ابن الونشريسي عبد الواحد بن أحمد بن يحيى، أبو محمد ابن الونشريسي: فقيه من أهل فاس. جمع بين الفتيا والقضاء والتدريس. كان يقال له ابن الونشريسي وابن الشيخ، وتقدمت ترجمة أبيه. صنف كتبا، منها (شرح مختصر ابن الحاجب) في الفقه، و (النور المقتبس) نظم فيه قواعد المذهب المالكي، و (نظم تلخيص ابن البنا) في الحساب. وله أزجال وموشحات. وكان رقيق الطبع يهتز عند سماع الألحان وآلات الطرب، مع صلابة في الدين. خرج يوم عيد ليصلي بالناس صلاة العيد، وانتظر السلطان أبا العباس أحمد المريني، فوصل السلطان متأخرا فنظر الشيخ إلى الوقت، ورقي المنبر وقال: يا معشر المسلمين عظم الله أجركم ف صلاة العيد، فقد صارت ظهرا، ثم أمر المؤذن فأذن وصلى بالناس صلاة الظهر وانصرف، ولم يراع السلطان ولا غيره. ولما حاصر أبو عبد الله محمد الشيخ الشريف فاسا، قيل له: لا يبايعك الناس إلا إذا بايعك ابن الونشريسي. فبعث إليه ورغبه فقال: ان بيعة هذا الرجل المحصور يعني السلطان أحمد المريني - في رقبتي. وامتنع. فأمر أبو عبد الله جماعة من المتلصصين بفاس أن يأتوه به، إلى ظاهر فاس، فذهبوا إليه فوجدوه بجامع القرويين يدرس صحيح البخاري، ما بين العشاءين فأخرجوا الطلبة وأهل المجلس وأنزلوه عن كرسيه وأخرجوه من المسجد وقالوا له: تمشي معنا إلى السلطان، فقال: لا نمشي إلى أحد. فقتلوه شهيدا عن نحو 70 سنة. ولما أخبروا السلطان أبا عبد الله، ساءه ذلك.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 174

عبد الواحد بن أحمد بن يحيى الونشريسي أبو مالك.

أخذ عن أبي زكرياء: يحيى السوسي، وعن ابن غازي أبي عبد الله: محمد، وعن والده أبي العباس، وأخذ عنه جماعة كأبي راشد يعقوب بن يحيى اليدري وأبي زيد السلواني، وأبي زكريا السراج، وغيرهم.

وله تآليف حسنة منها شرحه على ابن الحاجب، وله على البخاري تعليق حسن إلا أنه لم يكمل، وله على الرسالة شرح مطول عجيب، وله نظم تلخيص ابن البناء في الحساب، ونظم قواعد الفقه، وغير ذلك وله نظم رائق.

توفي قتيلا ليلة الاثنين سابع وعشرة ذي الحجة سنة 955 قتله بعض اللصوص. وسبب ذلك أن أمير المؤمنين مولانا المهدي بن أمير المؤمنين أبي عبد الله القائم بأمر الله لما كان محاصرا لفاس المحروسة، وأبي الفقيه المذكور - أن يطلع مع عامة أهل فاس للدخول في طاعته - أمر اللصوص أن يأتوا به حيا؛ فكان من قضاء الله وقدره قتله ووفاته؛ فغضب لذلك

رحمة الله عليهم أجمعين. وكان أمر الله قدرا مقدورا وكان على كرسي يتكلم على صحيح البخاري.

  • دار التراث العربي - القاهرة-ط 1( 1972) , ج: 3- ص: 0