ابن طولون أحمد بن طولون، أبو العباس: الامير صاحب الديار المصرية والشامية والثغور. تركي مستعرب. كان شجاعا جوادا حسن السيرة، يباشر الامور بنفسه، موصوفا بالشدة على خصومه وكثرة الاثخان والفتك في من عصاه. بني الجامع المنسوب اليه في القاهرة. ومن اثاره قلعة يافا (بفلسطين) كان ابوه مولى لنوح بن اسد الساماني (عامل بخارى وخراسان) واهداه نوح في جملة من المماليك إلى المأمون، فرقاه المأمون. وولد له أحمد (صاحب الترجمة) في سامراء فتفقه وتأدب وتقدم عند الخليفة المتوكل وإمرة دمشق ثم مصر سنة 425هـ ، وانتظم له أمرها مع ما ضم إليه. ووقعت اه مع الموفق العباسي أمور، فرحل بجيش إلى أنطاكية فمرض فيها، فركب البحر إلى مصر، فتوفى بها. يؤخذ عليه أنه كان حاد الخلق، سفك كثيرا من الدماء في مصر والشام. ومن الكتب الممتعة (سيرة أحمد بن طولون - ط) لأبي محمد عبد الله بن محمد المديني البلوي.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 140
ابن طولون التركي أحمد بن طولون التركي أبو العباس أمير الشام والثغور ومصر، ولاه المعتز بالله مصر ثم استولى على دمشق والشام وأنطاكية والثغور في مدة شغل الموفق ابن المتوكل بحرب الزنج. وكان أحمد بن طولون عادلا جوادا شجاعا متواضعا حسن السيرة صادق الفراسة، يباشر الأمور بنفسه ويعمر البلاد ويتفقد أحوال رعاياه ويحب أهل العلم، وكانت له مائدة يحضرها كل يوم الخاص والعام، وكان له في كل شهر ألف دينار للصدقة، فقال له وكيله: إني تأتيني المرأة وعليها الإزار وفي يدها خاتم ذهب فتطلب مني أفأعطيها؟ فقال: من مد يده إليك أعطه. وبنى الجامع المنسوب إليه بظاهر القاهرة، قال القضاعي في كتاب الخطط: شرع في عمارته سنة أربع وستين ومائتين وفرغ منه في سنة ست وستين ومائتين وأنفق على عمارته مائة ألف وعشرين ألف دينار. وأري في النوم كأنه يمشمش عظما فقال له العابر: لقد سمت همة مولانا إلى مكسب لا يشبه خطره، فأخذ الذهب وتصدق به. وكان صحيح الإسلام إلا أنه كان طائش السيف سفاكا للدماء قال القضاعي: أحصي من قتله بالسيف صبرا وكان جملتهم مع من مات في حبسه ثمانية عشر ألفا. وعن محمد بن علي الماذرائي قال: كنت أجتاز بتربة أحمد بن طولون فأرى شيخا يلازم القبر ثم إني لم أره مدة ثم رأيته فسألته عن ذلك فقال: كان له علينا بعض العدل إن لم يكن الكل فأحببت أن أصله بالقراءة، قلت: فلم انقطعت؟ قال: رأيته في النوم وهو يقول لي: أحب أن لا تقرأ عندي فما تمر بآية إلا قرعت بها وقيل لي: أما سمعت هذه! وكان أحمد بن طولون أطيب الناس صوتا بالقراءة فإنه حفظ القرآن وأتقنه وطلب العلم. وتنقلت به الأحوال إلى أن ملك مصر وعمره أربعون سنة سنة أربع وخمسين ومائتين فملكها بضع عشرة سنة. وخلف من الذهب الأحمر عشرة آلاف ألف دينار وأربعة وعشرين ألف مملوك، وخلف ثلاثة وثلاثين ولدا ذكرا وأنثى، وست مائة بغل، وقيل إن خراج مصر في أيامه كان أربعة آلاف ألف دينار وثلاث مائة ألف دينار. وولد بسامرا في شهر رمضان سنة عشرين ومائتين، وكان أبوه مملوكا أهداه نوح بن أسد الساماني إلى المأمون في جملة رقيق ومات طولون سنة أربعين ومائتين وقيل سنة ثلاثين، ويقال إن طولون تبنى أحمد ولم يكن ابنه، ويقال كان اسم أم أحمد هاشم، وكان طولون تركيا من جنس يقال لهم طغزغز. وكان أحمد قد سأل الوزير عبيد الله بن يحيى بن خاقان فوقع له برزقه على الثغر وكانت أمه مقيمة بسر من رأى فبلغه أنها باكية فرجع إليها مع رفقه فخرج عليهم جماعة من الأعراب فقاتلهم أشد قتال وانتصر عليهم وخلص من أيديهم أموالا حملها إلى المستعين فحسن مكانه عنده ووصله بجملة من المال ووهبه جارية هي أم ابنه خمارويه. فلما خلع الأتراك المستعين فأحدروه إلى واسط قالوا له: من تختار أن يكون في صحبتك؟ فقال: أحمد بن طولون، فبعثوه معه وأحسن صحبته، ثم كتب الأتراك إلى ابن طولون بقتل المستعين وقالوا له: إن قتلته وليناك واسط، فقال: لا يراني الله أقتل خليفة بايعته، فأنفذوا إلى المستعين سعيدا الحاجب فقتله وحمل رأسه إلى بغداذ فدفن ابن طولون جثته هناك بعد أن غسلها وعاد إلى سر من رأى، فزادت محلته عند الأتراك واشتهر بحسن المذهب فولوه مصر نيابة عن أميرها، فلما دخلها قال: غاية ما وعدت على قتل المستعين ولاية واسط فتركت ذلك لأجل الله فولاني مصر والشام. وحكى بعض المتصوفة أنه رأى أحمد بن طولون في النوم بحال حسنة وهو يقول: ما ينبغي لمن سكن الدنيا أن يحقر حسنة فيدعها ولا سيئة فيأتيها، عدل بي عن النار إلى الجنة بتثبتي على متظلم عيي اللسان شديد التهيب، فسمعت منه وصبرت عليه حتى قامت حجته وتقدمت بإنصافه وما في الآخرة على رؤساء الدنيا أشد من الحجاب الملتمسي الإنصاف. وتوفي سنة سبعين ومائتين وقام بعده ولده خمارويه.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 6- ص: 0
أحمد بن طولون التركي صاحب مصر أبو العباس.
ولد بسامراء، وقيل: بل تبناه الأمير طولون. وطولون قدمه صاحب ما وراء النهر إلى المأمون في عدة مماليك سنة مائتين فعاش طولون إلى سنة أربعين ومائتين.
فأجاد ابنه أحمد حفظ القرآن وطلب العلم، وتنقلت به الأحوال، وتأمر وولي ثغور الشام ثم إمرة دمشق ثم ولي الديار المصرية في سنة أربع وخمسين وله إذ ذاك أربعون سنة.
وكان بطلا شجاعا، مقداما، مهيبا، سائسا، جوادا، ممدحا، من دهاة الملوك.
قيل: كانت مؤنته في اليوم ألف دينار، وكان يرجع إلى عدل، وبذل لكنه جبار سفاك للدماء.
قال القضاعي: أحصي من قتله صبرا أو مات في سجنه فبلغوا ثمانية عشر ألفا.
وأنشأ بظاهر مصر جامعا غرم عليه مائة ألف دينار، وكان جيد الإسلام معظما للشعائر.
خلف من العين عشرة آلاف ألف دينار وأربعة وعشرين ألف مملوك، وجماعة بنين وست مائة بغل للثقل.
ويقال: بلغ ارتفاع خراج مصر في أيامه أزيد من أربعة آلاف ألف دينار وكان الخليفة مشغولا عن ابن طولون بحروب الزنج، وكان يزري على أمراء الترك فيما يرتكبونه.
قال محمد بن يوسف الهروي: كنا عند الربيع المرادي فجاءه رسول ابن طولون بألف دينار فقبلها.
قيل: إن ابن طولون نزل يأكل، فوقف سائل فأمر له بدجاجة، وحلواء فجاء الغلام فقال: ناولته فما هش لها فقال: علي به. فلما وقف بين يديه لم يضطرب من الهيبة
فقال: أحضر الكتب التي معك واصدقني، فأنت صاحب خبر هاتوا السياط، فأقر فقال بعض الأمراء: هذا السحر؟ فقال: لا ولكن قياس صحيح.
قال ابن أبي العجائز، وغيره: وقع حريق بدمشق، فركب إليه ابن طولون، ومعه أبو زرعة، وأحمد بن محمد الواسطي كاتبه فقال أحمد لأبي زرعة: ما اسم هذا المكان قال: خط كنيسة مريم فقال الواسطي: ولمريم كنيسة قال: بنوها باسمها فقال ابن طولون: مالك، وللاعتراض على الشيخ ثم أمر بسبعين ألف دينار من ماله لأهل الحريق فأعطوا، وفضل من الذهب وأمر بمال عظيم ففرق في فقراء الغوطة، والبلد فأقل من أعطي دينار.
عن محمد بن علي المادرائي قال: كنت أجتاز بقبر ابن طولون فأرى شيخا ملازما له ثم لم أره مدة ثم رأيته فسألته فقال: كان له علي أياد فأحببت أن أصله بالتلاوة قال: فرأيته في النوم يقول: أحب أن لا تقرأ عندي فما تمر بي آية إلا قرعت بها، ويقال لي: أما سمعت هذه؟
توفي أحمد بمصر في شهر ذي القعدة سنة سبعين ومائتين.
وقام بعده ابنه خمارويه ثم جيش بن خمارويه ثم أخوه هارون.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 10- ص: 268