ابن الفرس عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم الخزرجي، ابو عبد الله المعروف بابن الفرس: قاض اندلسي، من علماء غرناطة. ولي القضاء بجزيرة شقر، ثم في وادي آش، ثم في جيان. واخيرا بغرناطة، وجعل اليه النظر في الحسبة والشرطة. وتوفى في البيرة. له تآليف، منها (كتاب احكام القرآن - خ) فرغ من تأليفه بمرسية سنة 553هـ.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 4- ص: 168
ابن الفرس المالكي عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم بن أحمد الخزرجي القاضي المعروف بابن الفرس المالكي الغرناطي. سمع أباه وجده أبا القاسم، وتفقه في كتب أصول الدين والفقه، وبرع وألف كتابا في أحكام القرآن من أحسن ما وضع في ذلك.
واضطرب قبل موته بقليل، وكسر الناس نعشه لما مات سنة سبع وتسعين وخمس ماية.
ومن شعره من قصيدة:
بعثوا برأس العلج عنه مخبرا | يا من رأى ميتا يقول ويخبر |
فسما به متن القناة كواعظ | يسمو به بين المعاشر منبر |
وكأنه قد أثمرته قناته | يا من رأى غصنا برأس يثمر |
أنظر إلى رأس نأى عن جمسه | ولرب نأي ليس فيه تلاق |
أضحى له سور المدينة جثة | من غير رجل ظاهر أو ساق |
وكأن ذاك السور مقعد نزهة | وكأنه متشوف من طاق |
وعاد لكنه رأس بلا جسد | وجاء يسعى على ساق بلا قدم |
إذا تراآى على الخطي أسفر في | حال العبوس لنا عن ثغر مبتسم |
وأنقذ من ثقل الحديد ومسه | أبا وائل والدهر أجدع صاغر |
وآب ورأس القرمطي أمامه | له جسد من أكعب الرمح ضامر |
أأدعو فلا تلوي وأنت قريب | وأشكو فلا تشكي وأنت طبيب |
فهل شيب من تلك المصافاة مشرع | وهيل على ذاك الإخاء كثيب |
ما بالنا متهما ودنا | ونحن في ودكم نقتبل |
كأنكم مثل فقيه رأى | أن يترك الظاهر للمحتمل |
تلطع البدر لم يشعر بناظره | حتى استوى ورأى النظار فاحتجبا |
كالخود ألقت رواق الخدر ناظرة | ثم استردت حياء فوقها الطنبا |
ألم تر للخسوف وكيف أودى | ببدر التم لماع الضياء |
كمرآة جلاها الصقل حتى | أنارت ثم ردت في غشاء |
تناولت المرآة وهي صقيلة | تأمل وجها دونه ذلك الصقل |
فلما تناهت أودعتها غشائها | وقد حدث القرطاس واستمع الحجل |
فشبهتها بدرا علاه خسوفه | فأظلم منه ما أنار له قبل |
وتفاحة يهدي إليك نسيمها | فما شئت من طيب ينم لناشق |
تروقك منها حمرة فوق صفرة | كوجنة معشوق على خد عاشق |
ونارنجة في النهر تحسب أنها | شرارة جمر في الرماد تلوح |
وما هو إلا الروض أبدى شقيقة | يهدهدها غصن هناك مروح |
أو الدرع تضفو فوق أعطاف فارس | غدا في رحى الهيجاء وهو جريح |
تغيب وتبدو مرة فكأنها | عقيقة برق في الخبي تلوح |
كأن حباب الماء يكتم سرها | وقد جعلت تفشو به وتبوح |
ولقد رميت مع العشي بنظرة | في منظر غض البشاشة يبهج |
نهر صقيل كالحسام كأنه | روض لنا نفحاته تتأرج |
تثني معاطفه الصبا في بردة | موشية بيد الغمامة تنسج |
والماء فوق صفائه نارنجة | تطفو به وعبابه يتموج |
حمراء قانية الأديم كأنها | وسط المجرة كوكب يتوهج |
ومنظر قد راقني حسنه | من أزرق ينساب كالأرقم |
أبصرته يحمل نارنجة | طافية حمراء كالعندم |
ودرجت ريح الصبا متنه | لما انبرت وهي بها ترتمي |
