عبد المؤمن الكومي عبد المؤمن بن علي بن مخلوف بن يعلي ابن مروان، ابو محمد الكومي: امير المؤمنين، مؤسس دولة (الموحدين) المؤمنية في المغرب وافريقية وتونس. نسبته إلى كومية (من قبائل البربر) ولد في مدينة تاجرت بالمغرب (قرب تلمسان) ونشأ فيها طالب علم، وابوه صانع فخار. وحج، والتقى بأبن تومرت، فتصادقا. وانتهى الامر بأن ولي ابن تومرت ملك المغرب الاقصى، ولقب بالمهدي، فجعل لعبد المؤمن قيادة جيشه، واختصه بثقته. ولما توفى المهدي اتفق اصحابه على خلافة عبد المؤمن، فتم له الامر سنة 524هـ. ثم بويع البيعة العامة بجامع (تينملل) ودعى (امير المؤمنين) سنة 526هـ. ونهض للغزو والفتوح. وقاتل الملثمين (بني تاشفين) فاستأصلهم، وقتل آخرهم ابراهيم ابن تاشفين، ودخل مراكش سنة 541هـ. وجاءته بيعة بعض أهل الاندلس، واول ما وصله منها وفد من اشبيلية. وكان عاقلا حازما شجاعا موفقا كثير البذل للاموال، شديد العقاب على الجرم الصغير، عظيم الاهتمام بشؤون الدين، محبا للغزو والفتوح، خضع له المغربان (الاقصى والاوسط) واستولى على اشبيلية وقرطبة وغرناطة والجزائر والمهدية وطرابلس الغرب وسائر بلاد افريقية، وأنشأ الاساطيل، وضرب الخراج على قبائل المغرب، وهو اول من فعل ذلك هنالك. له ابنية و ىثار. واخباره كثيرة. توفي في رباط سلا، في طريقه إلى الاندلس مجاهدا، ونقل إلى تينملل فدفن فيها إلى جانب قبر ابن تومرت.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 170
عبد المؤمن أمير المؤمنين بالمغرب المهدي عبد المؤمن بن علي بن علوي القيسي المغربي الكومي التلمساني. ولد بقرية من ضياع تلمسان سنة سبع وثمانين وأربع ماية. وتوفي سنة ثمان وخمسين وخمس ماية.
وكان أبوه يصنع الفخار. وكان فصيحا، جزل المنطق، لا يراه أحدا إلا أحبه، وكان أبيض ذا جسم عمم تعلوه حمرة، أسود الشعر، معتدل القامة وضيا، جهوري الصوت. قيل إنه كان نائما في صباه فسمع أبوه دويا فرفع رأسه فإذا سحابة سوداء من النحل قد أهوت مطبقة على بيته، فنزلت كلها على عبد المؤمن وهو نائم، فلم يستيقظ ولا آذاه شيء منها، فصاحت أمه فسكنها أبوه، وقال: لا بأس! ولكني متعجب؛ مما يدل هذا عليه! ثم طار النحل كله عنه، واستيقظ الصبي سالما فمشى أبوه إلى زاجر فأخبره بالأمر، فقال له: يوشك أن يكون له شأن! يجمع على طاعته أهل المغرب! وكان ابن تومرت المذكور في المحمدين، يقول لأصحابه: هذا غلاب الدول. وسمى نفسه أمير المؤمنين، وقصده الشعراء ومدحوه. ولما قال فيه الفقيه محمد بن العباس التيفاشي قصيدته التي أولها:
ما هز عطفيه بين البيض والأسل | مثل الخليفة عبد المؤمن بن علي |
تكاملت فيك أوصاف خصصت بها | فكلنا بك مسرور ومغتبط |
السن ضاحكة والكف مانحة | والنفس واسعة والوجه منبسط |
يطوف السحاب بمراكش | طواف الحجيج ببيت الحرام |
يروم النزول فما يستطـ | ـيع لسفك الدماء وبيع الحرم |
يا أيها الذي قهر الأنام بسيفه | ماذا يضرك أن تكون إلها |
إلفظ بها فيما لفظت فإنه | لم يبق شيء أن تقول سواها |
ألقى المنية في درعين قد نسجا | من المنية لا من نسج داود |
إن الذي صور الأشياء صورني | بحرا من البأس في بحر من الجود |
وإن فقدت جميع الناس كلهم | وقد بقيت فما شيء بمفقود |
لا تحفلن بما قالوا وما فعلوا | إن كنت تسمو إلى العليا من الرتب |
وجرد السيف فيما أنت طالبه | فما ترد صدور الخيل بالكتب |
سأشكر بحرا ذا عباب قطعته | إلى بحر جود ما لنعماه ساحل |
إلى معدن التقوى إلى كعبة الهدى | إلى من سمت بالذكر منه الأوائل |
إليك أمير المؤمنين ولم تزل | إلى بابك المأمول تزجى الرواحل |
قطعت إليك البر والبحر موقنا | بأن نداك الغمر بالنجح كافل |
رجوت بقصديك العلى فبلغتها | وأدنى عطاياك العلى والفواضل |
فلا زلت للعلياء والجود بانيا | تبلغك الآمال ما أنت آمل |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 19- ص: 0
عبد المؤمن بن علي ابن علوي، سلطان المغرب الذي يلقب بأمير المؤمنين، الكومي القيسي، المغربي.
