أبو زرعة الرازي عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ المخزومي بالولاء، ابو زرعة الرازي: من حفاظ الحديث، الائمة. من أهل الري. زار بغداد، وحدث بهان وجالس أحمد بن حنبل. كان يحفظ مئة الف حديث، ويقال: كل حديث لايعرفه ابو زرعة ليس له اصل. توفي بالري. له (مسند).

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 194

الرازي أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 14- ص: 0

الحافظ أبو زرعة الرازي عبيد الله بن عبد الكريم، الحافظ أبو زرعة. الرازي، القرشي، مولاهم. أحد الأعلام.
ولد سنة تسعين وماية - فيما قيل - ويقال: سنة مايتين. وتوفي سنة أربع وستين ومايتين.
سمع خلقا كثيرا. وروى عنه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة. ورحل وطوف ولم يدخل خراسان. وكان من أفراد العالم ذكاء وحفظا ودينا وفضلا، وروي أنه كان من الأبدال. قال أبو العباس السراج؛ سمعت ابن دارة يقول؛ رأيت أبا زرعة في النوم، فقلت: ما حالك؟ فقال: أحمد الله على الأحوال كلها! إني وقفت بين يدي الله تعالى، فقال لي: يا عبيد الله! كم تذرعت في القول في عبادي؟ قلت: يا رب! إنهم حاولوا دينك! قال: صدقت! ثم أتي بطاهر الخلقاني، فاستعديت عليه إلى ربي فضرب الحد مائة، ثم أمر به إلى الحبس. ثم قال: ألحقوا عبيد الله بأصحابه بأبي عبد الله وأبي عبد الله وأبي عبد الله: سفيان الثوري، ومالك، وأحمد بن حنبل! ورواها عن ابن دارة عبد الرحمن بن أبي حاتم أيضا.
توفي في آخر يوم من السنة المذكورة.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 19- ص: 0