فخلته مهندا مصلتا | هز وفيه قطرة من دم |
وعشية كانت قنيصة فتية | ألفوا من الأدب الصريح شيوخا |
وكأنما العنقاء قد نصبوا لها | من الانحناء إلى الوقوع فخوخا |
شملتهم آدابهم فتجاذبوا | سر السرور محدثا ومصيخا |
والورق تقرا سورة الطرب التي | ينسيك منها ناسخ منسوخا |
والنهر قد طمحت به نارنجة | فتيممت من كنا فيه منيخا |
فتخالهم خلل السماء كواكبا | قد فارقت بسعودها المريخا |
خرق العوائد في السرور نهارهم | فجعلت أبياتي له تاريخا |
ونارنجة تحمر في النهر مثلما | توقد نجم في المجرة سابح |
أنظر إلى حضرة في الزرع قارنها | مبيض نور ومصفر وأحمره |
كثوب وشي أجادته صوائغه | والريح تطويه طورا ثم تنشره |
أخامات زرع أم بحور تلاعبت | بأمواجها أيدي الرياح النواسم |
تراها أمام الريح وهي تسوقها | كجيش زنوج فر قدام هازم |
أنظر إلى الزرع وخاماته | تحكي وقد ولت أمام الرياح |
كتيبة خضراء مهزومة | شقائق النعمان فيها جراح |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 19- ص: 0
ابن الفرس المالكي اسمه عبد المنعم بن محمد.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 24- ص: 0
ابن الفرس الشيخ الإمام، شيخ المالكية بغرناطة في زمانه، أبو محمد بن الفرس، واسمه عبد المنعم ابن الإمام محمد بن عبد الرحيم بن أحمد الأنصاري الخزرجي.
سمع أباه وجده العلامة أبا القاسم، وبرع في الفقه والأصول، وشارك في الفضائل، وعاش بضعا وسبعين سنة.
وسمع أبا الوليد بن بقوة، وأبا الوليد بن الدباغ، وتلا بالسبع على ابن هذيل، وأجاز له أبو عبد الله بن مكي، وأبو الحسن بن موهب. بلغ الغاية في الفقه.
قال أبو الربيع بن سالم: سمعت أبا بكر بن الجد -وناهيك به- يقول غير مرة: ما أعلم بالأندلس أحفظ لمذهب مالك من عبد المنعم بن الفرس بعد أبي عبد الله بن زرقون.
قال الأبار: ألف في أحكام القرآن كتابا من أحسن ما وضع في ذلك. قيل: أصابه فالج وخدر غير حفظه قبل موته بعامين، فترك الأخذ عنه إلى أن مات في جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وخمس مائة.
قلت: حدث عنه: إسماعيل بن يحيى العطار، وعبد الغني بن محمد، وأبو الحسين يحيى بن عبد الله الداني الكاتب، والشرف المرسي؛ سمع منه ’’الموطأ’’.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 15- ص: 454
عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم بن محمد الخزرجي من أهل غرناطة يعرف بابن الفرس ويكنى أبا عبد الله - سمع جده أبا القاسم وأباه عبد الله وتفقه به في الحديث وكتب أصول الفقه والدين وسمع أبا الوليد بن قفزة وأبا محمد بن أيوب وأبا الوليد بن الدباغ وأبا الحسن بن هذيل وأخذ عنه القراءات وغيرهم وأجاز له طائفة كثيرة من أعيانهم منهم: أبو الحسن بن مغيث وأبو القاسم بن بقي وأبو الحسن بن شريح وأبو بكر بن العربي وأبو الحجاج القضاعي وأبو محمد الرشاطي ومن أهل المشرق: أبو المظفر الشيباني وأبو سعيد الحلبي وأبو عبد الله المازني وكان محققا للعلوم على تفاريعها وأخذ في كل فن منها وتقدم في حفظ الفقه والبصر بالمسائل مع المشاركة في صناعة الحديث والعكوف عليها وتميز في أبناء عصره بالقيام على الرأي والشفوف عليه.
