة:
رفعه عطفا على الضمير في فارقتني ونصبه عطفا على شره وجره على عيشتي:
رفعه عطفا على الضمير في تشدو ونصبه على أنه اسم لا وجره عطفا على قينة.
وقد أوردها ياقوت في المعجم جمعاء.
ومدح القاضي الفاضل بموشحة وهي:
وقال أبياتا حصر قوافيها ومنع أن يزاد فيها وهي:

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 19- ص: 0

عثمان بن عيسى بن منصور بن محمد البلطي أبو الفتح النحوي هكذا ينسبونه وهو من بلد التي تقارب الموصل. ذكره العماد في «كتاب الخريدة» فقال: انتقل إلى الشام وأقام بدمشق برهة يتردد إلى الزبداني للتعليم، فلما فتحت مصر انتقل إليها فحظي بها، ورتب له صلاح الدين يوسف بن أيوب على جامع مصر جاريا يقرئ به النحو والقرآن حتى مات بها لعشر بقين من صفر سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وهي آخر سني الغلاء الشديد بمصر، لأن أولها كان في أواخر سنة ست وأشدها في سنة سبع وأخفها سنة تسع. وبقي البلطي في بيته ميتا ثلاثة أيام لا يعلم به أحد لاشتغالهم بأنفسهم عنه وعن غيره، وكان يحب الانفراد والوحدة، فلم يكن له من يخبر بوفاته، وكان قد أخذ النحو عن أبي نزار وأبي محمد سعيد بن المبارك بن الدهان.
قال المؤلف: لم يذكر العماد وفاته، وإنما أخبرني بوفاته وما بعده الشريف أبو جعفر محمد بن عبد العزيز بن أبي القاسم بن عمر بن سليمان بن الحسن بن إدريس بن يحيى العالي بن علي المعتلي- وهو الخارج بالمغرب والمستولي على بلاد الأندلس- ابن حمود بن ميمون بن أحمد بن عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام. وأخبرني الشريف المذكور وكان من تلاميذه قال: كان البلطي رجلا طوالا جسيما طويل اللحية واسع الجبهة أحمر اللون يعتم بعمة كبيرة جدا ويتطلس بطيلسان لا على زي المصريين، بل يلقيه على عمامته ويرسله من غير أن يديره على رقبته، وكان يلبس في الصيف المبطنة والثياب الكثيرة حتى يرى كأنه عدل عظيم، وكان إذا دخل فصل الشتاء اختفى حتى لا يكاد يظهر، وكان يقال له أنت في الشتاء من حشرات الأرض، وكان إذا دخل الحمام يدخل إلى داخله وعلى رأسه مزدوجة مبطنة بقطن، فإذا حصل عند الحوض الذي فيه الماء الحار كشف رأسه بيده الواحدة وصب على رأسه الماء الحار الشديد الحرارة بيده الأخرى، ثم يغطيه إلى أن يملأ السطل، ثم يكشفه ويصب عليه، ثم يغطيه، يفعل ذلك مرارا، فإذا قيل له في ذلك قال: أخاف من الهواء.
قال الإدريسي: هذه كانت حاله في هيئته وسمته، فأما علمه فكان عالما إماما نحويا لغويا أخباريا مؤرخا شاعرا عروضيا قل ما سئل عن شيء من العلوم الأدبية إلا وأحسن القيام بها، وكان يخلط المذهبين في النحو ويحسن القيام بأصولهما وفروعهما، وكان مع ذلك خليعا ماجنا شريبا للخمر منهمكا على اللذات.
قال الشريف الإدريسي: فحدثني الفقيه ابن أبي المالك قال: خرجت إلى بعض المتنزهات بضواحي مصر فلقيت البلطي مع جماعة من أهل الخلاعة، ومطرب يغنيهم ببعض الملاهي، وهو ثمل يتمايل سكرا، فتقدمت إليه وقلت له، وكانت بيني وبينه مباسطة تقتضي ذلك، فقلت له: يا شيخ أما آن لك أن ترعوي وتقلع عن هذه الرذائل مع تقدمك في العلم وفضلك؟! فنظر إلي شزرا ولم يكترث بقولي، وأنشدني بعد ما نتريده من يدي شعر أبي نواس:

وحدثني الإدريسي قال: ومن نوادره ما أخبرني به صاحبنا الفقيه أبو الجود ندى بن عبد الغني الحنفي الأنصاري قال: حضر يوما عند البلطي بعض المطربين المحسنين فغناه صوتا أطربه به، فبكى البلطي فبكى المطرب، فقال له البلطي: أما أنا فأبكي من استفزاز الطرب، أنت ما أبكاك؟ فقال له: تذكرت والدي فإنه كان إذا سمع هذا الصوت بكى، فقال له البلطي: فأنت والله إذن ابن أخي، وخرج فأشهد على نفسه جماعة من عدول مصر بأنه ابن أخيه ولا وارث له سواه، ولم يزل يعرف بابن أخي البلطي إلى أن فرق الدهر بينهما.
وللبلطي من التصانيف: كتاب العروض الكبير في نحو ثلاثمائة ورقة. كتاب العروض الصغير. كتاب العظات الموقظات. كتاب النير في العربية. كتاب أخبار المتنبي. كتاب المستزاد على المستجاد من فعلات الأجواد. كتاب علم أشكال الخط. كتاب التصحيف والتحريف. كتاب تعليل العبادات.
قال العماد في «كتاب الخريدة»: وللبلطي موشحة عملها في القاضي الفاضل بديعة مليحة سلك فيها طريق المغاربة وحافظ فيها على أحرف الغين والضاد والذال والظاء، وصرع التوشيح، وهي:
ومن جيد شعر البلطي:
قال العماد الكاتب وأنشدني البلطي لنفسه:
وله في القاضي الفاضل وكان قد أسدى إليه معروفا من قصيدة:
ومن أطبع ما قاله في طبيب، وكان ابن عمه:
ومن شعره في غلام أعرج:
وقال عثمان بن عيسى بن منصور البلطي، وسئل أن يعمل على وزن بيتي الحريري اللذين وصفهما فقال: «اسكتا كل نافث. وأمنا أن يعززا بثالث»، وهو:
فقال:
(من العلامة)
(من الكتم الذي يصبغ به الشعر)
وهي خمسون بيتا هذا أنموذجها.
وقال على مثال أبيات الحريري التي أولها:
فقال:
(السناء: الشرف وقصره ضرورة، انسأ: أخر، القب الضوامر البطون، واللعس: العذبات الأرياق، أي أخر عنه محبة هذا الشرف هذه النسوة الموصوفات) .
(المولى ابن العم)
(أسد: أعط، والندس: الجميل الأخلاق) .
(يقول: إذا كان لك حبيب ناعم حسن وكان كثير الخلاف فلتسمح نفسك به وبالبعد عنه):
(يقول: بلغ من حالك أن تترك الأسمر، اذ لو كان غير الأسمر كنت معذورا كأنه يستقبح السمر أي آس منه إياسا وعده ميتا في رمسه، وسكن تيمك ضرورة كقوله:
وله أبيات يحسن في قوافيها الرفع والنصب والخفض:
(ما) رفع القوام بالحسن صفة مشبهة باسم الفاعل والتقدير الحسن قوامه كما تقول مررت بالرجل الحسن وجهه، ونصبه على الشبه بالمفعول به، وخفضه بالاضافة.
(ما) رفع العرام لأنه عطف على الضمير في فارقتني، ونصبه عطفا على شرة، وخفضه عطفا على عيشتى.
(ما) رفعه عطفا على الضمير في تشدو، ونصبه بلا، وخفضه عطفا على قينة.
(ما) رفعه عطفا على طيب، ونصبه بأن يجعل الواو بمعنى مع، وخفضه عطفا على الأغاني.
(ما)
رفعه باضمار هو، ونصبه باضمار فعل، وجره نعتا للدمع.
(ما) ملء فمي لجام مبتدأ وخبر، ونصبه باضمار أرى دلت عليه أرى الأولى، وجره بالاضافة.
(ما) مبني على الضم، ونصبه بجعله نكرة ويكون ظرفا، وجره بالإضافة.
(ما) غرام خبر مبتدأ محذوف، والنصب جعله مفعولا ليلاقي، وخفضه على كمد
(ما) كم تنصب وتخفض، ورفعه كأنه قال: مر وغدا علي لئام
(ما) صحبة الأشرار مبتدأ وخبر، ويجوز نصبها عطفا على ما تقدم.
(ما) بله لفظة معناها دع وتكون بمعنى كيف ويرتفع ما بعدها، وتكون كالمصدر فيخفض بها، والنصب لأنها بمعنى دع.
(ما) مستهام منصوب بعاينته، ورفعه على موضع رب لأن رب وما يدخل عليه في موضع رفع، وخفضه نعتا لامرئ.
(ما) أسامي أفاعل من المساماة، وأسام اتكلف من قوله سمته الخسف، وأساما أفاعل من المساماة أيضا.
(ما)
رفعه باضمار مبتدأ، ونصبه باضمار اعني.
(ما) رفعه عطفا على موضع إن، ونصبه عطفا على المموه، وخفضه عطفا على فدم.
(ما) البدل من الواو في جهلوا ويكون فاعلا في لغة من قال أكلوني البراغيث، ونصبه على البدل من الضمير في بلوتهم، وجره بدلا من الهاء في فيهم.
حتى متى شكوى أخي البث الكئيب المستضام (ما) رفعه بتقدير أن يشكو المستضام لأن شكوى مصدر وأخي البث في موضع رفع المستضام ورفع أخي البث على الموضع، ونصبه على أن يكون مشكوا، وخفضه نعتا للكئيب.
(ما) رفعه عطفا على موضع من جوى، وجره على لفظة جوى، ونصبه عطفا على الضمير في تضمنه.
(ما) رفعه بلا ولا، ونصبه بلا أيضا، وجره على شهية بتقدير الباء كأنه قال بشهية كما أنشد سيبويه:
(اراد بمصلحين)
(ما) رفعه على الضمير في تنكد، ونصبه عطفا على البقاء، وجره بالقسم.
(ما)
جره على لفظ مكرم
(بفتح الميم) .
(ما) رفعه بالفاعل، ونصبه بوددت، وجره بالاضافة.
وقال أيضا أبياتا حصر قوافيها ومنع أن يزاد فيها:

  • دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 4- ص: 1610