أبو زرعة الرازي عبيد الله بن عبد الكريم الإمام، سيد الحفاظ، عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ: محدث الري.
ودخول (الزاي) في نسبته غير مقيس، كالمروزي.
مولده: بعد نيف ومائتين.
وقد ذكر ابن أبي حاتم أن أبا زرعة سمع من: عبد الله بن صالح العجلي، والحسن بن عطية بن نجيح، وهما ممن توفي سنة إحدى عشرة ومائتين، فيما بلغني.
فإما وقع غلط في وفاتهما، وإما في مولده، وإما في لقيه لهما.
وقد سمع من: محمد بن سابق، وقرة بن حبيب، وأبي نعيم، والقعنبي، وخلاد بن يحيى، وعمرو بن هاشم، وعيسى بن ميناقالون، وإسحاق بن محمد الفروي، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي، ويحيى بن بكير، وعبد الحميد بن بكار، وصفوان بن صالح، وسليمان بن بنت شرحبيل، وأحمد بن حنبل، وطبقتهم.
قال لنا أبو الحجاج في (تهذيبه ) : هو مولى عياش بن مطرف بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي.... ثم سرد شيوخه، ومنهم:
أحمد بن يونس اليربوعي، والحسن بن بشر البجلي، والحسن بن الربيع البوراني، وأبو عمر الحوضي، والربيع بن يحيى الأشناني، وسهل بن بكار الدارمي، وشاذ بن فياض، وقبيصة بن عقبة، ومحمد بن الصلت الأسدي، ومسلم بن إبراهيم، وموسى بن إسماعيل، وأبو الوليد الطيالسي، وآخرون.
وذكر شيخنا أبو الحجاج فيهم: أبا عاصم النبيل، وهذا وهم، لم يدركه، ولا سمع منه، ولا دخل البصرة، إلا بعد موته بأعوام.
وطلب هذا الشأن وهو حدث، وارتحل إلى الحجاز والشام ومصر والعراق والجزيرة وخراسان، وكتب ما لا يوصف كثرة.
حدث عنه: أبو حفص الفلاس، وحرملة بن يحيى، وإسحاق بن موسى الخطمي، ومحمد بن حميد الرازي، ويونس بن عبد الأعلى، والربيع المرادي - وهم من شيوخه - وابن وارة، وأبو حاتم، ومسلم بن الحجاج، وخلق من أقرانه، وعبد الله بن أحمد، وأبو بكر بن أبي داود، وأبو عوانة الإسفراييني، وأبو بكر بن زياد، وأحمد بن محمد بن أبي حمزة
الذهبي، ومحمد بن حمدون النيسابوري، وعدي بن عبد الله والد الحافظ أبي أحمد، وموسى بن العباس الجويني، ومحمد بن الحسين القطان، والحسن بن محمد الداركي، وخلق كثير.
وابن سابق - شيخه - وهو: محمد بن سعيد بن سابق.
فذكر سعيد بن عمرو البرذعي، أن أبا زرعة، قال: لا أعلم صفا لي رباط يوم قط، أما بيروت: فأردنا العباس بن الوليد بن مزيد، وأما عسقلان: فأردنا محمد بن أبي السري، وأما قزوين: فمحمد بن سعيد بن سابق.
قال ابن أبي حاتم: فروخ؛ جد أبي زرعة هو مولى عباس بن مطرف القرشي.
قال أبو بكر الخطيب: سمع أبو زرعة من: مسلم بن إبراهيم، وأبي نعيم، وقبيصة، وأبي الوليد، ويحيى بن بكير.
قال: وكان إماما ربانيا، حافظا متقنا مكثرا= جالس أحمد بن حنبل، وذاكره.
وحدث عنه من أهل بغداد: إبراهيم الحربي، وعبد الله بن أحمد، وقاسم المطرز.
قال تمام الرازي: أخبرنا جعفر بن محمد الكندي، حدثنا أبو زرعة الدمشقي، قال: قدم علينا جماعة من أهل الري دمشق قديما، منهم: أبو يحيى فرخويه، فلما انصرفوا - فيما أخبرني غير واحد، منهم: أبو حاتم الرازي - رأوا هذا الفتى قد كاس -يعني: أبا زرعة الرازي- فقالوا له: نكنيك بكنية أبي زرعة الدمشقي.
ثم لقيني أبو زرعة الرازي بدمشق، وكان يذكرني
هذا الحديث، ويقول: بكنيتك اكتنيت.
قال أبو عبد الله بن بطة: سمعت النجاد، سمعت عبد الله بن أحمد، يقول: لما ورد علينا أبو زرعة، نزل عندنا، فقال لي أبي: يا بني! قد اعتضت بنوافلي مذاكرة هذا الشيخ.
وقال صالح بن محمد جزرة: سمعت أبا زرعة، يقول: كتبت عن إبراهيم بن موسى الرازي مائة ألف حديث، وعن أبي بكر بن أبي شيبة مائة ألف.
فقلت له: بلغني أنك تحفظ مائة ألف حديث، تقدر أن تملي علي ألف حديث من حفظ؟
قال: لا، ولكن إذا ألقي علي عرفت.
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: قلت لأبي زرعة: يجوز ما كتبت عن إبراهيم بن موسى مائة ألف؟
قال: مائة ألف كثير.
قلت: فخمسين ألفا؟
قال: نعم، وستين وسبعين ألفا.
حدثني من عد كتاب الوضوء والصلاة، فبلغ ثمانية عشر ألف حديث.
وقال أبو عبد الله بن مندة الحافظ: سمعت أبا العباس محمد بن جعفر بن حمكويه بالري، يقول:
سئل أبو زرعة عن رجل حلف بالطلاق أن أبا زرعة يحفظ مائتي ألف حديث هل حنث؟
فقال: لا.
ثم قال أبو زرعة: أحفظ مائتي ألف حديث، كما يحفظ الإنسان: {قل هو الله أحد} [الإخلاص: 1] وفي المذاكرة ثلاث مائة ألف حديث.
هذه حكاية مرسلة، وحكاية صالح جزرة أصح.
روى الخطيب هذه، عن عبد الله بن أحمد السوذرجاني، أنه سمع ابن مندة يقول ذلك.
قال الحافظ أبو أحمد بن عدي: سمعت أبي يقول: كنت بالري، وأنا غلام في البزازين، فحلف رجل بطلاق امرأته: أن أبا زرعة يحفظ مائة ألف حديث.
فذهب قوم - أنا فيهم - إلى أبي زرعة، فسألناه.
فقال: ما حمله على الحلف بالطلاق؟
قيل: قد جرى الآن منه ذلك.
فقال أبو زرعة: ليمسك امرأته، فإنها لم تطلق عليه، أو كما قال.
قال ابن عدي: سمعت الحسن بن عثمان التستري، سمعت أبا زرعة يقول:
كل شيء قال الحسن: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجدت له أصلا، إلا أربعة أحاديث.
وقال ابن أبي حاتم: قال أبو زرعة: عجبت ممن يفتي في مسائل الطلاق، يحفظ أقل من مائة ألف حديث.
وقال ابن أبي شيبة: ما رأيت أحفظ من أبي زرعة.
وقال أبو عبد الله الحاكم: سمعت أبا جعفر محمد بن أحمد الرازي، يقول: سمعت محمد بن مسلم بن وارة، قال:
كنت عند إسحاق بنيسابور، فقال رجل من العراق: سمعت أحمد بن حنبل يقول:
صح من الحديث سبع مائة ألف حديث وكسر، وهذا الفتى -يعني: أبا زرعة- قد حفظ ست مائة ألف حديث.
قلت: أبو جعفر ليس بثقة.
ابن عدي: سمعت أحمد بن محمد بن سعيد، حدثني الحضرمي، سمعت أبا بكر بن أبي شيبة، وقيل له: من أحفظ من رأيت؟
قال: ما رأيت أحفظ من أبي زرعة الرازي.
ابن المقرئ: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني: سمعت محمد بن إسحاق الصاغاني، يقول:
أبو زرعة يشبه بأحمد بن حنبل.
وقال علي بن الحسين بن الجنيد: ما رأيت أحدا أعلم بحديث مالك بن أنس، مسندها ومنقطعها من أبي زرعة، وكذلك سائر العلوم.
قال ابن أبي حاتم: سئل أبي عن أبي زرعة، فقال: إمام.
قال عمر بن محمد بن إسحاق القطان: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل، سمعت أبي، يقول:
ما جاوز الجسر أحد أفقه من إسحاق بن راهويه، ولا أحفظ من أبي زرعة.
ابن عدي: سمعت أبا يعلى الموصلي، يقول:
ما سمعنا بذكر أحد في الحفظ، إلا كان اسمه أكبر من رؤيته، إلا أبا زرعة الرازي، فإن مشاهدته كانت أعظم من اسمه، وكان قد جمع حفظ الأبواب والشيوخ والتفسير، كتبنا بانتخابه بواسط ستة آلاف حديث.
وقال صالح جزرة: حدثنا سلمة بن شبيب، حدثني الحسن بن محمد بن أعين، حدثنا زهير، حدثتنا أم عمرو بنت شمر، سمعت سويد بن غفلة، يقول : وعيس عين.
يريد: {حور عين} [الواقعة: 22].
قال صالح: فألقيت هذا على أبي زرعة، فبقي متعجبا، فقال: أنا أحفظ في القراءات عشرة آلاف حديث.
قلت: فتحفظ هذا؟
قال: لا.
ابن عدي: سمعت الحسن بن عثمان، سمعت ابن وارة، سمعت إسحاق بن راهويه، يقول:
كل حديث لا يعرفه أبو زرعة الرازي، فليس له أصل.
وقال الحاكم: سمعت الفقيه أبا حامد أحمد بن محمد، سمعت أبا العباس الثقفي، يقول:
لما انصرف قتيبة بن سعيد إلى الري، سألوه أن يحدثهم، فامتنع، فقال: أحدثكم بعد أن حضر مجلسي أحمد، وابن معين، وابن المديني، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو خيثمة؟
قالوا له: فإن عندنا غلاما يسرد كل ما حدثت به، مجلسا مجلسا، قم يا أبا زرعة.
قال: فقام، فسرد كل ما حدث به قتيبة، فحدثهم قتيبة.
قال سعيد بن عمرو الحافظ: سمعت أبا زرعة، يقول:
دخلت البصرة، فحضرت سليمان الشاذكوني يوم الجمعة، فروى حديثا
فرددت عليه.
ثم قال: حدثنا ابن أبي غنية، عن أبيه، عن سعد بن إبراهيم، عن نافع بن جبير، قال:
لا حلف في الإسلام.
فقلت: هذا وهم، وهم فيه إسحاق بن سليمان، وإنما هو سعد، عن أبيه، عن جبير.
قال: من يقول هذا؟
قلت: حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا ابن أبي غنية.
فغضب، ثم قال لي: ما تقول فيمن جعل الأذان مكان الإقامة؟
قلت: يعيد.
قال: من قال هذا؟
قلت: الشعبي.
قال: من عن الشعبي؟
قلت: حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن جابر، عن الشعبي.
قال: ومن غير هذا؟
قلت: إبراهيم، وحدثنا أبو نعيم، حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن مغيرة، عنه.
قال: أخطأت. قلت:
حدثنا أبو نعيم، حدثنا جعفر الأحمر، حدثنا مغيرة.
قال: أخطأت.
قلت: حدثنا أبو نعيم، حدثنا أبو كدينة، عن مغيرة.
قال: أصبت.
ثم قال أبو زرعة: اشتبه علي، وكتبت هذه الأحاديث الثلاثة عن أبي نعيم، فما طالعتها منذ كتبتها.
ثم قال: وأي شيء غير هذا؟
قلت: معاذ بن هشام، عن أشعث، عن الحسن.
قال: هذا سرقته مني - وصدق - كان ذاكرني به رجل ببغداد، فحفظته عنه.
قال أبو علي جزرة: قال لي أبو زرعة: مر بنا إلى سليمان الشاذكوني نذاكره.
قال: فذهبنا، فما زال يذاكره حتى عجز الشاذكوني عن حفظه، فلما أعياه، ألقى عليه حديثا من حديث الرازيين، فلم يعرفه أبو زرعة.
فقال سليمان: يا سبحان الله! حديث بلدك، هذا مخرجه من عندكم!؟ وأبو زرعة ساكت، والشاذكوني يخجله، ويري من حضر أنه قد عجز.
فلما خرجنا، رأيت أبا زرعة قد اغتم، ويقول: لا أدري من أين جاء بهذا؟
فقلت له: وضعه في الوقت كي تعجز وتخجل.
قال: هكذا؟
قلت: نعم، فسري عنه.
ابن عدي: سمعت محمد بن إبراهيم المقرئ، سمعت فضلك الصائغ، يقول:
دخلت المدينة، فصرت إلى باب أبي مصعب، فخرج إلي شيخ مخضوب، وكنت ناعسا، فحركني، وقال: يا مردريك ! من أين أنت؟ أي شيء تنام؟
قلت: أصلحك الله، أنا من الري، من بعض شاكردي أبي زرعة.
فقال: تركت أبا زرعة وجئتني؟ لقيت مالكا
وغيره، فما رأت عيناي مثل أبي زرعة.
قال: ودخلت على الربيع بمصر، فقال: من أين؟
قلت: من الري.
قال: تركت أبا زرعة وجئت؟ إن أبا زرعة آية، وإن الله إذا جعل إنسانا آية، أبانه من شكله، حتى لا يكون له ثان.
قال ابن أبي حاتم: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: ما رأيت أكثر تواضعا من أبي زرعة، هو وأبو حاتم إماما خراسان.
وقال يوسف الميانجي : سمعت عبد الله بن محمد القزويني القاضي، يقول: حدثنا يونس بن عبد الأعلى يوما، فقال: حدثني أبو زرعة.
فقيل له: من هذا؟
فقال: إن أبا زرعة أشهر في الدنيا من الدنيا.
ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن أحمد، سمعت أحمد بن حنبل يدعو الله لأبي زرعة.
وسمعت عبد الواحد بن غياث، يقول: ما رأى أبو زرعة مثل نفسه.
سعيد بن عمرو البرذعي: سمعت محمد بن يحيى يقول:
لا يزال المسلمون بخير ما أبقى الله لهم مثل أبي زرعة، يعلم الناس، وما كان الله ليترك الأرض إلا وفيها مثل أبي زرعة، يعلم الناس ما جهلوه.
علقها ابن أبي حاتم، عن سعيد.
ابن عدي: حدثنا أحمد بن محمد بن سلمان القطان، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثني أبو زرعة عبيد الله، وما خلف بعده مثله، علما وفهما وصيانة وحذقا، وهذا ما لا يرتاب فيه، ولا أعلم من المشرق والمغرب من كان يفهم هذا الشأن مثله.
ابن عدي: سمعت القاسم بن صفوان، سمعت أبا حاتم يقول:
أزهد من رأيت أربعة: آدم بن أبي إياس، وثابت بن محمد الزاهد، وأبو زرعة الرازي، وذكر آخر.
قال النسائي: أبو زرعة رازي ثقة.
وقال أبو نعيم بن عدي: سمعت ابن خراش يقول:
كان بيني وبين أبي زرعة موعد أن أبكر عليه، فأذاكره، فبكرت، فمررت بأبي حاتم وهو قاعد وحده؛ فأجلسني معه يذاكرني، حتى أضحى النهار.
فقلت: بيني وبين أبي زرعة موعد، فجئت إلى أبي زرعة والناس منكبون عليه، فقال لي: تأخرت عن الموعد.
قلت: بكرت، فمررت بهذا المسترشد، فدعاني، فرحمته لوحدته، وهو أعلى إسنادا منك، وصرت أنت بالدست.
أو كما قال.
أبو العباس السراج: حدثنا محمد بن مسلم بن وارة، قال:
رأيت أبا زرعة في المنام، فقلت له: ما حالك؟ قال: أحمد الله على الأحوال
كلها، إني حضرت، فوقفت بين يدي الله تعالى، فقال لي: يا عبيد الله! لم تذرعت في القول في عبادي؟
قلت: يا رب! إنهم حاولوا دينك.
فقال: صدقت.
ثم أتي بطاهر الخلقاني، فاستعديت عليه إلى ربي، فضرب الحد مائة، ثم أمر به إلى الحبس، ثم قال: ألحقوا عبيد الله بأصحابه، وبأبي عبد الله، وأبي عبد الله، وأبي عبد الله: سفيان، ومالك، وأحمد بن حنبل.
رواها عن ابن وارة أيضا ابن أبي حاتم، وأبو القاسم ابن أخي أبي زرعة.
قال أبو جعفر محمد بن علي، وراق أبي زرعة: حضرنا أبا زرعة بماشهران، وهو في السوق، وعنده أبو حاتم، وابن وارة، والمنذر بن شاذان، وغيرهم، فذكروا حديث التلقين: (لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله ) واستحيوا من أبي زرعة أن يلقنوه، فقالوا: تعالوا نذكر الحديث.
فقال ابن وارة: حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن صالح، وجعل يقول: ابن أبي، ولم يجاوزه.
وقال أبو حاتم: حدثنا بندار، حدثنا أبو عاصم، عن عبد الحميد بن جعفر، عن صالح ولم يجاوز، والباقون سكتوا، فقال أبو زرعة وهو في السوق:
حدثنا بندار، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد الحميد، عن صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة، عن معاذ
بن جبل، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله، دخل الجنة )، وتوفي -رحمه الله -.
رواها أبو عبد الله الحاكم وغيره، عن أبي بكر محمد بن عبد الله الوراق الرازي، عن أبي جعفر بهذا.
قال أبو الحسين بن المنادي، وأبو سعيد بن يونس:
توفي أبو زرعة الرازي في آخر يوم من سنة أربع وستين ومائتين، ومولده كان في سنة مائتين.
وأما الحاكم، فقال في ترجمة أبي الحسين محمد بن علي بن محمد بن مهدي الرازي المعمر:
هذا الشيخ عندي صدوق، فإنه قال: رأيت أبا زرعة الرازي.
فقلت له: كيف رأيته؟
فقال: أسود اللحية، نحيف، أسمر، وهذه صفة أبي زرعة، وأنه توفي وهو ابن ست وخمسين سنة.
قلت: أحسب أبا عبد الله وهم في مقدار سن أبي زرعة، فإنه قد ارتحل بنفسه، وسمع من: قبيصة، وأبي نعيم، والظاهر أنه ولد سنة مائتين - والله أعلم -.
وقد ذكر الحاكم في كتاب: (الجامع لذكر أئمة الأعصار المزكين لرواة الأخبار) : سمعت عبد الله بن محمد بن موسى، سمعت أحمد بن
محمد بن سليمان الرازي الحافظ يقول: ولد أبو زرعة سنة أربع وتسعين ومائة، وارتحل من الري، وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وأقام بالكوفة عشرة أشهر، ثم رجع إلى الري، ثم خرج في رحلته الثانية، وغاب عن وطنه أربع عشرة سنة، وجلس للتحديث وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة.
قال: وتوفي سنة ستين ومائتين، وهو ابن أربع وستين سنة.
قلت: وهذا القول خطأ في وفاته، والصحيح ما مر.
وذكر إبراهيم بن حرب العسكري أنه رأى أبا زرعة الرازي، وهو يؤم الملائكة في السماء الرابعة، فقلت: بم نلت هذه المنزلة؟
قال: برفع اليدين في الصلاة عند الركوع، وعند الرفع منه.
وقال إسحاق بن إبراهيم بن عبد الحميد القرشي: سمعت عبد الله بن أحمد يقول: ذاكرت أبي ليلة الحفاظ، فقال: يا بني! قد كان الحفظ عندنا، ثم تحول إلى خراسان، إلى هؤلاء الشباب الأربعة.
قلت: من هم؟
قال: أبو زرعة ذاك الرازي، ومحمد بن إسماعيل ذاك البخاري، وعبد الله بن عبد الرحمن ذاك السمرقندي، والحسن بن شجاع ذاك البلخي.
قلت: يا أبه فمن أحفظ هؤلاء؟
قال: أما أبو زرعة؛ فأسردهم، وأما البخاري؛ فأعرفهم، وأما عبد الله -يعني: الدارمي-؛ فأتقنهم، وأما ابن شجاع؛ فأجمعهم للأبواب.
قال الحاكم: حدثنا أبو حاتم الرازي: سمعت أبا محمد بن أبي حاتم، سمعت أبا زرعة يقول:
بينا أنا قائم أصلي، وأنا أقرأ* {وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب} الآية فوقفت متعجبا من هذا الوعيد ساعة، ورجعت إلى أول الآية ثلاث مرات، فلما كانت المرة الثالثة وقعت هدة من الزلزلة، فبلغني أنهم عدوا بضعة عشر ألف جنازة، حملت من الغد بالري.
قال أحمد بن محمد بن سليمان: سمعت أبا زرعة يقول:
إذا مرضت شهرا أو شهرين، تبين علي في حفظ القرآن، وأما الحديث، فإذا تركت أياما تبين عليك.
ثم قال أبو زرعة: نرى قوما من أصحابنا، كتبوا الحديث، تركوا المجالسة منذ عشرين سنة، أو أقل، إذا جلسوا اليوم مع الأحداث كأنهم لا يعرفون، أو لا يحسنون الحديث.
ثم قال: الحديث مثل الشمس، إذا حبس عن الشرق خمسة أيام، لا يعرف السفر، فهذا الشان يحتاج أن تتعاهده أبدا.
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول:
اختيار أحمد وإسحاق أحب إلي من قول الشافعي، وما أعرف في أصحابنا أسود الرأس أفقه من أحمد.
وسمعت أبا زرعة - وسئل عن مرسلات الثوري، ومرسلات شعبة - فقال: الثوري تساهل في الرجال، وشعبة لا يدلس ولا يرسل.
قيل له: فمالك مرسلاته أثبت أم الأوزاعي؟
قال: مالك لا يكاد يرسل إلا عن قوم ثقات، مالك متثبت في أهل بلده جدا، فإن تساهل، فإنما يتساهل في قوم غرباء لا يعرفهم.
قال الحاكم: سمعت أبا حامد أحمد بن محمد بن عبد الوهاب
السياري، سمعت محمد بن داود بن يزيد الرازي، سمعت أبا زرعة يقول:
ارتحلت إلى أحمد بن صالح المصري، فدخلت عليه، مع أصحاب الحديث، فتذاكرنا إلى أن ضاق الوقت، ثم أخرجت من كمي أطرافا، فيها أحاديث سألته عنها، فقال لي: تعود.
فعدت من الغد، ومعي أصحاب الحديث، فأخرجت الأطراف، وسألته عنها، فقال: تعود.
فقلت: أليس قلت لي بالأمس: تعود؟! ما عندك مما يكتب، أورد علي مسندا أو مرسلا أو حرفا مما أستفيد، فإن لم أروه لك عمن هو أوثق منك، فلست بأبي زرعة، ثم قلت : من ها هنا ممن نكتب عنه؟
قالوا: يحيى بن بكير.
ابن جوصا: سمعت أبا إسحاق الجوزجاني يقول:
كنا عند سليمان بن عبد الرحمن، فلم يأذن لنا أياما، ثم دخلنا عليه، فقال: بلغني ورود هذا الغلام -يعني: أبا زرعة- فدرست للالتقاء به ثلاث مائة ألف حديث.
وعن أبي حاتم، قال: كان أبو زرعة لا يأكل الجبن، ولا الخل.
وقال أحمد بن محمد بن سليمان: سمعت أبا زرعة يقول:
لا تكتبوا عني بالمذاكرة، فإني أخاف أن تحملوا خطأ، هذا ابن المبارك كره أن يحمل عنه بالمذاكرة، وقال لي إبراهيم بن موسى: لا تحملوا عني بالمذاكرة شيئا.
وسمعت أبا زرعة يقول: إذا انفرد ابن إسحاق بالحديث، لا يكون حجة.
ثم روى له حديث القراءة خلف الإمام، وسمعته يقول: كان
الحوضي، وعلي بن الجعد، وقبيصة، يقدرون على الحفظ، يجيؤون بالحديث بتمام.
وذكر عن قبيصة كأنه يقرأ من كتاب.
قلت: يعجبني كثيرا كلام أبي زرعة في الجرح والتعديل، يبين عليه الورع والمخبرة، بخلاف رفيقه أبي حاتم، فإنه جراح.
أخبرنا أبو علي الحسن بن علي، ومحمد بن الحسن الفقيه، وإبراهيم بن عبد الرحمن الشاهد، وست القضاة؛ بنت يحيى، قراءة، قالوا:
أخبرتنا كريمة بنت عبد الوهاب القرشية، أخبرنا أبو الخير محمد بن أحمد بن محمد الباغبان في كتابه، أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة، أخبرنا أبي، أخبرنا محمد بن الحسين النيسابوري، حدثنا
أبو زرعة الرازي، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال:
كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك).
أخرجه مسلم عن أبي زرعة، فوافقناه بعلو درجة، ورواه الطبراني عن أبي الزنباع، عن ابن بكير، ورواه أبو داود عن محمد بن عون، عن عبد الغفار بن داود، عن يعقوب، نحوه.
أخبرنا أبو زكريا يحيى بن أبي منصور في كتابه: أخبرنا عبد القادر بن عبد الله الحافظ، أخبرنا مسعود بن الحسن بأصبهان، حدثنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق العبدي، أخبرنا أبي، أخبرنا محمد بن الحسين القطان، حدثنا أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم، حدثنا سعيد بن محمد الجرمي، حدثنا أبو عبيدة عبد الواحد بن واصل، حدثنا محمد بن ثابت البناني، عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن أبيه، عن ابن عباس، قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (للأنبياء منابر من ذهب، يجلسون عليها، ويبقى منبري لا أجلس عليه).
أو قال: (لا أقعد عليه، فيما بين يدي ربي -عز وجل- منتصبا، مخافة أن يذهب بي إلى الجنة وتبقى أمتي، فأقول: رب، أمتي، أمتي، فيقول الله تعالى: وما تريد أن أصنع بأمتك؟ فأقول: يا رب!
عجل حسابهم.
فيدعى بهم، فيحاسبون، فمنهم من يدخل الجنة برحمة الله، ومنهم من يدخل الجنة بشفاعتي، فما أزال أشفع، حتى أعطى صكا برجال قد بعث بهم إلى النار، حتى إن مالكا خازن النار يقول:
يا محمد! ما تركت للنار ولغضب ربك في أمتك من نقمة).
هذا حديث غريب منكر، تفرد به محمد بن ثابت ؛ أحد الضعفاء، قال البخاري: فيه نظر.
وقال يحيى بن معين: ليس بشيء.
وروى له الترمذي وحده.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن أبي الحسين: أنبأنا عبد الرحيم بن أبي سعد، أخبرنا عبد الله بن محمد الصاعدي، أخبرنا عثمان بن محمد (ح).
وأخبرنا أبو الفضل، عن القاسم بن أبي سعد، أخبرنا هبة الرحمن بن عبد الواحد، أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرحمن، قالا:
أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن، حدثنا يعقوب بن إسحاق الحافظ، حدثنا أبو زرعة الرازي، حدثنا عمرو بن مرزوق، وبالإسناد إلى يعقوب، قال:
وحدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا عمر بن يونس، قالا:
أخبرنا عكرمة بن عمار، أخبرنا شداد، قال:
سمعت أبا أمامة -رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا ابن آدم! إنك أن تبذل الفضل خير لك، وأن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى).
أنبأنا أحمد بن سلامة، عن يحيى بن نوش، أخبرنا أبو طالب بن يوسف، أخبرنا أبو إسحاق البرمكي، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال:
سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين، فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار، فكان من مذهبهم: أن الله على عرشه بائن من خلقه، كما وصف نفسه، بلا كيف، أحاط بكل شيء علما.
قال أبو الحسن البناني: حدثنا محمد بن علي بن الهيثم الفسوي، قال:
لما قدم حمدون البرذعي على أبي زرعة، لكتابة الحديث، دخل، فرأى في داره أواني وفرشا كثيرة، وكان ذلك لأخيه، قال: فهم أن يرجع ولا يكتب، فلما كان من الليل، رأى كأنه على شط بركة، ورأى ظل شخص في الماء، فقال: أنت الذي زهدت في أبي زرعة؟ أما علمت أن أحمد بن حنبل كان من الأبدال، فلما مات أبدل الله مكانه أبا زرعة.
أخبرنا المسلم بن علان، ومؤمل بن محمد إجازة، أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله المعدل، حدثنا محمد بن إسحاق السراج، سمعت محمد بن مسلم بن وارة، يقول:
رأيت أبا زرعة في المنام، فقلت له:
ما حالك يا أبا زرعة؟
قال أحمد الله على أحواله كلها، إني حضرت فوقفت بين يدي الله تعالى، فقال: يا عبيد الله! لم تذرعت القول في عبادي؟
قلت: يا رب! إنهم حاولوا دينك.
قال: صدقت.
ثم أتي بطاهر الخلقاني، فاستعديت عليه إلى ربي تعالى، فضرب الحد مائة، ثم أمر به إلى الحبس، ثم قال: ألحقوا عبيد الله بأصحابه: أبي عبد الله، وأبي عبد الله، وأبي عبد الله: سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وأحمد بن حنبل.
قلت: إسنادها كالشمس.
أخبرنا ابن الخلال، أخبرنا الهمداني، أخبرنا السلفي، أخبرنا ابن مالك، أخبرنا أبو يعلى الحافظ، سمعت محمد بن علي الفرضي، سمعت القاسم بن محمد بن ميمون، سمعت عمر بن محمد بن إسحاق الحافظ، سمعت ابن وارة، يقول:
حضرت أنا وأبو حاتم عند وفاة أبي زرعة، فقلنا: كيف تلقن مثل أبي زرعة؟
فقلت: حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد الحميد بن جعفر.
وقال أبو حاتم: حدثنا بندار في آخرين، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد الحميد، ففتح عينيه، وقال:
حدثنا بندار، حدثنا أبو عاصم، أخبرنا عبد الحميد، حدثنا صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة، عن معاذ، قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله)، وخرج روحه معه.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 10- ص: 252