سمعت أبا الربيع بن سالم يقول: سمعت أبا بكر بن أعبد - وناهيك به من شاهد في هذا الباب - يقول - غير ما مرة: ما أعلم بالأندلس أعلم بمذهب مالك من عبد المنعم بن الفرس بعد أبي عبد الله بن زرقون. وبيته عريق في العلم والنباهة ولأبيه وجده رواية وجلالة. كان كل واحد منهم فقيها مشاورا عالما متفننا وألف كتابا في أحكام القرآن جليل الفائدة من أحسن ما وضع في ذلك وله في الأبنية مجموع حسن. حدث عنه جلة من شيوخنا وأكابر أصحابنا وغيرهم.
وذكره أبو عبد الله التجيبي - في مشيخته - وقال: لقيته بمرسية في سنة ست وستين وخمسمائة - وقت رحلتي إلى أبيه ورأيت من حفظه وذكائه وتفننه في العلوم فأعجبت منه وكان يحضر معنا التدريس والإلقاء عند أبيه فإذا تكلم أنصت الحاضرون لجودة ما ينصه ولإتقانه واستيفائه بجميع ما يجب أن يذكر في الوقت. وكان نحيف الجسم كثيف المعرفة وفي مثله يقول بعضهم:
إذا كان الفتى ضخم المعالي | فليس يضره الجسم النحيل |
تراه من الذكاء نحيف جسم | عليه من توقده دليل |
دار التراث للطبع والنشر - القاهرة-ط 1( 2005) , ج: 2- ص: 133
عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم بن محمد بن الفرج بن خلف الأنصاري الخزرجي. من أهل غرناطة. يعرف بابن الفرس، ويكنى أبا عبد الله. ولد آخر سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
وسمع جده أبا القاسم، وأباه أبا عبد الله، وتفقه به في الحديث، وكتب أصول الفقه والدين.
وسمع أبا محمد بن أيوب، وأبا الوليد بن الدباغ، وأبا الحسن بن هذيل. وأخذ عنه القراءات- وغيرهم.
وأجاز له طائفة كثيرة من أعيانهم، منهم أبو الحسن بن مغيث، وأبو القاسم بن بقي، وأبو الحسن بن شريح، وأبو بكر بن العربي، وأبو الحجاج القضاعي وأبو محمد الرشاطي.
ومن أهل المشرق أبو المظفر الشيباني، وأبو سعيد الحلبي، وأبو عبد الله المازري.
وكان محققا للعلوم على تفاريعها، وأخذ في كل فن منها، وتقدم في حفظ الفقه، والبصر بالمسائل. مع المشاركة في صناعة الحديث والعكوف عليها، وتميز في أبناء عصره بالقيام على الرأي والشفوف عليه.
سمعت أبا الربيع بن سالم يقول: سمعت أبا بكر بن أعبد- وناهيك به من شاهد في هذا الباب- يقول غير مرة: ما أعلم بالأندلس أعلم بمذهب مالك من عبد المنعم بن الفرس بعد أبي عبد الله بن زرقون.
وبيته عريق في العلم والنباهة، له ولأبيه وجده رواية ودراية وجلالة، كان كل واحد منهم فقيها مشاورا عالما متفننا، وألف «كتابا في أحكام القرآن» جليل الفائدة، من أحسن ما وضع في ذلك، وله في الأبنية مجموع حسن.