مولده بأعمال تلمسان. وكان أبوه يصنع الفخار.
قيل: إنه قال -أعني عبد المؤمن: إنما نحن من قيس غيلان بن مضر بن نزار، ولكومية علينا حق الولادة، والمنشأ فيهم، وهم أخوالي.
وكان الخطباء إذا دعوا له بعد ابن تومرت، قالوا: قسميه في النسب الكريم.
مولده سنة سبع وثمانين وأربع مائة.
وكان أبيض جميلا، ذا جسم عمم، تعلوه حمرة، أسود الشعر، معتدل القامة، جهوري الصوت، فصيحا جزل المنطق، لا يراه أحد إلا أحبه بديهة، وكان في كبره شيخا وقورا، أبيض الشعر، كث اللحية، واضح بياض الأسنان، وكان عظيم الهامة، طويل القعدة، شثن الكف، أشهل العين، على خده الأيمن خال، يقال: كان في صباه نائما، فسمع أبوه دويا، فإذا سحابة سمراء من النحل قد أهوت مطبقة على بيته، فنزلت كلها على الصبي، فما استيقظ، فصاحت أمه، فسكنها أبوه، وقال: لا بأس، لكني متعجب مما تدل عليه، ثم طارت
عنه، وقعد الصبي سالما، فذهب أبوه إلى زاجر، فذكر له ما جرى، فقال: يوشك أن يكون لابنك شأن، يجتمع عليه طاعة أهل المغرب.
وكان محمد بن تومرت قد سافر في حدود الخمس مائة إلى المشرق، وجالس العلماء، وتزهد، وأقبل على الإنكار على الدولة بالإسكندرية وغيرها، فكان ينفى ويؤذى، ففي رجعته إلى إفريقية هو ورفيقه الشيخ عمر الهنتاتي صادف عبد المؤمن، فحدثه ووانسه، وقال: إلى أين تسافر؟ قال: أطلب العلم. قال: قد وجدت طلبتك. ففقهه، وصحبه، وأحبه، وأقضى إليه بأسراره لما رأى فيه من سمات النبل، فوجد همته كما في النفس، فقال ابن تومرت يوما لخواصه: هذا غلاب الدول. ومضوا إلى جبل تينمل بأقصى المغرب، فأقبل عليهم البربر، وكثروا، وعسكروا، وشقوا العصا على ابن تاشفين، وحاربوه مرات، وعظم أمرهم، وكثرت جموعهم، واستفحل أمرهم، وخافتهم الملوك، وآل بهم الحال إلى الاستيلاء على الممالك، ولكن مات ابن تومرت قبل تمكنهم في سنة أربع وعشرين وخمس مائة. وكانت وقعة البحيرة بظاهر مراكش بين ابن تاشفين صاحب المغرب وبين أصحاب ابن تومرت في سنة إحدى وعشرين، فانهزم فيها الموحدون، واستحر بهم القتل، ولم ينج منهم إلا نحو من أربع مائة مقاتل، ولما توفي ابن تومرت كتموا موته، وجعلوا يخرون من البيت، ويقولون: قال المهدي كذا، وأمر بكذا، وبقي عبد المؤمن يغير في عسكره على القرى، ويعيشون من النهب، وضعف أمرهم، وكذلك اختلف جيش ابن تاشفين الذين يقال لهم: المرابطون، ويقال لهم: الملثمون، فخامر منهم الفلاكي من كبارهم، وسار إلى عبد المؤمن، فتلقاه بالاحترام، واعتضد به، فلما كان بعد خمسة أعوام أفصحوا بموت ابن تومرت، ولقبوا عبد المؤمن أمير المؤمنين، وصارت حصون الفلاكي للموحدين، وأغاروا على نواحي أغمات والسوس الأقصى، واستفحل بهم البلاء.