عبيد الله بن عبد الكريم بن بندار بن فروخ القرشي. مولاهم حافظ العصر أبو زرعة الرازي.
سمع أبا نعيم، وقبيصة، وخلاد بن يحيى، ومسلم بن إبراهيم، والقعنبي، ومحمد بن سابق. وطبقتهم بالحرمين والعراق والشام والجزيرة وخراسان ومصر، وكان من أفراد الدهر حفظا وذكاء ودينا وإخلاصا وعلما وعملا.
حدث عنه من شيوخه حرملة، والترمذي وابن ماجة، والنسائي، وابن أبي داود، وأبو عوانة، وسعيد بن عمر اليربوعي، وأبو حاتم، ومحمد بن الحسين القطان، وآخرون، وفي السابق واللاحق رواية إبراهيم بن أورمة الحافظ عن الفلاس عن أبي زرعة الرازي.
قال البخاري: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: أبو زرعة عندنا، فقال لي أبي: يا بني قد اعتضت عن نوافلي بمذاكرة هذا الشيخ.
قال صالح بن محمد: سمعت أبا زرعة يقول: كتبت عن ابن أبي شيبة مائة ألف حديث، وعن إبراهيم بن موسى الرازي مائة ألف حديث، قلت: تقدر أن تملي علي مائة ألف حديث من حفظك؟ قال: لا، ولكني إذا ألقي علي عرفت.
وعن أبي زرعة أن رجلا استفتاه أنه حلف بالطلاق أنك تحفظ مائة ألف حديث، قال: تمسك بامرأتك.
عن ابن عقدة أنبأنا مطين عن أبي بكر بن أبي شيبة قال: ما رأيت أحفظ من أبي زرعة، وعن الصغاني قال: أبو زرعة عندنا يشبه بأحمد بن حنبل.
وقال علي بن الجنيد: ما رأيت أعلم من أبي زرعة. وقال يعلى الموصلي: كان أبو زرعة مشاهدته أكبر من اسمه، يحفظ الأبواب والشيوخ والتفسير.
وقال صالح جزرة: سمعت أبا زرعة يقول: أحفظ في القراءات عشرة آلاف حديث.
وقال يونس بن عبد الأعلى: ما رأيت أكثر تواضعا من أبي زرعة.
وقال عبد الواحد بن غياث: ما رأى أبو زرعة مثل نفسه.
وقال أبو حاتم: ما خلف أبو زرعة بعده مثله، ولا أعلم من كان يفهم هذا الشأن مثله، وقل من رأيت في زهده. مات أبو زرعة في آخر يوم من سنة أربع وستين ومائتين وقد شاخ، رحمه الله وإيانا.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 0( 0000) , ج: 1- ص: 375