حدث عنه جلة من شيوخنا وأكابر أصحابنا وغيرهم، وذكره أبو عبد الله التجيبي في مشيخته، وقال: لقيته بمرسية في سنة ست وستين وخمسمائة وقت رحلتي إلى أبيه، ورأيت من حفظه وذكائه وتفننه في العلوم ما عجبت منه، وكان يحضر معنا التدريس والإلقاء عند أبيه، فإذا تكلم أنصت الحاضرون لجودة ما ينصه، ولإتقانه واستيفائه بجميع ما يجب أن يذكر في الوقت، وكان نحيف الجسم كثير المعرفة، وفي مثله يقول بعضهم:
إذا كان الفتى ضخم المعالي | فليس يضره الجسم النحيل |
تراه من الذكاء نحيف جسم | عليه من توقده دليل |
ما بالنا متهما ودنا | ونحن في ودكم نقتتل |
كأنكم مثل فقيه رأى | أن يترك الظاهر للمحتمل |
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 0( 0000) , ج: 1- ص: 362
عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم الخزرجي الغرناطي
عرف بابن الفرس، إمام في العربية واللغة والتفسير، ولي الحسبة والشرطة وحمدت سيرته، وله مصنفات حسنة منها: كتاب: ’’أحكام القرآن’’ مفيس، واختصار ’’المحتسب’’، وكتاب ’’المسائل التي اختلف فيها النحويون من أهل البصرة والكوفة’’، وكتاب ’’الرد على ابن غرسية في رسالته في تفضيل العجم على العرب’’. وكان يكتب الخط الحسن واعترته بآخر عمرة غفلة.
توفي سنة 597
جمعية إحياء التراث الإسلامي - الكويت-ط 1( 1986) , ج: 1- ص: 36
دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع-ط 1( 2000) , ج: 1- ص: 190
ابن الفرس
أبو محمد عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم بن أحمد الخزرجي القاضي المعروف بابن الفرس المالكي، من أهل غرناطة وبيوتاتها الأصيلة؛ وحكى ابن الصيرفي أن جده أبا القاسم سمع بغرناطة أول الدولة المرابطية على القاضي أبي الأصبغ ابن سهل. وحكى أيضاً أن أبا بكر ابن جعفر القليعي ولاه قضاء المنكب فتقبله كارهاً، وكان فقيهاً حافظاً مبرزاً وإليه كانت الرحلة في وقته؛ وذكر أنَّه من أهل بيت علم وجلالة بغرناطة قلت: غاب عن الصيرفي من كان منهم بشارقة الأشراف من عمل بلنسية.
سمع أبو محمد أباه وجدَّه أبا القاسم وتفقه في كتب أصول الدين
والفقه وبرع وألف كتاباً في أحكام القرآن من أحسن ما وضع في ذلك، واضطرب في روايته قبل موته بقليل، وكسر النَّاس نعشه لما مات، رابع جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وخمسمائة.
ومن شعره:
بعثوا برأسِ العلج عنه مُخْبراً | يا منْ رأى مَيْتاً يقولُ ويخبرُ |
فسما به مَتْنُ القناةِ كواعظٍ | يسمو به بين المعاشرِ منبرُ |
وكأنه قد أثمرته قناتهُ | يا من رأى غصناً برأسٍ يثمرُ |
انظر إلى رأسٍ نأى عن جسمه | ولرب نأيٍ ليس فيه تلاقِ |
أضحى له سورُ المدينةِ جُثَّةً | من غير رِجْلٍ ظاهرٍ أو ساقِ |
وكأنَّ ذاك السُّورَ مقعدُ نزهةٍ | وكأنه متشوفٌ من طاقِ |
أأدعو فلا تُلْوي وأنت قريبُ | وأشكو فلا تُشْكي وأنت طبيبُ |
فهل شيبَ من تلك المصافاةِ مَشْرَعٌ | وهيلَ على ذاك الإخاءِ كثيبُ |