وقال صاحب ’’المعجب’’ عبد الواحد المراكشي: استدعى ابن تومرت قبل موته الرجال المسمين بالجماعة وأهل الخمسين والثلاثة عمر أرتاج، وعمر إينتي، وعبد الله بن سليمان، فحمد الله، ثم قال: إن الله -سبحانه، وله الحمد- من عليكم أيتها الطائفة بتأييده، وخصكم بحقيقة توحيده، وقيض لكم من ألفاكم ضلالا لا تهتدون، وعميا لا تبصرون، قد فشت فيكم البدع، واستهوتكم الأباطيل، فهداكم الله به، ونصركم، وجمعكم بعد الفرقة، ورفع عنكم سلطان هؤلاء المارقين، وسيورثكم أرضهم وديارهم، ذلك بما كسبت أيديهم، فجددوا لله خالص نياتكم، وأروه من الشكر قولا وفعلا مما يزكي به سعيكم، واحذروا الفرقة، وكونوا يدا واحدة على عدوكم، فإنكم إن فعلتم ذلك هابكم الناس، وأسرعوا إلى
طاعتكم، وإن لا تفعلوا شملكم الذل، واحتقرتكم العامة، وعليكم بمزج الرأفة بالغلظة، واللين بالعنف، وقد اخرنا لكم رجلا منكم، وجعلناه أميرا بعد أن بلوناه، فرأيناه ثبتا في دينه، متبصرا في أمره، وهو هذا -وأشار إلى عبد المؤمن- فاسمعوا له وأطيعوا ما أطاع ربه، فإن بدل ففي الموحدين بركة وخير، والأمر أمر الله يقلده من يشاء. فبايع القوم عبد المؤمن، ودعا لهم ابن تومرت.
وقال ابن خلكان: ما استخلفه بل أشار به. قال: فأول ما أخذ من البلاد وهران، ثم تلمسان، ثم فاس، ثم سلا، ثم سبتة، ثم حاصر مراكش أحد عشر شهرا، فأخذها في سنة اثنتين وأربعين وخمس مائة، وامتد ملكه، وافتتح كثيرا من الأندلس، وقصدته الشعراء، ولما قال فيه التيفاشي قصيدته:
ما هز عطفيه بين البيض والأسل | مثل الخليفة عبد المؤمن بن علي |
ما للعدى جنة أوقى من الهرب | أين المفر وخيل الله في الطلب |
وأين يذهب من في رأس شاهقة | وقد رمته سهام الله بالشهب |
حدث عن الروم في أقطار أندلس | والبحر قد ملأ البرين بالعرب |
أقيموا إلى العلياء هوج الرواحل | وقودوا إلى الهيجاء جرد الصواهل |
وقوموا لنصر الدين قومة ثائر | وشدوا على الأعداء شدة صائل |
فما العز إلا ظهر أجرد سابح | وأبيض مأثور وليس بسائل |
بني العم من عليا هلال بن عامر | وما جمعت من باسل وابن باسل |
تعالوا فقد شدت إلى الغزو نية | عواقبها منصورة بالأوائل |
هي الغزوة الغراء والموعد الذي | تنجز من بعد المدى المتطاول |
بها نفتح الدنيا بها نبلغ المنى | بها ننصف التحقيق من كل باطل |
فلا تتوانوا فالبدار غنيمة | وللمدلج الساري صفاء المناهل |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 15- ص: 138