أبو زرعة الرازي عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ القرشي المخزومي
أحد الأئمة الأعلام وحفاظ الإسلام
روى عن أبي نعيم وقبيصة وخلاد بن يحيى ومسلم بن إبراهيم والقعنبي والطبقة وعنه مسلم الترمذي والنسائي وابن ماجه وأبو عوانة وخلق
قال أحمد ما جاوز الجسر أفقه من إسحاق بن راهويه ولا أحفظ من أبي زرعة
وقال إسحاق بن راهويه كل حديث لا يعرفه أبو زرعة الرازي ليس له أصل مات بالري آخر يوم من ذي الحجة سنة أربع وستين ومائتين

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1403) , ج: 1- ص: 253

عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي الحافظ
أحد الأعلام عن أبي نعيم والقعنبي
وقبيصة وطبقتهم في الآفاق وعنه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وأبو عوانة ومحمد بن الحسين القطان وأمم قال بن راهويه كل حديث لا يعرفه أبو زرعة فليس له أصل مناقبه تطول ولد 19 ومات 264 في آخر يوم من السنة م ت س ق

  • دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 1

عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي
وهو ابن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ مولى عباس بن مطرف القرشي
روى عن يحيى بن عبد الله بن بكير في الدعاء

  • دار المعرفة - بيروت-ط 1( 1987) , ج: 2- ص: 1

أبو زرعة الرازي
عبيد الله بن عبد الكريم

  • دار المعرفة - بيروت-ط 1( 1987) , ج: 2- ص: 1

عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الإمام

  • دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 98

(م ت س ق) عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ المخزومي مولاهم أبو زرعة الرازي.
قال صاحب ’’ الزهرة ’’: روى عنه مسلم حديثين.
وقال ابن نقطة في كتاب ’’ التقييد ’’: حديثا واحدا.
ولما ذكره ابن حبان في كتاب ’’ الثقات ’’ قال: كان أحد أئمة الدنيا في الحديث مع الدين والورع والمواظبة على الحفظ والمذاكرة وترك الدنيا وما فيه الناس.
توفي سنة ثمان وستين ومائتين.
وقال القراب: في وفاته اختلاف.
وقال ابن أبي حاتم: ومن العلماء الجهابذة النقاد من الطبقة الرابعة أبو زرعة كتب إليه إسحاق بن إبراهيم وأحمد بن إبراهيم لا نزال في ذكرك بجميل
حتى نكاد نفرط وإن لم يكن فيك بحمد الله إفراط وإني أسمع من إخواننا [ق 63 / أ] القادمين علينا لما أنت عليه من العلم والحفظ فأسر لذلك. وقال عمرو بن سهل: ما ولد من خمسين ومائة سنة مثل أبي زرعة.
وقال أبو زرعة: رأيت فيما يرى النائم كأني في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكأني أمسح يدي على موضع المقعد من منبره - صلى الله عليه وسلم - الذي يليه ثم أمسكته، فعبره لي رجل من أهل سجستان فقال: أنت تعني بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين.
وذكر أبو عبد الله الطهراني وأبو زرعة عند أبي، فقال أبي: كان أبو زرعة أفهم من أبي عبد الله وأعلم منه بكل شيء بالفقه والحديث وغيره.
وقال يونس بن عبد الأعلى: أبو زرعة وأبو حاتم إماما خراسان، ودعا لهما بخير وقال: بقاؤهما صلاح المسلمين.
وقال أبو زرعة: ذهب بي أبي إلى عبد الرحمن بن سعد الدشتكي فأقعدني على فخذه، وقال: أخرج يدك فنظر إلى شقوق فيها، فقال لأبي: إن ابنك هذا سيكون له شأن، ويحفظ القرآن والعلم، وذكر أشياء. وقال أبو زرعة: خرجت من الري المرة الثانية سنة تسع وعشرين، ورجعت سنة اثنتين وثلاثين في أولها، ثم خرجت إلى مصر فأقمت بها خمسة عشر شهرا. وقال: أقمت في خرجتي الثالثة بالشام والعراق ومصر أربع سنين وستة أشهر.
حدثنا الحسن بن أحمد ابن الليث، قال سمعت أحمد بن حنبل وسأله رجل فقال: بالري شاب يقال له أبو زرعة فغضب أحمد، وقال: تقول شاب؟
كالمنكر عليه، ثم رفع يديه وجعل يقول: اللهم انصر أبا زرعة على من بغى عليه، اللهم عافه، اللهم ادفع عنه البلاء – في دعاء كثير؛ فلما قدمت على أبي زرعة حكيت له ذلك وكتبت له الدعاء، فقال لي أبو زرعة: ما وقعت في بلية قط، فذكرت [ق 63 / أ] دعاء أحمد إلا ظننت أن البلية تفرج عني.
وكتب إليه عبد الرحمن بن عمر بن شبة من أصبهان: اعلم – رحمك الله –
أني ما أكاد أنساك في الدعاء لك ليلي ونهاري أن يمتع المسلمون بطول بقائك، ولولاك لذهب العلم وصار الناس إلى الجهل فاحمد الله على ذلك.
وقال محمد بن مسلم: ما فاتني الدعاء لأبي زرعة في شيء من صلاة الفرائض منذ مات إلا أمس، فدعوت له بعد ما صليت. وسمعت أبا زرعة يقول: رأيت في المنام كأن علي ثوبا له خطوط دقاق. قال ابن أبي حاتم: وتفسيره أن يشهر فاشتهر بالعلم والخير. قال: وقال لي [بشر] بن معاذ لو [أمكني] أعطيت فيك وفي ابن مسلم مائة ألف لمنعكم من التحديث.
وكان أبو زرعة يقول: لو كان صحة بدن على ما أريد كنت أتصدق بمالي كله، وأخرج إلى طرسوس أو إلى ثغر من الثغور، وآكل من [البقول] وألزمها، ثم قال: وإني لألبس الثياب لكي إذا نظر الناس إلي لا يقولون ترك أبو زرعة الدنيا، ولبس الثياب الدون، وإني لآكل ما يقدم إلي من الطيبات والحلو لكي لا يقول الناس أن أبا زرعة لا يأكل الطيبات لزهده، وإني لآكل الشيء الطيب وما مجراه عندي ومجرى غيره من الآدم إلا واحد.
وقال ابن عبد البر: كان أحد الأئمة في علم الحديث، وأعلم الناس بحديث مالك وأحفظهم له، وكان أحمد بن حنبل وابن راهويه وهو تلميذ لهما يعظمانه ويثنيان عليه بالحفظ والفضل والقيام بالسنة.

