أبو الطيب اللغوي عبد الواحد بن علي الحلبي، أبو الطيب اللغوي: أديب. أصله من (عسكر مكرم) سكن حلب، وقتل فيها يوم الدمستق. له كتب، منها (مراتب النحويين - ط) و (لطيف الاتباع - خ) و (الابدال - خ) و (شجر الدر - ط) و (الأضداد - خ).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 176
أبو الطيب اللغوي عبد الواحد بن علي. أبو الطيب العسكري اللغوي من عسكر مكرم. قدم حلب، وأقام بها إلى أن قتل في دخول الدمستق حلب سنة إحدى وخمسين وثلاث ماية. أحد الحذاق العلماء المبرزين المتقنين لعلمي اللغة والعربية. أخذ عن أبي عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد ومحمد بن يحيى الصولي.
قال أبو الطيب: قرأت على أبي عمر الفصيح وإصلاح المنطق حفظا! وقال لي أبو عمر: كنت أغلق اللغة عن ثعلب على خزف، وأجلس على دجلة أحفظها وأرمي بها. قال أبو علي الصقلي: كنت في مجلس ابن خالويه إذ وردت عليه من سيف الدولة مسائل تتعلق باللغة فاضطرب لها ودخل خزانته وأخرج منها كتب اللغة وفرقها على أصحابه يفتشونها ليبحث عنها فتركته وذهبت إلى أبي الطيب اللغوي وهو جالس وقد وردت عليه تلك المسائل بعينها وبيده قلم الحمرة فأجاب به ولم يغيره قدرة على الجواب. وهو صاحب كتاب مراتب النحويين؛ وكتاب الإبدال نحا فيه نحو كتاب يعقوب في القلب؛ وكتاب شجر الدر سلك فيه مسلك أبي عمر في المدخل؛ كتاب في الفرق وأكثر فيه وأسهب.
وقال أبو الطيب: وللخليل ثلاثة أبيات على قافية واحدة يستوي لفظها ويختلف معناها؛ وأراد بهذا أن يبين أن تكرار القوافي ليس بضار إذا لم تكن بمعنى واحد، وليس بإبطاء! والأبيات:
يا ويح قلبي من دواعي الهوى | إذ رحل الجيران عند الغروب |
أتبعتهم طرفي وقد أمعنوا | ودمع عيني كفيض الغروب |
بانوا وفيهم طفلة حرة | تفتر عن مثل أقاحي الغروب |
أتعرف أطلالا شجونك بالخال | وعيش زمان كان في العصر الخال |
ليالي ريعان الشباب مسلط | علي بقضبان الإمارة والخال |
وإذ أنا خدن للغوي أخي الصبا | وللغزل المذيح ذي اللهو والخال |
وللخود تصطاد الرجال بفاحم | وخد أسيل كالوذيلة ذي الخال |
إذا رئمت ربعا رئمت رباعها | كما رئم الميثاء ذو الزينة الخال |
ويقتادني منهم رخيم دلاله | كما اقتاد مهرا حين يألفه الخال |
زمان أفدي من يراح إلى الصبى | إذا القوم كعوا لست بالرعش الخال |
ولا أرتدي إلا المروءة خلة | إذا ضن بعض القوم بالعصب والخال |
وإن أنا أبصرت المحول ببلدة | تنكبتها واستمت خالا على خال |
فخالف بخلفي كل خلق مهذب | وإلا تخالفني فخالف إذا خالي |
وإني حليف للسماحة والندى | كما اختلفت عبس وذبيان بالخال |
وثالثنا في الحلف كل مهند | لما ريم من صم العظام به خال |
ألم بربع الدار بان أنيسه | على رغم أهل اللهو قفرا بذي الخال |
مساعد خل أو مقض ذمامه | ومحيي قتيل بعد ساكنه خال |
خلا منهم من حيث لم تخل مهجتي | ومن يخل من نؤي وأورق كالخال |
وكم حللت أيدي النوى وصروفها | على الزمن الخالي المحبين بالخال |
تبصر خليلي الربع يثعب دائما | بقلب من الوجد الذي حل في خالي |
ألم ترني أرعى الهوى من جوانحي | رياضكم بالمرء ذي النعم الخال |
أذوق أمريه بغير تكره | مذاقة موفور على جزعه خال |
وأسكن منه كل زاد مضلة | وآلف ربعا ليس من مألف الخال |
وكم أنتضي فيه سيوف عزائم | وأنضو ثياب البدن عن جمل خال |
وكم من هوى وليت عنه إلى هوى | وحق يقين حدت عنه إلى خال |
ومهما تدللني لليل صبابة | فغير معرى القدر من ملبس الخال |
تطامن طودي للهوى يستقيده | وألحق أطواد الأغرين بالخال |
أضن بعهدي ضن غيري بروحه | وأبذل روحي بذل ذي الكرم الخال |
وإن أخل من شيء فلا من صبابة | خلت سرفي كالغيث بل به الخال |
وإن يخل ليل من تذكر عهدنا | فكم أيقن الواشون أني خال |
وإن زعموا أني تخليت بعدها | فما أنا عنها بالخلي ولا الخالي |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 19- ص: 0