ما بالنا متهماً ودُّنا | ونحن في ودكمُ نقتتلْ |
كأنكم مثلُ فقيهٍ رأى | أن يتركَ الظاهرَ للمحتملْ |
تطَلَّعَ البدرُ لم يشعرْ بناظرهِ | حتَّى استوى ورأى النظّارَ فاحتجبا |
كالخودِ ألقتْ رواقَ الخدرِ ناظرةً | ثمَّ استردَّت حياءً فوقها الطنبا |
ألم تر للخسوف وكيف أودى | ببدر التمِّ لماع الضياء |
كمرآةٍ جلاها الصقلُ حتَّى | أنارت ثمَّ رُدَّتْ في غشاء |
تناولتِ المرآةَ وهي صقيلةٌ | تأمَّلُ وجهاً دونه ذلك الصَّقْلُ |
فلما تناهت أوْدَعَتْها غشاءَها | وقد حدَّثَ القرطاسُ واستمع الحجلُ |
فشبهتها بدراً علاهُ خسوفهُ | فأظلم منه ما أنار له قبلُ |
وتفاحةٍ يُهدي إليك نسيمها | فما شئت من طيبٍ ينمُّ لناشقِ |
تروقُكَ منها حمرةٌ فوق صفرةٍ | كوجنةِ معشوقٍ على خدٍّ عاشقِ |
ونارنجةٍ في النَّهرِ تحسبُ أنَّها | شرارةُ جمرٍ في الرمادِ تلوحُ |
وما هو إلاَّ الرَّوضُ أبدى شقيقَهُ | يهدِّبها غُصْنٌ هناك مَروحُ |
أو الدرع تضفو فوق أعطافِ فارسٍ | غدا في رحى الهيجاء وهو جريحُ |
تغيب وتبدو مرَّةً فكأنَّها | عقيقةُ برقٍ في الحبيِّ تلوح |
كأنَّ حبابَ الماءِ يكتمُ سرَّها | وقد جعلت تفشو به وتبوح |
ولقد رميتُ مع العشيِّ بنظرةٍ | في منظرٍ غضِّ البشاشةِ يبهجُ |
نهرٌ صقيلٌ كالحسام كأنَّه | روضٌ لنا نفحاتُهُ تتأرج |
تثني معاطفَهُ الصَّبا في بُردَةٍ | موشيَّةٍ بيدِ الغمامة تُنسجُ |
والماءُ فوق صفائِهِ نارنجةٌ | تطفو به وعبابُهُ يتموجُ |
حمراءُ قانيةُ الأديم كأنَّها | وَسْطَ المجرَّةِ كوكبٌ يتوهجُ |
ومنظرٍ قد راقني حُسنُهُ | من أزرقٍ ينسابُ كالأرْقَمِ |
أبصرتُهُ يحملُ نارنجةٍ | طافيةً حمراءَ كالعندمِ |
ودرَّجَتْ ريحُ الصَّبا مَتْنهُ | لما انبرت وهيَ بها ترتمي |
فخلته مهنداً مُصلَتاً | هُزَّ وفيه قطرةٌ من دمِ |
وعشيةٍ كانت قنيصةَ فتيةٍ | ألفوا من الأدب الصريح شيوخا |
وكأنَّها العنقاءُ قد نصبوا لها | منَ الانحناء إلى الوقوعِ فخوخا |
شملتهمُ آدابهم فتجاذبوا | سرَّ السّرور محدِّثاً ومصيخا |
والورْقُ تقرأ سُورةَ الطربِ التي | يُنسيكَ منها ناسخٌ منسوخا |
والنَّهرُ قد طَفَحَتْ به نارنجةٌ | فتيممت من كانَ فيه منيخا |
فتخالهم خَلَلَ السَّماء كواكباً | قد فارقت بسعودها المريخا |
خرق العوائدَ في السُّرورِ نهارُهُمْ | فجعلتُ أبياتي له تاريخا |
ونارنجةٍ تحمرُّ في النَّهرِ مثلما | توقَّدَ نجمٌ في المجرَّةِ سابحُ |
تحملها صدرُ الغديرِ كأنَّها | سريرةُ حبٍّ قد طوتها جوانحُ |
انظر إلى خضرةٍ في الزرع قارنها | مبيضُّ نَوْرٍ ومصفرٌّ وأحمرُهُ |
كثوبِ وشيٍ أجادَتْهُ صوانعه | والرِّيحُ تطويه طوراً ثمَّ تنشرُهُ |
أخاماتُ زرعٍ أم بحورٌ تلاعبتْ | بأمواجها أيدي الرياح النواسمِ |
تراها أمام الرِّيح وهي تسوقها | كجيشِ زنوجٍ فرَّ قدَّامَ هازمِ |
انظر إلى الزرع وخاماتِهِ | تحكي وقد وَلَّتْ أمامَ الرياحْ |
كتيبةً خضراءَ مهزومةً | شقائقُ النعمانِ فيها جراحْ |
دار الغرب الإسلامي - تونس-ط 1( 1986) , ج: 1- ص: 114