  • الفاروق الحديثة للطباعة والنشر-ط 1( 2001) , ج: 9- ص: 1

عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ بن داود مولى عياش بن مطرف القرشي أبو زرعة الرازي
يروي عن أبي نعيم عن الأفطس وفطر مات سنة ثمان وستين وكان أحد أئمة الدنيا في الحديث مع الدين والورع والمواظبة على الحفظ والمذاكرة وترك الدنيا وما فيه الناس

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 8- ص: 1

أبو زرعة (م، ت، س، ق)
الإمام، حافظ العصر، عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ، القرشي مولاهم الرازي.
سمع: أبا نعيم، وقبيصة، وخلاد بن يحيى، ومسلم بن إبراهيم القعنبي، ومحمد بن سابق، وطبقتهم بالحرمين، والعراق, والشام، والجزيرة، وخراسان، ومصر.
وكان من أفراد الدهر حفظاً، وذكاءً، وديناً، وإخلاصاً، وعلماً، وعملاً.
حدث عنه: حرملة والفلاس - وهما من شيوخه، وابن خالته الحافظ أبو حاتم، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وابن أبي داود، وأبو عوانة، وسعيد بن عمرو البرذعي، وابن أبي حاتم، ومحمد بن الحسين القطان، وغيرهم.
قال النجاد: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: نزل أبو زرعة
عندنا، فقال لي أبي: يا بني قد اعتضت عن نوافلي بمذاكرة هذا الشيخ.
وقال صالح بن محمد: سمعت أبا زرعة يقول: كتبت عن ابن أبي شيبة مئة ألف حديث، وعن إبراهيم بن موسى الرازي مئة ألف حديث. قلت: تقدر أن تملي علي ألف حديثٍ من حفظك؟ قال: لا، ولكني إذا ألقي علي عرفت.
وعن أبي زرعة: أن رجلاً استفتاه أنه حلف بالطلاق أنك تحفظ مئة ألف حديث، قال: تمسك بامرأتك.
وقال ابن عقدة: حدثنا مطين: عن أبي بكر بن أبي شيبة قال: ما رأيت أحفظ من أبي زرعة.
وقال علي بن الجنيد: ما رأيت أعلم من أبي زرعة.
وقال أبو يعلى الموصلي: كان أبو زرعة مشاهدته أكبر من اسمه، يحفظ الأبواب، والشيوخ، والتفسير.
وقال جزرة: سمعت أبا زرعة يقول: أحفظ في القراءات عشرة آلاف حديث.
وقال يونس بن عبد الأعلى: ما رأيت أكثر تواضعاً من أبي زرعة.
وقال عبد الواحد بن غياث: ما رأى أبو زرعة مثل نفسه.
وقال أبو حاتم: ما خلف أبو زرعة بعده مثله، ولا أعلم من كان يفهم هذا الشأن مثله، وقل من رأيت في زهده.
مات أبو زرعة في آخر يوم من سنة أربع وستين ومئتين، وقد شاخ. رحمه الله تعالى.
وفيها مات: أحمد بن عبد الرحمن بن وهب بحشل، والمزني، ويونس بن عبد الأعلى، ثلاثتهم بمصر. رحمهم الله تعالى.

  • مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 2- ص: 1

أبو زرعة الرازي
ومن العلماء الجهابذة النقاد من الطبقة الرابعة من أهل الري أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد
ما ذكر من علم أبي زرعة وفقهه
حدثنا عبد الرحمن نا الحسن بن أحمد بن الليث قال سمعت عبد الواحد بن غياث البصري يقول ما رأى أبو زرعة بعينه مثل نفسه أحداً قال وسمعت الحسن بن أحمد يقول وكان عبد الواحد كتب عن حماد بن سلمة الكتب وحماد بن زيد لقي أصحاب الحسن وابن سيرين قال أبو محمد قرأت كتاب إسحاق بن راهوية بخطه إلى أبي زرعة أني أزداد بك كل يوم سروراً فالحمد لله الذي جعلك ممن يحفظ سنته وهذا أعظم ما يحتاج إليه اليوم طالب العلم وأحمد بن إبراهيم لا يزال في ذكرك الجميل حتى يكاد يفرط وان لم يكن فيك بحمد الله إفراط وأقرأني كتابك إليه بنحو ما أوصيتك من إظهار السنة وترك المداهنة فجزاك الله خيراً فدم على ما أوصيتك فإن الباطل جولة ثم يضمحل وأنك ممن أحب صلاحه وزينه وإني أسمع من إخواننا القادمين ما أنت عليه من العلم والحفظ فأسر بذلك حدثنا عبد الرحمن نا جعفر بن محمد أبو يحيى الزعفراني قال سمعت عمرو بن سهل بن صرخاب يقول وذكر أبا زرعة فقال ما ولد في خمسين ومائة سنة مثل أبي زرعة حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول ما خلف أبو زرعة مثله وسمعته يقول بعد وفاة أبي زرعة وذكر أبا زرعة فقال كان دربندان العلم حدثنا عبد الرحمن قال ذكر سعيد بن عمرو البرذعي قال سمعت محمد بن يحيى النيسابوري يقول لا يزال المسلمون بخير ما أبقى الله عز وجل لهم مثل أبي زرعة وما كان الله عز وجل ليترك الأرض إلا وفيها مثل أبي زرعة يعلم الناس ما جهلوه ثم جعل يعظم على جلسائه خطر ما حكى له من علة حديث بن إسحاق عن الزهري عن عروة بن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك قال سعيد وكنت حكيت له عن أبي زرعة أن محمد بن إسحاق اصطحب مع معاوية بن يحيى الصدفي من العراق إلى الري فسمع منه هذا الحديث في طريقه وقال لم أستفد منذ دهر علماً أوقع عندي ولا آثر من هذه الكلمة ولو فهمتم عظيم خطرها لاستحليتموه كما استحليته وجعل يمدح أبا زرعة في كلام كثير حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة وذكر أحمد بن حنبل أنه أعطاه دفتره فقلت له كان أحمد بن حنبل يعرفك حيث دفع كتابه إليك فقال أي لعمري كنت أكثر الاختلاف إليه وكنت أسائله وأذاكره ويذاكرني حدثنا عبد الرحمن قال سمعت علي بن الحسين بن الجنيد يقول ما رأيت أحداً أعلم بحديث مالك بن أنس مسندها ومنقطعها من أبي زرعة وكذلك سائر العلوم ولكن خاصة حديث مالك قال أبو زرعة رأيت فيما يرى النائم كأني في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وكأني أمسح يدي على منبر النبي صلى الله عليه وسلم موضع المقعد والذي يليه والذي يليه ثم أمسكته فقصصته على رجل من أهل سجستان كان معنا بحران فقال هذا أنت تعني بحديث النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين وكنت إذا ذاك لا أحفظ كثير شيء من مسائل الأوزاعي ومالك والثوري وغيرهم ثم عنيت به بعد حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول وذكر له أبو عبد الله الطهراني وأبو زرعة فقال كان أبو زرعة أفهم من أبي عبد الله الطهراني وأعلم منه بكل شيء بالفقه والحديث وغيره.
باب ما ذكر من حفظ أبي زرعة رحمه الله
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت علي بن الحسين بن الجنيد المالكي يقول ما رأيت أحداً أحفظ لحديث مالك بن أنس لمسنده ومنقطعه من أبي زرعة قلت ما في الموطأ والزيادات التي ليست في الموطأ قال نعم حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول سمعت أحمد بن حنبل وذكر عن عبد الله بن واقد عن عكرمة بن عمار عن الهرماس قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته نحو الشام فقال أحمد ما ظننت أن الهرماس روى عن النبي صلى الله عليه وسلم سوى حديث العضباء حتى جاء أبو قتادة بهذا الحديث قلت له انا وههنا حديث آخر سوى هذين قال ما هو قلت حدثنا عمرو بن مرزوق عن عكرمة بن عمار عن الهرماس قال سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم فمد يده قال أبو زرعة فسكت ولم ينكره وقال أبو محمد كان أبو زرعة قل يوم إلا يخرج معه إلى المسجد كتابين أو ثلاثة كتب لكل قوم كتابهم الذي سألوا فيه فيقرأ على كل قوم ما يتفق له القراءة من كتاب ثم يقرأ للآخر كتابه الذي قد سأل فيه أوراق ثم يقرأ للثالث كمثل ذلك فإذا رجعوا أولئك في يومهم يكون قد أخرج معه كتابهم فيجيء إلى الموضع الذي كان يقرأ عليهم إلى ذلك المكان فيبتدئ فيقرأ من غير أن يسألهم إلى أين بلغتم وما أول مجلسكم فكان ذاك دأبه كل يوم لا يستفهم من أحد منهم أول مجلسه وهذا بالغداة وبالعشي كمثل ولا أعلم أحداً من المحدثين قدر على هذا حدثنا عبد الرحمن نا أبو زرعة قال حضرت يوماً عبيد الله بن عائشة فقال أول من كسا البيت جرهم قال أبو زرعة فقلت فجرهم كان قبل أو تبع قال بل تبع قلت حدثنا إبراهيم بن موسى انا بن ثور عن معمر عن تميم بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير قال أول من كسا البيت تبع فنهى الناس عن سبه فسكت ثم انبسط بعد ذلك إلي حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول قعدت إلى أبي الوليد يوماً فحملت عنه ثمانية عشر حديثاً وحدثنا مذاكراة من غير أن كتبت منه حرفاً وتحفظت عنه كله حدثنا عبد الرحمن سمعت أبا زرعة يقول سمعت من بعض المشايخ أحاديث فسألني رجل من أصحاب الحديث فأعطيته كتابي فرد على الكتاب بعد ستة أشهر فأنظر في الكتاب فإذا أنه قد غير سبعة مواضع قال أبو زرعة فأخذت الكتاب وصرت إلى عنده فقلت ألا تتقي الله تفعل مثل هذا قال أبو زرعة فأوقفته على موضع موضع وأخبرته وقلت له أما هذا الذي غيرت فإنه هذا الذي جعلت عن بن أبي فديك فإنه عن أبي ضمرة مشهور وليس هذا من حديث بن أبي فديك وأما هذا فإنه كذا وكذا فإنه لا يجيء عن فلان وإنما هذا كذا فلم أزل أخبره حتى أوقفته على كله ثم قلت له فإني حفظت جميع ما فيه في الوقت الذي انتخبت على الشيخ ولو لم أحفظه لكان لا يخفى على مثل هذا فاتق الله عز وجل يا رجل قال أبو محمد فقلت له من ذلك الرجل الذي فعل هذا فأبى أن يسميه حدثنا عبد الرحمن قال وسمعت أبا زرعة يقول دفعت كتاب الصوم إلى رجل بغدادي فرد علي فإذا أنه قد غير حرفاً من الإسناد عن جهته قال أبو زرعة فتعجبت منه فقلت في نفسي يا سبحان الله من يريد أن يفعل هذا بي أي شيء يظن وقلت في نفسي أنه يظن أنه عمل شيئاً حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول ودفع إليه رجل حديثاً فقال اقرأ فلما نظر في الحديث قال من أين لك هذا قال وجدته على ظهر كتاب ليوسف الوراق قال أبو زرعة هذا الحديث من حديثي غير أني لم أحدث به قيل له وأنت تحفظ ما حدثت به مما لم تحدث به قال بلى ما في بيتي حديث إلا وأنا أفهم موضعه حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول مررت يوماً ببيروت فإذا شيخ مخضوب متكئ على عصاً فلما نظر إلي قال لرجل ترى هذا ليس في الدنيا احفظ من هذا قال أبا زرعة ما يدريه عرف حفاظ الدنيا حتى يشهد لي بهذه الشهادة غير أن الناس إذا سمعوا شيئاً قالوه.
باب ما ذكر في أبي زرعة أنه إمام زمانه
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول أبو زرعة وأبو حاتم إماما خراسان ودعا لهما وقال بقاؤهما صلاح للمسلمين حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبي رحمه الله عن أبي زرعة فقال إمام.
باب ما ذكر من طهارة خلق أبي زرعة
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول كنت أتولى الانتخاب على أبي الوليد وكنت لا انتخب
ما سمعت من أبي الوليد قديماً فترى قال أبو زرعة يوماً اكتب حديثاً معاداً بسببي وما سمع تلك الأحاديث التي تركتها على العمد إلا بعد خروجي ولو كنت أنا بدله ما كنت اصبر أن أدع جياد حديثه ولا أسمع منه فلما تيسر لي الخروج من البصرة قلت لأبي زرعة تخرج فقال لا أنك تركت أحاديث من حديث أبي الوليد مما كتبت منه سمعت منه قديماً فكرهت أن أسأل في شيء يكون عليك معاداً فأنا أقيم بعدك حتى أسمع.
باب ما ذكر من كثرة علم أبي زرعة
حدثنا عبد الرحمن قال قلت لأبي زرعة رحمه الله تحزر ما كتبت عن إبراهيم بن موسى مائة ألف حديث قال مائة ألف كثير قلت فخمسين ألفاً قال نعم وستين ألفاً وسبعين ألفاً أخبرني من عد كتاب الوضوء والصلاة فبلغ ثمانية عشر ألف حديث حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول لزمنا إبراهيم بن موسى ثماني سنين من سنة أربع عشرة في آخرها إلى سنة اثنتين وعشرين حتى خرجت إلى مكة في رمضان حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول كتبت بالري قبل أن أخرج إلى العراق عن نحو ثلاثين شيخاً منهم عبد الله بن الجراح وعبد العزيز بن المغيرة وعبد الصمد بن حسان وجعفر بن عيسى وبشر بن يزيد وسلمة بن بشير وعبيد بن إسحاق وذكر شيوخاً كثيرة حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول كتبت عن أبي سلمة التبوذكي عشرة آلاف حديث أما حديث حماد بن سلمة فعشرة آلاف حديث وكنا نظن أنه يقرأ كما كان يقرأ قديماً فاستكتبنا الكثير ومات فبقي علينا شيء نحو قوصرة فوهبت لقوم بالبصرة حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول نظرت في نحو من ثمانين ألف حديث من حديث بن وهب بمصر وفى غير مصر ما أعلم أنى رأيت له حديثاً لا أصل له.
باب ما ذكر من معرفة أبي زرعة بعلل الحديث وبصحيحه من سقيمه
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وكيع عن مسعر عن عاصم بن عبيد الله قال رأيت بن عمر يهرول إلى المسجد فقال أبو زرعة فقلت له مسعر لم يرو عن عاصم بن عبيد الله شيئاً إنما هذا سفيان عن عاصم فلج فيه قال فدخل بيته فطلبه فرجع فقال غيروه هو عن سفيان قال أبو محمد رأيت في كتاب كتبه عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني المعروف برستة من أصبهان إلى أبي زرعة بخطه وإني كنت رويت عندكم عن بن مهدي عن سفيان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم فقلت هذا غلط الناس يروون عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم فوقع ذلك من قولك في نفسي فلم أكن أنساه حتى قدمت ونظرت في الأصل فإذا هو عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن خف عليك فأعلم أبا حاتم عافاه الله ومن سألك من أصحابنا فإنك في ذلك مأجور إن شاء الله والعار خير من النار حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول أتينا أبا عمر الحوضي وقد دخل قوم عليه وهو يحدثهم وأنا وأبو حاتم وجماعة منا خارج نتسمع فوقع في مسامعنا وهو يقول حدثنا جرير بن حازم عن مجالد عن الشعبي عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم إني مكاثر بكم الأمم فصحنا من وراه الباب فقلنا يا أبا عمر هذا عن جابر فقال صدقتم صدقتم ادخلوا حدثنا عبد الرحمن قال حضر عند أبي زرعة محمد بن مسلم والفضل بن العباس المعروف بالصائغ فجرى بينهم مذاكرة فذكر محمد بن مسلم حديثاً فأنكر فضل الصائغ فقال يا أبا عبد الله ليس هكذا هو فقال كيف هو فذكر رواية أخرى فقال محمد بن مسلم بل الصحيح ما قلت والخطأ ما قلت قال فضل فأبو زرعة الحاكم بيننا فقال محمد بن مسلم لأبي زرعة أيش تقول أينا المخطئ فسكت أبو زرعة ولم يجب فقال محمد بن مسلم مالك سكت تكلم فجعل أبو زرعة يتغافل فألح عليه محمد بن مسلم وقال لا أعرف لسكوتك معنى إن كنت أنا المخطئ فأخبر وإن كان هو المخطئ فأخبر فقال هاتوا أبا القاسم بن أخي فدعى به فقال اذهب وادخل بيت الكتب فدع القمطر الأول والقمطر الثاني والقمطر الثالث وعد ستة عشر جزءاً وائتني بالجزء السابع عشر فذهب فجاء بالدفتر فدفعه إليه فأخذ أبو زرعة فتصفح الأوراق وأخرج الحديث ودفعه إلى محمد بن مسلم فقرأه محمد بن مسلم فقال نعم غلطنا فكان ماذا حدثنا عبد الرحمن قال قيل لأبي زرعة بلغنا عنك أنك قلت لم أر أحداً أحفظ من بن أبي شيبة فقال نعم في الحفظ ولكن في الحديث كأنه لم يحمده فقال روى مرة حديث حذيفة في الإزار فقال حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي معلي عن حذيفة فقلت له إنما هو أبو إسحاق عن مسلم بن نذير عن حذيفة وذاك الذي ذكرت عن أبي إسحاق عن أبي المعلي عن حذيفة قال كنت ذرب اللسان فبقي فقلت للوراق أحضروا المسند فأتوا بمسند حذيفة فأصابه كما قلت حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول كنا عند أبي بكر بن أبي شيبة ومعنا كليجة فقال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا بن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر عن أنس أنه قال يتبع الميت ثلاث فقال كليجة هو عن عبيد الله بن أبي بكر فقال عن عبيد الله بن أبي بكر فقلت يا أبا بكر تركت الصواب وتلقنت الخطأ إنما روى هو عن عبد الله بن أبي بكر وسفيان لم يلق عبيد الله بن أبي بكر فقال لقنني هذا فقلت كلما لقنك هذا تريد أن تقبله حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة مرة عن وكيع عن مسعر عن عاصم بن عبيد الله قال رأيت سالماً توضأ مرة فقلت إنما هو وكيع عن سفيان فقال لا حدثنا وكيع عن مسعر عن عاصم بن عبيد الله فقلت ليس هذا من حديث مسعر حدثنا أبو نعيم ومحمد بن كثير عن سفيان عن عاصم ولم يسمع مسعر من عاصم بن عبيد الله شيئاً فقال بلى مسعر عن عاصم عن الشعبي فقلت هذا عاصم وذكر عاصماً آخر إنما قلت لك عاصم بن عبيد الله لم يسمع مسعر منه شيئاً فسكت فلما كان بالعشي قال قد أصبته هو كما قلت أنت حدثنا وكيع والفضل بن دكين عن سفيان وقال له رجل يوماً يا أبا بكر منذ قدم أبو زرعة صحح لنا سبعين حديثاً فخجل ثم قال أبو زرعة يكون مثل هذا كثير هذا علي بن المديني ذاكر بباب لعبد الرحمن بن مهدي في التسليم واحدة وعبد الرحمن كان له في هذا باب فقال علي هذا كله كذب فلما كان بعد أيام روى الباب عن عبد الرحمن.
باب ما ذكر من فراسة عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي في أبي زرعة وهو صغير
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول ذهب بي أبي إلى عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدشتكي فلما رأيته نفرت من هيبته فتقدم أبي إليه فسلم عليه وقعد بجنبه فلم أزل ادنو وأنظر إليه ولا أجسر من الهيبة أن أدنو منه فلما رآني أتقدم قال لأبي من هذا قال هذا ابني قال ادعوه فدعاني فجئت حتى دنوت من أبي فقال لي عبد الرحمن ادن مني وأنا أدنو شيئاً بعد شيء فلم يزل يقول ادن حتى دنوته فأظنه أقعدني على فخذه أو أقعدني بجنبه فقال لي أخرج يدك فأخرجت يدي فنظر إلى شقوق في باطن أصابعي فتفرس في فقال لأبي إن ابنك هذا سيكون له شأن ويحفظ القرآن والعلم وذكر أشياء.
باب ما ذكر من رحلة أبي زرعة في طلب العلم
حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة في أي سنة كتبتم عن أبي نعيم قال في سنة أربع عشرة ومائتين ومات في سنة ثماني عشرة ومائتين حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول خرجت من الري المرة الثانية سنة سبع وعشرين ومائتين ورجعت سنة اثنتين وثلاثين في أولها بدأت فحججت ثم خرجت إلى مصر فأقمت بمصر خمسة عشر شهراً وكنت عزمت في بدر قدومي مصر أني أقل المقام بها فلما رأيت كثرة العلم بها وكثرة الاستفادة عزمت على المقام ولم أكن عزمت على سماع كتب الشافعي فلما عزمت على المقام وجهت إلى أعرف رجل بمصر بكتب الشافعي فقبلتها منه بثمانين درهماً أن يكتبها كلها وأعطيته الكاغذ وكنت حملت معي ثوبين ديبقيين لأقطعهما لنفسي فلما عزمت على كتابتها أمرت ببيعها فبيعا بستين درهماً واشتريت مائة ورقة كاغذ بعشرة دراهم كتبت فيها كتب الشافعي ثم خرجت إلى الشام فأقمت بها ما أقمت ثم خرجت إلى الجزيرة وأقمت ما أقمت ثم رجعت إلى بغداد سنة ثلاثين في آخرها ورجعت إلى الكوفة وأقمت بها ما أقمت وقدمت البصرة فكتبت بها عن شيبان وعبد الأعلى حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن عوف يقول كان أبو زرعة عندنا بحمص سنة ثلاثين ومائتين حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول أقمت في خرجتي الثالثة بالشام والعراق ومصر أربع سنين وستة أشهر فما أعلم أنى طبخت فيها قدراً بيد نفسي.
باب ما ذكر من جلالة أبي زرعة عند العلماء
حدثنا عبد الرحمن نا الحسن بن أحمد بن الليث قال سمعت أحمد بن حنبل وسأله رجل فقال بالري شاب يقال له أبو زرعة فغضب أحمد وقال تقول شاب كالمنكر عليه ثم رفع يديه وجعل يدعو الله عز وجل لأبي زرعة ويقول اللهم انصره على من بغى عليه اللهم عافه اللهم ادفع عنه البلاء اللهم اللهم في دعاء كثير قال الحسن فلما قدمت حكيت ذلك لأبي زرعة وحملت إليه دعاء أحمد بن حنبل له وكنت كتبته عنه فكتبه أبو زرعة وقال لي أبو زرعة ما وقعت في بلية فذكرت دعاء أحمد إلا ظننت أن الله عز وجل يفرج بدعائه عني حدثنا عبد الرحمن قال رأيت في كتاب عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني المعروف برستة من أصبهان إلى أبي زرعة بخطه أعلم رحمك الله أني ما أكاد أنساك في الدعاء لك ليلي ونهاري أن يمتع المسلمون بطول بقائك فإنه لا يزال الناس بخير ما بقى من يعرف العلم وحقه من باطله ولولا ذاك لذهب العلم وصار الناس إلى الجهل وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين وقد جعلك الله منهم فاحمد الله على ذلك فقد وجب لله عز وجل عليك الشكر في ذلك حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول أردت الخروج من مصر فجئت لأودع يحيى بن عبد الله بن بكير فقلت تأمر بشيء قال أخلف الله علينا بخير حدثنا عبد الرحمن نا أبو زرعة قال سمعت إبراهيم بن موسى يقول لي أجد منك ريح الولد حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول بعد وفاة أبي زرعة بنحو من شهرين يقول ما فاتني الدعاء لأبي زرعة في شيء من صلوات الفرائض منذ مات أبو زرعة إلا أمس فإني كنت في التشهد فدخل علي بعض الناس فاشتغل به قلبي فنسيت الدعاء ثم دعوت له بعد ما صليت قيل له ويجوز الدعاء في الفرائض قال نعم أنا أدعو لأبي زرعة وأسميه في صلواتي حدثنا عبد الرحمن قال كتب إلي أبو الحسين أحمد بن سليمان الرهاوي قال ما أحد أحب إلي أن أراه من أبي زرعة حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول كتب إلي إسحاق بن راهوية لا يهولنك الباطل فإن الباطل جولة ثم يتلاشى حدثنا عبد الرحمن قال قلت لأبى زرعة كتب إليك حين حدثت قال نعم لم أكن انبسطت في مكاشفة القوم حينئذ حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول ذكرت لأحمد بن حنبل حديث أبي داود عن بشر بن الفضل عن أبيه عن خالد الحذاء عن أنس بن سيرين عن أبي يحيى عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يباشر الرجل الرجل إلا وهما زانيان ولا تباشر المرأة المرأة إلا وهما زانيتان فقال لي أحمد بن حنبل من بشر هذا قلت رأيت المصريين يحدثون عن بشر هذا فقال أحمد كأن هذا الشيخ بصري وقع إليهم حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول لما أتيت محمد بن عائذ وكان رجلاً جافياً ومعي جماعة فرفع صوته فقال من أين أنتم قلنا من بلدان مختلفة من خراسان من الري من كذا وكذا قال أنتم أمثل من أهل العراق قال ما تريدون ورفع صوته قلنا شيئاً من حديث يحيى بن حمزة فلم أزل أرفق به وأداريه حتى حدثني بما معي ثم قال خذ الكتاب فانظر فيه فأعطاني كتابه فنظرت فيه وكتبت منه أحاديث ثم قال خذ الكتاب فاذهب به معك قال أبو زرعة فدعوت له وشكرته على ما فعل قلت أنا أجل كتابك عن حمله وأنا أصيب نسخة هذا عند أصحابنا فذهبت وأخذت من بعض أصحاب الحديث فنسخته على الوجه وسألته كتاب الهيثم بن حميد فأخرج إلي جزءاً عن الهيثم بن حميد وكان عند هشام بن عمار عن الهيثم بن حميد شيء يسير فأخرج هو جزءاً عن الهيثم فاستغنمته وكتبته على الوجه وسألته كتاب الفتن عن الوليد بن مسلم فأجابني وتعجب الدمشقيون مما يفعل بي ونسخت كتاب الفتن فأتيته مع رفقائي فقال إنما أجبتك ولم أجب هؤلاء فلم أزل أرفق به وأداريه حتى حدثنا به وسمعوا معي حدثنا عبد الرحمن قال سمعنا أبا زرعة يقول دفع إلى أحمد بن حنبل جزئين فنظرت فإذا أحاديث المعتمر بن سليمان وبشر بن المفضل أحاديث قد كتبتها عن غيري فأقبلت أتفكر وأنظر إليه فأقول مرة أكتبه وأقول مرة قد سمعتها من غيره فأقبلت أتفكر وأنظر إليه فأقول مرة أكتبه وأقول مرة قد سمعتها من غيره لا أكتبه ففطن رحمه الله فقال أراك سمعتها من غيرنا قلت نعم قال عمن كتبتها فقلت عن مسدد فقال مسدد ثقة اصفح فصفحت فرأيت أحاديث حساناً عن غندر وغيره وقال أحاديث خالد بن ذكوان عن الربيع عمن كتبتها قلت عن مسدد حدثنا عبد الرحمن قال قرأت كتاب إسحاق بن راهوية إلى أبي زرعة بخطه أعلم أبقاك الله أنى كنت أسمع من إخواننا القادمين علينا ومن غيرهم حالك وما أنت عليه من العلم والحفظ فأسر بذلك وإني أزداد بك كل يوم سروراً فالحمد لله الذي جعلك ممن يحفظ سنته وهو من أعظم ما يحتاج إليه الطالب اليوم وأحمد بن إبراهيم لا يزال في ذكرك بالجميل حتى يكاد يفرط حباً لك وإن لم يكن فيك بحمد الله إفراط حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول كتب إلي أبو ثور فقال في كتابه كان الأمر قديماً أمر أصحابك يعني في التفقه حتى نشأ قوم فاشتغلوا بعدد الأحاديث وتركوا التفقه قال وسمعت أبا زرعة يقول وقد عاد قوم في التفقه وهو الأصل حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة وقت له أخبرت أنه قرأ عليك الربيع بالليل فقال ما سمعت منه بالليل إلا مجلساً واحداً رافقني رجل فلما تهيأ خروجي امتنع من الخروج قلت مالك قال قد بقي على شيء من كتب الشافعي وكان قد سمع كتب الشافعي من حرملة فقلت لرفيقي ترضى أن يقرأ عليك الربيع قال نعم قال أبو زرعة فلقيت الربيع فأخبرته بالقصة وسألته أن يجيئنا ليلاً فيقرأ على رفيقي ما بقي عليه فجاءنا ليلاً فقرأ علينا قلت أخبرت أن الربيع قرأها عليك في أربعين يوماً قال لا يا بني إنما كنت أسمع منه في وقت أتفرغ فيه إليه وكنت آخذ ميعاده في مسجد الجامع فربما أبطأت عليه وربما لم أجيء فلا ينصرف فيقول إذا لم يمكنك المجيء فاكتب على الإسطوانة حتى أمضى حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول أنا أحقر في نفسي من أن ينزلني الله عز وجل منزلة أبي زرعة حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبو زرعة يقول قال لنا أبو الوليد الطيالسي إذا كان عندنا قوم فلا تستأذنوا فليس عليكم حجاب وربما دخلنا عليه وهو يأكل فيشدد علينا أن كلوا.
باب ما في ظهر لأبي زرعة من سيد عمله عند وفاته
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول مات أبو زرعة مطعوناً مبطوناً يعرق بينه في النزع فقلت لمحمد بن مسلم ما تحفظ في تلقين الموتى لا إله إلا الله فقال محمد بن مسلم يروي عن معاذ بن جبل فمن قبل أن يستتم رفع أبو زرعة رأسه وهو في النزع فقال روى عبد الحميد بن جعفر عن صالح بن أبي عريب عن كثير بن مرة عن معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة فصار البيت ضجة ببكاء من حضر حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أحمد بن إسماعيل ابن عم أبي زرعة يقول سمعت أبا زرعة يقول في مرضه الذي مات فيه اللهم إني أشتاق إلى رؤيتك فإن قال لي بأي عمل اشتقت إلي قلت برحمتك يا رب.
باب مارئي لأبي زرعة من الرؤيا قبل وفاته وبعدها
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول رأيت أبا زرعة رحمه الله في المنام فقلت ما فعل بك ربك فقال قربني وأدناني وقربني وأدناني حتى هكذا وأومأ بيده ثم قال لي يا عبيد الله تدرعت بالكلام قلت لأنهم حاولوا دينك قال ألحقوه بأبي عبد الله وأبي عبد الله وأبي عبد الله قال محمد بن مسلم فوقع في نفسي في النوم أن أبا عبد الله سفيان الثوري وأن أبا عبد الله مالك بن أنس وأن أبا عبد الله أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول رأيت في المنام كأن علي ثوب برد له خطوط دقاق قال أبو محمد تعبيره أن يشتهر فاشتهر بالخير والعلم حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة في سنة اثنتين وستين ومائتين يقول كنت منذ سنين نحو عشرين سنة ربما خطر ببالي تقصيري وتقصير الناس في الأعمال في النوافل والحج والصيام والجهاد فكثر ذلك في قلبي فرأيت ليلة فيما يرى النائم كأن آتيا أتاني فضرب يده بين كتفي فقال قد أكثرت من العبادة وأي عبادة أفضل من الصلوات الخمس في جماعة.
باب ما ذكر من بد ومكاشفة أبي زرعة لأهل الرأي وإظهاره السنن ومقاساته أذى القوم
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول قال لي أبو جعفر الجمال ما لهم يعني أصحاب الرأي سواك حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول ما رغبت قط في سكنى الري وما كاشفت القوم وأنا أريد مزاحمتهم في دنيا ولا مال ولا في ضيعة وقلت في نفسي أنا لست براغب في شيء من هذا فأقاسي إظهار السنن فإن كان كون خرجت وهربت إلى طرطوس حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول قال لي السري بن معاذ لو أني قبلت لأعطيت مائة ألف درهم قبل الليل فيك وفي بن مسلم من غير أن أحبسكم ولا أضربكم أكثر من أن أمنعكم من التحديث حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول وقلت له أنهم كانوا يقولون أن رجلاً بصرياً يحمل إليك الكلام الذي ترويه في بن مقاتل فقال يفرغ بن مقاتل من مجلسه يوم الجمعة إلى قرب المغرب وأرد عليه من الغد بكرة من وضع لي وددت أني كنت أرى في ذلك الوقت الذي دفع إلى ما روى في مجلسه رجلاً.
باب ما ذكر من زهد أبي زرعة وظلف نفسه عن الدنيا
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول لو كان لي صحة بدن على ما أريد كنت أتصدق بمالي كله وأخرج إلى طرسوس أو إلى ثغر من الثغور وآكل من المباحات وألزمها ثم قال إني لألبس الثياب لكي إذا نظر إلي الناس لا يقولون قد ترك أبو زرعة الدنيا ولبس الثياب الدون وإني لآكل ما يقدم إلى من الطيبات والحلواء لكي لا يقول الناس أن أبا زرعة لا يأكل الطيبات لزهده وإني لآكل الشيء الطيب وما مجراه عندي ومجرى غير من الأدم إلا واحد وألبس الثياب الجياد ودونه من الثياب عندي واحد لأن جميعاً يعملان عملاً واحداً ومن أحب أن يسلم من لبسه الثياب يلبسه لستر عورته فإنه إذا نوى هذا ولم ينو غيره سلم حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول كنت فيما مضى وأنا صحيح وربما أخذتني الحمى فأضعف وأجد لذلك ألماً وأنا اليوم ربما حممت وربما لم أحم فلا أجد لشيء مما أنا فيه ألماً أظن في نفسي أنه كذا ينبغي أن يكون حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول أعلم أن عمي إسماعيل طبخ قدراً بقرية روده وبوسته مغمى فقال لي ألق فيه شيئاً من الملح فأخذت كفا من الملح وألقيت فيه فصار القدر كله مراً ولم يذق أحد منا منه فقيل لي لم ألقيت كثرة هذا الملح في هذا فقلت لهم لم توقتوا لي فيه شيئاً ولم أدر كم ألقى فيها قال أبو زرعة دخلت مرة البيت فنظرت فإذا قنينة فيها دهن شيرج فنظرت إليه فظننت أنه فقاع فأخذت القدح فصببت منه حتى قيل لي هذا دهن فنظرت فإذا هو دهن.

  • طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 1- ص: 1

عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي
وهو ابن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ مولى عياش بن مطرف القرشي
روى عن خلاد بن يحيى وأبي نعيم وعبد الله بن مسلمة القعنبي وعمرو بن هاشم البيروتي نا عبد الرحمن نا الحسن بن أحمد قال سمعت عبد الواحد بن غياث البصري يقول: ما رأى أبو زرعة بعينه مثل نفسه أخبرنا عبد الرحمن نا الحسن بن أحمد قال سمعت أحمد بن حنبل يدعو الله عز وجل لأبي زرعة نا عبد الرحمن قال قرأت كتاب إسحاق بن راهويه بخطه إلى أبي زرعة: أني أزداد بك كل يوم سروراً فالحمد لله الذي جعلك ممن يحفظ سنته وهذا من أعظم ما يحتاج إليه الطالب اليوم. نا عبد الرحمن نا جعفر بن محمد بن الحسن أبو يحيى الزعفراني قال سمعت عمرو بن سهل بن صرخاب يقول - وكان أحد أجله مشايخ الذي - يولد في خمسين ومائة سنة مثل أبي زرعة نا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول أردت الخروج من مصر وجئت لأودع يحيى بن عبد الله بن بكير فقال: أخلف الله علينا بخير ثنا عبد الرحمن قال سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: ما رأيت أكثر تواضعاً من أبي زرعة هو وأبو حاتم إماماً خراسان نا عبد الرحمن قال ذكر سعيد بن عمرو البرذعي قال سمعت محمد بن يحيى النيسابوري يقول: لا يزال المسلمين بخير ما أبقى الله عز وجل لهم مثل أبي زرعة وما كان الله ليترك الأرض إلا وفيها مثل أبي زرعة يعلم الناس ما جهلوه.
ثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول - وذكر أحمد بن حنبل وأنه أعطاه كتابه فقلت له كان أحمد بن حنبل يعرفك؟ قال إي لعمري كنت أكثر الأختلاف إليه وأذاكره ويذاكرني وأسائله ثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول: ما خلف أبو زرعة مثله وكان موته دربندان العلم نا عبد الرحمن قال سمعت علي بن الحسين بن الجنيد يقول: ما رأيت أحداً أعلم بحديث مالك بن أنس مسندها ومنقطعها من أبي زرعة وكذلك سائر العلوم ولكن بخاصة حديث مالك نا عبد الرحمن قال سئل أبي عن أبي زرعة فقال: أمام.

  • طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 5- ص: 1